- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (033)سورة الأحزاب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
تذكير وتقرير لحُكم القدوة الخاص:
أيها الأخوة الأكارم؛ مع الدرس الثامن من سورة الأحزاب.
الآيات التي فُسِّرَت في الدرس الماضي محورها أن كل إنسانٍ جعله الله في مكانٍ عليِّ؛ إن في أسرته، أو في عمله، أو في دعوته، له أجرٌ مضاعف إذا أحسن، وله عقابٌ مضاعف إذا أساء، ويمكن أن نقول: إن القدوة له عند الله حسابٌ خاص، فإذا أحسن فله أجره، وأجر من اقتدى به، وإذا أساء فعليه وزره، ووزر من تبعه إلى يوم القيامة، لهذا قال عليه الصلاة والسلام عن جرير بن عبد الله:
(( مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسَنةً فلهُ أجرُها، وأجرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أُجورِهمْ شيءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيِّئةً فعليهِ وِزرُها، ووِزرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِه، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أوْزارِهمْ شيء. ))
وسيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه، كان إذا أراد إنفاذ أمرٍ جمع أهله وخاصَّته، وقال:
قال كُتَّاب السيرة: فصارت القرابة من عمر مصيبة، أي مصيبةٌ كبيرة أن تلوذَ بعمر، لأنك إذا أسأت فلك العقاب مضاعف، هذا محور الدرس الماضي.
وقفات متأنية هادفة عند الآية التالية:
أما آيات اليوم فتبدأ بقوله تعالى:
أيها الأخوة الأكارم؛ للمرأة دورٌ خطيرٌ في الحياة، ولدور المرأة فلسفةٌ خاصَّةٌ في أي فكرٍ، أو أيّ نظامٍ، أو أيّ اتجاه، ولكن المسلم يستقي عقيدته من كتاب الله، ويستقي منهجه من كتاب الله، فأيّ مبدأ، أيّ مذهب وضعي، أيّ فكرٍ وضعي، أيّ نظامٍ وضعي، له أن يُفَلْسِفَ دور المرأة ما يشاء، ولكن البطولة، أو ولكن المُعَوَّل عليه هو النظام الإلهي، نظام خالق الكون، أنت بإمكانك أن تكتُب مبادئ، وتقول: المرأة يجب أن تعمل كذا وكذا وكَذا، هذا كلامك، وهو شيء جميل.
﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ
هذه كلمة تقولها بفمك، لكن يا ترى هل هي مطابقةٌ للواقع؟ هل هي مؤديَّةٌ إلى نتائج عمليَّة إيجابيَّة أم هي مدمِّرة؟ أيّ إنسان بإمكانه أن يقبع في غرفةٍ، وأن يكتب مبادئ، ويقول لك: أنا أرى أن تكون المرأة في الموقع الفلاني، أو الموقع الفلاني، وأن تفعل كذا، وأن تخرج كذا، وأن تعمل كذا، هذا شيءٌ يمكن أن يقوله إنسان، ولكن هذا الكلام يبقى كلام بشر، إن أصاب في جهةٍ يسيرة أخطأ في جهاتٍ كثيرة، وإن دغدغ عواطف فئةٍ من الناس فقد فجَّر مشاعر فئاتٍ كثيرة، ولكن المعوَّل عليه في موضوعٍ خطير كموضوع المرأة هو خالق الكون الذي خلقها، خالق الكون الذي أنزل هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو المعوَّل عليه، لذلك من خلال هذه الآية سوف يتَّضح رأي الإسلام في المرأة، رأي الإسلام يُسْتَقَى من كتاب الله، ويُستقى من تفسير كتاب الله، أي من سنَّة رسول الله، لأن السنَّة في حقيقتها تبيينٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لما أُنزِل إلينا.
الفلاح في تطبيق تعليمات الخالق:
إذاً أنت إذا اشتريتَ آلةً غالية الثمن، عظيمة الفائدة، معقَّدة التركيب، ووقعت في إشكالٍ في استعمالها، لا ترجع إلى جارك الخَبَّاز، مع أن الخبَّاز يقوم بدور خطير في المجتمع، يقدِّم لنا الخُبز لكن لا شأن له بهذه الآلة، لا ترجع إلى صديقك المعلِّم، مع أن المعلِّم يقوم بأمر خطير في حياتنا، ولكن تقول له: أنت لا تعرف، لا شأن لك بهذا، هذه الآلة المعقَّدة التي تعلِّق على عملها فوائد جَمَّة، والتي دفعت ثمنها مبلغاً طائلاً، لا ترجع في أمر تشغيلها، وأمر إصلاحها، وأمر ملابسات عملها إلا إلى صانعها، هكذا تفعل أنت، بل إن الآلة المعقَّدة التي تحرص على أداء وظيفتها، لو جاءك إنسان يحمل دكتوراه بالفلسفة- جارك - لا تلقي له بالاً على عِظَمِ اختصاصه، تقول له ببساطة: هذا ليس من اختصاصك، أنت لا تعرف، هذه آلة ثمنها ثلاثون مليوناً، لها شركة صانعة، ولها مهندسون، ولها نشرات، ولا أستطيع أن أَمُدَّ يدي إلى أجزائها إلا بمعرفة الخبراء.
المرأة نصف المجتمع البشري:
لذلك هذه المرأة التي لها دورٌ خطيرٌ خطير في المجتمع البشري، أولاً: من حيث الحجم نصف البشر من النساء، نصف المجتمع، وثانياً: ليس نصفاً فقط عدديَّاً، بل نصفاً مكمِّلاً للنصف الأول، لا تقوم حياة النصف الأول إلا بالتعاون مع النصف الثاني، وطبيعة المرأة محبَّبةٌ للرجال هكذا قال الله عزَّ وجل:
﴿
وقد يقول علماء النفس: إن أقوى دافعٍ في الجنس البشري، وإن أعمق دافعٍ في الجنس البشري هو الدافع الجنسي، إذا عددناه بعد دافع الطعام والشراب، إذاً صِنْفٌ من البشر يشغل نصف العدد، وله دورٌ خطير ينبغي أن نتعرَّف إلى حقيقته، وإلى وظيفته، وإلى مهمَّته، لا من زيدٍ أو عُبَيْد، لا من فلان أو عِلان، بل من خالق الأكوان.
مرَّةً ثانية: المعوَّل عليه ليس أن تقرأ كتاباً عن المرأة للعالم الفلاني، والفيلسوف الفلاني، والمفكَّر الفلاني، وليس أن تقرأ مبادئ وضعها بنو البشر تدغدغ بها عواطف بعض البشر، لا، العبرة أن تعرف موقف الإسلام، وهو دين الله عزَّ وجل، المستقى من كتاب الله من المرأة، هذه مقدِّمة.
بالشهوات نرقى إلى الله صابرين وشاكرين:
لكن قبل كل شيء، ما دامت الشهوة التي أودعها الله في الرجال متعلِّقَةً بالنساء، فيمكن أن أطرح عليكم المثل التالي، والمثل يوضِّح، والله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ضرب أمثلةً كثيرة؛ هذا السائل الذي يتفجَّر في السيارة- الوقود "البنزين"- هذا سائل أودِع فيه قوَّةٌ انفجاريَّة، هل يمكن أن تضع الماء مكانه فتسير المركبة؟ لا، تريد سائلاً فيه قوة انفجار، إذا أعطيته النار انفجر، اشتعل، وشكَّل ضغطاً، إذاً هذا السائل الذي أُودعَتْ فيه قوَّة الاحتراق الشديد، وبالتالي قوة الانفجار، هذا السائل - دقِّق معي - إذا وضِعَ في مستودعاته المحكمة، وسال في الأنابيب المُحكمة، ووصل إلى مكان الاحتراق الذي أُعِدَّ له، وجاءته الشرارة في المكان المناسب وفي الوقت المناسب اشتعل، وما دام مكان الاشتعال محصوراً، وشكَّل قوَّةً دافعة، هذه القوة رُتِّبَت على شكل متسلسل، بحيث ينشأ عن اندفاع المكابس التي صُمِّمَت على شكل متسلسل قوة دوران مستمرَّة، أنت تركب هذه المركبة، وإلى جانبك زوجتك، وفي المقعد الخلفي أولادك، وفي الصندوق حاجاتك وطعامك وشرابك، وتركب هذه المركبة بقوة الانفجار وقوة الاحتراق، فإذا هي تنقلك إلى أمكنةٍ جميلة تُمضي بها أجمل الأوقات، فقوة الانفجار نافعةٌ أم مدمِّرة؟ قوة نافعة.
وحينما صمَّم الله- إن صحَّ التعبير- وحينما خلق الله، وحينما فطر الله حبَّ النساء الرجال، وجعل طبيعة المرأة؛ بقوامها، وشكلها، وطبيعتها، وأنوثتها محبَّبةً للرجال، كان أصل التصميم أن تكون هذه الشهوة قوَّةً دافعةً إلى الله، لذلك بالشهوات نرقى إلى الله، نرقى إلى الله صابرين تارةً، ونرقى إلى الله شاكرين تارةً أخرى، بالشهوات التي أودعها الله فينا نرقى إلى ربِّ الأرض والسماوات.
المرأة صمِّمت لتكون أُمّاً:
حينما صُمِّمَت المرأة صُمِّمَت لتكون أمَّاً تربي أولادها، وليس في حياة الأولاد شيءٌ يفوق عظمة الأم، في حياتهم طبعاً، قلب الأم لا يوصف، إنسانة تعيش لغيرها، هي الأم، تعيش لأولادها؛ تشقى ليسعدوا، تجوع ليشبعوا، تخاف ليطمئنوا، تموت ليحيوا، هي الأم، حينما صُمِّمت المرأة صُمِّمت لتكون أماً، أو لتكون زوجةً تملأ قلب زوجها سعادةً، تملأ البيت جمالاً، ورِقَّةً، وتألُّقاً بخدمتها لزوجها ولأولادها.
ولكن هذا الوقود السائل لو صببناه على المركبة في غير المكان الصحيح، وجئنا بعود ثقاب وأشعلناه ماذا يحدث؟ تحترق المركبة، وتقتل من فيها، إذاً قوةٌ محرِّكةٌ نافعةٌ إذا وضِعَت في مكانها الصحيح، وسارت في مسارها الصحيح، وانفجرت في مكانها الصحيح، وقوَّةٌ مدمِّرةٌ إذا وضِعَت خارج مكانها الصحيح، وتحرَّكت في غير الطريق الصحيح، وانفجرت في غير المكان الصحيح، هذا ملخَّص الدرس.
المرأة نقطة ضعف الرجل:
المرأة إما قوة نافعة أو قوة مدمرة:
لذلك أيها الأخوة؛ يجب أن نعلِّق أهميَّةً كبيرةً جِداً جداً جِداً على موضوع المرأة، وعلى دورها في الحياة، وعلى وظيفتها الخطيرة التي خُلِقَت لها، فكما أن الوقود السائل وهو غالي الثمن الآن، ولاسيما هذه الأيَّام، وقودٌ نافعٌ يعطيك حركة نافعة، في الوقت نفسه مادَّةٌ خطرة، لو وُضعَت في مكان غير محكم وجاءتها شرارة ربَّما أحرقت بناءً، وربَّما أطاحت بآلاف الأرواح، والمرأة كذلك إما أنها قوةٌ نافعةٌ للمجتمع، وإما أنها قوةٌ مدمِّرة.
موقف الإسلام من المرأة أن المرأة مساوية للرجل تكليفًا وتشريفًا:
الآن إلى الآيات، وقبل أن نصل إلى الآيات، فما موقف الإسلام من المرأة؟ إن المرأة مساويةٌ للرجل تماماً من حيث التكليف، ومن حيث التشريف، هي مكلَّفَةٌ كالرجل، ومشرَّفةٌ عند الله كالرجل، ولا أدلَّ على ذلك من أن الله أمرها بالصلاة كما أمر الرجال، وأمرها بالصوم، وأمرها بالزكاة، وأمرها بالحَجِّ، وأمرها بالإنفاق، وأمرها بطلب العلم، وكلَّفها بكل ما كلَّف الرجل..
﴿
آية ثانية:
﴿
المرأة مساويةٌ تماماً للرجل من حيث التكليف، إذا وضعت امرأةٌ مؤمنةٌ مطيعةٌ لله ورسوله وزوجها في كفَّة، ووضِعَ مئة ألف رجلٍ عاصٍ لله عزَّ وجل في كفَّة، هذه المرأة هي عند الله وعند الناس أرجح من كل هؤلاء الرجال، والله إنّ كل امرأة صالحة وهبت حياتها لزوجها وأولادها، وكانت قدوةً لبناتها، وكانت رحمةً مهداةً لأسرتها، تفضل عند الله مئة ألف ألْف رجلٍ تائهِ شاردٍ ضالٍ مُضِل، في التكليف المرأة مساويةٌ للرجل تماماً، والمرأة مساويةٌ للرجل تماماً في التشريف..
المرأة في العصور الوسطى:
طبعاً عدا بعض التكاليف من حيث الحيض والنفاس، لها تكاليف خاصَّة، أما المرأة في العصور الوسطى فقد كانت تُباع مع أثاث المنزل، يرثها الابن البكر مع إرث أبيه، تورث، والحديث عن تَخَلُّف المرأة في العصور الوسطى حديثٌ يطول، ولا نحبُّ أن نعكِّر صفاءنا بهذه الأحاديث، على كل كانت المرأة في العصور الوسطى تُعامل كالبهائم، وتُباع وتُشترى، وتنتقل بالإرث من إنسان إلى إنسان، والإسلام كرَّمها، ورفع شأنها، وأعطاها حقَّها، فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً؟!
وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى:
ولكن قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ
هذا شيءٌ ثانٍ، مثلاً للتوضيح: آلة تراكس - مجرفة - بقوة مئتي حصان، تقوم بعمل جبَّار، وسيارة سياحيَّة لطيفة، هذه لها وظيفة، وهذا التراكس له وظيفة، إذا أردت أن تذهب إلى نزهة بالتراكس فأنت إنسان أحمق، وإذا أردت أن تهدم بناء بسيارة سياحيَّة فأنت أيضاً أحمق، هذه لها قيمتها، وهذا له قيمته، هذه لها دورها، وهذا له دوره، هذه لها إمكاناتها، وهذا له إمكاناته، أي كل شيء له مكانة، الآلتان جيِّدتان جداً، نافعتان جداً، لكن لكل آلةٍ وظيفة، فإذا قلت: هذه كهذه في كل شيء، هذا منتهى الحمق والغباء، فللرجل دورٌ لا تستطيع المرأة أن تقوم به، وللمرأة دورٌ لا يستطيع الرجل أن يقوم به، من هنا قال تعالى:
الفروق الدقيقة بين الرجل والمرأة:
حينما كنَّا في الجامعة، كان عندنا كتاب ألَّفه رجل فرنسي، وهو عالِم كبير، وهذا الكتاب لدقَّته ولشهرته أصبح يُدَرَّس في معظم جامعات العالَم، فيه فصلٌ خطير لا أزال أذكره، الفروق الدقيقة جداً بين الذكور والإناث، إذا قرأت هذا الفصل الطويل يقشعرُّ جلدك، تشعر أن الخالق حينما خَلَقَ الأنثى صمَّمها تصميماً خاصاً لتكون زوجةً؛ مشاعرها، طريقة تفكيرها، طريقة انفعالها، طريقة تعاملها مع الآخرين، قدراتها الخاصَّة، ذاكرتها، متفوِّقة في الذاكرة، في حفظها، دون الرجل في المحاكمة العقليَّة، رقَّة مشاعرها مع قوة أعصابها، لا مجال في هذا الدرس للإفاضة في الفروق الدقيقة التي أثبتها العلماء - علماء النفس- في الفرق بين الذكر والأنثى، لكن هذه الفروق إذا قرأتها كلَّها، وفهمتها كلَّها، وحفظتها كلَّها، وضغطتها بكلمةٍ واحدة، هي قول الله عزَّ وجل:
دور المرأة من خلال السُّنة النبوية المطهرة:
الآن عندنا شيءٌ آخر، هو أنك إذا قرأت القرآن، وقرأت السنة النبويَّة المطهَّرة، تشعر أن المرأة لها دور خطير، وهي أن تكون زوجةً بادئ ذي بَدْء، لذلك: عن عبد الرحمن بن عوف:
(( إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ. ))
عن زيد بن أرقم :
(( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أحدًا أنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ ؛ لأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها، ولا تُؤَدِّي المرأةُ حقَّ زَوْجِها ؛حَتَّى لَوْ سألَها نَفْسَها على قَتَبٍ لأَعْطَتْهُ. ))
هذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام..
وحينما جاءت امرأة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، قالت: يا رسول الله ذهب الرجال بكل شيء، الجهاد لهم، الاستشهاد لهم، الجنَّة لهم، ماذا بقي لنا نحن؟ أجاب النبي إجابةً شافية، ورد:
الأمومة هي الدافع الأول في المرأة:
حينما كنا في الجامعة، قال لنا أستاذٌ جليل في علم النَفْس: المرأة حينما نافست الرجل في العمل خسرت شيئين، ماذا خسرت؟ شيئين، خسرت السباق، وخسرت أنوثتها.
الآن أردت من هذا الكلام أن أصل إلى أن المرأة إذا عزفت عن الزواج، وكلَّما جاء خاطبٌ رفضته، وأرادت أن تعمل كالرجال، حتى في أقدس الأعمال، حتى في أشرف الأعمال، حتى في الدعوة إلى الله، إذا تركت، عزفت عما خُلِقَت له، وأرادت أن تنافس الرجال حتى في أشرف الأعمال فقد سلكت طريق الرهبانيَّة، ولا رهبانيَّة في الإسلام، أما إذا جمعت بين العملين الشريفين فلا مانع، لأن دافع الأمومة يُعدُّ أقوى دافعٍ في الجنس البشري، معنى أقوى دافع أي الإنسان أحياناً يجعلونه بحاجة إلى ثلاثة دوافع في وقتٍ واحد، يجوع ثلاثة أيام، يُحْرَم من حاجاته الأساسيَّة كلِّها دفعةً واحدة، ثم يوضع أمام حاجاته كلِّها، فإلى أي شيءٍ يتَّجه أولاً؟ يُعد الشيء الأول هو الحاجة الأولى لدى الإنسان، علماء النفس يرون أن حاجة الأمومة هي الحاجة الأولى في الجنس البشري. أي امرأةٌ قرأت الفلسفة، وتعلَّمت، وارتقت في مناصب رفيعة، وفاتها قطار الزواج، رُبَّما بعد حينٍ من الزمن إذا رأت امرأةً تحمل وليدها ذابت نفسها ذوباناً لتكون مكانها، ولا تحمل كل الشهادات التي تحملها، ليس معنى هذا أن تبتعد المرأة عن العلم، لا، ليس هذا قصدي، ولكن دافع الأمومة أي ما من فتاةٍ على وجه الأرض إذا كانت عاقلةً، وقد تلقَّت التوجيه الصحيح إلا وتتمنَّى أن تكون في المكان الصحيح؛ أماً لأولاد، أو زوجةً لرجل أخلاقي يملأ حياتها شُغْلاً، أما التي تعزف عن الزواج، وكلَّما جاءها خاطبٌ تردُّه لتنافس الرجال حتى في أقدس الأعمال فقد خالفت منهج الله، وخالفت سُنَّة رسوله، واتجهت نحو الرهبانيَّة، وأقول لكم: ولا رهبانيَّة في الإسلام.
حوار هادئ حول قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ:
أما معنى قوله تعالى:
الأصل بقاءُ المرأة في بيتها:
معنى:
﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ
هذه الضرورة، والضرورة تقدَّر بقدرها، أيضاً قاعدة أصوليَّة، الأصل في المرأة أن تكون في بيتها، الأصل، أي هي مستقرَّةٌ..
الأصل وجود كل إنسان في مكانه المناسب اجتماعياً وعلمياً:
مثلاً موظَّف تأتيه الساعة التاسعة والربع، والله غير موجود، خير إن شاء الله، تأتي في اليوم الثاني في العاشرة إلا ربعاً، والله ما جاء، وفي اليوم الثالث تأتي إليه الساعة الحادية عشرة، والله لم يأت بعد، وفي اليوم الرابع تأتي إليه الساعة الثانية عشرة، الآن ذهب، تأتي إليه الساعة الثامنة، والله لم يأت بعد، هذا ليس موظَّفاً، يمكن أن يغيب في الأسبوع يوماً، ساعة، لأمر ضروري، أمّا ألا تجده إطلاقاً في الدوام، لأن الأصل في الموظَّف أنه وراء طاولته بالأساس، هذا الأصل، والأصل في الطبيب أنه في عيادته، قال لك: من الخامسة إلى السابعة، أول مرَّة لم تجده، والثانية كذلك، هذا غير معقول، الأصل في الطبيب في عيادته، والأصل في المحامي في مكتبه، والأصل في التاجر في متجره، والأصل في العامل في معمله، والأصل في الفلاح في حقله، والأصل في المرأة في بيتها، هذا الأصل، هذا مكانها الطبيعي، هذا حقل عملها، هذه مملكتها، به يظهر عزُّها، وتظهر أنوثتها، وتظهر براعتها، ويظهر دورها الخطير، لذلك النبي الكريم قال: تتمة الحديث: من صفات المرأة الصالحة أنك إذا نظرت- قد سمعت منكم إليها، وقد سمعت سرته، الحقيقة لا توجد كلمة إليها، فالرواية ليست فيها إليها، فهناك رواية - سرَّتك، معنى هذا إذا نظرت إليها وإلى غرفة النوم، وإلى غرفة المطبخ، وإلى لباس أطفالها، قد تُسَرُّ منها لا إذا نظرت إليها فقط ؛ بل إلى كل شيءٍ في البيت، فعندما أغفل النبي الكريم في رواية ثانية كلمة إليها، فقد وسَّع معنى النظر، إذا نظرت إلى البيت، إلى ترتيبه، إلى نظافته، إلى ثياب أولادها، إلى هيئة أولادها، وإلى نظافتهم- وإذا نظرت سرَّتك- هذا الأصل.
بيت الزوج للمرأة بنص القرآن: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ:
لذلك قال ربنا عزَّ وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ
هناك استنباطٌ رائع من هذه الآية، أن البيت الذي دفع الزوج ثمنه عداً ونقداً، وسُجِّل في السجلات الرسميَّة باسمه، هو في القرآن لها، غريب، دافع الثمن الزوج، وفي السجلات العقاريَّة للزوج، ولو استصدرت بياناً عقارياً باسم الزوج، وهذا البيت في القرآن للزوجة، بمعنى أن البيت يثبّتُ ذاتها، ويُؤكِّد شخصيَّتها..
وهناك معنى آخر يستنبط أنها مستقلَّةٌ به، ولو لم تكن مستقلَّة به لما نُسِبَ إليها فقط..
والمعنى الثالث: أنَّ أيّ زوجٍ أخرج زوجته من بيتها أو من بيته على حدِّ زعمه، أصغر مشكلةٍ، والزوجة عند أهلها تتفاقم، وتتفاقم حتى تنتهي بالطلاق، قد تنتهي بالطلاق، وأكبر مشكلةٍ إذا بقيت الزوجة في بيت زوجها تتلاشى وتتلاشى حتى تنتهي بالوفاق، فلذلك هذا قانون..
البيت هو المكان الطبيعي للمرأة:
النبي عليه الصلاة والسلام حينما جاءته السيدة صفيَّة رضي الله عنها وأرضاها، أتته بالطعام إلى المسجد، علَّمنا ما ينبغي أن نفعله مع النساء، فخرج معها إلى البيت، والقصَّة كانت موضوع درس الأحد السابق، فلمَّا مرَّ أنصاريان ورأيا النبي عليه الصلاة والسلام مع إحدى زوجاته، استحيا وأسرعا، فقال عليه الصلاة والسلام:
(( فعن صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَلَى رِسْلِكُمَا- أي تمهلا وقفا- إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ ، فَقَالَا : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ !!! وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا . ))
إذاً: الأصل في المرأة أنها في البيت، أي هذا الطيار إذا قال لك: أنا مللت من هذا المكان يا أخي، هذا المكان ضيِّق، وأنا ضاقت نفسي، أريد أن أجلس مع الركَّاب، أريد أن أتحادث معهم، أنت عندك ثلاثمئة راكب أمانة في رقبتك، هذا مكانك الطبيعي، مكانك الطبيعي وراء مقود الطائرة حيث الأجهزة والعدَّادات، فما هذا الذي تقوله: أن تأتي إلينا؟ فهذه التي تقول: البيت تضيق به، البيت تضيق نفسها به، هذا هو المكان الطبيعي للمرأة.
لابدّ للمرأة من إشعاع ومصدر علمي:
لكن أما امرأةُ جاهلة فترى القعود في بيتٍ شيء يجنِّن، لابدَّ من أن تكون عالمة، أن تقرأ القرآن، أن تقرأ السنَّة، أن تقرأ السيرة، أن تعلِّم أولادها، أن تكون مصدر إشعاع لأولادها، أما الجهل مع الانحباس فهو شيءٌ لا يحتمل، إذاً لابدَّ من أن تعلِّمها أمر دينها، لابدَّ من أن تُحَفِّظها القرآن، لابد من أن تعلِّمها سنَّة النبي العدنان، لابدَّ من أن تطلعها على تاريخ الصحابيَّات الجليلات، لابدَّ من أن تعلِّمها أصول التربية والتعليم، لابدَّ من أن تُلِمَّ بمبادئ أساسيَّة في الحياة.
حينما يكون للإنسان مصدر علمي، أو منهل علمي، أو مورد علمي، واستمتاع علمي، تعيش المرأة عندئذٍ حياة أُخرى، تصبح زوجةً ورفيقة، فالزوج عندما يجد زوجته حافظة للقرآن الكريم، تفهم آيات الأحكام، تفهم الأحاديث، يتناقش معها، انتقلت في نظرهِ من زوجة لها وظيفة معيَّنة إلى صديقة، وإلى زميلة، وإلى رفيقة، وإلى ما شاكل ذلك.
صورٌ من عظماء النساء عبر التاريخ الإسلامي:
أيها الأخوة الأكارم؛ التاريخ الإسلامي طافحٌ بالقصص التي تتحدَّث عن نساء بلغن مستوى رفيعاً جداً من العظمة.
امرأةٌ أنصاريَّة توفي في معركة أُحُد أبوها وأخوها وزوجها وابنها- لا أعتقد بالمليون حالة تجد حالة مشابهة- أبوها وأخوها وزوجها وابنها، وقد نُمِيَ إليها أن النبي عليه الصلاة والسلام قد قُتِل، فخرجت من بيتها تسأل عن رسول الله، علمت أن أباها قد قُتل، وأن ابنها قد قتل، وأن أخاها قد قُتِلْ، وأن زوجها قد قُتِل، وتقول هذه المرأة المُلْتَاعة: ما فعل رسول الله؟ ولم تطمئن حتَّى رأته بعينها، فلمَّا رأته بعينها، قالت: يا رسول الله كل مصيبةٍ بعدك جلل- أي حقيرة- ما دمت سليماً، وما دمت معافىً، فأية مصيبةٍ حقيرةٌ أمام مصيبتك، هذه امرأة!! نعم هذه امرأة.
نساءٌ صحابيات قبل أن يخرج أزواجهنَّ إلى العمل يقلن له: يا فلان، اتقِ الله فينا، نصبر على الجوع، ولا نصبر على الحرام.
لما خطب القاضي شريح امرأة من أسرةٍ صالحة، ودخل عليها ليلة الزفاف وجد كمالاً وصلاحاً، فقام وصلَّى ركعتين شكراً لله على نعمة الزوجة الصالحة، فلمَّا سلَّمت من صلاتي- هكذا يقول- وجدت زوجتي تصلي بصلاتي، وتسلِّم بسلامي، وتشكر شكري، فلمَّا دنوت منها قالت لي: على رسلك – انتظر- على رسلك يا أبا أميَّة، ثمَّ قامت فخطبت، وقالت: أما بعدُ ؛ يا أبا أميَّة، إنني امرأةٌ غريبة لا أعرف ما تحبُّ ولا ما تكره، فقل لي ما تحبُّ حتى آتيه، وما تكره حتى أجتنبه، ويا أبا أميَّة، لقد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي، ولكن كنت لك زوجةً على كتاب الله وسنَّة رسوله، فاتقِ الله فيَّ، وامتثل قوله تعالى:
﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ
ثمَّ قعدت، قال: فألجأتني إلى أن أخطب، وليس الآن وقت خطبة، فوقفت وقلت: أما بعدُ؛ فقد قلت كلاماً إن تصدقي فيه، وتثبتي عليه يكن لكِ ذخراً وأجراً، وإن تدعيه يكن حجَّةً عليكِ، أُحبُّ كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما وجدتِ من حسنةٍ فانشريها، وما وجدتِ من سيئةٍ فاستريها.
والنبي عليه الصلاة والسلام كان يثني على المرأة المؤمنة يصفها بأنَّها ستِّيرة، والمرأة الفاسقة الفاجرة التي لا يحبُّها رسول الله هي التي تذكر مساوئ زوجها، ورد:" إني أكره المرأة - يكرهها النبي - تخرج من بيتها تشتكي على زوجها"، تقول المرأة: اليوم زوجي جُن وكسّر، هكذا تتكلَّم عليه في بيت أهلها، هذا جن، وفعل كذا، هذه امرأةٌ لا يحبُّها رسول الله، التي تشتكي على زوجها، أو التي تنشر مساوئ زوجها.
قالت: كيف نزور أهلي وأهلك؟ قال شُريح: نزورهم غبَّاً مع انقطاعٍ بين الحينِ والحين، لئلا يملّونا، وقد ورد: "زر غِبَّاً تزدد حبَّاً"، قالت: فمن من الجيران تحبَّ أن أسمح لهنَّ بدخولِ بيتك؟ ومن تكره؟ قال: بنو فلان قومٌ صالحون، وبنو فلان قومٌ غير ذلك، قال: ومضى عليَّ عامٌ جئت إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا - حماته غابت عنه سنة - فلمَّا دخلت رحَّبتُ بها أجمل ترحيب، قالت لي: كيف وجدت زوجتك يا أبا أميَّة؟ قلت: والله هي خير زوجة، قالت: يا أبا أميَّة ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدلَّلة فوق الحدود، فأدِّب ما شئت أن تؤدِّب، وهذِّب ما شئت أن تهذِّب، ثم التفتت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة.
المرأة المؤمنة بطلة، كما قلت قبل قليل: والله لو وُضِعَت امرأةٌ مؤمنةٌ في كفَّة، ووضِعَ في الكفَّة الثانية مئة ألف رجل، ترجح عليهم جميعاً، لأن المرأة مساويةٌ للرجل في التكليف وفي التشريف تماماً.
النبي عليه الصلاة والسلام رأى نساءً يَزُرْنَ المقابر، أن تزور المقابر عمل يُرضى في الدين للموعظة والعبرة، فقال:
صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في دارها:
أيها الأخوة الأكارم؛ الأصل كما قال النبي الكريم: عن أم سلمة:
(( صلاةُ المرأةِ في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حُجرتِها وصلاتُها في مَخدعِها أفضَلُ مِن صلاتِها في بيتِها.))
ما الفرق بين الدار والبيت؟ الدار لها فناء، أما البيت فهو غرفة مسقوفة، فإذا صلَّت في فناء الدار، أو صلَّت في غرفة مسقوفة قال: صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في دارها، وصلاة المرأة في قعر بيتها خيرٌ من صلاتها في بيتها،
﴿
هذه توجيهات الخالق، المُعَوَّل عليه أن تعرف ماذا يريد الله عزَّ وجل؛ من زواجك، ومن بيتك، ومن أسرتك.
الدرس القادم إن شاء الله تعالى إن أحيانا إلى ذلك الوقت..
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين