- محاضرات خارجية / ٠01دروس صباحية - جامع التقوى
- /
- دروس صباحية جامع التقوى - الجزء أول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، وأمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
تمهيد .
أيها الأخوة الكرام ؛ بداية الإنسان كائن متحرك ، وهذه الطاولة كائن ساكنة ، ما الذي يحرك الإنسان ؟
الحقيقة تحركه حاجته إلى الطعام والشراب ، فالإنسان مفتقر إلى الطعام والشراب لبقاء وجوده ، الإله الصمد وجوده ذاتي ، أما الإنسان مفتقر في وجوه إلى شيء خارج عنه ، وهو الطعام والشراب ، فالإنسان مفتقر للطعام والشراب حفاظاً على بقاء وجوده كفرد ، ومفتقر إلى الزواج حفاظاً على بقاء النوع ، وقد لا ينتبه لهذه العلة ، أما هو يرغب أن يتزوج ، أما حينما يتزوج هذا النوع البشري استمر، لو توقف هذا الزواج انقرض النوع البشري ، هذه الحاجة الثانية ، الحاجة الثالثة طبعاً أكل وشرب ، وتزوج وأنجب ، في عنده حاجة ثالثة سماها علماء النفس تأكيد الذات يعني يريد بعد أن أكل وشرب ، وتزوج وأنجب ، أن يشار إليه بالبنان ، هذا أول مهندس ، هذا أول طبيب ، هذا ملياردير ، هذه الحاجة الثالثة ، تأكيد الذات ، التفوق ، الحاجات الثالثة متوافرة في أعلى مستوياتها في الدين ، الدين متوافق مع الفطرة ، فالحاجات الفطرية في الإنسان يمكن أن تكون ضمن الدين ، فالله عز وجل سمح لنا أن نأكل ونشرب ، الطعام والشراب .
حاجات الإنسان .
الأنبياء يأكلون ويشربون بل من علامات بشرية الإنسان كانوا :
﴿ يَأْكُلُ الطَّعَامَ ﴾
هم ليسوا آلهة ، ما الذليل على أنهم آلهة ؟ مفتقرين في وجودهم إلى الطعام والشراب لا يكفي .
﴿ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ﴾
ومفتقرون إلى ثمن الطعام والشراب ، إلى العمل ، كانوا :
﴿ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ﴾
فعلامة ضعف الإنسان ، وعلامة افتقاره للواحد الديان ، أنه مفتقر لوجوده للطعام والشراب ، ومفتقر أيضاً في نسله إلى الزواج ، ومفتقر إلى تأكيد ذاته بالتفوق .
هذه حاجات أساسية موجودة عند الإنسان .
علة وجود الإنسان .
الآن كلمة علة وجوده ، لماذا أنا في الدنيا ؟
يعني أحياناً أب يرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه من السوربون ، هذه المدينة ، الكبيرة ، العملاقة ، المترامية الأطراف ، مدينة فيها ملايين ، هذه المدينة فيها مباني ، فيها مؤسسات ، في دور لهو ، فيها دور سينما ، فيها مسابح فيها كنائس ، أحكي فيها كلام عشر ساعات ، لكن هذا الطالب علة وجوده في هذه المدنية شيء واحد نيل الدكتوراه فقط .
البطولة أن تعرف لماذا أنت في الدنيا ، لتعرف ما علة وجودك ، تجد شخص مألوف ينشأ ، يبلغ ، ، يكبر ، يتزوج ، يكون له حرفة ، قد يكون موظف ، قد يكون طبيب ، قد يكون محامي ، قد يكون مهندس ، قد يكون تاجر ، فهو يكبر ، ويكبر ، يرفع دخله ، يأخذ اختصاص يخضع لدورة يرفعوه ، يوسع بيته ، يغير أساس بيته ، دائماً في تطوير ، هذا الذي حصله في عمره المديد 85 سنة ، غير بيته ، غير سيارته ، وسع ، وسع ، وسع ، أخد بيت بالمصيف ، أخد بيت عالبحر ، عمل سيارة ثانية احتياط للسفر ، وازنة ، يأتي الموت يأخذ كل شيء حصله بـ 85 سنة بثانية واحدة ، وقف القلب ، العمارة ما عادت له ثمانين .
واحد بالشام يملك فندق بباريس ثمانين طابق كمبليه دائماً معبأ ، تملك فنادق ، ومتاجر عملاقة ، دخلك فلكي ، لك أرصدة بالبنك كبيرة جداً ، لك مكانة تحتل منصب رفيع ، هذا كله لما القلب يقف تخسره بثانية واحدة ، العقل البشري ، العقل أن تعد لهذه الساعة .
والله مرة شيعنا قريب أنا أعرف مستوى حياته ، البيت بعشر ملايين ، بخمسة ، بسبعة بخمسة عشر ، بيته ثمنه 180 مليون ، بيته 450 متر شيء يحير العقول ، تاجر تحف ، في تحف طولها إلى السقف ثمنها مليون ، شيء يفوق حد الخيال ، مات بيوم مطير ، وأنا كنت ، هو والد صديقي ، كان بيوم مطير ، فتحو القبر فيه مياه سوداء ، مياه مجاري ، فلتان مياه مجاري على القبر ، سألوا ابنه ماذا نفعل ، قال ضعوه ماذا نفعل ؟ أنا كنت موجود ، قلت يا رب هذا الرفاه الذي يفوق حد الخيال ، مصيره القبر ؟.
فأنا أقول ذكائك ، وعقلك ، وحكمتك ، وتفوقك ، أن تعد لهذه الساعة ، لأن القبر قد يكون روضة من رياض الجنة ، وقد يكون حفر ممن حفر النيران ، فأنا أقول بطولتك أن تعيش المستقبل ، اسأل ألف شخص ، يقول لك أنا مهندس ، ودرست بمصر ، بيحكي عن واقعه وعن ماضيه ، لكن ما في بالألف واحد يعيش مستقبله ، أيا ترى أموت بهذا البلد ، أموت بمرض ، أموت بحادث ، أموت موت طبيعي ، يكونوا أولادي موجودين ، أولادي كلهم مسافرين .
والله أعرف أسرة بالشام تملك أضخم المعامل ، شيء غير معقول دخلها ، صدف كل أولادها مسافرين وماتت ، ما في إنسان مشى بجنازتها ، إلا عندهم خادم ، هذه المكانة الرفيعة والدخل الفلكي ، هكذا صار .
فأنا أقول بطولتك ، ذكاؤك ، عفلك ، تفوقك ، أن تعيش المستقبل ، المستقبل حدث خطير ، من بيت ، وأنت رب البيت ، ولك مكانة كبيرة ، وعندك بنات ، ولهم أزواج ، عندك أبناء ولهم زوجات ، وأنت لك مكانة رفيعة ، وأنت يشار لك بالبنان ، وأنت رب الأسرة ، وأنت عميد الأسرة ، وأنت ، وأنت ، وأنت وقف القلب ، انتهى كل شيء ، لا البيت بيتك ، أيام يكون الواحد عنده مقتنيات ثمينة ، ما في واحد إلا وعنده شغلة غالية كثير ، واضعها بمكتبة ومعه المفتاح ، ولا أحد يستطيع أن يأخذ منه المفتاح ، مقتنيات غالية أحياناً ، تحف ، أشياء ذهبية ، ميداليات ، هذه مقتنيات ، هذه الخزانة التي فيها مقتنياته بعد الموت تفتح ، وتؤخذ ، وينتهي كل شيء .
فأنا أقول بطولتك ، ذكاؤك ، عقلك ، حكمتك ، محبتك لذاتك ، كل هذه المشاعر تقتضي أن تعيش هذه اللحظة .
من هنا جاء البطولة أن تعيش لحظة المغارة ، فالمؤمن يعد لهذه الساعة عدتها ، وهذه بطولته ، وهذا تفوقه ، وهذه حكمته ، عاش حياته كلها ، عاش المستقبل ، المستقبل فيه موت ، فالنبي الكريم قال :
(( أكثروا ذكر هادم اللذات الموت ))
مفرق الأحباب ، مشتت الجماعات .
((عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارق ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))
لماذا الابتلاء .
من هنا يقول الله عز وجل :
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ﴾
الابتلاء هو الامتحان .
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾
الحقيقة أنه في عنا ابتلاءات كثيرة جداً ، وهذا أحد الابتلاءات .
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾
بعضهم قال :
﴿ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾
بها إلى الله ، لذلك قالوا : من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة ، فمصيبته في نفسه أكبر ، يعني هذ الإله العظيم لماذا يسوق لنا بعض المصائب ؟ هو بحاجة أن يسوق لنا المصائب ؟ مستحيل ، غني عنا .
(( لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنْسَكم وجِنَّكم ، كانوا على أتْقَى قلب رجل واحدِ منكم ، ما زاد ذلك في مُلْكي شيئاً ، يا عبادي ، لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم ، وإنسَكم وجِنَّكم ، كانوا على أفجرِ قلب رجل واحد منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، يا عبادي ، لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم ، وإنسَكم وجِنَّكم ، قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيتُ كُلَّ إنسان مسألتَهُ ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنْقُص المِخْيَطُ إذا أُدِخلَ البحرَ ـ ذلك لأن عطائي كلام ، وأخذي كلام ))
الشاهد الدقيق الدقيق آخر فقرة :
(( فمن وَجَدَ خيراً فليَحْمَدِ الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ ))
إذاً أنت علة وجودك الابتلاء الامتحان ، أنت ممتحن فيما أعطاك ، أعطاك صحة هل أنفقت هذه الصحة في طاعة الله أم في لعب النرد ؟ يقول لك للساعة الثالثة بالليل ، بس ثلاث مرات غلبته ، ما شاء الله ما هذا التفوق ؟ نرد ، وكما قال النبي الكريم :
(( من لعب النرد فكأنما غمس يده في دم خنزير ))
في حديث شريف عن النرد ، للساعة الثالثة بالليل ، شو طلع منها ، يا لعب شدة ، يا لعب نرد ، أنت أغنى شيء عندك الوقت ، أنك وقت أنت ، أنت بضعة ايام كلما انقضى يوم انقضى بضع منك ، فالبطولة أن توظف هذا الوقت .
أخوانا الكرام ، هذا الوقت إما أن ينفق إنفاقاً استهلاكياً ، أو أن ينفق إنفاقاً استثمارياً الإنفاق الاستهلاكي كما يفعل معظم الناس ، يأكلون ، ويشربون ، ويسمرون ، ويسهرون ، ويتنزهون بدون ضوابط ، ثم يفاجئون بالموت ، يعني ممكن كل يوم تستيقظ كالسابق على طول ؟ لا ، في يوم يكون في طارئ ، يقول لك نخزة ، إيدي عم تجعني ، ما في إنسان يخرج من الدنيا إلا من خلال بوابة ، كيف أنت بالمطار في بوابات خروج ، وكل واحد منا له بوابة ، هاد قد يكون موت طبيعي .
قال لي واحد : ما الفرق بين القتل والموت ؟ قلت له : بلورة كهرباء شاعلة ، إما أن تمنع عنها الكهرباء بالمفتاح ، هذا الموت ، أو تضربها بمطرقة ، تكسرها ، فلما كسرت البلورة ما عادت تستطيع تستقبل كهرباء ، فالموت تكسير البلورة بمطرقة ، الموت قطع التيار ، والقتل تكسير البلورة بالمطرقة ، فهذا هو الفرق .
ففي للحياة نهاية ، أنا أقول بالبرمجة العصبية اللغوية قاعدة رائعة جداً ، ابدأ من النهاية ، ابدأ من المغادرة ، الآن أنت بتوفق كل نشاطك مع المغادرة ، كنا بالجامعة ، وعنا دكتور بعلم النفس من كبار الدكاترة ، جاء موضوع الذكاء ، وموضوع الذكاء ثمانين صفحة كان ، قال : أتحبون أن ألخص لكم الذكاء بكلمة واحدة ؟ قلنا له : تفضل ، قال : التكيف ، تتكيف مع الموت تتكيف مع المغادرة ، تتكيف مع القبر ، تتكيف مع التقدم بالسن ، الشباب في قوة كبير ، بتلاقي بقلك أنا عند أولادي ، كم ولد عندك ؟ والله ثمانية ، وثلاث بنات ، واثنتان متزوجات ، يتقدم بالسن أين ؟ أنا والله عند ابني قاعد ، كان ابنه عنده صار هو عند ابنه ، هذا الحياة تقريباً ، فالبطولة أن تعيش المستقبل ، أن تعيش سن الضعف ، إذا كان كمان واحد خرف مشكلة كبيرة جداً ، والله يا أخوان مر معي نص ، ما أقول حديث شريف ، بالأثر :
من تعلم القرآن متعه الله بعقلهن حتى يموت .
لا يخرف ، لأن الدماغ عضو ، والعضو الذي يعمل لا يضمر ، قاعدة ، العضو الذي يعمل لا يضمر ، ما دام تصلي ، أذن الفجر ؟ لا ما أذن ، هذا أذن الأذان الأول الفجر على الثاني في نشاط ، وقف ليصلي ، أو ركعة قرأ الفاتحة وصورة ، والثانية ، أما الثالثة الظهر ما في سورة في نشاط .
مرة قال لي طبيب كانت والدتي كانت مريضة الله يرحمها ، قال : حاكوها ، أنا ما فمت ، ما هذا التوجيه ؟ قال لي : بس تحاكوها بدها تجاوب ، لما تجاوب يعمل الدماغ ، عندما يعمل يتنشط ، قلت المؤمن ما دام يصلي في نشاط دائم
عنده خمس أوقات ، وكل وقت ركعات معينة ، أول ركعة مع سورة ، وثاني ركعة مع سورة ، الثالثة بلا سورة ، بعدين قعود أول ، قعود ثاني ، التحيات ، صلوات على النبي ، الصلاة وحدها نشاط ، فالعضو الذي لا يعمل لا يضمر .
فلذلك أخوانا الكرام ، الإنسان يعيش مستقبله ، وأخطر شيء بمستقبله مغادرة الدنيا العاقل ، والذكي ، والمتفوق ، والفهيم ، والناجح بحياته .
بالمناسبة : تقول النجاح النجاح محدود ، الإنسان ينجح بجمع المال ، ناجح ، أو ينجح بجمع المال ، كمان ناجح ، أو ينجح بأسرته ، أيضاً ناجح ، أما الفلاح أن تنجح بالسبب الذي خلقت من أجله .
﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
فالفلاح أن تحقق الهدف من وجودك ، أو أن تحقق الهدف الذي خلقت من أجله فالبطولة الإنسان يكون فالح ، العوام تستخدم هذه الكلمة ، فلان فالح ، حقق الهدف من وجوده .