وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 177 - ما هي حقيقة الإنسان؟
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات.

معنى كلمة إنسان في القرآن الكريم :

 أيها الأخوة الكرام؛ كلمة الإنسان ماذا تعني في القرآن؟ تعني خصائص الإنسان قبل أن يعرف الواحد الديان، قبل أن يعرف الله، هذه الخصائص موجودة في كل إنسان كائناً من كان في كل زمان ومكان، لكن الإنسان إذا عرف الله هناك تبدل جذري.
 مرة ثانية أحبّ أن أوضح هناك فرق بالدرجة، هناك ذهب عياره أربعة وعشرون، وذهب واحد وعشرون، وذهب ستة عشر، وذهب أحد عشر، كله ذهب لكن هناك تفاوت بالنسبة، هناك ذهب ثمين جداً وتنك خسيس جداً، الفرق بين أنواع الذهب فرق بالدرجة، والفرق بين الذهب والتنك فرق بالطبيعة، فالفرق بين المؤمن وغير المؤمن فرق بالطبيعة، المؤمن إنسان آخر، المؤمن بمبادئه، بقيمه، بأخلاقه، بنشاطه، بحركته، بتلبية شهواته ضمن الشرع، ضمن المسموح به، حتى في عدوانه إذا أراد أن يأخذ حقه يوجد أساليب، الإيمان قيد الفتك ولا يفتك مؤمن، أي المؤمن معافى من أمراض نفسية لا تعد ولا تحصى، فذلك الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم آيات كثيرة جداً تصل إلى خمس وعشرين آية، إذا أنت كتبت بالبحث الإنسان النتيجة خمس وعشرون آية في سور عديدة جاءت فيها كلمة الإنسان.

 

الهلع صمام أمان للإنسان ليحذر من المعاصي :

 اليوم سوف نأخذ آية هي قوله تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾

[ سورة المعارج : 19]

 الهلع في أصل خلقه، وبعضهم قال: هذا الهلع تقريباً صمام أمان، فالإنسان حينما يخاف قد يحذر أن يعصي الله عز وجل، ما معنى هلوعاً؟ قال تعالى:

﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴾

[ سورة المعارج :20]

 أني الإنسان قد يصاب بأمراض كثيرة، لكن هناك مجموعة أمراض، أمراض وبيلة، أمراض قاتلة، أمراض تنهي حياة الإنسان، فالإنسان عندما يشعر أن معه مرضاً قد ينهي حياته صار إنساناً آخر، تصبح حالة الهلع شديدة جداً عنده، سألت مرة طبيب قلب في أمريكا: ما خصائص المرضى الذين اكتشفوا فجأة أن مرضهم قد ينهي حياتهم؟ قال لي: شيء صعب تتصوره، انهيار كامل. طبعاً هنا نجد فرقاً كبيراً جداً بين المؤمن وبين غير المؤمن، يقول سيد التابعين الإمام الحسن البصري: التقيت بأربعين صحابياً ما منهم واحد عند موته إلا كان في أسعد لحظات حياته. لأن المؤمن قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:

(( الموت عرس المؤمن ))

[رواه ابن المبارك في والبيهقي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ]

 الوضع يشبه تماماً طالباً يتمتع بقدرات عقلية عالية جداً يدرس الطب، ثم ذهب إلى بلاد الغرب، ودخل جامعة عريقة، وكان يشتغل في النهار ويدرس في الليل، يعمل بأحد المحلات وعنده دراسة، فقضى سبع سنوات بحالة من الإجهاد تفوق حدّ الخيال، ولكن هذا الطالب موعود بأعلى منصب في بلده إذا نال الدكتوراه، يوم وضع رجله بسلم الطائرة، نال الدكتوراه، وأخذ وثيقة من الشهادة وصورها، ووضع رجله في سلم الطائرة، هذا الموت عند المؤمن، هذا العمر المديد لهذه اللحظة، اتجه إلى الله عز وجل.

 

الموت عرس المؤمن :

 لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( تحفة المؤمن الموت ))

[الطبراني، وأبو نعيم، والحاكم، والبيهقي، عن ابن عمر]

(( الموت عرس المؤمن ))

[رواه ابن المبارك في والبيهقي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ]

 وأنا أقول كلاماً دقيقاً: يجب أن تمتحن نفسك بتصور الموت، هل هناك جزع لا يحتمل أم لك عند الله شيء بعملك الصالح؟ بإنفاق المال؟ بتربية الأولاد؟ الإنسان عندما يكون عمله طيباً، ويطبق ما وجد في القرآن يستقبل الموت بنفس متألقة، مرحباً بالموت، هذا كلام بعض الصحابة، أنا أقول: الفاصل، المؤشر، المقياس الدقيق لسلامة العمل، قال تعالى:

﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾

[ سورة الجمعة: 6-7]

 أنا أقول: الإنسان يحب أن يعرف من هو، هذه حاجة أساسية من أجل أن تعرف من أنت تصور الموت، هل تستقبل الموت بحالة طيبة؟ إنسان ما أكل مالاً حراماً أبداً لا يعرف حرام النساء، لدي صديق أحببت أن أزوره في العيد، طرقت الباب فتح لي والده قال لي: محمد ليس موجوداً، هل من الممكن أن تدخل خمس دقائق، قلت له: سأدخل، ودخلت، قال لي: أنا عمري سبع وتسعون سنة بالضبط، أجريت البارحة تحليلات كاملة، وكانت النتائج أن كل شيء طبيعي، سبع وتسعون سنة فحص كامل شامل، كله طبيعي، قال لي: والله أنا لا أعرف الحرام في حياتي، وشرح لي، لا حرام النساء، ولا حرام المال، لذلك من عاش تقياً عاش قوياً.
 أيها الأخوة الكرام؛ نحن جميعاً نتشابه في سن الشباب، متى التفرقة واضحة؟ بالشيخوخة، الذي عاش طائعاً لله، يقول: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، أيضاً كان هناك عالم في الشام بلغ من العمر سبعة وتسعين عاماً، منتصب القامة، حاد البصر، مرهف السمع، أسنانه في فمه، شيء يلفت النظر، فإذا سئل: يا سيدي ما هذه الصحة التي حباك الله بها؟ يقول: يا بني حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر، من عاش تقياً عاش قوياً.

 

اختلاف حياة المؤمن عن غير المؤمن بالطبيعة فقط :

 صدق ولا أبالغ قد تجد إنساناً مؤمناً في خريف العمر تشتهي الشيخوخة عند النظر إليه، مرة دخلت على مريض من أهل العلم، بيته متواضع جداً، لكن له وجهاً متألقا متفائلاً تشعر بسعادة كبرى حينما تجلس إلى جانبه، هذا حال المؤمن، المؤمن موصول بالله، والله مصدر الكمال والجمال والنوال، موصول بالرحيم، موصول بالمعطي، موصول باللطيف، فلذلك حياة المؤمن عن حياة غير المؤمن تختلف بالطبيعة، والدليل:

﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ﴾

[سورة السجدة:18]

 لا يمكن أن يتساووا، قال تعالى:

﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾

[ سورة القلم: 35-36 ]

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة القصص :61 ]

 والله أيها الأخوة الكرام؛ لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآيات:

﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ﴾

[سورة السجدة:18]

﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾

[ سورة القلم: 35-36 ]

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾

[ سورة القصص :61 ]

 مرة كنت بجلسة أتكلم عن سعادة المؤمن، شخص يبدو أنه بعيد عن الدين بعداً كبيراً جداً، قال: لا، المؤمن ليس سعيداً أبداً، قلت له اشرح لي؟ قال: إذا كان هناك موجة حر شديدة يتحملها المؤمن وغير المؤمن، وإذا كان هناك موجة غلاء أسعار أيضاً ليس له أية ميزة، أنا خطر في بالي كرد على تعليقه بمثل تركيبي: إنسان عنده ثمانية أولاد، ودخله خمسة آلاف لا تكفيه لعشرة أيام، وبيته بالأجرة، وعليه دعوى إخلاء، أنا اخترت حالة صعبة جداً، أولاد كثر، دخل قليل جداً، ثمانية أولاد، دخله قليل، بيت بالأجرة، عليه دعوى إخلاء، قلت له: لديه عم يملك خمسين مليوناً، لا ينجب، ومات بحادث وليس عنده أولاد، من وريثه الوحيد؟ ابن أخيه، خلال ثانية من إعلان وفاة عمه ملك الملايين المملينة، هذه الملايين من حق ابن الأخ، لكن الإجراءات القانونية، وحصر الإرث، والتوسيع، والروتين، قبل سنة لن يقبض شيئاً، لماذا في هذا العام أسعد إنسان؟ لا يأكل لقمة زيادة، لأنه دخل بالوعد، تأتي الآية الكريمة قال تعالى:

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾

[‏ سورة القصص: ٦١]

 لذلك لو شققت على قلب مؤمن والله لا أبالغ هناك حالة من الأمن لو وزعت على أهل بلد لكفتهم، والآية تقول:

﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

[سورة الأنعام81-82]

النجاح و الفلاح :

 أيها الأخوة الكرام؛ هذه المعلومات المصيرية متعلقة بمصير الإنسان، أنا أقول دائماً: الدين ليس وردة تتزين بها، الدين هواء تستنشقه، علاقتك بالدين كعلاقتك بالهواء، فالهواء ضروري لاستمرار حياتك، لكن لو فرضنا إنساناً عزف عن الدين، أدار ظهره للدين، هذا بماذا وصف في القرآن؟ هذا كلام الواحد الديان، قال تعالى:

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[سورة النحل: 21]

 ميت القلب ليس له هدف، هدفه المتعة، هدفه المال، هدفه الجاه، هدفه السلطان، أهدافه كلها دنيوية، ولحكمة بالغة بالغة بالغة أن هذا الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، وغنى الغني، وفقر الفقير، وصحة الصحيح، ومرض المريض، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم، الموت ينهي كل شيء، لذلك هناك خطبة للنبي الكريم: " هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء" أي قد ينجح في اختيار زوجته وقد لا ينجح في تربية أولاده، قد ينجح في تربية أولاده ولا يكون ناجحاً في اختيار زوجته، قد ينجح في تسلم منصب رفيع لكن لم ينجح في إدارة بيته، فالدنيا هكذا، أما متى يكون النجاح حقيقياً؟ إذا كان شمولياً، أنت نجحت في علاقتك مع الله لا يكفي، ونجحت في علاقتك بأسرتك، ونجحت في علاقتك بعملك، ونجحت في علاقتك بمحيطك، المفهوم الحديث للنجاح مفهوم شمولي، لا يوجد ناجح جزئي، قد يكون الإنسان ناجحاً نجاحاً كبيراً في جانب من جوانب الحياة، لذلك جاء في القرآن مصطلح دقيق هو الفلاح، قد يكون النجاح جزئياً أي الذي أخذ دكتوراه بالفيزياء النووية، هذا أليس ناجحاً؟ هذا اختصاص نادر جداً، وله دخل فلكي، لكن إذا لم يعرف الله ليس نجاحاً، من هنا جاء القول الدقيق: ما كل ذكي بعاقل، قد تجد إنساناً في أعلى درجات الذكاء، حصل دراسات عالية نادرة جداً، وهذه الدراسات أوصلته إلى دخل فلكي، وقد يكون بمقياس الدين غير ناجح أو غير عاقل، أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً، المؤمن حينما يعرف سر وجوده، وغاية وجوده، حينما يعلم أنه المخلوق الأول عند الله، حينما يتحرك وفق منهج الله، حينما يحل الحلال ويحرم الحرام، الآية الدقيقة جداً قال تعالى:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

[ سورة الشعراء:88-89]

 ما القلب السليم؟ إنه القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، والقلب السليم هو القلب الذي لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، والقلب السليم هو القلب الذي لا يعبد إلا الله.

 

قضية الدين قضية مصيرية :

 قضية الدين قضية مصيرية، قضية خطيرة، كما قلت لكم: الناس يتشابهون في شبابهم لكن في شيخوختهم يتفاوتون، فمن عاش تقياً عاش قوياً، مثلاً هناك حالة اسمها: الخرف، والخرف شيء صعب جداً، يوجد أسر عندهم رجل كبير في السن أصيب بخرف يخجلون به، يمنعونه أن يجلس مع الضيوف، يعيد القصة مئة مرة، والخرف يشتكي إلى الضيف ويكون طعامه من أعلى مستوى، أنا أقول هذه الكلمة ليست نصاً من نصوص الدين لكن من تعلم القرآن متعه الله بعقله حتى يموت، مهما تقدم بك السن ذاكرتك قوية، شخصيتك قوية، قرارك بيدك، يقول لك: ابني عندي، عندما يكبر أنا عند ابني، كان ابنه عنده، صار عند ابنه، يسأل: ألا يوجد عندك أولاد؟ يقول: عندي ثلاثة أولاد وابنتان، عندي ببيتي، عندما يكبر أين أنت؟ يقول: أعيش عند ابني، أو عند ابنتي، هذا الوضع المتعب، بطولتنا الآن أن نتلافى سلبيته، تلافي سلبياته بطاعة الله، تلافي سلبياته بالتقوى، من تعلم القرآن متعه الله بعقله حتى يموت، نسأل الله أن يلهمنا الصواب، ويلهمنا أن نكون على منهج الله عز وجل، والآية تقول:

﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ﴾

[سورة السجدة:18]

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾

[ سورة الجاثية : 21]

استواء الشاب المؤمن مع المتفلت يتناقض مع عدل الله و وجوده :

 أريد أن أتكلم كلمة سريعة عن الشباب، من سابع المستحيلات زوال الكون أهون على الله من أن يستوي شاب مؤمن، مستقيم، بار بوالديه، يتقن عمله، زوج صالح، ابن بار، وعمله كله صحيح، ولا يوجد عنده ثغرة بحياته، مع شاب متفلت، لا يستويان، استواء هذا مع ذاك يتناقض مع عدل الله، بل يتناقض مع وجود الله، أقول للشاب: لا تقلق أبداً يوجد بالجامع الصغير حوالي أربعين حديثاً، يبدأ كل حديث بكلمة حق، حق الوالد على ولده، حق الزوج على زوجته، حق الزوجة على زوجها، لكن حديثاً واحداً أنا أقرؤه يقشعر بدني، حق المسلم على الله، معقول؟ والكلام إلى الشباب أن يعينه إذا طلب العفاف، شاب مستقيم، لا يعرف الحرام أبداً، يغض بصر، لا يوجد اختلاط، هذا الشاب الذي عاش شبابه بهذا الورع والتقوى، له مكافأة حقيقية هي زوجة صالحة، تسره إذا نظر إليها، تحفظه إذا غاب عنها، تطيعه إن أمرها.
 كنت مرة في طريق العودة من اسطنبول إلى الشام، فبالسيارة من مكان إقامتي إلى المطار، أخ كريم تركي تبرع أن أنتقل معه إلى المطار، فهو لا يتكلم العربية، قلت لصديقه: هل هذا الذي أوصلني إلى المطار متزوج؟ فكان الجواب: لا ليس متزوجاً، قلت له: قل له: الشيخ يدعو لك بزوجة صالحة تسرك إن نظرت إليها، و تحفظك إن غبت عنها، و تطيعك إن أمرتها، فقال له: أتمنى أن أوصله إلى الشام وليس إلى المطار.
 الدنيا كلها متاع، وخير متاعها الزوجة الصالحة، فأنا من باب الاجتهاد والتطمين لا يوجد شاب يستقيم:

(( ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب ))

[ أبو المظفر السمعاني عن سلمان ]

 إن الله عز وجل ليباهي الملائكة بالشاب التائب، يقول :

(( انظروا إلى عبدي ترك شهوته من أجلي ))

[ ابن السني الديلمي في مسند الفردوس عن طلحة ]

 فأنا لا أصدق أن هناك شاباً يخاف من الله، يمشي بشكل صحيح مع الله، ألا يكون له مستقبل متألق في زواجه، هدية الله عز وجل، والحقيقة أخطر حدث في حياتك هو زواجك، ألصق شيء بالإنسان حرفته وزوجته، مرة إنسان من باب الدعابة شكا لي أمه كثيراً، قلت له: طلقها، قال: ماذا أطلقها؟ قلت له: إذاً هي قدرك، إذا لم تستطع أن تطلقها فهي قدرك، أحياناً يكون الإنسان عنده أقرباء لا يستطيع أن يتحرك، أنا أسميها: قدرك، فأنت اقبل بقدرك الإلهي، وعامله بحكمة بالغة.
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور