بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
يعني هذا الحديث دقيق جداً، قبل الفجر بساعة، بنصف ساعة إذا كان ثلث الليل الأخير، نزل ربكم إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله فيقول: هل من تائبٍ فأتوب عليه، هل من مستغفرٍ فاغفر له، هل من طالب حاجةٍ فأقضيها له، حتى ينفجر الفجر.
النقطة الثانية، نهاية العِلم القانون، العِلم علاقةٌ مقطوعٌ بها بين مُتغيرين تُطابق الواقع عليها دليل، لو أُلغي الدليل لم يَعُد عِلم تقليد، لو أُلغي الواقع صار جهل، لو أُلغي القطع صار وهم بالمئة ثلاثين، شكَّ بالمئة خمسين، ظنّ بالمئة سبعين، غالب الظنّ تسعين، علاقةٌ مقطوعٌ بها تُطابق الواقع عليها دليل.
هذه السُنَّن بُرمجت في بحث لطيف الهُدى البياني، استمعت إلى خطبة، إلى درس، إلى لقاء علمي، قرأت كتاب تفسير، بأيّ طريقة، الهُدى البياني يعني أنت بكامل صحتك وإمكاناتك وبيتك، وما عندك أي مشكلة، إلا أنك استمعت إلى خطبة فتأثرت بها، أو قرأت قصيدةً دينيةً فأقشعر قلبك لها، الهُدى البيانيّ الموقف الكامل الاستجابة.
هو حيّ، حيّ عند الناس، الإنسان إذا ترك الهُدى انصرف إلى الدنيا عند الله ميت، والدليل خمسة أوصاف قرآنيّة:
[ سورة النحل ]
هو ضغطه اثنا عشر أو ضغطه ثمانية، ثمانية على اثنا عشر مثالي، نبضه جيد عند الله ميت! (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ) .
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4) ﴾
وصف ثاني:
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلً ا (44) ﴾
الأخير صعب جداً :
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) ﴾
أوصاف القرآن لمن شرد عن الواحد الديّان.
فالهُدى البياني سمعت درس، خطبة، لقاء، مُبارك إن شاء الله، عُلماء ربّانيون كلهم، هذا الموقف الكامل أن تستجيب والآية تقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) .
لم يستجيب، التأديب التربويّ:
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾
افهم على الله، لم يتوب، لا بالهُدى البياني استجاب، ولا بالتأديب التربويّ تاب، بقيَّ حالة ثالثة، الناجحون قلّة، الإكرام الاستدراجي، فجأةً مال وفير، صحة، مكانة اجتماعية، نسيَّ الله، الموقف الشكر، بالهُدى البياني الاستجابة، بالتأديب التربوي التوبة، بالإكرام الاستدراجي الشُكر، لا هذه ولا هذه ولا هذه القصم.
هذه سُنّن الدفع إلى الله، الردع، المصائب، سُميت مُصيبة لأنها تُصيب الهدف، مصائب الأنبياء مصائب كشف، يوجد كمالات لا يمكن أن تظهر بالحالة العادية، تظهر في المواقف الصعبة، تَبِعه سُراقة ومائة ناقة لِمَن يأتي به حياً أو ميتاً، قال له: كيف بك يا سُراقة إذا لبست سوار كسرى، ما هذا التفاؤل؟! مهدور دمه، ومائة ناقة لِمَن يأتي به حياً أو ميتاً، يقول لسُراقة: كيف بك يا سُراقة إذا لبست سوار كسرى! هذه سُنن الردع.
مصائب الأنبياء كشف ومصائب المؤمنين دفع ورفع:
فمصائب الأنبياء كشف فقط، ونحن المؤمنين إن شاء الله نكون كذلك دفع ورفع، يعني أيام إنسان يُقصِّر تأتيه لفت نظر.
أعرف واحد عليه زكاة مال هو قال لي، لم يدفع الزكاة، زوجته ضغطت عليه لطلاء البيت، فاستجاب لزوجته، بعد حين عمل حادث سيارة، قال لي: فاتورة السيارة نفس مبلغ الزكاة بالضبط! رسالة من الله، هذه سُنّن الردع، المصيبة للأنبياء كشف، وللمؤمنين دفع ورفع، لغيرهم ردع وقصم.
عندنا نحن أربع مراتب هُدى بياني، تأديب تربوي، إكرام استدراجي، ثم القصم، أما الأُخرى السلبية: المصائب للأنبياء كشف، وللمؤمنين دفع ورفع.
وبالنهاية الله عز وجل لخصّ بآية واحدة فحوى دعوة الأنبياء جميعاً، يعني أنا لو فرضنا دخلت إلى صف فيه خمسين طالب، وقلت: لكل واحد منكم هدية غداً، لكن يوجد اثنان غائبان ليس لهم هدية، وإذا قلت: ما مِن طالبٍ منكم، (مِن) لاستغراق أفراد النوع، إلا وله هدية.
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) ﴾
أي حتى الرسل الذين لم يُذكروا
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) ﴾
يعني ما من طالب في هذا الصف إلا وله هدية.
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ) يعني فحوى دعوة الأنبياء جميعاً، الآية ليست سهلة، (أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) فقال العلماء: نهاية العِلم التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، ونهاية العمل العبادة، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) فلذلك لا يخاف العبد إلا ذنبه، ولا يرجو إلا ربه.
بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)