- محاضرات خارجية / ٠01دروس صباحية - جامع التقوى
- /
- دروس صباحية جامع التقوى - الجزء أول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
سؤال المال ؟
من الموضوعات الكبرى التي يُسأل عنها يوم القيامة :
المال .
من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ؟
حديث شريف : كل لحم نبت من سحت ...........
لذلك يقول عليه الصلاة والسلام :
(( كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ))
كيف نبت من سحت ؟ الإنسان يولد وزنه ثلاثة كيلو ، بالخمسين وزنه سبعين كيلو ، إذاً من الطعام والشراب نبت هذا الجسم .
﴿ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً ﴾
فهذا الوزن ، هذه العضلات ، هذه الطبقة الشحمية ، هذا الجلد ، وهذا العظام نبت إذا كان الأكل الذي يأكله دفع ثمنه من مال حرام ، معنى ذلك أن هذا اللحم نبت من سحت ، لذلك الحديث مرفوع إلى لنبي الكريم ، ورواه عبد الواحد بن زيد ، عن أسلمة الكوفي ، عن مرة الطيب ، عن زيد بن أفعم ، عن أبو بكر الصديق ، في الصحاح :
(( كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ))
يعني الإنسان ينبغي أن يعد للمليون مدققاً في دخله فيه شبهة ، في مال حرام ، في تدليس ، في كذب ؟
يعني ممكن تبيع بضاعة صنع محلي وتوهم الناس أنها مستوردة ، هذا في حرمة كبيرة جداً ، أنت أغفلت الحقيقة عن الشاري صار تدليس ، أو كذب ، أو غش ، العلماء عددوا في البيع والشراء في مئة معصية ، لذلك قالوا :
من أخذ السوق من دون صدق أكل الربا شاء أم أبا .
فالإنسان إذا عمل بالتجارة لا بد من طلب العلم ، لابد من طلب بأحكام التجارة ، متى يكون البيع حلالاً ، متى يكون البيع حراماً ، متى يكون المال الذي أخذ من التجارة في شبهة ؟.
فلذلك الحديث الدقيق والصحيح ، والمرفوع إلى النبي الكريم ، ومن رواية ابي بكر الصديق :
(( كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ))
لذلك بكتب الفقه الرشوة قبلها كلمة ، جريمة الرشوة ، في عنا جريمة قتل ، جريمة الرشوة أخذاً ، أو إعطاءاً ، أو توسطاً ، تؤكد هذه الحقيقة آية كريمة :
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾
في ملمح بالآية دقيق : ما قال الله عز وجل ولا تأكلوا أموال إخوانكم :
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾
يعني مال أخيك هو مالك ، من زاوية واحدة ، من زاوية الحفاظ عليك .
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
أحد أخواني الكرام بالشام محامي ، حدثني عن قصة تكاد لا تصدق ، بيت ثمنه ببضع عشرات الملايين ، هذه القصة بالستينات ، كان الدولار بثلاث ليرات سوري ، الآن بمئة وخمسين بمئة وسبعين ، هذا البيت ثمنه ببضع عشرات الملايين ، فبعد أن توفي صاحبه ، جاء إنسان أبرز عقد شراء للبيت ، والعقد صحيح ما في عليه شيء إطلاقاً ، فالقاضي شك ، لماذا لسنوات طويلة لم تتكلم بكلمة ، حينما توفي صاحب البيت تبرز هذا العقد ؟ هنا في شبهة ، فدعي لحلف اليمين المحامي كان واقف ، طبعاً في طاولة أمام القاضي ، وفي مصحف ، وضع يده على المصحف وأقسم بالله العظيم أن هذا البيت اشتراه بماله الحر ، انتهى اليمين ، يده هكذا فوق المصحف ما نزلها ، قال له القاضي : نزلها يدك ، ميت كان ، ماسك الطاولة ، بهذه المسكة بقي واقف ، بعد ما حلف اليمين جاءته المنية ، مع الله اليمين الغموس من أكبر الكبائر ، تدع صاحبها في النار .
أخوانا الكرام ؛ العبارة جاءت هكذا : جريمة الرشوة أخذاً ، وعطاءاً ، وتوسطاً محرمة .
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
لذلك قالوا : ترك دانق من حرام ، الدانق ؛ ثلث الدرهم ، عملة قديمة ، فقال التستري أحد كبار العلماء : ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام ، أنت قبل كل شيء ينبغي أن تدع الحرام .
قاعدة فقهية : ترك المفاسد مقدم على جلب المنافع .
الآية الأولى : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ..............
لذلك ترك المفاسد مقدم على جلب المنافع ، هذه الآية الأولى :
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
تقريباً قضية المال تغطي تسعة أعشار القضايا الاجتماعية ، المال ، شراكة خصمت شريك اعتدى على شريكه ، أخذ المحل التجاري ، أخرج شريكه من العمل ، هنا مشكلة كبيرة ، تكاد تكون قضايا المال تستحوذ على معظم مشكلات المجتمع .
الآية الثانية : سماعون للكذب أكالون للسحت ..............
لذلك الآية الثانية ؛ قال تعالى يصف اليهود ، قال :
﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْت ﴾
السحت هو الرشوة .
﴿ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾
الآية الثالثة : وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان..............
آية ثالثة :
﴿ وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾
أخطر شيء بحياتك بعد الصلاة المال ، من أين اكتسبته ؟ وفيما أنفقته ؟
حوار بين أخوة كرام ، أخطر شيء بحياتك بعد الصلاة المال ، من أين اكتسبته ؟ وفيما أنفقته ؟ .
يقول بعض العلماء : بابان من السحت يأكلهما الناس ، الربا ، ومهر الزانية ، الزانية تأخذ أجراً على بذل جسدها للزاني ، أيضاً هذا المال حرام .
لكن في سؤال : لو إنسانة زانية ، وزنت ، وأخذت مبلغاً ، وجاءت لبائع القماش وأعطته نفس المبلغ الذي أخذته ممن زنى بها ، لبائع القماش ، وهذا البائع لا يعلم حال المرأة ، يقولون حرمة المال لا في عينه ، بل في طريقة كسبه ، يعني هذا البائع بائع القماش ، باع القماش بسعر معتدل ، أخذ مبلغ ، وإن كان هذا المبلغ نفسه الذي أخذته الزانية ممن زنا بها ، لا عبرة في ذلك ، حرمة المال من طريقة كسبه ، لا من عينه ، واضحة ؟ .
وفي حديث ، خطير الحديث :
(( لعن الله الراشي ))
كلمة لعن من أشد أنواع التخويف ، اللعن ؛ البعد ، لعنه الله أبعده .
(( لعن الله الراشي والمرتشي ))
الراشي الذي يدفع ، والمرتشي الذي يأخذ .
(( والرائش الذي يمشي بينهما ))
الوسيط ، الثلاثة ملعونين ، وفي حديث للطبراني بسند جيد :
((الراشي والمرتشي في النار ))
يعني أخطر شيء كسبك ، هذا الكسب المشروع مبارك فيه ، أحياناً الإنسان يكون كسبه غير مشروع ، عمل تحليل طلع عند الابن مظهر التهاب سحايا ، يدفع أيام خمسين ألف ، بيطلع ما في شي بعدين ، يعني الله قادر يخلك تدفع معظم مالك لأشياء غير نافعة ، في إنسان الله يضاعف له دخله حينما يحميه من الأمراض ، يكون الدخل قليل ، لكن صحته جيدة ، وأولاده ، وزوجته ، ما عنده مشكلة ، هذا الدخل يستطيع أن يبدر حاله فيه ، أما حينما يكون المال حرام ينفق إنفاق غير معقول ، لذلك :
((الراشي والمرتشي في النار ))
(( لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما ))
وعند العلماء : الرشوة كبيرة من الكبائر ، من كبائر الذنوب ، وقبائح العيوب ، وما وقع فيها امرؤ إلا محقت منه البركة ، في صحته ، وفي وقته ، وفي رزقه ، في عياله ، وفي عمره .
إلا أنه في استثناء ، هذا الدين متوازن ، لك بضاعة ، ثمنها خمسة ملايين ، وهي صحيحة ، ما فيها كذب ، ولا تدليس ، ولا لعب بالأسعار ، كل عملك نظامي ، لكن في قوانين معقدة جداً ، قال لك : بدي عشرة آلاف ، أو أشك بكل وثائقك ، أو تحال إلى المحاكمة ، ويمر الوقت سنة ، وقد يسرق نصف البضاعة ، بالحالات الصعبة قالوا ، وهذا كلام دقيق وعلمي : دفع مال لدفع ضرر متحقق ظالم .
أنت تبيع بوظة بحليب بودرة ، وكاتب حليب طبيعي ، فإذا كان ضبطوك ، وحللوا ووجدوا الحليب عير طبيعي ، هذا التحليل ، وهذا العقاب ليس ظالماً ، والعقاب عادل ، وما بتدفع إذا كان عادل ، الرشوة رشوة ، وصاحبها بالنار ، دفع مال لدفع ضرر متحقق ظالم ، لا يمكن تلافيه فالدافع نقول نحن نرجو الله أن يعفو عنك ، أما القابض آثم ، في حالات أهون الشرين ، يقول سيدنا عمر :
" ليس خيركم من عرف الخير ، ولا من عرف الشر ، ولكن من عرف الشريين ، وفرق بينهما ، واختار أهوهما " .
يعني أنا أقول : دقق في موضوع المال ، موضوع المال كبير ممكن أن تحاسب عليه يوم القيامة ، وأحياناً في كلمة البركة ، والله عز وجل يبارك في هذا المال القليل الحلال تنتفع فيه انتفاع لا حدود له .
أنا أعرف شخص قدر أن يصنع مادة غذائية هي اللبن الجميد ، من دون حليب ، من مواد ، ونجح نجاح كبير ، وحقق ملايين ، وما مات إلا مختل العقل ، ومصاباً بمرض خبيث
الله كبير ، أقول الله كبير ولا أشبع منها ، خلي دخلك حلال ، دائماً الحلال في بركة ، في راحة نفسية في نمو ، في سمو .
ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه .
الذي تركت من أجله لا ينساك ، وفي آلاف القصص ، فقضية المال قضية خطيرة تحرى حلال ، تحرى ا كسب ، تحرى ما يكون في مال فيه حقوق الآخرين .
والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، وأمناء دعوته ، وقادة ألويته وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .