الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وازرقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام؛ من عادتي والفضل لله وحده، دروسي لا يمكن أن أتغيب عنها ما دمت في عمان، إلا أنني مدعو إلى دعوة دعوية في بلد بعيد، فسأضطر أن آتيكم بعد العيد في الثالث عشر من الشهر الجاري، بعد العيد بأسبوع ستعود الدروس كما كانت فأنا مضطر، ولا يمكن إلا لشيء لا أملكه ألا آتي إلى الدرس وأنا في عمان، هذا جزء من منهج دعوتي إلى الله، المواعيد مهمة جداً، ذات مرة كنت في اسطنبول وطلبوا مني البقاء عندهم، فقلت لهم: لا أستطيع، فهناك أحدهم يأتي من حيفا لسماع الدرس ويستغرق معه الطريق 9 ساعات، فلو أتى ولم يجدني ما الذي سيحصل له!
من فضل الله لا أتغيب عن الدرس إلا وأكون قد أعلنت سابقاً، لدي سفرة دعوية إلى الخليج، فسأغيب بعد العيد بأسبوع وفي الثالث عشر من الشهر نتابع الدروس إن شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، هناك سؤال محرج: لماذا تصلي؟ يتألم المسؤول لأنها فرض، فإذا أقنعتك أن الدعوة إلى الله هي فرض عين على كل مسلم تندهش، الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم كالصلاة تماماً، في الدين لا يوجد آراء شخصية، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء، الله عز وجل يقول:
﴿ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) ﴾
البصيرة، فالذي لا يدعو إلى الله على بصيرة _ما معنى على بصيرة؟ معناها: بالدليل والتعليل_ قال تعالى:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) ﴾
الإله شأن الألوهية العظيمة: افعل فقط، هو إلهنا وخالقنا ورب السموات والأرض ومع ذلك لمودة بالغة لعباده أعطاك التعليل، ممكن من إنسان عادي كمدير شركة ممكن أن يقول لك: اذهب، تعال بعد يومين، فإنسان عادي يعطي الأمر ولا يقبل أن يعلله، خالق السماوات والأرض رب العالمين، خالق الأكوان
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
فلذلك الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم ولكن انتظروا، في حدود ما تعلم ومع من تعرف فقط، فأنت كإنسان حضرت خطبة الجمعة والخطيب كان موفقاً جداً بخطبته، شرح الآية شرحاً ارتج قلبك له، انقل هذه المعلومة لزوجتك، أولادك، أصدقاءك في العمل، في حدود ما تعلم ومع من تعرف، هذا فرض عين على كل مسلم، هذه الطريقة إذا طبقت تنامت دوائر الحق، وضيّقت على دوائر الباطل، فإذا صمتنا الباطل قوي وغني، معه الإعلام، الباطل يتمدّد ويتمدّد ليضيّق على الحق، أما الدعوة كفرض عين يحصل بها توازن، فأنت لست داعياً وليس لديك دكتوراه، ولم تدرس الشرع، أنت إنسان عادي سمعت درساً فتأثّرت به ونقلته لمن حولك، مثال بسيط: إن كان الحر لا يطاق، في موجة حر في الخليج أصبحت درجة الحرارة 70، فأنت تضطر إلى مكيّف، ولكنك لا تعرف شيئاً عن التكييف، إلا أنك تملك ثمن هذا المكيف، قال لك البائع: حينما تشعر بالحر الذي لا يحتمل اضغط على زر التشغيل، يأتيك الهواء البارد، وهكذا العبادة، يا بني صلّ، هكذا أمرنا الله، أمّا حكم الصلاة والنتائج والتحليلات لا تعرف عنها شيئاً، هذا الإنسان الأمّي الذي لا يقرأ ولا يكتب، قال له الشيخ: صلّ فصلّى، لا تأكل مال الحرام، لم يأكل، لا تغش، لم يغش فوصل للجنة وهو يجهل كل شيء، هذا العابد، فالعابد ناجِ، قال له الشيخ: لا تغش فلم يغش، مثال مضحك: عبوة الزّيت مرتفعة السّعر، وجد فيها صاحبها فأرة، فهو كمؤمن لا يستطيع أن يبيعها رغم أنّ سعرها الآن مرتفع جداً، ممكن أن يبيعها لمعمل صابون، بينما الشّخص غير المتديّن ممكن أن يبيعها على أنّها من أجود أنواع الزّيوت، انظر إلى عظمة الدّين! مثلاً: أنت تجلس في غرفتك، وهي في الطابق الثالث ومطلة على بناء مقابلك وفي هذا البناء شرفات، فإن خرجت امرأة إلى هذه الشرفة بثياب مبتذلة فأنت تستطيع أن تملاً عينيك بكل محاسنها دون أن يعلم أحد بك، ولكنّك أغلقت السّتارة، فهذا هو الدين،عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( رأسُ كلِّ حكمةٍ خشيةُ اللهِ والوَرَعُ سَيِّدُ العملِ، ومَن لم يكن له وَرَعٌ يَحْجِزُهُ عن معصيةِ اللهِ عز وجل إذا خَلَا بها، لم يَعْبَإِ اللهُ بسائِرِ عملِهِ شيئًا ))
ذات مرة كنت مدعوّاً إلى مؤتمر كبير إسلامي معقود في المغرب في الرّباط، فوصلنا في السّاعة الثّانية عشر ليلاً، طبعاً نحن أعضاء المؤتمر يعطوننا جناحاً كاملاً، سمعت صوت ضجيج في الطّابق الأرضيّ، كان هناك حفلة راقصة فأغلقت السّتارة فشعرت بسعادة لا توصف، بالرّغم من أنّني كنت أستطيع أن أشاهد كلّ شيء دون أن يراني أحد، هذا هو الدين ، اسمعوا النص:
(( رأسُ كلِّ حكمةٍ خشيةُ اللهِ والوَرَعُ سَيِّدُ العملِ، ومَن لم يكن له وَرَعٌ يَحْجِزُهُ عن معصيةِ اللهِ عز وجل إذا خَلَا بها، لم يَعْبَإِ اللهُ بسائِرِ عملِهِ شيئًا ))
يعني هناك عدد كبير من الناس تهمّه سمعته ومكانته فأمام الناس يطبّق كلّ شيء، فأخذ وسام شرف، أمّا إذا خلا فله موقف آخر، هذا الإنسان يعبد سمعته فقط، ولا يعبد الله،
(( مَن لم يكن له وَرَعٌ يَحْجِزُهُ عن معصيةِ اللهِ عز وجل إذا خَلَا بها، لم يَعْبَإِ اللهُ بسائِرِ عملِهِ شيئًا ))
كلام خطير ودقيق، أنت إذا عبدت الله تطيعه جهراً وسرّاً، منفرداً ومع الجماعة، فهذه قضية دين، المؤمن لا تأخذه في الله لومة لائم، لا يوجد عنده سراً وعلانية، سريرته كعلانيته مكشوف، لأنّه على الحقّ، الحقّ لا يُستحيا به، والحقّ لا يحتاج إلى كذب ولا إلى مبالغة، هو أقوى من ذلك ولا إلى تحجيم، لا التّحجيم، ولا المبالغة، ولا الكتم، ولا الجهر، الحقّ هو الله وكلامه هو الحقّ، هذا قرآن، فلا تستحي بدينك.
بعض الأمثلة: صاحب منصب كبير دُعي إلى حفل فيه خمر فتعلّل بأن معه قرحة والخمر لا يناسبه، لا، يجب أن يقول أنا مسلم ولا أشرب الخمر، هناك أناس في الغرب صرّحوا بإسلامهم بسبب إسلام النّاس، لا داع أبداً، أنا ديني الإسلام يحرم عليّ شرب الخمر، فلا تستحي بدينك، هذا دين الله، وابقَ مستقيماً، ولا تحاول أن تبالغ به، هو لا يحتاج إلى مبالغة ولا يحتاج إلى التقليل من شأنه، هذه الموضوعية، ما الموضوعية؟
أن تذكر الحقيقة بلا زيادة ولا نقصان، ذات مرة كنت أحضر مناقشة رسالة دكتوراه في جامعة نلت منها شهادة الدكتوراه، فأثناء المناقشة كان هناك دكتور يشرف عليها وهو فرنسي ولكنه متقن للعربية، ففي أثناء مناقشة الطالب لمضمون رسالته قال له الدكتور قف_ ما الذي حدث!_ هذا تعميم، والتّعميم من العمى، فكرت فيها، الله لم يعمّم، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) ﴾
لم يقل: إن أهل الكتاب، لو قال أهل الكتاب تعميم، والتّعميم من العمى، تعلمت درسين يا إخوان وأتمنى منكم أن تطبقوهما، إياك في الأحكام أن تقطع ولكن قل: فيما يبدو لي، فيما أتصوّر، هكذا يخطر على بالي، لعلّي على صواب، هذه كلّها كلمات فيها تحفُّظ ولكن ترتقي مكانتك، لكن إن قلت: لا، أنت مخطئ، كل أصحاب المهنة يكذبون، فهذا غير صحيح، التعميم من العمى، أعرف محامياً عرضوا عليه مبلغ ثلاثة ملايين ليرة لتقديم مذكرة معينة فيها كذب فركلها بقدمه، هذا الدّين، الدّين دقيق جداً، قال تعالى:
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) ﴾
المؤمن ينظر إليه بأكبر مكبر، هذا مؤمن كيف يكذب؟ كيف كتب صنع انكلتره وهي صنع الصين؟ لي صديق أحبّه كثيراَ ويبيع قطع سيارات مرتفعة الأسعار، قال لي لدي قطعة لسيارة مرسيدس منذ خمس سنوات، تنتقل من جرد إلى جرد، كُتب عليها صنع في ألمانيا، ولكنها في الحقيقة صنع الصين، أتى شخص وطلبها، فقال لي: طرت من الفرحة، وأخيراً ستباع، سأله هل هي أصلية؟ قال له: لا، ليست أصلية، فقال له: هاتها، لو قال له أنها أصلية فالبيع محرّم، أو لو سكت ولم يفصح فبيعها حرام أيضاً، لا تخف على هذا الدين، إنّه دين الله ولا يحتاج كذب ولا إلى مبالغة، ولا أن تستحيي به، دين الله خالق السماوات وهذا أمره.
(( سمعت أميمة بنت رقيقة تقول:: جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ نُبَايِعُهُ، فَقَالَ لَنَا : " فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ ، إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ " ))
أحياناً يكون الشخص بمنصب رفيع جداً، أو واحدة ممكن أن تكون بمنصب رفيع جداً فلا يجب يصافح، أو أن تصافح، وأحياناً على مستوى علماء كبار، لذلك إخواني هذا الدين له إيجابيات لا يعلمها إلا الله، يرفع مكانتك ويوسع أفقك، وينطق لسانك بالحق، شاهدلا تخش في الله لومة لائم، لا تستحي بهذا الدين، إياك أن تستحيي به، مثال أن يقول شخص أنا لا أشرب الخمر من أجل معدتي، عندما يكون بجلسة كبيرة، والأولى أن يقول: أنا مسلم لا أشرب الخمر، أنا مسلم والله، عندي تقريباً ما يعقارب مئة قصة، هناك شخص في الغرب ولا علاقة له بالدين أسلم نتيجة موقف أخلاقي، فأنت متميز بدينك، فأنت لا تكذب ولا تخش في الله لومة لائم، ولا تمدح باطلاً ابداً.
﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) ﴾
لذلك إخواننا الكرام لابد من الدعوة إلى الله في حدود ما تعلم ومع من تعرف، هذه فرض عين على كل مسلم، في حدود ما تعلم ومع من تعرف، أما الدّعوة ليست فرض عين بل فرض كفاية، هذه تحتاج إلى شخص لديه: تفرّغ، تعمّق، تبحّر، تثبّت، متفرّغ للعلم، اختصاصه عالِ، تفرّغ وتبحّر، وتعمّق، وتثبّت في أحاديث موضوعة، هذا حديث موضوع كيف ذكرته؟ عليك بمراجعة الأحاديث وتفسير الآيات، قال كلمة سيدنا عمر رضي الله عنه أرتجف منها تقديراً له: كنت قد أعددت كلاماً قاله عني أبو بكر. والله بحياتي لم أذهب لإلقاء درس إلا وهو محضَّر، هناك أشخاص يستمعون إليك، أحياناً يكون غير محضّر، ذات مرة حضرت خطبة والله لا أبالغ أن الخطيب فتح خمسة وعشرين موضوعاً ولم ينه أيّاً منها، خواطر خواطر، فهناك أناس تأتي من بعيد لتسمع خطبة محضّرة، التّحضير له دليل، يقول سيدنا عمر رضي الله عنه: كنت قد أعددت كلاماً قاله عني أبو بكر، أعددت كلاماً، فأنت إن دُعيت إلى سهرة، إلى إلقاء كلمة، إلى عمل دعوي، عليك التّحضير، أياماً يكون الحضور من التّجّار، أنا أسأل غالبية الحضور ممّن؟ هناك كلام خاص للتّجّار، وكلام خاص للموظّفين، إن كنت تعلم من هو المستمع تستطيع أن تعطيه سلبيّات وإيجابيّات عمله، أما إن كنت لا تعرف، يعني مثلاً: ذات مرّة كنت في سهرة وكلها تجار، فقلت كلمة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم فذابوا محبّة فيه:
(( إنَّ أطيبَ الكَسبِ كسبُ التُّجَّارِ الَّذينَ إذا حدَّثوا لم يَكْذِبوا، وإذا ائتُمِنوا لم يَخونوا، وإذا وعَدوا لم يُخلِفوا ، وإذا اشتَرَوا لم يَذمُّوا، وإذا باعوا لم يُطْروا ، وإذا كانَ علَيهم لم يَمطُلوا، وإذا كانَ لَهُم لم يُعسِّروا ))
ما هذه الصفات! أكبر دولة إسلامية في العالم في شرقي آسيا، إندونيسيا، هذه الدولة سبب إسلامها تسع تجار مسلمين فقط، أكبر دولة في العالم سبب إسلامها تسع تجار مسلمين، إخواننا الكرام إسلامنا عظيم، فأنت جئت إلى الدنيا ويوجد آخرة إلى أبد الآبدين فاعتنِ بوقتك، خطط، إن لم تخطط يُخطط لك، وإن لم تكن رقماً صعباً في خطة عدوك تكن رقماً تافهاً، إخواننا الكرام إن هذا الدين دين الله لا يحتاج إلى مبالغة، ولا إلى تقليل شأن، ولا يحتاج أن تستحيي به، ولا أن تستحيي منه، الله هو الحقّ، الحقّ هو الله، والحقّ لا يقبل التّحدّي، وأقوى من أي تحدّي، يستنبط من ذلك: الحرب بين حقّين لا تكون، إطلاقاً بالأرض، الحقّ لا يتعدّد، لا يمرّ إلا مستقيم واحد بين النّقطتين، بين الخطّين يمرّ مستقيم واحد، الثّاني يُرسم فوقه تماماً، والثّالث والرّابع، فالحقّ لا يتعدّد، والباطل لا يستمرّ، إن الله مع الحقّ، المشكلة بين باطلين، الحرب بين حقّين لا تكون، بين حقّ وباطل لا تطول، بين باطلين دائمة، هناك حروب استمرت لخمس وعشرين سنة، ولم ينتصر أحد، لا أحد يستحقّ النّصر، أصبح هناك إتلاف وتدمير، وتهديم بيوت، وحرق مصانع فقط، هناك بلد انتهى كلّيّاً ولن يعود إلى ما كان عليه ولو بعد خمسين سنة، شيء عشوائيّ وغير مخطّط، لأنّ هناك ظلم.
فإخواننا الكرام الحقّ هو الله والحقّ لا يحتاج إلى مبالغة، ولا إلى تصغير، ولا تقلق عليه، ولا تقلق على هذا الدّين، إنّه دين الله، يعني ألمح أحدهم في حديث تأثّرت به كثيراً، الله عزّ وجل يرزق ويدعم فئة معينة، هذه الفئة عرفت ربها، يعني النبي الكربم صلى الله عليه وسلم قال:
(( أَبْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ , فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ ))
لأن النبي:
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) ﴾
كلام الله وحي متلوّ، وكلام النبي الكريم وحي غير متلوّ،
(( إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُون بِضُعَفَائِكُمْ ))
الشرح: هذا الضّعيف لا أحد يلتفت إليه ولا أحد يصغي إليه ولا أحد يحاوره، هذا الضعيف إن كان جائعاً أطعمته، إن كان مريضاً عالجته، إن كان مظلوماً نصرته، إن كان مشرّداً آويته، الموضوع طويل، إن كان خائفاً أمّنته، إن كان مقهوراً أنصفته، الآن يتفضّل الله عليك بأن ينصرك على من هو أقوى منك، ما الطريق؟ ننتصر على الغرب القوي، قوي جداً، قوي بأسلحته، قوي بإعلامه، القوي عند الله ضعيف، إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ هذا الضعيف إن أطعمته إن كان جائعاً، إن كسوته إن كان عارياً، إن علّمته إن كان جاهلاً، إن أنصفته إن كان مظلوماً، يتفضّل الله عليك بأن ينصرك على من هو أقوى منك، السّبيل الوحيد للانتصار على الغرب لا طائرات ولا مدافع ولا أسلحة، أن تنصر الضّعفاء في بلدك تستحق أن تنتصر على من هو أقوى منك، لا ننتصر على من هو أقوى منّا، يعني قنبلة واحدة بهيروشيما أدت إلى 300 ألف ميت بثواني، قنبلة واحدة بنغازاكي وهيروشيما، الحرب العالمية انتهت بقنبلتين ذريتين بشرق آسيا، هيروشيما ونغازاكي، 300 ألف سخص ماتوا بثواني، الغرب عنده قنبلة ذرية، أحياناً يلوّحون بها، الآن تلوّح بها روسيا للغرب، السلاح النّووي، موضوع ثاني، فلابدّ من أن نعرف الله معرفة تحملنا على طاعته، إن كان هناك طفل في العيد أعطاه عمّه خمسين ديناراً وعمّه الآخر خمسين، وخاله خمسين، وخاله الآخر خمسين، كم يصبح معه؟ بقول أنّ معه مبلغ عظيم، ومعه حق، فطفل عمره تسع سنوات معه مئتا دينار، فإذا قال مسؤول كبير بدولة عظمى أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً هذا يعني 200 مليار، كنا بمئتي دينار صرنا بمئتي مليار، فإذا قال الله عز وجل خالق السماوات والأرض، قال تعالى:
﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُۥ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْءٍۢ ۚ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) ﴾
أعظم شيء أن تعرف الله.
حفظ الله لكم إيمانكم وأهلكم وأولادكم وصحتكم ومالكم واستقرار بلدكم والحمد لله رب العالمين
الملف مدقق