وضع داكن
30-06-2024
Logo
الأردن - عمان - جامع التقوى - دروس صباحية - الدرس : 040 - سنن الدفع وسنن الردع
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

تعريف القانون:


أيها الإخوة الأحباب، قيل: نهاية العلم القانون. 
القانون بتعريفه الدقيق: علاقة مقطوعٌ بها بين متغيرين، تطابق الواقع، عليها دليل. 
علاقة مقطوع بها: ما هو القطع: إذا كانت المصداقية 30% وهم، إذا المصداقية 50% شك، إذا كان 70% ظن، 90% غلبة ظن، 100% قطع. فلذلك القانون علاقة مقطوع بها، بالقانون لا يوجد ظن، ولا شك، ولا وهم، ولا غلبة ظن، يوجد قطع. علاقة بين متغيرين مقطوع بها، تطابق الواقع، عليها دليل.
عليها دليل: لو ألغيت الدليل لكان هذا ظناً، لو ألغيت الدليل لم يعد هناك مصداقية. 
تطابق الواقع: لو ألغيت التطابق مع الواقع صار جهلاً، لو ألغيت القطع؛ وهم، شك، ظن، غلبة ظن، فالقانون علاقة مقطوع بها، بين متغيرين، تطابق الواقع، عليها دليل. انتهى الأمر.

السنن تقابل القانون بالدين:


ماذا يقابل القانون بالإسلام، بالدين؟ السنن:

﴿ اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) ﴾

[ سورة فاطر ]


أنواع السنن:


إذاً كلمة سنن مفردها سنة، هذه تقابل القوانين بالعلوم، هذه السنن زمرتان: سنن الدفع إلى الله، وسنن الردع، الدفع والردع.

أولاً_ سنن الدفع:

وتقسم إلى أربعة أقسام:
1_الهدى البياني: 
كهذه المحاضرة، أنت جالس في المسجد، تسمع محاضرة معها أدلة، معها شواهد، يوجد ترابط، يوجد إحكام...إلخ. فالهدى البياني أنت ما عندك ولا مشكلة في صحتك، في بيتك، في عملك، بمن حولك، سمعت درساً كهذا الدرس، سمعت خطبة من عالم رباني، قرأت تفسيراً من عالم مقبول عند الناس، يعني هذا الهدى البياني أرقى شيء، لا فيه مصائب، ولا فيه أشياء إلا أن فيه موضوعاً أصغيت إليه، استمعت إليه، هذا الهدى البياني أرقى شيء، والدليل:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) ﴾

[  سورة الأنفال ]


أوصاف الشاردين عن الله في القرآن:


نحن أموات؟ اسمعوا الجواب بآيات قرآنية حصراً، وصف الله من شرد عن الله، ومن آثر الدنيا، من آثر شهوته على منهج ربه، هذا ميت:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) ﴾

[  سورة النحل ]

لكن نبضه 80 مثالي، ميت، ضغطه 08/12 ميت ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ وصف آخر:

﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4) ﴾

[  سورة المنافقون  ]

  خشبة، وصف ثالث:

﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)﴾

[  سورة الفرقان ]

وصف رابع:

﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) ﴾

[  سورة الجمعة  ]

آيات قرآنية من عند خالق الأكوان تصف الذي شرد عن الله، وآثر شهوته ومصالحه، صار عنا الهدى البياني؛ محاضرة تُلقى عليك، درس بجامع، خطبة بجامع، كتاب تفسير، أي شيء من كتاب، من لقاء، من عالم، من درس، من خطبة جمعة، من، من، الهدى البياني أرقى شيء، أنت مهمتك الاستجابة، والآية المتعلقة بهذا الموضوع: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ .
2_التأديب التربوي: 
يوجد الهدى البياني، ما استجاب، يوجد التأديب التربوي، حدثني أخ وهو صادق قال لي: عليّ زكاة مال 15 ألف ليرة، يبدو زوجته ضغطت عليه ليطلي البيت بدل الزكاة، يبدو ضغطاً شديداً فاستجاب لها، قال لي: بعد أسبوعين تعرضنا لحادث سير، الفاتورة تساوي رقم المبلغ بالتمام، هذا صار تأديباً تربوياً، الهدى البياني؛ محاضرة، خطبة، تفسير، سهرة فيها عالم رباني، القضية أرقى شيء ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ﴾ في قرآنه ﴿وَلِلرَّسُولِ﴾ في سنته ﴿إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ الآم ما استجاب، يوجد معالج ولكنه أقسى؛ تأديب تربوي، يعني للتقريب: إنسان معه التهاب معدة حاد، زار طبيباً متفوقاً، قال له معك التهاب معدة حاد، تحتاج إلى حمية 6 أشهر على الحليب فقط، وبعدها تصل لشفاء التام، هذا المريض غلبته شهوته فأكل، وما التزم بالحمية، صار معه قرحة، صار بحاجة لعمل جراحي، كنا بعمل غير جراحي، الآن بعمل جراحي، هذا التأديب التربوي:

﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾

[ سورة السجدة ]

في الآخرة ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ إخواننا الكرام، نصيحة لوجه الله، ما من مصيبة على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا وهي رسالة لهذا الإنسان؛ هناك غلط، صحِّح الغلط، الهدى البياني أنت بأرقى حالة، ما عندك ولا مشكلة، سمعت درساً، سمعت خطبة، قرات تفسيراً، يوجد بسهرة عالم رباني ألقى كلمة مؤثرة، سجلتها، هذا يعني التلقي، الهدى البياني التلقي، التلقي من عالم دين، من عالم علوم طبيعية معينة، من خطيب مسجد، مهما كان النوع، هدى بياني، الموقف الكامل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ هل نحن أموات؟ كل إنسان شرد عن الله ميت، لكن نبضه 80، النبض مثالي، ضغطه 08/ 12 مثالي، لكن عند الله ميت ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ﴾ قطعة خشبة ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ هذا الهدى البياني. 
أما التأديب التربوي؛ يوجد مشكلة، يوجد مصيبة، إما مصيبة أو شبح مصيبة، يعني شخص تريد دفع زكاة ماله كما قلت قبل قليل مبلغ معين، ضغطت زوجته عليه ضغطاً جديداً أن يلغي دفع الزكاة وأن يطلي البيت، بعد أسبوعين أو ثلاثة تعرض لحادث سير، قال لي: -من فمه إلى أذني- الفاتورة مطابقة تماماً للزكاة. لي كلمة وتعبير لطيف: إما أن تأتيه ركضاً أو يأتي بك الله ركضاً، والله شخص من فمه إلى أذني قال لي أنا عندي معمل، وقد ربحت أرباحاً جيدة جداً، خمسة أضعاف السنوات السابقة، هكذا قال لي: وضعت بجيبي خمسمائة ألفاً وأحببت أن أقضي شهراً بكندا دون زوجته، وفهمكم كفاية، قال لي بكندا أصابتني آلام بالظهر شديدة جداً، ذهب لطبيب قال له: ورم خبيث بالنخاع الشوكي، بالعمود الفقري، رجع إلى الشام من جامع إلى جامع إلى أن وصل إليّ، بعدها قام بتشخيص وكشف دقيق فكانت النتيجة أن الفهم الدقيق غير صحيح، لا يوجد معه شيء، لكن رب العالمين أتى به ركضاً، احفظوها مني هذه الكلمة: إما أن تأتيه ركضاً، أو يأتي بك ركضاً، الله عنده مليون شيء؛ خثرة بالدماغ انتهى، فشل كلوي، تشمع بالكبد، حادث سير، والله أنواع المصائب بعدد الخلائق، المصائب بعدد أنفاس الخلائق، فأنت في قبضته، يعني للتقريب: هناك 30 أو 40 وحشاً لم يأكلوا منذ شهر، ومربوطين بأزِمّة بيد جهة رحيمة، حكيمة، عادلة، علاقتك مع الوحوش، أم مع من يملكها؟ واضحة تمام؟ اسمع القرآن:

﴿ مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) ﴾

[  سورة هود  ]

فأنت تخاف من الوحوش، إذا مربوطة بأزمّة محكمة بيد جهة رحيمة، فلذلك إنسان راكب دراجة فوجد أمامه طريقين أحدهما هابط وهو يركب دراجة عادية، والآخر صاعد، الهابط طريق مريح، مُعبّد، فيه أشجار، فيه رياحين، لكن هذا الطريق ينتهي بحفرة ما لها من قرار، فيها وحوش جائعة تنتظره. الطريق الصاعد غير معبّد، فيه غبار وأكمات وحفر، وفيه متاعب، ولكنه ينتهي بقصر لمن وصل إليه، ويوجد لوحة في الأسفل كتب عليها: هذا الطريق الهابط ينتهي بحفرة ما لها من قرار، فيها وحوش كاسرة، وهذا الطريق الصاعد المتعب ينتهي بجنة، فيه غض بصر، فيه ضبط دخل، فيه مرأة محجبة، العمل الذي تعيش منه عمل مشروع، ليس عملاً غير مشروع. 
فلذلك إخواننا الكرام، الهدى البياني، الموقف الكامل أن تستجيب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ التأديب التربوي: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ .

﴿ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) ﴾

[ سورة يوسف ]

هذا موضوع آخر، نحن أمام سنن الدفع: الهدى البياني، التأديب التربوي. هناك حالة ثالثة ولكن خطيرة
3_الإكرام الاستداجي: 
تأتي الدنيا بدرجة غير معقولة، أعرف شخصاً كان ملتزماً، سافر إلى بلد نفطي، أحضر مبالغ طائلة، وأرسل لزوجته رسالة: إن لم تأتني بالبنطال لا تأتي إلي، من محجبة إلى بنطال، هذا اسمه تأديب تربوي، قبله هدى بياني، تأديب تربوي، إكرام استدراجي، لا بالهدى البياني استجاب، ولا بالتأديب التربوي تاب، ولا بالإكرام الاستدراجي شكر، بقي:
4_القصم: 
القصم، هذه قوانين لكل البشر، هذه اسمها سنن الدفع إلى الله. يقابلها: سنن الردع (المصائب).
 المصائب، المصائب للأنبياء: كشف، يعني تماماً أنت معك سيارة، ولها محرك معين، الهدى البياني اتفقنا أن أرقى شيء الاستجابة، والتأديب التربوي أرقى شيء التوبة، والإكرام الاستدراجي الشكر، لا بالهدى البياني استجاب، ولا بالتأديب التربوي تاب، ولا بالإكرام الاستدراجي شكر، بقي القصم، هذه قوانين مطبقة على بني البشر، ونحن من بني البشر، الله حكيم رب مربي، يعني أعطاك الكتاب والسنة، ما قرأتهم، أرسل لك مشكلة رسالة من الله، لا بالكتاب والسنة استجبت، ولا بالتأديب التربوي تبت، ولا بالإكرام الاستدراجي شكرت، بقي القصم، هذه السنن سنن الدفع إلى الله، يقابلها:

ثانياً_ سنن الردع / المصائب:

سنن الردع: المصائب للأنبياء: كشف، يعني أثناء الهجرة تبع النبي سراقة، فقال له النبي الكريم، طبعاً إنسان مهدور دمه –النبي الكريم-، مئتا ناقة، ما معنى ناقة؟ حتى تفهموها تماماً يعني مرسيدس 600، مرتفعة الثمن جداً، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، تبعه سراقة ليأخذ هذه الجائزة الكبيرة، قال له النبي الكريم: "يا سراقة، كيف بك يا سراقة إذا لبست سوار كسرى"؟ ماذا؟ شخص مهدور دمه، ملاحق، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، يقول له بالمضمون أنا سأصل إلى المدينة، وسأنشئ دولة، وسأحارب أكبر دولة بالعالم (فارس) وسأنتصر، ولك يا سراقة سوار كسرى، دولة مثل الصومال مثلاً، قلنا له أنت افعل كذا، وسوف تقضي على أمريكا، الأمر نفسه.
ما هذا الدين العظيم! فلذلك تأديب تربوي، المصائب، للأنبياء كشف، كمال النبي الرائع بدا، يعني لما ذهب إلى الطائف أولاً كذبوه، سخروا منه، أغروا صبيانهم بضربه، نزل الدم من قدمه الشريفة، جاءه ملك الجبال: 

(( إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلَابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا. ))

[ صحيح مسلم ]

نحن الآن بسنن الردع: المصائب للأنبياء كشف فقط. 
للمؤمنين –دقق- دفع ورفع؛ دفع إلى الله، وإذا عملت عملاً صالحاً، شعرت بسعادة أعده مرة ثانية رفع، دفع ورفع. 
المصائب للأنبياء كشف؛ يوجد حقيقة لا تظهر إلا بالمصيبة، هذه مصائب الأنبياء، نحن نوع ثانٍ، نحن دفع إلى الله، ورفع. 
الآخر (العاصي) قصم وردع، ردع وقصم. 
كلنا صار لدينا سنن الدفع؛ هدى بياني، تأديب تربوي، إكرام استدراجي، قصم، هذه سنن الدفع. 
سنن الردع؛ المصائب للأنبياء كشف، للمؤمنين دفع ورفع، لغير المؤمنين ردع وقصم.
لذلك، "لا يخافَنّ العبد إلا ذنبه، ولا يرجوَنّ إلا ربه"
إخواننا الكرام، من الأخير، لا يوجد إلا الله، يوجد قيم كثيرة جداً استُحدِثت لتحلّ محل الدين، يقول لك: وازع داخلي، ضمير، كل هذه الكلمات الرنانة بالخمسين سنة الماضية سقطت، الواقع أسقطها، لم يبقَ إلا الدين، الإنسانية، هذا عمل غير إنساني، قام به وانتهى، الإنسانية، القومية، الوطنية، هذه كلها قيم بعد الحرب العالمية الثانية استُحدثت، الحقيقة هذه القيم لم تؤكد مصداقيتها، بقي الله -عز وجل- تعرفه، تطيعه، تتقرب إليه، تسعد بالدنيا والآخرة.

مفهوم اللذة:


يوجد لدينا مفهوم دقيق نوعاً ما، عنا شيء اسمه اللذة، لذة حسية لكنها تحتاج إلى ثلاثة أمور، تحتاج إلى صحة، وإلى وقت، وإلى مال. 
في المرحلة الاولى وأنت شاب ؛ يوجد صحة ويوجد وقت، ولكن لا يوجد مال. 
في الوسط: يوجد مال، ويوجد صحة ، ولكن لا يوجد وقت.
في المرحلة الثالثة: يوجد مال، ويوجد وقت ولكن لا يوجد صحة. 
دائماً تنقصك واحدة منهم، هذه اللذة، اللذة تحتاج إلى صحة ومال ووقت، 
في البداية يوجد وقت وصحة، ولا يوجد مال. 
في الوسط: يوجد صحة ومال، ولكن لا يوجد وقت. 
في التقاعد، بعد التقاعد: يوجد مال ووقت، ولكن لا يوجد صحة؛ أسيد أوريك، مرض بالكبد، هكذا، الله ما سمح للدنيا ان تمدنا بسعادة، بل بلذة، وتحتاج إلى شروط ثلاثة، ودائماً ينقصنا شرط.
لذلك، "لا يخافَنَّ العبد إلا ذنبه، ولا يَرْجُوَنَّ إلا ربه" 
سنن الدفع: الهدى البياني، تأديب تربوي، إكرام استدراجي، قصم. 
المصائب: للأنبياء كشف، للمؤمنين: دفع ورفع، لغيرهم: ردع وقصم.
لذلك،"لا يخافَنَّ العبد إلا ذنبه، ولا يَرْجُوَنَّ إلا ربه" وما من مصيبة تصيب الإنسان إلا لحكمة بالغة بالغة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها.

ما أراده الله لا يعني أنه أمر أو رضي:


ملخص الفقرة الأخيرة: كل شيء وقع بالخمس قارات أراده الله، لا تعني أنه أمر به، ولا تعني أنه قبله، كل شيء وقع أراده الله، لم يأمر ولم يرضَ، لكن سمح، يعني كما لو أن شخصاً للتقريب ما جاءه أولاد، وهو غني كبير، وزوجته لا يحب أن يحزنها ويتزوج عليها زوجة ثانية مثلاً، فمضى عشر سنوات، ثم أنجب طفلاً آية في الجمال، تعلّق به الأب تعلقاً مذهلاً، ثم اكتشف الطبيب الأب أن مع ابنه التهاب زائدة، فيسمح بتخديره، وفتح بطن ابنه، واستئصال الزائدة، هذه سلبيات حياتنا، من رب رحيم، ما من مصيبة إلا لها حكمة بالغة جداً، ينبغي أن نفهم على الله حكمته، قال تعالى: 

﴿ مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) ﴾

[ سورة النساء ]


لا بد من إدخال الموت في حساباتنا:


القضية خطيرة يا إخوان، لأن هناك موت، هذا الموت إن دخل بحسابنا والله الذي لا إله إلا هو تنعكس كل حركتك 180 درجة، كنت مرة بلبنان، أغنى أغنياء لبنان، الأول بلبنان كلها، عنده قصر بالجبل الأخضر مقابل بيروت تماماً، وهو راكب لطيارته وقعت في البحر، دفعت زوجته عشرة آلاف دولار من أجل إحضار الجثة، لأن لديه قبر وقصر، هذه الحياة، لما تصطلح مع الله تصبح إنساناً آخر، يصبح لديك أمن:

﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) ﴾

[ سورة النساء ]

نعمة الأمن لا تعدلها نعمة ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ﴾ يعني يتمتع بنعمة الأمن مؤمن عادي، من لوازم الإيمان، ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾

﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ۖ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) ﴾

[ سورة آل عمران ]

قانونان؛ المؤمن لديه حالة أمن يتمتع بها وحده، وغير المؤمن عنده حالة خوف دائماً، ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الكفار: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا﴾ 
فلذلك،"لا يخافَنَّ العبد إلا ذنبه، ولا يَرْجُوَنَّ إلا ربه" .

والحمد لله رب العالمين.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطِنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهنّا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضِنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

والحمد لله رب العالمين.

الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور