- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠4برنامج حياة المسلم 4
مقدمة :
المُقدم :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
حياكم الله مستمعينا الكرام ومستمعاتنا عبر أثير إذاعة حياة FM وعلى تلفزيون حياة في هذا اللقاء الأسبوعي المتجدد مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله جميعاً وأهلاً ومرحباً بكم ، واسمحوا لي أن أرحب بفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم دكتورنا الفاضل .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، بارك الله بكم ، ونفع بكم .
المُقدم :
أكرمكم الله ، عودتمونا دائماً وأبداً بالدعاء للشيخ نديم الحسن - حفظه الله - في بداية اللقاء ، فنريد منكم دعوة حتى نبدأ إن شاء الله حوارنا معكم .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
نسأل الله أن يحفظ لك إيمانك ، ويحفظ للجميع ممن يعملون في هذا الحقل الإعلامي الإسلامي إيمانهم ، وأهلهم ، وأولادهم ، وصحتهم ، ومالهم ، والشفاء من هذا البلاء ، واستقرار هذه البلاد .
المُقدم :
اللهم آمين ، أكرمكم الله دكتور ، حفظكم الله ، ورعاكم ، وثبَّتكم ، وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن ينفع الناس بعلمكم ، فضيلة الدكتور نبدأ معكم في حديثنا لهذا اليوم ، يقول الله سبحانه وتعالى:
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ﴾
حديثنا معكم فضيلة الدكتور في هذا اليوم عن انطماس الفطرة ، وتحديداً عندما نتحدث عن الفطرة لا بد لنا أن نجلي مفهوم الفطرة بدايةً ، فتفضلوا فتح الله عليكم .تعريف الفطرة :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ ، الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل بيته الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ .
معنى الفطرة : كل أمرٍ أمر الله به قد جبل الإنسان أو بُرمِجَ أو فُطِرَ عليه وعلى محبته ، قال تعالى :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ﴾
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا) أن تقيم وجهك للدين حنيفاً هذا ما فطرت عليه أيها الإنسان، الله فطرنا على هذا ، لذلك (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) هذه سنن ثابتة إلى أبد الأبدين في كل مكانٍ ، وفي كل ظرفٍ ، وفي كل حينٍ ، فلذلك (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) هذا الدين من عند الله ، من عند خالق السماوات والأرض ، من عند العليم ، من عند الحكيم ، من عند الرحيم ، من عند الذي مصيرنا إليه ، فلذلك الفطرة حاجاتٌ عميقةٌ مودعةٌ في كيان الإنسان ، أي إنسان في الأرض ، ولأن هنالك فراغاً في كيان الإنسان مهما يكن الإنسان قوياً أو غنياً أو ذكياً يوجد بكيانه فراغ للإيمان إن لم يلبّ هناك مشكلة كبيرة .أوصاف قرآنية لمن لم يلبّ فراغه الإنساني بالإيمان :
الله عزَّ وجلَّ وصف نتائج عدم تلبية هذه الحاجة :﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) ﴾
(أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ) نبضه ثمانين ، ضغطه 8/12 ، عند الله ميت ، بالمفهوم الديني، بالمفهوم المآلي ميت ، (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ) الشيء الدقيق هذا الفراغ في كيان إنسان للإيمان إن لم يلبَّ الآن هناك أربعة أو خمسة أوصاف قرآنية ؛ الوصف الأول :﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) ﴾
الوصف الثاني :﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4) ﴾
الوصف الثالث :﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) ﴾
الوصف الرابع :﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) ﴾
هذه أوصاف القرآن من عند الواحد الديان .المُقدم :
هل هذا لمن خالف الفطرة ؟
الكآبة عاقبة من خالف فطرته :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
نعم ، إذا خالف فطرته أصابته الكآبة ، كان عندنا دكتور في الجامعة في دمشق من كبار علماء النفس قال : الكآبة بالعالم الغربي مئة واثنان وخمسون بالمئة ، فلما سألناه : ما السبب؟ قال : مئة معهم كآبة ، واثنان وخمسون يوجد معهم كآبتان ، لأنك أنت مبرمج على طاعة الله ، فإذا خالفت هذا المنهج عندك كآبة ، الكآبة مرض العصر ، والمؤمن مهما قلَّ دخله ، مهما قلَّ شأنه ، يسعد بسعادة لا يمكن أن يصل إليها أهل الدنيا :
﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) ﴾
فلذلك هذا الفراغ ما الذي يُملؤه ؟ أن تؤمن بالله خالقاً ومربياً ومسيراً حتى يغطي الإنسان الحاجة إلى التدين التي أودعت في فطرته ، إذاً هذا الشعور الإيجابي يتنامى مع الإنسان، مع تقدمه في السن ، يوجد عندنا قلق مخيف يسببه الانتقال من الدنيا إلى الآخرة ، من فوق الأرض إلى تحت الأرض ، من أُنس الأهل إلى وحشة القبر ، ورد في الأثر :((عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت))
فنحن بحاجة إلى الدين كحاجتنا إلى الماء ، إلى الهواء ، إلى الطعام والشراب ، حاجة ليست تكميلية بل وجودية .المُقدم :
الآن دكتورنا الحبيب بعد أن وضحت لنا مفهوم الفطرة ، لو ذهبنا إلى وصف هذه الفطرة هل هي شعور أم هي سلوك أم أنها هواجس ؟ هل يمكن لإنسان أن يتحسس هذه الفطرة ؟ يمسكها ؟ يلمسها ؟ يصفها ؟ كيف يمكن أن نعبر عنها دكتور ؟
الفطرة شيء داخلي لا يوصف :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
الحقيقة الشيء الداخلي لا يوصف ، الشيء الداخلي له مظاهر ، المؤمن يتمتع بنعمة الأمن ، قال تعالى :
﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82)﴾
(فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ) كلام دقيق ، لو أن الله قال : (أولئك الأمن لهم) هذا ليس قرآناً ، أي لهم ولغيرهم ، لا يوجد حصر وقصر ، أنت بالصلاة لو قلت : (نعبد إياك) الصلاة باطلة ، فقد غيرت الترتيب ، عندما غيرت الترتيب ألغيت الحصر والقصر ، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) أي لا نعبد غيرك ، لو قلنا : (نعبد إياك) لا يمنع أن نعبد غيرك .المُقدم :
نعم ، أصبح شركاً .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
شيء دقيق جداً ، فلذلك الإنسان حينما يتنامى أو حينما تزداد سنه يتنامى قلقه ، السبب ؟ سينتقل من بيت إلى قبر ، من منصب رفيع إلى قبر ، من بيت بالمصيف وبيت على البحر وسيارتين وثلاث إلى قبر ، هذه النقلة مخيفة جداً .
مرَّة ثانية : (عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت) لذلك أهل الدنيا ، أهل الشبهات والشهوات ، أهل المعاصي والآثام يبررون تقصيرهم وانحرافهم بل وعدوانهم بما يسمى بالجينات أي المورثات ، هذه المعلومات لها أصل في العلم ، ولكنها تستخدم بشكل خاطئ .
المُقدم :
الفطرة هل هي مرتبطة بالوراثة دكتور ؟ هل نستطيع أن نقول : الفطرة هي نفسها الوراثة ؟
الموت قضية خطيرة :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
استخدام تبريري لا يقدم ولا يؤخر ، لكن الحقيقة المُرَّة أفضل ألف مرَّة من الوهم المريح، البطولة والذكاء والنجاح والفلاح أن أتعامل مع الحقيقة المرَّة التي هي أفضل ألف مرَّة من الوهم المريح ، الحقيقة قضية الموت قضية خطيرة ، الإنسان يولد ، بعد حين يمشي ، الأهل يفرحون فرحاً شديداً ، بعد حين يتكلم يقول : بابا ، ماما ، بعد ذلك دخل الابتدائي ، المتوسط ، الثانوي ، عندكم التوجيهي ، بعد ذلك أخذ الليسانس ، تعين بوظيفة ، تزوج ، اشترى بيتاً ، أنجب ، آخر شيء يأتي ملك الموت ، تفضل ، كل هذا الإنجاز انتهى بلحظة واحدة ، توقف القلب ينهي الحياة ، ينهي المكتسبات ، إنسان اشترى بباريس فندقاً من ثمانين طابقاً ، وهو ممتلئ دائماً ، في اليوم التالي نشأ مشكلة في نقل الملكية ، جاءته جلطة وتوفي ، الموت ينهي كل شيء ، ينهي قوة القوي وضعف الضعيف ، ينهي غنى الغني وفقر الفقير ، ينهي وسامة الوسيم ودمامة الدميم ، ينهي كل شيء ، فالذكاء والبطولة أن نُعِدَّ لهذه الساعة .
النجاح والفلاح :
ملمح دقيق جداً ؛ لم يرد في القرآن ولا مرَّة كلمة نجاح ، بل ورد محلها الفلاح ، النجاح أُحادي ، بيل غيتس يملك ثلاثة وتسعين ملياراً ، آبل سبعمئة مليار ، هذا ليس فلاحاً ، بل نجاحاً فقط ، نجح في جمع المال ، وبيل غيتس على فراش الموت قال : هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً ، دخلنا في موضوع الكسب والرزق :((عَنْ عبْدِ اللَّه بنِ الشِّخِّيرِ أَنَّهُ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهُوَ يَقْرَأُ : أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر :1] قَالَ : يَقُولُ ابنُ آدَم : مَالي! مَالي! وَهَل لَكَ يَا ابْنَ آدمَ مِنْ مالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟!))
(رواه مسلم)
ليس لَكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ ، الذي تنتفع منه مباشرةً أصناف ثلاث ، صنفان ليس لهما أثر مستقبلي (أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ) أما ( تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ) هذا الرزق الحقيقي الذي يبقى ، فلذلك الذكاء أن أكون فالحاً لا ناجحاً ، النجاح لم يرد في القرآن الكريم لأنه أُحادي ، أما الفلاح فأن تصطلح مع الله ، أن تتوب إليه ، أن تؤدي العبادات ، أن تؤدي الحقوق ، أن تكون مستقيماً .
المُقدم :
إذاً الفلاح جمعي دكتورنا الحبيب .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
نعم جمعي ، هذه واحدة .
العمل الصالح علة وجودنا الوحيدة :
أنت نجحت في علاقتك مع الله معرفةً وعبادةً وطاعةً ودعوةً ، نجحت في اختيار زوجتك أم أولادك ، ستربي الأولاد ، نجحت في تربية أولادك ، في حشمة بناتك ، في اختيار حرفةٍ راقيةٍ ، فنجحت أولاً : في معرفتك بالله ، وثانياً : في علاقتك بمن حولك ، واختيار حرفة راقية ، يوجد حِرَف فيها ابتزاز ، يوجد حِرَف مبنية على معصية ، يوجد ملاه ، وجوامع ، فالبطولة أن تحسن اختيار الزوجة وأن تحسن تربية الأولاد ، وأن تحسن اختيار الحرفة ، أنت محاسب عن حلقات ثلاثة فقط : نفسك حلقة ، وبيتك حلقة ، وحرفتك حلقة ، ما سوى ذلك لا تحاسب عليه ، لكن أدعو إلى الله على مستوى العالم ، هذا عمل صالح ، بالمناسبة علة وجودنا الوحيدة العمل الصالح .
الرئيس الأميركي كلينتون وقبل خروجه من البيت الأبيض بأربعة أيام ألقى قنبلةً علميةً حاسمةً ، قال : إن المورثات أي الجينات لا علاقة لها بالسلوك إطلاقاً ، أي إنسان يرتكب المعاصي يدَّعي ، يفتري ، يبرر أن هكذا جيناته ، هذا شيء ليس له أصل ، وقبول الموضوع يلغي الدين ، يلغي أصل وجودنا ، يلغي الاختيار ، يلغي قيمة الإنسان ، لا يوجد سهم أصاب الإسلام أبلغ من هذا السهم ، الجينات ، الإنسان المنحرف يقول : هكذا جيناتي ، كلام مستحيل ومن قالها ؟ هؤلاء الغربيون ، قال : هذا الكلام ليس له وجود إطلاقاً لا علاقة له بسلوك الإنسان ، الجينات والمورثات ، هذه حقيقة قالها الغربيون ، والشيء الدقيق ما شهد به الأعداء .
المُقدم :
دكتورنا الحبيب كيف نجمع بهذا الكلام وبين حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
((عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ : "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ"))
الحرية أصل في الدين :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لكن بعد أن يبلغ صار عنده حرية الاختيار ، الحرية هذه أصل في دينه .
المُقدم :
لكنه تربى على هذه الديانة ، عاشها بكل التفاصيل .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) ﴾
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) ﴾
اولاً : (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) ، ثانياً : (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) ، ثالثاً : (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا) ، عقيدة الجبر تنقض الدين ، تلغي الدين ، إذا ألغي الاختيار ألغيت الأمانة ، ألغي حمل الأمانة ، ألغيت قيمة الإنسان ، مثل إنسان إذا مشى بطريق يساوي عرض كتفيه بالضبط ، ثم قلنا له : امشِ على اليمين ، أي يمين هذا ؟! عندما سيَّرناه لم يعد هناك اختيار (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) ، (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) .توافق الفطرة مع الشرع :
لكن الله جبلنا جبلَّة راقية جداً ، أي أمر أُمرنا به فُطرنا على محبته ، وأي أمر نُهينا عنه فُطرنا على كراهيته ، قدَّم لنا الله عزَّ وجلَّ توافق الفطرة مع الشرع ، هذا التوافق أجمل ما في هذا الدين بأي مكان ، سأضرب مثلاً بسيطاً : لو شخص دخل إلى البيت الساعة الواحدة ليلاً ، والدته قالت له : أريد هذا الدواء يا بني ، قال لها : الصيدليات مغلقة ، سكتت ، لكنه يعلم بوجود صيدليات مناوبة ومعه سيارة ، لو أنه ذهب إلى هذه الصيدليات الخمسة وكان الدواء غير موجود ، في الحالتين الأم لم تأخذ الدواء ، لكنه في الحالة الثانية ينام مرتاحاً ، هذه الفطرة ، يوجد حساب دقيق جداً في الفطرة ، فالإنسان إذا تعامل مع الله يوجد عنده وازع داخلي سماه العلماء : الوازع الداخلي ، أو الفطرة عندنا ، والآية واضحة كالشمس :﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ﴾
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) ، النقطة الدقيقة جداً لو أنك تحب الصدق قد لا تصدق مثلاً ، ولكن هذه فطرة ، الفطرة ميل ، تميل إلى الصدق ولو لم تكن صادقاً لا سمح الله ، الفطرة تميل إلى الرحمة ولو لم تكن رحيماً .المُقدم :
هل تموت ؟ هل تتأثر؟
الفرق بين الفطرة والصبغة :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لا ، لا تموت أبداً ، الفطرة لا تعني أنك تحب المعصية إطلاقاً ، إلا أنَّ الإنسان إذا استقام لأمد طويل تنقلب فطرته إلى صبغة ، أي الإنسان في فطرته يكره الكذب وقد يكذب ، يكره القسوة وقد يقسو ، أما الصبغة فقد أصبح صادقاً رحيماً :
﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) ﴾
فلذلك البيئة الاجتماعية الآن كما تفضلت بالسؤال ، البيئة الاجتماعية أي الحاضنة الاجتماعية ، الظروف النفسية .المُقدم :
أي الإنسان يتربى على الطاعة ، عاش تفاصيل الطاعة وتربى عليها حتى وصل سن البلوغ حتى يصبح مكلفاً بعد ذلك ، لكن إنساناً آخر عاش في بيئة كلها معاص ، وكلها آثام ، ثم صار مخيراً في فترة من الزمن ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لكن معه اختيار ، يملك الاختيار ، الاختيار : (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) :
﴿ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ (19) ﴾
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) فالإنسان مخير ، وهذه شخصيته أساساً ، الآن الصبغة أن تكون صادقاً ، والفطرة أن تحب الصدق ، الصبغة أن تكون رحيماً ، والفطرة أن تحب الرحمة ، هذا الفرق .المُقدم :
إذاً مع كليهما الاختيار ، جميل ، جميل ، أي الفطرة هي شيء أساسي ، والصبغة تكمل هذه الفطرة ، وتعيش عليها ، جميل جداً ، دكتورنا إذا نظرنا يمنةً ويسرةً سنجد أن معظم أهل الأرض وأكثر من في الأرض يسعون في الأرض للضلال والفساد ، وقول الله سبحانه وتعالى :
﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) ﴾
(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)
كيف لنا أن نوفق بذلك ؟الاستقامة على أمر الله :
فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي :
هنا يوجد عندنا حالة استثنائية :
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ))
و:((عَنْ عَبْد اللهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ :"طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ" فَقِيلَ : مَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : "أُنَاسٌ صَالِحُونَ ، فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ"))
النبي صلى الله عليه وسلم قال :(اشتقت لأحبابي ، قالوا : أو لسنا أحبابك؟ قال : لا ، أنتم أصحابي ، أحبابي أناس يأتون في آخر الزمان القابض منهم على دينه كالقابض على الجمر ، أجره كأجر سبعين، قالوا : منا أم منهم ؟ قال : بل منكم ، لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون))
ففي آخر الزمان الطاعة لله بمئة ضعف ، بألف ضعف ، هناك عدالة إلهية ، فلذلك الإنسان عليه أن يسعى إلى الله عزَّ وجلَّ :((ابن آدم اطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء))
والأمر الدقيق :﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) ﴾
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)
استقم تعني تحرك ، لا معنى لإنسان واقف ، تقول له : استقم .حاجات ثلاثة تحرك الإنسان :
ما الذي يحرك الإنسان ؟ ثلاث حاجات أساسية ، تحركه حاجته إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقائه كفرد ، تحركه الحاجة إلى الزواج حفاظاً على بقاء النوع دون أن يشعر ، ويحركه التفوق ، بالتجارة ، بالصناعة ، بالعلم ، بالشهادات ، حفاظاً على بقاء الذكر ، ثمانية مليارات إنسان هذا القانون ينطبق عليهم جميعاً ، الحاجة إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقاء الفرد ، والحاجة إلى الزواج من دون أن نشعر- ذكور وإناث - حفاظاً على بقاء النوع ، والثالثة : الحاجة إلى التفوق حفاظاً على بقاء الذكر ، الآن الأنبياء والأقوياء ، يوجد في حياتنا زمرتان كبيرتان : الأقوياء ملكوا الرقاب ، والأنبياء ملكوا القلوب ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، والأنبياء أعطوا لم يأخذوا ، الأقوياء يمدحون في حضرتهم ، والأنبياء في غيبتهم ، والناس جميعاً تَبَعٌ لقوي أو نبي ، والبطولة أن نكون من أتباع الأنبياء .
المُقدم :
اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين من أتباع الأنبياء ، دكتورنا الفاضل بعض الناس يتحدثون : ثمانية المليارات الذين ذكرتهم قبل لحظات الذي هم عدد سكان الأرض ، معظمهم من الناس الذين ضلوا عن الفطرة ، انزاحوا عن الفطرة ، كيف يمكن أن يعودوا لهذه الفطرة حتى وإن تكالبت عليهم الذنوب والمعاصي وكثرت على قلوبهم ؟
اليأس والسوداوية والتشاؤم يقترب من الكفر :
فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي :
القرآن يجيب عن هذا السؤال :
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) ﴾
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ) أي لا يوجد معصية إلا وفعلها (لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) فلذلك اليأس والسوداوية والتشاؤم والنكد يقترب من الكفر :((لو يعلم المعرضون انتظاري لهم وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي ، ولماتوا شوقاً إلي ، هذه إرادتي في المعرضين فكيف بالمقبلين ؟))
الله ينتظرنا ، أنا أضرب مثلاً لطيفاً ، شخص في ألاسكا لا يوجد غير الثلج ، جاءه خاطر؛ يا ترى هل هناك للكون إله ؟! فقط ، هو عاطل بلا عمل ووجد عملاً بكندا ، ذهب إلى كندا لأنهم قبلوه بالعمل ، فرزوه إلى الشرق الأوسط ، سكن في مدينة إسلامية إلى جانب داعية ، عندما كان في ألاسكا قال : هل يوجد إله لهذا الكون ؟﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)﴾
(وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) يوجد عندي مقولة ؛ كنت قد ألفت كتاباً للشهادة الثانوية بقي إحدى عشرة سنة يُدرَّس ، إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان ، رجل أرسل ابنه إلى الجامعة إلى الأزهر في مصر ، عاد بعد خمس سنوات خطيب مسجد في قريته ، قرية بين السودان ومصر على الحدود تماماً ، والد هذا الشاب الذي يحمل عالمية الأزهر وهو على المنبر يخطب ، بكى بكاءً شديداً جداً ، ظن الناس جميعاً أن هذا البكاء فرح بابنه ، لا ، هذا البكاء أسفاً على جهله ، فركب ، العبارة هكذا : فركب جحشته ، وهو على حدود السودان وتوجه نحو الشمال ، كل مرحلة يقول : أين الأزعر ؟ بقي شهراً وهو يركب هذه الدابة على حدود السودان إلى الأزهر وكان عمره خمساً وخمسين سنة ، وتعلم القراءة والكتابة وما مات إلا شيخ الأزهر .المُقدم :
هذا الأب ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
شيخ الأزهر زكريا الأنصاري ، هكذا اسمه ، إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلما تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان .
شاب دخل الجامعة وجد الدروس صعبة جداً ، ومن الصعب أن يدرس ، ترك الدراسة، جالس في المنزل رأى نملة تصعد على الحائط بعدما وصلت لمتر سقطت أعادت الكرَّة ، عدَّ عدد محاولاتها فكانت ثلاثاً وأربعين مرَّة ، فاستحى من النملة ودرس ، إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان .
في ألمانيا جاءت رسالة لأم طفل في المدرسة ، الرسالة أقولها بعد قليل ، فأخرجته من المدرسة ، وقد كانت الرسالة خلاف ما قرأت له ، قالت له : يقولون إن ابنك عبقري كبير لا يليق به أن يكون في هذه المدرسة ، ابحثي له عن مدرسة أخرى ، والرسالة كانت : ابنك غبي جداً وليس له مكان عندنا ، وهذا الشخص هو أديسون نفسه ، أصبح أكبر مخترع بالعالم ، والرسالة للأهل : ابنك غبي جداً ، قالت له : قالوا : أنت عبقري جداً ، بعدما توفيت أمه وجد في مكتبها هذه الرسالة ، الأم هي من صنعته .
أسئلة وأجوبة :
المُقدم :
دكتورنا الفاضل هل تسمح لي أن آخذ اتصالاً ؟ نأخذ اتصال ، معنا أبو أحمد ، تفضل أخ أبو أحمد : السلام عليكم ، السلام عليكم دكتور راتب ، بارك الله فيكم وبعلمكم إن شاء الله ، دكتور أنا سأدخل بالموضوع مباشرةً نحن طبعاً مأمورون من ناحية ديننا بالتطور بالعلم وبالدين على سواء ، العلم ليس بالضرورة أن يكون علماً شرعياً ، قد يكون علماً دنيوياً ، سؤالي أنا: إذا تعارض تطوري العلمي مع أسرتي ، مع أفراد عائلتي ، أي الزوجة ، الأولاد ، البنات ، فما هي نصيحتكم ؟
المُقدم :
كيف التعارض أخي حتى تكون النقطة واضحة ؟
أبو أحمد :
مثلاً أنا حالياً عندي اختصاص بدولة غربية ، زوجتي وبناتي لأن أعمارهن كبيرة قليلاً ممكن أن يكون هناك تعارض ، أي من ناحية الزوجة ترفض فكرة الاغتراب بنفس المعنى أنها غريبة .
المُقدم :
زوجتك وبناتك يرفضن أن تسافر وتتغرب من أجل أن تكمل علمك أو تكمل مسارك العلمي ؟
أبو أحمد :
بالضبط مع العلم أن المسار العلمي سيأخذ فترة طويلة .
المُقدم :
ما توصية الدكتور بهذا المجال؟
ضرورة إعطاء كل ذي حق حقه :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
قال عمر بن الخطاب : ليس بخيركم من عرف الخير ، ولا من عرف الشر ، ولكن من عرف الشرين وفرَّق بينهما واختار أهونهما . فنحن ليس بين خير وشر ، بين شرين ، البطولة أنك تجد الأقل خطراً ، هذا الاختيار ، أما النص الأساسي فهو :
((أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ))
أداء حق الزوجة لا يلغي حق الأم ، أداء حق الأم لا يلغي حق الزوجة ، أداء حق الزوجة والأم لا يلغي حق الأولاد ، حق الجيران ، المطلوب أن تعطي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، والله المستعان على هذه المشكلة .المُقدم :
دكتورنا الفاضل ندعو لجميع المستمعين والأخوة والأخوات في ظل هذه الظروف الصعبة ، دعاؤكم ربي يحفظكم ويفتح عليكم .
الدعاء :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهينا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان .