وضع داكن
22-02-2025
Logo
الأردن - عمان - جامع التقوى - دروس صباحية - الدرس : 020 - الفوز العظيم
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 

قرار الإنسان في شأن مصيره لا تنقضه الأيام إذا كان صادراً عن إرادة وإيمان : 


أخواننا الكرام ؛ هناك مقولة دقيقة جداً : إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّمَا تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان ، مقولة مريحة جداً : إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان .
يوجد قصة مؤثرة جداً أن إنساناً في مصر ، يسكن في الحدود بين مصر والسودان ، أرسل ابنه إلى جامعة الأزهر لينال العالمية ، وعاد بعد سبع سنوات يحمل هذه الشهادة ، وشيء طبيعي جداً عُيّن خطيباً في بلدته ، والبلدة على حدود السودان ، لفت نظر الناس أن والده يبكي بكاءً مراً ، ظن الناس جميعاً أن هذا البكاء فرحاً بابنه الأزهري ، يحمل شهادة الأزهر ، الحقيقة بخلاف ذلك ، بكى أسفاً على جهله ، والقصة قد لا تصدق .
في اليوم التالي ركب حمارته ، وتوجه نحو الشمال ، يسأل من حين لآخر : أين الأزعر ؟ ما الأزعر ؟ المكان الذي يتعلمون فيه ، أزهر وليس أزعر ، وصل بعد شهر إلى القاهرة وعمره 55 سنة ، وتعلم القراءة والكتابة ، وما مات إلا شيخ الأزهر ، أعلى منصب ديني في العالم الإسلامي ، وما مات إلا شيخ الأزهر ، زكريا الأنصاري ، سمعت قصته من عالم جليل في الشام ، وقد توفي رحمه الله .
إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان .
شخص دخل المدرسة وجد صعوبة كبيرة في النجاح فترك الدراسة ، جالس في بيته رأى نملة تصعد الحائط ، وقعت ، أعادت الكرة ثلاثاً وأربعين مرة فاستحى منها وتابع الدراسة .
إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان .
كنت مرة في أمريكا ، حدثني إنسان عن قصة يصعب تصديقها ، شخص يعيش في ألاسكا ، في الثلج فقط ، لا يوجد غير الثلج ، قال : يا ترى هل يوجد إله لهذا الكون ؟ سؤال ، وهو بلا عمل ، وجد فرصة عمل بكندا ، انتقل إلى كندا ، عندهم فرع بالشرق الأوسط ، عينوه بالفرع سكن إلى جانبه عالم جديد ، صار بينهما حوار ، لقاء ، وأسلم على يده .
إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان .
 

شمائل النبي صلى الله عليه وسلم :


هذه مقدمة ، نحن في عيد المولد ، يوجد بعض الكلمات المؤثرة ، شخص خاطب النبي الكريم قال له :
يا سيدي يا رسول الله ! يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ ، يا من قدست الوجود كله ، ورعيت قضية الإنسان ، يا من زكيت سيادة العقل ، ونهنهت غريزة القطيع ، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع فعشت واحداً بين الجميع ، يا من أعطيت القدوة ،   وضربت المثل ، وعبّدت الطريق ، يا من كانت الرحمة مهجتك ، والعدل شريعتك ، والحب فطرتك ، والسمو حرفتك ، ومشكلات الناس عبادتك .
يا من كان لسان حالك يقول : المعرفة رأس مالي ، والعقل أصل ديني ، والحب أساسي ، والشوق مركبي ، وذكر الله أنيسي ، والثقة كنزي ، والحزن رفيقي ، والعلم سلاحي ،  والصبر ردائي ، والرضا غنيمتي ، والزهد حرفتي ، واليقين قوتي ، والصدق شفيعي ، والطاعة حسبي ، والجهاد خلقي ، وجعلت قرة عيني في الصلاة .
يا سيدي يا رسول الله ! أشهد أن الذين بهرتهم عظمتك لمعذورون ، وأن الذين افتدوك بأرواحهم لهم الرابحون ، أي إيمان ، وأي عزم ، وأي مضاء ، أي صدق ، وأي طهر  وأي نقاء ، أي تواضع ، وأي حب ، وأي وفاء ؟ يوم كنت طفلاً عزفت عن لهو الأطفال ، وعن ملاعبهم ، وأسمارهم ، وكنت تقول لأترابك إذا دعوك إلى اللهو : أنا لم أخلق لهذا .
هذا كلام النبي الكريم يوم كان طفلاً .
ويوم جاءتك رسالة الهدى ، وحملت أمانة التبليغ قلت لزوجتك خديجة ، وقد دعتك إلى أخذ قسط من الراحة ، قلت لها : انقضى عهد النوم يا خديجة .
يوم فتحت مكة التي آذتك ، وأخرجتك ، وكادت لك ، وائتمرت على قتلك ، وقد ملأت راياتك - أي أعلامك - الأفق ظافرة عزيزة ، قلت لخصومك : اذهبوا فأنتم الطلقاء .
ويوم دانت لك الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها ، وجاء نصر الله والفتح  ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً ، صعدت المنبر ، واستقبلت الناس باكياً ، وقلت لهم : من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه ، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه .
ويوم دخلت على ثوبان ، ذلك الغلام الفقير ، فرأيته يبكي فسألته : ما يبكيك يا    ثوبان ؟ قال : يا رسول الله ! إنك إن غبت عني أشتاق إليك ، فتبكي عيناي ، فإذا تذكرت الآخرة ، وأنني لن أكون معك في الجنة ، حيث أنت في أعلى درجاتها ازداد بكائي ، عندئذٍ هبط الأمين جبريل أمين وحي السماء في قوله تعالى :

﴿  وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً (69)﴾  

[ سورة النساء ]

ويوم أقبل عليك رجل فظ غليظ القلب ، لم يكن قد رآك من قبل ، غير أنه سمع أن محمداً يسب آلهة قريش ، فحمل سيفه ، وأقسم ليسوين حسابه مع محمد ، ودخل عليك ، وبدأ حديثه عاصفاً مزمجراً ، وأنت تبتسم ، وتنطلق مع بسماتك أطياف نور آسر ، وما هي إلا لحظات حتى انقلب الغيظ المتجهم حباً ، يكاد من فرط الوجد والحياء أن يذوب ، وانكفأ على يديك ودمعه ينهمر من عينيه ، ولما أفاق قال لك : يا محمد ! والله لقد سعيت إليك وما على وجه الأرض أبغض إليّ منك ، وإني لذاهب عنك وما على وجه الأرض أحب إليّ منك ، لقد أشرقت على هذا الرجل أنوار الحق ، ومحبة الخلق الكامنة في قلبه الشريف ، ففعلت في قلب الرجل فعل السحر ، إنها النبوة ، إنها الرسالة .
ويوم غضب صلى الله عليه وسلم ، ويوم غضبت يا رسول الله من غلام لك ، كان بيدك سواك ، فقلت له : والله لولا خشية القصاص لأوجعتك بهذا السواك .
يا سيدي يا رسول الله ! نحن بأمس الحاجة يا رسول الله إلى هديك الرباني ، الذي لا تزيده الأيام إلا رسوخاً وشموخاً ، ونحن بأمس الحاجة إلى سنتك المطهرة التي هي المنهج القويم والصراط المستقيم ، ونحن في أمس الحاجة إلى أخلاقك العظمى التي لا يزيدها التأمل والتحليل إلا تألقاً ونضارة ، لقد كنت بحق بين الرجال بطلاً ، وبين الأبطال مثلاً ، حيث قلت لابنتك فاطمة الزهراء ، رضي الله عنها : يا فاطمة بنت محمد ، أنقذِي نفسك من النار ، أنا لا أغني عنك من الله شيئاً ، لا يأتيني الناس بأعمالهم ، وتأتوني بأنسابكم ، من يبطئ به عمله ، لم يسرع به نسبه .
ما من كلمة تقال في شمائلك أبلغ من كلمة سيدنا جعفر بن أبي طالب ، ابن عمك رضي الله عنه ، يوم كان في الحبشة مهاجراً وسأله ملكها النجاشي عنك فقال :
أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف صدقه ، وأمانته ، وعفافه ، ونسبه ، فدعانا إلى الله لنوحده ، ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث   وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وشهادة الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، خاطبك ربك فقال :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (46)﴾

[ سورة الأحزاب ]

 

صفات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :


يا سيدي يا رسول الله ! لقد دعوت إلى الله ، وتلوت على قومك آيات الله ، وعلمتهم الكتاب والحكمة ، وزكيت الذين آمنوا بك ، وساروا على نهجك ، حتى صاروا أبطالاً ، رهباناً في الليل ، فرساناً في النهار ، يقومون الليل إلا قليلاً ، ينفقون أموالهم سراً وعلانية ، يدرؤون بالحسنة السيئة .

﴿  الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)﴾

[ سورة المؤمنون ]

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)﴾

[  سورة المؤمنون ]

﴿  وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64)﴾

[   سورة الفرقان ]

هم تائبون عابدون ، حامدون سائحون ، راكعون ساجدون ، آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ، حافظون لحدود الله :

﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾

[   سورة المائدة ]

إذا قال لهم الناس :

﴿  الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)﴾

[   سورة آل عمران ]

﴿  مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)﴾

[   سورة الأحزاب ]

﴿  الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (39)﴾

[  سورة الأحزاب ]

﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)﴾

[  سورة الحشر ]

﴿  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)﴾

[  سورة الأنفال ]

﴿  وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)﴾

[  سورة آل عمران ]

﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)﴾

[  سورة المائدة ]

﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)﴾

[  سورة المائدة ]

أحبوا الله وأحبهم .

﴿ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)﴾

[  سورة البينة ]

يا سيدي يا رسول الله ! لقد عرفت قيمة الوقت ، فجعلته ظرفاً لبطولات تعجز عن صنعها الأمم والشعوب ، حتى أقسم الله بعمرك الثمين فقال تعالى :

﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) ﴾

[ سورة الحجر ]

 

حاجة المسلمين اليوم للاصطلاح مع الله والاقتداء بالنبي :


يا سيدي يا رسول الله ! ما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يصطلحوا مع الله ، مع ربهم ويخلصوا له دينهم ، ويهتدوا بهدي ربهم ، ويهتدوا بهديك العظيم ، ويتبعوا سنتك المطهرة ثم يدعون بدعائك فلعل الله يخرجهم من الظلمة ، ويكشف عنهم الغمة ، وينصرهم على عدوهم .
يا ذا القلب الزكي ، يا من لا تفلت منك شاردة من آمال الناس وآلامهم إلا لبيتها وأعطيتها من ذات نفسك كل اهتمام وتأييد .
يا أيها العابد الوهاب ، يا من تقف في صلاتك تتلو سوراً طويلة من القرآن في انتشاء وغبطة ، لا تقايض عليها ملء الأرض ذهباً ، ثم لا تلبث أن تسمع بكاء طفل رضيع كانت أمه تصلي خلفك في المسجد ، فتضحي بغبطتك الكبرى ، وحبورك الجياش ، وتنهي صلاتك على عجل رحمةً بالرضيع .
يا من سويت نفسك مع أصحابك في بعض الغزوات ، فتناوبت واثنان منهم على راحلة ، فلما طُلب منك أن تبقى راكباً قلت لهما : ما أنتما بأقوى مني على السير وما أنا بأغنى منكم عن الأجر .
يا من كنت ترتجف حينما ترى دابة تحمل على ظهرها فوق ما تطيق .
 

النبي الكريم رحمة للعالمين :


يا من أرسلك الله رحمةً للعالمين فقال :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) ﴾

[   سورة الأنبياء ]

وزكى عقلك فقال :

﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)  ﴾

 

[ سورة النجم ]

وزكى لسانك فقال :

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) ﴾

[   سورة النجم ]

وزكى شرعك فقال :

﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)  ﴾

[ سورة النجم ]

وزكى جليسك فقال :

﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ﴾

[ سورة النجم  ]

وزكى فؤادك فقال :

﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) ﴾

[ سورة النجم  ]

وزكى بصرك وقال :

﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) ﴾

[ سورة النجم  ]

وزكى خلقك فقال :

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ( 4 ) ﴾

[  سورة القلم  ]

وأقسم بعمرك الثمين فقال : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) 
نشهد أنك أديت الأمانة ، وبلغت الرسالة ، ونصحت الأمة ، وكشفت الغمة ،  ومحوت الظلمة ، وجاهدت في الله حق الجهاد ، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد .
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيد البشر ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، الذين رباهم النبي الكريم تربية حملت أحدهم على أن يقول : والله لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً ، ولو علمت أن غداً أجلي ما قدرت أن أزيد في عملي .
ونحن نقول اليوم مع من قال : يا سيدي يا رسول الله ما أعقلك ! وما أرحمك ! وما أوصلك ! وما أحكمك ! 
جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته ، لقد كنت رحمة مهداة ، ونعمة مجزاة وصلى الله عليك ، هذه شخصية النبي عليه الصلاة والسلام ، هو سيد الخلق ، وحبيب الحق ، سيد ولد آدم ، هذا الإنسان قدوة لنا ، قدوة لنا جميعاً ، أي :

﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( 33 ) ﴾

[ سورة الأنفال ]

ما دمت فيهم في حياتك ، وما داموا يطبقون سنتك بعد وفاتك هم منتصرون دائماً    ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) .
 

الفوز العظيم هو معرفة النبي واقتفاء أثره وتطبيق سنته :


أخواننا الكرام ؛ هذا النبي سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم ، الله عز وجل قال :

﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)﴾

[   سورة الحشر ]

هذا النبي الكريم يُطاع استقلالاً ، ما معنى استقلالاً ؟ هل يوجد حديث لا يوجد بالقرآن شيء يشابهه ، يُطاع استقلالاً ، أما أولو الأمر فيطاعون تبعاً ، النبي وحده يُطاع استقلالاً .
فلذلك أخواننا الكرام ؛ أن نعرف هذا النبي الكريم ، أن نقتفي أثره ، أن نطبق سنته ، هذا هو الفوز العظيم .
للتقريب : طفل صغير عمره ثماني سنوات ، أعطاه عمه خمسة دنانير بالعيد ، وعمه الثاني خمسة ، وخاله خمسة ، وخاله الثاني خمسة ، مجموعهم عشرون ديناراً لطفل عمره ثماني سنوات ، يقول : معي مبلغ عظيم ! صح ، فإذا قال رئيس دولة عظمى : أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً 200 مليار ، فإذا قال الله عز وجل :

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)﴾

[  سورة النساء ]

 

أزمة أهل النار أزمة علم فقط :


الله عز وجل سرب لنا بعض أقوال أهل النار في النار :

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)﴾

[   سورة الملك ]

إذاً أزمة علم ، أزمة علم فقط ، يوجد ثمانية مليار إنسان هل فيهم واحد يحب الفقر ؟ يحب المرض ؟ يحب القهر ؟ أبداً ، فيهم واحد لا يحب أن يكون في وسعة من ماله  وناجحاً بزواجه وأولاده أبرار وبناته محتشمات ؟ نحن جميعاً ، البشرية جميعاً تنتظمها قوانين .
 

الفرق بين الفلاح والنجاح :


لذلك البطولة ، والنجاح ، والفلاح ، مع الأسف الشديد لم ترد كلمة نجاح إطلاقاً في القرآن ، لأن النجاح أحادي ، بيل غيتس يملك ثلاثة وتسعين ملياراً ، هذا نجاح ، مؤسسة أبل سبعمئة مليار ، هذا نجاح ، النجاح أحادي ، الفلاح شمولي ، الفلاح أن تعرف الله ، وأن تعرف منهجه ، وأن تطبق منهجه ، وأن تقطف ثمار هذا التطبيق ، هذا جانب ، أن تنجح في اختيار زوجتك ، اخترتها ذات طاعة لله ، ودين ، أن تنجح في تربية أولادك ، أن تنجح في اختيار حرفتك ، أن تنجح في الانضباط في التعامل معها ، الفلاح شمولي ، نجحت مع الله معرفة ، وعبادة ، وطاعة ، وتقرباً ، ودعوة ، نجحت في بيتك ، البيت منضبط ، لا يوجد شاشة متفلتة ، لا يوجد سهرة مختلطة ، لا يوجد أشياء لا ترضي الله ، نجحت مع الله معرفة ، وعبادة ، وطاعة ، وتقرباً ، ودعوة ، نجحت في اختيار زوجتك ، نجحت في تربية أولادك ، نجحت في تربية بناتك ، نجحت في اختيار حرفتك ، يوجد حرف لا ترضي الله ، أصلها غلط ، وهناك حرف ترضي الله ، الآن حرفة ترضي الله لا يوجد فيها كذب .
أحياناً المعلبات فيها مادة مضادة للسرطان ، بنزوات الصوديوم ، مسموح وضع ثلاثة بالألف ، يوجد معامل تضع ثلاثة بالمئة ، ارتفع السرطان بالبلد ، شي مخيف ، منهج الله يبدأ من العلاقات الأسرية وينتهي بالعلاقات الدولية ، يوجد مواد غذائية التي يغلب عليها البياض أغلى ، حتى يصبح الغذاء أبيض اللون يحتاج إلى مواد مسرطنة اسمها بنزوات الصوديوم مسموح واحد بالألف ، يضعون عشرة بالألف ، صار عندنا سرطانات .
 

الدين منهج شمولي عميق :

 
الدين ليس في المسجد ، في عملك ، في بيتك ، في اختيار زوجتك ، في تربية بناتك ، في تربية أولادك ، في اختيار حرفتك ، الدين يبدأ من أخص خصوصيات الإنسان من العلاقات الأسرية ، وينتهي بالعلاقات الدولية ، هذا هو الدين ، الدين منهج شمولي عميق ، فيه تبحر ، فيه تعمق ، فيه وصول إلى كل حاجات الإنسان .
 المسلم إنسان آخر والله لا أحنث بهذا القسم أكثر من ألف بند ينفرد بها المؤمن ، بعلاقاته ، باختيار حرفته ، بتجارته ، بلقاءاته ، بسهراته ، بأمسياته ، برحلاته ، بنزهاته ، يوجد منهج ، يوجد افعل ولا تفعل ، خالق الأكوان يأمر بكذا ، انتهى الأمر ، لذلك :

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) ﴾

[ سورة الأحزاب  ]

عظيم من العظيم ،  من خالق السماوات والأرض ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) .

والحمد لله رب العالمين

الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور