- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (008)سورة الأنفال
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الكافر إنسان أنكر الحقائق الناصعة وسلك مسلكاً يخالف منهج الله :
أيها الإخوة الكرام ؛ مع الدرس الثالث عشر من دروس سورة الأنفال ، ومع الآية الثامنة والثلاثين وهي قوله تعالى :
﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38) ﴾
اللغة العربية اختارها الله لكلامه ، ويبدو أنها من أرقى اللغات الإنسانية ، في هذه الآية ملمح دقيق يقول الله عز وجل مخاطباً نبيه : ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾
﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾
(( عن أنس بن مالك قال اللهُ تعالى : يا بنَ آدمَ ! إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) ﴾
المؤمن لا يكره الكافر لذاته بل يكرهه لفعله وكفره :
الله عز وجل لا يكره الكافر كشخص ، يبغض عمله ، وهناك دليل لطيف أن عمير بن وهب من كفار مكة يخاطب صفوان بن أمية ، يقول له : والله لولا ديون ركبتني ما أطيق سدادها ، ولولا أطفال صغار أخشى عليهم العنت من بعدي ، لذهبت وقتلت محمداً وأرحتكم منه ، صفوان انتهزها مناسبة ، قال : أما أولادك فهم أولادي ما امتد بهم العمر ، لا تقلق عليهم ، وأما ديونك فهي عليّ بلغت ما بلغت فامضِ بما أردت ، أي اذهب واقتل محمداً وأرحنا منه ، فسقى سيفه سماً ، وامتطى ناقته ، وتوجه نحو المدينة ليقتل محمداً ، ولكن بحجة أن يفك أسيره - وكان ابنه أسيراً في المدينة - عندما وصل المدينة رآه سيدنا عمر فقال : هذا عدو الله جاء يريد شراً ، قيده بحمالة سيفه ، وساقه إلى النبي ، وقال : يا رسول الله هذا عدو الله جاء يريد شراً ، النبي الكريم بأخلاق سامية قال : أطلقه يا عمر ، فأطلقه ، قال : ابتعد عنه ، فابتعد عنه ، قال : يا عمير أقبلْ ، فأقبلَ ، قال : سلم علينا ، قال : عمت صباحاً يا محمد ، قال : قل السلام عليكم ، قال : هذا سلامنا ، لا يوجد غيره ، قال : ما الذي جاء بك إلينا ؟ قال : جئت أفك ابني من الأسر ، قال : وهذه السيف التي على عاتقك ، قال : قاتلها الله من سيوف ، وهل نفعتنا يوم بدر ؟ فقال له النبي الكريم : ألم تقل لصفوان لولا ديون لزمتني ما أطيق سدادها ، ولولا أولاد أخشى عليهم العنت من بعدي لذهبت وقتلت محمداً وأرحتكم منه ؟ عمير وقف ! قال له : أشهد أنك رسول الله ، لأن هذا الذي كان بيني وبين صفوان لا يعلمه أحد إلا الله وأنت رسوله ، وأسلم .
الشاهد ليس هنا ، الشاهد يقول سيدنا عمر : " دخل عمير على رسول الله والخنزير أحب إليّ منه ، وخرج من عنده وهو أحب إليّ من بعض أولادي " .
هذا الدين ، المؤمن لا يكره الكافر لذاته أبداً ، يكرهه لفعله ، لكفره .
ارتباط العداوة بين المؤمن وغير المؤمن بالكفر :
لذلك العداوة التي بين المؤمن وبين غير المؤمن عداوة مرتبطة بالكفر ، بالعمل السيئ ، تماماً كما لو أن ابناً عاقاً عاد لأبيه ففي لحظة واحدة الأب يقبله ، ويرحب به ، ويحبه.
أنا أنتظرك ، لذلك يروى أن الله تعالى قال لسيدنا داوود : لو يعلم المعرضون انتظاري لهم ، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي ، هذه إرادتي بالمعرضين فكيف إرادتي بالمقبلين ؟
الله عز وجل يحب كل عباده ، يريدنا ، يريد أن يطهرنا ، أن يسعدنا ، أن يدخلنا جنة عرضها السماوات والأرض ، خلقنا لها ، فلذلك : ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا ﴾
تعامل الله مع عباده وفق قواعد ثابتة :
﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴾
شيء مريح جداً للمؤمن أن يتعامل مع الله وفق قواعد ثابتة .
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾
لك أن تقول : هناك قانون للحياة الطيبة ، قانون ، يحتاج إلى إيمان بالله ، وعمل صالح ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
تتصل بالله ، تكتسب رحمة ، تنعكس الرحمة ليناً ، يلتف الناس حولك ، تبتعد عن الله يصبح القلب قاسياً ، تنعكس القسوة غلظة ، ينفض الناس من حولك ، قانون ثان .
