وضع داكن
27-04-2024
Logo
حياة المسلم 4 - إذاعة حياة إف إم : الحلقة 16 - إلا ليعبدون.. لماذا؟
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صلّ وسلم ، أنعم وأكرم على النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم .
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، مستمعينا الأكارم ومشاهدينا ومتابعينا عبر صفحة إذاعة حياة على الفيس بوك أهلاً ومرحباً معنا في البث المباشر مع فضيلة العلّامة المربي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، شيخنا السلام عليكم ومرحباً بكم .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
 أكرمكم الله دكتور ، أيها الأحبة يقول الله في كتابه الحكيم :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[ سورة الذاريات ]

 هذا عنوان حلقتنا لهذا اليوم : " إلا ليعبدون " فلماذا جعل الله سبحانه العباد هي الرابط بين الخلق والخالق ؟ ولم خلق الله الخلق وهو غني عنهم وعن حاجاتهم وعن عباداتهم ؟ نبدأ مع فضيلتكم بتوضيح المفاهيم والمصطلحات حينما نقول قوله تعالى :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[ سورة الذاريات ]

 ماذا تعني كلمة العبادة دكتور ؟

الله تعالى خلقنا ليرحمنا :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 قبل أن نقول ما تعني كلمة العبادة قال تعالى :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 الله عز وجل ذات كاملة ، صاحب الأسماء الحسنى والصفات العلا ، غني عنا كلياً، خلقنا ليرحمنا ، والدليل القطعي :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 كلمة رحمة تشرح بسنوات ، الرحمة مطلق العطاء ، من حياة إلى طعام إلى شراب إلى سعادة إلى قرب من الله ، شيء واقع جداً :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 خلقهم ليرحمهم ، هذا الشيء المسلم به في هذا الدين العظيم خلقنا ليرحمنا ، هو غني عنا ، خلقنا ليرحمنا إلى أبد الآبدين في جنة عرضها السماوات والأرض ، إلا أن هذه الجنة فيها ملاذ المخلوقات التي لم تكلف ، لم تحاسب ، رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة ، وركِّب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركِّب الإنسان من كليهما ، مثل أب غني كبير ، عنده عشرة أولاد ، عمل خطة أي ولد له بيت وسيارة ومئة ألف كل شهر ، لكن إذا أحدهم أتى بالدكتوراه من بلاد بعيدة يعطيه نصف المعمل ، هذا استثناء ، أما كل ولد فله مبلغ كاف ..
 رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة ، وركِّب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركِّب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان .
 فالحيوان شهوة بلا عقل لا يحاسب ، والملك عقل لا يحاسب ، الإنسان أودعت فيه شهوة وعقل ، فإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان ، الإنسان يكبر ويكبر ويكبر ولا ترى كبره فيتضاءل أمامه كل عظيم ، ويصغر ويصغر ويصغر ولا ترى صغره فيتعاظم عليه كل حقير ، إما أن الإنسان هو خير البرية أو هو شر البرية .
المذيع :
 شيخنا عندما نقول : إلا ليعبدون ، ماذا تعني كلمة العبادة ؟

الشهوات حيادية :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 النقطة الدقيقة أنك أنت الكائن الأول ، يوجد شهوات ، الشهوات تمارس بشكل مفتوح، أودع في الإنسان شهوة المرأة ، شهوة المال ، العلو في الأرض ، إلى آخره ، هذه الشهوات تنفذ بمئة وثمانين درجة ، جاء هذا الشرع العظيم أعطاك مئة وخمسين درجة مباحة ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل الله قناة نظيفة تسري خلالها ، إنسان اشتهى المرأة ، بعد أن أصبح شاباً الزواج قناة نظيفة طاهرة ، هذا الزواج فيه أولاد وأحفاد وأصهار ومكانة اجتماعية ، المرأة تكون شابة عروساً ثم أماً مرتبة أعلى ثم جدة مرجع للأسرة كلها ، ترتيبات إله عظيم ، النقطة الدقيقة ليس في الإسلام حرمان ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل الله قناة نظيفة تسري خلالها ، للتقريب ؛ الشهوة كالوقود صفيحة البنزين في المركبة إن وضع في المستودع المحكم ، وسار في الأنابيب المحكمة ، وانفجر في الوقت المناسب في البستونات ، ولّد حركة نافعة ، أقلتك وأهلك في العيد إلى مكان جميل ، سيارة أربعة مقاعد أو خمسة ، معك أولادك وزوجتك ، شيء جميل جداً ، صفيحة البنزين نفسها لو صبّت على المركبة ، وأصابتها شرارة أحرقت المركبة ومن فيها ، فالشهوات قوة دافعة أو قوة مدمرة ، من هو المؤمن ؟ المؤمن مارس كل شهواته وفق منهج الله ، قال تعالى :

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) ﴾

[ سورة القصص ]

 معنى ذلك يوجد هوى بالعلم ، اشتهى المرأة يوجد زواج ، اشتهى المال يوجد عمل ، اشتهى المكانة يوجد عمل صالح ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، لا يوجد حرمان .
المذيع :
 شيخنا الحبيب السؤال الذي يطرحه البعض ما هو سبب وجود الخلق في هذه الحياة ؟ لماذا خلق الله الخلق ؟

الإنسان هو المخلوق الأول رتبة لأنه قبِل حمل الأمانة :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 الإجابة آية قرآنية واضحة قاطعة :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 أسماؤه حسنى ، صفاته علا ، أراد أن يخلق الخلق ليسعدوا ، الحيوانات قبلوا بلا محاسبة أعطوا الشهوات ، والملائكة قبلوا بلا محاسبة أعطوا العقل ، الإنسان هو الذي قبل حمل الأمانة ، النقطة الدقيقة جداً :

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)﴾

[ سورة الأحزاب ]

 والسماوات والأرض والجبال مصطلح قرآني يعني ما سوى الله ..

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)﴾

[ سورة الأحزاب ]

 قال : أنا أهل لها ، مثال : أب عنده عشرة أولاد ، كل ولد مئة ألف في الشهر وبيت وسيارة وزوجة ، من يحضر دكتوراه من بلد بعيد له نصف المعمل ، هذا عرض استثنائي :

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)﴾

[ سورة الأحزاب ]

 فلما قبِل حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول رتبة ، إن قصر في حملها يحاسب في معصية ، إن رفض حملها صار في كفر .
المذيع :
 شيخنا في القضية التي ذكرتها أن الله سبحانه وتعالى عرض الأمانة والسماوات والأرض والجبال الآية تتحدث والفعل بصيغة الماضي :

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)﴾

[ سورة الأحزاب ]

تسبيح كل شيء بحمد الله :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 هذا في عالم الأزل .
المذيع :
 أنا هذا سؤالي هل تمّ في الماضي ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 في عالم الصور ، نحن الآن في عالم الصور ، الأزل قبل ملايين السنين ، قبل خلق الكائنات ، الطاولة الخشب هذه كانت نفساً ، ما الدليل ؟ قال تعالى :

﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) ﴾

[ سورة الإسراء]

 السماوات والأرض أ الكون ، والكون ما سوى الله ، كل شيء خلقه الله يسبح :

﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) ﴾

[ سورة الإسراء]

 أي ما من شيء إلا يسبح بحمده ، المخلوقات تسبح بلا مسؤولية ..
المذيع :
 السؤال الفلسفي الذي يطرح أن الله عز وجل غني عن خلقه وعباده خلقهم ليسعدهم ، لماذا من الأساس أوجد الكون ؟ لماذا يسعدهم ؟ لماذا كل هذه العملية الإيجابية للبشر؟

الله تعالى خلق الإنسان ليسعده :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 الإله ذات كاملة ، ذات قوية كاملة ، أراد أن يخلق المخلوقات ليسعدهم ، والدليل :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 واضحة كالشمس خلقنا ليرحمنا ، قال تعالى :

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن : 46]

 جنة في الدنيا و هي جنة القرب ، وجنة في الآخرة هي جنة الخلد .
المذيع :
 شيخنا الحبيب الله عز وجل قال :

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[ سورة الذاريات ]

 والله غني عن عبادتهم إن أطاعوا جميعاً ، أو عصوا جميعاً ، فلماذا كلف البشر بالعبادة ؟

الحكمة من تكليف البشر بالعبادة :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أريد أن أقول لك كلمة دقيقة ، قلت : إن أباً عنده عشرة أولاد ، قال : أريد أن أعطي كل ولد بيتاً وزوجة ونفقة وسيارة ومعاشاً شهرياً كبيراً ، لكن أريد أن أفتخر بواحد معه دكتوراه ، إذا واحد منكم أحضر دكتوراه من بلد بعيد أعطيه نصف المعمل ، الله أعطى كل المخلوقات عطاء كما أرادوا ، رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة ، وركِّب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركِّب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهواته أي ضبط شهواته ، ما من شهوة أودعت بالإنسان إلا جعل الله لها قناة نظيفة طاهرة - كلام دقيق - اشتهى المرأة يوجد زواج ، وزواج مثنى وثلاث ورباع ، اشتهى المال يوجد عمل مشروع ، تجارة وصناعة وزراعة ، اشتهى أن يكون لامعاً يوجد تفوق ، خذ الأولى في الدراسة ، الأولى في العمل ، كل شهوات الإنسان الأساسية محققة بالدين مليون بالمئة ، لذلك قال تعالى :

﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)﴾

[ سورة الشرح ]

 النبي صلى الله عليه وسلم إنسان مشهور في العالم ، لا إله إلا الله محمد رسول الله، رفعنا لك ذكره ، يوجد شهوات ومكانة ورزق ورفعة .
المذيع :
 شيخنا الفاضل الله عندما خلق الخلق أراد إسعادهم والطريق إلى إسعادهم ..

الاتصال بالله وعبادته طرق سعادة الإنسان :

الدكتور محمد راتب النابلسي :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 آية قطعية الدلالة .
المذيع :
 والطريق لإسعادهم أن يتصلوا بالله ، والعبادة هي مفاتيح الصلة بين العبد والخالق ، صحيح ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أن يتحرك وفق منهج الله ، هذه السيارة فيها بنزين ، البنزين في المستودع له أنابيب محكمة ينفجر بالمكان المناسب ، أما نفس الصفيحة صبها على السيارة أعطها شرارة أحرقت المركبة ومن فيها ، هي نفسها إما أنها مدمرة أو دافعة .
المذيع :
 هذه نزعات وشهوات الإنسان ، من سار على العبادة اتصل بالله ووجد السعادة ، ومن شرد عن الطريق ابتعد عن الله ولم يجد السعادة .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 والشهوات التي أودعت به لها في الدين قنوات نظيفة طاهرة ، شاب في أول حياته بعدما صار عنده إمكانية يفتح بيتاً ، يخطب ، سعادة الشاب هذه الزوجة الصالحة المؤمنة الطاهرة وفق منهج الله والله لا أبالغ مليون ضعف ، لأنها حلال لا يوجد خوف ، إذا شاب تكلم مع بنت وسمع حركة وراءه ينظر إلى الخلف هل شاهدني أحد ؟ هذه زوجتك ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل الله قناة نظيفة رائعة تسري خلالها ، زرت عالماً في الشام قال لي : عندي ست وأربعون حفيداً ، فكرت أن تمت علاقة بيولوجية بين ذكر وأنثى ، أنجب أولاداً ، الأولاد جلبوا له الكنائن ، والبنات جلبوا له الأصهار ، قال لي : عندي أربع وخمسون حفيداً ، معظمهم أطباء وحفاظ لكتاب الله ، كان جاري في الشام ، تأثرت تأثراً بالغاً أن علاقة بين ذكر وأنثى أنجبت ستين عالم قرآن ، هذا مشروع الله عز وجل ، مشروع فيه سعادة كبيرة :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 خلقهم ليسعدهم .
المذيع :
 الله عز وجل ما خلق الخلق إلا ليسعدهم ، والعبادة هي طريق إسعادهم ، وهذه الحاجات والشهوات يمكن أن ترتقي ولا سمح الله يمكن أن تسيء لصاحبها ، وبالصلة بالله يسعد في هذه الدنيا ..
 العبادة تذكرون شيخنا شقين عبادة تعاملية وعبادة شعائرية ، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، المطلوب كلا العبادتين في هذه الآية الكريمة ؟

علاقة الإنسان مع ربه ونفسه ومجتمعه :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 يوجد علاقته مع نفسه ومع ربه ومع مجتمعه ، مطلق العلاقات ، يوجد علاقة مع الله أداء العبادات ، علاقة مع أهله وأولاده رعايتهم ، الإنفاق عليهم ، علاقة بعمله ؛ أداء العمل بإتقان ، العلاقات واسعة جداً ، وكل جانب من العلاقات له مبادئ وله شروط وأسباب ونتائج ، وله مكافآت وله عقوبات .
المذيع :
 شيخنا الحبيب البعض يفضل واحدة من العبادات على الأخرى ، أنا كإنسان ماذا يعنيني إذا صليت أو صمت أنا يعنيني معاملاتك فكأنه يغلب جانب التعامل ويقلل من جانب العبادات الشعائرية ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 إذا لم يكن هناك آخرة فهذا الكلام مقبول ، إذا كان هناك جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، نحن خلقنا للآخرة ، للجنة ، والدليل :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 نحن خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض إلى أبد الآبدين ، لها ثمن ، ثمنها أعطاك الله إرادة أن تتخذ هذه الإرادة أداة لدفع الثمن ، كم شراب مسموح ؟ مليون ، كم واحد محرم ؟ الخمر فقط ، كم لحم مسموح ؟ آلاف ، كم لحم حرام ؟ الخنزير فقط ، أعطاك أشياء محرمة ليمتحن ولاءك ، مودتك لله عز وجل ، يأتي شخص غير دين لا يحلو له إلا الخمر والخنزير .
المذيع :
 هل تغني واحدة عن الأخرى أي من ارتقى بالعبادات الشعائرية تغنيه عن التعامل مع الناس والعكس صحيح ؟

العمل الصالح علة وجودنا في الدنيا :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 لا الشعائرية نتائجها فردية ، مثل شخص وضع في بيته مروحة ، إذا عمل بالبيت تكييفاً للغرف كلها ، العبادات الشعائرية فردية لكن يوجد عمل صالح ، يوجد دعوة إلى الله ، يوجد مستشفى خيري ، يوجد معهد شرعي ، مليون عمل لله ، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، والله يوجد أعمال صالحة لا تنتهي ، أنت حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، هذه النقطة دقيقة ، الإنسان حينما يأتيه ملك الموت يوجد كلام قاله القرآن :

﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ﴾

[سورة المؤمنون ]

 إذاً علة وجودنا في الدنيا العمل الصالح ، سمي صالحاّ لأنه يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح ؟ إذا كان خالصاً وصواباً :

﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾

[ سورة هود ]

 علة وجودنا في الدنيا العمل الصالح ..
المذيع :
 معنا اتصال تفضل أبو خليل .
السائل :
 السلام عليكم ؛ السعادة في الحياة هناك أشياء تنغصها ، أنا من كلامك استوحيت أن الفقر قد ينغص ولكن يوجد فقر نتيجة كسل هل هذا مبرر أم لا ؟
 تربية الأولاد هل العمل الصالح مستمر في القبر ؟
المذيع :
 معنا اتصال معن .
السائل :
 قال تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، السؤال : ما هي أهمية عبادة الله عز وجل ، كيف تكون ؟

أنواع الفقر :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 نحن عندنا ثلاثة أنواع من الفقر ؛ فقر الكسل ليس له عمل ، يسأل الناس فيعطوه صار متسولاً ، بشكل او بآخر هذا الفقر سببه الكسل ، ما عمل عملاً طيباً ، ما اختار حرفة ، ما تحرك من بيته ، ما توظف بوظيفة ، مادام قبل أن يأخذ أموال الناس صدقات هو ضعيف النفس، إذا مضطر موضوع ثان ، أما إذا لم يكن هناك ضرورة شاب قوي لا يعمل هذا فقر الكسل وهو مذموم .
 أما فقر القدر عنده مشكلة بأحد أجهزته ، صار لا يستطيع كسب المال فهذا معذور.
 فقر الإنفاق سيدنا الصديق سأله النبي صلى الله عليه وسلم : ماذا أبقيت لأهلك ؟ قال : الله ورسوله ، هذا فقر الإنفاق ، أنفق كل ماله ، فبين فقر القدر وفقر الكسل وفقر الإنفاق..
المذيع :
 السؤال الثاني عن بقاء الأجر في تربية الأولاد إلى يوم القيامة .

من خدم الإسلام فأعماله بصحيفة والده إلى يوم القيامة :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 آية قرآنية :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) ﴾

[ سورة الطور]

 أنت اعتنيت بابنك عناية بالغة فصار مؤمناً كبيراً ، ومعه شهادة عليا بعد وفاة الأب بسبعين سنة خدم الأمة ، هذه الأعمال بصحيفة الأب ..

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) ﴾

[ سورة الطور]

 قال العلماء : ألحقنا بهم أعمال ذريتهم ..

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) ﴾

[ سورة الطور]

 الذين ربوا أولادهم قد يكون الأب غير متعلم وابنه صار عالماً كبيراً ، العلم الكبير بصحيفة الأب غير المتعلم .
المذيع :
 أبو عمر تفضل .
السائل :
 الإنسان خلق للعبادة وهناك مكر وخداع وكيد .. كيف أصنع من نفسي إنساناً واعياً لحياتي وللمخادعين ، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر أنا من خلال خبرتي في الحياة ليس لها أمر ولا نهي ؟

الدين كتلة متكاملة :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 أخي الكريم ؛ الدين كتلة متكاملة ، العبادات الشعائرية الصلاة :

(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ))

[أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة ]

 عندما تستقيم يصبح لك خط ساخن مع الله ، أما دخلك حرام في البيع والشراء ، وتنظر إلى ما لا يحل لك ، سهرات مختلطة ومتفلتة ، إذاً الإنسان صلاته لا تقدم ولا تؤخر ، لا أقول له : لا تصلِّ ، الصلاة فرض ، لكن لا تقدم ولا تؤخر ، إذا كان هناك بيت يوجد فيه ثلاثون جهازاً كهربائياً من أغلى ما يكون ، لكن لا يوجد كهرباء ، لا قيمة لهذه الأجهزة ، وإذا قطعنا الخط الكهربائي ميليمتراً أو متراً قطع الخط ، تعطلت الأجهزة ، لا يوجد سعادة في البيت ، لا يوجد محبة ، لا يوجد حكمة ، لا يوجد رحمة ، يوجد قسوة ، عنف ، سباب أحياناً ، شاشة غير منضبطة ، كلام غير مقبول ، تفلت ، لا يوجد منهج ، المؤمن يقيده الشرع ، كلامه مضبوط ، لا يوجد لقاءات لا ترضي الله ، لا يوجد تجاوز بالحدود .
المذيع :
 شيخنا سؤال إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كان يصلي لكن لا ينتهي عن الفحشاء والمنكر أين الخلل ؟

من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يحقق هدفها إطلاقاً :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 هذا ما صلى عملياً ، ما حقق هدف الصلاة إطلاقاً ، صلى وقرأ الفاتحة وركع سجد أتم أربع ركعات وسلم ، أدى الصلاة شكلاً ، لكن ماله حرام ، في البيع والشراء مقطوع عن الله ، يضع مادة مسرطنة بمادة غذائية ، حتى تبقى مدة أطول ، يرتكب مليون معصية ، مادام هناك معاص يوجد حجاب عن الله ، المادة المسرطنة مسموح ثلاثة بالألف ، السرطان ارتفع في البلد ينفد عند الله عز وجل ؟ الصلاة والصوم والزكاة هذه عبادات شعائرية أما العبادة الحقيقية التعاملية فتبدأ من فراش الزوجية وتنتهي بالعلاقات الدولية ، كسب مالك ، إنفاق مالك ، والعلاقة مع من حولك ، جاء مواطن من مكان بعيد : تعال غداً ، لماذا غداً وهي تنتهي بخمس دقائق ؟! يوجد مليون معصية غير الكبائر ، تستقيم ينشأ لك مع الله خط ساخن ، تبكي في الصلاة ، خدمت عباد الله ، اليوم مليون طريق للغش في الحياة .
المذيع :
كيف تكون العبادة مقبولة ؟ كيف تكون خالصة لله ؟

السعادة علامة الإخلاص في العبادة والعمل :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 إذا ابنك كانت علاماته كاملة ماذا تعمل معه ؟ ألا تعانقه ؟ ألا تشتري له دراجة ؟ معقول الله يرى من عبده استقامة وإخلاصاً ، لا غش في بيعه وشرائه ، ألا يجد من الله سعادة لا توصف ؟ هذه السعادة القرب من الله عز وجل إن لم تقل : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني عندك مع الله مشكلة ، إله أصل الجمال والكمال والنوال ، ما غششت إنساناً ، ما نظرت إلى امرأة لا تحل لك ، عندي مليون قصة تمشي صح يوجد سعادة ..
المذيع :
 شيخنا الكريم ما هي ثمار العبادة لمن سار على طريق الله ؟ ما هي ثمار هذه العبادة في الدنيا والآخرة ؟

ثمار العبادة لمن سار على طريق الله :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 كلمتان وجيزتان ؛ السلامة والسعادة ، السلامة عندما استقام على أمر الله حفظه الله، دخله حلال لا يوجد عنده إفلاس ، أدائه للعبادات صحيحة لا يوجد عنده شهوة محرمة ، يطبق منهج الله ضمن لنفسه السلامة ، ومع السلامة صار له خط مع الله فيشعر بالسعادة ، لكن الله يمتحن الإنسان بقلة ماله ، عندما يصبر ويتعفف ارتقى عند الله ، أن ترقى لعمل صالح هذا امتحان :

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ﴾

[ سورة المؤمنون ]

﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)﴾

[ سورة الملك ]

 إما أن ترقى بعمل أو أن ترقى بامتحان ، على الحالتين يوجد قرب من الله ، والله ذات كاملة أصل الكمال والنوال والجمال ..

(( عن أبي يحيى صهيب بن سنان قال : قال رسول الله : عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ ))

[مسلم]

المذيع :
 كيف يكون الصبر خيراً للإنسان وهي ضراء أصابته ؟

الدعاء مخ العبادة :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 لو فرضنا عنده وظيفة ، دخلها كبير لكن فيها معصية فتركها ، قَبِل بوظيفة أقل بكثير ودخلها أقل بكثير ، الدخل أقل من حاجاته ، هذه هي المشكلة ، الأولى فيها مشكلة مع الله كبيرة جداً ، ركلها بقدمه .
المذيع :
 أين الخير إذا صبر على هذا الراتب الذي لا يكفي لاحتياجاته ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 لا يوجد إنسان إلا وله دعاء ، والدعاء هو مخ العبادة ، لا يوجد إنسان يطلب من الله عملاً آخر إضافياً أو تحصيل دخل أكبر إلا ورزقه الله ، لأن الله موجود ، خلقنا ليرحمنا ، الدعاء هو مخ العبادة ، لك مع الله خط ساخن ..

(( قال عليه الصلاة والسلام: ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ حتى ينفجر الفجر))

[متفق عليه ]

 عندك مشكلة ادع الله عز وجل ، من لم يدعني أغضب عليه ، إن الله يحب من عبده أن يسأله شسع نعله إذا انقطع .
المذيع :
 تحدثتم عن أجر العبادة في الدنيا والآخرة ، الآن في الدنيا يرتبط ببال الإنسان أنه إذا أصبح عابداً ، مرّ عليه فترة من حياته لا يصلي الآن يصلي ، لم يكن باراً لوالديه ، لم تكن محجبة ، الآن تقوم بهذه العبادة ، المشاكل سوف تختفي ، وسوف تتحسن حياته للأفضل ، الواقع عكس ذلك كيف تفسر شيخنا ؟

من استقام وعبد الله عبادة حقيقية سعد في الدنيا :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 عنده مشكلة مع الله ، أنا ما عملت شيئاً ويكون قد ارتكب معصية ، أنا أصدق الله ولا أصدقه ، قال تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)﴾

[ سورة فصلت ]

 إله خالق السماوات والأرض ، استقيموا ولن تحصوا الخيرات ، استقامة تامة ، دخلك، إنفاقك ، علاقاتك ، بكل أمورك ، والله هذه من سابع المستحيلات ، إنسان قد يكون غش في بيعة غشاً كبيراً ، قد يكون أعطى بضاعة يكتب عليها : صنعت في إنكلترا ، وهي صناعة بلد آخر باعها بخمسة أضعاف وهي قماش درجة خامسة ، عملت تزويراً وغششت ، وأخذت سعراً غالياً ، هل هذه تمر عند الله ؟ يوجد مليار مخالفة يحاسب عليها الإنسان يوم القيامة حساباً دقيقاً ، أحياناً عنده ثوب لا يباع ، يأتيه إنسان بدون خبرة يعطيه الكاسد ، محاسب على النفس لماذا فعلت هذا؟
المذيع :
 الأصل من استقام وعبد الله عبادة حقيقية أن ينعم في الدنيا .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 ليس ينعم يسعد في الدنيا .
المذيع :
 ما الفرق ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 سيدنا يوسف دخل السجن وكان أسعد إنسان ، في الظاهر هو في السجن ، والحقيقة كان هو نبياً عظيماً ، بيته صغير وصلته بالله قوية جداً وهناك بيت خمسمئة متر .
المذيع :
 صوب لي إن كنت مخطئاً أنت تقول : من يعبد الله سبحانه كان لزاماً أن يرزق بالسعادة لكن السعادة سعة المال أو تيسير أمور الدنيا ؟

سعة الدنيا غير مرتبطة بالسعادة :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 لا ، ليس لها علاقة .
المذيع :
 قد يكون مؤمناً وأموره المالية قليلة .
الدكتور محمد راتب النابلسي :

(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره ))

[الترمذي]

هذا حديث شريف .
المذيع :
 السعادة نتيجة ولكن سعة الدنيا ليست مرتبطة بالسعادة ، قد يكون فقيراً وسعيداً .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
 الله أصل الجمال والكمال والنوال ، القرب من الله تعالى ...

فـلو شاهدت عيناك من حسننـــا   الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنــــــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا   خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـا
ولو ذقت من طعم المحبــــة ذرة   عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبـنــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمة   لــمت غريباً واشتياقـــاً لقربنــــــــــا
ولو لاح مـن أنوارنا لك لائــــــح   تــركت جميع الكائـــــنات لأجلنــــــا
* * *

 عندما تنعقد للإنسان صلة بالله ولم يقل لك : أنا أسعد إنسان وقد يكون في السجن فهناك مشكلة .
المذيع :
 يوجد خلل بإيمانه ، إن لم يقل ذلك ، نختم الحلقة بالدعاء .

الدعاء :

الدكتور محمد راتب النابلسي :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، واجعل بلاد المسلمين آمنةً مطمئنة .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور