- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (008)سورة الأنفال
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الله سبحانه وتعالى لم ينادِ رسوله محمداً باسمه تكريماً وتعظيماً له :
أيها الإخوة الكرام ؛ مع الدرس الثالث والعشرين من دروس سورة الأنفال ، ومع الآية الرابعة والستين وهي قوله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) ﴾
أولاً تلاحظون حينما تقرؤون القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى لم ينادِ رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم باسمه ، قال :
﴿ وَقُلْنَا
قال :
﴿ قِيلَ
يا نوح ، يا آدم .
﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ
﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ
ما قال الله في القرآن كله يا محمد ، بل قال :
﴿
و :
﴿
تعظيماً له ، لأنه سيد الأنبياء والمرسلين ، وسيد ولد آدم أجمعين ، الله عز وجل أوصله إلى سدرة المنتهى .
﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)﴾
الإسراء والمعراج تكريم من الله عز وجل بعد جفوة البشر لهذا النبي العظيم :
بل إن الإسراء والمعراج جاء تكريماً من الله بعد جفوة البشر لهذا النبي العظيم ، لذلك ما من محنة إلا وبعدها منحة من الله ، وما من شِدة إلا وبعدها شَدة إلى الله ، وأي مؤمن حينما يحافظ على طاعته لله وعلى استقامته ، إن جاءته محنة فليعلم علم اليقين أن بعد هذه المحنة منحة ، وإن جاءته شِدة وبقي طائعاً ، مستقيماً ، متوجهاً إلى الله ، فبعد هذه الشِّدة شَدةٌ إلى الله ، فالنبي عليه الصلاة والسلام كما ترون ما خاطبه باسمه أبداً ، بينما خاطب معظم الأنبياء بأسمائهم .
﴿
النبوة مقام إقبال وقرب واتصال دائم بالله والرسالة مقام تبليغ ودعوة إلى الله :
الفرق بين مقام النبوة ومقام الرسالة ، مقام النبوة درجة قرب أعلى درجة ، فلما مرّ الصّدّيق بأحد أصحاب النبي سيدنا حنظلة رآه يبكي ، قال له : " مالك يا حنظلة تبكي ؟ قال : نافق حنظلة ، قال له : ولَمَ يا أخي ؟ قال : نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين ، فإذا عافسنا الأهل ننسى ، من أدب الصديق قال له : يا أخي أنا كذلك ، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انطلقا إليه وحدثاه بما جرى ، قال النبي الكريم : نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ، ولا تنام قلوبنا - مقام النبوة إقبال مستمر على الله - أما أنتم يا أخي فساعة وساعة ، لو بقيتم على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة ، ولزارتكم في بيوتكم " .
معنى ذلك مقام النبوة مقام القرب والإقبال على الله ، أعلى مستوى في الإقبال والقرب مقام الأنبياء ، اتصال دائم ، إقبال دائم ، وأما مقام الرسالة فالرسول معه رسالة ينبغي أن يبلغها ، فأحياناً في موضوع التبليغ :
﴿
في مقام القرب :
الله عز وجل أودع بالإنسان الشهوات والشهوات حيادية :
إذاً الآية الرابعة والستون
﴿
حبّ المال ، ما من إنسان على وجه الأرض يستطيع أن يقول : أنا لا أحب المال ، إنسان يصرح ، إنسان لا يصرح ، أما هذا الميل أودعه الله فينا ، أودع فيه حب العلو في الأرض ، ما من إنسان إلا ويتمنى أن يكون ذا شأن كبير ، يشار إليه بالبنان ، يحترمه الناس ، يعظمونه ، أيضاً هذا مما أودعه الله فينا
الإنسان بالشهوات يرتقي صابراً وشاكراً :
إخواننا الكرام ، الكلام دقيق جداً ، ما أودع الله فينا هذه الشهوات إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسماوات ، كيف ؟
الله عز وجل أعطاك منهجاً ، افعل ولا تفعل ، وإذا قال لك : افعل ، في هذه الحدود ، فحينما أودع في الإنسان حب المرأة شرع له الزواج ، بالإسلام لا يوجد علاقة بين الرجل والمرأة إلا علاقة زواج ، لا يوجد خليلة ، لا يوجد عشيقة ، لا يوجد صاحبة ، هناك زوجة ، المرأة أم ، بنت ، أخت ، خالة ، عمة ، زوجة ، هذه المرأة ، الإسلام نظيف جداً .
الله عز وجل أودع الشهوات فإذا أخذنا ما سمح الله لنا به ارتقينا إلى الله شاكرين ، وإذا تركنا ما نهانا الله عنه ارتقينا إلى الله صابرين ، فأنت بالشهوات ترتقي صابراً ، وترتقي شاكراً ، إذاً هي حيادية ، هي كالبنزين في السيارة ، إذا وضع هذا البنزين في المستودع المحكم ، وسال في الأنبوب المحكم ، وانفجر في المكان المناسب ، وفي الوقت المناسب ، ولّد حركة نافعة أقلتك أنت وأهلك إلى مكان جميل ، أما إذا صُبت هذه الصفيحة على السيارة ، وأصابها شرارة ، أحرق المركبة ومن فيها ، سُلم نرقى بها إلى أعلى عليين ، و دركات نهوي بها إلى أسفل سافلين ، هذه الشهوة ، لولا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات .
بطولة الإنسان أن يتحرك بدافع شهواته وفق الحيز الذي سمح الله له به :
كلام آخر : ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها .
مرة حدثني زميل في العمل ، قال لي : أنا في مرحلة من حياتي كنت شارداً ، وارتكبت أخطاء كبيرة جداً ، ثم أكرمني الله بزوجة ، أقسم لي بالله قال لي : والله ساعة مع زوجة والله راضٍ عني أسعد من ألف ساعة مع امرأة لا تحل لي ، هكذا الفطرة .
إذاً أيها الإخوة ، الله عز وجل حينما أودع الشهوات أعطاك حيزاً مسموحاً به ، كل بطولتك أن توقع حركتك من خلال هذه الشهوة في هذا الحيز ، لا يوجد بالإسلام حرمان ، أنا أخاطب الشباب ، حرمان لا يوجد ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها .
مثلاً إنسان تزوج ، يتم اللقاء الزوجي ، ويقوم على قيام الليل ، ويبكي في الصلاة لأنه فعل شيئاً يرضي الله ، وما خرج عن منهج الله ، وكل إنسان يتقصى طاعة الله الله عز وجل يهديه إلى سبلها ، لذلك بطولتك أن تتحرك بدافع شهواتك وفق الحيز الذي سمح الله لك به .
الله تعالى لا يعاقب الكفار على كفرهم بل يعاقبهم على جرائمهم لانحرافهم واعتدائهم :
لذلك الله عز وجل لا يعاقب الإنسان إذا كفر به ، لكن من لوازم الكفر - الآن دخلنا في الموضوع الدقيق - من لوازم الكفر العدوان ، الإنسان إذا أراد الدنيا ، وكفر بالآخرة ، لا تكفيه زوجته ، وهذا حال معظم الفسقة ، يجب أن يعتدي على امرأة ثانية ، قريبة ، موظفة . . . إلخ ، لأن شهوته إلهه .
﴿
الله عز وجل مرة ثالثة لا يعاقب الكافر على كفره ، يعاقب الكافر على إساءته ، لأنه اعتدى على أعراض الآخرين ، أو اعتدى على أموالهم ، لا يكفيه رزقه ، يريد ملايين مملينة ، فلذلك الله عز وجل لا يعاقب الكفار على كفرهم بل يعاقب الكفار على جرائمهم ، لأنه من لوازم الكفر أن تنحرف .
التلازم الحتمي بين الكفر والعدوان :
الآن أدلة :
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)﴾
هو نفسه ، يجب أن تؤمن أن هناك تلازماً حتمياً بين الكفر وبين العدوان ، العالم ترونه دولاً قوية جداً تحتل بلاداً ، تقتل ملايين ، ملايين مملينة ، مليون قتيل ، مليون معاق ، خمسة ملايين مشرد ، بدعوى البحث عن سلاح شمولي في بلد عربي ، هذا البلد تدمر عن آخره ، كفر ، لا تصدق يوجد إنسان كفر بالله عز وجل اكتفى بما آتاه الله ، من لوازم الكفر العدوان ، دقق :
﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)﴾
من لوازم عدم الإيمان بالآخرة إنسان قوي وبإمكانه أن يأخذ معظم أموال الناس ويعيش حياة تفوق حدّ الخيال ، لَمَ لا يفعل ؟
الانحراف الشديد يحتاج إلى غطاء عقدي هو الإلحاد :
لذلك الانحراف الشديد يحتاج إلى غطاء عقدي هو الإلحاد ، ما السبب أن نظرية دارون راجت رواجاً عجيباً ؟ وأنا أقسم لكم بالله أن دارون نفسه حينما قال : إن لم يثبت العلم نظريتي فهي باطلة ، دارون تصور أن الفأرة تأتي من الخرق البالية ، وأن الضفدعة تأتي من الوحل ، وأن الديدان تأتي من تفسخ اللحم ، هذا كتابه في أصل الأنواع ، قال : وإن لم يثبت العلم نظريتي فهي باطلة ، الآن علماء الغرب الكبار الذين آمنوا بهذه النظرية رفضوها رفضاً كلياً ، ومع ذلك ما من بلد في العالم حتى البلاد الإسلامية تُدرس هذه النظرية في المدارس ، وهذه النظرية تعني أن الله غير موجود ، أبداً ، شيء عجيب ! لماذا ؟ هذه النظرية مريحة ، تلغي المسؤولية ، تلغي الدار الآخرة ، تلغي الحساب ، أي كل سلوك يحتاج إلى غطاء عقدي.
بقال حضر درس علم ، قال المدرس : شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، والله حديث رائع ، صار يستطيع أن يضيف للحليب ماء ، هذه كبيرة ، هكذا قال النبي ، ما من حركة تتحركها إلا بحاجة إلى غطاء ، يسمونها فلسفة ، أو تصوراً ، أو المنطلقات النظرية ، فكل إنسان يتحرك بغطاء ، الغطاء الذي يحتاجه المجرم الإلحاد .
لذلك نظرية دارون راجت رواجاً مذهلاً بالعالم ، أقسم لكم بالله عندي دراسة دقيقة جداً لمعظم العلماء الذين آمنوا بهذه النظرية ، رفضوها رفضاً قاطعاً ، السبب أن هذا الإنسان الذي كان وحيد الخلية المخلوق ، وتطور صار إنساناً ، يوجد شيء اسمه : كائن مرحلي ، من وحيد الخلية لإنسان يوجد بدماغه مئة وأربعون خلية ، هذا المخلوق المرحلي لم يعثر عليه إطلاقاً ، بل إن الأحافير - معنى الأحافير أي آثار الكائنات الحية بالصخور ، أحياناً يثور بركان ، حمم البركان تتراكم فوق الكائنات الحية ، بعد آلاف السنين هذه الحمم تتصخر ، لو كسرت لكان بداخلها شكل الحيوان الذي دفن معها – جميع الأحافير تؤكد أن المخلوقات التي عاشت قبل 530 مليون عام هي نفسها الآن ، باطلة كلياً ، لماذا هي رائجة ؟ تلغي المسؤولية واضح تماماً ؟ معنى ذلك أن الإنسان يعتقد عقيدة تريحه ، وقد تكون غير صحيحة .
أوضح مثل : صديقان عزما العزم على شراء سيارتين ، كل واحد سيارة ، أحدهما اشترى سيارة والثاني لم يشترِ ، في البلد سرت إشاعة أن هناك مشروع قانون لتخفيض الرسوم الجمركية إلى النصف ، الذي اشترى يكذب هذه الإشاعة من دون دليل ، والذي لم يشترِ يصدقها من دون دليل ، تكذيب الإشاعة مريح لمن اشترى ، وتصديقها مريح لمن لم يشترِ .
على الإنسان ألا يعتقد شيئاً من دون دليل قطعي :
انتبه ما كل ما تعتقده صواباً ، كل الأحاديث التي فيها شفاعة بالمعنى الساذج تعلق الناس بها ، لأنها مريحة ، كل أخطائك غُفرت ، مثلاً :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه : سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ :
والله شيء مريح ، عش عشرين أو ثلاثين سنة بالمعاصي والآثام وبعد ذلك قم بحجة رجعت لا يوجد شيء ، من قال لك ذلك ؟ لا يغفر في الحج إلا الذنوب التي بينك وبين الله وحدها فقط ، وما بينك وبين العباد لا يغفر إلا بالأداء أو المسامحة ، صحابي جليل جاهد مع رسول الله واستشهد ، جاء ليصلي عليه قال :
(( عن جابر بن عبد الله كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ لا يصلي على رجلٍ مات وعليه دَينٌ ، فأُتِيَ بميتٍ فقال : أعليه دينٌ ؟ قالوا : نعم ، دينارانِ ، فقال : صلوا على صاحبِكم - صديقه ، أخوه في الله تألم ألماً شديداً - قال أبو قتادةَ الأنصاريِّ : هما علَيَّ يا رسولَ اللهِ ! فصلَّى عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ، فلما فتح اللهُ على رسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قال : أنا أولى بكلِّ مؤمنٍ من نفسِه ، فمَن ترك دينًا فعليَّ قضاؤُه ، ومن ترك مالًا فلوَرثتِه ))
صحابي جليل جاهد مع رسول الله ، واستشهد ، جاء ليصلي عليه ، قال :
أنا أتمنى على الإخوة الكرام ألا يعتقدوا شيئاً من دون دليل قطعي ، العقيدة خطيرة ، إذا توهمت الشفاعة بالمفهوم الساذج تفاجأ يوم القيامة :
﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)﴾
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسام : مَن سلَك طريقًا يطلُبُ فيه عِلمًا سهَّل اللهُ له به طريقًا مِن طُرقِ الجنَّةِ ومَن أبطَأ به عمَلُه لَمْ يُسرِعْ به نسَبُه . ))
(( لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم . . . ))
(( عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ ، فَقالوا : ومَن يُكَلِّمُ فِيهَا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقالوا : ومَن يَجْتَرِئُ عليه إلَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ، ثُمَّ قالَ : إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا . ))
هذا الدين .
من لوازم الكفر ارتكاب الجرائم :
لذلك الله عز وجل لا يعاقب الكفار على كفرهم بل يعاقبهم على جرائمهم ، لأنه من لوازم الكفر ارتكاب الجرائم ، والعالم الآن أوضح شاهد ، ماذا يجري ؟ احتلال دول ، قتل بالآلاف ، بالمئات ، بالملايين ، قتل ، إبادة ، نهب ثروات ، إذلال ، الغرب اتخذ قراراً بالإفقار ، ثم بالإضلال ، ثم بالإفساد ، ثم بالإذلال ، ثم بالإبادة ، الله عز وجل يعاقب الكافر على جرائمه ، مثلاً :
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)﴾
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)﴾
من لم يكن على الحق فهو على الباطل حتماً :
يوجد بالحياة شيء اسمه : اثنينية ، حق وباطل ، خير وشر ، صدق وكذب ، أمانة وخيانة ، فإن لم تكن على الحق فأنت على الباطل حتماً ، الدليل :
(( عن أبي ذر الغفاري قال اللهُ تعالَى : يا عبادي ! إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُه مُحرَّمًا فلا تَظالموا ، يا عبادي ! إنَّكم تُخطِئون باللَّيلِ والنَّهارِ وأنا أغفِرُ الذُّنوبَ جميعًا ولا أُبالي فاستغفروني أغفِرْ لكم ، يا عبادي ! كلُّكم جائعٌ إلَّا من أطعمتُ فاستطعِموني أُطعِمْكم ، يا عبادي ! لم يبلُغْ ضُرٌّكم أن تضُرُّوني ولم يبلُغْ نفعُكم أن تنفعوني ، يا عبادي ! لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وجِنَّكم وإِنسَكم اجتمعوا وكانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ منكم لم يُنقِصْ ذلك من مُلكي مثقالَ ذرَّةٍ ، ويا عبادي ! لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وجِنَّكم وإنسَكم اجتمَعوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني جميعًا فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ منهم مسألتَه لم يُنقِصْ ذلك ممَّا عندي إلَّا كما يُنقِصِ المَخيطُ إذا غُمِس في البحرِ ، يا عبادي ! إنَّما هي أعمالُكم تُرَدُّ إليكم ، فمن وجد خيرًا فليحمَدْني – الآن دققوا - ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلَّا نفسَه . ))
﴿
مثل : سيدنا إبراهيم عندما ألقي في النار ، قال : جاءت ضفدعة تملأ فمها ماء وتنفثه على النار ، لكن هذه الضفدع لا يمكن أن تطفئ هذه النار ، وهناك كائن آخر صار ينفخ ، لا هذا الكائن زادها اشتعالاً ، ولا هذه الضفدع أطفأتها ، لكن كل كائن أخذ موقفاً ، هناك موقف أخذته أنت ، فقد تقف مع الحق ، وقد لا يؤثر هذا الموقف في دعم الحق ، إنسان ضعيف ، وقد تقف مع الباطل ، ولا يؤثر هذا الموقف في ازدياد الباطل ، لكن أخذت موقفاً .
الإنسان إن لم يستقم على أمر الله ولم يتحرك وفق منهجه لابدّ من أن يعتدي على الآخرين:
إذاً أيها الإخوة ، القضية أن الإنسان إن لم يستقم على أمر الله ، وإن لم يستنر بنور الله ، وإن لم يتحرك وفق منهج الله ، لا بد من أن يعتدي على حقوق الآخرين .
(( عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لَتُمْلَأَنَّ الأرضُ ظلمًا وعدوانًا ، ثُمَّ لَيَخْرُجَنَّ رجلٌ مِنْ أهلِ بيتِي ، حتَّى يملأَها قِسْطًا وعدلًا ، كما مُلئَتْ ظلمًا وعدوانًا ))
تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً حتى يأتي أخي عيسى فيملأها قسطاً وعدلاً ، هل تصدقون أن العالم الغربي قتل ثلاثمئة مليون زنجي ؟ والله هناك جرائم مرتكبة بالعالم العقل لا يصدقها ، هذا الكفر ، هكذا الكفر ، من لوازم الكفر العدوان ، والعدوان يومي ، بأحدث الطائرات f16 ، والأباتشي ، قُتل أطفال صغار ، ونساء ضعيفات ، ألف وثلاثمئة امرأة وطفل قتلوا في غزة بأحدث الأسلحة ، المجتمع الغربي بأكمله عقد مؤتمراً بشرم الشيخ ، البيان الوحيد : جئنا من أجل أن نمنع تهريب السلاح إلى الفلسطينيين ، هل تصدقون هذا الكلام ؟
هذه الجرائم ضد الإنسانية ، اعمل كلمة ، تصريحاً ، استنكرها ؟ أبداً ، جئنا من أجل منع تهريب السلاح إلى الفلسطينيين ،
أنا أقول : هؤلاء الطغاة كيف ينامون الليل ؟ هذا الذي هدم سبعين ألف بيت في غزة هذه السنة السادسة ولا زال حيّ يرزق – ونسأل الله أن يمد بعمره - الله كبير ،
الله عزّ وجل شرفنا وكرمنا بعبادته وحده سبحانه :
لذلك :
﴿
اشكر الله ، يوجد باليابان شركات عملاقة ، أهل اليابان ماذا يعبدون ؟ شيء لا يصدق ، هناك من يعبد الحجر ، هناك من يعبد الشجر ، هناك من يعبد الشمس والقمر ، هناك من يعبد النار ، هناك من يعبد الأعضاء التناسلية للرجل ، هناك من يعبد موج البحر ، هناك من يعبد الجرذان في آسيا ، فالله عز وجل شرفنا وكرمنا بعبادة الله وحده ، الواحد الأحد ، الفرد الصمد .
لذلك لا تقلق على هذا الدين إنه دين الله ، ولكن اقلق ما إذا سمح الله لك أو لم يسمح أن تكون جندياً له ، لا تقلق ، إن الله سبحانه وتعالى قادر أن ينصر هذا الدين بالرجل الفاجر .
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
شيء آخر : لا تقلق من وجود الباطل ، الباطل قديم ، الباطل قديم قدم الإنسان ، ولكن البطولة ألا ينفرد الباطل بالساحة ، هناك باطل ، وهناك ملاه ، وهناك جوامع ، وهناك أعمال ساقطة ، فن هابط لا يرضي الله وهناك مساجد ، الباطل قديم ، ولكن البطولة ألا ينفرد الباطل بالساحة .
الآية الكريمة :
(( عن أبي بكر الصديق قلتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن في الغارِ لو أنَّ أحدَهم ينظرُ إلى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنا تحتَ قَدَمَيْهِ فقال :
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
(( ما من مخلوق يعتصم بي من دون خلقي ، أعرف ذلك من نيته فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا ، وما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه ، وقطعت أسباب السماء بين يديه . ))
أي واحد منكم وقد يكون شاباً صغيراً ، من أسرة فقيرة ، وظيفته متواضعة جداً ، إذا كان الله معك أنت أغنى إنسان ، وأقوى إنسان ، وأعلم إنسان ، الله يحب المؤمن يعتز بالله عز وجل ، يحب المؤمن الذي نفسيته عالية جداً ، أنت مؤمن ، الإيمان مرتبة علمية ، وأخلاقية ، وجمالية .
ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلمه . لأنك مؤمن لك مرتبة علمية ، ومرتبة أخلاقية ، ومرتبة جمالية .
من أقام أمر الله فيما يملك كفاه الله ما لا يملك :
﴿
﴿
إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ :
﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
إذا لم تغير ما في نفسك من الشرود إلى الهدى ، من المعصية إلى الطاعة ، من الغفلة إلى الذكر ، الله لا يغير شيئاً عندك ، بل إن مشكلة المسلمين الأولى أنهم يفعلون ما يحبون ، يعيشون وفق أهوائهم ، وينتظرون معجزة من الله تنصرهم على أعدائهم ، هذا شيء مستحيل
﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ
﴿
أما فيما تملك فتحتاج إلى جنود ، إلى من يعينك ،
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين