وضع داكن
19-04-2024
Logo
الدرس : 053 - الصبغة والفطرة والطبع والتكليف .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا .

التطابق بين الفطرة والمنهج أصل من أصول الدين :

أيها الأخوة الكرام ؛ يقول الله جلّ جلاله في كتابه العزيز :

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

[ سورة الروم: 30 ]

فطرت أن تقيم وجهك للدين حنيفا
هذه الآية أصل في موضوع الفطرة والمنهج ، أنت مسوى ، مصطلح قرآني :

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾

[ سورة الشمس: 7 ]

أو أنت مبرمج ، أو أنت مولف ، أو أنت مصمم ، خصائص نفسك .

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾

النفس مسواة على هذه الصفات .

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ﴾

أن تقيم وجهك للدين حنيفاً هذا ما فطرت عليه ، هذا ما ولفت عليه ، هناك تطابق مذهل وتام بين المنهج والفطرة ، أي كل شيء أمرك الله به أنت مبرمج على قبوله ، وعلى الاعتزاز به ، وكل شيء نهاك الله عنه أنت مبرمج على كراهيته ، الدليل :

﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات : 7 ]

أنت بالأساس مبرمج ، مولف ، مسوى على طاعة الله ، فإذا عصيته شعرت بالكآبة ، والمرض النفسي الأول بالعالم الكآبة ، الكآبة حينما تخرج عن مبادئ فطرتك ، حينما تخرج عن خصائصك ، عن علم أو عن غير علم .
لذلك عندنا أستاذ في الجامعة كان أحد خمسة علماء بالنفس في العالم ، يقول : العالم الغربي يعاني من الكآبة ، ونسب الكآبة مئة وستة وخمسون بالمئة ، سألناه ما هذه النسبة ؟ قال : مئة بالمئة معهم كآبة ، وستة وخمسون معهم كآبتان ، فالكآبة تأتي من مخالفة الفطرة .
الكآبة تأتي من مخالفة الفطرة
لو فرضنا إنساناً لم يتلق درس علم بحياته ، ولد بجزيرة ، ما سمع شيئاً اسمه دين وصاد أرنباً وشواه وأكله ، ومعه أمه لم يطعمها ، يحس بالكآبة .
المؤمن ، غير المؤمن ، الكافر ، الملحد ، الإباحي ، ما بهم ؟ قال :

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾

التطابق التام بين الفطرة والمنهج أصل من أصول الدين
أنت مبرمج ، مولف ، مخصص ، على منهج الله ، تطابق الفطرة مع المنهج .
أي أغلى سيارة في العالم ، أحدث موديل لو ركبتها على طريق وعرة تحس بأصوات غير معقولة ، تتكسر ، هذه السيارة مصممة على الطريق المعبد ، فإذا انتقلت بها إلى الطريق المعبد شعرت بسلاسة وراحة عجيبة ، لأن هذه السيارة مصممة على الطريق المعبد ، فأنت في أصل تكوينك ، في أصل خصائصك ، في أصل فطرتك ، ألا يقال دائماً : الإسلام دين الفطرة ؟ أي أنت مبرمج ، مولف ، مسوى على منهج الله ، هذا التطابق الدقيق التام العفوي بين الفطرة والمنهج أصل من أصول الدين .

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

الإسلام دين الفطرة :

لذلك ما تفسير السعادة التي لا توصف حينما يصطلح الإنسان مع الله ؟ يقول لك : أنا بجنة ، فعلاً بجنة ، لأنه اصطلح مع فطرته ، اصطلح مع خصائص وجوده ، اصطلح مع نفسه ، هذا ممكن أن يكون واضحاً جداً لدى أخوتنا الكرام ، الإسلام دين الفطرة ، خصائص النفس تتوافق تماماً مع منهج الله عز وجل ، لدرجة أن الإنسان إذا خالف فطرته ، والفطرة مطابقة للمنهج يحس بالكآبة ، وهذه كآبة أهل الأرض ، الأمراض النفسية منتشرة بشكل مذهل ، وستة و خمسون فوق المئة معهم مرض غير مسبوق ، هذا مرض البعد عن الله عز وجل ، وتجد شخصاً - الذي صمم جسر استنبول هذا يعد ثاني أطول جسر بالعالم ، الأول بسان فرانسيسكو والثاني هذا الجسر - مهندس ياباني، أثناء افتتاح الجسر مع رئيس الجمهورية ألقى بنفسه في الفوسفور ونزل ميتاً ، ذهبوا إلى غرفته بالشيراتون ، كتب ورقة ، قال : ذقت كل شيء في الحياة فلم أجد لها طعماً فأردت أن أذوق طعم الموت .
يعاني أكثر الناس اليوم من مرض البعد عن الله
تجد مؤمناً متواضعاً ، حجمه قليل ، دخله محدود ، وظيفته ثانوية ، كاتب بدائرة ، لأنه اصطلح مع الله أسعد الناس ، وتجد شخصاً يملك مليارات ممليرة عنده كآبة .
فلذلك الإنسان بالغرب عندما يسلم يشعر بسعادة لا توصف ، اصطلح مع الله ، اصطلح مع خصائص نفسه ، اصطلح مع فطرته ، لأن الإسلام دين الفطرة .

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾

الفطرة هي محبة الكمال :

أخواننا الكرام ، الفطرة لا تعني الكمال ، لكن تعني محبة الكمال فقط . مثل طريف : اللصوص حينما يسرقون ، جماعة لصوص سرقوا بيتاً ، يقولون لرئيسهم : قسم بالعدل ، أنت عملك كله خلاف العدل ، لكن هذه فطرة .

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

أن تحب الخير لا يعني أنك خير ، وأن تحب العدل لا يعني أنك عادل ، وأن تحب الرحمة لا يعني أنك رحيم ، هذه فطرة ، أي صفحة بيضاء قابلة أن تكتب عليها كل شيء هذه الفطرة ، والدليل :

﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[ سورة الحجرات : 7 ]

الآية الأولى ذكر الفطرة ، والآية الثانية علل الفطرة .
أيها الأخوة ؛ الملخص : كل شيء أكرمك الله به ، وكل شيء نهاك الله عنه ، أنت مفطور في أصل خلقك ، ومبرمج ، ومولف ، ومصمم على محبة ما أمرت به ، وعلى كراهية ما نهيت عنه ، وهذا لا يعني أنك مطبق لما أمرت به ، وتارك لما نهيت عنه .

 

الفرق بين الفطرة و الصبغة :

أخواننا الكرام ؛ عندنا شيء آخر هو الصبغة ، الصبغة هو أنك عرفت الله ، واستقمت على أمره ، وأحسنت إلى خلقه ، فيتجلى عليك بالسكينة ، فأنت الآن من أهل الصبغة ، قال تعالى :

﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾

[ سورة البقرة :138 ]

الصبغة ان تصطبغ بأعمال الخير فيتجلى الله عليك بالسكينة
فالفطرة شيء ، والصبغة شيء ، الفطرة أن تحب الخير ، لكن الصبغة أن تكون خيراً ، الفطرة أن تحب العدل ، لكن الصبغة أن تكون عادلاً .

﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ ﴾

لذلك المؤمن في أي مكان ، في أي زمان ، من أي شعب ، من أي مصر ، من أي قطاع ، من أي تيار ، لمجرد أن أقبل على الله اصطبغ بكماله ، لذلك تحب المؤمن فقيراً ، صادقاً، عفيفاً ، تحبه غنياً متواضعاً ، سموحاً ، تحبه مثقفاً ثقافة عالية ، أي سخر العلم لطاعة الله ، قد تحبه أمياً متوكلاً على الله ليس في الإسلام جماعات وإنما انتماء المؤمن لمجموع المؤمنين
فالمؤمن لا يضاف على هذا الاسم شيء ، وما لم تكن منتمياً إلى مجموع المؤمنين فلست مؤمناً ، نحن لا يوجد عندنا بالإسلام فقاعات ، هذا من جماعتنا من أنت ؟ هذا من إخواننا ، عندنا انتماء إلى مجموع المؤمنين .

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

[ سورة الحجرات :10]

وما لم يكن انتماؤك إلى مجموع المؤمنين فلست مؤمناً ، طبعاً كل إنسان له أم يحبها ، لكنك إذا أحببت أمك لا يعني أن أمهات الآخرين سيئات كأمك ، هناك تعدد ، لكن لا يوجد تناقض، كلامي دقيق جداً ، أنت عندما تقول : هذا ليس من أخواننا ، ليس من جماعتنا زلت قدمك .

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

تحتاج الصبغة أن تعرف الله أن تستقيم على أمره وأن تقبل عليه
وما لم يكن انتماؤك إلى مجموع المؤمنين فلست مؤمناً ، إنما أداة قصر ، وحصر .

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾

الله ما قال إن جماعة فلان إخوة ، الفئة الفلانية إخوة ، لا ، لا ، قال :

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ ﴾

ولا يضاف على هذه الآية ولا كلمة ، الآن الآية الثانية :

﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾

إلا أن هذه الصبغة لها أسباب ، الفطرة في أصل خلقك ، هكذا فطرت ، هكذا جبلت، هكذا ولفت ، أما الصبغة فتحتاج إلى أن تعرف الله أولاً ، وأن تستقيم على أمره ثانياً ، وأن تقبل عليه ثالثاً ، حتى تصطبغ نفسك بكمال الله ، إن مكارم الأخلاق مخزونة عند الله تعالى فإذا أحبّ الله عبداً منحه خلقاً حسناً .

 

الإيمان هو الخلق :

بالمناسبة : النبي الكريم له مئات الصفات ، مئات ، لكن الله عز وجل حينما أثنى عليه، على أي شيء أثنى ؟ على خلقه ، قال :

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

[ سورة الحجرات :4]

الإيمان حسن الخلق
لذلك ابن القيم الجوزية قال : " الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان " ما لم تنعكس قناعاتك ، وأفكارك ، ومقامك في الإيمان إلى خلق حسن لن تستفيد من الدين شيئاً .

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾

الإيمان حسن الخلق ، هذا الذي يجب أن يكون واضحاً تماماً ، أي انعكاس إيمانك معرفتك بالله ، أخلاقك العالية ، الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان.
أنا عملت في التلفزيون السوري مئتي حلقة عنوانها : " الإيمان والخلق " الإنسان حينما يتخلق بأخلاق الدين يرقى عند الله ، والشيء الذي يظهر للناس أخلاقك فقط ، قناعاتك لا تبدو لنا ، مشاعرك لا تبدو لنا ، الذي ينعكس من دينك على الآخرين أخلاقك ، والإنسان إذا عرف ربه ، واستقام على أمره ، وعمل صالحاً ، وأقبل عليه اصطبغ بالكمال .

 

البشر عند الله نموذجان لا ثالث لهما :

لذلك - والكلام دقيق جداً - هؤلاء البشر على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتماءاتهم ، وأعراقهم ، وأنسابهم ، وطوائفهم ، حدث ما شئت هم عند الله نموذجان ، هذان النموذجان في آية كريمة قال تعالى :

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾

[ سورة الليل: 1 ـ 4]

سبعة مليارات ومئتا مليون ، كل إنسان يوجد بذهنه شيء ، وهو يتحرك لهدف .

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾

لكن الله جلّ جلاله جمع سبعة مليارات اتجاه وحركة في حقلين :

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾

[ سورة الليل: 5 ـ 6]

صدق أنه مخلوق للجنة ، فلما صدق أنه للجنة اتقى أن يعصي الله ، وبنى حياته على العطاء .

﴿ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾

والثاني :

﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾

[ سورة الليل: 7 ـ 8 ]

إن كان يسعدك أن تعطي فأنت من أتباع الأنبياء
لما كذب بالجنة اتقى وآمن بالدنيا استغنى عن طاعة الله ، بنى حياته على الأخذ ، لذلك الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، والأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، وهناك أناس يأخذون ويعطون ، أما الأنبياء فأعطوا ، فإذا كان يسعدك أن تعطي ، فأنت من أتباع الأنبياء ، وإن كان الذي يسعدك أن تأخذ فأنت من أتباع الأقوياء .
إذاً إذا عرف الإنسان ربه ، واستقام على أمره ، وعمل صالحاً ، وأقبل عليه ، اصطبغ بصبغة الكمال ، لا يمكن أن ترى مؤمناً غير أخلاقي ، مستحيل ، كلمة مؤمن مرتبة علمية ، ومرتبة أخلاقية ، ومرتبة جمالية .
مرتبة علمية ؛ " ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلمه " ، ومرتبة أخلاقية ؛ المؤمن ذو خلق ، ومرتبة جمالية ؛ المؤمن أسعد إنسان ، والله الذي لا إله إلا هو ما لم تقل بعد أن عرفت الله و اصطلحت معه : ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني ، إلا أن يكون أتقى مني ، عندك مشكلة ، لذلك من صلواتنا على رسول الله : اللهم صلِّ على أسعدنا ، أسعد مخلوق في الكون .

 

الطبع و التكليف :

الآن عندنا شيء أخير : الطبع والتكليف ، أنت عندك طبع ، ومعك تكليف ، الطبع أن تأخذ المال ، والتكليف أن تنفقه الطبع أن تكسب المال والتكليف أن تنفقه والتناقض بينهما ثمن الجنة
الطبع يقتضي أن تملأ عينك من محاسن المرأة ، والتكليف أن تغض البصر ، الطبع يقتضي أن تخوض في فضائح الناس ، والتكليف أن تسكت ، فالطبع مناقض للتكليف ، ومن تناقض الطبع مع التكليف يكون ثمن الجنة .

﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾

[ سورة الليل : 40 ـ 41]

فالجنة تتأتى من تناقض الطبع مع التكليف ، وأنت عندما تلزم جانب التكليف ، وتلزم ما أمر الله به ، وتتنهي عما عنه نهى ، تستحق الجنة .
فكأن هذا اللقاء الطيب فيه ثلاثة موضوعات ؛ الفطرة ، والصبغة ، والطبع والتكليف ، هذه مصطلحات مهمة جداً لعلي ذكرت قبل هذا اليوم أن جزءاً مهماً من الدين تحديد المصطحات الإسلامية ، هناك مؤمن ، و فاسق ، و مشرك ، و ملحد ، و عاص ، كل كلمة لها مدلولات دقيقة جداً .
أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا .

سنّ الأربعين سنّ اكتمال النضج عند الإنسان :

هناك سؤال :

﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ ﴾

[ سورة الأحقاف : 15]

من بلغ الأربعين ليس له عذر أبدا
أي سن الأربعين سن اكتمال النضج ، الإنسان عند الأربعين ليس له عذر أبداً ، الشاب في أول حياته تكون عنده الشهوات كبيرة جداً ، لكن في هذا السن – سن الأربعين - ينضج الإنسان ، ينضج نضوجاً كبيراً جداً ، ففي هذا السن مشكلة كبيرة إذا زلت قدمه .

﴿ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ﴾

[ سورة الأحقاف : 15]

إلى متى وأنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسـؤول
تعصي الإله وأنت تظهر حبـــه ذاك لعمري في المقــال شنيــــــــع
لو كان حبك صادقاً لأطــــــعتــه إن المحب لمن يحب يطيـــــــــــــع
***

الأعذار كلها تنتهي بهذا السن ، أنت عاصرت أعماراً كثيرة عند الأربعين بلغ أشده ، بلغ أشدّ نضجه ، بلغ أشدّ وعيه ، طبعاً لا يعني هذا أنك قبل الأربعين لست محاسباً ، أعوذ بالله ، ليس هذا هو القصد إطلاقاً ، القصد أنك أنت بهذا السن بلغت تمام وعيك ، وتمام فهمك ، والآن هناك حساب دقيق جداً بعد هذا السن .
لذلك أحب الطائعين ، هذا نص دقيق جداً إن شاء الله في درس قادم أشرح لكم هذا النص .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور