الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرِنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام، لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرّمه أعظم تكريم، سخّر له الكون تسخير تعريفٍ وترشيدٍ، وهبه نعمة العقل، فطَرَه فطرةً تنزع إلى الكمال، أودعَ فيه الشهوات؛ ليرقى بها صابراً وشاكراً إلى رب الأرض والسماوات، منحه حرية الاختيار، ليُثَمَّن عمله، وأنزل كتاباً أحلّ له فيه الطيبات، وحرّم عليه الخبائث، كل ذلك ليعرف ربه، فيعبده ويسعد بعبادته، وطاعته في الدنيا والآخرة.
وإن الحق، الحق هو الله، لابَسَ خلق السماوات والأرض، والحق هو الشيء الثابت والهادف، يعني إنشاء جامعة شيء ثابتٌ وهادفٌ، تخريج طلابٍ يعدُّون مؤَهَّلون لقيادة الأمة، بخلاف الباطل الذي هو الشيء العابث والزائل، الثابت والهادف الحق، والباطل العابث والزائل.
دائرة الحق تتقاطع فيها أربعة خطوط:
الحق دائرة، تتقاطع فيها أربعة خطوط، الحق هو الله، والحق دائرة تتقاطع فيها أربعة خطوط:
خط النقل الصحيح: قلنا الصحيح؛ لأن هناك نقلاً غير صحيح؛ كحديث موضوع، ضعيف، تالف، خط النقل الصحيح.
وخط العقل الصريح، لماذا قلنا الصريح؟ هناك عقل مُبرمَج لخلاف ما خُلق عليه.
يعني مثلاً: تأتي دولة عظمى إلى دولة شرق أوسطية التصريح الرسمي جئنا لنقل الحرية إليكم، وبالحقيقة جئنا من أجل بترولكم.
خط النقل الصحيح، وخط العقل الصريح،
ثالثاً: خط الفطرة السليمة:
وخط الفطرة السليمة، وخط الواقع الموضوعي، الحق هو الله، والحق دائرة تتقاطع فيها أربعة خطوط، خط النقل الصحيح "الكتاب والسنة"، وخط العقل الصريح، وخط الفطرة السليمة، هناك فطرة منطمسة.
رابعاً: خط الواقع الموضوعي:
وخط الواقع الموضوعي، الموضوعية قيمة أخلاقية وقيمة علمية.
فالنقل الصحيح كلامه -سبحانه وتعالى- مع بيان المعصوم نبيه عليه الصلاة والسلام.
والعقل الصريح: ميزان علمي، أودع الله في الإنسان هذا العقل ليتعرف من خلاله إلى الله الواحد الديان، قال تعالى:
﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) ﴾
العقل ميزان، والفطرة ميزانٌ نفسي، العقل ميزانٌ علمي، والفطرة ميزانٌ نفسي، يعني للتقريب: لو جاء إنسان بطعام نفيس وأكله وحده وأمه في الغرفة الثانية جائعة، لو ما سمع درس علم طيلة حياته يشعر بكآبة لأنه خالف الفطرة، قال الله -عز وجل-:
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7 (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) ﴾
آية دقيقة جداً، يعني ألهمها إن فجرت أنها فجرت، هذه الفطرة، لو ما سألت إنساناً إذا أكلت طعاماً وأمك جائعة تشعر بالكآبة، هذه الكآبة الفطرة السليمة ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا﴾ إن فجرت ألهمها أنها فجرت، وإن اتقت ألهمها أنها اتقت.
والواقع خلق الله تعالى تحكمه القوانين التي قنّنها الله جل جلاله، والسنن التي سنّها الله جل جلاله، ولما كانت هذه الفروع الأربع من أصل واحد من عند الله، يعني الواقع من خلق الله، والكتاب والسنة من وحي الله، والإنسان من خلق الله، هذه الأربعة من أصل واحد فهي متطابقة فيما بينها.
أول كلمة في أول آية في أول سورة:
لذلك –دققوا- أول كلمة، في أول آية، في أول سورة:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) ﴾
يعني اطلب العلم، هذه الطاولة جماد: طول، عرض، ارتفاع، وزن، حجم، فقط.
أما النبات: وزن، حجم، طول،عرض، ارتفاع، إلا أنه ينمو.
والكائنات المتحركة: وزن، حجم، طول،عرض، ارتفاع، وينمو ويتحرك، الهرة تمشي.
أما الإنسان: أخذ من الجماد: وزن، حجم، طول،عرض، ارتفاع، من النبات: النمو، كان طفلاً صار شاباً، من الحركة كبقية المخلوقات يتحرك، إلا أن الله أودع فيه قوة إدراكية، هذه القوة الإدراكية إذا عطّلها لم يفكر في خلق السماوات والأرض، لم يسأل نفسه لماذا نحن في الأرض؟ ما سر وجودنا؟
صفات من عزف عن طلب العلم في القرآن:
هذا عند الله أموات:
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) ﴾
ضربات قلبه 80، والضغط 08/12 ممتاز، عند الله ميت ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ ما دام لم تنتبه لهذا الدين العظيم، لم تفكر في سر وجودك وغاية وجودك، لماذا لم تفكر في الآخرة ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ ، هذه أول صفة، الثانية:
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4) ﴾
خشبة، كلام خالق الأكوان، الثالثة:
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)﴾
دواب، آخر واحدة:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) ﴾
أربع آيات من كتاب الله، هذا الذي عزف عن طلب العلم، يريد مالاً، يريد شهوات، يريد بيتاً فخماً، سيارة فارهة، يريد منصباً رفيعاً فقط، الآخرة لم تدخل في حسابه إطلاقاً مع أن الآخرة إلى أبد الآبدين.
لا بد من إدخال الموت في حساباتنا اليومية:
أخطر شيء بحياتنا الآخرة:
كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت
والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر
كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ.
وإذا حملت إلى القبور جنازة ... فاعلم بأنك بعدها محمول
[ ديوان الإمام علي ]
إخواننا الكرام، أشياء لطيفة مرت معي، يوجد مدير ثانوية أنا أحترمه كثيراً، مرة زاره شخص وقال له: قدم لي التهاني، قال له: لماذا؟ قال له: قدمت طلباً للجزائر ووافقوا لي عليه، ممتاز والراتب خمسة أضعاف، قال لي: عندي أربع إجازات صيفية، خمس سنوات فيها أربع إجازات صيفية، سأذهب بالإجازة الأولى إلى فرنسا، وبالثانية إلى إيطاليا، وبالثالثة إلى النمسا، وبالرابعة إلى إسبانيا- حفظت كلامه 100%، قال له: أعود إلى الشام بعد خمس سنوات، أول عمل سأقوم به بيع بيتي لأنه صغير، وأشتري بيتاً أكبر، وأشتري محلاً لأولادي للتحف، هذه لا علاقة لها بالتموين- حفظت كلامه كلمة كلمة- والله جاملته 50 دقيقة، وانتهى اللقاء وأنا ذهبت لأتابع تدريسي، والله الذي لا إله إلا هو مساء قرأت نعوته، في اليوم نفسه:
كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت
أدخلْ الموت بحسابك ولو كان عمرك 17 سنة، قد يأتي الموت فجأة، هل هيأت نفسك للموت؟ عندك جواب عن كل مبلغ قبضته؟ عن كل سهرة سهرتها؟ عن كل شركة انتميت إليها؟ هيِّئ الجواب فقط:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
إخواننا الكرام، الواقع خلْق الله، القرآن كلام الله، والحديث كلام رسول الله، والواقع خلق الله، تحكمه قوانين قنَّنها الله جل جلاله، وسنن سنَّها الله -عز وجل-، هذه الفروع الأربعة من أصل واحد، من الله، إذاً هي متطابقة فيما بينها.
لذلك:
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) ﴾
اقرأ، ماذا تعني؟ اطلب العلم، اقرأ، هذا مفتاح العلم، أنت مخلوق أول، مخلوق مُكرّم، مخلوق مُقرّب، مخلوق مُحاسَب مُعاقَب، هذه هويتك، فلا بد من طلب العلم فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً.
الله -عز وجل- بتعبير معاصر سرّب لنا بعض كلمات أهل النار:
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) ﴾
إذاً أزمة علم فقط، قرآن ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ ﴿نَسْمَعُ﴾ أي حضر درساً، أمّا ﴿نَعْقِلُ﴾ فكّر، إما أن تأخذ العلم جاهزاً من داعية أو تفكّر ﴿لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ فلذلك: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ هناك كتابة، معنى كتابة أن هناك إنسان لم يحضر الدرس، ولكنه سمعه، أو قرأ نصه، الكتابة شيءٌ مُلازمٌ للعلم، ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ .
إذاً: اقرأ في اللغة: إن الفعل إذا حُذِف مفعوله اقرأ ماذا؟ اقرأ هذا الكتاب واضحة، اقرأ هذه الوصية واضحة، اقرأ لما حذفنا مفعوله أُطلِق الفعل، اقرأ كتاباً ينفعك، اقرأ كتاباً يعرّفك بمنهج الله -عز وجل-، ما دام هناك اقرأ والمفعول حُذف أُطلِق الفعل.
فأول شيء الكون كتاب، وكلام النبي الكريم وحي
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) ﴾
فالكون قرآن صامت، والقرآن كونٌ ناطقٌ، والنبي الكريم قرآنٌ يمشي ، الكون قرآنٌ صامتٌ فيه مجراتٌ وكواكبٌ وشمسٌ وقمرٌ، فيه شيءٌ يكاد لا يُصدَّق، فالكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قرآن يمشي،
(( سُئِلَتْ عائِشةُ عن خُلُقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: كان خُلُقُه القُرآنَ. ))
[ المسند لشعيب عن عائشة أم المؤمنين ]
الآن تعليق مني: مالم يرَ الناس اليوم إسلاماً يمشي أمامهم، إن حدّثك صادقٌ، إن وعدك أمينٌ، إن استُثيرَت شهوته فهو عفيفٌ، هكذا إن عاملك أمين، حدّثك عفيف، وهكذا.
أيها الإخوة الكرام، النبي الكريم قرآن يمشي، ونحن نريد الآن إسلاماً يمشي، يعني إنسان مؤمن، دخله حلال، إنفاقه حلال، لقاءاته حلال، حُرفته مشروعة، وتعامل معها بطرق شرعية، طبّق المنهج كله، استحق نعمة الله.
اقرأ أول كلمة، في أول آية، في أول سورة، فالقراءة لدينا قراءة إيمانية: تقرأ القرآن لتعرف الواحد الديان، تقرأ سنة النبي العدنان، تقرأ قصص الصحابة الكرام، اقرأ كلاماً تنتفع به، قصة 800 صفحة، وبعدها؟ شيء ممل، أي قراءة لا ترتقي بك إلى الله مضيعة وقت والله، تجد قصة 800 صفحة استغرقت معه شهراً ليقرأها كلمة كلمة، ماذا استفاد منها؟ تزوج وخانته زوجته...كل القصص هكذا، لا يوجد شيء فني إلا فيه خيانة زوجية، الخيانة 1 بالمليون، ستصبح 1% الانترنت خطير جداً، حالة تقع بالمئة ألف واحدة لما شاهدتها بكثرة انتشرت، دللت شخصاً لا دين فيه وقلت له: افعل كذا، الآن الإعلام خطير، وأنا أقول كلمة دقيقة: يوجد تعتيم إعلامي، ويوجد تلميع إعلامي، ويوجد تضليل إعلامي، يعني سابقاً كان هناك سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية، وقضائية، الآن يوجد إعلام، يوجد تعتيم إعلامي، ويوجد تلميع إعلامي، ويوجد تضليل إعلامي.
القراءة الإيمانية تنتهي إلى الإيمان بالله موجوداً، وواحداً، وكاملاً، خالقاً، ومربياً ومُسيِّراً ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ القراءة مقدور عليها بدليل من أنها تنطلق من أقرب شيء من الإنسان، من نفسه التي بين جنبيه ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾
﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) ﴾
ثانياً: قراءة شكر وعرفان:
الآن لدينا قراءة ثانية: القراءة الثانية: قراءة شكر وعرفان، الأولى: بحث وإيمان، الثانية: شكر وعرفان، منحك نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الهدى والرشاد، ثلاث نعم كبرى.
الإيجاد: أمسكْ كتاباً طُبعَ قبل ولادتك، أثناء طباعته من أنت؟ أنت لا شيء، الدليل:
﴿ هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) ﴾
فأنت حادث، لست قديماً، الإله العظيم قديم، أنت حادث، وبعد فترة يموت الإنسان، ولا تصدق أنك بعد حين تُنسى نهائياً، حتى ثيابه تُوزَّع حتى لا يذكرونه، كل الأسر هكذا، مات المرحوم كل بدلاته وكل حاجاته تُوزَّع؛ حتى إذا شاهدوها لا يذكرونه، يكون المرحوم هو الذي اشترى البيت وتعب حتى استطاع شراءه، وأسسه وعمل به عملاً مذهلاً، انتهى.
كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت
والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر
والله الذي لا إله إلا هو أخ كريم يعمل في التدريس حدثني عن مشروع لعشرين سنة قادمة، تفاصيل مملة، فأنا كنت جالساً معه بجلسة معينة، وانتهى اللقاء، وذهبت إلى البيت، مساء قرأت نعوته، في اليوم نفسه.
كل مخلوق يموت ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت
والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر
كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ.
وإذا حملت إلى القبور جنازة ... فاعلم بأنك بعدها محمول
إذاً: أول قراءة: قراءة بحثٍ وإيمانٍ، ثاني قراءة: قراءة شكرٍ وعرفان: منحك نعمة الإيجاد، ونعمة الهدى والرشاد.
فهم أسماء الله الحسنى جزء من الدين:
الآن، يوجد نقطة دقيقة جداً؛ أن الله عز وجل:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) ﴾
الله له أسماء حسنى، أنا اجتهادي المتواضع فَهمُ هذه الأسماء جزء من الدين، هو الخالق، المسيِّر، العليم، الحكيم، أسماء الله الحسنى ادعُه بها، تعلّمها، وهذا الشيء مبذول من فضل الله -عز وجل- أنا لي سلسلة عبارة عن مئتي درس تقريباً، بكبسة زر ابحث عن الأسماء الحسنى تجدها كلها، كل اسم درسان، هذا بين أيديكم، يعني ألف قصة لا تلزمك، وألف فيلم لا يرتقي بك، تعلّم علماً، والآن العلم مبذول بشكل غير معقول، يعني بكبسة زر تأخذ معلومات كثيرة جداً.
إخواننا الكرام، مرة ثانية: إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً.
يعني كما قلت لكم قبل قليل: سرّب الله لنا أقوال الكفار يوم القيامة ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ يعني العلم ليس شيئاً تحسينياً، شيئاً بنائياً، أنت بلا علم لا شيء، كم كائن هناك؟ يأكل ويشرب وبعدها يموت، معظم الناس تعيش من قلة الموت كما يقال، لماذا جيء بك إلى الدنيا؟ ما سبب وجودك؟
﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ﴾
هذا الموت حق، باجتهادي المتواضع: التفكُّر بالموت جزء من الدين، بيت فخم، لكن هذا البيت مؤقت" وسيشيع إلى مثواه الأخير" ما اسم البيت الحالي إذاً؟ مثوى مؤقت، فلا بد من إدخال الموت في حساباتنا اليومية، هذه الصفقة ترضي الله؟ هذه السهرة ترضي الله؟ هذا المبلغ الذي قبضته يرضي الله؟ أُحاسَب عليه؟
عندما تدخل محاسبة الله لك تكون أذكى إنساناً في الأرض، هذا اللقاء لا يرضي الله، أن تكون عضواً بهذه الشركة لا يرضي الله لأن فيها ربا، لا تتحرك حركة عشوائية، تحرك حركة هادفة، محّص، دقّق، اتخاذ الصديق قد يكون الصديق منحرف جداً.
شخص أرسل ابنه إلى مكان ليدرس، وقع مع صديقه بشبه جريمة وأُعدِم هناك بشرقي آسيا، والأب والأم مُدرِّسا تربية إسلامية، وأرسلا ابنهما للدراسة، لكن ابنهما زلّت قدمه هناك، واستحق الإعدام ومات.
الإنسان المخلوق المُكرَّم:
فالقضية غير سهلة، الموضوع أنك رب أسرة، البنت ملتزمة، محجبة، الابن ملتزم، هذا معنى أب، يقول لك: أنا خرجت من البيت قبل أن يستيقظوا، وعدت بعدما ناموا، أنت بهذه الحالة لست أباً إطلاقاً، لا بد أن يكون هناك وقت من وقتك مخصص لتعرف ابنك ماذا فعل، من هو صديقه، سأقول لكم كلمة لكنها خطيرة، من يوجه الإنسان؟ أبوه، أمه، ممكن عمه، وخاله، وإن كانت بنت عمتها وخالتها، وأستاذ التربية الإسلامية في المدرسة، كل هذه الجهات التعليمية بحياة الإنسان، سمع درساً بالتلفاز مثلاً، سمع خطبة جمعة، كل هذه الإسقاطات قيمتها 45%، ورفيق السوء 55%، أنا أقول للآباء والأمهات: يجب أن تعرف من هو صديق ابنك، لأنك كأب وأنت كأم، والعم والخال، وأستاذ التربية الإسلامية، وخطيب الجمعة، كل الجهات التوجيهية قيمتهم 45%، ورفيق السوء 55%، يجب أن تعرف أيها الأب من هو صديق ابنك، ويجب أن تعرفي أيتها الأم من هي صديقة ابنتك.
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)﴾
أنت مُكرّمَ، المخلوق الأول، والمُكرَّم، والمُكلَّف، والمُحاسَب والمُعاقَب:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)﴾
أما تتمة الآية تُقرأ قراءتان: ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ ؟ استفهام إنكاري، يعني إذا أب عنده عشرة أولاد، وهو ميسور جداً، لكل ابن بيت وسيارة وزواج، قال لأولاده: إذا أحد منكم يحضر دكتوراه بإدارة أعمال من بلد بعيد أعطيه نصف المعمل، وإن لم يحضرها أتركه متسوِّلاً، لا يوجد حل وسط.
رُكّب الملك من عقل بلا شهوة، ورُكّب الحيوان من شهوة بلا عقل، ورُكّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
أنا أضيف لها كلمة ثانية: دون أحقر حيوان، أنت مخلوق للجنة، أنت إنسان مُكرَّم، مُكَلَّف، مُفضَّل، اعرف من أنت، أنت المخلوق الأول، والدليل: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ استفهام إنكاري، لا لم يكن ظلوماً جهولاً، كان طموحاً، أما إذا نسي الأمانة، واتبع شهواته صار تقريري ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ .
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهنّا، آثرنا ولا تُؤثِر علينا، أَرضِنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين
الملف مدقق