الله عز وجل يحبّ عباده جميعاً والتعامل معه يكون بقواعد ثابتة :
القضية رائعة جداً لو قرأت القرآن ، وحاولت أن تضع يدك على قوانينه ، هذه القوانين يمكن أن تتعامل مع الله بها بشكل قطعي ، لأن الله عز وجل يحب عباده جميعاً وضع لنا قواعد ثابتة في التعامل معه .
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)﴾
متى تكون عزيزاً رافع الرأس شامخاً ؟ حينما تحسن فإذا أساء الإنسان سوف يتحمل اللوم ، والتحجيم ، والنقد ، والتشهير ، فلذلك قانون العزة ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾
ضرورة الأخذ بالأسباب :
لذلك الشيء المألوف أن الله سبحانه وتعالى يغفل تفاصيل كثيرة .
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ
من هو ؟ في أي عصر ؟ في أي بلاد ؟ في آسيا ؟ في إفريقيا ؟ في أوروبا ؟
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا
أراد الله أن يعلمنا أن نأخذ بالأسباب ، لو جاءت تفاصيل كثيرة حول ذي القرنين لانقلبت هذه القواعد الثابتة إلى قصة ، وقعت ولن تقع مرة ثانية ، فالذي يريد أن يبحث عن تفاصيل في القرآن أغفلها القرآن كأنه يفسد على الله هدايته لخلقه .
بالضبط أضرب هذا المثل دائماً : أستاذ جامعي يعطي الاقتصاد ، أراد أن يبين لطلابه متى ينجح التاجر ، فقال على شكل قصة : لي صديق ، اشترى محلاً تجارياً في مركز المدينة ، أول شرط أن يكون المحل في موقع تزاحم الأقدام ، واختار بضاعة أساسية مواد غذائية ، واختار أصنافاً متفوقة ، جيدة ، ووضع سعراً معتدلاً ، ولم يبع ديناً ، هذا الأستاذ أعطى طلابه عن طريق هذه القصة أن عوامل نجاح التجارة موقع المحل ، البضاعة ، نوع البضاعة ، السعر ، عدم البيع ديناً ، فربح أرباحاً طائلة ، أحد طلابه قال له أستاذ هذا الشخص ما اسمه ؟ الاسم لا قيمة له إطلاقاً ، قال له طالب آخر : هذا الشخص طويل أم قصير ؟ قال له طالب ثالث : أبيض أم أسمر ؟ المحل بأي مكان ؟ الأستاذ أراد نقل حقائق كقوانين لنجاح التجارة ، فحينما تأتي هذه التفاصيل التي تعد في فن القصة عبئاً عليها يكون هذا السائل قد أفسد على المدرس هدفه من هذه القصة ، واضح تماماً ؟
بطولة الإنسان أن يسكت حيث سكت القرآن :
لذلك البطولة أن تسكت حيث سكت القرآن ، يا ترى امرأة العزيز بعد أن أصبح يوسف عزيز مصر هل تزوجها ؟ والله لا أعرف ، ويجب ألا أعرف ، لماذا ؟ لأن الله اختار من المغيبات مجموعة آيات ، أنا أرى أن الحكمة أن تكتفي بالذي ذكره الله عز وجل .
عندما حاول المفسرون نقل تفاصيل القصص القرآنية من بني إسرائيل وقعنا في متاهة لا تنتهي ، وقعنا فيما يسمى بالإسرائيليات ، تفسيرات غير معقولة إطلاقاً .
﴿ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا
ببعض كتب التفسير أخذاً عن كتب بني إسرائيل أن له تسعاً وتسعين زوجة ، وأنا لي زوجة واحدة ، قال الله : نعجة لم يقل زوجة ، تجد تعليلات ، تفصيلات ، أشياء غير مقبولة إطلاقاً .
لذلك أنا أنصح أن تبتعدوا عن أي تفاصيل مأخوذة من كتب بني إسرائيل عن قصص الأنبياء ، أتمنى ذلك ، هنا الآية الكريمة : ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴾
من قاتلك ينبغي أن تقاتله دفاعاً عن أرضك ودينك :
الآن الآية الثانية : ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾
لذلك يريدوننا أن نلغي آيات القتال في القرآن الكريم ، هكذا يريدون ، قال تعالى : ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ ﴾
أحد السياسيين الكبار في دولة عملاقة قال هو لا يعجبه أن يكون العالم مئتي دولة يتمناه خمسة آلاف دولة .
كل مشاريعهم عبارة عن تقسيم البلاد إلى دويلات ، هذا مشروع الشرق الأوسط ، تقسيم كل بلد إلى خمس أو ست دول ، تقسيم البلاد إلى دويلات بحسب الانتماءات الطائفية ، وفرعون موسى من أقدم الفراعنة ، أو من أقدم الطغاة ، قال الله عنه :
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)﴾
أثر المقاومة الكبير في قلب موازين الأرض :
أنا لا أتصور عدواً يحتل أرضنا ، ينهب ثرواتنا ، يذل شبابنا ، يمنع إقامة الشعائر في ديننا ، نحن دين سلام ، دين محبة ، نحن إسلامنا متسامح ، الآن المسلمون كأنهم يستجدون من العالم الغربي نحن نحب العدل ، نحب التسامح ، نحب السلام ، من قال لك ذلك ؟ هذا الذي يقاتلك ينبغي أن تقاتله ، وأساساً كانوا يتوهمون أن احتلال بلد شرق أوسطي نزهة والمقاومة هي التي أقضت مضجعهم .
والله مرة سمعت تصريحاً لكبار الموظفين في البنتاغون ، قال : ماذا نفعل بحاملات الطائرات ؟ وماذا نفعل بالصواريخ العابرة للقارات ؟ وماذا نفعل بهذه الجيوش ؟ لأنه لا تجرؤ دولة في الأرض أن تحاربنا ، قال : ولكن ماذا نفعل بهذا الذي أراد أن يموت ليهز كياننا ؟ هذا ليس له حل .
معنى ذلك أن المقاومة كان لها أثر كبير في العراق وفي فلسطين ، المقاومة قلبت موازين أهل الأرض ، عشرة آلاف مقاتل معهم أسلحة بدائية ، تحت الأرض يتصدون لرابع جيش في العالم ؟! لأول جيش من حيث تنوع الأسلحة ، لأكبر جيش في المنطقة ، هذا الذي حصل ، فأنا أتمنى أن تكون الآية واضحة تماماً ، قال الله : ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ ﴾
قال تعالى : ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ ﴾ ، عدو احتل أرضك ، نهب ثرواتك ، أذل شعبك ، موقفي السلام ؟ الاستسلام ؟ مستحيل !
تناقض الاستسلام مع ديننا العظيم :
كبار القادة الغربيين من أين استمدوا قيادتهم ؟ من مقاومتهم للاحتلال ، عندما احتلت ألمانيا فرنسا لماذا تألق أحد كبار الزعماء وصار رئيساً للبلاد ؟ لأنه قاوم الاحتلال ، في العالم كله الإنسان يكون بطلاً إذا قاوم الاحتلال ، فكأنهم يريدون أن يحتلوا أرضنا ، وأن ينهبوا ثرواتنا ، وأن نكون نحن وديعين كالحمل ، أن نستسلم ، هذا يتناقض مع ديننا ، ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾
﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾
(( عن أبي ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بل ائتَمِروا بالمعروفِ ، وتَناهَوْا عن المنكَرِ ، حتى إذا رأيتَ شُحًّا مُطاعًا ، وهَوًى مُتَّبَعًا ، ودُنْيا مُؤْثَرَةً ، وإعجابَ كلِّ ذِي رأيٍ برأيِه ، فعليكَ بخاصةِ نفسِكَ ، ودَعْ عنكَ أَمْرَ العَوَامِّ ، وإنَّ من ورائِكم أيامَ الصبرِ ، الصبرُ فيهن مِثْلُ قَبْضٍ على الجَمْرِ ، لِلْعامِلِ فيهن مِثْلُ أَجْرِ خمسينَ رجلًا يعملونَ مِثْلَ عملِكم ، قالوا : يا رسولَ اللهِ أَجْرُ خمسينَ منهم ؟ قال : لا بل أَجْرُ خمسينَ منكم . ))
إذا رأيت شحاً مطاعاً أي مادية مقيتة ، وهوى متبعاً أي الجنس ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه أي الكبر ، كل إنسان محور العالم ، يقول لك : هذا الموضوع لا يناسب العصر ، يكون هناك آية قرآنية ، من أنت ؟ قال :
يقولون هذا عندنا غير جائز فمن أنتم حتى يكون لكم عندُ ؟
***
من أنت ؟ يقول لك : عندي هذا الحكم لا يطبق الآن ، أي الله عز وجل لا يعلم أن هناك ظروفاً أخرى يصعب تطبيقه ؟! الله مشرع ، قال :
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا
الشباب عماد الأمة ومستقبلها فعلينا الحفاظ عليهم :
لذلك أيها الإخوة ؛ ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾
حدثني أخ ، قال لي : والله توزع أفلام إباحية ، زنا محارم ، بلا ثمن ، وبكميات فلكية ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾
﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى ﴾
الابتعاد عن الأشياء التي تصرف الشباب عن دينهم ومستقبلهم :
والله أيها الإخوة ، لو أتيح لنا أن نعيش في مجتمع نطبق الدين تطبيقاً كاملاً ، تجد الشباب منصرفين إلى مستقبلهم ، أما الآن ألف شيء يصرفهم عن الدراسة ، أفلام ، ندوات ، وفضائيات ، وانترنيت ، ومواقع ، ألف شيء يصرفهم عن مستقبلهم ، ألعاب الكومبيوتر أصبحت بالملايين ، كل أموال الطفل يضعها في نادي الكومبيوتر ، ثم يأخذ من أخيه ، ثم يمد يده إلى مال أبيه من دون إذنه ، بلا أي هدف ، لعب ، هم يعيشون على أنقاض الشعوب .
والله أنا أتمنى هذه الألعاب التي لا طائل منها أن تلغوها من حياة أولادكم ، قال لي أخ : يأتي ابني من الصباح- هو بنادي الكومبيوتر - من أجل الألعاب ، إلى متى ؟ نحن حينما تشل هذه الأمة يكون هذا الشلل بشلّ شبابها .
﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾
محاربة ما نقله الغرب إلينا لئلا نصل إلى ما وصلوا إليه :
أقسم لي أخ في الله مقيم في أستراليا قال لي : الإنسان المحافظ بالتعابير الدارجة ، الأصولي ، المنتمي إلى دين ، التقليدي ، القديم - هذا في أستراليا - إذا رأى ابنته تتزين عصراً فقط يحذرها من أن تحمل فقط ، وصلوا إلى هنا .
شاب أحبّ فتاة استأذن والده بالزواج منها ، قال له : لا يا بني إنها أختك وأمك لا تدري- أبوه كان زير نساء - فلما أحبّ ثانية ، قال له : إنها أختك أيضاً وأمك لا تدري ، فلما أحب الثالثة قال له : إنها أيضاً أختك وأمك لا تدري ، هذا الشاب ضجر من أبيه بثّ شكواه إلى أمه قالت له : خذ أياً شئت أنت لست ابنه وهو لا يدري .
هذا الغرب ! سفير دولة عظمى يقام له حفل في وزارة الخارجية ليعطى أوراق اعتماده للدولة التي سيكون فيها سفيراً ، هذا الحفل رجال ونساء ، كل واحد مع زوجته ، هذا السفير معه شريكه الجنسي وليس زوجته ، شيء طبيعي جداً ، أين نحن ؟!
أيها الإخوة ، ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾
من عاد إلى طاعة الله عاد الله إلى توفيقه وحفظه وتأييده :
أيها الإخوة الكرام ؛
﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38)﴾
﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)﴾
هذه آية واسعة ، إن عدت إلى طاعة الله يعود الله إلى توفيقك ، وحفظك ، وتأييدك ، وإن كنت مستقيماً وعدت إلى ما كنت عليه سابقاً الله عز وجل يعود إلى معاقبتك ، هناك قوانين ثابتة .
أوضح مثل أن قانون السقوط أنت إن آمنت به أو لم تؤمن واقع بك ، الدليل اركب طائرة وقل : هذا القانون أنا لا أؤمن به ، أنا أحتقره ، انزل بلا مظلة هل تلغي فعله فيك ؟ لا ، إنما تنزل ميتاً ، ما معنى مظلة ؟ المظلة تأدب مع قانون السقوط ، ما دام هناك سقوط نعمل مساحة كبيرة جداً من قماش غير نافذ يعمل مقاومة للهواء ، هذه المقاومة تجعل الهبوط بطيئاً فتنزل واقفاً ، فالإنسان إذا رفض قانوناً لا يستطيع أن يلغي عمله به هذه النقطة الدقيقة ، الدين له قوانين إن أخذت بها نجوت ، وإن لم تعبأ بها فهي مطبقة عليك شئت أم أبيت ، كلام دقيق ، القوانين التي جاء بها القرآن إن آمنت بها ، وصدقتها ، وتأدبت معها ، وعملت وفقها تنجو ، أما إذا لم تؤمن بها فلن تستطيع إيقاف عملها فيك : ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾
الإسلام قوي لأن الله معه :
﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) ﴾
النقطة الدقيقة في هذه الآية : ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾
أيها الإخوة الكرام ، هذه الآيات تبين أن الإسلام قوي .
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين