- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (034)سورة سبأ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس التاسع من سورة سبأ، ومع الآية الأربعين التي تبدأ بقوله تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ(40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ(41)﴾
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ
1 ـ إياكِ أعني واسمعي يا جارة:
أيها الإخوة الأكارم، هذه الآية فيها توجيهٌ تربوي، ويعبر عن هذه القاعدة التربوية بكلمة: إياكِ أعني واسمعي يا جارة.
﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ(116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(117)﴾
يا ترى من المقصود، سيدنا عيسى؟ إطلاقاً، المقصود هؤلاء الذين قالوا: هو إله، هو ابن الله، فهذا أسلوبٌ لطيفٌ من أساليب التقريع، إذا أردت أن تُقَرِّعَ إنساناً، أن توبِّخَهُ، أن تضعه أمام خطئه الشنيع، أن تظهر فِعْلَتَهُ السيَّئة، فاتركه واسأل آخر، وليسمع من الآخرين حجم فعلته، الله سبحانه وتعالى يقول:
2 ـ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا
هؤلاء الوثنيون، هؤلاء الذين عبدوا الأوثان، وقالوا: هذه الأوثان نحن صنعناها على شكل ملائكة كي نتقرب بها إلى الله عزَّ وجل، هذه دعوة باطلة، نحن نحتنا هذه الأصنام كي تذكِّرنا بملائكةٍ مقربةٍ طاهرةٍ نعبدها كي نتقرب إلى الله زلفى، فربنا عزَّ وجل جمعهم يوم القيامة..
3 ـ ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ
قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ
1 ـ معنى التسبيح:
ومعنى سبحانك أي أنت مُنزَّهٌ عن ذلك، وقد يضاف إلى التنزيه معنى التمجيد، إذا قلت:
﴿
أي نزّهه عن كل نقصٍ ووصفه بكل كمالٍ، هو التنزيه يقتضي التمجيد، ولكن التمجيد من باب التأكيد، فالتسبيح بمعنى التنزيه والتمجيد، أي أنت يا ربِّ مُنزَّهٌ عن كل نقص، وأنت أهل لكل كمال، فسبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، سبحانك: أي ما أعظم شأنك، ما أبعدك عن هذه الأقاويل، ما أبعدك عن هذه الوثنيَّات.
2 ـ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ
لماذا؟ لأن الكفار يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله.
﴿
فالمؤمن وليُّه الله، يهتدي بهدى الله، ويسترشد بإرشاده، ويقتدي بنبيه، ويطبِّق أمره، ويقيم منهجه.
3 ـ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ
(( من سحر فقد أشرك. ))
وحينما يتعاون الإنس مع الجن يزداد رَهَقَاً وشقاءً.
﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ
كما قال الله عزَّ وجل،
﴿
فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا
سؤال: في الدنيا هل يملك بعضنا لبعضٍ نفعاً أو ضراً؟ كيف يقول الله عزَّ وجل: فاليوم؟
1 ـ في الدنيا في الظاهر هناك أشخاص ينفعون ويضرون:
جواب هذا السؤال: الناس في الدنيا في عمى، ماذا يرون، يرون أشخاصاً أقوياء، بيدهم أمور البشر، الناس وهم في عمى، وهم في غفلة، وهم في بعدٍ عن حقيقة الإيمان، يرون بعضهم بعضاً؛ فلان بإمكانه أن يفعل كذا وكذا، وفلان بإمكانه أن يوقع ضراً بفلان، وفلان بإمكانه أن يعطي فلاناً، حينما ترى الأشخاص مصدر العطاء والمنع، والنفع والضر، فهذا أكبر أنواع الشرك، فلذلك نحن في الدنيا قد نرى أشخاصاً أقوياء، وبسببٍ من غفلتنا، ومن ضعف يقيننا، ومن ضعف إيماننا، قد نعزو لهم المنع والعطاء أو النفع والضر، ولكن في الحقيقة لو تأمَّلت مَليّاً، ولو تحققت جِديّاً، ولو كشف الله لك الغطاء، ولو استنرت بنور الله لما رأيت إلا الله في الدنيا، ولكن في الآخرة هذا يبدو للناس جميعاً.
ففي الدنيا للمؤمن يبدو أن الله بيده كل شيء، وأنه لا أحد معه، لكن أهل الدنيا يرون العكس، يرون أن أمورهم بيد بعضهم بعضاً، وأن أي إنسانٍ قوي بيده النفع والضر، والخير والشر، والعطاء والمَنع، هذه رؤية أهل الكفر، هذه رؤية أهل البُعد، هذه رؤية أهل الغفلة، هذه رؤية أهل الضلال، لكن المؤمن في الدنيا لا يرى إلا الله، ولا يرى مانع، ولا معطي، ولا قابض، ولا باسط، ولا مُعِزّ، ولا مُذِلّ إلا الله، لكن يوم القيامة هذه رؤيةٌ عامَّة، كل الخلائق يرى أن أحداً ليس بإمكانه أن يعطي أحداً، ولا أن يمنع أحداً، ولا أن ينفع أحداً، ولا أن يضر أحداً.
2 ـ كل شيء يشير إلى الله:
إذاً: في الدنيا هناك رؤيةٌ صحيحة يملكها المؤمنون، ورؤيةٌ مغلوطةٌ ضبابيةٌ معتمة يقع بها الضالون، لكن في الآخرة هذه رؤيةٌ عامة، يؤكد هذا آيةٌ أخرى، يقول الله عزَّ وجل في كتابه الكريم متحدثاً عن يوم القيامة:
﴿ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
وقد يسأل سائل: ما دامت قد صارت إلى الله فبيد من كانت قبل ذلك؟ الجواب: أن أهل الغفلة والإعراض والكفر والضلال يرون الأمور بيد زيد أو عُبيد أو فلان أو علان في الدنيا، فإذا انتقلوا إلى الدار الآخرة، دار اليقين ودار الحق، يرون الأمور على حقيقتها، يرون أن الأمور كلها بيد الله، إذاً: هذا لا من حيث الفعل من حيث الرؤية، الأمور كلها بيد الله في الدنيا والآخرة، والأمور كلها تصير إلى الله في الدنيا وفي الآخرة، ولكن أهل البُعد والضلال والعمى يرون الأمر معكوساً في الدنيا، لهذا ورد أن الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا، لهذا ورد في القرآن الكريم قوله تعالى:
﴿ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا
لهذا فرعون الذي قال:
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى(24)﴾
حينما أدركه الغرق قال:
﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ
3 ـ خيار الإيمان خيار وقتٍ:
لهذا يا أيها الإخوة الأكارم، أقول لكم: الإيمان لابدَّ من أن يحصل، لأكفر كفار الأرض، للملحدين، للعتاة، للمجرمين، للمنغمسين في شهواتهم، للمنغمسين في أعمالٍ قذرةٍ، للمعرضين، لابدَّ من أن يقع الإيمان، ولكن يقع بعد فوات الأوان، يقع ولا يستفيدون منه إطلاقاً، فالدعوة لا إلى أن تؤمن، لابدَّ من أن تؤمن، الدعوة إلى أن تؤمن في الوقت المناسب، إلى أن تؤمن وأنت حي، إلى أن تؤمن وأنت شاب، إلى أنت تؤمن وأنت صحيح، إلى أن تؤمن وأنت قوي، إلى أن تؤمن وأنت غني، إلى أن تؤمن وأنت فارغ من الأشغال، ذو صحةٍ، وفراغٍ، وشبابٍ، ومالٍ، وقوةٍ، الآن آمن.
إنك إن آمنت الآن قطفت ثمار الإيمان في الدنيا والآخرة، إنك إن آمنت الآن شَكَّلْتَ حياتك وفق قواعد الإيمان، اخترت زوجتك بمقياس أهل الإيمان، اخترت حِرفتك بمقياس أهل الإيمان، ربَّيْتَ أولادك وفق المنهج الإلهي؛ أما إذا تأخرت في الإيمان حتى شابَ المشيب، وحتى انحنى الظهر، وحتى ضعف البصر، عندئذٍ أنت آمنت، ولكن بين أناسٍ ليسوا مؤمنين، بين أقرب الناس إليك، أنت في وادٍ وهي في واد، أنت في وادٍ وأولادك في واد، لهذا الإيمان جيِّد، والأجود منه أن تؤمن في الوقت المناسب، وأن تؤمن مبكراً من أجل أن تشكِّل حياتك تشكيلاً إسلامياً.
فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ
1 ـ أشدّ أنواع الظلم ظلمُ النفسِ:
ظلموا مَنْ؟ ظلموا أنفسهم، فأشد أنواع الظلم أن تظلم نفسك، هذه نفسك التي بين جنبيك رأسُ مالك، هي ذاتك، هي المُخاطَبة، هي المُعاتَبة، هي التي تؤمن، هي التي تكفر، هي الخالدة تذوق الموت ولا تموت، هي التي تُعذَّب إلى أبد الآبدين، هي التي تنعم إلى أبد الآبدين، هي العاقلة، هي المدركة، هذه النفس إذا خسرتها خسرت كل شيء، قد تخسر كل شيءٍ وتربحها، فأنت الرابح الأكبر، وقد تربح كل شيءٍ وتخسرها، أنت الخاسر الأكبر، هذا الذي حَصَّلَ أموالاً طائلة وخسر نفسه، أبقاها جاهلة، أبقاها عاصية، أبقاها غارقة في المعاصي والآثام، أبقاها مشركة، أبقاها كافرة، أبقاها فاسقة، إذا جاءه الموت ماذا تنفعه أمواله الطائلة، ومكانته العَلِيَّة، وأملاكه التي لا تنتهي؟ فقد تربح كل شيءٍ ـ دققوا في هذه الكلمة ـ وتخسر نفسك التي بين جنبيك، أنت أكبر الخاسرين، بل أنت أخسر الخاسرين، وقد تخسر كل شيء وتربح نفسك، سحرة فرعون ماذا خسروا؟ خسروا كل شيء، خسروا حياتهم:
﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(72)﴾
كل رأس مالهم، لكنهم ربحوا أنفسهم الخالدة بعد الموت. فهذه نقطة دقيقة جداً، فأكبر خسارة أن تخسر نفسك، أن تبقيها جاهلة، أن تبقيها فاسقة، أن تبقيها مشركة، منحطة، ملكت كل شيء وخسرت نفسك ما ملكت شيئاً، خسرت كل شيء وربحت نفسك ما خسرت شيئاً.
2 ـ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ
يجب إقامة القرآن في النفس والبيت والعمل:
هذا الكتاب يجب أن تقيمه في بيتك، في دكانك، في مكتبك، في عيادتك، في أي مكان يجب أن يُقام، إذاً أشد أنواع الخسارة أن تخسر نفسك، في آيات أخرى جاءت بشكل واضح:
﴿
يوم القيامة.
3 ـ النهاية إلى الموت:
لا تبتعدوا كثيراً، أحياناً يكون مع الإنسان أموال طائلة، فيصاب بمرض عضال، يتحسَّر على هذا المال لماذا جمعه؟ أحياناً حينما تعتل الصحة يصبح المال تافهاً لا قيمة له، فكيف إذا أدرك الإنسان في بعض الساعات أن المصير الأبدي هو جهنم؟ فكل ما حصَّله في الدنيا خسارةٌ في خسارة، لهذا قال تعالى:
﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بالأَخْسَرِينَ أَعْمالا(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا(104)﴾
"وكفى بالموت واعظاً يا عمر" فهناك واعظان ناطق وصامت؛ الناطق هو القرآن، والصامت هو الموت، لهذا ورد أن في معالجة جسدٍ خاوٍ لموعظة، ماذا يقول الناطق؟ يقول:
﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ(205)﴾
إلهٌ يقول هذا الكلام:
﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ(205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ(206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ(207)﴾
هناك شخص من أهل الفن اعتنى بصحته عنايةً تفوق حد الخيال، الرياضة، والطعام النفيس، والمُقنَّن والمدروس من قبل خبراء في التغذية، والعشاء فواكه، والحركة الرياضية، وعاش عمراً طويلاً، ولكنه في النهاية مات
إذاً:
4 ـ الغنى والفقر بعد العرض على الله:
فلذلك ورد أن الإنسان إذا مات ورأى مكانه في النار يقول: لم أر خيراً قط في حياتي، ينسى كل المُتَع، وكل اللذات، وكل الشهوات، وحينما يَطَّلِعُ المؤمن على مقامه في الجنة، يقول: لم أر شراً قط، لهذا قال سيدنا علي: "يا بني ما خيرٌ بعده النار بخير، وما شرٌ بعده الجنة بشر، وكل نعيمٍ دون الجنة محقور، وكل بلاءٍ دون النار عافية".
إذا أكرمك الله عزَّ وجل بالإيمان والاستقامة والعمل الصالح فأنت الغني، لهذا قال سيدنا علي: "الغنى والفقر بعد العرض على الله"، عندما يأتي الموت، ثلاثون، أربعون، خمسون سنة أمضيتها في معرفة الله، وفي ضبط جوارحك، وفي التهجُّد، وفي تلاوة القرآن، وفي فهم كلام الله، وفي خدمة الخَلق، وفي الإحسان إليهم، وفي الدلالة على الله عزَّ وجل، يأتيك ملَك الموت تشعر أنه أقرب الناس إليك، يأتي بأحب الناس إليك.
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا
ربنا عزَّ وجل يُقْرِئك السلام، ويقول لك:
﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ
﴿ وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ(158)﴾
أما الذي غاص في الدنيا إلى قمة رأسه، ثم جاء يوم القيامة، يقال له كما ورد في القرآن:
﴿ قَالُوا بَلْ أَنتُمْ
﴿
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ
1 ـ بدعة التقاليد السيئة:
التعلق بالتقاليد، أين العقل؟ إلى الآن يقول لك: هكذا ربينا، أنت تربيت بطريقة خاطئة، أهلك ربوك تربية خاطئة، ربينا على الاختلاط، ربينا على سماع الغناء، ربينا عل غيبة الناس، هذا شيء متأصل فيّ، هكذا تربيت ، يقول لك: هذه بيئة، ما هذه البيئة؟ هل البيئة إلهٌ تعبدها من دون الله؟ تقاليد، شيء ورثناه، البيئة، والتقاليد، والعادات، والمظاهر الاجتماعية، هذه إذا تعارضت مع الشرع يجب أن تكون تحت قدمِك، الشاب يجلس مع زوجته أمام مئة امرأة كاسية عارية وهو مسلم، وزوجته مسلمة، وهم محافظون، فما تعني كلمة محافظين؟ عنده خلفية دينية، ما هذه الخلفية الدينية؟ ديِّن أو غير دَيِّن، لا توجد خلفية دينية، ديّن معناه مستقيم، عاصٍ معناه غير ديِّن، فلذلك هذه التقاليد والعادات، وما نشأنا عليه، وما كان يفعل الآباء، هذه إذا تعارضت مع الشرع، ينبغي أن ينبذها الإنسان.
2 ـ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ
3 ـ الكفر بالقرآن لا يلغي قوانينه:
قلت لكم سابقاً: إذا قلت للقرآن: هذا كلام مُفتَرى، يبقى القرآن قرآناً، وهو كلام الله عزَّ وجل، وأنت وحدك الخاسر.
مرة ضربت مثلاً: أنت تركب طيارة، ويجب أن تسقط من الطيارة، وعندك مظلة مصممة وفق قوانين السقوط، فإذا احتقرت هذه القوانين، ولم تعبأ بها، وسخرت منها، وضحكت منها، قلت: هذه القوانين خرافات، حاول أن تنزل بلا مظلة، لكن القوانين مطبقة عليك، احتقارك لهذه القوانين، وسخريتك منها، واستهزاؤك بها لا يعطّلها، ولا يلغيها، هي تعمل، أترى قانون السقوط بالمظلة مدروسة دراسة جيدة، هي من قماش كتيم، ومساحة القماش تكفي لهبوط إنسان وزنه سبعون كيلو غراماً ببطء، فالمظلة مدروسة دراسة وفق أدق قوانين السقوط، فإذا احتقرت قانون السقوط، وسخرت منه، ورفضته، وكفرت به ليس معناه أنك ألغيته، معناه ألغيت وجودك، فلو هبطت من هذه الطائرة من دون مظلة لدُقَّت عنقك، أليس كذلك؟
النقطة التي أحب أن أقولها لكم هي: إذا لم تصدق شيئاً، أو كفرت به، أو سخرت منه، ليس معناها أنك ألغيته، قائم، قائم، هو مطبقٌ عليك، فأنت الخاسر الوحيد، وأوضح مثل الذي يكفر بقوانين السقوط، والذي يسخر منها، والذي يستهزئ بها، والذي يحتقرها، فإذا سقط، نزل من الطائرة من دون مظلة احتقاراً لهذا القانون وهذه المعطيات، إنه بهذا الكفر والسخرية لا يلغي القانون؛ بل إن القانون مُنفَّذٌ ونافذٌ، وسوف يدقّ عنقه.
عندما تسخر من قضية شرعية، هكذا الدين قال؟ نعم هكذا قال الدين، معقول من دون فائدة؟ إذا سخرت من قوانين ربنا الاقتصادية، وسخرت من أساليب القرآن في التعامل مع الناس، سخرت من القوانين الاجتماعية ولم تعبأ بها، وقلت: هذه لا تصلح لهذه الأيام، لكن هي مطبَّقة.
أنا أسوق لكم هذه القصة لأنها شاهد واضح، مرة رجل شكا لي قضيةً، وانهمرت دموعه فجأةً، قلت: لِمَ تبكي يا أخي؟ قال: زوجتي تخونني، قلت: أعوذ بالله، قال: والله من سنتين، وأنا لا أدري الآن كشفتها، قلت: مع مَنْ؟ قال: مع الجار ـ شيء جميل ـ فكيف عرفته؟ قال: والله حينما زارنا قلت لها: يا أم فلان تعالي اجلسي معنا هو كأخيكِ، قوانين الدين لم يصدقها، عدم الاختلاط، طُبِّقت عليه ودفع هو الثمن، هذا مثل صارخ إذا لم تطبق أمر الله:
﴿
هذا قانون، فإذا لم تأبه له لأنه غير معقول، وتقول: ربينا سويا، نشأنا معاً، ولو لم تأبه لهذا القانون إلا أنه مُطبَّقٌ عليك، فالثمن باهظ، فكل إنسان يطبق شرع الله عزَّ وجل في حصنٍ حصين، دخل في حصن، لأن هذه تعليمات الصانع، الذي صمم الذكر والأنثى أمر بذلك..
(( لا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا ))
4 ـ الإنسان آلة معقدة يجب اتباع تعليمات خالقه:
الذي صمم الإنسان وأودع فيه هذه الشهوات هذا قانونه، وهذه تعليمات الصانع.
إذا كان لك آلة غالية، كمبيوتر مثلاً، لماذا أول شيءٍ تفعله أن تأخذ كتاب الشركة وتترجمه؟ هل تسأل جارك الخبَّاز عن طريقة استعماله؟ هل تسأل جارك القصَّاب؟ هل تسأل صديقك المعلم؟ لا، كل هؤلاء لا يعرفون؛ جهة واحدةٌ تعرف أسرار هذا الكمبيوتر هي الجهة الصانعة، لذلك أول شيءٍ تبحث عن التعليمات، تعليمات التشغيل والصيانة، والتحذيرات والتنبيهات، وأنت آلة، بل أعقد آلة، أليس لك تعليمات من الصانع؟ إنه القرآن الكريم، فالقضية أن تحب نفسك ليس غير، أن تحب ذاتك، أنت غالٍ، أنت المخلوق الأول، أنت مُعَد لحياة أبدية، هذه الحياة دنيا، سمَّاها الله دنيا، فإذا اعتنيت بنفسك، وبحثت عن تعليمات الصانع وقدستها، وأكبرتها وبجَّلتها، ونفّذتها بحذافيرها فأنت الرابح الأكبر.
﴿
﴿ وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ(44)﴾
وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ
فلا توجد تجارب سابقة أن هناك أناس ادّعوا وكذبوا، فالرسول معه دليل، ومعه إعجاز، ومعه وحي، والنبي معروف بينهم، يعرفون نسبه، وأمانته، وصدقه، وعدالته، وعفافه، والقرآن فيه إعجاز تحدَّاهم الله عزَّ وجل.
﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ(45)﴾
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
وهذا أيضاً أسلوب تربوي آخر، أن فلاناً أوتي أكثر مما أوتيت، فلما كذَّب دمره الله عزَّ وجل فانتبه أنت.
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ
﴿
وقبل سنوات أعتقد أخذوه إلى فرنسا ليرمموا بعض التعفنات، واستقبلوه بالمطار استقبال الأباطرة، ووقف ثلة من الحرس وحيوه، وهو قبل ستة آلاف عام هو هو، هذا التحنيط.
والأنباط بالأردن، مدينة بأكملها محفورة بالصخر، الحمامات، والقصور، والبيوت، وقاعات المحاكمات، كلها اذهب وانظر، هذه الآثار سمح الله أن تبقى لا من أجل أن نرتزق منها، من أجل أن نعتبر بها.
التدمريون، آثار تدمر شاهدة، أقوامٌ عريقون في الحضارة عصوا ربهم فدمَّرهم الله عزَّ وجل.
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ(46)﴾
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ
1 ـ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ
ففي الحقيقة قبل يومين ضربت لهذه الآية مثلاً: طُرِقَ بابك، جاءك ساعي البريد برسالة، بالله عليكم قبل أن تفتحها، وقبل أن تقرأها، وقبل أن ترى فحواها، وقبل أن تطّلع عليها، أمسكتها وألقيتها في سلة المُهملات، يقال: أين عقلك؟ اقرأها، اقرأ ما فيها، قبل أن تهملها اقرأها، فإذا وجدت فيها سُخفاً أهملها، أما قبل أن تقرأها تهملها!
سؤال: هذا القرآن الذي بين أيدينا كلام خالقنا، لكن قبل أن تدخل في متاهات الخلافيَّات مع الناس، قبل أن تدخل في الخلافيات والمماحكات، قبل كل شيء يجب أن تعكف عليه حتى تفهمه، دعوة الله للناس، رسالة السماء لأهل الأرض:
2 ـ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى
التفكر في دعوة النبي عليه الصلاة والسلام:
3 ـ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ
قلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(47)﴾
1 ـ علامة إخلاص الداعي أنه لا يبتغي أجرا من دعوته:
وهذه علامة الصادقين المُخلصين، لا يبتغي منك أجراً؛ لا مادياً ولا معنوياً، ولا مديحاً ولا ثناء، ولا تقريظاً، ولا إطلاقاً، يبتغي عند الله الأجر، يبتغي عند الله الرزق..
﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا(9)﴾
2 ـ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مســؤول
تعال يا عبدي، تعال كي أحط عنك هموماً أثقلت صدرك، الإنسان مع المعاصي نومه شقاء، هموم وكوابيس في الليل، وقلق وحيرة، وضجر وخوف؛ فإذا اصطلحت مع الله عزَّ وجل، إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله.
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنـا فإنا منحنا بالرضا من أحبنـــا
ولذ بحمانا واحتمِ بجـنابـنــــــــــا لنحميك مما فيه أشرار خلقنــا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغـلٌ واخلص لنا تلق المسرة والهنا
إذا ذاق أحدنا طعم القرب، طعم التوبة، طعم الإنابة إلى الله عزَّ وجل، طعم الصُلح مع الله، طعم الاستقامة، طعم الالتجاء إلى الله، طعم الاستعاذة بالله، طعم أن تشعر أن خالق الكون معك، وإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟
﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ(48)﴾
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
رسالات، دعوات، الأنواء الفلكية كأنها تنطق بعظمة الله، الله عزَّ وجل ترك الناس حتى وقعوا في اليأس، جفاف، أمطار شحيحة، نسب أمطار قليلة، الينابيع جفَّت، الأنهار جفت، الأشجار يبست، صار كأس الماء ثميناً جداً، مزارع أصبحت تالفة، جاء العلماء فلسفوها: تَصَحُّر، انتقال خطوط المطر، حركات معقدة للأرض نقلتها من برجٍ إلى برج، هذا الذي عند الناس اليأس والقنوط.
والله قبل سنة التقيت مع أخ، هو قريب، عضو بلجنة أحواض دمشق، والله لشدة ما أشاع من اليأس لم أكد أقف على قدمي، نحن انتهينا نهائياً، نحن في طريق الجفاف، في طريق التصحُّر، انظر إلى الأنواء الإلهية فاجأت الناس.
﴿
آخر رقم رأيته البارحة ثلاثمائة وستة عشر مليمتراً في دمشق، مقابل مائة وستين في السنوات المطيرة، مقابل ثمانين، خمسة وستين في السنوات غير المطيرة، ثلاثمائة وستة عشر، هذا عطاؤنا، الله عزَّ وجل وجوده صارخ، يريك من آياته، في الفضاء الخارجي، يقول لك: هذا شالنجر، هذا المتحدي، كل ما فيه دقيق جداً، سبعين ثانية أصبح شالنجر كتلة من اللهب مع سبع رواد فضاء، هذا التحدي، من تتحدون؟ الإيمان جميل جداً، تحس براحة، خالق الكون يعلم كل شيء، بيده كل شيء، ربنا عزَّ وجل رحيمٌ بنا.
﴿ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ
الأمور تدور تَدور لا تستقر إلا على إكرام المؤمن وعلى إعزازه
1 ـ احذروا غضب الله وانتقامَه:
امرأة قالت لضرتها كيداً: هذا ولد على يدي، وولد في بطني، وولد ماشٍ على الأرض، تستفزها، الثلاثة ماتوا، والله عزَّ وجل أكرم ضرتها بخمسة أولاد صبيان، هذا ﴿يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾ فلما يتحدى الإنسان ويبخل كأن يلعب بالميراث أحياناً، فيأخذ ميراث إخوته، أكبر إخوته، وهو قوي، والأم معه، وإخوته ضعاف صغار، تدور الأيام فيعمل عندهم موظفاً، يفتقر، ويغنى هؤلاء الضعاف، ويجعله الله عندهم موظفاً،﴿يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾، فعل الله صارخ واضح كالشمس في أفعاله، وفي كلامه، وفي خلقه.
مثلاً الإيدز، أليس هذا
فالله عزَّ وجل أفعاله مدهشة، دعك من كتاب الله مبدئياً وانظر إلى أفعاله في العالم كله، تجد كل عبرة وكل موعظة تأخذ بالألباب، درسنا كان عن سبأ، ألم أقل لكم هناك أقوام كأقوام سبأ.
﴿
ألم تسمعوا بأممٍ حولنا أذاقها الله لباس الجوع والخوف بمعاصيها وفسقها وفجورها، هذه
﴿ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ(49) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنْ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ(50)﴾
إن شاء الله هذه الآيات نأخذها في الدرس القادم.
والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطِنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهنّا، آثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضِنا وارضَ عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، أنت على كل شيء قدير.
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين.