وضع داكن
17-05-2024
Logo
محاضرات خارجية - دروس صباحية - جامع التقوى - الدرس : 277 - الهجرة إلى الغرب
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يارب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. 

قانون الهجرة:


أيها الإخوة الكرام، قبل أسابيع ثلاثة بدأنا موضوعاً كبيراً هو: قوانين القرآن الكريم، واليوم في قانون جديد، هو قانون الهجرة، آيته الأولى:

﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100)﴾

[ سورة النساء ]

(مُرَاغَمًا) يعني انفراجاً لمصيبته، يعاني ما يعاني في بلده، فلما هاجر حُلَّت مشكلته، يوجد ضغط شديد عليه، هذا الضغط التغى، يوجد ضيق مادي، هذا الضيق المادي التغى.
(يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا) يعني انفراجاً لمصيبته في بلده (وَسَعَةً) يعني خير وفير.

مفهوم الوطن: 


(وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الآن يعني هناك كلام دقيق، هناك مفهوم للوطن دقيق، هذا المفهوم أن الوطن هو المكان الذي يضمن لك حياتك، وعبادتك، وكرامتك، وحريتك، ورزقك، هذا الوطن.
طبعاً في مفهوم قديم: مكان ولادتك، المفهوم الواقعي: المكان الذي يضمن لك حياتك: لا يوجد قتل، وعبادتك، وكرامتك، وحريتك، ورزقك، هذا الوطن.
فإذا حال مكان أنت فيه بينك وبين أن تعبد ربك تلك العبادة التي هي علة وجودك في الدنيا، فينبغي أن تغادره إلى بلد تعبد فيه ربك، قال تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾

[ سورة الذاريات ]

يعني للتقريب: إنسان علّق آمالاً كبيرة جداً على نيل الدكتوراه في بلد معين، هذا البلد من أرقى البلاد في الدكتوراه، فوصل لهذه الجامعة وانتسب إليها، هذه الجامعة نقلت مؤسساتها إلى بلد آخر، ينتقل معها، هدفه الجامعة نفسها، فأنت علة وجودك العبادة، فإذا كنت في مكان ما لا يسمح لك أن تعبد الله، والآن موجود هذا الشيء، في أوروبا الشرقية الوضع كان صعباً جداً، هناك هجرات كبيرة جداً، هناك البلاد الملحدة، فيها هجرة منها إلى بلاد ثانية، فإذا كنت في مكان لا يسمح لك أن تعبد ربك، والعبادة علة وجودك ينبغي أن تغادره، طبعاً إذا سمح لك أن تعبد الله فلا مشكلة، لا يهم أن يكون البلد إسلامياً، أو الدين مسيطر، ليس شرطاً، بمكان ما إذا أمكنك أن تعبد ربك، أن تحجب بناتك، أن تصلي، فلا مشكلة، أما إذا حال بلد بينك وبين أن تعبد ربك، هذا الشيء حدث في التاريخ، فلا بد من أن تغادر، يعني الأندلسيون لما انتصروا، يعني الصليبيون في الأندلس كان إذا جاء أحدهم إلى البيت بحلويات في العيد يُقتل، اعتبروا الحلويات دليل إسلامه، هم أخفوا إسلامهم بعد أن انتصر الطرف الآخر أخفوا إسلامهم، فيكتشفون الإسلام من الحلويات في العيد، فيقتلونه، فإذا حال البلد بينك وبين أن تعبد الله ينبغي أن تغادره لأن علة وجودك العبادة.
تماماً كما لو كنت قُبلت بجامعة والدكتوراه فيها بأعلى مستوى في العالم، وقد ترتقي إلى مرتبة عالية جداً وبدخل كبير، هذه الجامعة نقلت أبنيتها لبلد آخر، تنتقل لهذا البلد.

الهجرة المعاكسة:


الهجرة لأسباب كبيرة، أما الآن هناك هجرة معاكسة، أحياناً تهاجر إلى بلد لا تضمن بقاء أولادك مسلمين، هذا الشيء واضح مثل الشمس، لما يهاجر إنسان إلى بلد غربي أكبر ثمن يدفعه أن يخسر أولاده، كنت مرة ببلد من أرقى البلاد في العالم ولكن في الشرق، يوم مغادرتي ودعني رئيس الجالية إلى المطار، قال لي: بلِّغ إخواننا بالشام أن مزابل الشام خير من جنات أستراليا، حفظت كلامه كلمة كلمة، أحببت أن أستزيد منه، قلت له: والله لم أفهم عليك، بلادكم جميلة جداً، أجمل البلاد في العالم، 18 مليوناً لقارة، بلد العالم الغربي والشرقي التربة مستهلكة من ألفين عاماً، بينما هناك التربة مستهلكة من مئتين سنة فقط، شاهدت فاكهة بحجم غير معقول، يوجد فاكهة هناك لا أعرفها إطلاقاً، بلد جميل، قال لي: بلغ إخواننا بالشام أن مزابل الشام خير من جنات أستراليا، قلت له: لم أفهم عليك، ما شاء الله بلادكم من أجمل البلاد، قال لي: - اسمع الجواب- ابنك بهذه البلاد 50% ملحد، والـ 50% الثانية يا ليته زانٍ بل شاذ، وإن لم تصدقني فاسأل، هذه حدثت معي، بلغ إخواننا بالشام، والأردن من بلاد الشام، أن مزابل الشام خير من جنات أستراليا، قلت له: اشرح لي، قال لي: يعني ابنك في الشام مسلم مثلك، أما هنا ابنك ملحد، وإذا لم يكن ملحداً يكون واقعاً بمعصية كبيرة وليتها الزنا، قال لي: الشذوذ، وإن لم تصدق اسأل، هناك بَلَدان في العالم للشذوذ: أستراليا، ولوس أنجلوس هي عاصمة الشذوذ.

لا بد أن نعرف قيمة بلادنا:


فيا إخوان، اعرفوا قيمة بلادنا، أنا منذ عشر سنوات همي الوحيد أن أعرف قيمة بلادنا، لا أريد أن أجلد نفسي، يوجد موضة الآن: كلما جلدت بلدك تكون أرقى، لا، اعرف إيجابياتها، الأب أب هنا.
أحد إخواني كان بباريس، فرأى شاباً شارداً على نهر السين، هو جاء للدراسة، يحب أن يتكلم براتيك، فحاكاه: بماذا تفكر؟ قال له: بقتل والدي، هذا مسلم شرق أوسطي، لماذا؟ قال له: أحب فتاة فأخذها مني.
خطر ببالي في بلادنا أنا أعرف والله ولا أبالغ آلاف الأسر، باع بيته بدمشق وسكن بالريف واشترى بثمن بيته خمس بيوت، وزوّج أولاده الأربعة، وسكن معهم، ليست حالة واحدة بل مئات الحالات، ترك العاصمة التي فيها الرفاه والأناقة والخدمات العالية جداً، واشترى بثمن بيته أربع بيوت أو خمسة في الريف، وسكن هناك.
صرت أفهم وأعرف إيجابيات حياتنا، نحن نعيش بجنة، نعيش بطمأنينة عجيبة جداً، الزوجة زوجة، يعني يقول لي أحدهم: ابنه شاهد ابنة الجيران فأعجبته، فاستأذن والده بالزواج منها، فقال له: لا يا بني إياك، لمَ؟ قال: إنها أختك وأمك لا تدري، يبدو أنه كان زير نساء، وزنا مع أمها، وجد فتاة ثانية فكان الأمر نفسه، ومع الثالثة أيضاً الأمر نفسه، فضجر الولد وحكى لأمه، فقالت له: خذ أياً شئت فأنت لست ابنه وهو لا يدري!!
اعرفوا إيجابيات بلادنا، هناك بقية حياء، يوجد بقية خجل يوجد بقية وفاء، والله أعرف أشخاصاً بعد ما تزوجها بأسبوعين سرطان بالرحم، أبوها يقول له: يا عم، يوجد قرابة بينهما، هذه ليست زوجتك، ابنتي أنت لا زلت شاباً، قال له: والله لا أطلقها، باع بيته وعالجها بثمنه، وماتت بعد سنتين، يوجد كل موقف أخلاقي فيه وفاء، شيء غير معقول، نحن نعيش في الجنة، لا ترَ بعض التهم الموجهة لنا من العالم الغربي، ما نتمتع به من تماسك أسري ومن رحمة داخلية في بيوتنا لا يعرفها الغرب.
مثلاً: فتاة في الثامنة عشر من عمرها يقول لها أبوها: أنت بلغت السن القانوني، إما أن تغادري المنزل أو تدفعي أجرة، هذه لا تحصل في بلدنا، يظل الأب يعتني ببناته إلى أمد غير محدود.
فأنت حاول أن تعرف إيجابيات بلادنا كي تحبها، تعرف الإيجابيات الاجتماعية والدينية والنفسية، لدينا مليون إيجابية هم يفتقرون إليها، لذلك أرى الموضوعية قيمة أخلاقية، وقيمة علمية بآن واحد.
أنت موضوعي إذاً أنت أخلاقي، موضوعي عالم.
إذاً: هذا اجتهاد مني، مفهوم الوطن: هو المكان الذي يضمن لك حياتك، وعبادتك، وكرامتك، وحريتك، ورزقك، فإذا حال مكان أنت فيه بينك وبين أن تعبد الله، تلك العبادة التي هي علة وجودك في الدنيا ينبغي أن تغادره إلى بلد تعبد فيه ربك، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
الآن الآية دقيقة جداً (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) الهجرة في الآية مقيدة في سبيل الله، قال لي أحدهم مقيم في ألمانيا سافر من ألمانيا إلى دمشق، قصة قديمة، والتقى معي، قال لي عندي مشكلة، ما المشكلة؟ خير؟ قال لي: ابنتي تقول لي: أنتم، قلت لها بابا من نحن؟ تقول: أنتم، ذهب إلى المدرسة قال له المعلم: أنتم متخلفون، هذه البنت الصغيرة اقتنعت أننا متخلفون، تقول لأبيها: أنتم، أنا لست منكم، هو طبيب أقسم لي بالله أنه باع بيته وعيادته وعاد إلى الشام، قال لي والله دخلي بالشام العُشر، لعل بعد خمس سنوات تقول لي ابنتي: نحن بابا وليس أنتم، من أجل كلمة واحدة: أنتم، الابن انفصل عن أبيه، رأى الغرب حضارة وإباحية، صراحة شاب أول حياته ما هذه القيود ببلادنا! حلال وحرام وعيب، لا يوجد شيء اسمه حرام بنظره.
فإخواننا الكرام أنا أقول: بطولتك أن تعرف إيجابيات حياتك، هنا يوجد أسرة، هذه الزوجة زوجتك لا أحد يعرفها غيرك، هناك وضع آخر.
فإذا حال مكان أنت فيه بينك وبين أن تعبد ربك تلك العبادة التي هي علة وجودك في الدنيا ينبغي أن تغادره إلى بلد آخر تعبد فيه ربك (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) .
الهجرة التي وردت في الآية الكريمة قيدتها في سبيل الله، أحياناً تهاجر في سبيل المال، تخسر أولادك، يعني أنا ذهبت إلى أمريكا ست مرات تقريباً، تقول له: ابنك يُغمى عليه، فقط قل له ابنك، لا يوجد دين أبداً، يا ليت لا يوجد دين، بل هو ملحد، فإذا خسر الإنسان أولاده لم يربح شيئاً، أنا أقول كلمة: تحمل أنواع التخلف في بلدك التاريخية عن الغرب النواحي المادية فقط، تحمل أنواع التخلف التي في بلدك على أن تخسر أولادك، ابنك هنا يكبر مثلك، ابنتك محجبة، ابنك يصلي، هذه نعمة كبيرة، إن كان ابنك ملحداً وهو يسخر منك، ومن إيمانك ماذا تفعل؟ هذا جزء منك، أقول لك كلمة: كنت بأمريكا من عشرين سنة، كان الحاكم وقتها كلينتون الزوج وليس الزوجة، كنت أقول لهم: لو بلغت منصباً ككلينتون، وثروة كأونسيس، وعلماً كأنشتاين، هؤلاء الثلاثة من الكبار، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس.
والله يا إخوان، قمت بدورات في الشام لإخواننا في أمريكا، يرسل لي ابنه، لا يوجد شيء حرام عنده، وضعناهم بفيلا لمدة شهر، وكبار المدرسين يعطونهم دروساً، ظلت الدورة عشر سنوات، يرسلون أولادهم من أمريكا إلى الشام يقضون شهراً نعطيهم فيه شيئاً من دينهم، شيئاً من حبهم لوطنهم، نأخذهم رحلات، فأنت لا تعرف إيجابيات بلادنا المسلمة، سأقول لكم إياها بتعبير آخر: يوجد بقية حياء، إذا أنت طبخت أرزاً بالحليب، تعرفون الأرز بالحليب، وسكبت الحليب بالزبادي، ماذا يبقى في الطنجرة؟ الطبقة العالقة تسمى (قحقاطة) فنحن عندنا قحقاطة وفاء، قحقاطة وفاء زوجي، قحقاطة تربية أولاد، عندنا كثير من الإيجابيات ولكن ليس بالمستوى العالي، بالمستوى المتدني، ولكن مع المستوى المتدني نحن بجنة أمام البلاد الأخرى.
قال له: فلانة، قال له هذه أختك وأنت لا تعرف، والثانية أخته، والثالثة أخته، فحكى لأمه فقالت له: أنت لست ابنه. هكذا! هناك فوضى كبيرة جداً.
مرة كنت في أمريكا، اسمع ماذا قال لي أحدهم: هل ترى هذا الشارع؟ شارع طويل جداً، قال لي: 70% من هذه البيوت فيها خيانة زوجية، 70%، في بلادنا لا يوجد بالألف1، يوجد أخطاء ولكن لا يوجد خناية زوجية، قال لي 70% يوجد خناية زوجية، أنا سافرت إلى معظم بلاد العالم، وأرى بلادنا في الشرق الأوسط جنة حسب ما أسمع، لا تزهد ببلدك.

إيجابيات الأردن:


 أنا هنا في هذا البلد الطيب أقول كلمة: أنتم عندكم ثلاث نعم لا تعرفونها، أنا أعرفها أكثر منكم: 
1. أول نعمة في هذه البلاد التدين في هذا البلد ليس تهمة تحاسب عليها، هل لديكم أحد ضُبِط متلبساً بالصلاة؟ لا يوجد، هذه نعمة كبيرة جداً، تصلي، لا مؤاخذة عليك، وما أخذوا اسمك، فقط تصلي، التدين في هذا البلد ليس تهمة تحاسب عليها.
2. دخلت أنا إلى دوائر بالأردن عالية جداً، وجدت سجادة صلاة، لا أصدقها أنا في بلادنا، هل يجرؤ أحدنا أن يصلي؟ ينتهي، الصلاة عندكم مقبولة، فالتدين في هذا البلد ليس تهمة تحاسَب عليها.
هذا في أطياف يوجد هاشمي ويوجد فلسطيني مثل أي بلد آخر، لكن لا يوجد عداء تاريخي بين طيفين يقتضي القتل، أحياناً يُقتل السني في بلادنا تقرباً إلى الله، يالَتارات الحسين، هذه غير موجودة عندكم، اشكروا الله، هذه إيجابيات الأردن.
3. يوجد حكومة قوية تحاسب وتعاقب، لكن لا يوجد عندها قتل، عندها سجن فقط، هذه نِعَمٌ أُلِفَت فنُسيت، اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها.
 انتبهوا للدعاء، أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها. اعرف قيمة بلدك، اعرف إيجابيات بلدك تُسَرّ، هناك شخص أسميه قناص، يتغافل عن كل إيجابيات بلده، ويرى الشيء السلبي ويتكلم به، ألم تجد غيره! يتجاهل إيجابيات البلد كلها، يصبح قناصاً، أين يوجد غلط يحكي به ويكبره، هذا قناص، أما الموضوعية أخلاق، الموضوعية علم، إذا كنت موضوعياً أنت أخلاقي، إذا كنت موضوعياً أنت عالم.
كنت أقول لهم، هذه قلتها كثيراً بأمريكا، لو بلغت أعلى منصباً في بلدك، وجمعت أكبر ثروة في الأرض، ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس.
طبعاً هذه الحقائق من يعرفها؟ من عاشها، أنت لم تعشها، أنت ما سألت أحداً مقيماً خارج البلد ما الذي يعانيه من الغربة.
ويكون أجر المهاجر في سبيل الله كبيراً لأن الله لحكمة بالغة أودع في كيان الإنسان محبة مكان ولادته.
يعني الله وضع بكياننا كلنا محبة مكان ولادتك، مسقط رأسك، هذا شيء بالفطرة، لكن قد تنتقل إلى بلد آخر ما ولدت به، لكن أمورك ميسرة فيه، تستطيع أن تصلي، تستطيع أن تحضر خطبة دون أن يؤخذ اسمك، هذه نعمة كبيرة، فأنا أتمنى منكم أن تعرفوا إيجابيات بلدكم فقط، لا تتجاهلها، لا تكن قناصاً، أين الخطأ؟ لا، اعرف إيجابيات بلدك.
الآن يوجد آية أنا كتبت عنها كلمة، هذه الآية تقصم الظهر، اسمع هذه الآية:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)﴾

[ سورة النساء ]

ضعيف، الحكم ليس بيد المسلمين، يوجد قوة بالغة، وإن كان قد تحاسب على أي عمل إيجابي (قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) أما تتمة الآية يقصم الظهر (فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) علة وجودك العبادة، إذا بلد حال بينك وبين علة وجودك ينبغي أن تغادره، طبعاً، كلكم يعرف صار عنا مشكلة ببلدنا أنا غادرتها رغم أن لدي بيت فخم جداً، ومزرعة، وشركة، وسيارات، وكل شيء، لكن لا أستطيع أن أتكلم شيئاً لست مقتنعاً به، غادرتها، هذه السنة السابعة لي هنا، النبي هاجر، فهذا منهج، يعني الملخص: إذا حال بلد بينك وبين أن تعبد الله فيه ينبغي أن تغادره إن كنت مسلماً، لأن أغلى شيء دينك، إن كنت لا تستطيع أن تحجب بناتك، لا تستطيع أن تصلي هذه مشكلة كبيرة، أقول هذا الكلام كي تعرفوا قيمة بلدكم، هذا البلد إيجابياته كبيرة جداً، لكن الذي عاش فيه لا ينتبه لها.
مثلاً: إذا ذهب شخص إلى أمريكا وغاب شهرين، يخطر بباله أن هناك رجل أجنبي قد دخل لبيته؟ أبداً، ولا ثانية، غاب شهرين ولا ثانية يخطر بباله أن هناك رجلاً أجنبياً قد دخل بيته والتقى مع زوجته، نعمة الزوجة الصالحة لا تقدر بثمن، لكن لأنها أُلِفَت فنُسيَت، لذلك الدعاء النبوي: اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها.
أنت مسافر لمدة شهرين بكندا، بأمريكا، بآسيا، باليابان، لا يخطر ببالك لثانية واحدة أن هناك رجلاً أجنبياً دخل لبيتك أبداً، هذه نعمة أُلِفت فنُسِيت، اللهم أرنا نعمك بدوامها لا بزوالها.
وأنت دائماً بكل شيء يوجد إيجابيات ويوجد سلبيات، أنت تكلم بالإيجابيات تحب بلدك، تكلم فقط بالسلبيات لا تحتملها، هناك شخص قناص يكون هناك مليون إيجابية يتعامى عنها، سلبية واحدة يقولها، تقعد أحياناً بجلسة، فيها جلد للذات أنا أسميها ، هذا مرض اجتماعي خطير، نجلد ذاتنا باستمرار، نحن متخلفون، نحن لا يوجد عندنا قواعد عامة، عندنا القانون ليس فوق الجميع، لديك مليون مرض اجتماعي، لا يوجد لدينا سوى هذه الشكوى، أما أن تمشي زوجتك الساعة الثانية ليلاً وهي محجبة دون أن تخاف! والله عندما كنا بالشام تعود المرأة الساعة الثانية ليلاً لوحدها في الطريق، كان هناك أمن، أذكر مرة بشركة KLM هذه شركة هولندية كان هناك رحلة من أمستردام إلى دمشق، تُليَت رسالة في الطائرة: أنت ذاهب إلى بلد يعد أأمن بلد في العالم، فأنت بإمكانك أن تتجول أنت وزوجتك إلى ساعة متأخرة من الليل دون أن تخشى شيئاً.
هناك الكثير من البلاد لا تستطيع أن تمشي في الطريق بعد المغرب، بلاد راقية جداً لا تستطيع أن تمشي فيها بعد المغرب، يوجد لصوص، يوجد مجرمون، أنت ذاهب إلى أأمن بلد في العالم، بإمكانك أن تتجول أنت وزوجتك إلى ساعة متأخرة من الليل دون أن تخشى شيئاً.
فأنا أرى من علامات التوفيق وعلامات السعادة أن تعيش إيجابيات حياتك، يعني الشكوى من الزوجة، مرة أحدهم شكا لي زوجته، أنا طبعاً أحببت أن أستفزه، قلت له: تخونك؟ قال لي: أعوذ بالله، ما هذا الكلام أستاذ؟! يعني قلت له أشياء، قال لي: أعوذ بالله، بعدها استحى من نفسه ووجدها ممتازة، قلت له أشياء صعبة جداً، قال لي: أعوذ باله  ما هذا الكلام؟ معناها جيدة، انظر إلى إيجابياتها، لا تكن قناصاً ترى فقط السلبيات، هذا أسميه قناصاً، لئيماً، ألم ترَ إيحابياتها!
ألا تجد دائماً الطعام جاهزاً والبيت نظيفاً!؟ من غير المعقول من أجل سبب تافه أن تزعجها.
أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا جميعاً بما علمنا والحمد لله رب العالمين.
إخواننا الكرام هذا الدرس عندي فرض، إلا إذا كنت مسافراً فاعذروني، الحمد لله كتب الله القبول لدعوتي، فعندي الكثير من السفرات، مادمت في الأردن الدرس قائم، هذه القناة الوحيدة التي بقيت بيننا.

والحمد لله رب العالمين.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور