- محاضرات خارجية / ٠01دروس صباحية - جامع التقوى
- /
- دروس صباحية جامع التقوى - الجزء أول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، وأمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
العظمة الإلهية .
أيها الأخوة الكرام ؛ من الآيات الكريمة الدالة على عظمة الله ، قوله تعالى :
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ ـ الكفار ـ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبال ﴾
يعني بربكم ، جبل صغير ، بل هو تلة صغيرة ، قاسيون ، هل بإمكان الأرض كلها قوى الأرض ، الجيوش ، العلم ، أن ينقله إلى درعا ؟ شيء مستحيل ، الله عز وجل شبه مكرهم بأن الجبال تزول منهم ، إذاً شيء مخيف .
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبال ﴾
ذلك أن الإنسان يرقى ، ويرقى ، ويرقى ، ويكبر ، ويكبر ، ويكبر ، ولا ترى كبره يتضاءل أمامه كل كبير ، ويصغر ، ويصغر ، ويصغر ، ولا ترى صغره ، يتعاظم عليه كل حقير يعني الإنسان إما أنه فوق الملائكة ، والدليل :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾
إطلاقاً .
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾
إذاً الإنسان إما أن يكون فوق الملائكة ، وبين أم يكون أدنى من أحقر حيوان ، إذا عرف الله أكد إنسانيته ، إذا عرف الله سما .
الفرق بين المؤمن وغير المؤمن .
الحقيقة في مصطلح دقيق سوف أضطر إليه ، الفرق المؤمن ، وبين غير المؤمن الفرق لا بالدرجة ، بل بالطبيعة ، كيف ؟
في ذهب أربع وعشرين عياره ، في ذهب واحد وعشرين ، في ذهب ثماني عشر ، في أحد عشر ، بس كله ذهب إلا أن هذه الأنواع مستويات نقول الفرق بين الذهب الأربع والعشرين ، والثماني عشر ، والحادي عشر فرق بالدرجة ، لكن في ذهب ، وفي معدن خسيس ، نقول فرق بالطبيعة ، أنا أؤمن ، ومعي أدلة ، أن الفرق بين المؤمن وغير المؤمن فرق بالطبيعة ، الأدلة :
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
أنت انظر إلى المؤمن ، انظر إلى تواضعه ، إلى أدبه ، إلى رحمته ، إلى إنصافه شيء رائع جداً ، غير المؤمن ، كذب ، لؤم ، إخلاف موعد ، مصلحة ذاتية ، الأنا مسيطرة عليه .
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً ﴾
الملمح الدقيق بالآية ، لم يقل الله عز وجل ، أفمن كان مؤمناً كمن كان غير مؤمن .
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً ﴾
إن لم تكن مؤمناً لابد من أن يفسق الإنسان .
﴿ ً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
الآية الثانية :
﴿ ًأَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾
الآية الثالثة :
﴿ ًأَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
أخوانا الكرام ؛ المسافة بين المؤمن وغير المؤمن مسافات شاسعة جداً .
مرة ثانية : المؤمن ذهب ، وغير المؤمن معدن خسيس ، لا قيمة له .
المكر :
فلذلك :
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ ﴾
أحياناً يكون بلد معين له نظام معين ، يتآمر كم ضابط على الحكم كل الخطط التي وضعوها عند الحاكم ، سيحاسبون عليها .
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبال ﴾
لذلك :
﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾
الآن أنا أقول دائما : أحد أكبر مشكلاتنا أننا ما صدقنا ربنا حينما قال :
﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾
يتضح الآن أن في عداء مستحكم بين الغرب والشرق ، الغرب يتمنى أن يدمر الشرق كما ترون ، هذه الدول العربية التي تعاني ما تعاني ، الغرب يعني يتفرج فقط .
يعني مرة أرسلت روسيا إلى الفضاء الخارجي كلبة اسمها لايكا ، بالخمسينات ، الدنيا قامت ولم تقعد في الغرب ، كيف يضحون بحياة كلبة ، وحياة مئتين ألف ، أربعمئة ألف ، مفقود العدد نفسه مفقود ، والعدد نفسه جريج ، والعدد نفسه ملايين ، مشرد عشرة ملايين مشردين ، ولا حركة ، ولا سكنة ، ولا اعتراض ، ولا اجتماع ، هذا واقع ، لذلك هذه الثورات كشفت حقائق الغرب كشفت حقيقة القيم المزيفة التي ينادون بها .
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبال ﴾
لذلك قيل : لا تكرهوا الفتنة فإن فيها حصاد المنافقين ، بالفتن النفوس تنكشف والأوراق تكشف ، يعني أحيانا بكون الانسان يخدع الناس لمعظم الوقت ، في الفتنة تنكشف الهويات تنكشف الاتجاهات ، لذلك مستحيل وألف ألف ألف مستحيل ، أن تقول ما شئت عن نفسك ، ثم لا تحجم عند الله ، قد تستطيع أن تخدع معظم الناس لبعض الوقت ، وقد تستطيع أن تخدع بعض الناس لكل الوقت ، أما أن تخدع كل الناس لكل الوقت هذا مستحيل ، في تعليق مني : أما أن تخدع الله أو نفسك لثانية واحدة مستحيل .
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾
يعني الإنسان يعرف نفسه ، الآن موقف هؤلاء طرف الآخر :
﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾
الآن :
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبال ﴾
الصبر :
دقق :
﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾
هل تصدقون أن خلاص العالم الإسلامي بكلمتين :
﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا ﴾
يعني الطاعة مع الصبر ، ماذا بعدها ؟ النصر .
المعصية مع الصبر ماذا بعدها ؟ القبر .
ما دام في معاصي وآثام ، شهواتنا مسيطرة ، مصالحنا مسيطرة ، على حساب مبادئنا .
ماذا بعد هذه الأزمات وتلك النكبات ، وهذه المآسي إلا القبر .
أما إذا في استقامة بعد هذه الأزمات في النصر ، هذه حقيقة دقيقة ومشجعة للإنسان ليصطلح مع الله .
(( اذا رجع العبد العاصي الى الله ، نادى منادٍ في السماوات والأرض ، أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ))
الشيء الآخر :
﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
بالمناسبة أخوانا الكرام ؛ بالفيزياء مقاومة قوى الشد تعني المتانة ، ومقاومة قوى الضغط تعني القساوة ، فالألماس أقسى عنصر لو وضعت ، يوضع خمسمئة وخمسين كيلو ، فوق سم مكعب ألماس ما ينسحق ، خمسمئة وخمسين كيلو ، أقسى عنصر على الإطلاق بالكون الألماس بعد هذا العنصر ميناء الأسنان ، أقسى عنصر بعد الألماس ميناء الأسنان ، هذه القساوة ، المتانة الفولاذ المضفور .
لذلك التل فريك ، المصاعد ، الأشياء التي تحمل أثقال كبيرة جداً الفولاذ المضفور المتانة قوى الشد ، والقساوة مقاومة قوة الضغط .
فلذلك قال :
﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
التدبير الإلهي متين ، مهما كان الإنسان قويا ، مهما تحرك هو في قبضة الله ، لذلك سيدنا داوود قال :
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
حينما تأتي على مع لفظ الجلالة تعني : ألزم ذاته العلية .
بالمناسبة أخوانا الكرام ؛ حينما تأتي على مع لفظ الجلالة ، المعنى أن الله ألزم ذاته العلية بهداية الخلق .
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
يعني ألزم ذاته العلية بالاستقامة ، الآن الآية الكريمة :
﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا ﴾
إياك أن تظن ذلك ، معنى سبقوا أنهم فعلوا شيئاً ما أراده الله ، أو أنهم تفلتوا من عقاب الله ، هم قبضة الله .
﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ ﴾
لذلك الأمر الإلهي :
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ ﴾
يا أخوان في ملامح للقران دقيقة جداً ، يعني الله عز وجل من رحمته بنا ما كلفنا أن نعد القوة المكافئة قد يكون هذا مستحيل ، معهم قنابل ذرية ، نووية ، وسائل للتدمير تفوق حد الخيال ، بدولة عظمى انهارت بالعصر الحديث ، في عندها قنابل نووية تدمر خمس قارات خمس مرات ومع ذلك تداعت من الداخل ، وأصبحت من الدول الأقل شهرة .
أخوانا الكرام ؛ الطرف الآخر، قال :
﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ﴾
يعني الطرف الآخر همه الاول :
﴿ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ﴾
هذا المنهج إلهي ، لا يضاف عليه ولا يحذف منه ، توقيفي.
فذلك هذا الدين لا يمكن أن نقطف ثماره ، إلا إذا طبقناه مئة بالمئة ، أما تطبيق جزئي ، هذا الشيء لا يقدم ولا يؤخر .
إخوانا الكرام ؛ الآيات التي تبشر ، لا تعد ولا تحصى ، وزوال الكون أهون على الله من أن لا يحقق وعوده للمؤمنين ، يعني هذا اللقاء الطيب علاقة المسلمين بالطرف الآخر ، القوانين الهي التي قننها الله ، زوال الكون أهون على الله من ألا تقع ، فكان :
﴿ وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً ﴾
﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾
﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً ﴾
فالإنسان حينما يعتمد على وعد الله عز وجل ، هذه الوعود هي قوانين ، القانون يعني النتائج حتمية ، القانون يعني هو علاقة ثابتة بين المقدمات والنتائج ، هذه العلاقة الثابتة يؤكدها الواقع ، وعليها دليل ، فالآيات المبشرات بين أيدينا ، والله عز وجل إله الصحابة إلهنا ، خالق الكون خالقنا ، القوانين ثابتة ، فالبطولة أن تبحث عن هذه القوانين .
العبد الفقير ، ألقيت مرة برمضان ثلاثين حلقة بالمساجد عن قوانين القرآن ، وهي مودعة في الموقع ، في ثلاثين قانون ، القانون مريح جداً ، هنا :
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبال ﴾
فأنت لما تقرأ القرآن قراءة ، في تعبير دقيق : يقول سيدنا سعد بن أبي وقاص ، هذا كان خال رسول الله ، ما دخل عليه إلا وداعبه ، يقول : هذا خالي ، أروني خالاً مثل خالي ، وما فدا أحداً في حياته إلا سعد بن أبي وقاص ، قال :
(( ارمِ سعد فداك أبي وأمي ))
هذا سعد يقول : ثلاثة أنا فيهن رجل ، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ، ما صليت صلاة فشغلت نفسي بها حتى أقضيها ، ولا سرت في جنازة فحدثت نفسي بما تقول حتى أنصرف منها ، الشاهد بالثالثة : وما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حق من الله تعالى ، هذا المؤمن ، ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حق من الله تعالى .
اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .