- محاضرات خارجية / ٠01دروس صباحية - جامع التقوى
- /
- دروس صباحية جامع التقوى - الجزء أول
السؤال مفتاح العلم :
أيها الأخوة الكرام ؛ تمنى عليّ بعض الأخوة أن أخصص يوماً للأسئلة ، واستقر رأيهم على يوم الجمعة ، لكنني البارحة لم أذكر هذا الطلب فجعلته درساً عادياً ، فاليوم الدرس مخصص للأسئلة ، لأنه أحياناً يكون بذهن الأخ الكريم موضوع مشكل ، فقد تأتي دروس كثيرة لا يجاب فيها عن السؤال ، فنحن يوم الجمعة إن شاء الله يوم مخصص للأسئلة ، أي إذا أخ كريم عنده سؤال أراد أن يكتبه فهذا مقبول ، أراد أن يلقي السؤال بشكل شفهي مقبول ، والوضع أن مفتاح العلم السؤال، هناك قضية بالقضاء والقدر ، هناك أية مشكلة لا يفهمها ، إن شاء الله ضمن الإمكانيات التي أكرمني الله بها أجيبكم عنها .
لكن قبل أن أفتح باب الأسئلة كما يقال الشيء بالشيء يذكر ، أذكر أن سيدنا عمر بن عبد العزيز اختار رجلاً من علية القوم اسمه عمر بن مزاحم ، قال : يا عمر كن معي دائماً ، ابق معي إن رأيتني ضللت أمسكني من تلابيبي ، وهزني هزاً شديداً ، وقل لي: اتقِ الله يا عمر فإنك ستموت ، وكان إن دخل مجلسه يتلو هذه الآية :
﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾
كلما دخل مجلس الحكم يتلو هذه الآية :
﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾
من له سؤال أنا جاهز .
السائل :
السؤال غير مفهوم .
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ﴾
الفضيلة وسط بين طرفين :
الدكتور راتب :
الحقيقة أنه دائماً الفضيلة وسط بين طرفين ، فالموقف الكامل لا أن تكون قابضاً يدك ولا أن تبسطها كل البسط ، فبين الإسراف وإتلاف المال ، وبين الشح ، البطولة وسط ، في كل شيء تقريباً ، حتى أنهم قالوا : الفضيلة وسط بين طرفين ، أي من حولك يجب أن يحبوك بقدر ما يخافوك ، أما الحب وحده فيعمل تفلتاً ، والشدة القاسية تعمل قطيعة ، فبين أن تكون ليناً ، أو أن تكون قاسياً ، وقيل : لا تكن ليناً فتعصر ولا قاسياً فتكسر ، هذا الكلام يحتاجه الأب ، والأم ، والمعلم ، والمرشد ، ورئيس أي دائرة ، وأي منصب قيادي حتى قمة المناصب ، لا تكن ليناً فتعصر ولا قاسياً فتكسر ، أي هذا الذي تحت يدك لابد من أن يحبك .
لذلك أرسطو قبل آلاف السنين استدعى ولي أحد تلاميذه قال له : خذ ابنك عني إنه لا يحبني .
المحبوبية أصل في علاقة الإنسان بربه :
الحب أصل في حياتنا ، أي الله عز وجل خلقنا ، حياتنا بيده ، موتنا بيده ، رزقنا بيده ، صحتنا بيده ، من حولنا بيده ، من فوقنا بيده ، من تحتنا بيده ، الأقوياء بيده ، الطغاة بيده ، ومع كل ذلك ما أراد أن نعبده إكراهاً ، قال :
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
أراد أن تكون علاقتنا به علاقة حب ، قال :
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
فالمحبوبية أصل في علاقة الإنسان بربه .
فلذلك حدثنا دكتور في الجامعة في علم النفس ، قال : أي إنسان لا يجد حاجة في نفسه إلى أن يُحِب أو إلى أن يُحَب ، ليس من بني البشر ، ديننا علم ، وأمر ، ونهي ، ونصوص لكن ديننا في الأصل حب ، أصل علاقة المؤمن بالله علاقة حب ، لا علاقة إكراه .
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
الله ما أرادنا أن نأتيه خوفاً ، ولا قهراً ، ولا منبطحين ، لا يوجد آمر ، حاكم ، قوي يعطي أمراً ويعلله ، التعليل احترام للمأمور ، الله قال :
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾
أي الإنسان عندما يلغي الحب من الدين يلغي الدين ، أنت أساساً تأتي من بيتك وقت نوم ، وقت راحة ، فراش وثير ، تنزع اللحاف ، وتقوم ، وتمشي في الطريق ليلاً من أجل أن تتصل بالله و هذا دليل حب ، أنت في رمضان ، تكون في البيت وحدك ، وبمنتهى الجوع والعطش ، والبيت لا يوجد به أحد ، ولا أحد على وجه الأرض يعلم أنك أفطرت ، ما الذي يمنعك أن تضع قطرة ماء بفمك ؟ أنك تؤمن أن الله يراقبك ، هذا الدين .
فلذلك أعظم شيء أن ترى أن الله معك .
السائل :
السؤال غير مفهوم .
كيفية التبرؤ من المعاصي :
الدكتور راتب :
سؤال دقيق جداً ، مثلاً إنسان لا سمح الله ولا قدر قبل عشرين سنة كان بوظيفة معينة وكان يتقاضى رشوة ، ثم تاب إلى الله ، واصطلح معه ، ما السبيل إلى التبرؤ من هذه المعصية ؟
لأنه لابد من أن يكون بعد المعصية توبة وإصلاح .
والله أنا لي فتوى أجتهد بها وأرجو أن أكون على صواب ، الدولة ملزمة أن تساعد الجمعيات الخيرية ، بكل بلد هناك جمعيات خيرية ، تطعم المساكين والفقراء ، تبني البيوت ، لا يوجد بلد إلا و فيه جمعيات خيرية بالآلاف ، وهنا عندنا جمعيات خيرية ، هذه الجمعيات جزء من دخلها من الدولة ، فإذا دفعت لهذه الجمعيات المبلغ الذي تظنه يناسب ما أخذته فقد برَّأت ذمتك ، فالأولى أن هذا المبلغ الذي أنت تظنه أنه أخذ بالحرام من الناس ترده إلى الجمعيات الخيرية وتكون قد نجوت من الإثم .
السائل :
السؤال غير مفهوم .
الله هو القهار يسوق للعباد المصائب ليتوبوا إليه :
الدكتور راتب :
العبيد عبيد القهر ، والعباد عبيد الشكر ، الإنسان مقهور ، إنسان معه ورم خبيث مقهور من المرض ، هو عبد لله بمعنى القهر فقط ، إما أن يكون الإنسان عبد قهر ، أو أن يكون عبد شكر
أنت حينما تأتي الله عز وجل باختيارك ، بمبادرة منك ، وأنت قوي ، متين ، صحيح ، بأعلى درجة من نشاطك ، وتسجد لله ، طبعاً مئات ألوف البشر عند المصيبة يخضعون .
فتاة سمعت عنها متفلتة تفلتاً مذهلاً بثيابها ، كل مفاتنها ظاهرة بالطريق ، أصيبت بورم خبيث ، سمعت من أحد أقربائها أنها في دعائها تقول : يارب لو وضعت على كتفي ما يوضع على الحمار لقبلت ، لكن اشفني ، فالله أخضعها .
أخواننا الكرام ؛ كلامي دقيق ، مهما كنت قوياً ، أو غنياً ، أو عالياً ، الله هو القهار يسوق للعباد مصيبة تدع الحليم حيراناً .
أنت عندما تستيقظ صباحاً و أنت صحيح ، أنا في الطريق إلى المسجد اليوم ، النبي الكريم حينما يفتح عينيه صباحاً يقول :
(( الحمد لله الذي مدّ لي في عمري ))
أي سمح لك أن تعيش يوماً جديداً ، هناك أناس ماتوا بالليل ، لي قريب نائم بفراشه تمس زوجته يدها بيده تجد يده باردة جداً ، وجدته ميتاً ، آلاف الناس يموتون بالليل وهم نيام ، فالإنسان عندما يفتح عينه صباحاً : " الحمد لله الذي مد لي في أجلي ، وعافاني في بدني " وقف ، دخل للحمام توضأ ، وجاء إلى الجامع ، معنى هذا أنه صحيح ، يرى بعينه ، يسمع بأذنه ، يمشي بحركته .
(( الحمد لله الذي عافاني في بدني ، ومدّ لي في أجلي ، وأذن لي بذكره ))
أنا أقول لكم : ألوف الأشخاص يأتون إلى البيت بعد الفجر ، أين كان ؟ بالملهى ، أكثر الملاهي لبعد الفجر ، أما إن كنت قادماً من الجامع ، فأنت كنت في طاعة ، استفتحت يومك بطاعة لله عز وجل .
(( ولو يعْلَمُونَ ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوا ))
يجب أن تشكر الله أنه سمح لك أن تعرفه ، أعطاك منهجاً ، في حياتك حلال وحرام ، يجوز ولا يجوز ، يصير ولا يصير ، عندك منظومة قيم .
تفضل .
السائل :
السؤال غير مفهوم .
الإنسان هو المخلوق الأول رتبة :
الدكتور راتب :
النفس اللوامة مدح وليست ذماً ، أما الإنسان فأولاً هو المخلوق الأول ، كل كلمة تعني شيء ، المخلوق الأول رتبة ، الدليل :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾
هذه في عالم الأزل ، في عالم الأزل قبل عالم الصور ، الكون كله كان نفوساً ، ليس لها صورة ، فلما جاءت الدنيا صارت هذه النفس صورتها حصاناً ، هذه النفس شجرة ، و هذه النفس نبات ، وهذه النفس حيوان ، وهذه النفس إنسان ، في عالم الذر ، أو عالم التكليف لما الله قال :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
الإنسان قبل حمل الأمانة ، فلما قبل حمل الأمانة :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾
تسخير تعريف وتكريم ، موقف الإنسان من تسخير التعريف أن يؤمن ، وموقف الإنسان من تسخير التكريم أن يشكر ، فإذا آمن وشكر حقق الهدف من وجوده ، وعندئذٍ تتوقف كل المعالجات الإلهية ، الدليل :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
هذا الإنسان الذي قبل حمل الأمانة في عالم الأزل ، وجاء الله به إلى الدنيا ، لأن الأمانة أن تملك نفسك ، كل واحد منكم مالك نفسه ، والدليل بإمكانه أن يأتي إلى المسجد ، أو أن يعود من الملهى ، بإمكانه أن يكذب ، أو أن يصدق ، بإمكانه أن يتزوج ، أو أن يزني ، أنت مخير ولولا التخيير لا يوجد جنة ، ولا نار ، ولا دين ، ولا مسؤولية ، ولا ثواب ، ولا عقاب ، كل شيء يلغى لو أن الله أجبرنا على طاعته ، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب ، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب ، ولو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة ، إن الله أمر عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يعصَ مغلوباً ، ولم يطع مكرهاً ، هذا الإنسان المخلوق الأول الذي قبل في عالم الأزل حمل الأمانة فلما قبل حملها أصبح المخلوق الأول :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾
أنواع النفس الإنسانيّة :
هذا الإنسان مؤلف من أشياء ثلاثة ، مؤلف من نفس ، ذاته ، أي أنت فلان الفلاني نفس ، النفس هي المؤمنة ، وهي الكافرة ، وهي المتقية ، وهي الفاجرة ، وهي المتصلة ، وهي المقطوعة ، وهي النفس الكريمة ، نفسه كريمة ، بخيل نفسه شحيحة ، غليظ نفسه غليظة ، رحيم نفسه رحيمة ، هي ذات الإنسان وقد خاطبها الله عز وجل بقوله تعالى :
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾
يا أيتها النفس ، وسماها بذات الصدور .
﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾
فالنفس هي أنت ، هذه النفس تذوق الموت ولا تموت .
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾
ما هو الموت ؟ انفصال الجسد عن النفس ، وتوقف الروح ، الروح قوة المحركة ، كهرباء الآن أنت ميت ، مات ، قبل أن يموت كان على ميزان ، لما مات ما نقص واحد بالمليار ما الذي فقده ؟ فقد الروح ، أي هذا الراديو حجمه كبير ، وله شكل جميل ، وله مأخذ كهربائي ، أنت سحبت المأخذ بقي البلاستيك ، كان راديو ، كان تلفازاً لما سحبت المأخذ أصبح قطعة من البلاستيك ، فأنت ترى بالروح ، تسمع بالروح ، تمشي بالروح ، تفكر بالروح ، كل نشاطك الجسدي والنفسي والعقلي بالروح ، الروح قوة الله التي تمدك ، الموت إيقاف هذه القوة .
لكن نحن عندنا موت ، وعندنا قتل ، هذا المصباح يوجد طريقتان لإلغائه ، إما بالمفتاح قطعت عنه الكهرباء ، أو تأتي بمطرقة وتكسره ، فلما كسرته ما عاد صالحاً لاستقبال الكهرباء .
فالموت إيقاف الروح بحيث أن الجسد لا يملك قوة على الاستفادة من الروح ، هذا القتل والموت الطبيعي قطع الإمداد .
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾
فالإنسان نفس ، هو السعيد ، نفسه الشقية ، نفسه العابثة ، نفسه الجاهلة ، نفسه الرحيمة ، نفسه القاسية ، كل صفات الإنسان ، يد نبي ، ويد فرعون مثل بعضهم لا يفرقون شعرة ، نفس القوة ، كعضلات ، أوردة ، شرايين ، أعصاب ، عظام ، الجسد وعاء عند الموت تخلعه ، الجسد بدلة ، ثياب تخلع عند الموت ، والروح قوة إمداد ، كهرباء ، وأنت ذاتك هي النفس .
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ﴾
هناك نفس لوامة ، هذه رائقة جداً .
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾
وهناك نفس خاطئة ، ونفس واثقة من ذاتها .
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ﴾
وهناك نفس مطمئنة .
إذاً هناك نفس لوامة ، و نفس خائفة ، و نفس كبيرة صغيرة ، والنفس يمكن أعظم شيء خلقه الله عز وجل ، هذا الإنسان هو المكرم ، المخلوق الأول ، فالبطولة أنك تبقى إلى أبد الآبدين مع نفسك .
﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾
الذي يخلقه الله لا يفنى أبداً ، أنت من نورنا ، من نور الله ، قبضة من نور ، فالذي خلق لا يفنى إما في جنة يدوم نعيمها ، أو في نار لا ينفد عذابها .
السائل :
السؤال غير مفهوم .
الابتعاد عن الغلو في الدين :
الدكتور راتب :
هذه امرأة متزوجة ، ليست محرومة الجنس ، عندها زوج ، وهذا الزوج متزوج ليس محروم الجنس ، وعندهم سبعة أولاد ، أحبت إنساناً غيره وزنت ، هذا عمل كبير جداً ، وهذه بصراحة سأقول لك : هذا الحد ردعي فقط ، لماذا ؟
لا يقام حدّ الرجم إلا بأربعة شهود ، وهذه مستحيلة ، عندما تقفل الباب لم يعد هناك رجم ، ما دام الزنا تمّ بغرفة مقفلة ، هل هناك شهود ؟ هذا الحل ردعي فقط ، لا يطبق إلا بحالات واحدة بالمئة مليون ، فاجرة تزني أمام الناس ، على قارعة الطريق ، هذه حالة ليس لها وجود إطلاقاً ، حدّ ردعي ، أو الاعتراف ، حدّ ردعي شرطة أربعة شهود يرون الميل بالمكحلة بالضبط ، وهذه مستحيلة ، نحن دائماً من الغلو في الدين أن تأخذ قضية جزئية وتكررها كثيراً ، أعداء الدين يأخذون قضية صغيرة جداً ويكبرونها ، فالتكبير أو التصغير هو الغلو في الدين ، أحياناً تصغر قضية كبيرة كالكفر تماماً ، أو تكبر قضية صغيرة كحد الرجم .
السائل :
السؤال غير مفهوم .
تعذيب النفس :
الدكتور راتب :
النفس تعذب ، لأن الله عز وجل قال :
﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾
الروح قوة الله انسحبت ، والجسم هذا ميت ، بقيت النفس تعذب ، لذلك البرزخ شاهده هذه الآية .
﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً ﴾
إنسان محكوم بالإعدام ، كلما وضع المفتاح بالزنزانة قال : جاؤوا يأخذونني ليعدموني ، يموت مليون مرة قبل أن يعدم ، كل يوم يعدم مرة .
﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾
السائل :
السؤال غير مفهوم .
انعدام الفرق بين المسلم و غير المسلم جعل الدين شكلياً :
الدكتور راتب :
أولاً : سأقول لك الآية بدقة .
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
المسلمون .
﴿ وَالَّذِينَ هَادُوا ﴾
اليهود .
﴿ وَالنَّصَارَى ﴾
المسيحيون .
﴿ وَالصَّابِئِينَ ﴾
لا ديني ، ملحد ، علماني هؤلاء عند الله سواء ، كيف ؟ محل تجاري مكتوب أجواخ ، لا يوجد أي نوع من الأخواج ، الرفوف فارغة ، والمحل الثاني حرير ، والثالث نوفوتيه ، اللافتات كبيرة ، ومضيئة ، وملونة ، لكن البضاعة غير متوفرة ، هذا وضع الأديان الآن ، لا تجد فرقاً جوهرياً بين مسلم وغير مسلم ، المسلم ماله بالبنك وأيام السبت والأحد يسبح بالمسبح مع امرأته ، مثلاً ، فإذا ما وجدت فرقاً بين المسلم وغير المسلم الدين صار شكلياً لا يقدم ولا يؤخر ، عندما تجد تشابهاً بين المسلم وغير المسلم انتهى الدين .
هناك نقطة دقيقة جداً : أنت قد يكون عندك قطعة ذهب عيار أربعة وعشرين ، هذا أغلى شيء ، هناك واحد وعشرون ، و أربعة عشر ، و ستة عشر ، و أحد عشر ، هذا الذهب ، الفرق بين هذه الأنواع فرق بالدرجة ، أما الفرق بين قطعة الذهب وقطعة التنك فالفرق بينهما بالطبيعة ، الفرق بين المؤمن وغير المؤمن فرق بالطبيعة و ليس بالدرجة ، المؤمن إنسان آخر ، يراقب الله ، عنده عدل ، عنده إنصاف ، عنده رحمة ، عنده رؤية بعيدة ، عنده حكمة ، فالفرق بين المؤمن وغير المؤمن بالطبيعة .
مرة ثانية سؤالك ؟
السائل :
السؤال غير مفهوم .
الكفر بالأنبياء السابقين كفر بالله عز وجل :
الدكتور راتب :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾
المسلمون .
﴿ وَالَّذِينَ هَادُوا ﴾
اليهود.
﴿ وَالنَّصَارَى ﴾
المسيحيون .
هؤلاء جميعاً من دون التزام سواء ، أي انتماء شكلي ، هؤلاء جميعاً من آمن من هؤلاء بالله إيماناً يحمله على طاعته ، وآمن باليوم الآخر إيماناً يمنعه أن يؤذي مخلوقاً ، هؤلاء بهاتين الصفتين :
﴿ وفَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
لكن كل دين يأتي ينسخ الدين السابق ، مرة كنت بالسودان ، و كنت راكباً ومعي شخص نصراني لكنه ذكي بشكل غير معقول ، تكلم عن القرآن ، تكلم عن السنة ، تكلم عن الإسلام، تكلم عن عظمته ، قلت له : أنت وضعك مثل ملك عنده وزارة ، شكّل وزارة ، وهناك وزير نقل بهذه الوزارة ، الملك بعد فترة طويلة غيّر الوزارة وشكّل وزارة جديدة ، فمدير البريد قال : أنا علاقتي مع الوزير الأول أما الثاني فلا أقبله ، فأنت بهذا الكلام عندما لم تقبل التعامل مع الوزير الجديد أنت عصيت الملك ، لأن هذا الملك إرادته بوزارة جديدة ، الآن بأي بلد هناك ملك وهناك وزارة وهناك دائرة بريد ، هذه الدائرة متعلقة بوزارة النقل ، الملك غيّر الوزارة قال : لا ، أنا علاقتي مع الأول هذا لا أتعامل معه .
فالإنسان عندما يكفر بنبي جديد ، انتسخت رسالته السابقة ، هذا كفر بالله عز وجل فلذلك عندما يبعث الله نبياً جديداً رسالته تنسخ رسائل سابقة .
السائل :
السؤال غير مفهوم .
الصبر على الآخرين قدر المستطاع :
الدكتور راتب :
هذا عندما تزوج هذه المرأة السافرة ، الغير الملتزمة ، لا تصلي ، كيف تزوجها ؟ بمرحلة ما قبلها زوجة
إذاً يجب أن يصبر عليها ، مثلما هداه الله وصبر عليه ، لو فرضاً اتفق معها على الحجاب ، والصلاة ، بعد العرس لم تتحجب ، ولم تصلي ، يطلقها ، هناك اتفاق مسبق لأنه يوجد شرط ، إذا لم يكن هناك شرط ، إنسان اختار زوجة سافرة متفلتة ، هو مثلها لكن بعد ذلك هداه الله ، مثلما هداك الله وصبر عليك اعمل لها مرحلة ، أنا أقول مثلاً سنة تقنعها ، أنا أعرف شخصاً زوجته لا تضع الحجاب ، و رفضت ذلك بشكل قاطع ، هو التزم بجامع ، وصار ورعاً ، تفوق تفوقاً كبيراً جداً ، هو من أحد أخواني ، قالت له : أنا لن أتحجب طلقني إن أردت ، قلت له : لا تطلقها لكن عاملها بالإحسان ، أقسم بالله بعد تسعة أشهر ، أنا أعطيته أمراً لا تطلقها ، أنت هكذا أخذتها ، كنت راضياً بها بهذا الشكل ، أنت اهتديت هي لم تهتدي بعد ، اصبر عليها ، فاجأته بيوم من الأيام عندهم زيارة لصديق و إذ بها تضع منديلاً .
بالإحسان ، بالقهر ، أنا أرى الطريق مسدوداً بين الزوجين ، أما أنت فاخترت هكذا ، لكن الآن يجب أن تصبر عليها كما صبر الله عليك ، والله أعلم .
السائل :
السؤال غير مفهوم .
الكون أكبر معجزة :
الدكتور راتب :
هذا الكون أكبر معجزة ، لو رأيت معجزة بعينك ، سيدنا موسى ضرب البحر ، أصبح طريقاً يبساً ، فلما رأوا صنماً :
﴿ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾
أنا رأيي الشخصي أن الكون العظيم الذي هو أكبر معجزة ، إذا ما آمنت به لن تؤمن بخرق نواميسه ، إن لن تؤمن بأصله لن تؤمن بخرق نواميسه ، فالمعجزة إقامة الحجة على البشر وكل المعجزات السابقة ما استفادوا منها ، أما من فكر بالكون ورأى عظمة الله فهذا المستفيد .
السائل :
حق الجار على الجار .
حق الجار على الجار :
الدكتور راتب :
كم جار جنبك ؟ يوجد أربعون بيتاً على اليمين ، وأربعون بيتاً على اليسار ، وأربعون من الشمال ، و أربعون من الجنوب ، وأربعون لفوق
البناية مئة طابق ، باليابان أربعون لتحت ، ست جهات ، الجار له ثلاثة حقوق ، الجار القريب نسباً له حق الجوار ، وحق القرابة ، وحق الإسلام ، إذا جار غير مسلم له حق الجوار ، جار غير قريب له حق الجوار ، حقوق الجار في الإسلام مذهلة ، أن تنصحه ، أن تعطيه إذا افتقر ، أن تقرضه .
(( أتدرون ما حق الجار ؟ إذا استعان بك أعنته ، وإن استنصرك نصرته ، وإن مرضت عدته ، وإن مات شيعته ، وإن أصابه فرح هنأته ، وإن أصابته مصيبة عزيته ، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الرياح إلا بإذنه - الثالثة لن تصدقوها - وإذا اشتريت فاكهة فأهدِ له منها ، فإن لم تفعل فأدخلها سراً ، ولَا يَخْرُجُ بِهَا وَلَدُك لِيَغِيظَ بِهَا وَلَدَهُ))
الآن بالمدرسة يعطيه دينارين ، والغير يعطون أولادهم عشرين فلساً ، ثلاثين فلساً ، اشترى هو طعاماً بمئة فلس مثلاً ، الموضوع موضوع إفساد ، أنا إيماني بقدر ما كنت غنياً تعطي ابنك مبلغاً على مستوى الأسرة الوسط ، بالبيت أطعمه أغلى طعام ، أفخر شيء بالبيت ، أما تدعه يشتري طعاماً بعشرة أضعاف رفاقه فهذا إفساد .
(( ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الرياح ، وإذا اشتريت فاكهة ))
أنا أعرف السلف الصالح يغطي السلة لأن هناك أشخاصاً لا يملكون النقود لشراء ما يريدون :
(( وإذا اشتريت فاكهة فأهدِ له منها ، فإن لم تفعل فأدخلها سراً ، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده ))
الآن :
(( ولا تؤذه بقتار قدرك ))
يوم الجمعة أردت أن تشوي لحماً ، فعليك أن تفعل هذا في المطبخ كي لا تنتشر الرائحة لكل مكان :
(( ولا تؤذه بقتار قدرك ، إلا أن تغرف له منها ))
هذه حقوق الجار .
(( إن استعان بك أعنته ، وإن استنصرك نصرته ، وإن مرضت عدته ، وإن افتقر أقرضته ، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الرياح إلا بإذنه ، وإذا اشتريت فاكهة فأهدِ له منها ، فإن لم تفعل فأدخلها سراً ))
نحن أثقلنا عليكم في ثمان وثلاثين دقيقة .