وضع داكن
20-05-2024
Logo
الأردن - عمان - جامع التقوى - دروس صباحية - الدرس : 022 - تعاطي المخدرات
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام؛ قال تعالى- جل من قائل-:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ﴾

[ سورة التين ]

هو المخلوق الأول، والمكرَّم، والمفضَّل، والمكلَّف، والمحاسَب، والمعاقَب، (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) فإذا عصى وبغى، ونسي المبتدى والمنتهى:

﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) ﴾

[ سورة التين ]

رُكّب الملك من عقل بلا شهوة، ورُكِّب الحيوان من شهوة بلا عقل، و رُكِّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
الحقيقة أنّ هناك موضوعات أساسية نعيشها اليوم، هناك بُعد شديد عن الله في العالم كله، يوجد انحرافات شديدة، لكن أعداء الدين، لكن الطرف الآخر، لكن الأقوياء أرادوا أن يضعفوا المسلمين بانحلالهم السلوكي، نية الكافر شر من عمله، ونية المؤمن خير من عمله، لذلك يوجد موضوع حساس وأساسي ودقيق هو موضوع تعاطي المخدرات، هذا سلاح الأقوياء مع الضعفاء، سلاح أهل الكفر مع أهل الإيمان، لكن الشيء الدقيق: إذا كان الله معك فمن عليك؟ إذا كان عليك فمن معك؟ ويارب، ماذا فقد من وجدك؟ وما وجد من فقدك؟
الحقيقة المرة –أنا أراها باجتهاد مني- أفضل ألف مرة من الوهم المريح. 
تعاطي المخدرات آفة خطيرة تهدد معظم شعوب الأرض، أكبر خطر عند المدمن أنه يصل إلى حالة نفسية وعضوية ورغبة قهرية ترغمه على محاولة الحصول على هذه المادة المخدرة بأي ثمن، فإن كانت فتاة تبيع عِرضها، وإن كان شاباً يبيع دينه: 

(( ليَغْشَيَنَّ أُمَّتِي من بعدي فِتَنٌ كَقِطَعِ الليلِ المظلِمِ ، يُصْبِحُ الرجُلُ فيها مؤمنًا ، ويُمْسِي كافِرًا ، يبيعُ أقوامٌ دينَهم بعرَضٍ منَ الدنيا قليلٍ ))

[ السيوطي عن عبد الله بن عمر ]

وقد يرتكب متعاطي المخدرات جريمة، والحالة القهرية التي يُصاب بها المدمن تفوق حد الخيال، والقصص التي أُدرِجَت في المواقع المعلوماتية عن ضحايا هذه الآفة الخطيرة يشيب لهولها الولدان. 

نتائج تعاطي المخدرات:


تؤثر المخدرات على متعاطيها على نحو خطير، في بدنه ونفسه، وعقله وسلوكه، وعلاقاته بالبيئة المحيطة به، ومن نتائجها:
الخمول والكسل، وفقدان المسؤولية، والتهور، واضطراب الإدراك والتنمُّر، والتسبب في الحوادث المرورية، والإصابات الكارثية، ويصبح المدمن قابلاً للأمراض النفسية والبدنية والعقلية، وقد يُصاب الإنسان الذي يتعاطى المخدرات بفقدان المناعة، وهي أكبر سلاح يملكه الإنسان ضد الجراثيم، فيُصاب بالأمراض الجسمية والنفسية والاجتماعية.
إن المخدرات تحدث تغييرات حادة في المخ، تؤدي إلى كوارث على مستوى الفرد؛ كتفكك الأسرة، وانهيار العلاقات الاجتماعية، والعجز عن توفير المتطلبات الأساسية للفرد والأسرة، ويقع المدمن غالباً تحت تأثير الطلب على المخدرات، فيصل إلى جرائم السرقة، وترويج المخدرات، والإتجار بها، والسطو والقتل، والقمار والدعارة، وتحمّل ثِقَل الديون، -أعاذنا الله وإياكم من هذه الآفة الخطيرة- والذي يلفت النظر؛ أن الشاب الذي يُستدرَج إلى إدمان المخدرات غالباً ما يشكو من تفكك أسرته –تفكك الأسرة- العالم كله الآن ضد الأسرة الإسلامية، يريد أن يفككها.
ثلاث مؤتمرات سكان حضرت اثنين منها مندوباً عن سورية، من أجل تفكيك الأسرة، وإحلال المثلية محلّ الزواج الشرعي:

﴿ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) ﴾

[ سورة إبراهيم ]

إذاً: يلفت النظر أن الشاب الذي يُستدرَج إلى إدمان المخدرات غالباً ما يشكو من تفكك أسرته، ومن ضعف تعليمه، ومن فقره؛ فقر الكسل، هناك ثلاثة أنواع للفقر: يوجد فقر الكسل، وفقر القدر، وفقر التفوق. 

أنواع الفقر: 


سيدنا الصديق أُصيب بفقر الإنفاق:

(( أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن نتصدَّقَ فوافقَ ذلِكَ عندي مالًا فقلتُ اليومَ أسبقُ أبا بَكرٍ إن سبقتُهُ يومًا قالَ فَجِئْتُ بنِصفِ مالي فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ما أبقيتَ لأَهْلِكَ قلتُ مثلَهُ وأتَى أبو بَكرٍ بِكُلِّ ما عندَهُ فقالَ يا أبا بَكرٍ ما أبقَيتَ لأَهْلِكَ فقالَ أبقيتُ لَهُمُ اللَّهَ ورسولَهُ قلتُ لا أسبقُهُ إلى شيءٍ أبدًا. ))

[ صحيح الترمذي عن عمر بن الخطاب ]

هذا أعلى أنواع الفقر: فقر الإنفاق، يوجد فقر الكسل: ليس لديه همة للعمل، هذا فقير فقر كسل، ويوجد حالة ثالثة لا إشكال فيها، فقر القدر: يعني معاق، إذاً هو فقير.
هناك فقر الكسل، وفقر القدر، وفقر الإنفاق.
إذاً: من ضعف تعليمه، ومن فقره فقر الكسل الذي يصيب الأسرة أقول فقر الكسل؛ لأنه نتيجة طبيعية لتعاطي المخدرات، بينما فقر القدر يكون بسبب حكمة الله –عز وجل- يعلمها، عرفها مَن عرفها، وجهلها مَن جهلها.
ومروِّجو المخدرات يستخدمون غطاء اقتصادياً، وأنشطة اجتماعية تحميهم من الملاحقة، فهم على مستوى عالٍ من الذكاء الشيطاني، هناك ذكاء رحماني، ويوجد ذكاء شيطاني.

أسباب تعاطي المخدرات:


لو أن أحدكم سألني: ما أسباب تعاطي المخدرات؟ سؤال، والحياة سؤال وجواب.
هناك أسباب تعود إلى الفرد المدمن، وأسباب تعود إلى الأسرة المهملة، وأسباب تعود إلى المجتمع الظالم.

أولاً: ضعف الوازع الديني:

ما تعلم، قال تعالى:

﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) ﴾

[ سورة الحشر ]

ثانياً: رفقاء السوء:

أيها الأب؛ أخاطب أيّ أب، أيها المعلم؛ أخاطب أي معلم، أيتها الأم؛ أيتها المعلمة؛ يجب أن تعلموا جميعاً من هو صديق ابنك؟ ومن هي صديقة ابنتك؟ لأن قوة تأثير الصديق والصديقة يزيد 60% عن مجموع تأثير الأب والأم، والمعلم والموجه، ورجل الدين، يعني كم إنساناً يوجه؟ الأب والأم، أستاذ الديانة، خطيب المسجد، والذي يعطي درساً في المسجد، كل الجهات التوجيهية تأثيرها في الطفل 40%، ورفيق السوء 60%، فكل أب يجب أن يعلم من هو صديق ابنه؟ وكل أم يجب أن تعلم من هي صديقة ابنتها؟
الله –عز وجل- قال:

﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) ﴾

[ سورة المائدة ]

والله حرب عالمية ثالثة الآن من الغرب إلى الشرق؛ لتفكيك الأسرة، ولإلغاء الانتماء إلى بلده وأمته (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) أقول كلاماً دقيقاً: يوجد جهات قوية جداً في الأرض تريد إفساد أهل الأرض، وإضعافهم، وإفقارهم، وإذلالهم، وإذا أمكنها إبادتهم، كل هذا الكلام المؤلم والخطير يقابله كلمة واحدة: لكن الله موجود، لكن الله قادر على أن يحبط مسعاهم، وأن يذيقهم من عذاب الدنيا والآخرة.
لا تقلق على هذا الدين، ولكن اقلق ما إذا سمح الله لك، أو لم يسمح أن تكون جندياً له، لذلك: من أسباب الانحراف مع المخدرات:

ثالثاً: السفر إلى بلاد المعاصي والآثام:

يعني أكبر جريمة -في بلاد الغرب عادية جداً- إنسان أُعطي حرية ما أنزل الله بها من سلطان: افعل ما تشاء، إذاً: ويقع في أسباب إدمان المخدرات: سفر الشاب وحده إلى بلاد غير المسلمين شرقاً وغرباً، أو إلى بلاد بعيدة حيث فيها كل وسائل الإغراء، وأماكن اللهو، وافتقاد الرقابة الأسرية في هذه البلاد، لذلك الحديث الشريف، الخطير:
من أقام مع المشركين - المقصود إقامة دائمة، أما إذا سافرت لتأتي بالدكتوراه لا مانع، سافرت لتحصّل رزقاً، تشتري بيتاً في بلدك لا مانع- أما من أقام-إقامة دائمة- مع المشركين برئت منه ذمة الله :

(( بعثَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سريَّةً إلى خثعمٍ فاعتصمَ ناسٌ منهم بالسُّجودِ ، فأسرعَ فيهمُ القتلَ ، فبلغَ ذلِكَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأمرَ لَهُم بنِصفِ العقلِ وقالَ:  أَنا بريءٌ من كلِّ مسلِمٍ يقيمُ بينَ ظهرانَي المشرِكين . قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ولِمَ ؟ قالَ : لا تراءى ناراهُما. ))

[ رواه النسائي عن عبد الله بن جابر وفي سنده ضعف ]

رابعاً: الفراغ وانعدام الهدف:

والفراغ أحد أسباب هذه المخدرات، وانعدام الهدف، الشاب الفارغ بلا هدف، بلا رسالة، بلا قيم، بلا طلب علم، أخطر شيء في حياة الشاب: الفراغ القاتل، وعدم وجود مناشط تربوية، مناشط علمية وإسلامية، مناشط ترفيهية إسلامية، تمتص وقت الفراغ، فوقت الفراغ خطير جداً للشباب الناشئين.

 خامساً: السهر خارج البيت:

من الأسباب أيضاً لدى الفرد: السهر خارج المنزل، هذا الذي يسمح لأولاده أن يأتوا الساعة الثانية ليلاً بعد منتصف الليل، أين كانوا؟ هل يعلم الأب أين مكانه؟ وماذا جرى في هذه السهرة؟ وماذا رأوا من أفلام؟ وماذا أغراهم أصدقاؤهم من موبقات؟ السهر خارج البيت.

 سادساً: المشكلات الأسرية:

قد يقع في أسباب تعاطي المخدرات المشكلات الاجتماعية، والهموم الطاحنة التي تصيب بعض الأسر، أب شارد عن منهج الله، أم غارقة في زينتها، أولاد أُهملت تربيتهم، جيران ابتعدوا عن تعاليم ربهم، ابن قد تُرِك هَمَلاً، عندئذٍ كان التفكك الأسري، والضغط الاجتماعي، ويمكن أن تكون الضغوطات الأسرية، والاجتماعية وراء هذه الآفة الخطيرة.

 سابعاً: الجهل والأمية:

ويقع أيضاً في قائمة الأسباب انخفاض مستوى التعليم لدى الذي يقدم على المخدرات.
هذه أسباب تعود إلى الفرد، فما الأسباب التي تعود إلى الأسرة؟

الأسباب التي تعود إلى الأسرة:


أولها: اضطراب الاستقرار الأسري:

شيء مؤلم جداً، وخطير جداً؛ أن الاضطراب الأسري متمثلاً في انخفاض مستوى الوِفاق بين الزوجين، وتأزم الخلافات بين الأبناء إلى درجة الهجر أو الطلاق، أو العقوق وضعف الولاء الذي يولّد أحياناً شعوراً غالباً لدى الفرد بعدم اهتمام والديه به، هذا التفكك الأسري ربما كان سبباً لأعراض كثيرة يعاني منها أفراد المجتمع كالخلافات الزوجية، والعداوة والبغضاء والمشاحنة.

ثانياً: القدوة الأبوية السيئة:

أيها الإخوة، القدوة الأبوية السيئة من أبرز أسباب تعاطي المخدرات، والتي تعود إلى الأسرة؛ أن يشكل أحد الوالدين، أو كلاهما قدوة سيئة للولد، الابن يتعلم من أبيه، 

(( استقيموا يُستقَم بكم  ))

[ أخرجه الطبراني عن سمرة بن جندب وهو ضعيف ]

أب مستهتر، أب متفلت، أب له سهرات مديدة، يهمل أبناءه، هذا الأب غير المنضبط، الذي لا يقدم قدوة لأبنائه ربما كان سبباً في زلّة قدم أبنائه إلى المخدرات، أو كما قال بعض العلماء: إدمان أحد الوالدين سبب كبير في الإدمان عند الأولاد، أو أن بعض الآباء يسافرون ليحصّلوا دخلاً إضافياً، فيهملون أولادهم، وقد لا تستطيع زوجته أن تضبط أولادها، فجاء بجمع لكنه ضيع أولاده، جاء بمبلغ لكنه ضيّع أولاده، وعند علماء النفس لا يعد النجاح إلا كاملاً، يعني هناك نجاح مع الله؛ أن تنجح في معرفته، وطاعته، والإقبال عليه، والدعوة إليه، وأن تنجح في بيتك، في اختيار زوجتك، وتربية أولادك، واختيار حرفتك، والتعامل معها وفق منهج الله، مجموع النجاحات مع الله، ومع بيتك، ومع أولادك، ومع حرفتك، هذه النجاحات إذا اجتمعت شكلت فلاحاً، ولم يرد في القرآن والسنة كلمة نجاح إطلاقاً، الفلاح؛ أن تنجح مع الله معرفة، وطاعة، وانضباطاً، وإقبالاً، وسعادة؛ أن تنجح في اختيار زوجتك؛ أن تنجح في تربية أولادك؛ أن تنجح في اختيار حرفتك؛ أن تنجح في التعامل مع الزبائن، مجموع النجاحات يشكل فلاحاً، ولم ترد كلمة نجاح في القرآن إطلاقاً، الفلاح شمولي، نجحت مع الله معرفة، وعبادة، وطاعة، وإقبالاً، ودعوة، نجحت في حسن اختيار زوجتك، غلّبت صلاحها على جمالها، يوجد جمال لكن يوجد صلاح، وأهم شيء الصلاح؛ لأنها تربي أولادك، ونجحت في اختيار حرفتك، هناك حِرَف أساسها إيذاء الناس، هناك حرف أساسها تقديم خدمات للناس.
إخواننا الكرام مرة ثانية، أخطر شيء بحياة الإنسان: زوجته، وحرفته ، فالبطولة أن تحسن اختيار الزوجة الصالحة التي تسرك إن نظرت إليها، وتحفظك إذا غبت عنها، وتطيعك إن أمرتها.
إذاً: وأن تنجح في عملك، أما أن تخسر أسرتك! ليس هذا نجاحاً، أن تنجح في عملك وأن تخسر دينك ليس هذا نجاحاً، كنت أقول دائماً: لا بد أن تنجح في علاقاتك مع ربك، وعلاقاتك مع أهلك، وعلاقاتك مع صحتك، وعلاقاتك في عملك، هذا النجاح في عملك، وصحتك وأهلك، ومع ربك، هذه النجاحات تشكل نجاحاً شمولياً هو الفلاح.

﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) ﴾

[ سورة الحشر ]

ثالثاً: عدم التكافؤ بين الزوجين:

إخواننا الكرام، عدم التكافؤ بين الزوجين؛ زوجة من أسرة رفيعة المستوى اقتصادياً واجتماعياً، والزوج أقل منها، لا تفتأ تذكره بغنى أهلها، وبأناقة أهلها، وببيت أهلها، يضجر الزوج، خذ من مستواك تكن قوّاماً، فإن لم يكن زواجك في مستواك تكن لوّاماً.

رابعاً: القسوة على الأبناء:

بعض هذه الأسباب التي تعود إلى الأسرة: القسوة الزائدة في معاملة الأبناء، الضرب المبرح، التوبيخ، الإهانة، ربما ألجأ الأولاد إلى رفقاء السوء، رفقاء السوء كانوا سبب الوقوع في هذه المأساة الكبيرة، والله أعرف شخصاً ببلد عربي إسلامي، أرسل ابنه إلى شرق آسيا ليجمع بعض الأموال، فيبدو وقع في المخدرات، حُكم عليه بالإعدام، نحن عندنا من يتعاطى المخدرات، ومن يتاجر بالمخدرات، المتاجرة حكمها إعدام في كل العالم الإسلامي، أما الوقوع في هذه المعصية حكمهاعقاب شديد، لكن لا يوجد قتل، والمجتمع مسؤول أيضاً، أنا أقول لكم دائماً: ما من مشكلة يعاني منها المجتمع إلا ونحن جميعاً مسؤولون عنها أفراداً، وجماعات، ومنظمات، ومؤسسات، المجتمع كلٌّ متداخل، فلا بد من وعي، ولا بد من حركة نحو الإصلاح.

الأخطار التي تهدد المجتمع:


الأخطار التي تهدد المجتمع، والتي يعد فيها المجتمع مسؤولاً عنها، وجود هذه المواد في المجتمع: سمعت أنه في بعض البلاد أعداء الأمة باعوا المخدرات على الرصيف، من دون محاسبة، من دون ملاحقة، من دون متابعة.
الأسباب التي تعود إلى المجتمع:

أولاً: وجود أماكن اللهو والفجور:

أحد الأسباب: وجود أماكن اللهو والفجور: أماكن اللهو مبنية على معصية الله، وعلى الانحراف الشديد في السلوك.

ثانياً: السياحة غير المنضبطة:

لها أثر في انتشار هذا البلاء الكبير:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) ﴾

[ سورة التوبة ]

يوجد ملمح دقيق في هذه الكلمة: ما قال: نجسون، الشيء النجس يُطَهَّر، أما عين النجاسة: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ) ما قال: نجسون، قال: (نَجَسٌ) ، أصل النجاسة فابتعد عنهم.
ثالثاً: غياب رسالة المدرسة التربوية: يعني مدرسة ولكن مع الأسف الشديد الشديد الشديد نعطي المعلم أرخص دخل، هذا المعلم مقهور بدخله القليل، فكيف نتمنى عليه أن يبث القيم والأخلاق في طلابه؟ يوجد مشكلة كبيرة، أنا سمعت في بعض البلاد منها: اليابان وألمانيا مرتب المدرس أعلى مرتب، إذا موجود ببلد له أفضل بيت، هذا فلذة أكبادنا بين يديه، أما أن يكون أقل دخل دخله! هذه مشكلة كبيرة، وهذه مؤامرة من العالم القوي خطيرة جداً، أعطِ الموجه أقل دخل.

الحكم الشرعي للمخدرات خطير جداً:


الحكم الشرعي للمخدرات خطير جداً: الأحكام الشرعية التي تبدو قاسية هي لصيانة المجتمع، لحفظ أمنه الصحي، أمنه الاقتصادي، أمنه الاجتماعي، أمنه الديني.
مثلاً: الله عز وجل يذكرنا بأحكام الشريعة: حرم الإسلام الخمر، ولعن عاصرها، ومعتصرها، وحاملها، وبائعها، وشاريها، وشاهدها،

(( لعَنَ اللهُ الخَمْرَ، ولَعَنَ شارِبَها، وساقيَها، وعاصِرَها، ومُعتَصِرَها، وبائِعَها، ومُبتاعَها، وحامِلَها، والمَحمولةَ إليه، وآكِلَ ثَمَنِها. ))

[ المسند لشعيب عن عبد الله بن عمر ]

 كل من ساهم فيها محاسب، والخمر: ما خامر العقول، أعطوها أسماء لا تعد ولا تحصى، قيم روحية، ومشروبات روحية، يعني خمر، قيم روحية، ومشروبات روحية، وروحية بروحية، هكذا العالم.
إخواننا الكرام، والله الموضوع خطير جداً، والأولاد خطيرون جداً، لا تصدق إنساناً في الأرض يسعد وابنه شقي.
كنت مرة بأمريكا، ربما من ثلاثين سنة، حينها كان رئيسها كلينتون، لو بلغت منصباً ككلينتون، وثروة كأونانيس – أكبر غني- وعلماً كأنشتاين، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس.
سافرت لأمريكا مرات عديدة، تجد بيتاً فخماً جداً، مسبحاً لكل بيت، رفاه يفوق حد الخيال، اسأله عن ابنه يُصاب بأزمة قلبية، ابنه ليس على ما يريد، لذلك من أقام مع المشركين برئت منه ذمة الله: (أنا بريءٌ من كلِّ مسلِمٍ يقيمُ بينَ أظْهُرِ المشرِكينَ)
والآية الدقيقة، الدقيقة، الدقيقة:

﴿ وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) ﴾

[ سورة البقرة ]

هذا الشيء يؤدي إلى التهلكة، إخواننا الكرام،

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾

[ سورة الأحزاب ]

يعني طفل صغير في بلد إسلامي في العيد أعطاه عمه 50 ديناراً، نحن في الأردن، وعمه الثاني 50، وخاله الأول 50، وخاله الثاني 50، كم صار معه؟ 200 ديناراً، يقول لك معي مبلغ عظيم، معه حق طفل صغير 8 سنوات، معه 200 ديناراً، فإذا قال رئيس دولة عظمى: أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً فليس 200 ديناراً  بل 200 ملياراً، فإذا قال الله -عز وجل- :

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ۚ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)﴾

[ سورة النساء ]

والحمد لله رب العالمين

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، والحمد لله رب العالمين.
الملف مدقق

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور