وضع داكن
26-04-2024
Logo
الدرس : 08 - سورة الشورى - تفسير الآيتان 21-22، المشرع هو الله لأنه يعلم حقيقة النفس الإنسانية
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

المُشَرِّع هو الله لأنه يعلم حقيقة النفس الإنسانيَّة:


أيها الأخوة المؤمنون؛ مع الدرس الثامن من سورة الشورى، ومع الآية الواحدة والعشرين وهي قوله تعالى:

﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(21)﴾

[ سورة الشورى ]

أيها الأخوة الكرام؛ هذه الآية فيها استفهام إنكاري، أي أن الله سبحانه وتعالى يُنْكِرُ على هؤلاء أن يشرِّعوا تشريعاً يخالف شرع الله عزَّ وجل، وهذه الآية تنقلنا إلى موضوعٍ دقيقٍ في الإسلام، هذا الموضوع هو أن المُشَرِّع هو الله، لماذا؟

أولاً: لأن الإنسان يجهل حقيقة الناس، والذي يشرِّع ينبغي أن يعلم حقيقة النفس الإنسانيَّة، ينبغي أن يعلم ما تنطوي عليه من حاجات، ما تعانيه من مُلِمَّات، النفس البشريَّة لها طبيعة، من هو الخبير بها؟ هو الله سبحانه وتعالى، هو الصانع، أنت بشكل بسيط جداً لو عندك جهاز مُعقَّد حاسوب مثلاً وتعطَّل، ممكن أن تلجأ إلى غير الخبير؟ إلى غير الشركة الصانعة؟ إلى غير مندوب من الشركة الصانعة؟

فأولاً المشرِّع لا ينبغي أن يكون إنساناً، لو أن المشرِّع هو الإنسان، الإنسان يجهل، وإذا عَلِم يجهل جانباً ويعلم جانباً، أحياناً نشرِّع من زاوية واحدة، نجد أخطاء كثيرة جداً، ومضاعفات خطيرة جداً ظهرت معنا دون أن نحسب لها حساباً، لأن الإنسان لو عَلِم يجهل، لو علم جانباً جهل جوانب، لو نظر في هذا التشريع من هذه الزاوية تغيب عنه بقيَّة الزوايا، الإنسان لأنه يجهل إما أنه يجهل جهلاً مطبقاً، أو أنه يجهل جهلاً جُزْئِيَّاً، فما دام هناك جهل فالجاهل لا يشرِّع.

 

الإنسان لا يمكن أن يكون مشرِّعاً لعدة أسباب منها:

 

1 ـ الإنسان لا يستطيع أن يشرِّع لأنه إما على جهلٍ مطبق أو على جهلٍ جزئي:

هذه النفس البشريَّة لا يعلم حقيقتها، لا يعلم قوانينها، لا يعلم خصائصها، لا يعلم بُنيتها، لا يعلم فطرتها إلا الذي خلقها، فحينما نفكِّر، أو حينما نتجه، إلى أن نشرِّع لأنفسنا فقد وقعنا في مطبٍ كبير، وقعنا في جهالةٍ جَهْلاء، وقعنا في هلاكٍ في الدنيا وشقاءٍ في الآخرة، لمجرَّد أن تفكِّر أن إنساناً ما كائناً من كان بإمكانه أن يشرِّع، المشرِّع هو الله لأنه هو الخالق، هو البارئ، هو المصوِّر، هو العليم، هو الحكيم، هو الخبير، هو الذي يعلم السرَّ وأخفى.

إذاً أول نقطة: أن مخلوقاً ما كائناً من كان، مهما علا قدره، مهما كثر علمه، مهما اتسعت ثقافته، مهما سمت نفسه، لا يستطيع أن يشرِّع لأنه إما على جهلٍ مطبق، أو على جهلٍ جزئي، ومادام في كيان هذا المشرِّع جهلٌ ما ولو كان جزئياً فإن هذا الإنسان ليس في مقدوره أن يشرِّع، والدليل أن أي قانونٍ وضعي من صنع البشر لا تزال ترى له تعديلاتٍ وتعديلاٍت حتى تغدو التعديلات أكثر من مَتْنِ القانون، ثم يُلغى كلياً ويوضع قانونٌ جديدٌ آخر، إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن الإنسان ليس مؤهَّلاً أن يشرِّع، هذه حقيقةٌ أساسيَّةٌ في الدين، أي إنسان - أنا لا أتهم إنسانًا معيَّنًا ولو حسنت نيَّته- الإنسان يجهل أو يعلم جانباً ويجهل جانباً آخر، مادام في جهل من جانب لا يمكن أن يكون الإنسان مشرِّعاً. 

2 ـ أي تشريعٍ من وضع البشر هذا التشريع يخدم مصالح المُشَرِّع قبل كل شيء:

هناك عامل آخر: الإنسان له مصالح، وله غرائز، فإذا شرَّع هو فمن أجل مصالحه، ومن أجل غرائزه، فأي تشريعٍ من وضع البشر تشعر أن هذا التشريع يخدم مصالح المُشَرِّع قبل كل شيء، أو يخدم غرائز المشرّع قبل كل شيء، فعامل الجهل الكُلي أو الجُزئي، وعامل المصالح التي هي أحد أهداف الإنسان، وعامل الغرائز التي تتحكَّم بالإنسان أحياناً، لهذه الأسباب مجتمعةً أو غير مجتمعة الإنسان لا يمكن أن يكون مشرِّعاً. 

 

أي تشريعٍ يضعه البشر له مضاعفات خطيرة جداً:


هل تصدِّقون أن من المجتمعات التي توصف بأنها راقية أو متقدِّمة بالمقاييس الحضاريَّة من هذه المجتمعات من أقرَّت اللواط، تفضَّل، الإنسان إذا شرَّع هكذا يفعل، طبعاً حينما شُرِّعَ هذا القانون تملُّقاً لغرائز الناس المنحرفة، مع أن هذا الانحراف ليس في حياة البشر انحرافٌ أدنى منه، ولا أقذر منه، تحطيمٌ للإنسان، تحطيم لكرامة الإنسان، تحطيم لهذا الطفل الذي سيغدو رجلاً، انتهى الإنسان، فحينما نقول للإنسان: تعال شرِّع، يبيح لك اللواط. 

الآن في بعض الدول في اسكندينافيا توزَّع على الناس المخدِّرات مع الحقن المعقمة لئلا ينتقل مرض الإيدز عن طريق الحقن، فإذا أردنا أن نشرِّع تفضل هذا تشريع آخر هكذا.

أنا أنقل إليكم بعض اللقطات من التشريعات الوضعيَّة في مختلف بلاد العالَم، في الصين ظهر تشريع يُلزم الآباء بإنجاب ولد واحد، ما الذي يفعله أهل الصين؟ إذا جاءت الأنثى قتلوها إلى أن يأتيهم ذكر فيُصرِّحون به، ما الذي حدث بعد حين؟ أن قرىً بأكملها لا تجدُ فيها أنثى واحدة، تعطَّلت الحياة، الإنسان حينما شرَّع ظهر معه هذا.

في تونس أي إنسان يطلِّق امرأته تتملَّك فوراً نصف ثروته، فأصحاب الأعمال الناجحين عزفوا عن الزواج، وأمضوا حياتهم بالسِفاح، وكسدت سوق الزواج، فاضطرَّ الآباء أن يعطوا لخاطبي بناتهم سندات أمانة بمبالغ خياليَّة إذا طلَّقوا يستحقُ عليهم هذا السند، فعندما شرَّعنا نحن وقعنا في مأزق كبير، أي تشريعٍ وضعه البشر يجب أن تجد له مضاعفات خطيرة جداً.

 

التشريعات التي جاءت في القرآن الكريم كلَّما تقدَّم العلم أثبت أنها هي الناجحة:


أيها الأخوة؛ طبعاً ليس غريباً عن أذهانكم أنه قبل عام أو أكثر دولة عظمى من دول العالم سمحت للشاذين بدخول الجيش، تشريع! هذه كلُّها أدلَّة تؤكِد أن الإنسان حينما يشرِّع إما أنه يجهل جهلاً كلياً، أو أنه يجهل جهلاً جزئياً، أو أنه يتملَّق مصالحه، أو يتملَّق غرائزه، فالتشريعات الوضعيَّة دائماً لمصلحة واضع التشريع، تحقِّق كل مصالحه على حساب الآخرين.

أما إذا كان التشريع من خالق الكون فهو الخالق أولاً، هو البارئ، هو المصوِّر، هو العليم، هو القدير، هو العادل، لذلك التشريعات التي جاءت في القرآن الكريم كلَّما تقدَّم العلم أثبت أنها هي الناجحة، مثلاً: هناك دول ألغت عقوبة الإعدام، لماذا عادت إلى تطبيق هذه العقوبة صاغرةً ومُرغمة الأنف? صار الإنسان يقتل ثمانية وعشرين شخصاً برشَّة واحدة بلا سبب، ضجر، رفض، ضياع، فالله عزَّ وجل قال:

﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)﴾

[ سورة البقرة ]

طبعاً "القتل أنفى للقتل" حينما تقتل القاتل، إذاً حينما يفكِّر إنسان بالجريمة يرتدع، وفَّرت حياة القاتل الآخر وحياة المقتول، فالشرع الحكيم أمر بقتل القاتل ردعاً لأي إنسان، وحفاظاً على حياة الناس، أما بعض المجتمعات التي تظن أنها متقدِّمة حكَّمت عقلها في كل شيء، والعقل لا يكفي، العقل وحده ليس مؤهَّلاً أن يشرِّع، فالمُنطلق أننا نحاسب الناس لكن لا ننهي حياتهم، شيء جميل، القاتل له سجن، وبحسب حقوق الإنسان له وهو في السجن حالات طيِّبة، له حق أن يقرأ صحيفة، له حق أن يأكل أكلاً طيِّباً، له حق أن يشاهد وسائل الإعلام، صار السجن أكثر راحة من بيته، معنى ذلك يدخل السجن وهو في راحةٍ تامَّة، لذلك حينما تفاقمت جرائم القتل في بعض البلاد الغربيَّة عادوا إلى تطبيق عقوبة الإعدام مرغمين.

 

الإسلام دين وسطي:


إخواننا الكرام، الآن الإسلام وسطي، والوسط هو الاعتدال، وهو الصواب، والعالم توزَّع نحو تطرُّفٍ نحو اليمين وتطرُّف نحو اليسار، الآن بفضل الله ورحمته عاد الطرفان مُرْغَمَيْن إلى الوسط لا اعتقاداً بأحقية الدين، بل انطلاقاً من مصالحهم، هؤلاء عادوا إلى الوسط، وهؤلاء عادوا إلى الوسط..

﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)﴾

[ سورة البقرة  ]

 

من قوانين النفس أنّ الإنسان دائماً يوازن بين المكتسبات وبين التبعات:


أيها الأخوة الكرام؛ من قوانين النفس، الإنسان دائماً يوازن بين المكتسبات وبين التبعات، فإذا كانت التبعات أقل من المكتسبات وقع الإنسان في الجريمة، حينما شَرَعَ الإسلام قطع اليد، طبعاً أحد الشعراء سأل الإمام الشافعي فقال له:

يدٌ بخمس مئينٍ عسجدٍ وديَت              ما بالها قُطِعَت في ربع دينار؟

[ المعري ]

* * *

فأجاب الإمام الشافعي قال:

عز الأمانة أغلاها وأرخصها                ذلّ الخيانة فافهم حكمة الباري

[ الشافعي ]

* * * 

لمَّا كانت أمينة كانت ثمينة فلمَّا خانت هانت.

في بعض البلاد غير المستنيرة علمياً، غير المتقدِّمة حضارياً، حينما طُبِّق فيها قطع يد السارق تعجب العجب العجاب، تعجب أن بائع النقد يترك صندوق النقد بالملايين ويذهب ليصلي، ولا يجرؤ أحدٌ أن يأخُذَ شيئاً، هناك قصص كثيرة جداً عن مجتمع غير حضاري، وغير متقدِّم، وغير متعلِّم، لكن طُبِّقَ فيه هذا الحَد قطع يد السارق، لأن أكبر مبلغ يناله السارق لا يوازي يده، يعمل موازنة يقول لك: لا، أما إذا كان الموضوع موضوع سجن فقط فالقضيَّة سهلة، ألف طريقة يخرج الإنسان منها، بكفالة، بطريقة، باحتيال، لذلك:

يدٌ بخمس مئينٍ عسجدٍ ودية                  ما بالها قُطِعَت في ربع دينار

[ المعري ]

* * *

عزُّ الأمانة أغلاها، وأرخصها                  ذل الخيانة فافهم حكمة الباري

[ الشافعي ]

* * *

الله عزَّ وجل قال:

﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)﴾

[ سورة النور ]

الشفقة هنا شفقة شيطانيَّة، حينما تُشفق على إنسان يعمل على هدم أركان المجتمع هذه ليست شفقة، إنما هي محاباةٌ للمُنحرف.

 

أعظم ما في التشريع الإلهي أن الذي وضع التشريع هو معك دائماً:


إذاً حينما نسمح لإنسانٍ ما أن يشرِّع نقع في أخطار كبيرة، غالباً أن الإنسان إذا طبَّق شرع الله عزَّ وجل، المؤيِّد القانوني لشرع الله أن الله يعلم، لكن واضع التشريع قد لا يعلم من يخالف هذا التشريع، أو لا يستطيع أن يعلم، فإذا كان بالإنسان أن ينجو من علم واضع التشريع إذاً يحتال عليه، لكنَّه إذا علم أن المشرِّع هو الله، لو كان في عقر بيته فلا يستطيع أن يخالف شرع الله، لو كان وحده في الليل يعجن العجين، في ساعةٍ متأخِّرة من الليل، لا موظَّف تموين ولا مراقب، لكنه يراقب الله عزَّ وجل، لا يستطيع أن يخالف الشرع، أي أعظم ما في التشريع الإلهي أن الذي وضع التشريع معك دائماً، أما مستحيل واضع التشريع من بني البشر أن يكون معك دائماً، تلاحظ أحياناً الساعة الثالثة لا توجد إشارات، تتخطَّى الإشارة الحمراء وأنت مطمئن لأنه لا يوجد شرطي، هذا مثل بسيط، أن واضع قانون السير لا يستطيع أن يعلم كل المخالفات أثناء الليل، الشرطي يريد أن ينام، في الساعة الثانية عشرة ينام، معنى هذا بعد الثانية عشرة لا يوجد شرطي إذاً تخالِف، هذه من ثمار القانون البشري، فما دام واضع القانون لا يستطيع أن يضبط المخالفات، إذاً هناك عملية صراع بين عقلين، الأذكى ينتصر.

 

عدم انتظام الحياة إلا بتطبيق منهج الله عز وجل:


الآن في بعض البلدان المتقدِّمة - بمقياس العصر- يوجد أجهزة رادار لكشف السرعة الزائدة، طبعاً الأذكياء صنعوا جهازاً للتشويش على هذا الجهاز، اضطروا أن يصنعوا جهازاً ثالثًا لكشف جهاز التشويش في السيَّارة، حرب بين عقلين، أما حينما يضع خالق الكون تشريعاً فهنا لا يوجد مزح، إن الله يعلم، وسيعاقب، ولن تنتظم الحياة إلا إذا طُبِّق منهج الله عزَّ وجل، لأن المشرِّع وهو الله يعلم السرَّ وأخفى، يعلم أدقَّ المخالفات.

الدليل الصيام، المسلم، قد يكون شهر رمضان في أيام الصيف الحارة، ويوم الصيام سبع عشرَة ساعة، واستيقظ وهو في حالة عطش شديد، فكيف يمضي هذا اليوم إلى المغرب؟ يدخل الحمَّام والماء بارد، عذبٌ فرات ولا أحد يراقبه، هل يستطيع المسلم أن يبتلع نقطة ماء في رمضان؟ هذا من أثر التشريع الربَّاني، وتجد حالات من الأمانة، من الصدق، من عدم الغِش،  شيءٌ عجيب، لأن المراقب هو الله، فإذا قلت: إنسان سيراقب، الإنسان يباع ويشترى.

يقول لك: كانوا قديماً لا توجد أجهزة دقيقة تكشف الحليب المسحوب دسمه، الأمور فيها تراخٍ، ثم اخترع جهاز مكثِّف يوضع في الحليب، يغوص في السائل بحسب قدر سحب المادَّة الدسمة، هذا جهاز مكثِّف، فصار هناك حلّ، يسحب الإنسان المادَّة الدسمة في الحليب (القشدة) ويضع بدلاً منها النشاء، يوضع المكثِّف كأن الحليب كامل الدسم. 

الآن نحن نحضر جهازًا حديثًا جداً يحدِّد المادة الدسمة بأدق المعايير، الذي على الجهاز قد يشترى وانتهى الأمر، مادام التشريع أرضيًا لا يوجد حل، لابدَّ من أن يكون المشرِّع هو الله، لأن الله عزَّ وجل يعلم وسيحاسب، ولن تنتظم الحياة إلا بهذه الطريقة.

 

على الإنسان أن يخاف من عقاب الله لأنه لا مفر منه:


الإنسان أحياناً لو نجا من عقاب الإنسان لا ينجو من عقاب الله، هناك حالات كثيرة، أخ كريم مرَّة سألني هذا السؤال، قال لي: أنا في محضر تمكَّن يأخذه عن طريق دعوى إزالة شيوع بسعر أقل من سعره بثلاثين في المئة، أي أدخل أربعة أو خمسة خلبيين في المناقصة أو في المزاودة ورفعوا شيئًا قليلاً جداً، فرسا عليه المحضر بثمن يقل عن ثمنه الحقيقي بثلاثين في المئة، والرقم كبير جداً، فعاد إلى بيته ونظر إلى ساعة فِراق الدنيا، ونظر إلى ساعة نزول القبر، وأن صاحب هذا المحضر من أصحاب هذا المحضر أيتامٌ كثر، فخاف فسألني، فقلت له: والله قلقك هو الجواب، إما أن تدفع لهؤلاء أصحاب هذا المحضر ثمنه الحقيقي، أو انسحب من هذه المزاودة، فكان أنِ انسحب. 

انظر لأثر التشريع، لو كان المشرِّع هو الإنسان العمليَّة نظاميَّة، المحضر على الشيوع، أُقيمت دعوى إزالة شيوع، أُعلن عن مزاودة، دخل بالمزاودة أشخاص كلهم شُركاء، فزادوا مبالغ قليلة جداً، رسَا المحضر على أكثرهم وهو واحدٌ منهم، فأُخِذَ المحضر بثلثي قيمته الحقيقيَّة، فحينما لا نلحظ إلا تشريع الإنسان نقع في مطب كبير، ونقع في شقاءٍ كبير.

 

عدم استقامة الحياة إلا إذا طبقنا شرع الخبير:


أيها الأخوة الكرام؛ سمعت قصَّة عن إنسان في باريس يسكن في بيت - هو من دمشق- فذكر لأقربائه أنهم استيقظوا في منتصف الليل على أصوات إطلاق رصاص، ثم علموا في النهاية أن جاره قتل زوجته في الليل، لماذا؟ لأنها تعمل موظَّفة عند مدير عام لشركة، طبعاً فتاة في ريعان الشباب، وهي تعمل معه في غرفة واحدة، وقد استلطفها، وأحبَّها وأحبَّته فخانت زوجها، فلمَّا علم زوجها بخيانتها قتلها أمام أولادها، هذا إنسان لا ينطلق من دين، هذه فطرة الإنسان، فحينما نسمح بالخلوة بين رجل وامرأة وهما في ريعان الشباب، هذا السماح مخالف لشرع الله عزَّ وجل، فكم من جريمةٍ تقع في العالم بسبب مخالفة الإنسان لفطرته؟! هناك أدلَّة كثيرة جداً، ولكنني ذكرت لكم أنا بعض النتائج المدمِّرة في المجتمعات الأخرى حينما طبَّقوا شرعاً غير شرع الله عزَّ وجل.

فأولاً هذه الآية تؤكِّد أنه لا يمكن أن تستقيم الحياة، ولا يمكن أن يسعد الإنسان إلا إذا طبَّقنا شرع الخبير، العليم، الغني، القدير، الذي خلق، والذي سوَّى، والذي خلق طبيعة النفس، والذي فطرها الفطرة التي شاءها لها، ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ طبعاً سرّ نجاح المؤمن، أحد أسباب نجاحه أنه حينما يطبِّق منهج الله، أولاً المنهج منهج الخالق، مستحيل أن يكون فيه غلط، هذا شيء من البديهيَّات، أنت في معالجة جهاز معقَّد لا ترجع إلا إلى الشركة الصانعة، ومن الغباء والحُمق أن تعود إلى جارك البائع، تقدِّم له جهاز حاسوب ثمنه ثلاثون مليونًا، تقول له: هذا الجهاز فيه خلل، كيف أصلحه؟ هذا لا يعلم شيئاً، فالإنسان حينما يعود في شؤون حياته إلى غير خالقه وقع في وادٍ سحيق. 

 

نظام البشر وضعي بحاجة إلى مؤيد قانوني:


الشيء الثاني؛ النقطة الدقيقة دائماً حينما يوضع نظام وضعي من صنع البشر يحتاج في التعبير الحقوقي إلى مؤيِّد قانوني، لو فرضنا صدر قانون للسير، أن السير على اليمين، والانعطاف، والمركبة، كل التفاصيل، ولكن لا يوجد فيه أي عقوبة، هل يُطبَّق هذا القانون؟ لكن فقط يرجى للسائقين ملاحظة ما يلي، لا يوجد ولا مادة عقوبات، لا يوجد سحب إجازة، ولا يوجد غرامة، ولا يوجد دفعة ماليَّة ضخمة، ولا مصادرة المركبة، ولا حبس، ولا شيء إطلاقاً، لكن توجد تنظيمات فقط، هذا النظام لا قيمة له إطلاقاً لأنه يخلو في العرف القانوني من المؤيِّد القانوني.

أعظم مؤيِّد قانوني في الشرع الإلهي أن الله يعلم وسيحاسب في الدنيا والآخرة، تجد شخصاً خائفًا؛ خائفًا لأن صحَّته بيد الله عزَّ وجل، سمعه بيد الله، بصره بيد الله، قلبه بيد الله، شرايينه، دسَّاماته، كبده، كليتاه، جهازه العصبي، جهازه الهرموني، غدده، عضلاته، عظامه، زوجته، أولاده، بيته، عمله، أصدقاؤه، من حوله، من فوقه، من تحته، كلهم بيد الله عزَّ وجل، فإذا خالف منهج الله، ليس ثمة مؤيد قانوني للشرع الحكيم أعظم من أن الله يعلم. 

 

العلم وحده أكبر مؤيِّد قانوني لشرع الله عزَّ وجل:


لذلك حينما تعلم أن الله يعلم لابدَّ من أن تستقيم على أمر الله، وقد لا تصدِّق أن الله سبحانه وتعالى جعل علَّة خلق السماوات والأرض أن تعلم أن الله يعلم، وحينما ذكر هذه الآية الكريمة اختار من بين أسمائه كلِّها اسمين فقط، العلم والقدرة، قال:

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)﴾

[ سورة الطلاق  ]

من أجل أن تعلم، ﴿أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ فالعلم وحده أكبر مؤيِّد قانوني لشرع الله عزَّ وجل، لأن الله يعلم وسيحاسب، وأنت في قبضته، كل شؤون حياتك بيده، الله عزَّ وجل من قدرته أن يجعل حياة أي إنسان جحيماً لا يطاق، بخلل طفيف في إحدى غدده.

 

على كل إنسان ألا يعبد غير الله عز وجل:


الغدَّة النخاميَّة إخواننا هذه ملكة الغدد، لها اثنا عشر هرمونًا تفرزه، بعض الهرمونات هرمون توازن السوائل، لو اختلَّ هذا الهرمون يجب أن تستقيل من عملك، وتجلس بجانب المرحاض والصنبور، تشرب عشرين تنكة من الماء وتخرجهم، هذا هرمون من هرمونات الغدَّة النخاميَّة لو اختلَّ وزنه.

لو اختل مركز تنبيه الرئتين النوبي بالبصلة السيسائية كيف تنام؟ تنام فتموت، يجب أن تجري تنفُّساً إرادياً، التنفس الآلي تعطَّل، مركز تنبيه الرئتين النوبي تعطَّل، بقي التنفُّس الآلي إرادي، تعمل شهيقًا وزفيراً، تنام فتموت على الفور، الله عزَّ وجل بمليون مليون مليون خيار يجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق.

لو حصل خلل في الذاكرة لنسيت كل معلوماتك، أحد الأشخاص يحتل منصباً رفيعاً جداً، معه دكتوراه بفرع علمي ونادر جداً، وصل لمنصب قريب من معاون وزير، فقد بصره، طبعاً أول شهر جاملوه فبعثوا له بالبريد إلى البيت، فصدّق عليه، بعدها سرَّحوه، زاره صديق لي فقال له: والله أتمنَّى أن أكون متسوِّلاً على قارعة الطريق وليس على كتفي إلا هذا المِعطف، وأن يُردَّ إليّ بصري، قال كلمة مؤثِّرة جداً.

فالبصر ثمين، والسمع ثمين، والنطق ثمين، والدماغ أحياناً يكون فيه ورم فجائي، والإنسان في مقتبل الحياة ماذا يفعل؟ فكيف يعصي الإنسان ربه وهو في قبضته؟ أقل خلل في الجسم يجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، فإذا اختل عقل الإنسان هل يبقى في البيت؟ إنه يحتاج إلى واسطة للقصير، يقدِّمون استدعاءات، ويوسطون لكي يقبلوه هناك، فالله عزَّ وجل بيده كل شيء، فلذلك لا ينبغي لك أن تعبد غير الله، ولا ينبغي أن تتبع شرع غير الله عزَّ وجل.

 

التشريع البشري تشريع ناقص والخلل لا يظهر إلا عند التطبيق:


كل شرع يضعه إنسان – دقِّقوا- إما أنه ينطلق من جهلٍ كلي، وهذا أسوأ تشريع، أو من جهلٍ جُزئي، ومعنى جهل جزئي أي هذا القانون يحتاج إلى تعديل، أحضروا لي قانونًا وضعه إنسان على مرّ الزمان إلا وصار تعديلاته أضخم من متنه بعشرات الأضعاف، أحياناً يكبر بدرجة معقَّدة بحيث يعجز عقل المحامي عن استيعاب القوانين، متاهات، لأن التشريع فيه قصور في التعبير، في التقدير أحياناً، قصور في ملاحظة الجوانب كلها، قصور في النظرة الشموليَّة، قصور في معرفة طبيعة النفس، فيأتي التشريع ناقصاً، الخلل لا يظهر في البداية، يظهر عند التطبيق، فصار فيه خلل كبير، نعدِّل فيه تعديلاً أولاً وتعديلاً ثانياً، وبعد ذلك يصير فيه تعديلات غير معقولة، صار الأصل هو التعديل، صار الشواذ هو الأصل والأصل صار شواذاً، فيُلغى كلُّه، هذا هو التشريع البشري.


  الحياة الدنيا تجسيدٌ لما تنطوي عليه النفس والثواب في الآخرة:


لذلك أيها الأخوة؛ عندما تطبِّق شرع الله عزَّ وجل لا يمكن أن تقع في مطب إطلاقاً، ولا في خطأ، ولا في شقاء، ولا في إحباط، ولا في مشكلة.

أحياناً القانون البشري يضع عقوبات تدمِّر المجتمع أكثر من مخالفة هذه القوانين، كما قال الشاعر: "داويت متئداً وداووا طفرةً"، وأحياناً يكون الداء أقل من الدواء، الداء نفسه أقل من الدواء، أحياناً التشريع يكون غير معقول، العقاب لا يتناسب مع الجرم، جرم صغير محدود، عقاب مدمّر يشمل الحياة بأكملها، فهذا من خصائص التشريع الإنساني، أنا أقول: أي إنسان حتى في البلاد المتقدِّمة، هناك تشريعات مضحكة، تشريعات لا تصدَّق، ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ لكن الله سبحانه وتعالى كان من الممكن أن يفصل بين الناس، ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ أي الله عزَّ وجل خلق الإنسان وأعطاه عُمُرَاً، لابدَّ من أن يستكمل عمره، ولابد من أن يأخذ أبعاده، ولابد من أن يُكْشَفَ على حقيقته، ولابدّ من أن تُجَسَّدَ نواياه، هذه الحياة الدنيا تجسيدٌ لما تنطوي عليه النفس، لذلك شاءت حكمته وجئنا على هذا الأساس أن الحياة دار عمل، أما الجزاء والفصل، والحكم، والتقييم، والعطاء، والعقاب، والثواب في الآخرة.

 

ربنا سبحانه يعاقب بعض المنحرفين في الدنيا لكن العقاب الحقيقي هو يوم القيامة:


لكن قد يقول قائل: ربنا سبحانه وتعالى حينما يعاقب بعض المنحرفين هذا عقابٌ ردعي لبقيَّة المنحرفين، وحينما يكافئ بعض المحسنين هذه مكافأةٌ تشجيعيَّةٌ لبقيَّة المحسنين، لكن العقاب الحقيقي الحتمي يوم القيامة.

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)﴾

[ سورة آل عمران ]

فالعقاب جزئي في الدنيا، ما كل إنسان منحرف يعاقب، ما كل إنسان معتدٍ يُعاقَب، العقاب الحقيقي الذي وعد الله به يوم القيامة، هناك حتى إن الإنسان حينما يأتي في اليوم الآخر، اللهُ عزَّ وجل ذكر في كتابه الكريم أنّ كل إنسان من دون استثناء يَرِد النار، ورود النار غير دخولها، الدخول أن تتلظَّى بلظاها، لكن الورود أن تشرف عليها، من أجل ماذا؟ من أجل أن تتحقَّق من عدالة الله عزَّ وجل، من أجل أن ترى نعمة الله عليك بالإيمان، لولا الإيمان لكنت في هذا المكان، فحتى المؤمنون إذا وردوا النار فليعرفوا اسم الله العادل، أسماء الله سبحانه وتعالى كلُّها ظاهرةٌ في الحياة الدنيا، أما اسم العادل هذا فلا يبدو جليًّاً تماماً إلا يوم القيامة:

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)﴾

[ سورة طه ]

لذلك المؤمن يرد النار دون أن يتأثَّر بها إطلاقاً، لكن يطلُّ عليها إطلالة فيرى عدالة الله عزَّ وجل، يرى من فيها وقد استحقوا عقاب الله عزَّ وجل.

 

الحياة الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء:


إذاً:

﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)﴾

[ سورة الشورى ]

أنت الآن في بحبوحة، لك أن تفعل ما تشاء، لك أن تحسن ولك أن تسيء، لك أن تعطي ولك أن تمنع، لك أن تعلو ولك أن تتواضع، لك أن تتقن ولك ألا تتقن، لك أن تُخلص ولك أن تخون، لك أن تتقي ولك ألا تتقي، أنت مخيَّر، لكن العقاب الأليم يوم القيامة، لذلك: 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)﴾

[ سورة فصلت ]

إذاً الحياة الدنيا دار عمل، والآخرة دار جزاء، الدنيا دار تكليف والآخرة دار تشريف، "عش ما شئت فإنك ميِّت، وأحبب من شئت فإنَّك مفارق، واعمل ما شئت فإنَّك مجزيٌ به" ، وعقاب المنحرفين في الدنيا عقابٌ ردعي لبقيَّة المنحرفين، إذا وجدت إنسانًا منحرفًا ما عوقب هذا شيء طبيعي جداً، لحكمةٍ أرادها الله عزَّ وجل، ومكافأة المحسنين في الدنيا مكافأةٌ تشجيعيَّةٌ لبقيَّة المُحسنين، لكن يوم القيامة هو يوم الجزاء، يوم الفصل، يوم الحُكْم، يوم العِقاب، يوم التكريم، يوم النَدَم، يوم الفوز.

 

الفكر الجبري فكر منحرف يتناقض مع عدالة الله عزَّ وجل:


إذاً: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ ، في الدنيا.

﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)﴾

[ سورة الشورى ]

انظر إلى كلمة: ﴿كسبوا﴾ لا يوجد إنسان يعمل عملاً إلا من كسبه، هذا الفكر الجبري فكر منحرف، فكر يتناقض مع عدالة الله عزَّ وجل، أن الله خلق الإنسان وأجبره على المعاصي كلها، ثم يضعه في جهنَّم إلى الأبد، هذا فكر مرفوض، وهذه عقيدةٌ فاسدة..

﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)﴾

[ سورة الأنعام ]

قول من هذا؟ قول المشركين.


أفعال الإنسان في الدنيا من كسبهم واختيارهم: 


﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)﴾

[ سورة البقرة ]

ما من عملٍ تعمله إلا من كسبك، أي أنت أردته، لكن الله مدَّك بقوَّةٍ لتحقيقه، الفعل فعل الله والكسب كسبك، أنت اخترته، لكن أنت جئت إلى هذه الدنيا على هذا الشرط أنه إذا تعلَّقت إرادتك بشيءٍ فالله سبحانه وتعالى تتعلَّق إرادته بتحقيق هذا الشيء لأنه خيَّرك، وكلَّفك، وحمَّلك الأمانة، إذاً شيء طبيعي جداً أن أفعال الإنسان في الدنيا هي من كسبهم، "لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب، ولو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة، إن الله أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلَّف يسيراً ولم يكلِّف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يعصَ مغلوباً ولم يُطع مكرهاً" .

 

في القرآن الكريم آيات كثيرة تؤكِّد أن الإنسان مخيَّر:


إذاً: ﴿تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا﴾ ليس لك أن تقول: يا رب أنت أجبرتني، هذا كلام مرفوض، وهناك آيات كثيرة كثيرة تؤكِّد أن الإنسان مخيَّر.

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)﴾

[ سورة البقرة ]

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾

[ سورة الكهف  ]

﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)﴾

[  سورة الإنسان  ]

﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)﴾

[ سورة فصلت ]

أبداً، ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ .

﴿تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا﴾ هذا العمل عملهم، باختيارهم، لكن: ﴿مشفقين﴾ أي خائفين.

 

على الإنسان ألا يفرح إذا أخذ شيئاً ليس له لأن هذا العمل سيسحقه يوم القيامة:


الآن دقِّق في هذه الآية، المشرك أو الظالم يوم كان في الدنيا، وحقَّق هذا الكسب الكبير ظنَّ نفسه ذكياً، وشاطراً بالتعبير العامي، ومتفوِّقاً، وفالحاً، وقد ملك كل شيء، لكن حينما يأتي يوم القيامة هذا العمل الذي تاه به في الدنيا، وافتخر به، وشعر أنه أعلى من غيره فيه، هذا العمل نفسه يكاد يسحقه.

مثلاً مع الفارق الكبير الكبير لو قيل لإنسان: احمل كيلو مخدِّرات وخذ عليه مئتي ألف ليرة خلال نصف ساعة فقبضوا عليه، صار عمله عبئًا ثقيلاً عليه وأصبح يستحق الإعدام، كان يسرح في مئتي ألف فصار يرزح في الإعدام هذا مثل يقرِّب المعنى، حينما قبلت نقله ظنَّنت نفسك ذكياً جداً، وشاطر، وخلال ربع ساعة حقَّقت أرباح سنة، لماذا العمل التجاري الشريف ثمينًا؟ الجماعة مجانين، هذا العمل أهون، وأسرع، وخلال أشهر أصبح مليونيراً، فأمسكوا به والحكم إعدام، فإذا وقف وراء القضبان، نظره في الأرض، مشفقٌ من هذا الحكم عليه بالإعدام، فالشيء الذي تظنَّه مكسباً وربحاً وذكاءً أرداك.

الآن معظم الناس يغتصب دكَّانًا، يأخذ بيتًا، يظن نفسه ذكياً، يموت أبوه ويخلِّف خمسة أولاد، يأخذ وكالة من أخوته البنات كلهن فصار كل المال بيده، هذا الحاضر، معه وكالة منهن، بعد حين سجله كله باسمه، يمشي بالعرض يقول لك: لم أعط أحداً، هذا مثل المهرِّب تماماً عندما عرضوا عليه تهريب الكيلو فرأى نفسه أذكى واحد، عندما قبض عليه صار صغيراً، ﴿تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ﴾ فالإنسان عليه ألا يفرح إذا أخذ شيئًا ليس له، استغل ضعف إخوته الصغار، أخذ كل الأموال.

 

في الجنة الإنسان في أعلى درجات التكريم والسعادة:


﴿وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ انظر إلى هذا النقلة المفاجئة ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ﴾ تصوَّر شخصاً يتعذَّب، يُعّذَّب بأقصى أنواع العذاب لأنه مجرم، مرتكب جريمة قتل، أو جريمة اغتصاب، يُعذَّب ويصيح، وهناك إنسان آخر جالس يكرَّم في حفلة، وتقدَّم له المرطِّبات، والحلويات، والفواكه، والاحترام، والمكان الجميل، هذا يوازى مع هذا؟ النقلة المفاجئة:

﴿ تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)﴾

[ سورة الشورى ]

 هذه الكلمة الموجزة تبيِّن حقيقة الجنَّة، الدنيا تحتاج إلى عمل، وإلى كَسب، وإلى كَدح، وإلى جُهد، لكنَّك في الجنَّة أي شيءٍ تطلبه تراه أمامك، وأنت في أعلى درجات التكريم، في أعلى درجات السرور والسعادة، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ﴾ .

 

الجنة هي الهدف الكبير لكل إنسان عاقل:


إخواننا الكرام لمثل هذا فليعمل العاملون، شبابك أفنه في هذا الهدف الكبير.

﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)﴾

[ سورة المطففين ]

﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)﴾

[ سورة يونس ]

دعك من الدنيا، الدنيا زائلة، الدنيا ماضية، الدنيا منقطعة، الدنيا دار من لا دار له، ولها يسعى من لا عقل له، الدنيا لا تزيد عن لقمةٍ تأكلها، وبيتٍ تأوي إليه، وثيابٍ تستُر عورتك، وما سوى ذلك محاسبٌ عليه كيف اكتسبته؟ وكيف أنفقته؟

سأل ملك وزيره فقال له: من المَلِك ؟ فالوزير خاف فقال له: أنت الملك، فقال له: لا الملك رجلٌ لا نعرفه ولا يعرفنا، له بيتٌ يؤويه، وزوجة ترضيه، ودخلٌ يكفيه، إنه إن عرفنا جهد في استرضائنا، وإن عرفناه جهدنا في إذلاله. 

(( عن سَلَمَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا. ))

[ رواه البخاري في "الأدب المفرد" والترمذي في "السنن"  وقال : حسن غريب  ]

 

على كل إنسان أن يتقرب إلى الله بخدمة عباده ليصل إلى أعلى درجات الجنة:


الدنيا محدودة لها سقف، لو كان معك ألف مليون فهل يمكن أن تأكل ألف أوقية من اللحم؟ أوقية واحدة، أوقية ونصف أقصى شيء وتظل متضايقاً، يجب أن تأكل ما تتسع له معدتك، هل تستطيع لبس بذلتين فوق بعضهما إذا كنت غنياً؟ هل بذلتك بأربعة أكمام أم بكمين؟  بكمين، أكثر لا يوجد، سرير واحد، عشاء واحد، غذاء واحد، الحياة كلها أوهام، ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)) أما الآخرة فليس لها سقف، انطلق إلى الآخرة، انطلق إلى الله عزَّ وجل، ادعُ إلى الله، اعمل الصالحات، اقرأ القرآن، افهم القرآن، علِّم القرآن، تقرَّب من الله عزَّ وجل بخدمة عباده، الآخرة ليس لها سقف، لك أن تصل إلى أعلى الدرجات وهذا بإمكانك، أما الدنيا فمحدودة، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ﴾ هذا الفضل الكبير، العلي الكبير يقول لك: أن تصل إلى الجنَّة ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ﴾ .

 

الوصول إلى الجنَّة حاجة كل إنسان مؤمن بالله:


لذلك أحد العلماء الكبار كان في الحرم المكي، فدخل أحد الخلفاء -خليفة المسلمين وربما كان هارون الرشيد - فقال له: "سلني حاجتك" . أي اطلب أي شيء. فقال له: "والله إني أستحي أن أسأل غير الله في بيت الله" ، تَقَصَّدَ أن يلتقي به خارج الحرم، قال له: "سلني حاجتك" قال له: "والله ما سألتها من يملكها أفأسألها من لا يملكها؟!" قال له: "سلني حاجتك؟" قال له: "أريد دخول الجنَّة" قال له: "هذه ليست لي" فقال له: "إذاً ليس لي عندك حاجة" هذه حاجتي، الوصول إلى الجنَّة.

أبو جعفر المنصور جهد أن يلتقي بأبي حنيفة النعمان، لكنه رفض، ثم توسَّط لدى بعض الأغنياء أن ادعوا هذا الإمام العظيم، ولا تخبروه أنني سآتي، فاجتمعا معاً قال له: "يا أبا حنيفة لو تغشيتنا - أي لو تزورنا-" ، قال أبو حنيفة: "إنك إن قرَّبتني فتنتني، وإن أبعدتني أزريت بي، ولمَ أتغشَّاكم وليس لي عندكم شيءٌ أخافكم عليه؟ وهل يتغشَّاكم إلا من خافكم على شيء؟"

أي الإنسان حياته بسيطة جداً، صحَّتك طيِّبة، عندك مأوى في الأسفل أو في الأعلى، ملك أو أجرة، صغير أو كبير لا بأس لأن هذا شيء مؤقَّت.

 

من اشتدت رغبته في الدنيا شقي فيها ومن قلت رغبته في الدنيا سعد في الدنيا والآخرة:


لماذا لا تتضايق في المصيف إذا كانت الحاجات غير جيِّدة؟ لأنك ستظل فيه شهراً من الزمان، لكن في بيتك الأساسي إذا وجد شيء فيه خلل فأنت تتضايق منه، معنى هذا أن الإنسان إذا شعر أن القضيَّة مؤقَّتة تنتهي كل مشاكله، حينما يشعر أن هذه الحياة الدنيا مؤقَّتة سريعاً ما تمضي يرضيك فيها كل شيء، أما إذا رأيتها حياةً مديدةً وهي كل شيء فعندئذٍ لا يرضيك فيها شيء، وتغدو أشقى الناس. 

اسمعوا قيل: "إن أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها، وأشقاهم في الدنيا أرغبهم فيها" ، كلَّما اشتدَّت رغبتك في الدنيا شقيت بها، وكلَّما قلَّت رغبتك من الدنيا سعدت فيها.. 

﴿ تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)﴾

[ سورة الشورى ]

لهذه الآية معنًى دقيق جداً أرجو الله سبحانه وتعالى أن يمكِّنني أن أفسِّره في الدرس القادم.

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور