- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (015)سورة الحجر
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
معنى المثاني في القرآن الكريم :
1 ـ القرآن كله :
أيها الإخوة المؤمنون ، مع الدرس التاسع من سورة الحجر ، وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى :
2 ـ كتب الله كلها :
وقال بعضهم : المثاني كتب الله كلها ، يؤيد هذا المعنى قوله تعالى :
﴿
إذاً المثاني هي القرآن العظيم ، ولمَ سمي القرآن العظيم مثاني ؟ أولاً : المثاني جمع مثنى ، مِن الثني والاثنين ، وهذا المصدر يشير إلى العدد ، أو إلى التكرار ، إلى العدد الاثنين أو لمطلق التكرار .
3 ـ التكرار :
ما معنى التكرار في القرآن الكريم ؟ كتاب الله سبحانه وتعالى كتاب هداية ، لذلك من أجل أن تتوضّح الحقائق ، وأن ترسخ المعاني ، وأن يتعظ الإنسان ، وأن يهتدي به ، ربما جاء المعنى الواحد في المواضع المتعددة ، وهذه صفة من صفات القرآن الكريم أن يأتي المعنى الواحد متكرراً في مواضع عدة ، قصة سيدنا موسى وردت في كتاب الله سبع عشرة مرة ، معانٍ عديدة وردت في مواضع متعددة ، فالتكرار في القرآن الكريم له هدف تربوي .
قد يقول قائل : لماذا لا نصنف آيات القرآن تصنيفاً موضوعياً ؟ فالآيات التشريعية في فصل ، وآيات القصص في فصل مثلاً ، وآيات الجنة والنار في فصل ، هذا قول سادج ، لأن القرآن ليس كتابا علمياً يحتاج إلى تبويب وإلى تقسيم وإلى تعداد أبواب وفصول ، لا ، كتاب هداية ، فهذه النفس البشرية تأتي آيات تصف لها عظائم خلق الله سبحانه وتعالى ، وآيات تقص عليها الذين عرفوا الله ، وكيف أكرمهم الله في الدنيا والآخرة ، ثم الذين أعرضوا عن الله عز وجل ، ثم طريق الإيمان إلى الله عز وجل ، فهناك حركة نفسية ، هناك تموَّج نفسي ، لا بدّ من آية كونية تُعظّم بها المولى جلّ وعلا ، ولا بدّ من قصة تجسد لك هذه القيم ، ولا بدّ من تحذير يبين لك مغبة الانحراف عن كتاب الله .
فالقرآن الكريم فيه تنويع ؛ آيات كونية ، مشاهد من يوم القيامة ، قصص وعبر ، أمثال ، تشريعات ، قوانين ، مبادئ ، فالذي يقول : ليت القرآن الكريم قد بُوّب أو جمعت موضوعاته بحسب أنواعها ، هذا كتاب هداية ، وكذلك لو قال قائل : إن هذه القصة وردت في أماكن عدة ؛ أولاً : وردت في أماكن عدة كي تفعل هذه الأماكن العدة فعلها في نفس القارئ فترسخ المعاني ، وتثبت القيم .
وثانياً : من أدراك أن هذه القصة في كل مرة وردت في كتاب الله عرضت من زاوية خاصة ؟ ولو ذهبت لتوازن بين طريقة عرض القصة في كل موضع لأخذك العجب العجيب.
فالقرآن الكريم سماه الله سبحانه وتعالى مثاني ، من التثنية أو التكرار ، والتكرار له هدف تربوي .
4 ـ الاستمرار والتجدد :
شيء آخر ؛ أيّ كتاب يُؤلّف لا بدّ من أن يندثر ، أو أن ينقطع ، أو أن يهمل ، لكن هذا الكتاب القرآن الكريم فيه صفة الاستمرار والتجدد ، ومعنى الاستمرار والتجدد مما توحي به كلمة المثاني ، أي يتكرر ، يتجدد ، كلما زدته فكراً زادك معنىً ، لا يبلى على كثرة الترداد ، كلما قرأته رأيته جديداً ، كلما قرأته عرفت منه معاني لم تكن تعرفها من قبل ، وهذه صفة ثابتة في كتاب الله سبحانه وتعالى ، آياته لا تندرس ، ولا تنقطع ، ولا تنسى ، ولا تلغى ، ولا تعطل ، كلام مستمر ، متجدد ، كلما قرأته رأيته جديداً ، أي شيء آخر اقرأه مرات عديدة تمل منه ، تسأم منه ، تضجر منه ، أيّ كتاب أعجبك لمؤلف من بني البشر اقرأه مرتين تحس أنك قد أشبعت منه ، اقرأه ثلاثاً تضجر منه ، أما كتاب الله لو تلوت آياته آناء الليل وأطراف النهار طوال حياتك لا تمل منها ، لأنه مثان ، كلما زدته قراءة زادك معنىً ، كلما أعدته انكشفت لك معانٍ لم تكن تعرفها من قبل ، إنه مستمر ، إنه متجدد ، لا ينقطع ، لا يتعطل ، لا يلغى ، لا يندرس ، لا يمحى ، لا ينسى ، لا يهمل .
5 ـ يتجدد حالاً بعد حال :
شيء آخر ؛ قال بعض العلماء : من معاني المثاني أنه يتجدد حالاً بعد حال ، كلما جدّ ظرف جديد ، مشكلة جديدة ، موضوع خاص ، رأيت آية في كتاب الله تغطي هذه الحالة ، كلما سمعت خبراً ، أو ألمت بك مُلِّمة ، أو ظهر حدث في العالم تجد في القرآن الكريم ما يغطي هذا الحدث ، إنه يغطي كل جديد .
﴿
الآن يوجد طائرات ، الآن يوجد سفن ضخمة جداً ، الآن يوجد قطارات سريعة جداً ، يوجد مركبات فخمة ، قال :
﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) ﴾
قال بعض العلماء : هذا وصف لنظام ينتظم الكون كله ، بدءاً من الذرة وانتهاء بالمجرة
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) ﴾
واكتشف العلماء أيضاً أن كل كوكب في الكون له مدار ومسار وفلك ، وهذا الفلك بيضوي أو دائري ، إذاً في حركته لا بدّ من أن يرجع إلى مكانه الأول ، وهذه صفة تنتظم الأجرام السماوية كلها ، قال تعالى :
6 ـ تكرار الألفاظ والمواعظ و القصص :
بعضهم قال : تتكرر ألفاظه ومواعظه وقصصه ، كل هذا الكلام يؤخذ من قوله تعالى :
7 ـ الانثناء :
والمعنى الآخر للمثاني : هو الثني والانثناء ، أي كل آية تنثني على أختها لتوضحها ، فالقرآن يفسر بعضه بعضاً ، يوضح بعضه بعضاً ، يدعم بعضه بعضاً ، يبين بعضه بعضاً ، هذه خاصة في كتاب الله ، مثلاً :
﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) ﴾
إذاً الحق ضد اللعب .
﴿
إذاً الحق ضد الباطل ، الباطل الشيء المؤقت ، الطارئ ، الزائل ، الزاهق ، واللعب الشيء الذي لا جدوى منه ، فآيتان فسرتا هذه الآية .
﴿
قد ينصرف ذهن القارئ إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام كأنه يتمنى ما عند أهل الدنيا ، الآية نفسها في سورة الحجر:
8 ـ الثناء :
المعنى الثالث : هو الثناء ، إما من التثنية التكرار ، أو من الانثناء اللوي والانعطاف ، أو من الثناء .
قال بعض المفسرين : أبداً يظهر منه أي من القرآن الكريم ما يدعو إلى الثناء عليه ، تقرؤه فتثني على هذا الكتاب ، وعلى من يتلوه ، وعلى من يتعلمه ، وعلى من يعلمه ، وعلى من يعمل به ، أي إن قرأته ، إن تعلمت أحكامه ، إن علّمته ، إن عملت به ، أي علاقة لك به تصبح موضع ثناء بين الناس ، أهل القرآن أهل الله عز وجل .
9 ـ الثناء على الله سبحانه وتعالى :
معنى آخر مشتق من المعنى الثالث : وهو أن في القرآن الكريم ثناء على الله سبحانه وتعالى :
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) ﴾
﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78) ﴾
مثني فيه على الله بما هو أهله من صفاته العظمى وأسمائه الحسنى ، فكلما قرأت هذه الآية :
﴿
من أوجه تفسيرات هذه الآية أي شرح الكلمات ، الكلمات محدودة في هذا الكتاب ، لكن شرح آيات الله لو أن البحر كله كان حبراً لشرح كلمات الله لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي .
إذاً : مثاني ، لا تسأمه ، يتجدد ، تأتيك معانٍ لم تكن تعرفها ، ويغطي كل جديد ، هذا أول قسم .
المعنى الثاني : أن كل آية تنثني على أختها لتوضحها ، وقد ضربت لكم بعض الأمثلة .
والمعنى الثالث : أن كل من قرأه ، أو جوده ، أو تلاه حق تلاوته ، أو علّمه للناس ، أو تعلّمه ، أو عمل به موضع ثناء من الله عز وجل ، ومن الخَلق ، أو أن الله سبحانه وتعالى أثنى به على نفسه .
تفسير السبع المثاني :
(( الْحَمْدُ لِلَّهِ - أي الفاتحة - أُمُّ الْقُرْآنِ ، وَأُمُّ الْكِتَابِ ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي . ))
النبي عليه الصلاة والسلام يشرح السبع المثاني :
وبعضهم قال: السبع المثاني ما في القرآن الكريم من أمر ونهي ، وتبشير وإنذار ، وأمثال ، ونعم وأنباء ، لكن التفسير الأول هو أوجه التفسيرات
﴿
لعطف الصفة على الموصوف
مقتضى الصفح الجميل عدم الالتفات إلى الدنيا :
وقال بعضهم :
النهي عن أن يتمنى أحدنا ما عند صاحبه :
ملخص الآية الله عز وجل ينهانا نحن من خلال خطابه لنبيه عليه الصلاة والسلام ، وهذه الطريقة فيها مغزى ، لئلا تظن أنك متهم كان هذا النهي عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم ، كيف أن السيدة عائشة رضي الله عنها تكلم الناس بحقها وهي بريئة ، لتكون مثلاً وأسوة وتطميناً وتسلية لكل امرأة تأتي بعدها يتكلم عنها بالباطل ، وهي بريئة ، كذلك أراد الله سبحانه وتعالى أن ينهانا عن أن يتمنى أحدنا ما عند صاحبه .
أي أنت أيها المؤمن بهذه الآية منهي أن تقول : ليت عندي مثل هذا البيت الذي لفلان ، ليت لي مثل هذا المحل التجاري ، ليت لي مثل هذه المركبة ، ليت لي مثل هذا البيت في المصيف ، ليت لي مثل هذا الرجل في صحته ، في طوله ، في قوته ، في شوكته ، في سمعته ، في رفعته ، نهي قاطع عن أن يتمنى أحدنا ما عند صاحبه ، هذا هو الأدب ، ليس بالإمكان أبدع مما كان ، ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني ، هذا الذي أقامك الله به هو عين الكمال بحقك ، قل هذا الكلام دائماً طمئن نفسك : ولو كنت أستحق فوق ذلك لأعطاني الله عز وجل ، ولكن الله حكيم وعادل في الوقت نفسه.
المتعة شيء طارئ زائل :
﴿ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ
الله ما سماه عطاء ، سماه متعة ، والمتعة الشيء المؤقت .
﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)﴾
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) ﴾
كلمة ( متعة ) تعني الشيء الطارئ ، الشيء السريع ، سريع الزوال ، وشيك الانقلاب ، وشيك التحول ، سريع ، سنوات معدودة .
﴿ وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ
اسأل نفسك كيف أمضيت هذه السنوات الثلاثين ؟ كيف ؟ تقول : والله ما شعرت كيف مضت ، وهذه الدنيا متاع الغرور لا يستمتع بها إلا المغرور ، إلا الساذج ، إلا المحدود ، ضيق الأفق ، الغبي يراها شيئاً ثميناً .
تناقض التمني مع الإيمان :
﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)﴾
النهي عن الحزن على الكفار إذا لم يؤمنوا أو واجهوا العذاب :
لذلك :
المعنى الثاني : ولا تحزن عليهم إذا واجهوا العذاب ، لأن عذاب الله لهم مما تقتضيه عدالته ، أي إذا قتل رجل رجلاً ظلماً وعدواناً ، وسيق إلى المحاكمة ، وحُكِم عليه بالإعدام ، وسيق إلى المشنقة هل تحزن عليه ؟ هذا مما تقتضيه العدالة ، لا تحزن عليهم إن لم يؤمنوا ، ولا تحزن عليهم إن عذبهم الله عز وجل ، فهذا العذاب مما تقتضيه عدالة الله سبحانه وتعالى .
يقول عليه الصلاة والسلام : عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه :
(( مَنْ أوتيَ القرآنَ فرأى أن أحدًا أوتيَ من الدُّنيا أفضلَ مما أُوتيَ فقد صغَّر عظيمًا وعظَّم صغيرًا . ))
أي إذا منّ الله عليك بحضور مجالس العلم ، وتعرفت إلى الله خالق السماوات والأرض ، عرفت أسماءه الحسنى ، عرفت كتابه ، عرفت القواعد الثابتة التي يعامل بها خلقه ، واستقمت على أمره ، وسعدت بقربه ، وتقول : ليس عندي بيت أسكنه ، يا سبحان الله !
عن سعد بن أبي وقاص : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( ليس مِنَّا مَنْ لمْ يَتَغَنَّ بالقرآنِ . ))
التغني من معانيه الخاصة الذي يستغني بكتاب الله عز وجل عن كل شيء سواه ، لذلك عن أنس بن مالك :
(( إنَّ القرآنَ غِنًى لَّا فقْرَ بعدَهُ ولا غِنًى دُونَهُ . ))
أي إذا وعيت القرآن لا ترى أن أحداً أسعد منك ، ولا ترى أن أحداً أوتي خيراً مما أوتيت ، ولا ترى أحداً في الدنيا أفضل منك إلا أن يكون أتقى منك ، أما تشتهي أن يكون عندك ما عند أهل الدنيا من متع ؟ من مال عريض ؟ من شوكة ؟ من سمعة ؟ من صيت ؟ لا والله ،
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)﴾
هو يقول هذا ، كلا ليس عطائي إكراماً ، ولا منعي حرماناً ، إنما عطائي ابتلاء ، وحرماني دواء ، لذلك لا ينبغي للمؤمن أن يهتم بما عند أهل الدنيا ، أن يسأله : من أين اشتريت هذه ؟ وكم ثمنها ؟ يا الله ما أجملها ! ليس هذا من أخلاق المؤمن ، أنت فوق ذلك ، هناك شيء يعنيك فوق ذلك ، لا ينبغي أن يهتم بما عند أهل الدنيا ، ولا أن يستجمل ما عندهم ، ولا أن يتمنى ما عندهم ، لأن ما عندهم ظل زائل ، وعارية مستردة ، ما دام هذا القلب يخفق فهذا البيت له ، فإذا توقف القلب عن الخفقان ليس له ، مصيرنا جميعاً إلى القبر ، والقبر نستوي فيه جميعاً ، أغنى الأغنياء يستوي في القبر مع أفقر الفقراء ، وأقوى الأقوياء مع أضعف الضعفاء ، وأصحّ الناس مع أشدهم مرضاً ، لا تطمح بزخارف الدنيا وعندك معارف الموالى ، كلام الله تحفظه ، تفهمه ، تدرسه ، تطبقه ، تعمل به ، وتعلمه ، وتقول : ليس عندي هذا .
لذلك من صفات الأولياء الصالحين – هذه الصفة قرأتها عن سيدنا أبي بكر رضي الله عنه - ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط ، يقول لك : ما اشتريت بيتاً ، كان ثمن البين عشرة آلاف ، الآن ثمنه مليونان ، محروق قلبي ، ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط ، فلانة خطبتها ، وترددت ، ثم أخذها غيري ، والله كانت خير زوجة ، حرقة في قلبي إلى الموت ، لا ، من صفات الأولياء الصالحين أنه ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ. احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ ، وإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ ، فلا تَقُلْ : لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ ؛ فإنَّ (لو) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ . ))
ليس في قاموس المؤمن كلمة( لو ) أبداً ، إن كلمة لو تفتح عمل الشيطان ، لا تحزن عليهم يا محمد إن لم يؤمنوا فهم مخيرون :
﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) ﴾
لا تحزن عليهم إن عذبهم الله عز وجل ، لأن هذا العذاب مما تقتضيه العدالة .
إذاً الله سبحانه وتعالى في هذه الآية نهانا عن أن نتمنى ما عند غيرنا من خلال نهي النبي عليه الصلاة والسلام تطييباً لخواطرنا .
التواضع للمؤمنين :
(( تواضَعوا لمن تعلَّمون منه ، وتواضَعوا لمن تُعلِّمونه ، و لا تكونوا جبابرةَ العلماءِ . ))
يجب أن تخفض جناحك لهم ، يجب أن تحبهم ، يجب أن يعنيك ما يعنيهم ، يجب أن تقلق لمصابهم ، يجب أن تعيش مشكلاتهم ، يجب أن تسعى لرفعتهم ، ولراحتهم ، يجب أن تكرمهم إذا أردت أن تهديهم إلى الله عز وجل ، أما أن تحدثهم فقط فهم شبعوا كلاماً ، أما أن تلقي عليهم مواعظ فقط وأنت لا تتعظ بها فإنهم يكشفونك على حقيقتك ،
(( أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ ، فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ ، فَقَالَ لَهُ :
يوم غزوة بدر الرواحل قليلة فأعطى النبي عليه الصلاة والسلام أمراً أن يركب كل ثلاثة على راحلة ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :
(( كنَّا يومَ بَدْرٍ نَتَعاقبُ ثلاثةٌ على بَعيرٍ ، فكان عَليٌّ وأبو لُبابةَ زَميلَيْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فكان إذا كانت عُقْبةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولانِ له : اركبْ حتَّى نمشيَ ، فيقولُ :
﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) ﴾
إذا أردت أن تهديهم ، إذا أردت أن تُفتِّح قلوبهم كن متواضعاً ، واسهم ، عش مشكلاتهم ، اسألهم عن مشكلاتهم ، اسألهم عن أعمالهم ، عن أولادهم ، عن أحوالهم ، عما يعنيهم ، كيف يعنيك ما يعنيهم إن كنت بعيداً عنهم ؟
خفض الجناح كناية عن التواضع والرأفة والرحمة :
(( تَبارَكَ الَّذي وَسِعَ سَمْعُه كلَّ شيءٍ ، إنِّي لأَسمَعُ كَلامَ خَوْلةَ بِنْتِ ثَعْلبةَ ، ويَخْفى علَيَّ بعضُه ، وهي تَشْتَكي زَوْجَها إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ ، وهي تَقولُ : يا رَسولَ اللهِ أكَلَ شَبابي ، ونَثَرْتُ له بَطْني حتَّى إذا كَبِرَتْ سِنِّي ، وانْقَطَعَ وَلَدي ، ظاهَرَ مِنِّي ، اللَّهُمَّ إنِّي أَشْكو إليك ، فما بَرَحَتْ حتَّى نَزَلَ جِبْريلُ بهؤلاء الآياتِ : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ . ))
هذه مشكلة ، إذا لم تحس بمشكلات إخوانك المؤمنين فلست مؤمناً ، امرأة تشكو زوجها ، كان النبي عليه الصلاة والسلام يستمع لها .
استوقفته امرأة في الطريق فوقف معها طويلاً يكلمها في حاجتها ، ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ ليس في الإسلام استعلاء ، وليس في الإسلام كبر ، ولا انزواء ، ولا انعزال ، الإسلام دين الفطرة ، دين المحبة ، دين المعاونة ، دين الوئام .
قسم المقتسمين أن يطفئوا نور الله بأفواههم وهم أنفسهم من جعلوا القرآن عضين :
﴿
المقتسمون الذين أقسموا فيما بينهم على أن يطفئوا دعوة الحق في كل عصر
فهؤلاء المقتسمون الذين أقسموا أن يطفئوا نور الله عز وجل ، أن يطفئوا هذه الدعوة ، هؤلاء فرقوا هذا الكتاب ، هذا القرآن فيه أخبار مأخوذة من فلان ، فيه قصص مأخوذة من بني إسرائيل ، هنا فيه سحر ، هنا فيه كهانة ، هؤلاء الذين جعلوا القرآن عضين ، وقال بعضهم : الذين آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه الآخر هم الذين جعلوه عضين ، وقال بعضهم: اليهود والنصارى ، قسموا كتبهم ، وحوروها ، وغيروها ، وبدلوها .
وقال بعضهم : العضة الكذب والبهتان ، الذين كذبوا به كلياً ، قالوا : هذا ليس من كلام الله ، هذا كلام البشر ، هذا من اختراع محمد ، محمد عبقري ،
هؤلاء المقتسمون الذين أقسموا أن يطفئوا نور الله بأفواههم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، هؤلاء أنفسهم جعلوا القرآن عضين ، إما أنهم جعلوه خرافة ، وسحراً ، أو بهتاناً ، وكذباً ، وإما أنهم فرقوا بين آياته ، قبلوا بعضها ، ورفضوا بعضها الآخر .
سؤال المرء يوم القيامة عن جميع سعيه :
(( سمِعْتُ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ في هذا المسجدِ يبدَأُ باليمينِ قبلَ الكلامِ فقال ما منكم من أحدٍ إلَّا أنَّ ربَّه عزَّ وجلَّ سيخلو به كما يخلو أحدُكم بالقمرِ ليلةَ البدرِ فيقولُ : ابنَ آدمَ ما غرَّك بي ؟ ابنَ آدمَ ما غرَّك بي ؟ ابنَ آدمَ ماذا أجَبْتَ المُرسَلينَ ؟ ابنَ آدمَ ماذا أجَبْتَ المُرْسَلينَ ابنَ آدمَ ماذا عمِلْتَ ابنَ آدمَ ماذا عمِلْتَ ابنَ آدمَ ماذا عمِلْتَ فيما علِمْتَ ابنَ آدمَ ماذا عمِلْتَ فيما علِمْتَ ورُوِي بعضُه مرفوعًا في الأوسط عبدي ما غرَّك بي ماذا أجَبْتَ المُرسَلينَ؟ ))
الآن هناك تسريب لبعض الأسئلة ، هناك أسئلة سوف نسأل عنها : ماذا أجبت المرسلين ؟ ماذا عَمَلْت فيما عَلِمت ؟ ما الذي غرك بي ؟ قلت : الله لا يحاسبني ، ما الذي جعلك تغتر بي ؟ الشيطان أم الدنيا ؟ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ : عن عُمرِهِ فيمَ أفناهُ ؟ وعن علمِهِ ماذا عمِلَ بهِ ؟ وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ؟ وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ ؟ ))
لا بدّ من أن تسأل : لم فعلت ؟ ولمَ لمْ تفعل ؟ الشيء الذي فعلته لمَ فعلته ؟ الذي لم تفعله لمَ لمْ تفعله ؟ الله عز وجل لن يسألك : هل فعلت هذا ؟ لأنه يعلم ما فعلت ، هذا السؤال غير موجود ، سيدنا عمر قال :
إن المرء يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه ، حتى عن كحل عينيه - من أين اشتريت هذه ؟ - وعن فتات الطين .
أي إذا سحب الرجل خيطاً من قماش يتسلى فَنَسَله ماذا فعلنا ؟ وعن فت الطين بإصبعه ، يا معاذ لا ألفينك يوم القيامة وأحد غيرك أسعد بما آتاك الله منك .
كان عليه الصلاة والسلام يتمثل هذه الآية :
المستهزئ بدين الله يقصمه الله عز وجل ويجعله عبرة لمن يعتبر :
يروى أن رجلاً أراد أن يستهزئ بدين الله فسمّى ابنه الله ، فنزلت عليه صاعقة أحرقته وحده ،
المعبودات من دون الله لا تملك نفعاً ولا ضراً :
المبادرة إلى الصلاة والسجود بين يدي الله علاج لكل من ضاق صدره بأقوال الناس :
(( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى . ))
هذه سنة ، سمعت خبراً مزعجاً ، إنسان بثّ في قلبك شيئاً ، رأيت شبح مصيبة قادماً عليك بادر إلى الصلاة ، اسجد ، وقل : يا رب ليس لي إلا أنت ، أنت وليي في الدنيا والآخرة ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾
معاني اليقين :
لكن آخر آية :
﴿
المعنى الثاني لليقين : أن اليقين عند الموت تعرف اليقين ، تتيقن من كل هذا الذي سمعته في الدنيا ، في الدنيا كان الذي سمعته خبراً فصار عياناً ، كان الذي سمعته في الدنيا غيباً فصار شهوداً .
أحياناً الإنسان يقول له المهندس : في سقف بيتك شق خطير ، هذا يسبب انهيار البناء ، إذا انهار البناء صار يقيناً ، انقلب كلام المهندس إلى يقين ، يقول طبيب لمريض : إن هذا الدخان يسبب جلطة في الدم ، كلام طبيب ، إذا وقعت هذه الجلطة يصبح كلام الطبيب يقيناً ، فسمّي الموت باليقين لأنه متيقن وقوعه ، ولأنه به تنتقل من عالم الغيب إلى عالم الشهود ، ومن عالم الظن إلى عالم اليقين .
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ﴾
عند الموت :
﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا
﴿ يَقُولُ
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)﴾
هذا اليقين ، فاليقين من نوعين لا بدّ من الموت ، الموت يقين ، وفي الموت اليقين ، لكن في الآية دقة بالغة ، واعبد ربك حتى تأتي اليقين ؟ لا :
اليقين هو الذي يأتيك ولا تعلم له وقتاً :
اليقين هو الذي يأتي إليك ، أكثر الناس يتوهم أن الموت في السبعينات ، في الستين ، هو لازال في الثلاثين ، اليقين يأتيه هو ، قد يأتيه في الثلاثين ، قد يأتيه في العشرين ، قد يأتيه وهو يأكل ، قد يأتيه وهو في نزهة ، قد يأتيه وهو يسبح في البحر وقد وقع هذا ، قد يأتيه بعد التخرج ، قد يأتيه في الطائرة قبل أن يعود إلى بلده يحمل الدكتوراه ، قد يأتيه قبل يوم زفافه بيوم ، ليس حتى تأتي اليقين ، بل حتى يأتيك اليقين هو يأتيك ، ولكن متى ؟ لا نعرف ، ليلاً ، نهاراً ، صباحاً ، مساء ، وأنت في البيت ، أنت خارج البيت ، في شبابك ، في فتوتك ، في شيخوختك ، بعد الزواج ، قبل الزواج ، بعد التعيين ، قبل التعيين ، بعد السكنى في هذا البيت ، رجل سكن ساعة في البيت ، رجل عمّر بيتاً فخماً ، وكان مسافراً ، عاد إلى البيت ، فقال : أنا متعب ، أرجأ النظر في أجزائه الداخلية بعد أن يستريح ، فكانت منيته في هذه الاستراحة ، لم ير بقية الغرف
﴿
إذا كان الرجل هارباً ، ويلحق به شخص ، طبعاً أمامه فارغ ، الشخص وراءه ، فلو أن هذا الذي يتبعه وجده أمامه يصعق .
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين