وضع داكن
18-07-2024
Logo
الأردن - عمان - جامع التقوى - دروس صباحية - الدرس : 017 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علة خيرية هذه الأمة :


أيها الأخوة الكرام ؛ بادئ ذي بدء : الله عز وجل حينما قال :

﴿   كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)﴾

[ سورة آل عمران  ]

معنى كنتم عند علماء اللغة أي أصبحتم ، أصبحتم بهذه البعثة ، بهذا النبي الأول ، سيد الخلق وحبيب الحق ، بهذه البعثة ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) الأمة الأولى في العالم ، آية رائعة .
 لكن البطولة تتتابع ( كُنْتُمْ ) أي أصبحتم ( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) ما علة الخيرية ؟ ما سبب الخيرية ؟ قال : ( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) لا بذكاءٍ ولكن بإيمان ، أحياناً الآخر ذكي جداً يعمل أعمالاً رائعة ، همه مصلحته ، همه المال ، فهناك استقامة أساسها الذكاء كما في العالم الغربي أحياناً ، أما حينما يتعرض لعدوان على مصالحه فيبدو وحشاً .
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) هذه الخيرية ( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) لا عن ذكاء وسياسة ، بل عن إيمانٍ بالله ( وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) .
قال بعض العلماء : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الفريضة السادسة ، فإن لم نأمر بالمعروف ولم ننهَ عن المنكر فقدنا خيريتنا ، أصبحنا أمة كأية أمة خلقها الله ، لا شأن لنا عند الله ، لا مكانة لنا عند الله ، لا امتياز لنا عند الله ( كُنْتُمْ ) بهذه البعثة ، أصبحتم ( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) علة الخيرية ، سبب الخيرية ( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )   فإن لم نأمر بالمعروف ، ولم ننهَ عن المنكر فقد خيريتنا كأمة ، نحن الآن أمةٌ كأي أمة خلقها الله ، لا وزن لنا عند الله ، لهم :

﴿  وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)﴾

[ سورة الأنعام  ]

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105) ﴾

[ سورة الكهف  ]

هذا الواقع ، والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، الذي معه شيك مزور إذا قدمه إلى مصرف يلقى في السجن مباشرة ، فإذا علم أنه مزور في وقت مبكر أليس خيراً  له؟ 
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) إن لم تأمروا بالمعروف ، ولم تنهوا عن المنكر كلام النبي الكريم .

((  عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كيف بكم إذ فَسَقَ فِتْيانُكم ، وطغى نِساؤُكم ؟ قالوا : يا رسول الله ، وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأشدُّ ، كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر ؟ قالوا : يا رسول الله  وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأشدُ ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف ؟ قالوا : يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأَشدُّ كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكرا والمنكرَ معروفا . ))

[ أخرجه زيادات رزين  ]

قالوا : يا رسول الله وإن ذلك لكائن ؟ أي معقول ؟! قال : نعم ، وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ قال : كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف ؟ صعقوا ! أو كائن ذلك ؟ قال : وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ قال : كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً .
 

تبدل القيم أخطر شيء بحياتنا :


أخطر وقت بحياتنا تبدل القيم ، مثلاً :

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

***

هذا أهجا بيت قالته العرب ، الآن شعار كل إنسان ، أهجا بيت قالته العرب  استحق قائله الجلد ، الآن شعار كل إنسان ، بيتك واسع ، دخلك كبير ، مركبتك جاهزة ، لو المسلمون يعانون ما يعانون لا يهمك ، أخبارهم تراها على الشاشة ، تتسلى فيها ، كلام دقيق وخطير .
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) فإن لم تأمروا بالمعروف ، ولم تنهوا عن المنكر (( أو كائن ذلك ؟ قال : وأشد منه سيكون ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف ؟ )) صعق الصحابة (( أو كائن ذلك ؟ قال : وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ قال : كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً  والمنكر معروفاً ؟ ))  

الأخوة الإيمانية تقتضي التناصح :


تقتضي الأخوة الإيمانية التناصح ، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام :

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : المؤمنُ مِرْآةُ المؤمنِ ، والمؤمنُ أخو المؤمنِ ، يَكُفُّ عليه ضَيْعَتَهُ ، ويَحُوطُه من ورائه  ))

[ أخرجه الترمذي ]

كلام دقيق جامع مانع (( المؤمنُ مِرْآةُ المؤمنِ )) هذا الحديث له أبعاد كثيرة في العلاقة بين المؤمنين ، فالمؤمن مرآة تريه محاسن أخيه ومعايبه بآن واحد ، الآن إذا شخص له وجه جميل جداً ، نظر في المرآة يرى جماله في المرآة ، ولا سمح الله ولا قدر إذا كان فيه عاهة يرى العاهة في المرآة ، أي الأخوة الإيمانية مقدسة جداً (( المؤمنُ مِرْآةُ)) أخيه ، إذا فيه عاهة لا سمح الله يراها في أخيه (( مِرْآةُ المؤمنِ )) فالمرآة تريه المحاسن والمساوئ ، قال عليه الصلاة والسلام مرة ثانية : (( المؤمنُ مِرْآةُ المؤمنِ )) أي المرآة تريه محاسن أخيه ، من دون ضجيج ، من دون صخب ، من دون فضائح ، من دون شماتة ، من دون تشهير ، هي صامتة.
 

قواعد الدعوة إلى الله :


الآن يوجد شيء اسمه : الدعوة الصامتة ، لا تحتاج إلى خطابة ، ولا منبر ، ولا فصاحة ، ولا صوت عظيم ، استقامتك دعوة إلى الله ، حلمك دعوة إلى الله ، إتقان عملك دعوة إلى الله ، النصح منك دعوة إلى الله ، عندنا دعوة صامتة الآن أبلغ من الدعوة الناطقة .
أب كذب على زوجته ، والأولاد يرون ذلك ، الأب ما خلع ثيابه أمام أولاده ، هذا الأب لو لم يتكلم كلمة واحدة لأولاده هو قدوة ، والقدوة قبل الدعوة ، والإحسان قبل البيان ،  والأصول قبل الفروع ، والتدرج لا الطفرة ، والمضامين لا العناوين ، والمبادئ لا الأشخاص ، هذه قواعد الدعوة .
فالمرآة تظهر المحاسن والمساوئ ، من دون ضجيج ، من دون مهاترة ، من دون نقد (( المؤمنُ مِرْآةُ المؤمنِ )) وأنت أيها المؤمن ، وأنتم أيها المؤمنون ، ينبغي أن نكون مرآةً لأخوتنا من دون صخب ، بينك وبينه ، دقيقة ، النصيحة بينك وبين المؤمن عبادة ، والنصيحة أمام الناس فضيحة ، البطولة أن تكون بينك وبينه ، أما بينك وبينه أمام الناس فهذه ليست عبادة بل فضيحة ، فإذا كنت مخلصاً لا تنصحه أبداً أمام الملأ ، إن أردت أن تطبق هذه العبادة ينبغي أن تنصحه بينك وبينه ، كالمرآة تريك المحاسن والمساوئ ، من دون صخب ، من دون ضجيج ، من دون فضائح ، من دون مشكلات .
 

الفرق بين الحوار والمجادلة : 


الشيء الثاني : شخص دخل للمسجد ليلحق مع النبي الكريم الركعة الأولى أحدث جلبة وضجيج ، ماذا قال له النبي الكريم ؟ قال له : زادك الله حرصاً ولا تعد ، هذه لكل إنسان له منصب إداري ، عندك موظف يتأخر كل يوم ، لكنه مستقيم ، مخلص ، ابدأ بإيجابياته ، بعد ذكر إيجابياته الفت نظره إلى سلبياته ، زادك الله حرصاً ، هكذا قال النبي لشخص أحدث جلبة وضجيجاً ، زادك الله حرصاً ولا تعد ، لذلك :

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)  ﴾

[ سورة النحل ]

يوجد ملمح دقيق جداً الآن ولا تجادلهم إلا ( بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) يوجد مجادلة ، ما الفرق بين الحوار والمجادلة ؟ الحوار ؛ الهدف الحقيقة ، فإذا أخوك أقنعك بوجهة نظره تخضع له، هذا اسمه حوار ، والحوار مقدس ، الإنسان يحاور أولاده ، يحاور زوجته ، يحاور الموظفين في المعمل ، أما الفضيحة فشيء آخر .
عفواً ؛ من أكفر كفار الأرض ؟ فرعون ، الذي قال :

﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)  ﴾

[ سورة النازعات ]

كفر واضح ، كفر جلي ، أو :

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)  ﴾

[ سورة القصص ]

﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ﴾

[ سورة طه  ]

إذا كان الله وجّه سيدنا موسى أن يقول مع فرعون الذي قال : ( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى )   ( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ) هكذا ( فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ) .
كنت أنا مرة بالقاهرة دخلنا إلى المتحف الوطني ، وجدت فرعون هو هو .

﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) ﴾

[ سورة يونس ]

فرعون مصر ، وجدوا ملحاً بفمه ، لما غرق آثار الملح بفمه ( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى )     ( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ) ، فإذا كان خالق السماوات والأرض يأمر نبيه وهو من أولي العزم أن يقول لفرعون : ( قَوْلاً لَيِّناً ) فلِمَ الغلظة يا أخي ؟ لِمَ بالدعوة يوجد غلظة ؟ أكفر كفار الأرض فرعون ، هذا  قرآن ( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )  .
في آية ثانية :

﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) ﴾

[ سورة فصلت  ]

يجب أن تملك قلوب الآخرين بإحسانك ، ليفتح لك المستمع قلبه لبيانك ، املأ قلب من تدعوه إلى الله بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك . 

علامة إيمان المؤمن أنه مرآة أخيه :


إذاً أنت كمؤمن أنت مرآة أخيك ، ينبغي أن تنصحه من دون فضيحة ، من دون صخب ، من دون تهويل ، من دون تشهير ، اعكس له بعض الثغرات في سلوكه بصمت لأنك مرآة أخيك ، علامة إيمانك أنك مرآة أخيك .
هنا يوجد تعليق لطيف ؛ يوجد مرآة محدبة ، ومقعرة ، المقعرة تكبر ، والمحدبة تصغر ، نحن نريد مرآة مستوية ، إذا بالسيارة التي على اليمين تصغر ، المسافة أقصر مما رأيتها بالمحدبة والمقعرة ، نحن نريد مرآة مستوية ، لا تصغر ، ولا تكبر .
مثلاً أنت عم وعندك ابنة أخ ، بالعيد زارتك ، هي صبية ، ترتدي أفضح الثياب ، أضيق الثياب ، أقصر الثياب ، تستقبلها ، وترحب بها ، وتسألها عن أبيها ، وعن أمها ، وتثني على جمالها ، وتثني على شبابها ، لكن ألم يخطر في بالك أن تنصحها ؟ الدين كم عالم فيه ؟ من بعثة النبي حتى الآن كم كتاب ؟ كم جامعة ؟ كم جامع ؟ كم تفسير ؟ النبي الكريم ضغط الدين كله في كلمة واحدة :

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : الدِّينُ النصيحة ، قالوا : لمن يا رسولَ الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولأئمة المسلمينَ ، والمسلمُ أخو المسلمِ ، لا يَخْذُلُهُ ، ولا يَكْذِبهُ ، ولا يَظْلِمُهُ ، وَإِنَّ أحدَكُم مرآةُ أخيهِ ، فَإِنْ رَأى بهِ أذى فَليُمِطْهُ عنه . ))

[ أخرجه الترمذي ]

انصح ، لكن لا تنصح أمام الناس ، لا تعاقب ابنتك أمام أخيها ، لا تعاقب ابنك أمام صديقه ، أيها الآباء ، يقبل منك أي تأنيب ، لكن بينك وبينه ، لا تعاقبه أمام صديقه ، ولا تعاقب بنت أمام أخيها ، فالبطولة أن تكون النصيحة بينك وبين المنصوح فقط ، فإذا كف الناس عن التناصح انتهوا عند الله ، لأن الله أهلك بني إسرائيل ، لماذا أهلكهم ؟ 

﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)  ﴾

[ سورة المائدة  ]

ابنة أخيك ، والدنيا عيد ، والثياب قصيرة ، وضيقة ، وفاضحة ، انصحها ، أبوكِ مؤمن ، مسلم ، هذا اللباس لا يليق بك ، لا ! ما شاء الله حولك ! ما هذا اللباس ؟ الله يهنيه فيكِ ، هذا كلام لا يجوز ، ممكن أن يضغط الدين بالنصيحة ، فإن لم تأمروا بالمعروف ، ولم تنهوا عن المنكر ، فنحن أمةٌ كأية أمة خلقها الله .

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105) ﴾

[ سورة الكهف ]

لهم : ( صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ ) . 

الدين النصيحة :


عفواً يوجد حقيقة مرة ؛ المسلمون يملكون نصف ثروات الأرض ، نصف ثروات الأرض بالتمام والكمال ، من ذهب ، إلى بترول ، إلى فضة ، إلى فوسفات ، المسلمون اليوم يملكون نصف ثروات الأرض ، ويحتلون أهم موقع إستراتيجي في الأرض ، ملتقى القارات الثلاثة ، ويملكون ثلاثة ممرات مائية ، هذه الممرات أصل التجارة الدولية ، ومع كل ذلك أمرهم ليس بيدهم ، كلامي حقيقي ، والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح .
فالمؤمن مرآة أخيه ، من دون صخب ، من دون ضجيج ، من دون فضيحة ، من دون تشهير ، وكأن هذه المرآة تريك المعايب بصمت ، تريك المحاسن بصمت ، لذلك كن أيها المؤمن مرآة أخيك ، والدين النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ضغطه بكلمة واحدة قال : (( الدِّينُ النصيحة )) .
أتمنى عليكم ألا تنصح ابنتك أمام أختها ، ولا أمام أخيها ، بينك وبينها ، والشيء الثاني الأبلغ إذا كان هناك إيجابيات لمن تنصحه ابدأ بها .
أنت مدير عام بمؤسسة ، عندك موظف يتأخر ، ابدأ بإيجابياته ، أنا أعلم إخلاصك ، أعلم كفاءتك ، أعلم ، أعلم ، لكن أتمنى عليك ألا تتأخر ، الدليل سنة النبي الكريم لمن دخل المسجد ، أحدث جلبة وضجيجاً ، قال له : زادك الله حرصاً ولا تعد .
الآن إذا ذُكر أخوك أمام الناس ادعمه ، ادعم الحق ، لذلك كان عليه الصلاة والسلام يحسن الحسن ويصوبه ، ويقبح القبيح وينتقده ، كما أنك مكلف أن تنقل لأخيك بعض العيوب ، بينك وبينه ، بأدب ، ورقة ، ولطف ، وإن رأيت فضلاً وكرماً ، وعطاءً وورعاً وشجاعة ، أبرز هذه من أجل التواصل .
يوجد إنسان يعتم على من حوله ، هذا أسوأ طبع ، يعتم على من حوله ، كان عليه الصلاة والسلام يقول :

(( عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :  لو كانَ بعدي نبيّ لكانَ عمرَ بن الخطاب . ))

[ أخرجه الترمذي ]

ما عتم عليه ، أبرز قيمته ، أبو عبيدة ابن الجراح :

(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكلِّ أمَّة أمينا ، وإن أمينَنا أيَّتُها الأمَّةُ أبو عبيدةَ بنُ الجراح . ))

[ أخرجه البخاري ومسلم ]

(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال : نزلنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم منزِلا ، فجعل الناس يمرُّون ، فيقول رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : مَن هذا يا أبا هريرة ؟ فأقول : فلان ، فيقول : نِعْمَ عبدُ الله هذا ، ويقول : مَن هذا ؟ فأقول : فلان ، فيقول : بئس عبد الله هذا ، حتى مرَّ خالد بن الوليد ، فقال : من هذا ؟ فقلت : خالد بن الوليد ، فقال : نعم ، عبدُ الله خالدُ بن الوليد ، سيف من سيوف الله . ))

[ أخرجه الترمذي ]

إذا عندك ابن عنده حياء ، وأحضر جلاء علاماته تامة اعمل له حفلة ، حسن الحسن ، كان عليه الصلاة والسلام يحسن الحسن ويصوبه ، ويقبح القبيح وينتقده ، النبي الكريم سيد الخلق ، وحبيب الحق ، مع أنه شمس ، مع كل ذلك لم يكن يعتم على أحد ، أبو عبيدة أمين هذه الأمة (( خالدُ بن الوليد ، سيف من سيوف الله )) يا الله ! ما هذا ؟ هو سيد الخلق  وحبيب الحق ، وقمة البشر ومع ذلك أعطى كل صحابي حقه .
مرة ثانية : لا تنتقد شاباً أمام أخيه ، ولا أمام أخته ، ولا امرأة أمام زوجها ، اجعل النصيحة سلوكاً داخلياً .
أخواننا الكرام ؛ مرة ثانية : (( الدِّينُ النصيحة )) إذا تناصحنا كبُرنا عند الله وعند الناس ، وإذا تراشقنا التهم صغُرنا عند الله وعند الناس .
 

التعاون الدولي على إضعاف المسلمين وإفسادهم :


الآن يوجد نقطة دقيقة : العلماء الربانيون هم في دائرة واحدة ، بمعنى أنهم جميعاً على علم معقول بكل فروع الدين ، لكن هذا تفوقَ بالإعجاز ، وهذا في الحديث ، وهذا في التفسير ، وهذا في الفقه ، هذه التفوقات نرمز لها بمثلثات على محيط الدائرة ، هذه المثلثات متكاملة فيما بينها ، العلماء الربانيون على حد معقول بكل فروع الدين ، بعضهم تفوق في الإعجاز ، وهذا في التفسير ، وهذا في الحديث ، وهذا في الدعوة إلى الله ، هذه التفوقات متكاملة ، مع الأسف الشديد أن الغرب ألد أعدائنا يتعاونون تعاوناً مذهلاً ، وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ، والمسلمون مع الأسف الشديد لا يتعاونون ، بل يتنافسون ، بل يتقاتلون ، وبينهم خمسة وتسعون بالمئة قواسم مشتركة ، يوجد إحصائيات مؤلمة جداً ، العالم الإسلامي هو العالم الأول في المصائب ، والقهر ، والفقر ، مع أنه أغنى عالم بالأرض .

﴿  وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾  

[ سورة النور ]

والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، بربكم : هل نحن مستخلفون في الأرض ؟ لا والله ، كقانون ( كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ) هل هذا الدين الإسلامي ممكن في الأرض أم يواجه حرباً عالمية ثالثة كانت تحت الطاولة واليوم فوق الطاولة جهاراً نهاراً ؟ 
أحد أعضاء الكونغرس المهيمن على الشرق قال : لن نسمح بقيام حكم سني في الشرق الأوسط ، خمسون سنة دائماً يوجد تعاون دولي مذهل على إضعاف المسلمين ، وإفسادهم ، وإضلالهم ، وإن أمكن إبادتهم ، فلذلك إخواننا الكرام كما قال عليه الصلاة والسلام : تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً فيأتي أخي عيسى فيملأها قسطاً وعدلاً .

(( موت كعقاص الغنم ، لا يدري القاتل لمَا يقتل ولا المقتول فيما قُتل . ))

حفظ الله لكم إيمانكم جميعاً ، وأهلكم ، وأولادكم ، وصحتكم ، ومالكم ، واستقرار هذه البلاد ، هذه نعمة لا تعرف إلا إذا فقدت ، اشكروا الله عز وجل .

والحمد لله رب العالمين

الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور