- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (033)سورة الأحزاب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الدعاة ليس من شأنهم أن يضيفوا عليهم أن يبلِّغوا:
أيها الأخوة المؤمنون؛ مع الدرس الثاني عشر من سورة الأحزاب.
وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى:
بادئ ذي بدء من قوله تعالى:
﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ
عدد القضايا التي عالجها القرآن والسنَّة والتي نهى عنها القرآن والسنَّة عددٌ تام:
في هذه الآية:
مهمة من جاء بعد رسول الله في التبليغ لا في الإضافة ولا في الابتداع:
الآن معالجة القرآن والسنة لموضوعٍ في حياتنا معالجة كاملة، أحياناً بعض الكتب تُفَصِّل في موضوع وتختصر في موضوع، وتوفِّي هذا الموضوع حقَّه ولا توفي هذا الموضوع حقَّه:
دعوة الإنسان عليها أن تكون مُنَزَّهَةً عن كل غرضٍ دنيوي:
لذلك كل إنسان أضاف في الدين ما ليس منه فهو مبتدع، والمبتدع ينبغي أن يُحَذَّرَ منه، المبتدع هو الذي يضيف على الدين شيئاً ليس منه، هذا يفهم من قوله تعالى:
﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى
أي يجب أن تكون الدعوة مُنَزَّهَةً عن كل غرضٍ دنيوي.
أولو العلم يشهدون عدالة الله عزَّ وجل وكمال رسوله ودعوته وكلامه:
إذا كانت الدعوة متلبِّسَةً بغرضٍ دنيوي فالدعوة عندئذٍ يُشَكُّ في صحَّتها، سيدنا إبراهيم:
﴿
متى جعله للناس إماماً؟ بعد أن أتمَّ كلمات الله، أي طاعة الله هي كل شيءٍ قبل أن تدعو إليه، أن تكون مُنَزَّهَاً عن أية مصلحةٍ دنيويَّةٍ هي كل شيءٍ قبل أن تدعو إليه، وعندما قال ربنا عزَّ وجل في آياتٍ أخرى:
﴿
أي أن أولي العلم يشهدون عدالة الله عزَّ وجل، هذه علامةٌ من علاماتهم:
﴿
يجب أن تشهد للناس بعدالة السماء، بكمال الله، بكمال رسوله، بكمال دعوته، بكمال كلامه:
الله عزَّ وجل في كل أمرٍ أمرنا به جاء التعليل بعده:
﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ
وقال:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾
وقال:
﴿
إذاً هذه:
وهذه:
﴿
إذاً هناك إشاراتٌ في القرآن الكريم.
الاستقامة ركنٌ أساسي في الدعوة إلى الله عزَّ وجل:
الاستقامة ركنٌ أساسيٌ في الدعوة إلى الله عزَّ وجل لقوله تعالى:
﴿
إنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، أن تقول: يا أخي هذا نبي وأنا لست نبياً، من قال لك ذلك؟ إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، لكن هذه الآية فيها دقَّةٌ بالغة، هو أن الله عزَّ وجل حينما وصف هؤلاء الذين يبلِّغون رسالات الله، بماذا وصفهم هنا في هذه الآية؟ بأنهم يخشونه، والحقيقة متى يخشى الإنسان الله؟ إذا رأى أن الأمر كلَّه له، فإذا رأى أن الأمر لله ولغير الله خشي الله وخشي غيره فصار في شرك.
حينما تخشى غير الله فهناك نقصٌ في التوحيد:
حينما تخشى غير الله فاعلم علم اليقين أن هذا نقصٌ في توحيدك، والحقيقة يمكن أن تتعلَّم أمر الله، وأن تذكر دقائقه وجزئيَّاته، ولكن تعلُّم أمر الله شيء والتوحيد شيءٌ آخر، التوحيد أن تعرفه، وأمر الله يجب أن تعرفه أيضاً، لكن قد تكون معرفتك بأمر الله أكبر من معرفتك بالله عزَّ وجل، لذلك مع أنك تحمل العلم الشريف تخشى غير الله، وترضي غير الله على حساب دينك، إذاً حينما تخشى غير الله فهناك نقصٌ في التوحيد، وما تعلَّمت العبيد أفضل من التوحيد، بل إن نهاية العلم التوحيد، ودائماً وأبداً أذكر لكم هذا المثال؛ أنت إذا أيقنت أن هذا الطلب لا يوافق عليه إلا فلان من بين آلاف الموظَّفين، وهو المدير العام، ليس لك مصلحةٌ أن تقف على باب إنسانٍ آخر، ولا أن ترجو إنساناً آخر، إذا أيقنت أنه لا يعطيك الموافقة إلا المدير العام مثلاً، إذاً أنت تقطع كل علاقاتك بكل الموظَّفين وتتجه إلى من بيده الأمر، هذا مثل، وأنت إذا أيقنت أن أمرك كلَّه بيد الله لا بيد زيدٍ أو عُبيد قطعت آمالك، وتعلُّقاتك، وطموحاتك، ورجاءك، ورغبتك مما سوى الله، وتوجَّهت إلى الله وحده، إذاً الخوف من غير الله عزَّ وجل، أو عدم الإخلاص لله عزَّ وجل هذه كلها أعراض مرضٍ واحد، وهذا المرض هو الشرك أو نقصٌ في التوحيد، إذاً كلَّما رأيت إنساناً يرضي إنساناً ويعصي خالقاً، يرضي مخلوقاً ويعصي خالقاً، يطيع زيداً على حساب دينه، أو على حساب أمر ربِّه، فاعلم أن هذه الطاعة جاءت بدافع الخوف منه، ولماذا خاف منه؟ لأنه رأى أن له قوةً يبطش أو يعطي بها، إذاً دخل الشرك في الموضوع، فلذلك ليس من السهولة أن تكون موحِّداً، ليس من السهولة ألا ترى إلا الله، ليس من السهولة أن ترى يد الله فوق أيديهم، ليس من السهولة أن ترى:
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
هذا هو الدين، الدين ألا ترى مع الله أحداً، وأن ترى أن المعطي والمانع، والمعز والمذل، والباسط والقابض هو الله وحده.
حينما تقف أمام أمر الله فإيمانك بعظمة الله يقتضي أن تسلِّم أمرك له:
لذلك جاءت هذه الآية:
الداعية إلى الله حينما يخشى غير الله انتهت دعوته وسقطت:
إذاً:
لا ينضبط الإنسان إلا بثلاث حقائق؛ إذا أيقن أن الله موجود وأنه يعلم وأنه سيحاسِب:
﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)﴾
ليس لك إلا ما سعيت، وهذا السعي في علم الله، وسوف تجزاه الجزاء الأوفى، أي في سورة النجم يقول الله عزَّ وجل:
﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى(31)﴾
من لوازم إيمانك بالله أنك تغار على الخلق وتحبُّهم وتهديهم إلى سواء السبيل:
علَّة وجودك في الدنيا أنك مُبْتَلَى، وأنَّك ممتَحَن، وسوف تُجزى بكل عملٍ فعلته، لذلك ورد أن الله عزَّ وجل يقول: "وعزَّتي وجلالي لا أقبض عبدي المؤمن وأنا أحبُّ أن أرحمه إلا ابتليته بكل سيئةٍ كان عملها سقماً في جسده، أو إقتاراً في رزقه، أو مصيبةً في ماله أو ولده حتَّى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء شدَّدت عليه سكرات الموت حتَّى يلقاني كيوم ولدته أمُّه".
النبي عليه الصلاة والسلام لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يخشى إلا الله:
قال تعالى:
﴿
أنت كم إنساناً دللتهم على الله؟ كم إنساناً أخذت بيدهم إلى الله؟ كم إنساناً أقنعتهم بأحقيَّة هذا القرآن؟ كم إنساناً أقنعته بالاستقامة على أمر الله؟ كم إنساناً استطعت أن تجعله يسلك سبيل المؤمنين؟ هذا حجمك عند الله،
التبني عادة جاهليَّة تؤدي إلى اختلاط الأنساب وإلى الفساد الاجتماعي:
المنافقون حينما تزوَّج النبي عليه الصلاة والسلام بزوجة متبنَّاه زينب بنت عمَّته، ماذا قالوا؟ يا للعار أيتزوَّج محمدٌ زوجة ابنه زيد؟ أشاعوا هذا، وأرجفوا في المدينة، وقالوا متشفين فجاء الجواب:
محمدٌ أبٌ للصحابة بالمعنى الاجتماعي له عطفه ورعايته ورحمته فهذه أبوَّةٌ معنويَّة:
لذلك قال ربنا عزَّ وجل:
وشيء آخر أن هذه التي عاشت مع رسول الله لا يمكن أن يطيب لها العيش مع من دونه، لذلك حكم الله عزَّ وجل بأنه جعل نساء النبي أمَّهات المؤمنين، بمعنى أنه لا يجوز لمؤمنٍ أن ينكح زوجةً من أزواج النبي من بعده أبداً، إذاً الحكم الشرعي أن النبي عليه الصلاة والسلام ليس أباً لواحدٍ من المؤمنين، إذا قلنا: إنه كالأب فهذا من باب العطف، والرعاية، والإكرام، والرحمة، والشفقة، والاهتمام، ليس غير، أما أن يكون أباً بالمعنى النسبي فهذا ليس صحيحاً، وليس أباً للمؤمنات، والدليل أنه تزوَّج من النساء الكثيرات، ولو كان أباً للمؤمنين لما حُقَّ له الزواج من بناته، لكن نساءه أمَّهات المؤمنين، هذا من باب التقديس، والتعظيم، والصَوْنِ، والحفاظ على مكانته صلَّى الله عليه وسلَّم، ورعايةً لمصالح المؤمنات أمَّهات المؤمنين من بعده.
خاتم النبيين أي آخر النبيين ولا نبيَّ بعده وكل من يدَّعي أن بعد النبيِّ نبيَّاً فهو ضالٌ يقيناً:
(( إنَّ اللَّهَ قد أجارَ أمَّتي أن تجتمِعَ علَى ضلالةٍ. ))
إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، أجمع العلماء قاطبةً أن معنى هذه الآية أنه خاتم النبيين أي آخر النبيين ولا نبيَّ بعده، وكل فرقةٍ ضالةٍ تدَّعي أن بعد النبيِّ نبيَّاً فهي فرقةٌ ضالةٌ يقيناً، أي يعلِّلون أن الخاتم من الختم، لا، خاتم أي آخر النبيين قولاً واحداً بإجماع العلماء.
مخاطبة الله عزَّ وجل الناس بكليَّات الدين وأصوله ومخاطبة المؤمنين بفروعه:
أحد أوامر الله عز وجل أن تذكره ذكراً كثيراً:
هناك سؤال دقيق هو: ما الشيء الذي أعددته كي تلقى الله به؟ الإنسان أحياناً يزمع أن يزور شخصاً؛ أنجب مولوداً، أو عقد قِراناً، يقول لك: هل سأذهب بيدي؟ لا يتحمَّل حاله، هل أعددت هديَّةً تقدِّمها بين يدي هذه الزيارة؟ أنت تلقى الواحد الديَّان، عشت سنواتٍ طويلة؛ أكلت، وشربت، وتنعَّمت، وتزوَّجت، وأنجبت، وزوَّجت، وارتقيت، واغتنيت، وفعلت، وتركت، ولكن بعد هذه الرحلة الطويلة حينما تأتي الله عزَّ وجل يوم القيامة، ماذا أعددت لهذا اللقاء؟ ماذا هَيَّأت؟ هل هيأت برَّ الوالدين؟ هل هيَّأت نُصْحَاً للمسلمين؟ تفقُّهاً في كلام الله؟ دعوةً إلى الله؟ رعيت الأرامل؟ عطفت على الأيتام؟ عاونت الناس؟ فماذا أعددت؟ هذا السؤال يا إخوان كبير جداً، هناك حركة يوميَّة هذه تستهلكنا أحياناً، استيقظنا، ذهبنا إلى أعمالنا، كسبنا المال، جئنا إلى البيت، تناولنا طعام الغداء، نمنا، سهرنا، تسامرنا، طرِبنا، ثم نمنا، حياةٌ تمضي إلى أن يأتي الخبر السيئ أن فلاناً انتقل إلى رحمة الله تعالى، هذا شيء طبيعي، ماذا أعددت لله عزَّ وجل؟ ماذا أعددت للقاء الله عز وجل؟
ليس فحوى الأمر أن تذكر الله بل فحوى الأمر أن تذكر الله ذكراً كثيراً:
لذلك:
اعلم علم اليقين أن كل شيءٍ تقوله محاسبٌ عليه:
قال عليه الصلاة والسلام: عن أبي الدرداء:
(( أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم، وأَزْكاها عِندَ مَلِيكِكُم، وأَرفعِها في دَرَجاتِكُم، وخيرٌ لكم من إِنْفاقِ الذَّهَب والوَرِقِ، وخيرٌ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبوا أعْناقكُم؟! قالوا: بَلَى، قال: ذِكْرُ اللهِ. ))
خير أعمالكم اسم تفضيل، والحقيقة في التفسير الدقيق ذكر الله كلمةٌ واسعةٌ جداً، أي إذا تفكَّرت في خلق السماوات والأرض فقد ذكرت الله، وإذا تلوت آيات القرآن الكريم فقد ذكرت الله، وإذا تلوت الحديث الشريف فقد ذكرت الله ، وإذا درست أبواب العلم الشريف فقد ذكرت الله، وإذا قرأت عن سيرة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وسيرة أصحابه الأطهار فقد ذكرت الله، وإذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر فقد ذكرت الله وإذا جلست مع أخيك تُذَكِّره بالله فقد ذكرت الله، فهذه واسعةٌ جداً، لك أن تذكره بالاسم المفرد: الله، الله، الله، وكلَّما انقطع نفسك قلت: إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلبي، ولك أن تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هذا ذكر، ولك أن تدعو الله بما شئت من الأدعية، ولك أن تقرأ كلامه، ولك أن تفكِّر في الكون، ولك أن تأمر بالمعروف، وأن تنهى عن المنكر، وأن تطلب العلم، وأن تفهم تفسير القرآن، وهذا مجلس ذكر:
﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)﴾
وكل حركة تتحرَّكها مصوَّرة ومسجَّلة، فإذا قاد أحدهم في طريق مراقب بالرادار تجده منضبطاً، يقلل السرعة إلى الثمانين لكيلا يلقطوا لنا صورة، أنت مع إنسان إذا سجَّل عليك شيئاً تخاف منه، إنسان عادي وإذا سجَّل عليك كلمةً قلتها، أو موقفاً فعلته، أو صوَّره لك، وطالبك بالمسؤوليَّة تحسب حساباً، فكيف مع الواحد الديَّان؟ قال:
اختار الله بكرةً وأصيلاً لأنهما طرفان للنهار مرتبطان بالنوم فاذكر الله فيهما:
التسبيح هو التنزيه والتمجيد:
(( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا.))
قال:
المُصلي لا يغدر ولا يكذب ولا يستعلي ولا يظلم لأنه اصطبغ بصبغة الله:
لكن صلاة الله عزَّ وجل: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم﴾ الحقيقة يمكن نفهم الصلاة ماذا تعني، قال:
﴿
المصلي يمتلك رؤية صحيحة وقلباً طاهراً وكاملاً:
المصلي اتصل بالله، والله نور، ألقى الله في قلبه النور:
﴿
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)﴾
إذاً المؤمن مستنير بنور الله، اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ، هذه الصلاة، مع النور يوجد شيء آخر، مع النور يوجد اصطباغ بصبغة الله عزَّ وجل، يصلح المؤمن رحيماً، أبعد القلوب من الله القلب القاسي، كلَّما اقتربت من الله عز وجل اصطبغت بالرحمة، بالعدل، بالإنصاف، باللطف، بالشفقة، بالتواضع، وكلُّ مكارم الأخلاق من اتصالك بالله عزَّ وجل، إذاً المصلي يمتلك رؤية صحيحة، وقلباً طاهراً، وقلباً كاملاً.
مكارم الأخلاق مخزونةٌ عند الله تعالى فإذا أحبَّ الله عبداً منحه خُلُقاً حسناً:
التخلية قبل التحلية، تُخَلَّى من كل العيوب، ومن كل أدران النفس، ثم يُحلَّى القلب بمكارم الأخلاق، ومكارم الأخلاق مخزونةٌ عند الله تعالى، فإذا أحبَّ الله عبداً منحه خُلُقاً حسناً، إذاً:
﴿
إذاً:
صورة من القرآن الكريم عما أعده الله للمؤمنين في الدنيا والآخرة:
في الدنيا طهارة قلب، وكمال، وسعادة، واستنارة، وعند الهول الأعظم سلام، وبعد هذا الهول الأعظم إكرام إلى الأبد، فهذه الآية:
للمؤمن مهمّتان؛ مهمَّة التبليغ والتزكية:
القرآن يبشّر المؤمن بالجنة إذا ثبت على ما هو عليه:
كما قلت لكم من قبل: لو وُعِدَ الإنسان بمبلغ كبير سيقبضه بعد عام، في هذا العام هو من أسعد الناس، مع أنه ما قبض من المبلغ شيئاً، لكنه دخل بالوعد القطعي، كل قضاياه تحل، يقول لك: غداً أفعل كذا، أفعل كذا، فالمؤمن حينما يوقن أنه من المبشَّرين بالجنَّة، طبعاً القرآن بشَّره إذا ثبت على ما هو عليه، لا يغيِّر الله ما بقومٍ حتَّى يغيِّروا ما بأنفسهم:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ
أنت تطلب من الله الكرامة والله يطلب منك الاستقامة:
إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكَّل على الله، إذا أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك، إذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله، القضيَّة واضحة كالشمس، ما منَّا واحدٌ إلا ويتمنَّى أن يكون أغنى الناس، وأقوى الناس، وأكرم الناس، فعليه بطاعة الله، أنت تطلب من الله الكرامة وهو يطلب منك الاستقامة،
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين