- محاضرات خارجية / ٠01دروس صباحية - جامع التقوى
- /
- دروس صباحية جامع التقوى - الجزء أول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
قصة عمير بن وهب مع صفوان بن أمية .
أيها الأخوة الكرام ؛ رجل عاصر النبي صلى الله عليه وسلم اسمه عمير بن وهب التقى بصفوان بن أمية ، فقال له عمير :
يا صفوان ، لولا ديون لزمتني ـ عليه ديون ـ ما أطيق سدادها ، ولولا أولاد أخشى عليهم العنت من بعدي ، لذهبت وقتلت محمداً وأرحتكم منه .
عمير بن وهب قال هذا الكلام لصفوان بن أمية ، فصفوان استغل هذه المقولة أكبر استغلال ، فقال له :
أما ديونك فهي علي بلغت ما بلغت ، وأما أولادك فهم أولادي ما امتد بهم العمر ، فامضِ لما أردت .
هذا عمير بن وهب لما سمع هذا الكلام الدين تؤدى ، والأولاد برعاية تامة من بعده ، فأخذ سيفه وسقاه سماً ، ووضعه على عاتقه ، وتوجه إلى المدينة المنورة ، بغطاء أنه ذهب إليها ليفدي ابنه الأسير ، ولما وصلها سيدنا عمر رآه ، وقال :
هذا عدو الله عمير جاء يريد شراً ، فقيده بحمالة سيفه وساقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال يا رسول الله :
هذا عدو الله جاء يريد شراً .
فقال عليه الصلاة والسلام لعمير :
ادنُ مني يا عمير ، ويا عمر فك قيده ، وابتعد عنه ، فدنى منه .
قال له النبي الكريم :
يا عمير ، سلم علينا ، فقال :
عمت صباحاً يا محمد ، بكل غلظة ، فقال :
قل السلام عليكم ، قال :
هذا سلامنا ، ليس بعيداً عنك ، قال :
ما الذي جاء بك يا عمير ؟ قال :
جئت أفك أسر ابني ، فقال له النبي الكريم :
وهذا السيف التي على عاتقك ؟ قال :
قاتلها الله من سيوف وهل نفعتنا يوم بدر ؟ فقال له النبي الكريم :
يا عمير ألم تقل لصفوان ابن أمية ، يا صفوان لولا ديون لزمتني ما أطيق سدادها ، ولولا أولاد أخشى عليهم العنت من بعدي ، لذهبت وقتلت محمداً وأرحتكم منه ؟ فوقف وقال :
أشهد أنك رسول الله ، لأن هذا الذي جرى بيني وبين صفوان لم يعلم به أحد إلا الله ، وأنت رسول الله ، وأسلم .
موقف سيدنا عمر من عمير قبل الإسلام وبعده .
يقول سيدنا عمر ، الشاهد هنا : دخل عمير على رسول الله صلى الله عليه وسلم والخنزير أحب إلي منه ، وخرج من عنده ، وهو أحب إلي من بعض إخواني .
الشاهد : أنه في الإسلام لا يوجد حقد ، دخل على رسول الله ، وما رجل أبغض على سيدنا عمر من عمير ، فلما أسلم خرجت من عند رسول الله ، وما رجل أحب إلي منه ، يعني الإسلام يجب ما قبله ، الإسلام لا يعرف الحقد ، ولا الضغينة ، ولا الأحقاد الدفينة ، التي تنخر في جسد هذه الأمة ، الإسلام في محبة ، الإسلام في صفاء ، الإسلام في تسامح ، هذا هو الدين الذي يرضي الله عز وجل .
معنى السنة :
فلذلك نحن حينما نقول سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، ماذا نعني بها ، نعني لسنة النبي الكريم أقوله ، أقواله سنة ، والأصح من ذلك نقول : ما صح من أقواله ، لأن القرآن الكريم ثابت أنه كلام الله ، لكن الحديث الشريف ، في أحاديث موضوعه ، وفي أحاديث غير صحيحة فنحن نقول ما صح من حديث رسول الله فأقواله سنة .
الآن أفعاله :
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾
فسنته أفعاله ، وسنته أقواله ، وسنته إقراره .
أحد أصحاب النبي الكريم توفاه الله ، اسمه أبو السائب ، فمن عادة النبي صلى الله عليه وسلم أن يزور من أصحابه الذين توفاهم الله قبل الدفن ، فذهب إلى بيته وسمع امرأة تقول :
هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله .
أبو السائب من أصحاب رسول الله ، وكان معه في الغزوات كلها .
قالت هذه المرأة :
هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله .
النبي الكريم لو سكت لكان كلامها صحيحاً ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام :
ومن أدراكي أن الله أكرمه ؟ قولي أرجو الله أن يكرمه ، وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم .
صار أقواله سنة ، وأفعاله سنة ، وسكوته وإقراره سنة ، وبعضهم أضاف وصفاته سنة .
أقواله ، وأفعاله ، وإقراره ، وصفاته .
اجتهاد شخصي .
لذلك أنا اجتهدت اجتهاد شخصي ، أن العالم بناء على ذلك هو ثلاثة أثلاث ، الثلث الأول معلوماته ، حفظه ، نصوصه ، تحليلاته ، فهمه ، الجانب العقدي ، الإديولوجي ، الجانب الفكري ، المنطلقات النظرية ثلث ، ومواقف هذا العالم ثلث آخر
هناك مواقف تناقض المعلومات لا يعد العالم عالماً إلا إذا كانت مواقفه متناغماً مع أقواله ، فجانب عقدي ، فكري ، إديولوجي منطلقات نظرية ، فهمه للدين ، حفظه للنصوص ، معلوماته ، وجانب سلوكي ، مواقفه ، مواقفه تؤيد أقواله ، مواقفه تتناسب مع أقواله .
قالوا :
القرآن كون ناطق ، والكون قرآن صامت ، والنبي عليه الصلاة والسـلام قرآن يمشـي .
ما لم يكن المسلم إسلاماً يمشي فلا يستطيع هذا المسلم أن يقنع الناس بالإسلام ، من هنا قالوا :
القدوة قبل الدعوة ، والإحسان قبل البيان .
القدوة أبلغ طريقة في التأثير ، القدوة قبل الدعوة ، والإحسان قبل البيان ، أنت بالإحسان تفتح قلب من تناجيه ، من تخاطبه ، ليفتح لك هذا الذي تناجيه عقله لبيانك ، افتح قلبه بإحسانك ، ليفتح لك عقله لبيانك .
فلذلك المؤمن في معه معلومات يقولها ، ومعه كمال ، هذا الكمال يفتح به القلوب ليفتح من يستمع إلى كلامه عقله لبيانه .
فالقرآن كون صامت ، والكون قرآن ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسـلام قرآن يمشـي .
أنا أقول لكم :
مالم يرى الناس المؤمن إسلاماً يمشي لن يستطيع هذا المسلم أن يؤثر بمن حوله .
والحمد لله رب العالمين
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .