بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدْنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول، فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام؛ هناك مصطلح معاصر هو علة الوجود ، سبب الوجود، غاية الوجود، يعني إنسان ميسور أرسل ابنه إلى باريس، لينال الدكتوراة في إدارة الأعمال. هذا الشاب في هذه المدينة العملاقة، أكبر مدينة في أوربا، باريس. علة وجوده، أو سبب وجوده، أو غاية وجوده في هذه المدينة "الدراسة". لا مانع أن يدخل إلى مطعم فيأكل، أو يجلس في حديقة فيتنزه، أو يقتني كتاباً فيقرأه، أما سبب وجوده، غاية وجوده، علة وجوده الدراسة فقط. لو سحبنا هذا المثل على واقعنا، الله عز و جل يقول:
﴿ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ (56) ﴾
آيةٌ صريحةٌ، واضحة، قاطعة في القرآن، لاتعني شيئاً آخر (وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ)
والعبادة في أدق تفصيلاتها طاعة طوعية، يعني ليست قسرية، ممزوجة بمحبة قلبية، فما عبد الله من أطاعه ولم يحبه، كما أنه ما عبد الله من أحبه ولم يطعه. طاعة طوعية، ليست قسرية. الله خلقنا، حياتنا بيده، موتنا بيده، صحتنا بيده، المرض بيده، الغنى بيده، الفقر بيده؛ ومع كل ذلك ما قبِل أن نعبده إكراهاً، فقال:
﴿ لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256) ﴾
أرادنا أن نأتيه طائعين، أن نأتيه بمبادرة منا. إذاً العبادة هكذا تعريفها:
طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تُفضي إلى سعادة أبدية.
هذه العبادة ثلاثمئة وخمسة وستون يوماً وربع في السنة. يعني في كسب مالك، في إنفاق مالك، في اختيار زوجتك، في تربية بناتك، في تربية أولادك، في اختيار حرفتك، في التعامل مع من حولك، مع جيرانك، مع والديك، مع أمك وأبيك الخ....
طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية.
عندنا نوع آخر من العبادات، عبادات موسمية، رمضان عبادة موسمية ثلاثون يوماً صيام، والعشرة من ذي الحجة عبادة موسمية.
نحن في أول أيام هذا الشهر الكريم؛ لذلك ماذا ينبغي أن نفعل كما قال النبي الكريم؟
أعظم الليالي ليلة القدر ، وأعظم الأيام هذه الأيام؛ لذلك ينبغي أن نفعل كما قال العلماء: الصوم يوم الوقفة، وهناك رأي كل الأيام العشر، لكن هو في الأصل يوم الوقفة، وكثرة الذكر تقرأ القرآن كل يوم، الدعاء، الإقبال على الله، العمل الصالح، بر الوالدين، تفقد الأقارب، الصوم وكثرة الذكر، والتهليل لا إله إلا الله، والتكبير الله أكبر، والدعاء يوم عرفة، وصيام يوم عرفة، وذبح الأضحية، ولبس الحسن من الثياب؛ هذه كلها بنود ما ينبغي أن نفعله في هذه الأيام العشر. أما التفاصيل، يقولون –هذا هو الموجز، وإليكم أخبارنا بالتفصيل-
يستحب الإكثار من الذكر في العشر من ذي الحجة قال تعالى:
﴿ لِّيَشْهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِىٓ أَيَّامٍۢ مَّعْلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلْأَنْعَٰمِ ۖ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ (28) ﴾
الأيام المعلومات هي هذه الأيام، العشر أيام ( وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِىٓ أَيَّامٍۢ مَّعْلُومَٰتٍ) إذاً أول بند، كثرة الذكر.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) ﴾
ضع تحت كلمة كثير عشرة خطوط، الذكر. المنافقون يذكرون الله وقال تعالى:
﴿ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوٓاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) ﴾
فنحن كمؤمنين ينبغي أن نذكر الله ذكراً كثيراً. دخلت إلى البيت اذكر الله، لي بيت، نظرت إلى زوجتك امرأة طاهرة، عفيفة، تخدمك وتقوم بكل حاجاتك، وتربي أولادك؛ هذه نعمة ثانية. الصحة جيدة لا يوجد خثرة في الدماغ، لا يوجد فشل كلوي، لا يوجد تشمع كبد. هناك كل مرض يهز الجبال، بصحة طيبة.
هذه النِّعم المألوفة إذا أُلفت نُسيت، والدعاء:" اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها". البطولة أن ترى هذه النعم بوجودها لا بزوالها.
إذاً كثرة الذكر (ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) ضع تحت كلمة كثير أربعة خطوط أو عشرة خطوط؛ لأن المنافق يذكر الله، لكن يذكره ذكراً قليلاً. إذاً كثرة الذكر في هذه الأيام. يعني تقرأ أنت خمس صفحات كل يوم اقرأهم عشر صفحات. تصلي السنة اعمل نفلاً بعد السنة. ارفع من مستوى عباداتك في هذه الأيام.
ثانياً: التهليل والتكبير والتحميد:
طبعاً، التهليل لا إله إلا الله، لا معبود إلا الله، لا مسيّر لهذا الكون إلا الله، لا فاعل إلا الله، لا معطي إلا الله، لا مانع إلا الله ، لا رافع إلا الله، لا خافض إلا الله، لا مُعزَّ إلا الله ،لا مُذلَّ إلا الله، واسعة جداً.
لا إله إلا الله نهاية العلم . هناك نقطة دقيقة .
﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِىٓ إِلَيْهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعْبُدُونِ (25) ﴾
(وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ) إعراب "من" دقيق جداً لاستغراق أفراد النوع. كيف؟ أنت معلم في صف، أمامك خمسون طالباً. قلت لهم: لكم عندي هدية غداً. جاء الغد هم خمسون، مع خمسين هدية، لكن هناك اثنان غائبان. إذا قلت لكم: عندي هدية، الخمسون. إذا قلت: ما من واحد في هذا الصف إلا وله هدية، دخل الغائبون. يعربونها حالاً لاستغراق أفراد النوع. إذاً "من" تفيد استغراق أفراد النوع. (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ) حتى الذين لم يُذكروا في القرآن (إِلَّا نُوحِىٓ إِلَيْهِ) : الآن كلمات دقيقة (أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعْبُدُونِ )
(لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا ) هذا التوحيد، نهاية العلم التوحيد، ألّا ترى مع الله أحداً، لا معطي إلا الله، لا مانع إلا الله ، لا رافع إلا الله، لا خافض إلا الله، لا معزَّ إلا الله ،لا مُذلَّ إلا الله، ألّا ترى مع الله أحداً.
إذاً كثرة الذكر في هذه الأيام. التهليل لا إله إلا الله، والتكبير الله أكبر. يوجد معنى دقيق لهذه الكلمة. أي مهما عرفت عن الله فهو أكبر مما تعرف، بلانهاية. كلما عرفت الله معرفةً، وظننت أنك عرفته، هو أكبر من ذلك، أرحم من ذلك، أحكم من ذلك. فالتهليل والتكبير والتحميد قال النبي الكريم:
(( ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من هذِه الأيَّامِ العشرِ فأكثروا فيهنَّ منَ التَّهليلِ والتَّحميدِ والتسبيح والتَّكبيرِ ))
يُسن صوم أول تسعة أيام من ذي الحجة، وكان النبي الكريم يصوم تسعة ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر؛ هذا صيام النفل.
ويستحب لمن أراد أن يضحي ألا يأخذ شيئاً من شعره، أو أظفاره؛ هذه مستحبات. يُفهم الدين أحياناً فهماً غير معقول، يعني أنت إذا قلمت أظافرك، وحلقت شعرك؛ الأضحية غير مقبولة. لا ليست إلى هذه الدرجة، هذه مبالغة. يُستحسن ألآ تقلم أظافرك، وألا تحلق شعرك؛ هذه من المستحسنات. ليس الأضحية التغت، هذه مبالغة.
قال النبي الكريم:
(( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ))
أعظم ليلة ليلة القدر. أعظم يوم يوم عرفة. أعظم مجموعة أيام هذه الأيام. قيل: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة "وأفضل ما قُلتُ أنا والنَّبيُّون من قَبلي: لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَه، لا شَريكَ له"
هذا التوحيد: ألّا ترى مع الله أحداً ، دقيقة. الله قال يوم القيامة:
﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍۢ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَآءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَٰٓؤُاْ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) ﴾
هناك واحد معه جيش، معه قوة، معه دعم عالمي، معه قبيلة كبيرة، معه أسلحة فتاكة، معه سلاح طيران، معه قنبلة ذرية؛ هذه كلها في الدنيا. (جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ) .
ليس معك عشيرة تدافع عنك، ولا معك طائفة تخاف منك، تُخوف الكل من أجلها، ولا معك أموال طائلة لا تأكلها النيران، ولامعك منصب رفيع. أحدهم حكم اليابان سبعين سنة رئيس وزارة. لا يوجد منصب ولا يوجد عزوة، ولا يوجد قبيلة (جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ) .
كل الذكاء، والفلاح، والنجاح، والتفوق أن تُعِدّ لهذا اليوم عدته؛ هذا الذكي. يعني إذا كان عند إنسان امتحان ومصيري، ويترتب على نجاحه في هذا الامتحان منصب رفيع، وبالتالي بيت فخم، وبالتالي زوجة رائعة، وبالتالي سيارة، وبيت بالعاصمة، وبيت على البحر، وبيت في الجبل مثلاً، هذا كله مبني على هذا اليوم؛ فلذلك الدعاء يوم عرفة. أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة “وأفضل ما قُلتُ أنا والنَّبيُّون من قَبلي: لا إلهَ إلَّا اللهُ "، لا معطي، لا مانع، لا معز، لا مُذل، لا قوي إلا الله؛ هذا التوحيد. وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد. ومن جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم كلها. ابن آدم، اطلبني تجدني. فإذا وجدتني وجدت كل شيء. وإن فُتّك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء؛ هذا التوحيد.
سبحان الله! أحياناً الشمس ساطعة، واضح، لكن تأتي بمكبر صغير، تضع ورقة في محرقها تحترق. الشمس لا تحرق، أما الشمس إذا تجمّعت في بؤرة واحدة تحرق كل شيء. أحضر أنت الآن عدسة صغيرة، وورقة، ضع هذه الورقة في مِحرق العدسة تحترق مباشرة. هذا عندما تجمع كل طاقاتك، كل اهتماماتك أن تعرف الله؛ ارتقيت إلى أعلى عليين. فلذلك ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، ألّا ترى مع الله أحداً. لا يوجد معطٍ، ولا يوجد مانع، لا يوجد قاهر إلا الله، ولا يوجد غني إلا الله، ولا يوجد مُسعد إلا الله، وهكذا....
إذاً أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة “وأفضل ما قُلتُ أنا والنَّبيُّون من قَبلي: لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَه، لا شَريكَ له" .
سادساً: لبس الثياب الحسنة:
لبس الثياب الحسنة يوم العيد هذا من الأمور المستحبة، يعني الإنسان يتزين.
﴿ يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍۢ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُوٓاْ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ(31) ﴾
وفي العيد، هناك نقطة دقيقة قد تغيب عنا جميعاً. مهما تكن هناك مأساة في الأمة، حرب، يجب أن تفرح في العيد، ويجب أن تُفرح الصبيان في العيد، الطفل الصغير العيد عنده شيء كبير. مهما يكن في الأمة من أزمة، بلد محتل، زلزال، ينبغي أن تفرح في العيد؛ إكراماً للصغار.
أحياناً الصبي ينتظر السنة من العيد إلى العيد، سيعطيه عمه خمسة دنانير، وخاله خمسة دنانير الخ...سيجمع عيديات كثيرة. ّلا تحبط أمل الصغار في العيد لو كان هناك احتلال، لوكان هناك قهر، لوكان هناك زلزال؛ هكذا التوجيهات النبوية.
هذه الأيام ينبغي أن تحتفل بها إكراماً لهؤلاء الصغار، الذين ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر، لذلك قال الحسن بن سيدنا علي: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأسمن ما نجد.
يعني الأضحية، إطعام اللحم، إطعام الطعام، هناك أوضاع صعبة جداً في البلاد، فأنت عندما تجعل عملك الصالح أضحية. يقولون: حتى لو تصدقت بثمنها، أليس أولى؟ لا ليس أولى. هذه الأضحية يعني أب
يكون عليه دين أعطيته ثمن الأضحية، وفّى الدين، لكن هذا الطفل لم يأكل اللحم. البطولة أن تنفذ التعليمات الإلهية والنبوية تماماً "الأضحية".
(( ما عملَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النحرِ أحبُّ إلى اللهِ تعالى من إراقِة دمٍ، إنهُا ليأتي يومَ القيامةِ بقرونِها وأشعارِها وأظلافِها، أي توضع في ميزانه، وإنَّ الدمَ ليقعُ من اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ من الأرضِ فطِيبُوا بها نفسًا. ))
هذه العشر الأيام القادمة؛ أيام استثنائية، كيف إذا أنت لك نظام معين، لكن بأحوال خاصة تكرس -عبارة صحيحة فصيحة -تكرس كل جهدك لعمل واحد، لذلك (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) الأمر جاء ذكراً كثيرا، ذكر (وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)
المنافق يذكر الله لكن قليل، فأنت كمؤمن ينبغي أن تذكر الله ذكراً كثيراً، فلذلك هذه عبادة موسمية.
عندنا عبادة سنوية، عندنا عبادة موسمية، عندنا عبادة شهرية، عندنا عبادة أسبوعية صلاة الجمعة، عندنا عبادة يومية، فالعبادة اليومية أن تستقيم على أمر الله. أنت كائن أول لك إله عظيم. هذا الإله العظيم له شرع حكيم. فالبطولة، والذكاء، والنجاح، والفلاح أن تخضع لمنهج هذا الإله العظيم. يعني تعليمات الصانع.
يعني للتقريب، اشتريت سيارة غالية جداً، وأنت تركبها تألق ضوء أحمر في لوحة البيانات. يعني إن فهمته هو تألق تزيني احترق المحرك، تحتاج إلى مئة ألف، أما إن فهمته بحسب تعليمات الصانع" ضوء تحذيري" ماذا فعلت؟ أوقفت المركبة، أضفت الزيت، لتر واحد أنقذ المحرك من أن يحترق. تعليمات الصانع لصالحك. هو الخبير.
عبارة ثانية؛ أنت راكب المركبة، دخلت في فرع من فروع الطُرق، مكتوب "ممنوع الدخول حقل ألغام" هذه اللوحة وُضعت لتحرمك من الذهاب لهذا المكان؟ لا، لا. هل وُضعت حداً لحريتك؟ قال: لا.
وُضعت ضماناً لسلامتك. في اللحظة التي تفهم فيها أن المحرمات ليست حداً لحريتك، ولكنها ضمان لسلامتك، كنت فقيهاً ورب الكعبة. أي شيء الله أمرك به لصالحك لتزداد قرباً منه، لتزداد قوة في الحياة، لتزداد طمأنينة، لتزداد سعادة، وأي شيء نهاك عنه أبعدك عن مسببات الهلاك، فهذا الشرع لصالحك.
يعني بتعبير معاصرهو تعليمات الصانع . تعليمات الصانع لصالح المستخدم. لهذه الآلة، قال لك: افعل
كذا كل أسبوعين بالتزييت مثلاً، لصالحك كل تعليمات الصانع لصالح هذه الآلة، وأنت أعقد آلة في الكون، تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز ، ولهذه الآلة بالغة التعقيد؛ تعقيد الإعجاز صانع عظيم ورب كريم. فاتباع تعليمات الصانع ضمنت سلامتك وسعادتك.
هناك في الأرض الآن ثماني مليارات إنسان، سأوسع الدائرة ثماني مليارات إنسان، في أهل الأرض أحد يحب المرض؟ واحد؟ ولا واحد، أحد يحب الفقر؟ ولا أحد. يحب القهر؟ ولا أحد، أبداً. هناك أحد لا يحب بيتاً واسعاً؟ وزوجة تروق له؟ وحرفة راقية؟ مكانة اجتماعية، أبداً.
المحرمات المكروهات في حياة الناس واحدة، والإيجابيات واحدة، فالبطولة أن تعرف الله، وتطبق منهجه لصالحك " ابن آدم، اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فُتّك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء"
فـلو شاهدت عينـاك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنـا لغيرنـا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
ولو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلا بحبنا
ولو نسمـت من قربنـا لك نسمة لــمت غريبـاً واشتياقاً لقربنـا
فمـا حبنـا سهـلٌ وكـل من ادعى سهولته قلنـا له قـد جهلتنــا
فأيسر مافي الحب للصبّ قتله وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
والحمد لله رب العالمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تُؤثر علينا، أرْضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين، الفاتحة.
الملف مدقق