وضع داكن
29-03-2024
Logo
الدرس : 13 - سورة الأحزاب - تفسير الآيات 49 - 52 الطلاق السني والبدعي والعدل بين الزوجات
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

الآية التالية من الآيات التي تنظِّم علاقة الرجل بالمرأة:

أيها الأخوة المؤمنون؛ مع الدرس الثالث عشر من سورة الأحزاب.

وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)﴾ الحقيقة هذا حكمٌ من أحكام الطلاق، وكلنا يعلم أن الله سبحانه وتعالى خلق الذكَرَ والأنثى، وخلق كلاً منهما مُكَمِّلاً لصاحبه، بل إن الزواج آيةٌ دالةٌ على عظمة الله عزَّ وجل حيث قال:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)﴾

[ سورة الروم ]

يبدو أن الدافع الذي أودعه الله في الإنسان إلى شِقِّهِ الآخر دافعٌ قوي، وما لم تَنْظِم هذا الدافع قيودٌ، وحدودٌ، وقواعد، ومبادئ، فإن فساداً عريضاً يصيب المجتمع البشري، فلذلك نجد حجم الآيات التي شَرَّعَت وبيَّنت وقنَّنت موضوع الزواج والطلاق حجمها كبير، فلذلك هذه آيةٌ من الآيات التي تنظِّم علاقة الرجل بالمرأة.

 

عقد الزواج لا يعقد إلا بشروط ولا ينفصل إلا بشروط:


لكن قبل أن نمضي في الحديث عن هذا الموضوع، لابدَّ من إشارةٍ سريعة إلى ما يسمى بالطلاق السنِّي، وإلى ما يسمى بالطلاق البِدْعِيّ، أي أقدس عقدٍ بين شخصين على وجه الأرض هو عقد الزواج:

﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)﴾

[ سورة النساء ]

الميثاق الغليظ هو عقد الزواج، فهذا العقد المقدَّس الذي تبنى عليه العلاقات المشروعة بين الزوجين، هذا العقد المقدس الذي يبنى عليه المجتمع كله، المجتمع في حقيقته مجموعة بيوت، فإذا صلح البيت صلح المجتمع، هذا العقد لا يعقد إلا بشروط، ولا ينفصل إلا بشروط، لا يعقد إلا بإيجاب، وقبولٍ، وولي، ومهرٍ، وشاهدي عدلٍ، ولا يفصم إلا بِعِدَّة، أي أن تطلق المرأة اليوم وتقترن بآخر غداً، هذا استخفافٌ بهذا العقد، فكما أن هذا العقد لا يعقد إلا بولي وإيجاب وقبول ومهر وشاهدي عدل؛ لا ينفصل إلا بمدة تمضي، إما حداداً على الزوج إن كان قد مات، وإما تبرئة للرحم إن كان الفراق على إثر طلاق.

ما الذي يحصل؟ يحصل هو أن العلاقة الزوجية إذا بلغت درجةً أصبح فيها فسادٌ على الطرفين لابدَّ من أن تنفصل، كيف تنفصل؟ تنفصل بالتشريع العظيم الذي جاءنا به القرآن الكريم، فالرجل إذا رأى من امرأته ما يكره، إن رأى منها شيئاً لا يُحْتَمَل، يطلقها طلقةً واحدة، وتبقى في البيت، وتبقى معه تأكل وتشرب، ولها الحق في أن تتزيَّن، فالمقياس الذي يقاس به هذا الأمر الذي من أجله طلَّقها يظهر من تتابع الأيام، فلو أن هذا الأمر تافِه بعد يومين أو أكثر ينسى ويتمنى أن يعود إليها، وقد تتمنى أن تعود إليه، تظهر له ما يُرَغِّبُهُ فيها، ويظهر لها ما يرغبها فيه، فبمجرد أن يقول لها: راجعتكِ وهذا في مذهب، أو بمجرد أن يضع يده عليها وهذا في مذهب آخر، فقد راجعها من دون مهرٍ ولا عقدٍ ولا خيارٍ منها، فإذا طلق الإنسان زوجته طلاقاً سُنِّيَاً كان له طريقٌ إلى إرجاعها، وهذا معنى قوله تعالى:

﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)﴾

[ سورة الطلاق  ]

ومن يتق الله في تطليق امرأته يجعل الله له مخرجاً إلى رَدِّهَا.

 

الطلاق السّني:


إذاً إذا طلقها ينبغي أن تبقى في بيته:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)﴾

[ سورة الطلاق  ]

هذه المشكلة التي من أجلها جاء الطلاق، بحسب حجمها، فقد تتلاشى بعد أسبوع، بعد يومين، بعد يومٍ واحد، بعد أسبوعين، بعد ثلاثة أسابيع، تبقى مطلقةً وهي في بيت زوجها ثلاثة قروء، أي ثلاثة أطهار، وفي رأي آخر ثلاث حيضات، فمن خلال ثلاثة أشهر إذا بقي مصراً على طلاقها معنى ذلك أن الأمر خطير، أما إذا ندم على فعلته، ورأى أن الأمر لا يحتاج إلى هذا، وحنَّ إليها وحنَّت إليه، وشعر بحاجته إليها، إلى آخره بإمكانه أن يراجعها، وهذا الطلاق ينتج عنه بينونة صغرى، فإذا قال لها: راجعتكِ، حَلَّت له، وانتهى الأمر، وحسبت عليه طلقة.

لا زلنا في الطلاق السني، فإذا فعلت شيئاً آخر بعد حين يوجب الطلاق وطلقها، أيضاً تبقى في بيته، ولها أن تأكل معه وتشرب، ولها أن تتزيَّن، وتعاد الكرة مرةً ثانية، فإن كان في الأمر شيءٌ كبيرٌ خطير يبقى مصراً، وإن كان الأمر تافهاً يزول هذا الأمر بعد أيامٍ عدة، وبإمكانه أن يراجعها، وتعود إليه بلا مهرٍ، ولا عقدٍ، ولقد حسبت عليه طلقةً ثانية، الطلاق مرَّتان، أما المرة الثالثة بانت عنه بينونةً كبرى، وملكت نفسها، ولا يمكن أن تعود إليه إلا أن تنكح زوجاً غيره، والحكمة من ذلك أنها إذا نكحت زوجاً غيره، وطلقها، تتيقن أنها هي السبب، فإذا أحبَّها يتيقن زوجها أنه هو السبب، ولا يحلُّ له أن يستعيدها إلا إذا تزوجها رجل آخر زواجاً عادياً على نية التأبيد، ثم طلقها طلاقاً عادياً من دون إكراهٍ، أو من دون افتعالٍ أو تصنع، أما إذا طلقها طلقةً واحدة، ومضت القروء الثلاث ولم يراجعها ملكت نفسها، لكن بإمكانه أن يعيدها إليه بمهرٍ وعقدٍ جديد، لكن لها الخيار؛ إما أن ترجع أو ألا ترجع.

 

الطلاق البدعي:


أيها الأخوة؛ هذا هو الطلاق السُنِّي، هذا هو الطلاق الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام تبييناً وتفصيلاً لآيات الطلاق التي وردت في القرآن، هذا الطلاق قَلَّمَا ينتهي إلى الفراق، هذا هو الطلاق السني، أما كلما اختلف مع شخصٍ، وتشاجر معه، حلف يمين الطلاق ثلاثاً وطلق امرأته فهذا طلاقٌ بدعي، أما إذا طلقها وهي في حيضٍ فهذا طلاقٌ بدعي، أما إذا طلقها في طهرٍ مسَّها فيه فهذا طلاقٌ بدعي، أما إذا طلقها ولم تكن هي طرفاً في الموضوع والمشكلة فهذا طلاقٌ بدعي، وهناك أنواعٌ كثيرةٌ جداً من الطلاق البِدعي الذي هو مخالفٌ لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

مخاطبة الله عامة الناس بأصول الشريعة ومخاطبة المؤمنين خاصةً بفروع الشريعة:


الآن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ كلكم يعلم أن الله سبحانه وتعالى خاطب عامة الناس بأصول الشريعة، أصول الدين، وخاطب المؤمنين خاصةً بفروع الشريعة، أي أيها الإنسان الذي عرفت الله عزَ وجل، وآمنت بوجوده، وبكمالاته، وبوحدانيته، وهذا كتابه، وهذا شرعه، عليك أن تفعل كذا وكذا، وأن تَدَعَ كذا وكذا.

 

النكاح هو العقد والدخول أما في هذه الآية فالنكاح يعني العقد فقط:

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ النكاح هنا يطلق في القرآن على عقد النكاح في هذه الآية، وعلى العقد والدخول في معظم الآيات الأخرى، فكلمة نكاح أي العقد والدخول، أما في هذه الآية فالنكاح يعني العقد فقط، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ وقال:

﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)﴾

[ سورة البقرة ]

وإن لم تفرضوا لهن فريضة:

﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)﴾

[ سورة البقرة ]

هنا التمتع أن تعطيها شيئاً يجبر خاطرها، أن تعطيها نفقةً تقوم بأودها، أن تعطيها شيئاً فتكتفي به من دون أن تسأل الناس من بعدك.

 

العدة في أصلها تبرئةٌ للرحم وتأكدٌ من أن هذا الرحم خلوٌ من أي حملٍ من زوجٍ آخر:


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ أما من قبل أن تمسوهن﴿فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ العدة في أصلها تبرئةٌ للرحم، وتأكدٌ من أن هذا الرحم خلوٌ من أي حملٍ من زوجٍ آخر، النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث المروية عنه يقول: عن رويفع بن ثابت الأنصاري:

((  لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ. ))

[ ابن حبان :بلوغ المرام : حكم المحدث:صحيح ]

من إرشادات النبي اللطيفة: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماؤه زرع غيره)) لذلك لابدَّ من عدةٍ تعتدها المرأة ليكون رحمها بريئاً ونظيفاً من حملٍ من زوجٍ قبله.

 

إذا عُقِدَ عَقْدُ النكاح ولم يسم المهر فعلى الزوج المُطَلِّق أن يمتع الزوجة متاعاً حسناً:


أما إذا عُقِدَ عَقْدُ النكاح، وسُمِّيَ المهر، ولم يدخل بها، فلا معنى للعِدَّة، أما إذا عُقِدَ عَقْدُ النكاح ولم يسمَّ المهر، فعلى الزوج المُطَلِّق أن يمتعها متاعاً حسناً، ﴿فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)﴾ السراح الجميل، أكثر أنواع الطلاق الآن يعقبها فضائح، وكلام قاسٍ، واتهامات رخيصة، بعد أن يكونا على وفاق، وبعد أن تكون كل أسرةٍ تثني على الأسرة الأخرى، فجأةً يتقاذف هؤلاء وهؤلاء التهَم ويسيئون إلى بعضهم بعضاً، ليس هذا هو السراح الجميل، كفاك إذا صاحبت رجلاً فترةً وقال كل منهما للآخر: جزاك الله عني كل خير، هل يعقل أن يطلق الرجل امرأته وتقول له: جزاك الله عني كل خير، هكذا يجب أن يكون إذا طلقها بالعدل، وكان محسناً، كفاك إحساناً إذا صاحبت إنساناً لفترةٍ ما ثم فارقته أن يقول كل منهما للآخر: جزاك الله عني كل خير، فلذلك أعرف رجالاً طلقوا زوجاتهم، وكان هؤلاء الرجال يدفعون إلى زوجاتهم نفقةً مستمرةً، أي هذه امرأة لها حق عند الزوج، وبالطبع هذا من باب الإحسان، أما على الأقل أن يمتِّعها متاعاً حسناً، أن يعطيها المهر الذي فرضه لها، أما أن يضيِّقَ عليها حتى تسامحه بكل شيء فهذا إضرار بالزوجة، والله سبحانه وتعالى دائماً ينتقم من هؤلاء الذين يظلمون زوجاتهم المُطَلَّقَات.

 

الذي يضيِّق على زوجته كي تدع له كل شيء فهذا إضرار لأن المهر حق:


رجل حدثني عن شخص تزوج امرأةً، تزوجها وهي من أسرةٍ صالحةٍ دَيِّنَةٍ، لكنه أراد أن تكون من الزوجات اللاتي لا يرفضن طلباً، اختلاط، وسهرات وكذا، فلما رفضت هذه الزوجة أن تستجيب لرغبات زوجها، ورآها ليست في المستوى الذي يريده، ولها متأخر كبير جداً، بدأ يضَيِّق عليها، ويقسو عليها في الكلام وفي الحرمان، ويأتي متأخراً، وكل هذا بتوجيهٍ من أمه، إلى أن طلبت منه الطلاق من دون أن تطلب شيئاً وهذا هو المطلوب، فصار كلما جلس في مجلسٍ يتنَدَّر: لقد تخلصنا من مهر فلانة، لقد تلافينا الخسارة، ومرةً كان يركب مركبته، وقد ركبت زوجته الجديدة عن يمينه، وأمه خلفه، وأبوه في المقعد الذي خلف مقعد زوجته، وكان يمشي بين المركبات بسرعةٍ فائقة، ويقول له أبوه: يا بني خفف السرعة، فقال له: أنا أنجو من الحادث كما نجوت من مهر زوجتي، وقُبَيْلَ دمشق بقليل وقع الحادث فَقُصَّ قَصَّاً هو وأمه.

الله عزَّ وجل كبير، هذا الذي يضيِّق على زوجته كي تدع له كل شيء، هذا إضرار، فالمهر حق، إن لم تعجبك إمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان، أما أن تضَيِّق، وأن تشتم، وأن تضرب، وأن تأتي بعد منتصف الليل، وأن تمنع الطعام والشراب من أجل أن تدع لك كل شيء، وأن تطلقها بلا متأخر، هذا ظلم، والظلم ظلماتٌ يوم القيامة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول عن عبد الله بن عمر:

(( اتَّقوا دعوةَ المظلومِ،  فإنها تَصعدُ إلى السماءِ كأنها شرارةٌ ))

[ صحيح الجامع : خلاصة حكم المحدث : صحيح  ]

اتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافراً.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)﴾ السراح الجميل؛ أن تُلين الكلام، وأن تعطيها حقها، وأن تطلب منها المعذرة إذا لم يكن هناك نصيب، وكثير من الأشخاص المؤمنين يجيبك: لا يوجد نصيب، إذا سألته لماذا طلقتها؟ يقول لك: لا يوجد نصيب، وهذا يكفي، من دون أن تتحدث عن أخطاء، وعن ثغرات، وعن عيوب، وعن وعن.

حديث الناس حين انفصام عقد الزواج حديثٌ لا يرضي الله عزَّ وجل، كشفٌ للأستار، وفضحٌ للخبايا، وافتراء، وظلم، واتهامات كاذبة، هذا كله لا يرضي الله عزَّ وجل.

 

نساء النبي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة فالتشريع الإلهي جاء مكافأةً لهن:


﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ هذه الآية متعلقة عند رأي بعض العلماء بالآيات السابقة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)﴾ فنساء النبي عليهم رضوان الله حينما خَيَّرَهُنَّ النبي عليه الصلاة والسلام بين الحياة الدنيا وزينتها وبين الله ورسوله والدار الآخرة اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، مكافأةً لهن على موقفهن الذي آثرن فيه الله والدار الآخرة، جاء التشريع الإلهي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ أي هذه الأزواج اللاتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة هن لك وأنت لهن.

 

الله رب النوايا:


﴿اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ ، أي هذا المهر حقٌ للزوجة، من تزوج امرأةً على صداقٍ وفي نيته ألا يؤديه لها لقي الله زانياً، ومن أخذ مالاً من رجلٍ وفي نيَّته ألا يؤديه لقي الله سارقاً، والله رب النوايا، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ الآية الكريمة:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)﴾

[ سورة الأنفال ]

الهجرة دليل الإيمان، أنت مؤمن، ما الدليل؟ صيامك هو الدليل، صيامك أي الله ورسوله أحبّ إليه من طعامك وشرابك، زكاتك هي الدليل، أي الله ورسوله أحبّ إليك من مالك، أن تنفق المال.

 

الإيمان قناعة يظهرها ويؤكدها موقف:


تغض بصرك ما الدليل؟ غض بصرك عن محارم الله دليل أن الله عزَّ وجل أحبّ إليك من شهوتك، إذاً دائماً الإيمان بلا موقف، بلا بذل، بلا عطاء، بلا انضباط، بلا تقيُّد، بلا جهاد النفس والهوى، لا قيمة له، الإيمان قناعة، ماذا يظهرها؟ ماذا يؤكِّدها؟ يظهرها ويؤكدها موقف، فلذلك: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ هذا الذي جاء النبي قال له: جئتك لتعلمني من غرائب العلم، فقال: "ماذا صنعت في أصل العلم"، قال؟ وما أصل العلم ؟ قال: "هل عرفت الرب؟"، قال: ما شاء الله، قال: "فماذا صنعت في حقه؟" هذا السؤال المهم: أنت إذا آمنت بالله ماذا فعلت؟ ماذا أعطيت؟ ماذا منعت؟ كيف وقفت؟ ما الشيء الذي فعلته بدافعٍ من إيمانك؟ فلذلك: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ أي إن لم تهاجر فلا يمكن أن تستحق أن تكون زوجة النبي عليه الصلاة والسلام.

 

للنبي عليه الصلاة والسلام أحكام اختص بها:


﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾ أي أحللنا لك أية امرأةٍ مؤمنةٍ وهبت نفسها لك، ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ النبي عليه الصلاة والسلام له أحكامٌ اختصَّ بها، فأية امرأةٍ لشدة حبها للنبي عليه الصلاة والسلام إذا وهبت نفسها للنبي، النبي عليه الصلاة والسلام له الحق أن يتزوجها، لكن هذا الحكم خاصٌ بالنبي عليه الصلاة والسلام، أي النبي هو سيد الخلق وحبيب الحق، فإذا أرادت امرأةٌ أن تكون للنبي عليه الصلاة والسلام بلا مهر - وهذا شرط استثنائي - فالنبي عليه الصلاة والسلام له أن ينكحها خالصةً له من دون المؤمنين، ومع ذلك في أغلب الأقوال أن النبي عليه الصلاة والسلام ما تزوج امرأةً واحدةً وهبت نفسها له، كانت إذا وهبت نفسها كان يستنكحها بعض أصحابه، ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ .

 

الآية التالية آية تشهد بكمال النبي الكريم:


الآن يوجد آية من الآيات الدقيقة جداً التي تشهد بكمال النبي عليه الصلاة والسلام، قال: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ﴾ معنى تُرجي أي تؤخر، أو لا تقبل، تؤخر أو لا تقبل، أنت إذا عرض أحد عليك عرضاً إما أن تقول: موافق، أو غير موافق، أو أَخِّر هذا الموضوع لوقت آخر، ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ هؤلاء النساء- نساء النبي عليهن رضوان الله- للنبي الحق أن يستبقي بعضهن وأن يدع بعضهن، كان هذا حينما خيرهُنَّ الله عزَّ وجل، للنبي عليه الصلاة والسلام أن يزور فلانة ويدع علانة، ولكنه لم يفعل، عدل بينهن، لكن النبي له حكم خاص، قد تكون المصلحة الراجحة أن يكون عند فلانة لا عند فلانة، فهذه الآية عامة، النبي عليه الصلاة والسلام لحكمةٍ بالغةٍ، لكماله الشديد، لعطفه، لرحمته، لعدله، ألم يقل له بعض الأعراب: اعدل يا محمد، فقال عليه الصلاة والسلام: عن جابر بن عبد الله: 

(( إنَّ رسولَ اللَّهِ جعلَ يقبضُ للنَّاسِ يومَ حنينٍ من فضَّةٍ في ثوبِ بلالٍ فقالَ لهُ رجلٌ  : اعدِل يا نبيَّ اللَّهِ فقالَ لهُ رسولُ اللَّهِ ويحَكَ فمَن يَعدلُ إن لَم أعدِلْ؟ قد خِبتُ وخسَرتُ إن كنتُ لا أعدِلُ قالَ :إنَّ هذَا وأصحابَهُ يخرجونَ فيكُم، يقرؤونَ القرآنَ لا يجاوزُ حناجرَهم يمرُقونَ منَ الدِّينِ مروقَ السَّهمِ منَ الرَّميَّةِ فقالَ عمرُ: يا رسولَ اللَّهِ ألا أضربُ عنقَهُ، فإنَّهُ منافقٌ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ: معاذَ اللَّهِ أن يتحدَّثَ النَّاسُ أنِّي أقتلُ أصحابي. ))

[ خريج كتاب السنة  : حكم المحدث: صحيح ]

﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ﴾ أي أنت لك أن تؤخِّر من تشاء، ولك أن ترفض من تشاء ﴿مِنْهُنَّ﴾ .

 

النبي الكريم بلغ من الكمال والرحمة والعدل ما يؤهله لأن يفعل ما يشاء:


﴿وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾ والتي رفضتها ثم أردتها هذا لك: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا﴾ متى يُطْلَقُ الإنسان؟ أنت متى تقول لفلان: افعل ما تشاء؟ هذه افعل ما تشاء تؤوي، ترفض، تُرجي، تغيِّر، تعدِّل، هذا دليل كماله صلى الله عليه وسلم، أي بلغ من الكمال والرحمة والعدل الدرجة التي أهَّلَتْهُ لأن يفعل ما يشاء، ومع ذل ك النبي عليه الصلاة والسلام كان يعدل بين زوجاته، وكان يعدل بينهن، وكان عند مرضه صلى الله عليه وسلم يستأذن بقية نسائه في أن يبقى عند عائشة، إذاً متى أطلق الله عزَّ وجل لنبيِّه حرية الحركة؟ بعد أن بلغ مستوى من الكمال، ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾ التي عزلتها، وأخرتها، ولم تقبل بها، ثم ابتغيتها هذا لك، التي أرجأتها، وأخرتها، أو اعتذرت عن قبول هبتها لنفسها، هذا لك، التي آويتها، وقبلتها، وضممتها إلى زوجاتك ؛ هذه لك، أي لك أن تضم من تشاء، لك أن ترفض من تشاء، لك أن تؤَخِّر من تشاء، لك إذا رغبت في امرأةٍ لمصلحةٍ راجحةٍ بعد أن رفضتها أن تقبلها، وأن تؤويها إليك، هذا الذي قاله الله عزَّ وجل شهادةٌ من الله عزَّ وجل للنبي عليه الصلاة والسلام، لأنه بلغ الدرجة العالية من الكمال. 


كل زواجٍ للنبي فيه من الكمال والحكمة ما لا سبيل إلى وصفه:


أنت أيضاً حينما تشعر أن زيداً من الناس في أعلى درجات النزاهة، وفي أعلى درجات الحكمة، وفي أعلى درجات العلم، وفي أعلى درجات العدل، تقول له: افعل ما تشاء، فهذا التخيير، وهذا الإطلاق أساسه ما تمتَّع به النبي عليه الصلاة والسلام من قلب رحيم، ومن حرصٍ بالغٍ على هداية الناس، ومن حرصٍ أبلغ على خاطر نسائه المؤمنات، فكان يطيِّب خاطرهن، لو كان هناك وقت ودققت في زواجه من زوجاته واحدةً واحدة، لوجدت أن كل زواجٍ فيه من الكمال والحكمة ما لا سبيل إلى وصفه، إذاً: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ﴾ أنت حينما تكون رحيماً معهن، تكون كاملاً، تكون منصفاً، تكون عادلاً تقر أعينهن، وهو في هذا المستوى صلى الله عليه وسلم، ﴿وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا﴾ الله عزَّ وجل يعلم، لك أن تفعل شيئاً، قد يفسر هذا الشيء تفسيراً سيئاً، وقد يفسر تفسيراً صالحاً، أكثر أعداء الإسلام يتهمون النبي عليه الصلاة والسلام بأنَّه مِزواج، ولو اتسع الوقت لدراسة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام لتبيَّن لك العكس.

 

على الزوج أن يكون وفياً لزوجته إلى أبعد الحدود:


بقي مع السيدة خديجة أم المؤمنين خمسة وعشرين عاماً وكانت تكبره بخمسة عشر عاماً، وكان وفياً لها إلى أبعد الحدود، وما نسي ذكرها أبداً، حتى إن السيدة عائشة إذا قالت له: ألم يبدلك الله خيراً منها؟ يقول: "لا والله، لا والله، لا والله، ما أبدلني الله خيراً منها، لقد صدقتني حين كذبني الناس، لقد كانت معي حينما تخلى عني الناس، لقد واستني بمالها". دائماً كان وفياً لها، وكان في ريعان الشباب، تزوجها في الخامسة والعشرين، وكانت هي في الأربعين، وبقي معها خمسة وعشرين عاماً حتى أصبحت في سن الخامسة والستين.

المؤمن العادي لو تزوج امرأةً في سنه يندب حظه طوال حياته، ويقول: أخذناها كبيرة، فهل هذا يعني أنه عليه الصلاة والسلام كان مزواجاً؟ وأكثر نسائه من الأرامل، ولسن في المستوى المطلوب، دون المستوى المطلوب بكثير، وبالطبع كان يتألَّف القبائل بالزواج منهن، هذه سياسة حكيمة وتشريع عال، فمن الذي يعلم الدافع النبيل؟ فهذا الذي قاله الله عزَّ وجل: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا﴾ أي يحْلُمُ على هؤلاء المتهمين، على هؤلاء المرجفين.

﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ أي حينما شرع الله عزَّ وجل للمؤمنين أن كل رجلٍ يحق له أربع نساءٍ حصراً، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان وقتها على تسع نسوة، فتكريماً لهن، وتَطييباً لخاطرهن، سمح الله عزَّ وجل بشكل استثنائي للنبي، وهذا من الأحكام الخاصة، أن تبقى عنده هذه النسوة جميعاً، لكن من دون أن يزيد عليهن، ومن دون أن يبدل إحداهن بأخرى.

 

النظر إلى الخطيبة تشريعٌ أساسي والذي يرفض النظر إليها فقد خالف السنة والشريعة:


﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ كلمة ولو أعجبك حسنهن هذه إشارة في هذه الآية إلى أن الخاطب له أن يرى مخطوبته، لهذا قال عليه الصلاة والسلام: عن المغيرة بن شعبة:

(( اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. ))

[ صحيح الجامع ]

لعلك ترى منها ما يعجبك فتزداد المحبة، وتقبل على هذا الزواج، فالنظر إلى المخطوبة تشريعٌ أساسي، وهذا الذي يرفض النظر إلى مخطوبته هو خاطئ، خالف السنة والشريعة، لعل هذا النموذج لا يحبه ولا يعجبه، فإذا عاش مكرهاً معها لم تكن حياته كما ينبغي، فلذلك: ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ إشارةٌ إلى أن للرجل أن ينظر إلى مخطوبته، إلى وجهها وكفيها على أقوال العلماء. 

هذه إشارةٌ دقيقة، امرأة خطبها النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت امرأةٌ مُصْبية أي ذات صبية، لها أولاد، فقالت: يا رسول الله لأنت أحبّ إليّ من سمعي، ومن بصري، ومن نفسي، ولكن حقّ الزوج عظيم، فأخشى أن أضيِّع حق الزوج .أي ألا أقوم بواجبك، أي اعتذرت للنبي عليه الصلاة والسلام لما تعلم من عِظَمِ حق الزوج، لكن النبي عليه الصلاة والسلام قبلها على أولادها الكُثُر.

 

بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بتعدد الزوجات:


بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الموضوع، يقول العلماء: على الرجل أن يعدل بين نسائه، لكل واحدةٍ منهن يوماً وليلة، هذا قول عامَّة العلماء، وذهب بعضهم إلى وجوب ذلك في الليل دون النهار، ولا يسقط حقّ الزوجة مرضها ولا حيضها، أي من حقها أن تكون هذه الليلة لها بصرف النظر عن مرضها أو عن حيضها، كما أنه عليه أن يعدل بينهن في مرضه كما يفعل في صحته، أي وهو صحيح وهو مريض، وهي صحيحة وهي مريضة، إلا أن يعجز عن الحركة فيقيم حيث غلب عليه المرض، أين أصابه المرض الشديد؟ عند فلانة، يقيم عندها مستأذناً من ضرتها. 

شيءٌ آخر؛ قال: ولا يجمع بينهن في منزلٍ واحدٍ إلا برضاهن، قد يكون وجود الضرائر في بيت واحد سبباً لمشكلات كبيرة جداً، بل إن مالكاً حَدَّثَ عن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان، ماتتا في الطاعون، فأسهم بينهما أيهما تُدَلَّى في قبرها قبل الثانية، إلى هذه الدرجة، بالقرعة، حتى لا يقال: فلانة أكرم عليه من فلانة، أي كان الصحابة الكرام يتقصَّون العدالة حتى في أدق الدقائق، والنبي عليه الصلاة والسلام كما علمنا وقال: عن عائشة أم المؤمنين:

(( أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقسِمُ بين نسائهِ فيعدلُ ويقولُ : اللَّهمَّ هذا قَسمي فيما أملِكُ ، فلا تلُمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ. ))

[ ابن الملقن:  البدر المنير : خلاصة حكم المحدث : صحيح ]

أي أنت إذا تزوجت - إذا قدر الله عليك- ولك أكثر من زوجة، عليك أن تبتغي العدالة شبه التامة، أما قلبك فهذا بيد الله عزَّ وجل هو مقلب القلوب، فكان عليه الصلاة والسلام يقول:((اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)) ، وقد ورد في السنة، أن النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو هريرة قال:

(( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. ))

[ ابن الملقن : تحفة المحتاج:  خلاصة حكم المحدث : صحيح أو حسن ]

أي هذا صار ظلماً، حتى أن امرأةً جاءت إلى سيدنا عمر رضي الله عنه، وقالت له: "يا أمير المؤمنين إن زوجي صوامٌ قوّام"، يبدو أنه كان مشغولاً بموضوع، قال لها: "بارك الله لكِ بزوجكِ"، كان عنده أحد أصحابه قال: "يا أمير المؤمنين إنها تشكو زوجها"، فانتبه عمر إلى أن هذه شكوى، فقال: "احكم بينهما"، فحكم لها أن يكون عندها يوماً كل أربعة أيام، كما لو أنه متزوج أربع نسوة، لها حق في يوم وليلة، أعجبه هذا الحكم، فما كان منه رضي الله عنه إلا أن ولّاه قضاء البصرة، الحكم دقيق، لو أن له أربع نساء كان لها الحق في يوم وليلة من هذه الأيام كلها.

ويروى أن لقمان الحكيم قال لابنه مرةً: اذبح شاةً وائتني بأطيب بضعتين فيها، فأتاه باللسان والقلب، ثم أمره بذبح شاةٍ أخرى، وقال له: "أعطني أخبث شيئين فيها"، فألقى إليه اللسان والقلب، أي اللسان والقلب أطهر ما في الإنسان إذا كان تقياً، واللسان والقلب أخبث ما في الإنسان إذا كان خبيثاً. 

لما دخل على سيدنا عمر بن عبد العزيز وفد الحجازيين وتقدمهم صبيٌ صغير، قال: اجلس أيها الغلام، وليقم من هو أكبر منك سناً، فقال: أصلح الله الأمير، المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا وهب الله العبد لساناً لافظاً، وقلباً حافظاً فقد استحق الكلام، ولو أن الأمر كما تقول لكان في الأمة من هو أحق منك بهذا المجلس.

هذه بعض الأحكام التي جاءت في موضوع التعدد.

 

ملخص لما جاء في درس اليوم:


على كل محور هذا الدرس دقيق جداً؛ هو أن النبي عليه الصلاة والسلام ما أعطاه الله حرية الحركة في أن يؤوي، وفي أن يرجي، وفي أن يقبل، وفي أن يرفض، وفي أن يقبل بعد أن رفض، وفي أن يأخذ ما يريد، إلا بعد أن بلغ من الحكمة، والعلم، والحلم، والرحمة، والعطف، والإنصاف الشيء المطلق، فلذلك: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ هذه شهادةٌ للنبي عليه الصلاة والسلام.

والشيء الآخر: أما المؤمنون فعليهم أن يتقيَّدوا بما جاء في القرآن الكريم، فلو أن أحداً تزوَّج بامرأةٍ ثانية عليه أن يعدل بين الاثنتين لئلا يكون ظالماً.

الشيء الثالث: أن الطلاق البدعي والطلاق السني شيئان مهمان جداً في حياة المؤمن، فإذا طلق امرأته طلاقاً سنياً جعل الله له طريقاً إلى إعادتها، وإذا طلَّقها طلاقاً بدعياً بأن حلف يميناً بالطلاق ثلاثاً دفعةً واحدة، أو طلقها في حيض، أو طلقها في طهرٍ مَسَّهَا فيه، أو طلقها لمشكلةٍ لا علاقة لها بها، أو طلقها قبل أن يُراجعها، هذه أنواع الطلاق كلها وهذه الأنواع سمَّاها العلماء بدعية، لأنها مبتدعة، وليست كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، الآيات: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ أشار الله عزَّ وجل إلى أن الزواج عقدٌ ودخول، وقد وصِفَ النكاح بأنه عقدٌ هنا من دون دخول، ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)﴾ هذه المرأة التي تزوجها القاضي شُرَيْح، قالت له: أما بعد فيا أبا أمية إنني امرأةٌ غريبة، لا أعرف ما تحب ولا ما تكره، فقل لي ما تحب حتى آتيه، وما تكره حتى أجتنبه، ويا أبا أمية لقد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي، ولكن كنت لك زوجةً على كتاب الله وسنة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، فاتقِ الله في وامتثل قوله تعالى:

﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)﴾

[ سورة البقرة ]

هذا بين الشريكين أو بين الزوجين، إذا طغى أحدهما على الآخر، الله عزَّ وجل توعَّدَهُ بالعقاب الأليم، لأن الكفر يدوم لكن الظلم لا يدوم، قالت له: "ويا أبا أمية لقد كان من نساء قومك من هي كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي، ولكن كنت لك زوجةً على كتاب الله وسنة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، فاتقِ الله فيَّ وامتثل قوله تعالى: ﴿فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ ثم قعدت"، قال: "فألجأتني إلى أن أخطب"، فقال: "أما بعد فقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه وتثبتي عليه يكن لك ذخراً وأجراً، وإن تدعيه يكن حجةً عليك، أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما وجدتِ من حسنةٍ فانشريها، وما وجدتِ من سيئةٍ فاستريها"، قالت: "كيف نزور أهلي وأهلك؟" قال: "نزورهم غباً مع انقطاعٍ بين الحين والحين لئلا يملونا"، قالت: "فمن من النساء تحب أن أسمح لهُنَّ بدخول بيتك ومن تكره؟"، قال: "بنو فلان قومٌ صالحون، وبنو فلان قوم غير ذلك". قال: ومضى عليّ عامٌ عدت فيه إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا، رَحَّبْتُ بها، وكانت قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال، ثم قالت لي: يا أبا أمية كيف وجدت زوجتك؟ قلت: والله هي خير زوجة، قالت: والله يا أبا أمية ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدللة فوق الحدود، فأدِّب ما شئت أن تؤدِّب، وهذِّب ما شئت أن تهذب، ثم التفتت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة.

 

قواعد اختيار الزوجات وقبول الأزواج كما وردت في السنة النبوية:


البيت إذا بني على طاعة الله تولى الله التوفيق بين الزوجين، وإذا بني على معصيته تولى الشيطان التفريق بينهما، والزواج شيء أساسي بحياة الإنسان، أخطر حدث بحياة الإنسان هو الزواج، فلذلك كما قيل: "من تزوج المرأة لجمالها أذله الله، ومن تزوجها لمالها أفقره الله، ومن تزوجها لحسبها زاده الله دناءةٍ، فعليك بذات الدين تربت يداك"، وقيل: "إياكم وخضراء الدمن، قالوا: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء".

 هذه قواعد في اختيار الزوجات، وقبول الأزواج، والنواحي المادية كما تعلمون: من ترك التزويج مخافة العيلة فليس منا، وكان عليه الصلاة والسلام ما شكا إليه أحدٌ ضيق ذات يده إلا قال له: اذهب فتزوج.

وكلكم يعلم أنه: "من مشى بتزويج رجل بامرأة كان له بكل كلمةٍ قالها، وبكل خطوةٍ خطاها عبادة سنةٍ قام ليلها وصام نهارها". 

حينما تقيم أمر الله في بيتك يتولى الله التوفيق بينك وبين زوجتك، فإذا كان هناك معصية ومخالفة نشب الخلاف والبغضاء والشحناء وما إلى ذلك، وأصبح هذا البيت مُهَدَّمَاً، فهذه إشارة إلى حكمة النبي عليه الصلاة والسلام.

 

تكريم نساء النبي لأنهن آثرن الله ورسوله والدار الآخرة:


﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)﴾ هذا تهديد، أنت قد تقول: لا أحب فلانة، أو قد ترفض، أو قد تُطَلِّق، أو قد تدّعي ادعاءات كاذبة، لكن الله وحده يعلم ماذا ينطوي وراء هذا القرار الذي اتخذته، وإكراماً لنساء النبي عليه الصلاة والسلام بأنهن أثرن الله ورسوله والدار الآخرة: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)﴾ ..

 

آياتٌ دقيقةٌ في آداب الاستئذان:


الآيات التالية آياتٌ دقيقةٌ تتحدث في آداب الاستئذان: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53) إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54)﴾ .

وفي درسٍ آخر نتابع تفسير هذه الآيات.

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور