- محاضرات خارجية / ٠01دروس صباحية - جامع التقوى
- /
- دروس صباحية جامع التقوى - الجزء أول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
الأدب هو التعبير المثير عن حقائق الحياة :
أخواننا الكرام ، هذا الدرس له طعم خاص ، ما هو النص الأدبي وما هو النص العلمي ؟ مثلاً تقول : تكاثرت عليّ المصائب ، نص علمي ، الأدبي :
بلاني الدهر بالأرزاءِ حتى فؤادي في غشاء من نبــــــــالِ
فكنت إذا أصابتني سهــــــــامٌ تكسرت النصالُ على النصالِ
***
الأدب هو التعبير المثير عن حقائق الحياة ، أي أنت إذا أردت أن تقنعني فاكتب النثر ، أما إذا أردت أن تثيرني فاكتب الشعر .
اللهم صلّ عليه ما قال شعراً قط ، هناك حديث واحد :
(( أصْدَقُ كلمةِ قالها شاعر كلمةُ لَبيد : ألا كّلُّ شيء ما خَلا الله باطل ))
الشطر الأول .
(( وكل نعيم لا محالة زائل))
لأن نعيم أهل الجنة لا يزول ، ما تكلم كلمة واحدة ليست صحيحة .
(( ألا كّلُّ شيء ما خَلا الله باطل ))
تتمة البيت :
(( وكل نعيم لا محالة زائل))
فقط نعيم أهل الجنة لا يزول ، ما ذكره اللهم صلّ عليه .
أنواع الشيوخ :
أخواننا الكرام ؛ لذلك قالوا : إن من البيان لسحراً ، وإن من الشعر لحكمة ، طبعاً الشعر به تفوق العرب ، هل يعقل أن يدخل الإنسان السجن لبيت قاله ؟ هذا الحطيئة خاطب الزبرقان قائد زعيم قبيلة :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
***
سيدنا عمر حكم عليه بالسجن ببيت قاله ، مع أن هذا البيت شعار كل إنسان اليوم ، البشر جميعاً ، دخله كبير ، دخله واسع ، عنده سيارتان لا يعنيه أمر الأمة .
(( ألا كّلُّ شيء ما خَلا الله باطل ، وكل نعيم لا محالة زائل))
مرّ معي في هذا الأسبوع ومضة رائعة ، أنا سميتها أنواع الشيوخ ، قال : شيخ شيخه الزمان ، متقدم بالسن ، إذا أجريت انتخابات أول جلسة من هو رئيس الجلسة ؟ أكبر الأعضاء سناً ، هذا شيخ شيخه الزمان ، وشيخ شيخه الأقران ، أي إنسان يكون قد ذكر كثيراً يقف من الجميع على مسافة واحدة ، هذا شيخ شيخه الأقران .
أذكر الإمام الشعراوي ، عالم جليل ، عرضوا عليه أن يكون زعيماً شرفياً ، أو فخرياً للحزب الوطني ، فسألهم ؟ أنتم كم ؟ فقالوا : نحن مليون ، فقال لهم : أنا لثمانين مليوناً .
الداعية إذا انضم إلى جماعة ما ، إلى فئة ما ، إلى جهة ما ، انتهى ، هو للجميع ، يجب أن يقف على مسافة واحدة من الجميع .
لذلك؛ شيخ شيخه الزمان لكبر سنه ، وشيخ شيخه الأقران لأنه وقف على مسافة واحدة من الجميع ، وشيخ شيخه الشيطان ، هؤلاء السحرة والمشعوذون بشكل شيخ ، وشيخ شيخه السلطان ، عندنا مصطلح في بعض البلاد قطاع عام ، وقطاع خاص ، هذا الشيخ قطاع عام شيخه السلطان ، يقف مع السلطان ظالماً ، أو غير ظالم ، وشيخ شيخه الإعلام ، يظهر على الفضائيات ، له شهرة كبيرة جداً ، وشيخ شيخه الرحمن .
﴿ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
هذا يسمى بالمصطلح العلمي : العالم الرباني ، البطولة أن يهديك الله في دنياك إلى عالم رباني .
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
قصيدة تخاطب الإنسان العربي و تضع اليد على الجراح :
هذا الدرس له طعم خاص ، أنا اختصاصي أدب عربي بالأساس ، هناك قصيدة قالها شاعر ، لكنه وضع يده على الجراح ، يخاطب الإنسان العربي يقول :
أخي أخبرني ، أخي في الله أخبرني متى تغضب ؟ إذا انتهكت محارمنا ، إذا نسفت معالمنا ، ولم تغضب ؟ إذا قتلت شهامتنا ، إذا ديست كرامتنا ، إذا قامت قيامتنا ، ولم تغضب فأخبرني متى تغضب ؟ إذا نهبت مواردنا ، إذا نكبت معاهدنا ، إذا هدمت منازلنا ، إذا قطعت طرائقنا ، وظلت قدسنا تغصب ولم تغضب ؟ فأخبرني متى تغضب ؟
عدوي أو عدوك يهتك الأعراض ، ويعبث في دمي لعبا ، إذا لله ، للحرمات ، للإسلام لم تغضب فأخبرني متى تغضب؟
رأيت هناك أهوالاً ، رأيت الدم شلالاً ، رجالاً شيعوا للموت أطفالاً ، رأيت القهر ألواناً وأشكالاً ، ولم تغضب ، فأخبرني متى تغضب ؟
فصارحني بلا خجل لأية أمة تنسب ؟ فلست لنا ولا منا ، ولست لعالم الإنسان منسوباً ألم يحزنك ما تلقاه أمتنا من الهول ؟ ألم يخجلك ما تجنيه من مستنقع الحل ؟ وما تلقاه في دوامة الإرهاب والقتل ؟ ألم يغضبك هذا الواقع المعجون بالذل ؟ وتغضب عند نقص الملح في الأكل ؟ ألم يهززك منظر طفلة ملأت مواضع جسمها الحفر ؟ ولا أبكاك ذاك الطفل في هلع بظهر أبيه يستتر ؟ فما رحموا استغاثته ، ولا اكترثوا ، ولا شعروا ، فخر بوجهه ميتاً ، متى التوحيد في جنبيك ينتصر ؟ أتبقى دائماً من أجل لقمة عيشك المغموس بالإذلال تعتبرُ ، متى من هذه الأحداث تعتبرُ ؟
أخواننا الكرام؛ يوجد رأي لعالم كبير ، لو كان هناك مأساة كبيرة في المجتمع الإسلامي ، بلد محتل ، وتحدث العالم بأحكام الفقه ، في الحيض والنفاس فقد خان الله ورسوله ، لأن هناك موضوعات ساخنة ، وطرحت موضوعات مألوفة ، قديمة ، معروفة ، وهناك عدو يحتل الأرض ، ولم تعالج الموضوع الساخن فقد خنت الله ورسوله .
لأنه بالمناسبة أنت من الطبيب يهمك علمه فقط ، لا تهمك استقامته ، عندك لا سمح الله التهاب معدة حاد ، وهذا الطبيب معه بورد ، تزوره ، وتطلب المعالجة ، يا ترى يصلي أو لا يصلي ؟ لا يهمك ، يا ترى هل هو مستقيم ؟ أريد علمه ، معه بورد بالأمراض الداخلية ، تنتفع من محام ، لا يهمك دينه ، تريد علمه الدقيق بالقوانين ، ينقذك مثلاً ، تهتم بمهندس لأن البناء تصدع ، يجب أن يهدم أم لا ؟ تريد علمه ، إلا رجل الدين ، لا يمكن أن تنتفع منه إلا إذا تأكدت أن أقواله كأفعاله ، فقط رجل الدين ، تنتفع من طبيب ، من محام ، من مهندس ، إلا رجل الدين لا تنتفع منه إلا إذا جاءت أقواله أو جاءت أفعاله مطابقة لأقواله .
علة خيرية الأمة الإسلامية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :
يوجد قصيدة ثانية طويلة جداً ، لكن آخر فقرة مطمئنة :
ومَن يدري ؟!!
غداً في ساعة الصّفرِ
إذا ما عاد في الفجرِ .. "صلاحُ الدين" بالنصرِ
***
صلاح الدين الأيوبي انتصر على سبعة وعشرين جيشاً من الفرنجة ، له أخ قال له : لو أبرزت كرديتك ، هو ليس عربياً ، هو كردي ، نظر إليه وقال له : والله لو لم تكن أخي لقتلتك أنا مسلم ، ولا أزيد على إسلامي شيئاً ، إنسان يواجه سبعةً وعشرين جيشاً وينتصر! لذلك :
غداً في ساعة الصّفرِ
إذا ما عاد في الفجرِ .. "صلاحُ الدين" بالنصرِ
وعاد المسجد الأقصى يعانقُ " قبّةَ النَّسرِ"
***
بالشام أي بالأموي .
وهبَّتْ نسمة التوحيدِ والإيمان في العصرِ
وعاد الطهرُ للفكرِ.. و للفنِّ، و للشِّعرِ
وعادت أمّةُ الإسلام حقّاً "أمةَ الخيرِ"
***
وقفة متأنية ، الله قال :
﴿ كُنْتُمْ ﴾
أجمع العلماء على أن كنتم في هذه الآية تعني أصبحتم ، أي بهذا الدين :
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
دققوا؛ ما علة هذه الخيرية ؟ ما علتها ؟
﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
ورد في بعض الآثار :
(( كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر ؟ قالوا : يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ نعم ، وأشدُ ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف ؟ قالوا : يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأَشدُّ منه سيكون ، قالوا : وما أشدّ منه ؟ قال : كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً ؟))
هذه حالة مرضية جداً ، إذا أصبح المعروف منكراً ، وأصبح المنكر معروفاً ، هذه حالة مرضية جداً ، أنا أسميها عصر تبدل القيم .
أنواع العصور :
ملك الغساسنة ، جاء مسلماً ، أثناء طوافه حول الكعبة بدوي دون أن يشعر ، ودون قصد ، داس طرف رداء هذا الملك ، فضربه ضربة هشمت أنفه ، والوقت حج ، وكان سيدنا عمر بمكة ، شكاه إلى سيدنا عمر ، فسيدنا عمر استدعى الملك جبلة بن الأيهم ، وإلى جانبه بتعبير معاصر مواطن من عامة الناس ، من دهمائهم ، من سوقتهم ، هناك شاعر قبل سنوات توفي صاغ الحوار شعراً ، قال سيدنا عمر لجبلة : أصحيح ما ادعى هذا الفزاري الجريح ؟ قال: لست ممن ينكر شيئاً ، أنا أدبت الفتى أدركت حقي بيدي ، قال : أرضِ الفتى ، لابد من إرضائه ما زال ظفرك عالقاً بدمائه ، أو يهشمن الآن أنفك - لمن ؟ لجبلة بن الأيهم - وتنال ما فعلته كفك ، قال : كيف ذاك يا أمير هو سوقة وأنا عرش وتاج ؟! كيف ترضى أن يخر النجم أرضاً ؟ قال له : نزوات الجاهلية ، ورياح العنجهية قد دفناها ، أقمنا فوقها صرحاً جديداً ، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً ، قال جبلة : كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز ، أنا مرتد إذا أكرهتني ، قال له : عنق المرتد بالسيف تحز ، عالم نبنيه ، كل صرح فيه يداوى ، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى.
علماء التاريخ صنفوا هذا العصر بأنه عصر البطولات ، عصر المبادئ ، عصر القيم جاء بعده عصر اسمه عصر الأشخاص ، فيه أشخاص كبار مثل صلاح الدين الأيوبي .
بالمناسبة ضمن قوسين كانوا فيما مضى يعتدون على بعض الرموز ، الآن هناك عدوان على أكبر الرموز ، هناك اعتراض على القرآن الآن ، هناك تطاول كبير جداً .
لذلك أيها الأخوة؛ نحن بعصر المبادئ ، ثم بعصر الأشخاص ، ثم عصر الأشياء ، تستمد مكانتك من مساحة بيتك ، تستمد مكانتك من نوع سيارتك ، يقول لك : مرسيدس ليس مئة وعشرون بل ستمئة ، هناك رقم خاص ، تستمد مكانتك من ثروتك ، لكن من يصدق هناك ثروة العقل لا يتصورها ، تركها جوبز صاحب شركة أبل ، سبعمئة مليار ، وهو على فراش الموت قال : هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً ، لكن أين البطولة ؟ البطولة أن تعرف الحقيقة قبل فوات الأوان ، أما الحقيقة المرة فيعرفها كل إنسان لكن بعد فوات الأوان .
﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾
في وقت الإيمان لا ينفع ، يوم :
﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ﴾
العاقل من يدرك نفسه و يعدّ لساعة الموت عدتها :
أذكر مرة كنت في جدة ، تلبية لدعوة دعوية ، أمامي بناء ، طبعاً البناء على الساحل -على البحر - وهو بناء يلفت النظر لفخامته وجماله ، سألت : لمن هذا البناء ؟ فقيل لي قصة مؤثرة جداً ، جدة طولها شمال جنوب ، قطرها شمال جنوب ، تسعون كيلو متراً ، عمان ستون كيلو متراً ، الشام خمسة عشر كيلو متراً فقط ، جدة ليست القضية سهلة
هناك أرض بشمال جدة بعدها عن مركز جدة خمسة وأربعون كيلو متراً ، جاء مكتب عقاري يبدو أنه خبيث ، اشتراها بربع ثمنها ، واستغل جهل صاحب الأرض بالأسعار ، أنشأ عليها هذا البناء الضخم ، أنا رأيته بعيني ، هذا البناء من أربعة عشر طابقاً ، كسوة خارجية مذهلة ، يبدو أن الشركاء الثلاث الذين أنشؤوا هذا البناء على أرض يملكها بدوي ساذج اشتروها بربع قيمتها ، هؤلاء الشركاء الثلاث ، الأول وقع من أعلى البناء فنزل ميتاً ، والبناء رأيته بعيني ، والشريك الثاني دُهس ، فانتبه الثالث ، فكر بعمق ، ربط بين موت الشريكين وبين أصل هذا البناء ، يقول لي راوي القصة : بحث عن هذا الأعرابي – الذي كان يسكن بخيمة - ستة أشهر حتى عثر عليه ، أعطاه ثلاثة أضعاف ما دفعه سابقاً ، لأن أخذها بربع قيمته ، قال له هذا البدوي كلمة لطيفة باللغة البدوية : ترى أنت لحقت حالك .
وكلنا جميعاً ما دام القلب ينبض ندرك أنفسنا ، الصلحة بلمحة .
أذكر مرة أحد أقربائي ، عنده محل حلويات بمركز المدينة ، دخل لعنده شخص و رمى له عشر ليرات ومشى ، ما تفسير هذه الحادثة ؟ بعث الصانع ليحضره فأحضره ، قال له: لماذا فعلت هذا ؟ قال له : والله أنا من عشر سنوات أكلت قطعة حلوى و لم أدفع ثمنها ، رجع إلى الله فأعطاه ثمنها عشرة أضعاف .
فيا أخوان ما دام القلب ينبض علينا أن ندرك أنفسنا ، والصلحة بلمحة ، راجع حساباتك ، لا تترك عليك ذمة إطلاقاً ، لا تترك عليك مأخذاً إطلاقاً ، كل شيء له حل إلا الموت .
(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ))
نقطة مهمة جداً ، شخص بمصر قرأ الحديث ، مات والده ، ماذا سيفعل ؟ خطر بباله خاطر ، أن يترك شخصاً ينام مع أبيه بالقبر أول ليلة ، رأى شخصاً من شدة فقره يرتدي كيس قمح ، فتحه من أسفله ، ومن رأسه ، ومن طرفيه ليديه ، وربطه بحبل ، قال له ابن الغني الكبير بمصر : تنام مع أبينا ليلة أعطيك عشر جنيهات ؟ قال له : والله أتمنى ، فقير جداً - القصة رمزية الآن - نام جانب الميت ، جاء الملكان ، عجيب يوجد اثنان في القبر ، بالعادة واحد دائماً ، من أين جاء الثاني ؟ الثاني ليس ميتاً بل إنه حي لأنه حرك رجله ، فبدؤوا به، أجلسوه ، قالوا له: من أين أحضرت الحبل ؟ من البستان ، كيف دخلت للبستان ؟ لم يعرف الجواب ، فضربوه ضرباً مبرحاً ، خرج من القبر ، وقال : أعان الله والدكم .
تضحك على الناس وتبيعهم بضاعة مغشوشة ، تأخذ بيتاً ليس لك ، تغتصب شركة وتنفذ ؟ تكون أحمق ، أنا اجتهادي الشخصي ما رأيت أغبى من الطغاة ، لأنهم ما أدخلوا محاسبة الله لهم في حسابهم .
أنت أحياناً ببلد معين ، جلسة فيها حوالي ثلاثين شخصاً ، تعرف شخصاً مخبراً ، له علاقة بالدولة تدخله بحسابك ولا تتكلم أية كلمة غلط ، من هو الطاغية ؟ هو إنسان قوي لكنه ما أدخل الله بحساباته .
(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ))
كنت مرة بمراكش ، هو حي تراثي ، عرض الشارع كعرض هذه الطاولة ، يمر اثنان فقط ، هناك دكان بسيطة جداً ، مكتوب كلمة أثرت في نفسي : صلِّ قبل أن يصلى عليك .
كلنا ندخل للبيت قائمين ، ونخرج قائمين ، أقول شخص عاش ستاً و ثمانين سنة ، كل يوم يدخل و يخرج قائماً و سيأتي يوم يخرج بشكل أفقي ، كل ذكائك ، وكل فهمك ، وكل كياستك أن تعد لهذه الحالة وهي خروجك بشكل أفقي وليس بشكل قائم ، قائم كل حياتك ، آخر يوم هكذا ، تخرج من البيت بشكل أفقي للقبر .
(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ))