- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (015)سورة الحجر
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
خرق نظم الكون لا يفيد الكافر شيئاً :
أيها الإخوة المؤمنون ؛ مع الدرس الثالث من سورة الحجر ، بسم الله الرحمن الرحيم : وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى :
الآية الأولى كما فسرت في الدرس الماضي أن الله سبحانه وتعالى يقول : لو أن الله عز وجل فتح لهؤلاء الكفار المعاندين باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون إلى السماوات السبع ، ومن خلال عروجهم في السماوات السبع رأوا آيات الله كلها
التفكر في ملكوت السماوات والأرض :
في الكون آلاف المعجزات ، خلق السماوات والأرض معجزة ، والدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام لأحد أصحابه الكرام: حسبك الكون معجزة ، الكون وحده ، حسبك الكون معجزة، فربنا عز وجل يقول :
يعنينا من هذه الدورات دورة الأرض حول الشمس ، في كل شهر يظهر لسكان الأرض برج من الأبراج ، فربنا عز وجل يقول في سورة أخرى :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) ﴾
أي هذه السماء الدنيا التي نحن بصددها حينما تدور أرضنا حول الشمس تنتقل عبر دورتها من برج إلى برج ، فهناك برج الحمل ، وبرج الثور ، وبرج الجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت ، سميت هذه الأبراج بهذه الأسماء لأن هذا البرج يشبه العقرب ، وهذا البرج يشبه الثور ، وهذا البرج يشبه الحوت ، وهذا البرج يشبه الميزان ، وربنا عز وجل قال :
فربنا عز وجل جعل السماء ذات أبراج ، والأرض تدور حول الشمس ، وتمر على هذه الأبراج برجاً بُرجاً ، في كل شهر برج .
وبعضهم قال : الأبراج هي المجموعة الشمسية ، عطارد ، والزهرة ، والشمس ، والمريخ ، والمشتري ، وزحل ، أي نظرة سريعة لهذه النجوم التي تشكل بمجموعها المجموعة الشمسية ، عطارد ، يومه ثمانية وثمانون يوماً من أيام الأرض ، أي يدور حول نفسه في ثمانية وثمانين يوماً ، لو أن الأرض كذلك ، أي أن النهار أربع وعشرون ساعة ضرب ثمان وثمانين ماذا نفعل طوال النهار ؟ كم مرة سوف ننام ؟ كيف ننظم حياتنا ؟ من يعمل ؟ من لا يعمل ؟ من يزعج ؟ من لا يزعج ؟ عطارد يومه ثمانية وثمانون يوماً أرضياً .
الزهرة يومها غير معروف ، لكن سنتها مئتان وأربعة وعشرون يوماً ، أما المريخ فسنته سنة وثمانية وثمانون بالمئة ، أي حوالي سنتين تقريباً .
المشتري يومه تسع ساعات ، وسنته أحد عشر عاماً ، إلى أن يدور المريخ حول الشمس دورة يستغرق أحد عشر عاماً .
وزحل يومه عشر ساعات ، وسنته تسعة وعشرون عاماً .
أورانوس يومه عشر ساعات ، وسنته أربعة وثمانون عاماً ، أي إذا عاش شخص ما ثمانين سنة على أورانوس يحصّل ربيعاً واحداً ، وصيفاً واحداً ، وشتاء واحداً ، وخريفاً واحداً فقط ، أي إذا شخص عاش خمسين سنة يقول : والله سمعت بالربيع لكن لم أره أبداً ، ما حصلته ، هذا من فضل الله علينا .
ونبتون يومه خمسة عشر ساعة ، وسنته مئة وأربعة وستون عاماً .
وأما بلوتو فسنته مئتان وثمانية وأربعون عاماً تستغرق دورة هذا النجم حول الشمس .
بعضهم قال : الأبراج هي نجوم المجموعة الشمسية ، وبعضهم قال : الأبراج المعروفة التي عرفها الفلكيون من قبل ، وصوروها ، وسموها بأسماء مشابهة للحيوانات التي سميت بها .
الزينة مستهدفة من قِبل الله عز وجل :
ربنا عز وجل قال :
﴿
أحياناً يركب الإنسان فرسه فيتباهى به ، يركب فرسه لا لينتقل من مكان إلى مكان ، بل ليظهر أمام الناس في هذه الزينة .
﴿
فكلمة ( زينة ) في السماء وفي الأرض إذاً أن الجمال مستهدف من الله عز وجل ، كأن الله يحب العبد النظيف ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( عن سهل ابن الحنظلية الأنصاري ، عن قيسٍ التَّغلبيِّ وكان جليسًا لأبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه بدِمَشْقَ- أنَّه كان رجُلٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقالُ له : ابنُ الحَنظليَّةِ الأنصاريُّ ، وكان رَضِيَ اللهُ عنه رجُلًا متوحِّدًا قلَّما يُجالِسُ الناسَ ، إنَّما هو في الصَّلاةِ ، فإذا انصرَفَ فإنَّما هو تسبيحٌ وتهليلٌ وتكبيرٌ حتَّى يأتيَ أهلَهُ ، قال : فمرَّ بنا يومًا ونحنُ جُلوسٌ عِندَ أبي الدَّرداءِ ، فسلَّمَ ، فقال له أبو الدَّرداءِ : كلمةٌ ينفَعُ اللهُ بها ولا تضُرُّكَ ، فقال : بعَثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سريَّةً ، فلمَّا قدِمَتْ جاء رجُلٌ حتَّى جلَسَ في المجلِسِ الذي فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فقال لرجُلٍ إلى جنْبِهِ : لو رأيْتَنا حينَ لَقِينا العدُوَّ ، فطعَنَ فلانٌ فلانًا ، فقال : خُذْها وأنا الغلامُ الغِفاريُّ ، كيف ترَى ؟ قال : ما أراهُ إلَّا قد أبطَلَ أجْرَهُ ، قال آخَرُ : ما أرى بأسًا؛ فتنازَعوا في ذلكَ حتَّى سمِعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فقال : سُبحانَ اللهِ! لا بأسَ أنْ يُحْمَدَ ويُؤْجَرَ ، قال : فَسُرَّ بذلك أبو الدَّرداءِ ، وجعَلَ يقولُ : أأنتَ سمِعْتَ هذا مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : فجعَلَ يقولُ : نعم ، حتَّى إنِّي لَأَقولُ وهو يرفَعُ رأسَهُ إليه : لَيَبْرُكَنَّ على ركبتَيْهِ ، قال : فمرَّ بنا يومًا آخَرَ ، فسلَّمَ ، فقال له أبو الدَّرداءِ : كلمةٌ تنفَعُنا ولا تضُرُّكَ ، قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُنفِقُ على الخيلِ في سبيلِ اللهِ كالباسِطِ يدَيْهِ بالصَّدَقةِ ولا يَقبِضُها ، قال : فمرَّ بنا يومًا آخَرَ ، فسلَّمَ ، فقال له أبو الدَّرداءِ : كلمةٌ تنفَعُنا ولا تضُرُّكَ ، قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : نِعْمَ الرجُلُ خُرَيْمٌ الأسديٌّ لولا طولُ جُمَّتِهِ ، وإسبالُ إزارِهِ ، قال : فبلَغَ ذلك خُرَيْمًا؛ فأخَذَ شَفرةً ، فقطَعَ شَعرَهُ -جُمَّتَهُ- إلى أنصافِ أُذنَيْهِ ، ورفَعَ إزارَهُ إلى أنصافِ ساقَيْهِ ، قال : ثمَّ مرَّ بنا يومًا آخَرَ ، فسلَّمَ ، فقال له أبو الدَّرداءِ : كلمةٌ تنفَعُنا ولا تضُرُّكَ ، فقال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : إنَّكم قادمونَ غدًا على إخوانِكم؛ فأصلِحوا رِحالَكم ، وأصلِحوا لِباسَكم ؛ حتَّى تكونوا كالشَّامَةِ في الناسِ؛ فإنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الفُحْشَ ولا التَّفحُّشَ. ))
كأن الله سبحانه وتعالى يحب من العبد أن يكون مطّهراً ، أو طاهراً ، نظيفاً ، ذا رائحة طيبة ، هندامه حسن ، ثيابه أنيقة ، حينما أقول أنيقة لا أعني أن تكون غالية الثمن ، لا والله ، إذا اشتريت ثياباً فاجعلها مقبولة ، سيدنا عمر نهى عن لبستين ، نهى عن لبسة مهجورة ، ونهى عن لبسة مشهورة ، فكلمة :
لماذا لا يكون محلك التجاري منظماً ، مرتباً ، نظيفاً ، أنيقاً ، فيه نظام ، فيه توزيع نوعي للبضاعة ، لماذا ؟ فالترتيب والتنظيم والتزيين في الحدود المعقولة هذا من واجبات المسلم.
شؤون السماء والملائكة والجن أشياء لا نعرفها إلا بالقدر الذي ذكره الله لنا :
﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) ﴾
قال تعالى :
﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) ﴾
لكن الكون فيه مجرات أخرى ، فيه درب التبانة ، فيه المرأة المسلسلة ، فيه مجرة ماجلان ، هذه لم تذكر ، الله عز وجل ذكر شيئاً ، وترك لك بقية الأشياء ، ذكر لك آية على وجه المثال لا على سبيل الحصر .
﴿
أمرك أن تنظر ماذا في السماوات والأرض ، ذكر الزيتون ، ذكر النخل ، ذكر الرمان ، ولم يذكر التفاح مثلاً ، هل أنت مكلف أن تفكر في التفاح ؟ نعم .
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ﴾
والتفاح من الطعام ، في الكون ذكر الله شيئاً ، وترك لنا بقية الأشياء ، ذكر لنا هذا الشيء لا على سبيل الحصر ، بل على سبيل المثال ، لكنه في شؤون الغيب الذي ذكره هو المصدر الوحيد لمعرفة ما في السماوات والأرض ، هذه شؤون مغيبة عنّا ، مصدرها الخبر الصادق :
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ
الشهب لها تفسير علمي لا يتناقض مع التفسير القرآني ، كوكب هش انتهت حياته ، خرج من مداره ، وصل إلى جو الأرض ، احتكاكه بطبقة الهواء جعلته يتشهب ، ثم يتلاشى ، هذا التفسير العلمي للشهب .
والعلماء فرقوا بين الشهب والنيازك ، النيزك تصل كتلته إلى الأرض ، بينما الشهاب يتشهب ، ويتلاشى في جو السماء ، لا يصل منه شيء إلى الأرض ، إن وصل فهو نيزك ، وإن لم يصل فهو شهاب ، هذا التفسير العلمي يتكامل مع التفسير الديني ، كالزلزال مثلاً ، ربنا عز وجل قال :
﴿
أي الله عز وجل أهلك قوم لوط بهذه الطريقة ،
فربنا عز وجل فيما يبدو من هذه الآيات أن الشياطين على وجه الخصوص محظور عليهم أن يصلوا إلى السماء ، مجال عملهم الأرض ، والسماء موطن الملائكة ، والملائكة من نوع ، والجن من نوع آخر ، لذلك لا يسمح للجن أن يصلوا إلى السماء فيسترقوا السمع ، الله عز وجل جعل السماء محفوظة من أن يصل الجن إليها ، وبما أن الجن مخلوقات تتميز بسرعة الحركة حينما قال الله عز وجل يتحدى الإنس والجن :
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)﴾
بدأ بالجن لأنها أقدر على خرق السماوات والأرض ، وحينما قال الله عز وجل :
﴿
بدأ بالإنس لأنها أقدر على صياغة اللغة .
إذاً الجن طبيعة هذه المخلوقات طبيعة تتحرك بسرعة :
﴿
يبدو أن الجن لو أراد أحدهم أن يصعد إلى السماء ليسترق السمع ، ليعرف أسباب الوحي ، أسرار الملائكة ، مهمات الملائكة ، هذا ممنوع عنه ، لذلك لو أنه حاول أتبعه شهاب ثاقب أحرقه ، على كلٍّ لا نملك في هذا الموضوع إلا هذه الآيات المحدودة التي ذكرها الله عز وجل .
أكبر عقاب يناله الإنسان المسيء أن يطرد من رحمة الله :
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ﴾
أي أكبر عقاب يناله الإنسان المسيء أن يطرد من رحمة الله ، أن يبعد عن ذات الله المقدسة ، البعد هو الشقاء ، والقرب هو النعيم ، فلذلك هذا الشيطان رجيم ، أي مرجوم ، أي مبعد عن الله سبحانه وتعالى ، وكفى بهذا شقاءً للشيطان .
مسالك اليقين :
تكلمنا في دروس سابقة ولاسيما في دروس العقيدة أن مسالك اليقين أربعة مسالك ، مسلك اليقين الحسي ، ومسلك الاستدلال العقلي ، ومسلك اليقين الإخباري ، ومسلك الإشراق الروحي ، فاليقين الإخباري هذا مسلك صحيح ، فأنا أؤمن بالجن والملائكة ، وأن هذه الشهب حينما يصعّد أحدهم إلى السماء يأتيه شهاب فيحرقه من خلال اليقين الإخباري الذي أخبرني الله به في هذا الموضع ، وفي مواضع أخرى من كتاب الله .
لا تنسوا أن من هذه الأبراج برج العقرب يشبه العقرب تماماً ، وأن في هذا البرج نجماً أكثر تألقاً ، وأميل إلى اللون الأحمر سماه علماء الفلك : قلب العقرب ، وأن قلب العقرب قدّر علماء الفلك حجمه بحجم الأرض والشمس مع المسافة بينهما ، ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16)وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ(17)إِلَّا مَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ(18)﴾ هذا هو البديل لطلب المعجزات من النبي عليه الصلاة والسلام .
في الأرض والسماء آيات لا تعد ولا تحصى للموقنين :
لو تركنا السماء ، السماء بنجومها ، وكواكبها ، وأبراجها ، وشمسها ، وقمرها ، ومذنباتها ، وكويكباتها ، ومجراتها الكبيرة ، وكازاراتها ، والسماء بثقوبها السوداء ، هذا الموضوع الذي كشفه العلماء حديثاً ، مناطق ذات ضغط يفوق حدّ التصور ، لو أن الأرض بأكملها دخلت في هذا الثقب الأسود لأصبحت بحجم البيضة مع بقاء وزنها هو هو .
بعضهم قال : البروج هي مطلق النجوم
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ(75)وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ(76) ﴾
مواقع النجوم المسافات البينية بين النجوم ، بعض المسافات ثلاثة عشر ألف مليون سنة ضوئية ، أحدث مجرة كشفت تبعد عن الأرض ثلاثة عشر ألف مليون سنة ضوئية ، علماً بأن الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر في الثانية ، فالقمر يبعد عنّا ثانية ضوئية واحدة ، أي الضوء يجتاز المسافة بين الأرض والقمر في ثانية ، الشمس ثماني دقائق ، قطر المجموعة الشمسية ثلاث عشرة ساعة ، أقرب نجم إلينا القطب أربعة آلاف سنة ضوئية ، وهناك مجرات تبعد عنا مليوني سنة ضوئية ، وهناك مجرات تبعد عنا ثلاثة عشر ألف مليون سنة ضوئية ، واللهِ هذه آية كبيرة ، إذاً :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) ﴾
وهناك
معنى مواقع النجوم أي الأماكن المتعددة التي تمر بها في خلال دورتها حول كوكب آخر .
الآية التالية برهان على أن الأرض كرة :
الجبال آية من آيات الله سبحانه وتعالى :
﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا
أي الأرض تدور ، تدور حول الشمس بسرعة ثلاثين كيلو مترًا في الثانية ، إذا أراد أحدهم أن يعمل حساباً بالأرض منذ أن حضر الدرس وحتى انتهى هذا الدرس والله لا أدري كم مئة ألف كيلو متر الآن نحن قد قطعنا من أول الدرس حتى الآن ، من أول ما قلت : بسم الله الرحمن الرحيم حتى هذه الساعة لا أدري كم مئة ألف كيلو متر قطعناها نحن جميعاً ، شيء ثابت :
﴿
الآن المجموعة الشمسية تدور حول مركزها في المجرة بسرعة 250 كم/ثا ، أي الشمس ، والأرض ، وعطارد ، والزهرة ، والمريخ ، والمشتري ، وزحل ، وأورانوس ، ونبتون ، وبلوتو هذه المجموعة الشمسية كتلة واحدة تدور حول مركزها في المجرة بسرعة 250 كم/ثا .
درب التبانة مجرتنا الضخمة هذه المجرة تسير في الفضاء الكوني بسرعة 240,000 كم/ثا ، سرعة المجرات تقترب من سرعة الضوء ، الأرض ثلاثون كيلو مترًا في الثانية ، الشمس والمجموعة الشمسية 250 كم/ثا ، المجرة 240,000 كم/ثا ، هذه حقائق تدرّس في الجامعات على أنها مسلمات ، هذه أشياء تجاوز العلم البحث في صحتها ، ولكن لطف الله عز وجل ، هذا لطفه ، سكون ، استقرار ، الجدران هي هيَ والحركة مذهلة ، قال بعض العلماء : هذا بفضل الجبال ، العجلة إذا أدرتها بسرعة اضطربت ، توزن بميزان دقيق ، ويوضع في بعض الأماكن منها قطعة من الرصاص لئلا تضطرب على السرعة العالية ، الجبال التي جعلها الله على الأرض رواسي من أجل أن تدور الأرض حول نفسها ، وحول الشمس ، والشمس حول مركز المجرة ، والمجرة في الفضاء الكوني ، أربع دورات ، حول نفسها دورة وحول الشمس دورة والشمس حول مركز المجرة دورة والمجرة باتجاه نجم في الفضاء الخارجي دورة كل هذه السرعات والمحصلة سكون تام بفضل هذه الجبال التي وضعت في أماكن محددة ، وبحجوم محددة ، بحيث يصبح المآل استقراراً
الجبال أيضاً ذكرها الله عز وجل في آيات أخرى بأنها أوتاد ، لأن الأرض مجموعة طبقات ، وهذه الطبقات متفاوتة في الكثافة ، لو أنها دارت كل طبقة في الأرض لها عطالة خاصة ، ومعنى عطالة أي تستجيب للحركة بسرعة بحسب كثافتها ، لولا الجبال لاضطربت الأرض في دورانها ، أما الجبال فقد جعلها الله أوتاداً ، أي الجبل يربط طبقات الأرض بعضها ببعض فيجعلها كتلة واحدة ، لولا الجبال كالبيضة التي تديرها قبل أن تسبق تضطرب ، لأن فيها بياض ، فيها صفار ، فيها قشر ، كل طبقة في البيضة لها عطالة خاصة ، فإذا أدرتها تضطرب ، وتقع ، أما إذا سلقت فإنها تدور كالبلبل ، الدليل أنها تجانست ، فهذا الجبل كالوتد يجعل طبقات الأرض كلها متجانسة :
﴿ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) ﴾
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ
مصدات للرياح ، الله عز وجل جعل مناطق دافئة بفضل جبال كالمصدات ، تمنع الرياح الشرقية أو الغربية ، في بعض المنافذ على البحر كحمص مثلاً الأشجار كلها مائلة بسبب النافذة التي فتحت بين سلاسل الجبال ، فالجبال أكناناً جعلها الله عز وجل كالمصدات ، في يوم شديد الرياح الغربية اصعد إلى جبل قاسيون ، وانتقل إلى جانبه الشرقي ينعدم الهواء كلياً ، ربنا عز وجل عن طريق الجبال نوع مناخات الأرض ، الجبل مصد ، ففي سفح الجبل منطقة دافئة ، وفي قمته منطقة باردة ، يقصد الناس الجبال في أيام الصيف ، ويسكنون في سفوحها في أيام الشتاء ،
تفصيل في كلمة موزون :
ربنا عز وجل قال :
هذا القمح مادة أساسية في الحياة ، معنى موزون قال العلماء : هناك ثلاثة عشر ألف نوع من القمح ، يجب أن ينبت في الجبال ، وفي السهول ، وفي السواحل ، وفي أعماق الأرض ، وفي المنطقة الحارة والباردة والمعتدلة ، وفي كل أماكن الأرض ، لأنه غذاء أساسي للإنسان ، لذلك الله عز وجل جعله بكميات تكفي حاجة سكان الأرض ، وجعله بأنواع منوعة تغطي كل المناطق المختلفة .
القمح كما يقول بعض العلماء : فيه العجب العجاب ، لو أخذنا قمحة لها غلاف خارجي يزن تسعة في المئة من وزنها ، ولها غلاف داخلي يزن ثلاثة بالمئة من وزنها ، وفي داخل القمح مادة نشوية تزن خمسة وثمانين جزءاً من المئة من وزنها ، والرشيم يزن أربعة بالمئة من وزنها ، أودع الله في قشرة القمحة الخارجية فيتامين ( ب1 ، ب2 ، ب6 ) وفيتامين ب ب وفيتامين (o) ، وأودع في القشرة الخارجية الفسفور والحديد والكالسيوم واليود والبوتاسيوم والصوديوم والمغنيزيوم ، ونحن متحضرون ننزع عن القمحة قشرتها ، ونأكل اللب فقط وهو النشاء ، والفائدة كلها في قشر القمحة ،
اللفت على سبيل المثال لا على سبيل الحصر ، في معنى
ربنا عز وجل خلق اللفت موزونًا ، وهذه الآية تفسيرها لو اطلعت على كتب الطب كلها أو كتب الأغذية ، ودرست غذاء غذاء ماذا يحتوي لكان هذا الموضوع تفسيراً متواضعاً لهذه الآية :
التمر مثلاً فيه فيتامين A ، هذا يساعد على نمو الأطفال ، وعلى ازدياد أوزانهم ، ويحفظ رطوبة العين وبريقها ، ويعين على الرؤية الصحيحة ، ويقي العمى الليلي ، فيه مادة تترسب على الشبكية ، هذه المادة تقي العين من العمى الليلي ، وهذا الفيتامين يقوي الأعصاب ، ويساعد على السكينة والدعة ، كله من هذا الفيتامين الموجود في التمر .
لا أستطيع إلا أن أورد بعض الأمثلة ، أكثر كلمة تثير الإعجاب كلمة
في بعض القرى أقام طبيب ثلاث سنوات ولم يجد حالة واحدة من أمراض القلب ، تعجب ، فإذا هذه القرية تأكل الترمس ، وعندما حلل العلماء هذا النبات وجدوا فيه مادة مميعة للدم .
الملوخية الغذاء الوحيد المرمم للغشاء المخاطي في الأمعاء .
الثوم خافض للضغط ، مطهر للأمعاء .
البصل ، قال أحد الباحثين إنه أجرى دراسة على مئة وخمسين صنفاً من النباتات القاتلة للجراثيم فتبين له أن البصل في مقدمة هذه النباتات ، يفوق التفاح في قيمته الغذائية ، فيه كالسيوم عبارة عن عشرين ضعفاً عما في التفاح ، فيه فسفور ضعفا ما في التفاح ، فيه حديد وفيتامينات وكبريت ، فيه مادة تعادل الأنسولين ، هذه المادة المهمة جداً في الوقاية من أمراض السكر ، في البصل مادة مقوية للقلب وللدورة الدموية ، فيه مادة مدرة للبول والصفراء ، فيه مادة ملينة للأمعاء ، فيه مادة مقوية للقدرة الحيوية ، شيء موزون ، البصل موزون ، طبيعة تركيبه ، الثوم موزون ، السبانخ فيها حديد ، العدس فيه حديد ، الترمس فيه مادة مميعة للدم ، الملوخية فيها مادة مرممة للغشاء المخاطي في الأمعاء ، هذا غيض من فيض .
عندي كتاب عن النباتات كلها لو أردت أن أعرض ما فيه ، هذا الكتاب يستغرق تدريسه سنوات ، كل مادة بنيتها ، تركيبها ، فوائدها الغذائية والعلاجية ، سبحان الله !
فكلمة
الحليب موزون ، حليب البقر موزون ، حليب الغنم موزون ، التفاح موزون ، هذا المعنى الأولي ، معنى بنية الفاكهة أو النبات .
يوجد معنى آخر ؛ الحجم الكلي موزون ، لو كانت كل شجرة من أشجار التفاح تنبت خمس تفاحات ، فهذا الإنتاج غير موزون ، لا يتناسب مع حجم الأرض ، فكلمة
كلمة
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين