- أحاديث رمضان
- /
- ٠16رمضان 1430هـ - الفوائد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
مراتب التقوى:
1 ـ حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات:
أيها الأخوة الكرام، مع فائدة جديدة من فوائد الكتاب القيّم، الفوائد لابن القيم ـ رحمه الله تعالى
يقول هذا العالم الجليل: التقوى ثلاث مراتب، إحداها حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات، الاستقامة، القلب حميته ألا يحقد على أحد، ألا يحتقر أحد، ألا يستكبر على أحد، هناك أمراض تصيب القلب ليست أقل من أمراض وبيلة تصيب الجسم، كما أن هناك أمراض قاتلة كالورم الخبيث هناك أمراض تصيب القلب مدمرة، لكن أمراض الجسم تنتهي عند الموت إلا أن المشكلة الكبيرة أن أمراض القلب تبدأ بعد الموت وإلى أبد الآبدين، فألف حالة مرضية تودي بصاحبها إلى الموت، وقد يكون بعد الموت الجنة أفضل ألف مرة من مرض قلبي فيه حقد، فيه استكبار، فيه احتيال، هذا المرض يبدأ بعد الموت فيودي بصاحبه إلى النار.
القلب له عبادة وعبادته الإخلاص:
لذلك التقوى ثلاث مراتب إحداها حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات، القلب له عبادة، عبادته الإخلاص، القلب له عبادة ألا يحقد على أحد، ألا يضمر الشر لأحد، ألا يستكبر على أحد، أمراض القلب لا تعد ولا تحصى، لكن الذي يألفه الناس أمراض الجسم، أما أمراض القلب مدمرة ومهلكة، هذا نوع من أنواع التقوى أن تستقيم على أمر الله، دخلك حلال، إنفاقك حلال، بيتك إسلامي، أولادك ربيتهم تربية إسلامية، بناتك محجبات، الوضع العام جيد، حرفتك مشروعة، لا يوجد خطأ بحرفتك، لا تأكل أموال الناس بالباطل، لا يوجد إلقاء الرعب في قلوب الناس من أجل أن تبتز أموالهم، الحرف التي لا ترضي الله لا تعد ولا تحصى، و أقول لكم هاتين الكلمتين: ألصق شيء في حياتك زوجتك وحرفتك، لأنهما لصيقتان بك، البيت يبدل، المركبة تبدل، أما حرفتك تعيش منها، فإن كانت مشروعة هذا من فضل الله عز وجل، والزوجة تعيش معها، فإن كانت مؤمنة صادقة هذا من نعم الله الكبرى، فلذلك أية حرفة هي في الأصل مشروعة
وسلكت بها الطرق المشروعة، وابتغيت منها كفاية نفسك، وأهلك، وخدمة الناس، ولم تشغلك عن فرض، أو واجب ديني، انقلبت إلى عبادة، فعادات المؤمن عبادات بينما عبادات المنافق سيئات، عبادات المنافق المحضة الصلاة، والصوم، والحج، يعبد الله بهذه العبادات ليرائي تعد سيئات، بينما عادات المؤمن لو اشترى ثياباً لأهله، لو أخذهم نزهة، هذا يعد من العبادات لأنه في سبيل تمتين علاقته بهم.
التقوى مستويات ثلاثة ؛ إحداها حميّة القلب والجوارح، القلب معروف مركز النفس، مكان الحركة، الإنسان بقلبه ينوي أن يفعل كذا وكذا، فالقلب عبادته سلامة الصدر، وعبادته الإخلاص، والجوارح العين ينبغي أن تغض بصرك عن محارم الله، اللسان ينبغي أن تضبطه، الأذن ألا تسمع شيئاً لا يرضي الله، اليد ألا تبطش بها، الرجل ألا تمشي بها إلى مكان لا يرضي الله.
2 ـ حمية النفس عن المكروهات:
أما المستوى الثاني من التقوى حمية النفس عن المكروهات، كنت بعيداً عن المحرمات، والآثام، والفواحش، والنفاق، الآن حمية القلب عن المكروهات، هذا مستوى بالاستقامة أعلى، أي أن تدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس.
((الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ ))
الحلال بين، أن تشتري طعاماً بمال حلال وأن تأكله أنت وأهلك، والحرام بين، الزنا حرام، والقتل حرام، شرب الخمر حرام:
(( وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ ))
تشبه الحق من جانب والباطل من جانب:
(( لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ))
نهر عميق جداً مخيف، له شاطئ مائل زلق، وشاطئ مستو جاف، شاطئ مستو جاف ثم شاطئ مائل زلق ثم النهر، فمن مشى على الشاطئ المستوي الجاف استبرأ لدينه وعرضه، ومن حام حول الحمى انتقل إلى الشاطئ المائل الزلق، احتمال أن يقع في النهر كبير جداً.
3 ـ حمية النفس عن الفضول و ما لا يعني:
إذاً المرتبة الثانية حمية النفس عن المكروهات، أما المرتبة الثالثة حمية النفس عن الفضول وما لا يعني، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) ﴾
قال علماء التفسير: اللغو ما سوى الله، مرتبة ومرتبة ومرتبة، قال: أما الأولى تعطي العبد سلامته، ما دام المال حلالاً، والبيت إسلامياً، والزوجة صالحة، والأولاد أبراراً، والإنفاق حلالاً، فأنت سليم، الاستقامة تحقق السلامة.
وأما الثانية تفيد قوته، عندما ترك المكروهات قوي مركزه أمام الله، أثبت بورعه محبته لله، أثبت بتركه ما لا بأس به حذراً مما به بأس أنه مع الله، المرتبة الثانية جعلته قوياً عند الله، جعلته في مرتبة عالية:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ(55) ﴾
قال: وأما الثالثة أن تستغني بالله عما سواه.
بطولة الإنسان أن يبحث عن علم ممتع نافع مسعد هو أن يعرف الله عز وجل:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) ﴾
كل ما سوى الله لغو، هناك اهتمامات عند الناس والله لا تقدم ولا تؤخر، يشغل حياته في ديوان شعر لشاعر، ماذا قدم لك هذا الشاعر على علو قدر الشعر أحياناً ؟ أنا لا أقلل من قيمة الشعر لكن الشعر الهادف، الشعر الذي يحرك فيك المشاعر، الشعر الذي يجعلك تقف موقفاً بطولياً، النبي عليه الصلاة والسلام قال: " إن من الشعر لحكمة ". أما شعر هجاء، شعر غزل، يا أخي أروع قصيدة قال فلان:
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
***
كل علم ممتع، لو قرأت الإلياذة لهوميروس آلاف الأبيات، شعر ممتع جداً لكن كله شرك وآلهة، كل علم ممتع لكن ما كل علم ممتع نافع، وما كل علم ممتع نافع مسعد، بطولتك أن تبحث عن علم ممتع نافع مسعد هو أن تعرف الله عز وجل.
(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء ))
أيها الأخوة، التقوى مستوياتها ثلاثة، حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات، حمية القلب عن المكروهات، حمية القلب عن الفضول وما لا يعني، فالأولى تحقق سلامتك، والثانية تحقق سعادتك، والثالثة تكون مع الأتقياء الأبرار، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
تناقض الطبع مع التكليف ثمن الجنة:
أيها الأخوة، قال: إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستة مشاهد، سيدنا علي يقول: " الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين".
طبعاً أحياناً الدخل كبير، والصحة طيبة، والبيت واسع، والأولاد كثر، ومركبات كثيرة، وإمكانيات عالية، سفر، نزهات، لقاءات، ولائم، سهرات، يقول: الله مفضل عليّ، طبعاً مفضل عليك، شيء طبيعي أي إنسان أعطاه الله هذا العطاء تجد شاكراً، بطولتك كمؤمن لا أن تشكر في العطاء، أن يراك الله في الشدة، السيارة القوية لا تمتحن في الطريق الهابطة، الدراجة تمشي وبسرعة، السيارة القوية تمتحن في طريق صاعدة، فلذلك لا بد من أن تمتحن.
قيل للشافعي: " يا إمام، أندعو الله بالابتلاء أم بالتمكين ؟ فقال: لن تمكن قبل أن تبتلى ".
أقول لكم هذه الكلمة: وطن نفسك أيها المؤمن الصادق، وطن نفسك يا من أردت أن تصل إلى الله، أن هذا الطريق ليس محفوفاً بالورود، هناك ورود، وهناك واحات من حين لآخر، وهناك سرور، لكن هناك امتحانات وهناك ابتلاءات أيضاً.
(( أَلا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ، أَلا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ ))
(( حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ))
أن تصلي الفجر في وقته شيء ليس سهلاً، والله هناك أناس لا يستطيعون أن يستيقظوا على صلاة الفجر مهما كلف الأمر، يقول لك: هذا شيء صعب، أما المؤمن يوقظه الله على صلاة الفجر، الطاعات فيها متاعب، فيها كلفة، بل سميت تكاليف، لك طبع يميل إلى النوم ومعك تكليف يدعوك أن تستيقظ، لك طبع يدعوك إلى أخذ المال والتكليف أن تنفقه، لك طبع يدعوك إلى أن تملأ عينك من محاسن المرأة الأجنبية والتكليف أن تغض البصر، هذا التناقض من الطبع والتكليف هو ثمن الجنة:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ﴾
ما من مصيبة على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا من أجل أن تشدك إلى الله:
لكن بالمناسبة ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل قناة نظيفة تسري خلالها، ليس في الإسلام حرمان ولكن في الإسلام تنظيم، أودع في الإنسان حبّ المرأة سمح له بالزواج، العلاقة المشروعة الإسلامية بين الذكر والأنثى الزواج، لا يوجد علاقة ثانية، لا يوجد بالإسلام خليلة، يقول لك: نحن لا يوجد عندنا تعدد، لا يوجد عندكم تعدد صح لكن عندكم زوجة واحدة و خمسين واحدة تهريب، أما المسلم عنده تعدد، إذا كانت الأولى لا تحصنه أفضل ألف مرة أن يتزوج امرأة ثانية من أن يزني طبعاً، فالإنسان حينما يأتيه شيء مكروه هنا البطولة، هنا معرفة الله عز وجل، الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين، إذا أحب الله عبده ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن شكر اقتناه.
أن تشكره على مصيبة، صدقوا ولا أبالغ ما من مصيبة على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا من أجل أن تشدك إلى الله، لذلك قالوا: كل شدة وراءها شَدة إلى الله، وكل محنة وراءها منحة من الله، لكن من هو الشقي ؟ الذي لا تحدث المصيبة في نفسه موعظة، من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر، صار هو المصيبة، يقول لك: الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، قلب لي الدهر ظهر المجن، كلام فارغ، سخر القدر مني، كلام فارغ، من هو الدهر ؟ إنه الله، " يسبني ابن آدم إذ يسب الدهر وأنا الدهر "، ما هذا الدهر، يقول: الدهر قلب له ظهر المجن، الدهر جهة، إله الدهر ؟ الله هو الإله.
قانون التيسير والتعسير:
في الإسلام تيسير وتعسير:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى(1)وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى(2)وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى(3)إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى(4)فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7)وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى(8)وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى(9)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى(10) ﴾
قانون التيسير والتعسير، آمنت أنك مخلوق للجنة، فاتقيت أن تعصي الله، بنيت حياتك على العطاء، الله عز وجل ييسر لك أمور زواجك، وعملك، وأولادك، وزوجتك، وصحتك إلى آخره، الآن كفرت بالآخرة، وآمنت بالدنيا، فاستغنيت عن طاعة الله، بنيت حياتك على الأخذ، الآن كل الطرق أمامك مغلقة غير سالكة:
﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾
إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستة مشاهد:
1 ـ التوحيد:
إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستة مشاهد، أول مشهد التوحيد، هذا من فعل الله، لا تحقد على أحد، لك أن تؤدب الذي أساء إليك، مسموح لك أن تؤدبه لا أن تحقد عليه، بالضبط القصة كما يلي: إنسان تلقى ضربة بعصا، إذا حقد على العصا الخشبية يكون أحمقاً، ينبغي أن تحقد على من أمسك العصا وضربك بها، فإذا كان الطغاة عصي بيد الله يؤدب بهم عباده، ينبغي أن تتعظ من هذه الشدة التي نالتك، طبعاً يجب ألا تقبل بالخطأ لكن لا تحقد، الحقد يتناقض مع التوحيد وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
هذا القوي ما كان له أن يصل إليك لولا أن الله سمح له، وما كان الله ليسمح له لولا أن هناك مشكلة أراد الله أن يطهرني منها، هذا الموقف الحقيقي الدقيق، لذلك مشهد التوحيد علاقتك مع جهة واحدة ولو أن الله عز وجل سلمك للأقوياء كيف يقول لك أغضبتني؟
قال لك:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾
الآن:
﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
وحينما تؤمن أن الأمر بيده ترتاح نفسك، الآن مشكلتي مع الله يوجد تقصير، الله عز وجل سمح لهذا القوي أن يصل إليّ، أقوى دليل:
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) ﴾
أول مشهد مع المصيبة التوحيد، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
2 ـ العدل:
المشهد الثاني مشهد العدل:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ﴾
﴿ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾
﴿ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾
﴿ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾
﴿ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾
ولا تظلمون بمقدار قطمير، لا يوجد ظلم.
3 ـ الرحمة:
المشهد الثالث مشهد الرحمة، هذه المصيبة التي آلمتك، أولاً: من فعل الله، اطمئن، وثانياً: فيها عدل، الله غني عن تعذيبك، وثالثاً: فيها رحمة، رحمة بك:
﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾
معقول أب ابنه لم ينجح بالدراسة لا يتكلم ولا كلمة، لا يقيم عليه الدنيا ولا يقعدها، لو قال له: كما تشاء لا تدرس، حينما يكبر هذا الطفل يجد نفسه بلا شهادة، ولا علم، ولا تجارة، لا يوجد بيده شيء، ليس عنده بيت، ولا عنده زوجة، يحقد على أبيه لما لم تحاسبني يا أبتي ؟ لما لم تضربني حينما قلت لك لا أحب الدراسة ؟ فلذلك أي مصيبة فيها مشهد التوحيد، ومشهد العدل، ومشهد الرحمة.
4 ـ الحكمة:
وفوق هذا وذاك مشهد الحكمة، كل شيء وقع أراده الله، والذي وقع لو لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، والذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً، الدليل:
﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
المصائب التي تأتي هي رسائل من الله، وهناك آية أخرى:
﴿ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى(134) ﴾
5 ـ الحمد:
مشهد التوحيد، مشهد العدل، مشهد الرحمة، مشهد الحكمة، وهناك مشهد الحمد، الله عز وجل يحمد على السراء والضراء:
(( عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن. إن أصابته سراء شكر وكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لغير المؤمن ))
وحينما قال الله عز وجل:
﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (20) ﴾
النعم الباطنة هي المصائب، لذلك قال ابن عطاء السكندري: "ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، وإذا كشف لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء ".
المشهد الخامس مشهد الحمد:
﴿ وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ ﴾
6 ـ الأمر كله بيد الله سبحانه:
توحيد، عدل، رحمة، حكمة، حمد، المشهد الأخير، نحن عباد لله ما بيدنا شيء، ما بيدك شيء إطلاقاً، الأمر بيده لكن مع العدل، بيده مع الحكمة، بيده مع الرحمة، فلذلك الإنسان ينبغي إن أصابه شيء يكرهه أن يقول الحمد لله رب العالمين، هذا محض حكمة، ومحض رحمة، ومحض عدل.