بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين.
الصلاة نقلةٌ نوعيّة من وحل الأرض إلى وحي السماء، وحل الأرض مصالح وشهوات، وحيُ السماء مبادئ وقُربات، نقلةٌ نوعيّةٌ رائعة تنقُل هذا الإنسان من مصالحه وقد تكون غير مشروعة، ومن وحولِه شهوات غير مُنضبطة، إلى وحيّ السماء مبادئ وقُربات.
الآن الصلاة معراج المؤمن، نقلة إلى السماء كما قلت قبل قليل، الصلاة
﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب (19) ﴾
قُرب من الله، من الذّات الكاملة، من أصل الجمال والكمال والنوال، من صاحب الأسماء الحُسنى، والصفات العُلى، هذا شيء مُذهل، يعني إذا إنسان له منصب رفيع وقال لك: تعال إليّ تطير فرحاً، فالصلاة قُربٌ من الله.
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) ﴾
الله عز وجل قال:
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) ﴾
إنك إن صليّت ذكرتَ الله، لكنه إذا ذَكرك منحك أشياء غير معقولة، منحك السكينة تسعد بها ولو فقدّت كل شيء، ذاقها إبراهيم في النار، و ذاقها النبيُّ في الغار، و ذاقها يونس في بطن الحوت، منَّحك السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء الآن (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)
كما قلت قبل قليل السكينة والحفظ والتوفيق.
الآن ليس للمرء من صلاته إلا ما عَقل منها، أنت ماذا قرأت في الفاتحة؟
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
الفاتحة انتهت، الآية:
﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30)﴾
فما يأتي بعد الآية لأنك سألت الله (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الصراط إليك، قال لك: الآية بعد الفاتحة (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) هذا الجواب، حسناً ما هو الركوع؟ يا رب أنا خاضعٌ لك الركوع خضوع، خاضعٌ لهذا الأمر، ما هو السجود؟ استعانة، فالفاتحة أصل القرآن، ما بعد الفاتحة الجواب الإلهي (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، الركوع خضوع و السجود استعانة بالله، هذه الصلاة.
الصلاة صلة بالله العظيم وأكبر عقاب للمؤمن أن يُحجب عن الله:
شيء آخر الصلاة حُبور، فإخواننا الكرام الصلاة ميزان، أنت بائع أقمشة فرضاً، جاءت امرأة وضيئة ملأت عينك من محاسنها، أذن العصر، هل تستطيع وقد ملأت عينك من محاسنها أن تتصل بالله؟! ميزان صارت الصلاة، مادام عملك صحيح، دخلك صحيح، علاقاتك الاجتماعية صحيحة، لديك خط ساخن إلى الله، أما لو يوجد معصية ولو كانت صغيرة المعصية حجاب، أكبر عقاب يُعاقب به المؤمن الحجاب عن الله، أخطأ خطأ ما:
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (15) ﴾
أكبر شيء يؤلم المؤمن أن يُحجب عن الله بخطأ، ولو بكلمة
(( إنَّ الرَّجلَ ليتَكلَّمُ بالكلِمةِ لا يرى بِها بأسًا يَهوي بِها سبعينَ خريفًا في النَّارِ ))
القضية ليست سهلة أن تتصل بالله، وصلت مع أصل الجمال والكمال والنوال، مع الذّات الكاملة، مع صاحب الأسماء الحُسنى، والصفات العُلى.
بسم الله الرحمن الرحيم الله علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزِدنا عِلماً، وأرِنا الحقَّ حقّاً وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الملف مدقق