- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠4برنامج حياة المسلم 4
مقدمة :
المذيع :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صلّ وسلم ، وأنعم وأكرم على النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم .
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته مستمعينا الأكارم أينما كنتم حياكم الله ومرحباً بكم في مجلس علمٍ وإيمانٍ جديد ، نتعلم فيه نحن وإياكم على يدي فضيلة العلّامة المربي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، في لقاءٍ إذاعي أسبوعي عبر أثير إذاعتكم حياة fm .
شيخنا الحبيب حياكم الله ، وكل عام وأنتم بخير .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
وكل عام وأنت بألف خير ، بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وحفظ لكم كل شيء .
المذيع :
أكرمكم الله ورفع مقامكم دكتور .
بدايةً حلقتنا هذه مستمعينا الأكارم عنوانها : نصرة المسلمين ، وهي حلقة مهداة لأهلنا الصامدين والمرابطين في المسجد الأقصى ، وفي غزة ، وفي فلسطين ، وفي رحاب هذه القضية أينما كان المتضامنون من العالم معها نبدأ حلقتنا بقول الخالق سبحانه وتعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)﴾
وننتقل إلى سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال :(( عن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : المسلم أخو المسلم ، لا يخونُه ، ولا يكذِبُهُ ، ولا يَخْذُله ، كلُّ المسلم على المسلم حرام عِرْضُهُ ، ومالُه ، ودمُه ، التقوى هاهنا بحسب امرئ من الشر أَن يحقِرَ أخاه المسلم ))
شيخنا الحبيب ، بدايةً إذا كان لكم أي تعليق أو مقدمة ترغبون بالحديث فيها عما يجري لأهلنا في فلسطين المحتلة ؟الأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لكن قبل ذلك لابد من مقدمة ضرورية جداً ، هذه المقدمة أن الله عز وجل خالق كل شيء ، وأمره كن فيكون ، لكن أراد لتنظيم الحياة لأهل الأرض أن يضع قانوناً ، الأسباب والنتائج ، الله جعل لكل نتيجة سبباً ، وكل سبب له نتيجة ، هذا جعل من الله عز وجل لتنظيم الحياة ، طبعاً كن فيكون ، زل فيزول .
أقرب مثل : بالإسراء أُلغيت الأسباب ، بثانية كان بالقدس ، ثانية أخرى بالسماء السابعة ، لكن بالهجرة أخذ النبي بالأسباب وكأنها كل شيء ، أربعون أو خمسون إجراء ، شيء لا يصدق ، من السير نحو البحر ، والبقاء بغار ثور ثلاثة أيام ، حتى يضعف الطلب ، التفصيل غير معقول ، أخذ بالأسباب بشكل مذهل ، فلما ذهب لبيت المقدس أُلغيت الأسباب لتبدو عظمة الله عز وجل ، أما كنظام للأرض فلابد من أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
إذاً ؛ إذا تحققت الأسباب التي رسمها الله للنصر يقع النصر ، النصر له قانون ، لا يوجد بالإسلام شيء مزاجي أو شيء عفوي أو شيء غير منظم .
المذيع :
شيخنا ، ما هو هذا القانون ؟ ما هو قانون النصر الرباني ؟
قانون النصر الرباني :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أولاً : (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) إذا نصرت دين الله أقمته في حياتك ، أطعمت الفقراء ، أخذت من الأغنياء الزكاة ، كنت عادلاً ، كلما طبقت منهج الله تستحق نصر الله ، الدخل مشروع ، الإنفاق مشروع ، يوجد تعاطف ، ورعاية أيتام ، وتعليم العلم ، ودعم طلاب العلم ، بنود قد تصل لمئة ألف ، أنت حينما تطبق هذا المنهج تستحق نصر الله ، الكلام ضُغط بعبارة : أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
الغرب أخذ بالأسباب أخذاً مذهلاً ، وصل إلى دقائق الدقائق ، ولكن نسي الله ، أخذ بالأسباب واعتمد عليها ، بل ألهها ، وقع في الشرك الخفي .
"أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي" أما الغرب فأخذ بها أخذاً مذهلاً ، ولم يلتفت إلى الله ، والشرق لم نأخذ بها أصلاً ، أما البطولة فأن نأخذ بها وكأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
للتقريب : أنا بالأردن ، والعيد على الأبواب ، أو بالعيد القادم هناك رحلة للعقبة ، أنا أراجع السيارة ، أراجع المحرك ، أراجع الزيت ، أراجع المكابح ، أراجع العجلات ، آخذ بالأسباب ثم أقول : يا رب أنت المسلم ، هذا المثل طبقه على كل شيء ، بالتجارة ، والصناعة ، والدراسة أبداً ، أما كسل فلا يوجد عندنا ، تواكل سخيف لا يوجد عندنا ، عندنا أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
المذيع :
في هذه القاعدة شيخنا حضرتك ذكرت أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم قلت كلمة : ثم ، أي هل مطلوب من المسلم شيخنا بدايةً الأخذ بالأسباب ثم التوكل ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
البداية الأخذ بالأسباب ، ثم نتوكل على الله ، وإيماناً يقول : وكأنها ليست بشيء .
المذيع :
لكن الترتيب مقصود هنا دكتور ، أن يبدأ الإنسان بالأسباب ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
معركة بدر أخذ بالأسباب شيء مذهل ، أحضر دليلاً للطريق ليس مسلماً ، أخذ خبرته ، ذهب مساحلاً .
المذيع :
هذا في الهجرة شيخنا بين مكة والمدينة .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
بالهجرة نعم ، لأن الهجرة نموذج .
المذيع :
لماذا شيخنا في رحلة الإسراء والمعراج لم يكن مطلوباً الأخذ بالأسباب كما كان بالهجرة ؟
الدكتور محمد راتب النابلسي :
هنا أراد الله أن الأخذ بالأسباب منهج رسمه الله لنا ، أما قدرته فمطلقة ، كن فيكون، زل فيزول ، في الإسراء والمعراج رأينا قدرة الله ، الله عز وجل ألغى الأسباب بثانية كان النبي الكريم ببيت المقدس ، ثانية ثانية بالسماوات العلا ، الإسراء إلغاء الأسباب ، وبيان قدرة الله المطلقة بالهجرة كتنظيم حياة ، أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم نتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
المذيع :
شيخنا الحبيب ؛ كيف تقرأ اليوم ما يجري في الساحة الفلسطينية ؟ هل ترى أن أهلها هناك اليوم يأخذون بالأسباب ويتوكلون على الله ؟
الأخذ بالأسباب من قبِل أهلنا في فلسطين :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
طبعاً أخذوا بالأسباب بشكل مذهل ، أنا لا أصدق ما أسمعه ، الصواريخ صُنعت ، لا يوجد سبب لم يأخذوه ، حتى بالبحر فعلوا أشياء كثيرة ، والله أنا أسمع أخباراً ولا أصدق ما أسمع ، هناك مسلم بهذا الفهم العميق ! سيدي أقوى قوة بالشرق الأوسط متحكمة بالعالم كله ، الآن تنهزم انهزاماً لا يخطر ببال إنسان ، ألا ترون الأخبار ؟
المذيع :
طبعاً شيخنا .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
والله انتعش إيماننا انتعاشاً ، والله من سنوات طويلة ما انتعشنا ، لا يوجد إلا الله بالحياة ، أنت كن مع الله فقط .
المذيع :
هذا شيخنا الشق الأول من المعادلة أن تأخذ بالأسباب ، ماذا عن الشق الثاني التوكل على الله ، كيف لهم اليوم أن يحققوا مفهوم التوكل ، ماذا يفعلون ؟
التوكل الحقيقي تطبيقه يكون بالأخذ بالأسباب :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
التوكل سيدي ، التوكل الحقيقي تطبيقه الأخذ بالأسباب ، أما اليقين يا رب أنت الناصر ، أنت الموفق ، أنت الداعم ، أنت كل شيء ، أخذت بالأسباب أدباً مع الله ، أما الحقيقة فإيمانك يقول : لا إله إلا الله ، لا معطي ، ولا مانع ، ولا داعم ، ولا ناصر ، ولا معز ، ولا مذل إلا الله ، هذا التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .
الغرب أخذ بالأسباب أخذاً مذهلاً ، لكنه لم يتوكل على الله ، والمسلمون مع الأسف الشديد لم يأخذوا بالأسباب ، كلاهما على خطأ ، الموقف الكامل أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء .
يوجد ملمح دقيق بالموضوع : النبي الكريم قبل بدر دعا دعاء لدرجة أن رداءه وقع على الأرض ، قال له الصديق : إن الله ناصرك ، رجاءً قل لي الجواب : الصديق إيمانه أقوى من النبي ؟
المذيع :
يقيناً لا .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أما النبي فقد كان قلقاً أن يكون أخذه بالأسباب أقل مما ينبغي ، هذا الدين ، الدين منهج ، عندك جامعة تدرس ، لا يوجد يا رب أرني السؤال بالمنام ، هذه سذاجة ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، عندك سفرة راجع السيارة ، هذا الأمر المنطقي ، الواقعي ، العلمي .
المذيع :
شيخنا الحبيب ؛ ذكرتم قبل قليل وقلتم : كلما كان الإنسان إلى الله أقرب كلما كان إلى النصر أقرب ، اليوم نشاهد شيخنا بعض الدول البعيدة عن منهج الله ، بل الواقعة بالشرك ، وبالكفر ، وبالإلحاد ، لكنها تخوض حروباً وتفوز فيها ، رغم بعدها عن الله ، كيف نفسر ذلك ؟
انتصار الغرب انتصار مادي فقط :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
هذا موضوع ثان سيدي ، الجواب سهل جداً :
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) ﴾
الغرب ينتصر انتصاراً مادياً ، معه طيران ، معه سلاح نووي ، معه ، معه ، يوجد أسباب النصر المادية ، أخذ بها بشكل مذهل ، معه قنبلة نووية ، وقنبلة هيدروجينية ، وقنبلة كيميائية ، معه مئة نوع من القنابل ، ومعه أقمار صناعية ، ومعه رصد ، ومعه طيران ، ومعه بحر ، وجو ، أخذ بالأسباب المادية ، صار قوياً ، فقط إذا الله أراد أن يهزمه يهزمه ، أما نحن فلا نتحرك أبداً ، يا رب انصرنا ، هذا كلام فارغ ، الأخذ بالأسباب ، صواريخ ، آلاف الصواريخ مصنعة بشكل دقيق ، ليس معقولاً إطلاقاً ، يصيبون الهدف تماماً ، أنا والله لا أصدق ، للأكاديمية ، للمكان الفلاني ، من أين ؟ من غزة ، هناك شيء متقن تماماً .المذيع :
الله يفتح عليكم دكتور ، ويجزيكم كل خير .
شيخنا الحبيب ؛ اليوم لو أردنا أن نضع أسباباً ، أن نقول أسباب النصر هي القائمة الثانية ، أولاً ، ثانياً ، ثالثاً ، ما هي هذه الأسباب التي يحدثنا عنها الدكتور النابلسي ؟
أسباب النصر :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أنت إذا طبقت منهج الله تستحق النصر ، منهج الله نوعان : نوع شعائري ، ونوع تعاملي ، الشعائري واضح مثل الشمس ؛ صلاة ، صوم ، حج ، زكاة ، نحن مليارا مسلم ، وهناك خمس عواصم محتلة ، نحن مليارا مسلم والقرار ليس بيدنا .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾
نحن مستخلفون ! لا والله ، (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) لسنا مستخلفين ، ولسنا ممكنين ، ولسنا مطمئنين ، آخر كلمة مفتاح الآية كلها : (يَعْبُدُونَنِي) ، عندما تطبق منهج الله ، ليس بالشعائريات هذه سهلة جداً ، يوجد عندنا مليون جامع ، وآذان ، وأصوات رائعة ، وتلاوة قرآن ، هذا كله مؤمن ، الدخل إسلامي ؟ الإنفاق إسلامي ؟ العمل إسلامي ؟ السياحة إسلامية ؟ منهج الله مطبق بتفاصيل الحياة ؟ التفاصيل تصل للمئات ، للألوف ، كسب مالك ، إنفاق مالك ، سهراتك ، سياحتك ، قضاء الإجازة الصيفية أين ؟ على البلاج ، نساء كاسيات عاريات ، اختلاط ، عندما نفصل الدين عن الحياة انتهى الدين ، قال : الدين شعائر لا تقدم ولا تؤخر ، والله عندنا مآذن ، ومساجد ، والله عندنا مظاهر إسلامية مذهلة ، تجد آية الكرسي على الحائط بأحلى خط ، وهنا صورة الكعبة ، وهنا صورة المدينة ، يا ترى هل يوجد سهرات مختلطة ؟ هل هناك كسب حرام ؟ بضاعة مغشوشة ؟ مادة مسرطنة رفعناها لعدم فساد المادة الغذائية ؟ صار عندنا سرطان بالبلد ، سيدي الإسلام مليار بند ، الصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة عبادات شعائرية ، بنزوات الصوديوم مادة حافظة مسموح ثلاثة بالألف تضع ثلاثة بالمئة ، من يراك بالليل ؟المذيع :
يغشون الناس .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لكن ارتفعت نسب السرطان ليربح أكثر ، ولتطول مدة المادة الغذائية رفع بنزوات الصوديوم ، من يدري بهذا الليل ؟
المذيع :
الله .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أنت تعجن العجين الساعة الثانية ليلاً ، لو وجدت جرذاً بالعجين لا تقل هذا لأحد تتابع عملك ، صار كله نجس ، أوضح مثل : صفيحة الزيت مرتفعة الثمن وجدت فيها فأرة تلتقطها بالملقط ، وتبيع زيتاً بلدياً ، شيء غال جداً ، المؤمن لا يقدر ، يبيعها للصابون لأنها أصبحت نجساً ، هذا الدين سيدي ، إذا لم يدخل لأدق تفاصيلك ليس ديناً ، الشعائريات لا تقدم ولا تؤخر .
المذيع :
إذاً شيخنا ، إذا لم تتكامل التعامليات بين الناس مع العبادات الشعائرية والأخذ بالأسباب لن يتحقق مفهوم النصر .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أبداً ، بل لن تقطف ثمار الشعائريات إلا بالتعامليات .
المذيع :
جميل ، دكتور لو قام بعضٌ من الناس بهذه المهمة ، أي أخذ بالأسباب ، توكل على الله ، قام بدوره شعائرياً وتعاملياً كما فصلتم قبل الفاصل ، هل يمكن أن يكون النصر- إن جاز التعبير - جزئياً لهذه الفئة من الناس أما الأمة كلها فمربوطة ؟
الإسلام فردي وجماعي :
الدكتور محمد راتب :
دقيقة سيدي ؛ هناك جواب دقيق جداً : نحن عندنا إسلام فردي ، وإسلام جماعي ، الفردي تغطيه آية كريمة :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147) ﴾
يوجد مليارا مسلم ، سأضرب مثلاً نادراً : شاب واحد من ملياري مسلم إذا أقام الإسلام بثلاث جهات ، نفسه دائرة ، بيته دائرة ، عمله دائرة ، ببيته لا يوجد اختلاط ، لا يوجد تفلت ، لا يوجد أشياء لا ترضي الله عز وجل ، لا يوجد سهرات لا ترضي الله ، لا يوجد طعام له إشكال ، إلى آخره ، يوجد عشرات البنود بالبيت ، بيته وفق منهج الله ، وعمله اختار حرفة شريفة ليس حرفة فيها سلب حريات الآخرين ، ولا حرفة فيها مواد لا ترضي الله ، اختار حرفة شريفة مشروعة ، وعامل الناس بطرق مشروعة هذه الدائرة الثانية ، نفسه دائرة ، بيته دائرة ، عمله دائرة ، فإذا أقام أمر الله في الدوائر الثلاثة انتهت مسؤوليته ، لو كان معه مليارا مسلم غير مطبقين له معاملة خاصة ، دليلها : (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) هذا الإسلام الفردي ، أما الإسلام الجماعي :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( 33 )﴾
مادام منهجك مطبقاً في حياتهم هم في مأمن من عذاب الله ، فنحن إذا لم نستطع أن نقنع الآخرين بتطبيق منهج الله ، طبقه أنت ببيتك ، عندك ثلاث دوائر ، أنت دائرة ، صلوات، غض بصر ، شاشة مضبوطة ، سهرة لا يوجد فيها اختلاط ، دخل مشروع ، لا يوجد غش بالبيع ، ولا تدليس ، ولا كذب ، ولا إيهام ، هناك مليون معصية بالبيع والشراء ، مليون معصية .الموظف جالس يدير حديثاً غزلياً مع موظفة ، جاء مراجع نحن بعمان من الزرقاء تعال غداً ، لا يستطيع أن يناقشك ، وتنحل بتوقيع ، تعال غداً ، الله كبير ، عندما تطبق منهج الله مئة بالمئة بعملك ، ببيتك ، لنفسك ، لك معاملة خاصة من الله ، دليلها : (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) .
المذيع :
الله يفتح عليكم دكتور ؛ وهذا تطبيق الإسلام بشكل فردي وجماعي يطبق على النصر ، إذا طبقه جزء من الأمة قد يأتيهم النصر بمفردهم ؟
من آمن بالله نصره الله ولو بعد حين :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
سيدي ، نسمع قصصاً والله أنا لا أصدق ماذا أرى ، معقول فئة ، أكبر قوة بالشرق الأوسط ، مرعبة لمن حولها ، ترعب خمسين دولة ، هذه الفئة الصغيرة تجعلها تركع ، الصواريخ تصل لتل أبيب ، والله شيء لا يصدق ، والله أنا بكل عمري لم أكن أصدق هذا ، هذا الإيمان ، آمنوا بالله يا جماعة ، الله بيده كل شيء ، الأقوياء بيده يهلكهم الله ، كن مع الله أنت فقط .
المذيع :
ونعم بالرحمن ، شيخنا الحبيب في قول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انْصُرْ أخَاكَ ظالماً أو مظلوماً ، فقال رجل : يا رسولَ الله أنصرُه إِذا كان مظلوماً أَفرأيتَ إِن كان ظالما كيف أنصُرُهُ ؟ قال : تحجزُه أو تمنعُه عن الظلم ، فإن ذلك نَصْرُهُ ))
كيف يمكن للأمة اليوم أن تنصر المستضعفين في فلسطين ؟الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طريقة نصر المستضعفين :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أخي الكريم ! نحن عندنا فريضة سادسة ، الفرائض معروفة ؛ صلاة ، صوم ، حج، زكاة ، شهادة ، الفريضة السادسة ؛ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذه فريضة ، جالس ببيته جاءت ابنة أخيه بالعيد وهي مرتدية ميني جوب مثلاً ، والله جميل جداً عليك يا ابنتي ، أنت شجعتها ، تكلم مع أبيها ، قل له : يا عم أنتِ مسلمة ؟ هذا لبس لباساً ، نحن عندما نلغي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انتهينا عند الله ، كلما أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ضاقت دوائر الباطل ، واتسعت دوائر الحق ، ليس لي مصلحة ، لن أتكلم بأي كلمة ، مليون معصية أمامك ، مليون معصية ، ولا كلمة فقط مجاملات ، بروتوكولات ، دبلوماسية ، عندما لغينا التناصح ، ممكن الدين كله ينضغط بكلمة واحدة ، النبي قال :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : الدِّينُ النصيحة ، قالوا : لمن يا رسولَ الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولأئمة المسلمينَ ، والمسلمُ أخو المسلمِ ، لا يَخْذُلُهُ ، ولا يَكْذِبهُ ، ولا يَظْلِمُهُ ، وَإِنَّ أحدَكُم مرآةُ أخيهِ ، فَإِنْ رَأى بهِ أذى فَليُمِطْهُ عنه ))
أنت انصح وعلى الله الباقي .المذيع :
شيخنا الحبيب ؛ اليوم ماذا يمكن لشباب ولفتيات الأمة على اختلاف أماكنهم وأرجائهم أن يفعلوا لتحقيق شيء عمليٍ مفيد ننصر فيه أهلنا في فلسطين المحتلة ، ماذا نفعل ؟
أشياء عملية نفعلها لدعم أهلنا في فلسطين :
الدكتور محمد راتب النابلسي :والله الطرائق للنصر لا تعد ولا تحصى ، أقلها الدعاء ، ثانيها الدعم ، ممكن بالمال، ممكن بأي شيء آخر ينفعهم ، ممكن بمؤونة ، بغذاء ، الطرق إلى مساعدة الآخرين لا تعد ولا تحصى ، ممكن تحويل مال ، التحويل قائم .
المذيع :
شيخنا الحبيب ؛ البعض يستقل بالدعاء ، ما رد فضيلتكم على هذا الأمر ؟
الدعاء هو العبادة :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
الدين كله دعاء ، الدين دعاء ، الدعاء هو العبادة .
(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدُّعاءُ مُخُّ العبادةِ ))
الدعاء أنت كائن ضعيف تتصل بخالق الأكوان ، بالقوي ، بالرحيم ، بالغني ، بالقدير ، أعداؤنا كلهم بيد الله عز وجل ، بلمحة ينهيهم ، أليست الأخبار أكبر دليلاً اليوم ؟ أقوى قوة بالشرق الأوسط كيف تزلزلت ؟ الله موجود ، وبيده كل شيء ، هذا التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، طبق منهجه وادعه ، تقطف ثمار الدعاء .المذيع :
هل يحاسب الإنسان شيخنا على ما يملك من إمكانيات أم على واجب النصرة الكاملة كالمجاهدة والوجود الميداني معهم ؟
محاسبة كل إنسان على إمكانياته :
الدكتور محمد راتب النابلسي :﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) ﴾
تحاسب على إمكانياتك ، ورب درهم سبق ألف درهم ، يوجد مليون طريق للدعم ، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق .المذيع :
الله يفتح عليكم يا رب ، شيخنا الحبيب ؛ على النقيض أو على الطرف الآخر هنالك من لا يهتم بهذا الأمر ، وكأنه لا يعنيه ، لا يأبه به ، أي ليس مهتماً بهذه القضية ولا تشغله .
من لم يهتم بشأن المسلمين فليس منهم :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
من لم يهتم بشأن المسلمين فليس منهم ، شيء مخيف ، من لم يهتم بشأن المسلمين فليس منهم ، ما قولك أن شخصاً بلغه أن أخته قبضوا عليها بدار دعارة ولم يهتم ! هل هذا أخ؟ ضربت أنا مثلاً حاداً ، هل هذا أخ ؟ من لم يهتم بشأن المسلمين فليس منهم .
المذيع :
الله يفتح عليكم شيخنا الحبيب .
شيخنا الكريم ؛ هنالك اليوم صنف ثالث من الناس بعيد عن الصنف الأول الذي ينصرهم ، وبعيد عن الصنف الثاني الذي يخذلهم ، هنالك صنف ثالث اليوم وكأنه يعاني من إبر التخدير ، بمعنى هو يريد أن يتعايش بسلام مع هذا العدو وأن تنتهي حالة الحرب هذه ، ولا داعي للمقاومة المسلحة ، لنكتفي بالمقاومة بالكلمة ، ما رأي فضيلتكم بهذا الذي لا يوجد له وجه محدد ليس مع المؤمن ولا مع الخائن ؟
اتباع الله في شرعه :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
الإنسان مشرع ؟ إذا مشرع لابأس ، لكن يوجد جهاد ، هناك آيات الجهاد ، إذا أنت كنت مشرعاً لنفسك لم تعد مسلماً إطلاقاً ، يوجد إله شرع لك نظاماً .
﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52) ﴾
أمر إلهي ، عندنا جهاد أصغر ، عفواً عندنا الجهاد الأساسي جهاد النفس والهوى ، فالمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة ، ثم الجهاد البنائي ، يكون هناك فرص عمل مؤمنة ، مشاريع زواج للفتيات مؤمنة ، صناعة معقولة ، بعيد عن الاستيراد ، نتحكم بثرواتنا ، والله يوجد مليون بند ، هذا اسمه الجهاد البنائي ، ثروات رائعة جداً نستخرجها ، نبيعها ، نأتي بدخل كبير ، نعطي فرص عمل ، أن نمنع أن يلد المال المال ، نجعل الأعمال تلد المال .المذيع :
شيخنا الحبيب ؛ كنا نتحدث قبل الفاصل عمن يخذل هؤلاء الأبطال وهذه المقاومة، هنالك من يخذلهم ، وأبدأ مع فضيلتكم بالكلمة ، هناك من يتحدث ويقول : هذه المقاومة لن تجدي نفعاً ، هذه صواريخ عبثية ، هذا الكلام كله لن يقدم ولن يؤخر ، إما أن تأتي بجيش أكبر وأقوى من جيشهم ، أو لا داعي لكل نضالكم ، ما رأيكم بأولئك المثبطين بكلماتهم دكتور ؟
التوكل على الله لأن بيده كل شيء :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
والله هؤلاء بعيدون عن الواقع أولاً ، أو بعيدون عن منهج الله عز وجل ، عندنا واقع، وعندنا منهج الله عز وجل ، فالذي نراه بخلاف الشيء المعروف عند الناس .
﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) ﴾
كلام خالق الأكوان : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) إله يقول هكذا : (كَمْ) أي ما أكثر الفئات القليلة التي انتصرت على فئات كبيرة جداً (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) ماذا يعني الله معك ؟ خالق الأكوان معك ، القوي معك ، القدير معك ، الذي عدوك بيده معك ، من يملك المال بيده معك، الصحة بيده معك ، والله يوجد قصص بالتاريخ الإسلامي العقل لا يصدقها ، يقول لك : ثلاثون ألفاً لثلاثمئة ألف ، ثلاثون ألفاً : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) ومع الصادقين ، هذا القرآن منهج سيدي إذا أخذت آياته للتبريك ما قرأت القرآن (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) ، آية .﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) ﴾
﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) ﴾
افتح آيات النصر ، افتح بالبحث واكتب كلمة نصر ، انظر إلى الآيات ، هذا كلام من ؟ كلام خالق الأكوان ، بيده الشمس ، والقمر ، والنجوم ، والأسلحة بيده ، والقوة بيده ، كل شيء بيده ، ويقول لك : هكذا افعل ." إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟" .
العاقل من يدخل الموت في حساباته اليومية :
يا أخي نعيش عمراً لا نعرف الله عز وجل ، الإله الذي خلقك ، نريد أن نموت ، إلى أين ذاهب ؟ يوجد قبر ، من بيت فخم ، سيارتان أو ثلاث ، بيت بالعاصمة ، بيت بالمصيف ، بيت على البحر ، سهرات ، لقاءات ، ولائم ، سفر ، سياحة ، إلى القبر .
"عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت" .
هذا الموت الحدث الحقيقي ، هل يستطيع شخص من ثمانية مليار إنسان أن يقول : أنا لا أموت ، هذا الموت أدخلته بحسابك ؟ بيت فخم ، زوجة ، أولاد ، أصهار ، كنائن ، سهرات ، لقاءات ، عزائم ، ولائم ، سياحة ، سفر ، إلى القبر ، وسيشيع إلى مثواه الأخير ، إن كانت مساحة بيتك أربعمئة وخمسين متراً ، تكييف ، تدفئة مركزية ، الأرض رخام ، ثريات ، سجاد إيراني ، عندما يأتي ملك الموت تفضل .
المذيع :
نسأل الله أن يحسن حياتنا وختامنا .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لكن يجب أن يدخل الموت بحساب كل مسلم ، دكتور يأخذ شهادة دكتوراه ، تاجر، لكنه أدخل الموت بحسابه اليومي .
المذيع :
شيخنا الحبيب ، في قول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : من مات ولم يغزُ ، ولم يُحدِّثْ به نَفْسَهُ ، مات على شُعْبَة من النفاق ))
فكما قال عليه الصلاة والسلام كيف يمكن لنا أن ننجو من هذا النفاق ؟ ماذا نفعل؟ بماذا نحدث أنفسنا اليوم ؟اقتراب السوداوية والتشاؤم من الكفر :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
أقل شيء بالجهاد الدعاء ، ادع له يا أخي الذي يقاتل يقاتل نيابة عنك ، يقاتل نيابة عن المسلمين كلهم ، ادع له ، عاونه ، ادعمه بمال ، بحاجات ، بتشجيع معنويات ، يوجد مصدق ومُيئس .
أخي الكريم ؛ التيئيس ، والسوداوية ، والتشاؤم ، يقترب من الكفر ، هناك إله بيده كل شيء ، أعداؤنا بيده ، القوى كلها بيده ، القنابل النووية بيده ، أنت تعبد إلهاً بيده كل شيء .
﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) ﴾
الله يريك نماذج ، هذا نموذج شاهدناه من يومين أو ثلاثة ، هذا نموذج أضعف فئة بالمنطقة كلها هزت أركان الطرف الآخر ، هزت أركانه ، أنا والله لا أصدق ماذا يصير .المذيع :
الحمد لله ، شيخنا معنا عدة دقائق بختام هذه الحلقة ، هل من كلمة يرغب فضيلة العلّامة المربي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي عبر أثير إذاعة حياة ننقلها إلى أهلنا في فلسطين ، سواء للشهداء عفواً لعائلات الشهداء ، سواءً للجرحى والمصابين والأسرى ، للمقاومين، كلمة لفلسطين ولأهلها شيخنا الحبيب .
كلمة الدكتور النابلسي إلى أهلنا في فلسطين :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) ﴾
هذا كلام خالق الأكوان ، الثانية : (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) آيات النصر مذهلة مذهلة .كلمة واحدة :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ﴾
فإذا عبدت الله وتقربت إليه وعدك بالنصر ، وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، والأدلة نراها بأعيننا .المذيع :
ونعمة بالرحمن ، شيخنا الحبيب ؛ القدس اليوم ، وحي شيخ جراح ، والمقاومة في غزة ، جمعت الأمة العربية على تفرقها لسنوات طويلة ، ما هو السر ؟ ما هي البركة الموجودة في القدس وفي فلسطين لتجمع الأمة على تشتتها لسنوات ؟
السر وراء جمع الأمة العربية بعد شتاتها :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
لأنه صار هناك استفزاز يفوق حدّ الخيال ، ناس يصلون لم يعملوا شيئاً ، لا عملوا بياناً ضد الحاكم ، ولا مظاهرة ، ولم ينددوا ، يصلون التراويح ، الذي حصل بالحرم القدسي عمل استفزازي لدرجة غير معقولة ، جالسون في بيوتهم ، بيت عربي ، لم يتركوا أحداً ببيته ، أخرجوهم جميعاً ، عمل استفزازي لكن الله كبير ، والله عز وجل إذا انتقم فانتقامه مخيف ، ثم الشعيرة هي عبارة عن صلاة ، هم يصلون ، لم يعملوا مظاهرة ، ولم يكفروا ، ولم يرموا قنابل ، هم يصلون التراويح ، لم يفعلوا شيئاً ، المسلم مسالم .
المذيع :
وإن كان كما تفضلت شيخنا هناك حقٌ بالدفاع عن الناس وبالمقاومة ، لكن في تلك اللحظة لم يكن هذا هو المشهد ، الله يفتح عليكم يا رب .
الدكتور محمد راتب النابلسي :
الآية :
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) ﴾
هذا قرآن ، انتصر الله معك ، "إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟"المذيع :
أكرمكم الله وفتح عليكم دكتور ، نختم هذه الحلقة بالدعاء ، ونخص أهلنا بفلسطين وجميع الدول المستضعفة شيخنا الحبيب .
الدعاء :
الدكتور محمد راتب النابلسي :
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، واجعل بلاد المسلمين آمنةً مطمئنة ، وانصر عبادك المؤمنين نصراً مؤزراً ، انصرهم على أعدائهم يا رب العالمين .
خاتمة وتوديع :
المذيع :
الحمد لله رب العالمين ، بارك الله بكم فضيلة العلّامة المربي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي على هذه الكلمات .
أما أنتم مستمعينا قبل أن نودعكم كانت هذه الحلقة عنوانها : نصرة المسلمين ، وذكر فيها فضيلة الشيخ نقاطاً كثيرة عن النصرة ومفهومها الشرعي ، وعن موجباتها ، وأسبابها ، وأجرها ، ووجه كلمة دعاءٍ وشكرٍ للصامدين الذين أنعشوا إيماننا في فلسطين المحتلة ، نصرهم الله على عدوه ، وعلى عدوهم ، وعلى عدونا ، يا رب العالمين .
أجمل تحية لكم أينما كنتم ، سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته