وضع داكن
16-04-2024
Logo
رمضان 1430 - الفوائد - الدرس : 07 - الناس سواسية
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

العباد جميعاً متساوون عند الله و ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له:

من أصول عقيدة المسلم أن الناس سواسية
أيها الأخوة الكرام، هناك أصول في عقيدة المسلم، من هذه الأصول أن الناس سواسية، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يحب سيدنا سعد بن أبي وقاص، وكان يداعبه و يقول: "هذا خالي أروني خالاً مثل خالي "، وفداه بأبيه وأمه إذ قال له:

(( ارْمِ سَعْدٌ فِدَاكَ أَبِي وَأُمّي ))

[ الشيخان عن علي بن أبي طالب ]

لكن الذي يلفت النظر أن سيدنا عمر بعد وفاة رسول الله، قال له: " يا سعد لا يغرنك أنه قد قيل خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له ".
أنت حينما تؤمن أن العباد جميعاً عند الله متساوون، وأن أكرمهم عند الله أتقاهم، هذا المعنى مريح جداً، والمعاني الأخرى التي تستنبط من مجتمعات الجاهليين ؛ التفرقة، والطبقية، والفئة التي تحكم، والقوي، والضعيف، والمستغِل، والمستغَل، هذه المقاييس الأرضية تحطم الإنسان، إنما مقاييس القرآن الكريم:

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

( سورة الحجرات الآية: 13 )

البشر عند الله نموذجان:

 

لذلك هذا الموضوع يقودنا إلى أن البشر عند الله نموذجان على اختلاف مللهم، ونحلهم، وانتماءاتهم، وأعراقهم، وأنسابهم، وطوائفهم، واتجاهاتهم، وتياراتهم، كل هذه التقسيمات الأرضية ما أنزل الله بها من سلطان:

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾

( سورة الحجرات الآية: 13 )

لذلك قال تعالى: إن سعيكم لشتى

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) ﴾

( سورة الليل )

صباحاً ألقِ نظرة على طريق مزدحم، كل إنسان ينطلق إلى هدف يسعى له، هذا لشراء سيارة، هذا للالتحاق بجامعة، هذا للزواج، هذا للإيقاع بين اثنين، هذا لابتزاز أموال الآخرين،

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾

. إذاً هناك ستة آلاف مليون إنسان على سطح الأرض، ستة آلاف مليون ملف، ستة آلاف مليون هدف، وستة آلاف مليون تحرك،

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾

. لكن كل هذا التنوع في السعي يندرج في خانتين اثنتين:

 

1 ـ رجل عرف الله فانضبط بمنهجه وأحسن إلى خلقه فسعد في الدنيا والآخرة:

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)﴾

( سورة الليل )

لك أن تنفق من مالك، ولك أن تنفق من علمك، ولك أن تنفق من خبرتك، ولك أن تنفق من أي شيء منحك الله إياه،

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾

المؤمن يسعد إذا أعطى
المؤمن يعطي، يبني حياته على العطاء، يسعد إذا أعطى، يرى نفسه قريباً بقدر ما يعطي، بل إن قيمة الإنسان عند الله لا بقدر ما يأخذ بل بقدر ما يعطي، وأنت حينما تعطي هناك من يعطيك.

 

(( أنفق بلالُ ولا تخش من ذي العرش إقلالاً ))

 

[أخرجه الطبراني عن بلال ]

(( أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ))

[ متفق عليه أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]

(( مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ ))

[حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ عن أبي كبشة الأنماري]

﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) ﴾

( سورة سبأ )

المؤمن لا يتحرك بحواسه يتحرك بعقله:

إذاً:

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾

. اتقى أن يعصي الله، إذا اقترب من مخالفة يقول: معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي، هذه السنوات المعدودة التي يمضيها الإنسان في طاعة الله تثمر حياة أبدية في جنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
أيها الأخوة الكرام، للتقريب إنسان يركب دراجة، وصل إلى طريقين ؛ طريق هابطة وطريق صاعدة، هنا على مفترق الطرق، كل شيء في الطريق الهابطة يدعو راكب الدراجة إلى سلوكها، مريح ـ راكب الدراجة يرتاح كثيراً في الطريق الهابطة ـ والطريق فيه ورود، ورياحين، والطريق معبد، والنسيم عليل، والطريق الصاعد متعب فيه عقبات، وأكمات، وغبار، وحر، وطبعاً الواقع، والفطرة، والمعطيات تدعوك أن تسلك هذا الطريق، لكن هناك لوحة كتبت عند مفترق الطريقين، هذا الطريق الهابط ينتهي بحفرة ليس لها من قرار، فيها وحوش كاسرة وجائعة، وسوف تلتهم من وصل إلى هذه الحفرة، أما الطريق الصاعدة على أنها صاعدة فيها عقبات، وفيها أكمات، وفيها غبار، وفيها حر، تنتهي بقصر منيف هو لمن وصل إليه، هذه اللوحة ينبغي أن تعكس قرارك، القرار قبل اللوحة بحسب المعطيات ينبغي أن تمشي في الطريق الهابطة، لذلك:
عمل النار سهل بسهوة

(( إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ ))

[ أحمد عن ابن عباس ]

غفلة عن الله، المعصية محببة، لولا أنها محببة لما وقع الإنسان في المعصية، لذلك هذه اللوحة يجب أن تعكس قرارك، أن تتخذ قراراً بسلوك الطريق الصاعدة، فما قولك لو وضع مع اللوحة منظار فإذا وضعته على عينيك رأيت الحفرة السحيقة، ورأيت القصر المنيف ؟ صار عندك نص وعندك رؤية، نص ورؤية فلذلك المؤمن لا يتحرك بحواسه يتحرك بعقله.
من هنا قالوا: هناك محبة حسية، ومحبة عقلية، هناك طعام لذيذ وطيب جداً لكنه يؤذي القلب، فالعاقل يخاف على سلامة قلبه، فيبتعد عن هذا الطعام مع أنه يحبه، أبغضه بعقله، أما حواسه تحبه، وأحب الأكل الذي يريح قلبه، أحبه بعقله مع أن حواسه لا تحبه، فكلما ارتقى مستوى الإنسان أحب بعقله ولم يحب بحواسه، وأبغض بعقله ولم يبغض بحواسه.
لذلك الملك ركب من عقل بلا شهوة، والحيوان ركب من شهوة بلا عقل، أما الإنسان، ركب من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.

الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق:

فلذلك الإنسان يختار الطريق الصاعدة، الآن هذا القصر المنيف الرائع الذي فيه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، طريق الوصول إليه قد يكون مشياً، وقد يكون على دراجة، أو على دراجة نارية، أو بسيارة متواضعة، أو بسيارة حديثة، أو بطائرة، لكن أصحاب هذه الوسائل إذا وصلوا جميعاً لهذا القصر سقطت قيمة هذه الوسائل، النتيجة أنه وصل، لذلك كل واحد من المؤمنين يتمكن أن يصل إلى الجنة بآلاف الطرق، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، امرأة مؤمنة أنجبت خمس بنات، ربتهم تربية إيمانية، بحثت لهم عن أزواج أطهار، مؤمنين، زوجتهم، رعتهم بعد الزواج، ثم توفاها الله، فهي في طريقها إلى الجنة مع أنها ما تكلمت ولا كلمة، فالأمومة الراقية طريق إلى الله، والأبوة الراقية طريق إلى الله، والبنوة الحانية طريق إلى الله، الآن والمرأة إذا رعت زوجها وأولادها في طريق إلى الله، والصانع إذا أتقن صنعته ونفع بها المسلمين له طريق إلى الله، والمزارع إذا أتقن زراعته ولم يضع مواد تسرطن له طريق إلى الله، والتاجر حينما يكون صادقاً وأميناً ونصوحاً له طريق إلى الله، لذلك ورد في الأثر:

(( إن أطيب الكسب كسب التجار ؛ الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان لهم لم يعسروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا ))

[ الجامع الصغير عن معاذ بسند ضعيف ]

هؤلاء مع النبيين، التاجر الصدوق مع النبيين.

عادات المؤمن عبادات وعبادات المنافق سيئات:

حرفتك عبادة لك
أنا أريد أن أقول لكم: الجنة لكل المسلمين، لكل الحرف، إذا أتقنت حرفتك، وابتغيت بها نفع المسلمين، ولم تكذب من خلالها، ولم تغش، ولم تبتز أموال الناس بإيهامهم بأشياء ليست صحيحة، هذه الحرفة كانت عبادة لك، والذي أقوله دائماً: حرفتك الذي ترتزق منها إذا كانت في الأصل مشروعة، وسلكت بها الطرق المشروعة، وابتغيت منها كفاية نفسك، وأهلك، وخدمة الناس، ولم تشغلك عن واجب ديني، ولا عن فريضة، ولا عن عمل صالح، ولا عن طلب علم، انقلبت إلى عبادة، أريد أن أقول: كل واحد منكم ؛ الطالب في مدرسته، العامل في معمله، الصانع في مصنعه، الموظف في مكتبه، حينما تخدم الناس عامة، والمسلمين خاصة، حينما تقدم لهم خدمات عالية فأنت في طريق الجنة، عظمة هذا الدين أن أعمالك اليومية تنقلب إلى عبادات لذلك قالوا: عادات المؤمن عبادات، وعبادات المنافق سيئات.

من تعرف على الله وانضبط بمنهجه وأحسن إلى خلقه تولاه الله تعالى:

 

فلذلك:

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)﴾

( سورة الليل )

أول زمرة، شيء لطيف القرآن الكريم واضح، بطولتك أن تعتمد مقاييس قرآنية، أي إنسان من أي مكان، في أي زمان، من أي قبيلة، من أي أسرة، من أي إقليم، من أي مصر، من أي صقع، من أي أمة، من أي طائفة، من أي مذهب، أي إنسان حينما يتعرف على الله، وحينما ينضبط بمنهجه، وحينما يحسن إلى خلقه، يتولاه الله:

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)﴾

( سورة الليل )

صدق أنه مخلوق للجنة، فاتقى أن يعصي الله، وبنى حياته على العطاء، الرد الإلهي:

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7) ﴾

( سورة الليل )

من استقام على أمر الله فحقه على الله ألا يعذبه:

أنا أخاطب الشباب، أنت شاب في مقتبل حياتك، تطمح إلى عمل، إلى وظيفة راقية، إلى شهادة عليا، إلى زواج ناجح، إلى بيت مريح، هذه الطموحات متوافرة عند الله، أي لا أنسى أن النبي عليه الصلاة والسلام أردف معاذ بن جبل وراءه، قال: " يا معاذ ! ما حقّ الله على عباده ؟ قال: الله ورسوله أعلم، سأله ثانية، وثالثة، ثم أجابه، قال: يا معاذ! حقّ الله على عباده أن يعبدوه، وألا يشركوا به شيئاً، ثم سأله: يا معاذ ما حق العباد على الله إذا هم عبدوه ؟ ما حقك على الله إذا عبدته ؟ فكان جواب النبي عليه الصلاة والسلام ألا يعذبهم ".
حينما تستقيم حقك على الله ألا يعذبك
ألا تريد أن تنال حقاً على الله ؟ أنت حينما تستقيم حقك على الله ألا يعذبك، والله أيها الأخوة الكرام، آية في القرآن لو لم يكن في القرآن آية إلا هذه لكفت:

﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾

( سورة الجاثية الآية: 21 )

هذا يتناقض مع وجود الله:

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)﴾

( سورة الجاثية )

حياة المؤمن متميزة، حياة المؤمن فيها توفيق، حياة المؤمن فيها حفظ، حياة المؤمن فيها تأييد، حياة المؤمن فيها نصر، حياة المؤمن فيها عزة:

﴿ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾

. هذه الآية تكفي الشباب:

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾

( سورة الطلاق )

أول زمرة آمنت أنها مخلوقة للجنة، فاتقت أن تعصي الله، وبنت حياتها على العطاء، فكان الرد الإلهي الكريم التيسير، التيسير لما خلقت له، التيسير لجنة عرضها السماوات والأرض، التيسير للفوز يوم القيامة، لذلك الله عز وجل يسوق المؤمن إلى أن يصل إليه، قد يضيق عليه، قد يخيفه أحياناً، قد يمرضه، قد يفقره من أجل أن يدفعه على الدار الآخرة.

2 ـ و رجل غفل عن الله فتفلت من منهجه وأساء إلى خلقه فهلك في الدنيا والآخرة:

الزمرة الثانية:

﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)﴾

( سورة الليل )

كذب بالجنة، كذب بالآخرة، كذب بالحسنى، الحسنى هي الجنة، فلما كذب بها استغنى عن طاعة الله، فلما استغنى عن طاعة الله عكس الأهداف، بدل العطاء الأخذ، فغير المؤمن لم يؤمن بالجنة آمن بالدنيا، استغنى عن طاعة الله، بنى حياته على الأخذ، الرد الإلهي:

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾

( سورة الليل )

صدقوا ولا أبالغ ولن تجد نموذجاً ثالثاً:

﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْن (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾

( سورة الليل )

تقسيمات الأرض لا قيمة لها إطلاقاً وإنما المقاييس المعتمدة هي مقاييس القرآن الكريم:

لذلك أيها الأخوة، هذه المقاييس أنت حينما تتعمد مقاييس القرآن الكريم، القرآن قال:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾

( سورة الأحزاب)

تقسيمات الأرض لا قيمة لها إطلاقا
أيها الأخوة الكرام، اسمعوا هذه الكلمة مستحيل وألف ألف مستحيل وألف ألف مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، ومستحيل أيضاً أن تعصيه وتربح، سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت.
لذلك هذه الفائدة في هذا اللقاء إن شاء الله تؤكد أن الناس سواسية وأن هناك تقسيمين لبني البشر لا ثالث لهما، عرفته، فانضبطت بمنهجه، فأحسنت إلى خلقه، فسلمت وسعدت في الدنيا والآخرة، غفلت عنه، تفلّت من منهجه، أسأت إلى خلقه، فشقيت، وهلكت في الدنيا والآخرة، ولن تجد نموذجاً ثالثاً.
لذلك تقسيمات الأرض لا قيمة لها إطلاقاً، و كلما سافرت إلى بلاد كثيرة قلت هذه المقولة: الإنسان هو الإنسان في أي زمان ومكان، والله عز وجل فطرك فطرة سليمة رائعة، هذه الفطرة تؤكد أنه حينما تطيع الله، تصطلح مع نفسك، لأنك مفطور على منهج الله، هناك توافق عجيب بين خصائصك وبين منهج الله، فسواء أطعت الله أم اصطلحت مع نفسك المؤدى واحد، أنت مبرمج، مفطور، مولف على طاعة الله، فإذا أطعت الله عز وجل اصطلحت مع نفسك، لذلك هذه السعادة التي تغشى المؤمن حينما يطيع الله هي في الحقيقة انسجام المنهج مع فطرة الإنسان.

 

أيها الأخوة، قال بعض الشعراء وقد ذكر ابن القيم هذين البيتين:
لعمرك ما الإنسان إلا ابن دينه فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
لقد رفع الإسلام سلمان فارس وقد وضع الشرك الحسيب أبا لهب
***

 

(( سلمان منَّا أهل البيت ))

[ الحاكم والطبراني عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده ]

 

﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ(1) ﴾

(سورة المسد)

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور