وضع داكن
15-05-2025
Logo
مدارج السالكين - الدرس : 031 - الكبائر
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 

مراحل التوبة:


أيها الإخوة الأكارم؛ مع الدرس الواحد والثلاثين من دروس مدارج السالكين، في مراتب إيّاكَ نعبد وإيّاكَ نستعين.
الحقيقة في دروسٍ سابقة عِدّة تحدثنا عن أنواع الذنوب، تحدثنا عن الإِثمِ والعدوان، وعن الفحشاء والمنكر، وعن أنواع الفِسق، وعن أنواع الشِّرك، وعن أنواعِ الفجور، وعن أنواع الكُفر، وتحدثنا عن أعظم هذه الذنوب وهيَ أن تقولَ على اللهِ ما لا تعلم، واليوم ننتقلُ إلى موضوعٍ جديد، من سلسلةِ هذه الموضوعات التي نقدّمها لكم تمهيداً لأخطرِ موضوعٍ في حياة المؤمن ألا وهوَ التوبة. 
ذكرتُ لكم سابقاً أنَّ الإنسانَ لا يتوبُ من ذنبٍ لا يعلمهُ ذنباً، فأولُ مرحلةٍ من مراحل التوبة أن تعرف ما هو الذنب؟ ما هو الشِّرك الخفي؟ ما هو الكُفر؟ ما هو الفجور؟ ما هو الإثم؟ ما هو العدوان؟ ما هي الفحشاء؟ ما هو المُنكر؟ ما هذا الذنب العظيم أن تقولَ على اللهِ ما لا تعلم؟ فلن يتوبَ الإنسانُ من شيء هوَ عِندَ اللهِ ذنبٌ عظيم إلا إذا عَلِمَ خطورةَ هذا الذنب، وما يؤولُ إليه صاحبهُ من عذابٍ في الدنيا، وشقاءٍ في الآخرة، ففي سلسلةِ هذه الموضوعات التي تنتهي إن شاء الله تعالى بموضوع التوبة، نحنُ اليوم مع موضوع الكبائر، وقبلَ أن أخوضَ في تفاصيل هذا الموضوع لابُدَّ من بعض الأمثلة، ممكن ترتكب مخالفة سير، العملية تتراوح بين مبلغٍ يسير، أو حجز السيارة مدة أسبوع أو أسبوعين، أو سحب شهادة، أو ما إلى ذلك، لكن حياتك سليمة، ممكن ترتكب مخالفة تُكلّف شهرين سجناً، ممكن ترتكب مخالفة ثلاث سنوات، تزوير وثيقة رسمية ست سنوات، كتم معلومات ست سنوات، جريمة قتل خمس وعشرون سنة، خيانة عظمى إعدام، أليسَ كذلك؟ في كُل مجتمع بشري يوجد أنظمة، يوجد قوانين، بعضُها خفيف بعضُها شديد، يوجد جنحة، ويوجد جناية، ويوجد جريمة، ويوجد مخالفات مدنيّة، ويوجد مخالفات جزائية، هكذا، كذلك من السذاجة أن تظنَّ أنَّ كُلَّ معصيةٍ معصية، هُناكَ معصيةٌ تستطيع أن تقول: يا رب ندِمتُ على فِعلِ هذا، تشعر أنَّ اللهَ غفرَ لك، هُناكَ معصيةٌ لا تستطيع أن تتوب منها بهذه السهولة، لابُدَّ من دفعِ مبلغٍ كبير، لابُدَّ من ترميم، لابُدَّ من فعلٍ كبير يُغطي هذه المعصية، لكن أخطر فكرة أتمنى عليكم أن تكونَ بينَ أيديكم هوَ أنهُ من السذاجةِ أن تظن أنكَ إذا عَصيت تتوب، بابُ التوبةِ مفتوح، واللهُ غفورٌ رحيم، قال تعالى: 

﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)﴾

[ سورة الحجر ]

والقضية سهلة، هُنا الخطورة، كُلما كَبُرَ الذنب صَعُبَ عليك أن تتوبَ منه، بالضبط، كُلما كَبُرَ الذنب صَعُبَ عليك أن تتوبَ منه، لا تظن أنَّ الذنب كما لو أنكَ تمشي على رصيف، نزلتَ من على الرصيف ثمَ عُدتَ إليه، لا، هذه فِكرة ساذجة، هُناك معاصٍ تُبعِدُكَ عن الله إبعاداً كبيراً، هُناك معاصٍ يُحسُّ صاحِبُها أنهُ ملعون وبعيد عن رحمة الله، هذه الفِكرة الخطيرة هيَ مِحورُ هذا الدرس.
 

يظلُّ المُسلمُ بخير ما لم يسفك دماً:


 هُناك كبائر، وهُناك صغائر، الصغائر التوبةُ منها سهلة، ممكن على مستوى مركبة، هُناك حادث يُصلَّح في ساعة يُكلّفُكَ مئة ليرة، هناك حادث يُكلّف مئتي ألف، هناك حادث تُصبح المركبةُ قطعتين، أو تُصبحُ مسطحةً، ممكن تحتاج إلى مئات بل إلى قريب من مليون ليرة إصلاح، مِثلُ هذه السيارة كُلهُ حوادث، لا، هناك حادث طفيف، حادث أكبر، أكبر، درسنا اليوم الكبائر، الكبائر محور هذا الدرس، قال تعالى:

﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)﴾

[ سورة النساء ]

يظلُّ المُسلمُ بخير ما لم يسفك دماً، الزِّنا كبيرة، شُربُ الخمرِ كبيرة، السرقةُ كبيرة، القتلُ كبيرة، قذفُ امرأةٍ محصنةٍ كبيرة، فلذلك موضوعُ هذا الدرس الكبائر، لاشكّ أنَّ هذا الموضوع خِلافي، معنى خِلافي أي أنَّ السلفَ الصالح اختلفوا في تحديد الكبائر من سبعة إلى سبعين إلى سبعمئة. 
 

الكبائر:

 

1-اليمين الغموس:

على كُلٍّ يوجد كتاب مشهور اسمهُ الكبائر للإمام الذهبي، عدّ فيهِ سبعين كبيرة، طبعاً استنبطها من كتاب الله ومن سُنةِ رسولِ الله ومن الآثار الصحيحة، نحنُ الآن مع النصوص المُحكمةِ مع كتاب الله، ومع سُنّةِ رسولِ الله في الصحيحين وهوَ أعلى أنواع الحديث. 

(( من حديثِ الشعبيّ عن عبدِ الله بن عَمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ. ))

[ صحيح البخاري ]

اليمين الغموس أن تحلِفَ باللهِ عن قضيةٍ سابقةٍ أنكَ ما أخذتَ هذا المبلغ وقد أخذتهُ، أي حينما تحلِفُ باللهِ لتأكُلَ حقَّ مُسلِمٍ فهذا اليمين اسمهُ اليمين الغموس، وسُمّي غموساً لأنهُ يغمِسُ صاحبهُ في النار، وهذا اليمين الغموس لا كفارةَ لهُ، لأنكَ إن حلفتهُ خرجتَ من الإسلام، تحتاج إلى تجديد إسلامِك، وإلى تجديد إيمانِك، قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: ((الْكَبَائِرُ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ..)) . 

2-عقوق الوالدين:

((....وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ)) ليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يغفر له، لذلك أنا أنصحكم جميعاً ألا تُشارك عاقّاً لوالديه، لأنهُ لا خيرَ فيهِ لوالديه أيمكنُ أن يكونَ فيه خيرٌ لكَ؟ من باب أولى، أقربُ الناسِ إليه والداه، أولُ من أسدى لهُ معروفاً والداه، فإذا كانَ الإنسانُ عاقّاً لوالديه فلا خيرَ فيه، لذلك ليعمل العاقُ ما شاءَ أن يعمل فلن يدخُلَ الجنة. 

3-الإشراك بالله وقتل النفس بغير الحق:

 الإشراكُ بالله، وتحدثنا عنه في الدرس السابق كثيراً، وعقوق الوالدين، وقتلُ النفسِ، طبعاً قتلُ النفسِ بغير حق، لمّا القاضي يُمضي حُكماً بإعدام القاتل هذا قتل نفس، لكن هذا بالحق، والقتلُ-كما قيل-أنفى للقتل: 

﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾

[ سورة البقرة ]

أمّا إذا قُلنا: القتل نقصد بهِ بغير الحق، طبعاً قتلُ النفسِ بالحق من خصائص الحاكم فقط، قتلُ النفسِ بالحق من اختصاص أُولي أمرِ فقط، ولا يستطيع آحادُ المسلمين أن يُقيموا هذا الحد، لا حدّ القتل، ولا حدّ الرجم، ولا أيّ حدّ من الحدود، الحدود منوطةٌ بالحاكِمِ المُسلم دفعاً للفوضى، إذاً الإشراكُ بالله، عقوق الوالدين، قتلُ النفسِ، اليمين الغموس. 

4 –قول الزور:

حديث آخر، وفيهما، معنى وفيهما أي في الصحيحين معطوفة على في الصحيحين، وفيهما

(( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. ))

[ صحيح البخاري ]

دخلنا بمصطلح جديد، كنا في الكبائر والآن أكبر الكبائر: ((أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا)) لماذا جلس؟ لأهمية الثالثة، ((وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ)) لأنَّ النبي عليه الصلاة والسلام لا يُحبّ أن تضيعَ الحقوق ولا يُحبُّ الظلم، وقد وردَ في الأثر أنَّ عدل ساعةٍ خيرٌ من عِبادةِ سبعينَ عاماً، سبعون سنة تعبد الله خيرٌ من كُلِّ هذه العِبادة أن تَعدِل، لأنَّ اللهَ هوَ العدل، ويُحبّ العدل، وقد شكا حجرٌ إلى اللهِ عزّ وجل، قال: يا ربي عبدُتكَ خمسينَ عاماً وتضعني في أُسِ كنيف؟ ببيت الخلاء وضعتني يا ربي، فقيلَ له: تأدب يا حجر إذ لم أجعلكَ في مجلسِ قاضٍ ظالم، أي في هذا المكان في الكنيف أشرفُ لكَ ألفُ مرة من أن تكونَ في مجلسِ قاضٍ ظالم، وكُل واحد منا قاضٍ، أحياناً قاضٍ بين أولاده، أحياناً قاض بينَ شركائه، بينَ جيرانه، ليسَ شرطاً أن يكونَ في الحياةِ منصِبُكَ القضاء، لا، حينما يُحتكمُ إليك فأنتَ قاضٍ، عدلُ ساعةِ خيرُ من عبادةِ سبعينَ عاماً، وهذا الذي دخلَ إلى بيت، وقتلَ الرجل، وقال لزوجتهِ: أعطني كُلَّ ما عِندكِ، أعطتهُ سبعة دنانير ذهبية، فقتلَ ابنها الأول، فلما رأتهُ جاداً في قتل الثاني أعطته درعاً مذهبةً، أعجبتهُ جداً، فإذا عليها بيتان من الشعر قرأهُما فأُغميَ عليه: 

إذا جارَ الأميرُ وحاجبـاهُ       وقاضِي الأرضِ أسرفَ في القضاءِ

فويـلٌ ثمَ ويــــلٌ ثمَ ويــلٌ        لقاضِي الأرضِ من قاضي السمـاءِ

[ أبو فراس الحمداني ]

* * *

وأنا أقول لكم هذا الكلام: 

ويــــلٌ ثمَ ويـــــلٌ ثمَ ويـــــلٌ          لقاضي الأرضِ من قاضي الســماءِ

[ أبو فراس الحمداني ]

* * *

ويلٌ لإنسانٍ ظلمَ مخلوقاَ ضعيفاً، اتقوا دعوة المظلوم ولو كانَ كافراً، فليس بينها وبين الله حجاب، الظلم ظلمات يوم القيامة، ((أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ)) . 

5-أن نجعل لله نداً:

وفي الصحيح من حديث أَبِي وَائِلٍ

(( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ. ))

[ صحيح البخاري ]

أن تقول: فُلان بإمكانه أن يُعطيني، فُلان بإمكانه أن يؤذيني، فُلان بإمكانه أن يُبعدني، فُلان كُل آمالي مُعلّقةٌ عليه: ((أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ)) قال تعالى: 

﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)﴾

[ سورة الإسراء ]

أما قوله تعالى: 

﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)﴾

[ سورة الأنعام ]

هناك دقة بالغة. 

6-الزنا:

((قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ)) لأنَّ الزِنا كبيرة، أما أن تزني بامرأةِ جارِك فهذا من أكبر الكبائر، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام بلغهُ أنَّ رجلاً سافر، وأوصى جاره بأهلهِ، فزنا بزوجةِ جارهِ، ومن أغربِ الصُّدف أنَّ كلبَ جارهِ قتلهُ، فقالَ عليه الصلاة والسلام: خانَ صاحبهُ، والكلبُ قتلهُ، والكلبُ خيرٌ منه، عنترة العبسي بالجاهلية كان يقول: 

وأغضُّ طرفي إن بدت لي جارتي                حتى يواري جارتي مأواها

[ عنترة العبسي ]

* * *

الجار له قدسية بالغة جداً:

وأغضُّ طرفي إن بدت لي جارتي                حتى يواري جارتي مأواها

[ عنترة العبسي ]

* * *

فأنزلَ اللهُ تعالى تصديقَ قول النبي عليه الصلاة والسلام: 

﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)﴾

[ سورة الفرقان ]

هذه كبائر. 

7-السحر:

وفي الصحيحين،

(( من حديث أبي هريرةَ رضيَ اللهَ عنهُ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قلنا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ. ))

[ صحيح البخاري ]

من سحرَ فقد كَفر، السحر؛ من أتى ساحراً فلم يُصدّقهُ لم تُقبل لهُ صلاةُ أربعين صباحاً، ولا دعاءُ أربعينَ ليلة،

(( عن عمران بن الحصين ليس منا من تطيَّر أو تُطُيِّرَ له، أو تكَهنَّ أو تُكُهِّنَ له، أو سَحر أو سُحِرَ له، ومن أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزلَ على محمدٍ. ))

[  صحيح الترغيب: خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره: أخرجه البزار ]

لا جد ولا مزح. 

8 -قتل النفس:

((وَمَا هُنَّ؟ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ)) ربنا عزّ وجل يقول بآية رائعة جداً في سورة التكوير: 

﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)﴾

[ سورة التكوير ]

أي كُل مخلوق يُقتل بِلا سبب حتى العصفور، لو قتلتَ عصفوراً لغير مأكلةٍ، جاءَ يومَ القيامةِ ولهُ دويٌّ كدويّ النحل، يقول: يا ربي سلهُ لِم قتلني؟ لذلك الصيدُ من دونِ حاجةٍ إلى طعامٍ مضطرٍ لهُ حرام، لأنهُ قَتْلُ نفسٍ بغير حق، وإتلافُ مالٍ، ومخالفةُ أمرٍ.  

9-أكل أموال اليتامى:

((الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ،  وَأَكْلُ الرِّبَا)) اللهُ عزّ وجل لم يقُل: ولا تأكلوا أموال اليتامى، قال: 

﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34)﴾

[ سورة الإسراء ]

لا تقربوا أبلغ، أي إيّاكَ أن يختلط ماله بمالك، فإذا اختلطَ مالهُ بمالك ربما أخذتَ منهُ وأنتَ لا تشعر، وأنتَ لا تدري، فافرز ماله جانباً، ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ . 

10-التولي يوم الزحف:

((وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ)) الهروب من لقاء العدو هذه كبيرة. 

11-قذف المحصنات:

((وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ)) قذفُ مُحصنةٍ يهدمُ عملَ مئة سنة، الإشراك، عقوق الوالدين، قتلُ النفس، اليمين الغموس، أُضيفَ لها في الحديث الثاني: قولُ الزور، أُضيفَ لها في الحديث الثالث: أن تُزاني حليلة جارك، وأن تقتلَ ولدكَ مخافةَ أن يأكلَ معك، أُضيفَ لها في الحديث الرابع: الشِّركُ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مال اليتيم، والتوليّ يومَ الزحفِ، وقذفُ المحصنات الغافلات المؤمنات.  

12-أن يسب المرء والديه:

وروى شُعبة،

(( عن سعدِ بنِ إبراهيم، سمعتُ حميدَ بنِ عبد الرحمن يُحدّثُ عن عبدِ الله بن عمرٍ رضيَ الله عنهُما، عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الذَّنْبِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ. ))

[ صحيح البخاري ]

طبعاً أن يَسُبَّ الرجلُ والديه كبيرة جداً، لكن وكأنَي بالنبي عليه الصلاة والسلام يوجهها توجيهاً آخر، ((قَالُوا: وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟)) الأب مُقدّس جداً، حتى إن أكبرَ سُبّةٍ في الأدب العربي في الجاهلية أن تقول لخصمِكَ: لا أبا لك. 

سئمتُ تكاليفَ الحياة ومن يعش               ثمانين حولاً لا أبا لكَ يسأمِ 

[ زهير بن أبي سلمى  ]

* * *

أي إذا أردتَ أن تَسُبَّ إنساناً قُل لهُ: لا أبَا لك، أنتَ بِلا أب، ولمّا ربنا عزّ وجل قال: 

﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)﴾

[ سورة التوبة ]

بدأَ بالأب، لأنَّ الأب موطن الاعتزاز الاجتماعي، ((أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ)) أي إذا أسأتَ للناس حتى حملتهم على أن يَسُبوا الأب فكأنكَ أنتَ سببتَ أباك، كلام واضح كالشمس. 

13-النهش في أعراض الناس:

(( في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنَ الْكَبَائِرِ السَّبَّتَانِ بِالسَّبَّةِ. ))

[ ابن حجر العسقلاني: فتح الباري لابن حجر: حسن ]

نهش أعراض الناس، تتحدث عنهم بغير حق، من دون دليل، من دون تثبّت، من دون تأكد، قصة تُروّجها للتسلية، تتهمهُ في دينهِ وهوَ بريء، تتهمهُ في عرضه وهوَ بريء، تتهم ذمته وهوَ بريء، هكذا، خطب من عِندنا ثم لم يكن هناك نصيب، لابدّ من أن نُجرّحه، أخي هذا لا يصلي، ثم يمكن يشرب، أمتأكدٌ أنهُ يشرب؟ لأنَّ الخطبة لم تنجح، زعمنا أنه يشرب، لمجرد أن ينصرف الخاطب عن هذا البيت يُجرّح بِلا سبب، بِلا دليل، بِلا تأكيد، بِلا بينّة، يُتهمُ في عقلهِ، يُتهمُ في دينهِ، يُتهمُ في أخلاقهِ، هذه من أكبر الكبائر.
والمشكلة أيها الإخوة؛ هذا الذي اتهمتهُ وهوَ بريء-اسمعوا مني-عندك عِندك حلّ واحد في الدنيا، حلّ واحد، أن تذهبَ إليه، وأن تعتذرَ منهُ، وأن تطلبَ منهُ السماح، وأن تعقِدَ جلسةً أخرى كالتي عقدتها من قبل، وأن تذكُرَ ذلكَ للناس حتى تنجوَ من عذاب الله، وإلا يأتي يومَ القيامة فيأخذ من حسناتك، ويعطيكَ من سيئاتهِ، أبداً،

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، قَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي، مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلاةٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فَيُقْعَدُ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ. ))

[ صحيح مسلم ]

أقول لكم هذا الكلام وأنا أعني ما أقول: إذا كان سبقَ أن اغتبتَ أحداً عندك هذان الحلان، إما أن تسارع إليه، وتعتذرَ منهُ، وأن تعقد جلسة مشابهةً للتي تكلمتَ فيها، وأن تذكر للناس أنني تكلّمت بحق فُلان كلاماً غيرَ صحيح، وأنا اعتذرت منهُ، وهوَ منهُ بريء، وإلا سوفَ يأخذُ من حسناتِك، وسوفَ يطرحُ عليكَ سيئاته أبداً، انتبه، ((إنَّ من أكبر الكبائر استطالة الرجل في عِرضِ أخيه المسلم بغير حق)) لستَ متأكداً، فكيفَ إذا كفّرتهُ بِلا سبب؟ كُلما خالفَ رأيهُ رأيكَ تُكفّرهُ، كُلما خالفَ اجتهادهُ اجتهادكَ تُكفّرهُ، أي إذا قُلتَ: يا رسولَ الله، مُشرك، أطل بالك، مشرك، لم يقل شيئاً، لمجرد أن تقول: يا رسول الله رأساً اتُّهمت بالشرك، ((إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ)) . 

14-الأمن من مكر الله:

الآن: عن الصحابة، وعن عبد الله بن مسعود قالَ: أكبر الكبائر: الشِركُ بالله، والأمن من مكرِ الله.

(( عن عامر بن واثلة أبو الطفيل، قال ابنُ مسعودٍ أكبَرُ الكبائرِ الإشراكُ باللهِ والإياسُ مِن رَوحِ اللهِ والقُنوطُ مِن رَحمةِ اللهِ والأمنُ من مكرِ اللهِ. ))

[ ابن كثير : تفسير القرآن العظيم: خلاصة حكم المحدث : روي من طرق عدة عن أبي الطفيل عن ابن مسعود وهو صحيح إليه بلا شك  ]

مُقيم على معصية، مُقيم على دخل حرام، مُقيم على اختلاط لا يُرضي الله، لكَ علاقاتٌ من وراءِ زوجتك لا تدري بها، وتُصلي، أنتَ ماذا تفعل؟ أنتَ آمنٌ من مكرِ الله، أي الله عزّ وجل هكذا يدعُكَ تَغُشُ الناس!: 

﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)﴾

[ سورة العنكبوت ]

هكذا ببساطة، تتردد لهذا البيت، ولست بريئاً في ترددك عليه، وتدّعي أنكَ مُسلم، وأنكَ تُصلي، والمسبحة بيدك، وتُتمتم دائماً، لا إله إلا الله، سبحان الله! لابُدَّ من أن تُكشف، ولابُدّ من أن تُفتضح.  

15-القنوط من رحمة الله: 


لذلك: ((أكبَرُ الكبائرِ الإشراكُ باللهِ، والإياسُ مِن رَوحِ اللهِ، والقُنوطُ مِن رَحمةِ اللهِ، والأمنُ من مكرِ اللهِ)) لا يوجد أمل، ألا يقدر الله عزّ وجل أن يُخلّصكَ مما أنتَ فيه؟ أي هذا المرض ألا يستطيع الله عزّ وجل أن يشفيكَ منهُ؟ هذا هوَ المرض الخطير، ليسَ المرض مرضهُ العُضال، لكنَ المرضَ يأسهُ من رحمة الله، أين؟ 

﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾

[ سورة الشعراء ]

واليأسُ من روحِ الله، اليأسُ والقنوطُ من الكبائر، لا أمل لأن أتزوج أنا، لماذا؟ لا يوجد عِندي بيت، ودخلي لا يكفيني، الله ألا يوجد عنده حلّ؟ هل هذه المشكلة تستعصي على الله عزّ وجل؟ أنا أسمع هذا الكلام، دخلي محدود، لا يوجد أمل لأتزوج، يائس، أو يفهم الأمور أن جِهات بالعالم يفعلون ما يريدون، وكُلُّ هذه الشعوب لِخدمتهم، أينَ الله عزّ وجل؟ هذا كلام فيه يأس، هذا فيه قنوط، القنوط من رحمة الله، واليأسُ من روح الله، والأمنُ من مكر الله، والشِّرك.  

16-الإصرار على الصغائر يحولها لكبائر:

قالَ سعيد بن جبير: سألَ رجلٌ ابن عباس عن الكبائر: أسبعٌ هُم؟ قالَ: هُنَ إلى السبعمئة أقرب، إلا أنهُ لا كبيرةَ مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، أي إذا كُنتَ مُصرّاً على مصافحة امرأةٍ أجنبيةٍ دائماً ليسَ فيها شيء، معَ أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( عن أميمة بنت رقيقة: جئتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في نِسوةٍ نُبايعُهُ، فقالَ لَنا: فيما استَطعتُنَّ وأطَقتُنَّ، إنِّي لا أُصافِحُ النِّساءَ. ))

[  صحيح ابن ماجه  ]

مُصافحة المرأة الأجنبية إذا أصررتَ عليها، وأكّدتَ إباحتها، وهيَ محرّمةٌ بنص الحديث الشريف، هذه كبيرة، والكبيرة نفسها لو تُبتَ منها أصبحت صغيرة، لا كبيرةَ مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، أي مثل سريع أضرِبهُ كثيراً، طريق عريض، على يمينهِ وادٍ سحيق، عرضهُ ستون متراً، وأنت في الوسط، تقود مركبة، حرفُ المِقودِ تسعونَ درجةً فجأةً هذه كبيرة، لماذا؟ أمّا إذا ثبّتَ هذا السنتيمتر بعد مئة متر بالوادي، إذا أصررتَ على الصغيرة انقلبت إلى كبيرة، سُميت صغيرة لأنهُ يسهُل الاستغفار منها، مباشرة عادت، لكن إذا أصررت عليها دائماً هكذا آخرتها على الوادي، مادمت مُصِراً على الوادي، لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرةَ مع الاستغفار.
وقالَ هذا الصحابي الجليل: كُلُّ شيء عُصِيَ اللهُ بهِ فهوَ كبيرة، الدليل، لا تنظر إلى صِغر الذنب ولكن انظر على من اجترأت، كُلُّ شيء عُصيَ اللهُ بهِ كبيرة، من عَمِلَ شيئاً منها فليستغفر اللهَ، فإنَّ اللهَ لا يُخلّدُ في النارِ من الأمة إلا من كانَ راجعاً عن الإسلام، أو جاحداً فريضةً، أو مُكذباً بالقدر، أمّا كُل ذنب يمكن أن تتوبَ منهُ، وقد قالَ عبد الله بن مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه: ما نهى اللهُ عنه في سورة النساء من أولِها إلى قولِهِ تعالى:

﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)﴾

[ سورة النساء ]

فهو كبيرة.
 

كيفَ استنبط العلماء الكبائر؟


الآن السؤال الدقيق، كيفَ استنبطَ العلماء الكبائر؟ فهذا الجواب جواب أحد العلماء قالَ: كُل ذنبٍ ختمهُ اللهُ بنارٍ، أو بغضبٍ، أو لعنةٍ، أو عذابٍ، اقرأ أنتَ القرآن:

﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)﴾

[ سورة البقرة ]

كبيرة: 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)﴾

[ سورة الأحزاب ]

كبيرة: 

﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)﴾

[ سورة الفتح ]

كبيرة: 

﴿ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)﴾

[ سورة يونس ]

كبيرة، أيُّ ذنبٍ خُتمَ بنارٍ، أو غضبٍ، أو لعنةٍ، أو عذابٍ هوَ كبيرة.
 

تعريف الكبيرة:


هناك تعريف آخر للكبيرة؛ هي ما أوعدَ اللهُ عليه حدّاً في الدنيا أو عذاباً في الآخرة:

﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)﴾

[ سورة المائدة ]

﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)﴾

[ سورة النور ]

أيُّ ذنبٍ في القرآن الكريم أوعدَ اللهُ به حدّاً في الدنيا، أو عذاباً في الآخرة، فهوَ كبيرة.
تعريف ثالث، ما سمّاهُ اللهُ في القرآن كبيراً فهوَ كبيرة: 

﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)﴾

[ سورة النساء  ]

﴿إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ .

﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)﴾

[ سورة لقمان ]

﴿ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28)﴾

[ سورة يوسف ]

﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)﴾

[ سورة النور ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)﴾

[ سورة الأحزاب ]

أيّةُ كلمةٍ في القرآن عظيم كبير، كبير عظيم، فهذا يعني أنَّ هذا الذنبَ من الكبائر.  

17-الابتداع في الدين:

من أكبر الكبائر أن تبتدعَ في الدينِ ما ليسَ فيه، لأنَّ المُذنب يتوب من الذنب، أمّا المُبتدع يرى أنهُ على صواب، المُبتدع الذي جاءَ بعقيدةٍ لا أصلَ لها، أو بسلوكٍ لا أصلَ لهُ، أو نهى عن شيء أباحهُ الله، أو أمرَ بشيء حرّمهُ الله، أو حَرَفَ العقيدة وفقَ أهوائهِ ومصالحهِ، كُلُّ من جاءَ بشيء ليسَ من الدينِ فهوَ مُبتدع، والمُبتدع هوَ من أكبر الكبائر، هوَ نفسهُ كبيرة، التعليل، قال: لأنَّ البِدعة لا يُتابُ منها، والمعصيةَ يُتاب منها، إذا إنسان يعتقد أنَّ هذا العمل غلط ونفسهُ غلبتهُ، أغلب الظن أنهُ يتوب منه إن عاجلاً أو آجلاً، لكن إذا اعتقد أنه لا يوجد شيء، كيفَ يتوب منه؟ إذا اعتقدَ اعتقاداَ قطعيّاً أنَ هذا الشيء مُباح، أو أنَّ هذه الفكرة صحيحة، هذا لا يتوب منها، قال تعالى: 

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)﴾

[ سورة الكهف ]

لذلك المُبتدع لا توبة لهُ، لأنهُ لن يتوب، قال: كلُّ ذنبٍ عليه عقوبةٌ في الدنيا مشروعةٌ محدودةٌ كالزِنا، وشُربِ الخمرِ، والسرقةِ، والقذفِ، أو عليه وعيدٌ في الآخرة كأكلِ مال اليتيم: 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)﴾

[ سورة النساء ]

هذه كبيرة، والشربُ في آنية الفضةِ والذهبِ، وقتلُ الإنسانِ نفسهُ كبيرة، وخيانته أمانتهُ ونحو ذلك، هذه كُلُّها كبائر، عَرفنا ما الكبيرة؟ فيها كلمة عظيم، فيها لعن، فيها غضب، فيها وعيد بالنار، والذي جاء في الحديث الشريف، الإمام الذهبي جمعهم سبعينَ كبيرة، وأتمنى على الله عزّ وجل أن يحتاطَ الإنسانَ، وأن يعرفَ بالضبط ما الكبائر حتى لا يقعَ فيها. 
 

على الإنسان أن يتوسل إلى الله عزّ وجل بصالح عملهِ:


الآن قال: المُحسن من إكرام الله لهُ إذا زلّت قدمهُ، حسناتهُ تشفعُ لهُ، فإذا الإنسان وقع بمأزق، النبي علّمنا الدعاء: يا رب، إن كُنتُ فعلتُ هذا العمل خالصاً لوجهك ففرّج عني الآن، معناها الإنسان لهُ أن يتوسل إلى اللهِ عزّ وجل بأعمالهِ الصالحة السابقة. 
قالَ لي تاجر من تجّار الغنم الكِبار، قال لي: كُنتُ في البادية مع قطيع غنم اشتريتهُ، القصة قديمة جداً، قالَ لي: وضللنا الطريق، وأصابنا عطشٌ شديد، كِدتُ أهلكُ أنا ومالي، فصليت ركعتين، وقُلتُ لهُ: يا رب-هو مرة راودته امرأة عن نفسها، فعفّ وخاف الله عز وجل-قال: يا رب إن كُنت تركت فلانة خشيةً منك فأنقذنا الآن، وما هوَ إلا وقتٌ قصير حتى رأى بدوياً دلّهُ على مكانٍ فيه ماء، أي يا رب إن كُنت تركت مراودة فلانة خشيةً منك لا لشيء آخر فأنقذني مما أنا فيه، فمنَ السُّنّة الإنسان أن يتوسل إلى الله عزّ وجل بصالح عملهِ.  

18-الاستخفاف بأمر الله:

هناك نقطة مهمة جداً سأقرؤها لكم بدقة، قال: الكبيرة التي يقترن بها حياءٌ وخوفٌ واستعظامٌ، إذا اقترنَ بها حياءٌ من الله وخوف واستعظام لِما فعل، قال: هذه الكبيرة تُلحق بالصغائر، والصغيرةُ إذا اقترنَ بها قِلةُ حياءٍ، ماذا فعلنا؟ وعدم مبالاة، وترك الخوف والاستهانة، تُلحق بالكبائر، الصغائر مع الاستغفار واللامبالاة والازدراء والاحتقار تُلحق بالكبائر، وهذه الكلمة يقولها معظم الناس، ماذا فعلنا يا أخي؟ إذا نظرنا ماذا يحصل؟ أكلناها؟ الله عزّ وجل قال: 

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

[ سورة النور ]

أنتَ حينما نظرت، ونفسكَ غَلبَتَكَ، واستحييت من الله، وبادرتَ إلى التوبة، وتصدقت، الله يجعلُها صغيرة، أما إذا قُلت ماذا صنعنا؟ أين نذهب بأعيننا؟ هذا استخفاف بأمر الله عزّ وجل، معَ أنَّ اللهَ عزّ وجل لا يُكلّفُ نفساً إلا وسعها، هذا استخفاف بأمر الله. 
 

الكبيرة مع الحياء تلحق بالصغائر:


إذا الكبيرة اقترنت بالحياء، والخوف، والاستعظام تُلحقُ بالصغائر، فإذا الصغيرةُ اقترنت بقلةِ الحياءِ، وعدم المبالاة، وترك الخوف، والاستهانة بها تُلحقُ بالكبائر، سيدنا يونس كما تعلمون حينما ضَجِرَ من قومِهِ وتركهم، فكأنهُ بشكل أو بآخر تخلّى عن رسالتهِ، فربُنا عزّ وجل جعلهُ في بطن الحوت، لكن بعدَ أن أنقذهُ، قال: 

﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)﴾

[ سورة الصافات ]

إذاً تسبيحهُ السابق شَفعَ لهُ هذه الذّلّة، أقول لكم أنا هذا-أرجو الله أن أكونَ مصيباً في قولي-المؤمن غالٍ على الله، إذا كان لكَ سابقة فضل، لكَ ماضٍ مجيد معَ الله، لكَ جهادك في سبيل الله، جِهاد نفسك وهواك، بادر، أنفق من مالك، فإذا عثرت فالله سبحانهُ وتعالى يجبرُ عثرات الكِرام؛ ماضيك المُشرّف، طاعتكَ المديدة، حُبك لله عزّ وجل، إنفاقك في سبيل الله، هذا يشفعُ لكَ عِندَ الله، بمعنى أنهُ يُقيلُ عِثارك، أي إذا زلّت قدمُك لا سمح الله لا يتخلى الله عنك، هذا الماضي الطيب يدعو إلى أن يتولى اللهُ معالجتك معالجة دقيقة، أحياناً الإنسان يغلط، فيسوق الله من الشدائد ما يحملهُ على التوبة، ليسَ ذلكَ إلا لكرامة العبد على ربه.
إذا أحبَّ اللهُ عبدهُ عجّلَ لهُ بالعقوبة.
أي أنتَ إمّا أن تكون مُهملاً من قِبل الله عزّ وجل، وإمّا أن تكونَ في العناية المشددة، فإذا لك ماضٍ طيب، ماض فيه صدق مع الله، فيه إنابة إلى الله، فيه خدمة الناس، فيه معرفة كتاب الله، هذا الماضي هذا الذي يدعو إلى أن تكونَ في العناية المشددة، ليسَ معناها لا تُعاقب، لا، لكن الله عزّ وجل لا يتخلّى عنك، ما دُمت قد سبقت منكَ الحُسنى فلابُدّ من أن يتولى اللهُ معالجتك، هذا استُنبط من قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾.
 

قول لا إله إلا الله دون عمل لا يُدخِل الجنة:


هناك نقطة مهمة جداً أتمنى على الله عزّ وجل أن تنكشفَ لنا جميعاً، يوجد أحاديث كثيرة مُفادُها أنهُ من قال: لا إلهَ إلا الله دخلَ الجنة، فهناك أشخاص مُغرِضون يفهمون هذا الحديث على غير ما أرادهُ النبي، يفهمونَ هذا الحديث أنهُ قُل: لا إلهَ إلا الله وانتهى الأمر، فكُل الذنوب مغفورة، كُلُّ الانحرافات مستورة، لا، المعنى أعمق بكثير، المعنى، كلمة لا إلهَ إلا الله نور، نور ساطع، بشكل مادي، إنسان معهُ مصباحٌ منير، والطريق مُظلم، يوجد بالطريق حُفر، وهناك أكمات، هناك أفاعٍ، هناك ثمرات، هناك أحجار، هناك أشواك، إنسان سوي، وعاقل، وبالغ، وراشد، ومُدرك، وبصرهُ حاد، ومعهُ مصباحٌ منير، أيُعقل أن يقعَ في الحفرة وهوَ يراها؟ لا يُعقل، أيُعقل أن يُمسكَ بالأفعى وهي يعرفها أفعى؟ مستحيل، بمصباحِكَ المنير تتقي الحفرة، وتأكُلُ الثمرة، وتبتعدُ عن الشوك، وتقتلُ الأفعى، إذاً من قال: لا إلهَ إلا الله نوّرت قلبهُ، فكيفَ يُغفرُ لأهلِ لا إلهَ إلا الله؟ لأنهم إذا قالوها فِعلاً لا يرتكبونَ ذنباً بهذا المعنى، ليسَ معناها أن ترتكبَ الذنوب وتقول: لا إلهَ إلا الله وينتهي الأمر، لا، هذا فهم ساذج، أي لا إلهَ إلا الله حِصني، من دخلها أمِنَ من عذابي، لا إلهَ إلا الله نور في القلب، الله ماذا قال؟ قال: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)﴾

[ سورة التحريم ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)﴾

[ سورة الحديد ]

قال: هذا النور يُحرِقُ الشهوات والشُّبُهات، كُلما اشتدَّ النور أضاءَ ما حولهُ، ورأيتَ الحقَّ حقاً والباطلَ باطلاً، رأيتَ كُلَّ شيء، أي الإنسان لأنه مفطور على حُبِّ ذاتهِ، سائق السيارة أيُعقل أن يجد حفرة، والطريق مُعبّد، والحفرة عميقة أن ينزل فيها؟ مستحيل، إذا رآها فعلاً فهي لا إلهَ إلا الله، هذا التوحيد، نور في القلب، نورٌ يقذفهُ الله بالقلب، فإذا غُفر لأهل لا إله إلا الله، لأنهم وَقوا أنفسهم بهذا النور من أن يقعوا في ذنب، هذا هوَ المعنى. 
 

كل حديث فيه "من قال" أي من قال وعمل:


الشيء الثاني الذي أتمناهُ عليكم هوَ أنَّ كُلَ حديثٍ تقرؤونهُ فيه كلمة قال، من قالَ، من دعا، إيّاكم أن تظنوا أنكَ إذا قُلتَ بلسانك قطفتَ ثِمارَ هذا الحديث، القول باللسان لا يُقدّمُ ولا يؤخّر، ولا يُغير شيئاً، ما لم يكن القلبُ حاضراً، والقلبُ خاشعاً، ما لم تكن في مستوى الحديث، في مستوى الدعاء لن يؤثرَ الدعاء، ولن يؤثرَ القول، هذه حقيقة، مثلاً يقول لكَ: أنا عِندي وساوس، تأتيني كوابيس في الليل، أقول لهُ: والله ليسَ عِندي إلا حلّ واحد:

﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)﴾

[ سورة الأعراف ]

يقول لك: قلتها كثيراً ولم أستفد، قُلتها بلسانك، إن لم تقلها وأنتَ حاضر القلب، وأنتَ لم تقلها وأنت مُدرِكُ لمعناها، إن لم تقلها وكأنها تجري في دمك، لن تقطفَ ثِمارَ هذا القول، فحيثما قرأتَ في السُّنةِ أنهُ من قال: لا إلهَ إلا الله دخلَ الجنة، من قال: سبحانكَ اللهم مئة مرة غُفرَ له، أي إذا سبحّتَ الله فعلاً، الباقيات الصالحات، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، اذكرهن مليون مرة لا يحدثُ شيء، أمّا لو سبحّتَ اللهَ فعلاً، أي نزّهتهُ ومجّدتهُ، ولو وحّدتهُ سبحان الله، ولو حَمِدتهُ والحمدُ لله، ولو وحّدته، ولو كبّرتهُ، أنتَ سبحّتهُ وحَمِدتهُ ووحّدتهُ وكبّرتهُ، شيء طبيعي إنك تعرفه، وما دُمتَ تعرفهُ: 

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)﴾

[ سورة الكهف ]

فهذا الكلامُ يبقى كلاماً ما لم يكن القلبُ مواطئاً لهُ، وما لم يكن الخشوع ملابساً لهُ، وما لم يكن الإدراك معنيّاً بهِ، فكل قول تقرؤهُ في الكتاب والسُّنّة لا قيمةَ لهُ إلا إذا حضرَ القلبُ معك، مثلاً:

(( عن أبي هريرة: مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ. ))

[ صحيح البخاري ]

أو غفرت ذنوبه، الكلام صح بمعنى، وغلط بمعنى آخر، صح ما دُمت قد سبّحتَ الله فِعلاً انتهى كُل شيء، أنتَ عرفتهُ، أما إذا قُلت: سبحانَ الله! سُبحانَ الله! مرّت امرأة سبحانَ الله! سُبحانَ الله! قلها مليون مرة لا تُقدّم ولا تؤخر، لا تكن شكليّاً أيها الأخ، ديننا أعظم من ذلك، دين الله عز وجل مستحيل، هل تقبل جامعة في الأرض تقول: إجازة إجازة إجازة، أن تعطيك إجازة؟ أي ليسانس، أربع سنوات دراسة، وكل سنة فيها اثنتا عشرة مادة، وكل مادة فيها ثلاثون كتاباً، ومراجع، وحلقات بحث، وأطروحات، تحس وكأنك ذُبت ذوباناً بعد أربع سنوات، ممكن تقول: إجازة إجازة ألف، قلتهم ألف مرة تعال خذ شهادة، أي جامعة هذه؟ جامعة عادية لا تقبلها، إذا لم يكن هناك دراسة، هناك كتب، هناك مناهج، هناك امتحانات، معقول أن تقول: سبحانَ الله! سُبحانَ الله! لم يعد هناك أي ذنب، والله شيء سهل، إذاً كُلْ مالاً حراماً، وافعل ما تشاء، واذهب إلى أي مكان يُغضب الله عزّ وجل، وفي المساء كم مرة؟ ألف مرة، يكفي فقط مئة، تحتاج إلى ربع ساعة، الدين أعظم من ذلك، إذا وردَ معكَ بالسُّنة كلمة من قال: سبحان الله، أي قلبه يذوب، قلبه تفطّر من تعظيم الله عزّ وجل، سبحان الله! ودموعهُ على خدهِ، سبحان الله! وجلدهُ مقشعّر، سبحان الله! وقد عَزَمَ على التوبة فعلاً، من قالَ: سبحان الله! معها توبة، معها خشوع، معها خشية لله، غُفرت لهُ كُلُ ذنوبهِ، فإيّاكم أن تفهموا هذه الأحاديث على ظاهرها، الأقوال وحدها لا قيمة لها، بإمكان أيِّ إنسان مهما كانَ بعيداً عن الله أن يقولها. 
 

كلما ارتفعت مرتبة الإنسان تصبح الصغائر في حقه كبائر:


لكن بقيَ بحثٌ أخير، بالنسبة لكل إنسان لهُ ذنوب، أي سيدنا إبراهيم أُمرَ أن يذبحَ ابنهُ، ماذا فعل؟ كُلما ارتفعت مرتبة الإنسان تُصبحُ الصغائر في حقهِ كبائر، هُنا يوجد نقطة جديدة، يجوز أن أجد رجلاً في الأساس عاصياً، شارب خمر، زانياً، عندما تركَ الزِّنا وترك الخمر، أُراه أصبح ولياً، هذا وليّ لأنهُ ترك الزِّنا والخمر فقط! لكن كُلما سِرتَ إلى الله، يمكن المؤمن الراقي يُعاتب على كلمة قالها، يُعاتب على نظرة نظرها؛ لذلك قالوا: حسناتُ الأبرار سيئات المُقرّبين، ممكن سيدنا ابن رواحة ماذا فعل؟ عيّنهُ النبي عليه الصلاة والسلام قائداً رقم ثلاثة في معركة مؤتة، وأول قائد سيدنا زيد قُتل، وثاني قائد قُتل سيدنا جعفر، وجاء دور سيدنا عبد الله بن رواحة، الموت سريع جداً تريّث، هو كانَ شاعراً قال: 

يا نفــسُ إلا تُقتلي تموتي              هذا حِمامُ الموتِ قد صليتِ

إن تفعلي فعلهُما رضيتِ              وإن توليـــتِ فـقد شـقــيتِ

[ عبد الله بن رواحة  ]

* * *

أخذَ الراية وقاتلَ بها حتى قُتل، ماذا عمل؟ ماتَ في سبيل الله، النبي عليه الصلاة والسلام قال: أخذَ الرايةَ أخوكم زيد فقاتلَ بها حتى قُتل، وإني لأرى مقامهُ في الجنة، ثم أخذَ الرايةَ أخوكم جعفر فقاتلَ بها حتى قُتل، وإني لأرى مقامهُ في الجنة، ثمَ سكتَ النبي عليه الصلاة والسلام، فلما سكتَ النبي قَلِقَ أصحابهُ على عبد الله، قالوا: ما فعلَ عبدُ الله؟ قالَ: ثمَ أخذَ الراية أخوكم عبد الله، وقاتلَ بها حتى قُتل، وإني لأرى في مقامهِ ازوراراً عن صاحبيه، درجتهُ هَبَطت. 
أنا أقول لك: مرة تكلّمتُ قصة نصفُها وقع، ونِصفُها أكملتهُ من عِندي، الذي وجدَ بالحاوية كيساً أسود يتحرك، فإذا به طفل مولود حديثاً، أخذهُ وربّاه، إلى آخره، أنا أكملتُها، خرجّهُ طبيباً، وقد زوجّهُ ابنتهُ، وأخذ له عيادة، وصار من ألمع أطباء دمشق، فهذا الطبيب مرةً رأى عمهُ يمشي في الطريق على قدمين، قالَ له: يا فُلان أوصلني إلى البيت، ففكرَ أربع ثوانٍ، قالَ لهُ: تفضل، هذه الأربع ثوانٍ بحق هذا الطبيب جريمة، أليسَ كذلك؟ كُنتَ في الحاوية، انتشلكَ من الحاوية، وخرّجكَ طبيباً، تقول له: تفضل لكي أُوصلكَ، التردد جريمة هنا؛ فالإنسان كُلما علا مقامهُ تصبح الصغائر في حقهِ كبائر.
 

الدرس المُستفاد من غزوة حنين:


ما فعلَ أصحاب رسول الله بحنين؟ هم كانوا ثلاثمئة، انتصروا بأُحد، بالخندق، الآن أصبحوا عشرة آلاف، أكبر قوة ضاربة في الجزيرة، فقالَ أحدهم: لن نُغلبَ اليومَ من قِلّة، فقط هذه الكلمة، قال: 

﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)﴾

[ سورة التوبة ]

مباشرةً جاء العِقاب، حتى إنَّ النبيَ عليه الصلاة والسلام أمسكَ حفنة من تراب، وألقاها على وجوه الكفار، وقالَ: شاهت الوجوه: أنا النبي لا كذب أنا ابنُ عبد المُطلب، حتى تماسك الصحابة، ألقى الله في قلبهم الخوف وولوا مُدبرين. 
ماذا قالوا؟ ممكن الواحد في أول الإيمان يقول مليون كلمة، ولا يجري لهُ شيئاً، الآن اجلس مع شخص يقول لكَ: أنا ألف مرة بالجلسة الواحدة، أنا عملت، أنا تركت، أنا كذا، ما دام ترك الكبائر يُهيئ لهُ الله معالجة لاحقة، فكُلما عَلا مقامك تصبح الصغائر في حقِكَ كبائر، أي يجوز مؤمن ينظر نظرة بغير حقّ يُحجب شهراً أو شهرين، يجوز أن يتكلّم كلمة لا تُرضي الله يُحجب أربعة أسابيع، فإذا انحجبت لسبب صغير، معناها مقامك كبير.
 

مقامك كبير عند الله عندما يحجبك بسبب صغيرة:


دققوا في هذه الكلمة، إذا حُجبت لسببٍ صغير معناها مقامك كبير، من يومين زارنا أخ مع ابنه الصغير، سبحان الله! لم أنتبه للصغير، فقال لي: ابني أحبَّ أن يُسلّم عليك، والله أكثر من يومين أو ثلاثة منزعج جداً وخجلان من طفل صغير، كيفَ هذه تفوتني؟ أنا لم أنتبه لهُ، فالإنسان كلما شعر أنهُ انحجب بذنب، إن شاء الله عزّ وجل يكون قد غفر له، الإنسان إذا عرف يُحاسب حِساباً دقيقاً، أحياناً تتكلم كلمة تمس واحداً، تبقى شهراً محجوباً عن الله عزّ وجل، كسرت خاطره بهذه الكلمة، أحياناً ابتسامة تسبب لكَ الحجاب، فانتبه، كُلما عَلا مقامك الذنب الصغير يصبح في حقكَ كبيراً. 
بعض العلماء قال إنَّ سيدنا إبراهيم لهُ ابن نبي، نحنُ إذا كان ابننا قد صلّى أمامنا صلاةً شكليّة، يطير عقلنا، نبي ابنٌ من أنبياء الله، يظهر أنه تعلّق قلبه بابنه، قالَ لهُ: اذبحهُ، ماذا فعل؟ يجوز أي أب إذا ابنه استقام، وصلّى، وأخلص، وأحبهُ، وانشغل به، فالله يكافئهُ على هذا العمل، أما الإنسان إذا علا مقامهُ جداً يجب ألا يتحوّلَ عن الله أبداً، على كل هذا بحث لا علاقة لنا به نحن فوق مستوانا.
 

الخاتمة:


على كُلٍّ؛ نحنُ نعرف أن الإنسان إذا علا مقامهُ عِندَ الله، الشيء الصغير يحجبهُ عن الله فليدقق، يؤكدها: 

﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32)﴾

[ سورة الأحزاب ]

﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)﴾

[ سورة الأحزاب ]

والمفسّرون قالوا: الفاحشة في حق نساء النبي أن يُطالبن النبي بمصروف زائد، أي طبخة بالأسبوعين مرة واحدة، هذا هو، لأنهن أحرجوه، هوَ يُحبُّ أن يكونَ زاهداً متقشفاً، هنَّ ضغطن عليه، فسماها الله فاحشة في حقهن، ومع ذلك: ﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ اسمعوا الآيات فقط: 

﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)﴾

[ سورة الإسراء ]

والله يوجد قول أيها الإخوة؛ إذا ذكرتهُ اقشعرَّ جلدي، أي قيل للنبي عليه الصلاة والسلام: هؤلاء الكُفار، هؤلاء الذين أخرجوك، هؤلاء الذينَ ائتمروا على قتلك، هؤلاء الذين نكّلوا بأصحابك، هؤلاء الذين ناصبوك العِداء عشرينَ عاماً، ها هم قد قُتِلوا مثّل بهم؟ فقالَ عليه الصلاة والسلام:

(( حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَخُو بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَنْزِعْ ثَنِيَّتَيْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَيَدْلَعُ لِسَانَهُ، فَلَا يَقُومُ عَلَيْكَ خَطِيبًا فِي مَوْطِنٍ أَبَدًا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أُمَثِّلُ بِهِ فَيُمَثِّلُ اللَّهُ بِي، وَإِنْ كُنْتُ نَبِيًّا. ))

[ روى ابن إسحاق في السيرة - كما في "سيرة ابن هشام"  ومن طريقه الطبري في "تاريخه" : وهذا إسناد ضعيف وقال ابن كثير رحمه الله: " وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ ، بَلْ مُعْضَلٌ  ]


الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور