وضع داكن
20-04-2024
Logo
رياض الصالحين - الدرس : 057 - حديث إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه - التحذير من ارتكاب ما نهى الله ورسوله عنه
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

تمهيد :


أيها الإخوة الكرام؛ في كتاب رياض الصالحين, وهو من الكتب القيمة في الحديث الشريف، أحاديثه صحيحة، وأبوابه منظمة، وفي كل باب كما تعلمون, بدأ ببعض الآيات المتعلقة بموضوع الباب، ثم يأتي بالأحاديث الصحيحة، اخترت لكم اليوم باب: 

التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه.

هناك منهيات، وهناك مأمورات.

المنهيات: إن فعلت واحداً منها حجبت عن الله عز وجل، خطورتها أنها تحجب عن الله.

المأمورات: أما إذا أمرك الله, أن تدفع من مالك صدقةً, فتصدق بقدر ما تستطيع، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

ما أمرتكم به فافعلوا منه ما تطيقون، ما نهيتكم عنه فاتركوه كلياً.

المنهيات لها شيء، والمأمورات لها شيء، المنهيات مهلكة.

ضربت مثلاً سابقاً: مستودع منهي أن يكون غير محكم، إذا كان غير محكم فكل ما فيه تخسره، أما حينما تكلف أن تملأه، وهو محكم, فاملأ منه بقدر ما تستطيع، كل شيء وضعته في هذا المستودع محفوظ، لأنه محكم، الأمر بقدر ما تستطيع، الصدقة، صلاة النفل، صيام النفل، الدعوة إلى الله، القدرة على إقناع الناس بقدر ما تستطيع، أما إطلاق البصر فمحرم، لأن فيه نهيًا. 

الآية الأولى:

يقول الله عز وجل:

﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)﴾

[ سورة النور ]

دائماً في الأمن الجنائي كلما وقعت جريمة, هناك مقولة: ابحث عن المرأة.

في الأعم الأغلب: وراء كل جريمة امرأة.

قياساً على هذه القاعدة: كلما وقعت مشكلة فابحث عن المعصية.

لذلك: بركة مجالس العلم, أنها تعرفك بمنهج الله، تعرفك بموقعك من الدين، هذا هو الحكم الشرعي، هذا هو الحلال، هذا هو الحرام, فأنت حينما تعرف الحلال والحرام، والخير والشر، وما ينبغي وما لا ينبغي، تعرف موقعك، وأول خطوة في حل أي مشكلة: 

أن تحددها، فإذا حددتها كانت التحديد أولى مراحل حل المشكلة.

لذلك العلماء قالوا: ((درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، دع خيراً عليه الشر يربو، لا مؤاثرة في الخير)) يتوهم الإنسان أن هذه المرأة فيها خير، وسأدعوها إلى الله، وسأجلس معها ساعات طويلة، ولو في خلوة بنية هدايتها، والأخذ بيدها إلى الله، هذا منزلق شيطاني ((درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، دع خيراً عليه الشر يربو)) قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)) العذاب الأليم بعد المعصية، والفتنة فساد ذات البين، فساد العلاقات، فساد علاقة زوجية, انتهت إلى الطلاق، فساد بين شريكين, انتهت إلى فصم الشركة، فساد بين أقرباء, انتهت إلى المعاداة والحرب، هذا كله من المعاصي.

 

معاناة العالم الإسلامي:


أيها الإخوة؛ يوجد مشكلة يعاني منها العالم الإسلامي اليوم، في كل قطر هناك فتاوى كأنها تبيح الحرام، هنا في هذا البلد فرضاً, يوجد فتوى من أكبر عالم بإباحة الربا، هنا في هذا البلد -بلد في شمال أفريقيا- يبيح الصحون الفضائية, ورؤية الأفلام الإباحية، هكذا ببساطة، هنا يبيح الاختلاط.

فالمشكلة الخطيرة: أنت محاسب أمام الله وحدك، وكل إنسان يتكل على فتوى, أنا أعده ساذجاً، سوف تحاسب حساباً عسيراً، ولن ينجيك هذا الذي اعتمدت على فتواه.

 

مثال للتوضيح:


أيها الإخوة؛ فأحياناً القضية مضحكة، أضرب لكم مثلاً في رياضيات: 

الأعور نصف بصير، صحيح، البصير له عينان، هناك عين معطوبة.

عندنا قاعدة في الرياضيات ثابتة: أن حدين أو أكثر إذا ساويا حداً واحداً فهما متساويان.

أحضر مثلاً بالعملات:

خمسة آلاف ليرة تركي تساوي دولارًا.

خمسين ليرة سورية تساوي دولارًا. 

ألف خمسمئة ليرة لبنانية تساوي دولارًا.

هل أنت تعتقد أن الخمسة آلاف ليرة تركي تساوي ألف وخمسمئة ليرة لبنانية، تساوي خمسين ليرة سورية؟. 

لماذا هذه الحدود متساوية؟. لأن جميعها تساوي حداً واحداً.

هل هذه القاعدة واضحة؟.

الأعور نصف أعمى. صحيح.

والأعور نصف بصير. صحيح.

نصف الأعمى ونصف الأعور متساويان, أليس كذلك؟. 

إذا عندنا كسران عشريان, بإمكانك أن تقسمهما على عدد ثابت، والقيمة لا تتغير، ممكن أربعة من ثمانية، أربعة من ثمانية تقسيم اثنين، اثنين من أربعة.

الأعور نصف بصير، والأعور نصف أعمى، نصف الأعمى ونصف البصير ساويا حداً واحداً فهما متساويان.

إذاً: نصف البصير يساوي نصف الأعمى، تقسيم اثنين, يكون الأعمى كالبصير، الله عز وجل قال:

﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19)﴾

[ سورة فاطر ]

ما رأيك بهذه في الرياضيات، هل هي مقبولة؟. هذا نقاش بيزنطي.

طبعاً الرياضيات مقبولة، ولكن في الأمور الاجتماعية، والإنسانية غير مقبولة. 

يمكن أن أعمل لك كلمة أولى، وثانية, وحاجيات, تكون النتيجة أن الشيء المحرم مباح؟. 

ليس معقولا، فالحرام حرام، قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

[ سورة النور ]

ما كل محاكمة رياضية تؤدي إلى حكم شرعي، فلذلك قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63))

الآية الثانية:

قال تعالى: 

﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)﴾

[ سورة  آل عمران ]

الله عز وجل وضع منهجًا، وهذا المنهج لا بد من أن يتبع، فإذا خالفه الإنسان دفع الثمن باهظاً.

ذكرت لكم البارحة, أن المؤمن كان جريئاً، وآمن، وتحمل بعض المشاق، لكن قبض الثمن باهظاً يوم القيامة، والكافر رد هذا المنهج، ودفع الثمن باهظاً يوم القيامة، وفي الدنيا قضية منهج، الله عز وجل هو الذي أمر، وهو الذي نهى، وهو الحكيم الخبير.

أنا أريد ألا تعتمد على فتوى، في مصر يوجد فتوى، في الجزائر هناك فتوى، بالمغرب في فتوى، فتاة تسبح بملابس السباحة، قالوا: هذا هو الحجاب في المغرب، شيء لا يصدق، ما بقي من الإسلام إلا اسمه، وما بقي من القرآن إلا رسمه، هذا في آخر الزمان.

الإسلام كيان جامد، واضح المعالم، هذا الكيان سخناه فصار لزجًا، سخنّاه فصار مائعًا، سخناه فصار بخارًا.

الآن: الإسلام بخار ليس له حجم، يقول لك: فكر إسلامي، أرضية إسلامية، خلفية إسلامية، مشاعر إسلامية، ولكن السلوك لا يوجد شيء منه إطلاقاً، والأمثلة كثيرة جداً.

فأنا الذي أريد أن أؤكد عليه: لو استطعت أن تنتزع من فم النبي صلى الله عليه وسلم فتوى، ولم تكن محقاً, لا تنجو من عذاب الله, لا تعتمد إلا على النص الصحيح، فالمحلل محلل، والمحرم محرم، وما سمح الله به سمح الله به، وما لم يسمح به ما لم يسمح به.


مراقبة النفس ضرورة شرعية.


أيها الإخوة؛ راقب نفسك.

عندك بيت، تريد أن تبيعه، خرجت منه، فرأيت أمامك وسيطًا عقاريًا، سألته هل تشتري هذا البيت؟. 

قال لك: بثلاثة ملايين.

بربك هل تبيعه فوراً؟!. 

تقول له: ادخل نكتب العقد. لا!. 

تسأل وسيطًا آخر ثالثًا، رابعًا، خامسًا.

لماذا في بيع بيت تسأل عدة وسطاء، وفي أمر دينك تعتمد على فتوى غير صحيحة؟. 

يوجد أشياء محرمة قطعاً بثنايا الكتب.

بالمناسبة: هذه بيوت الشام كلها، هل يوجد بيت لا يوجد فيه سلة مهملات، وهذه ألطف كلمة؟ لو جمعت قمامات البيوت كلها, لصار عندك جبل من القمامة، أليس كذلك؟. 

إذا كان في كل كتاب يوجد دس، وأخذنا هذا الدس، بكل كتاب فقه يوجد تطرف، حكم غير مقبول، أخذنا هذا الحكم، وجمعنا كل هذه السقطات من الكتب في كتاب.

أنا وقع تحت يدي كتاب قبل سنة تقريباً، اطلعت عليه من دفته إلى دفته، والله ما من معصية في الإسلام إلا وهي مغطاة بفتوى.

قلت: كأن هذا الكتاب حاوية، كيف جمع مؤلفه كل هذه السقطات من كل الكتب في كتاب واحد؟.

كأنه سمح لما دون الزنا بقليل للشباب، كسب المال الحرام مسموح، واللقاء مع الفتاة مسموح، والاختلاط مسموح، والربا مسموح.

الآن: مشكلة المسلمين, يظن أنه إذا أخذ فتوى من أي إنسان، نحن في بلدنا العلماء منضبطون، ويوجد تشدد، ولكن تأتينا فتاوى بعيدة جداً من مصر، من شمال أفريقيا، غير معقولة إطلاقاً، كأنها تبيح الحرام الصريح، فإذا اعتمد الإنسان على هذه الفتوى, لا ينجو من عذاب الله، لأنه يوجد فتوى، ويوجد تقوى، والتقوى أولى أن تعتمد عليها، فالآية الكريمة: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)) لذلك: العلم لا يؤخذ إلا عن الرجال، ومن لم يأخذ العلم عن الرجال, فهو ينتقل من محال إلى محال، لأنه من أدراك أن هذه الفتوى دست على هذا العالم، وهو منها بريء.

 

الدس في كتب المسلمين.


يقول الإمام الشعراني: إني حملت كتاباً معيناً، وذهبت به إلى مكة المكرمة، وفي هذا الكتاب أشياء كثيرة لا ترضي الله عز وجل، التقى بأحد علماء مكة المكرمة، فوجئ أن هذا العالم عنده نسخة بخط المؤلف، فلما عرض نسخة المؤلف الأصلية على هذه النسخة, كل شيء أنكره في هذا الكتاب, لم يجده في هذه النسخة الأصلية.

إذاً: هو مدسوس.

وقال: ودسوا علي أنا كتاباً ما ألفته.

ودسوا على الإمام أحمد بن حنبل عقائد زائغة.

ودسوا على الإمام الفيروز آبادي كتاباً ما ألفه.

ودسوا على الغزالي في إحيائه كلاماً ما قاله.

ودسوا على أبي حنيفة كلاماً ما قاله.

عندنا بحث مطول عن الدس في الإسلام.

هل يمكن لامرأة حسناء تصلي بين الصحابة؟. 

الحكم الفقهي إذا حازت المرأة رجلاً فالصلاة فاسدة، امرأة تصلي بين أصحاب رسول الله، وبعضهم يصلي خلفها, ليرى محاسنها في أثناء ركوعها وسجودها، وبعضهم يصلي أمامها لئلا يرى محاسنها، هذا كلام غير مقبول إطلاقاً، الصحابة أرفع من هذا.

هل صحَّ أن النبي عليه الصلاة والسلام, كان يمشي في الطريق فرأى بابًا مفتوحًا، نظر إلى امرأة عارية تماماً، تغتسل فوقعت في نفسه, فقال: سبحان الله، فأمره الله عز وجل أن يتزوجها، والقصة لا أصل لها إطلاقاً.

أنا أريد أن أضع بين أيديكم مقاييس دقيقة: ما كل شيء تقرأه في الكتاب صحيح إطلاقاً، يوجد أشياء مدسوسة، يوجد أشياء ليس لها أصل.

حدثني دكتور في التاريخ، والله أنا أكبرته، أجرى بحثاً مطولاً حول قصة الراهب بحيرة، قصة لا أصل لها إطلاقاً, قصة دست في التاريخ الإسلامي، وكم من قصة دست في التاريخ الإسلامي ولا أصل لها؟.

 

كتب الحديث خالية من هذا الدس.


أيها الإخوة؛ الحقيقة الدقيقة: أنه ما أتيح للتاريخ الإسلامي رجال عظام كما أتيح للحديث الشريف، هناك رجال عمالقة قرؤوا الحديث، ومحصوا الحديث، وفرزوا صحيحه من ضعيفه, من موضوعه، ودرسوا الرجال، ودرسوا علم الجرح والتعديل، إلى أن توصلوا إلى تصفية هذه السنة من كل ما دس عليها، ومن كل حديث موضوع، أو ضعيف دخل فيها، أما التاريخ ففيه أشياء غير معقولة إطلاقاً، ومبالغات لا يقبلها عقل، فهذا الدين، استقامت عقيدتهم، واستقام تفكيرهم، واستقامت سيرتهم.

 

تنبيه.


أيها الإخوة؛ أنا أنبه إخوتنا الكرام, أن هناك فتاوى من خارج بلادنا ليست صحيحة ، وليست مقبولة، وهناك عليها ألف دليل يبطلها، قوله تعالى:

﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)﴾

[ سورة البقرة ]

مكان الحرث معقول، فهل يعقل أن تجد فتوى بإباحة الإتيان من مكان آخر؟ مستحيل.

يقول لك: في الكتاب الفلاني، في الصفحة الفلانية.

أنت الآن ساكن في الشام، ذهبت إلى بريطانيا مثلاً، ورأيت كتاب جغرافيا من أعلى مستوى، ألفه ثلاثة وثلاثين دكتورًا في الجغرافيا، وطبعته أكبر دار نشر، فتحت إلى الشرق الأوسط، فإذا دمشق على الساحل، تحت بيروت, هل تصدقه؟ مستحيل.

أنت من أبناء دمشق، ودمشق مدينة داخلية، لو تجد ألف كتاب, يضع دمشق تحت بيروت لا تصدق، الواقع أقوى من أي نص.

مثلاً: أنا أردت من مثل الرياضيات، وهو مثل مضحك, أن الأعور نصف أعمى، الأعور نصف بصير أيضاً، إذا ساوى حدّان في الرياضيات حداً واحداً فهما متساويان، نكتب نصف الأعمى يساوي نصف البصير، قسم على اثنين, صار الأعمى كالبصير، والله تعالى قال: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19)) هذا شيء للتسلية مع أنه رياضيات، ما كل معادلة رياضية تفضي إلى تعطيل حكم شرعي نقبلها.

اليوم إذا كان في فرنسا, لا بد للفتاة أن تخلع حجابها, كي يسمح لها بدخول مدرسة فرنسية يقال: هكذا النظام هناك.

أخي هذه ضرورة، ما معنى الضرورة؟. 

الضرورة مطاطة، ماعت، وساخت، وساحت.

الضرورة: أن تخاف الهلاك أنت, ومن تعول جوعاً، أو عرياً، أو تشرداً، هذه هي الضرورة.

حينما تهدد حياتك بالخطر، وحياة من حولك, من أولادك، وأهلك جوعاً، أو عرياً، أو تشرداً, فهذه هي الضرورة، أما إذا أمكنني أن أضع ابنتي في معهد شرعي إسلامي، بإمكاني أن أدرسها، أما أن أجعلها هكذا سافرة, تدخل إلى المدارس، وتختلط بالطلاب في سن المراهقة، وقد تفسد، وقد تخسر دينها، وقد تخسر شرفها مثلاً، فهل نسمي هذا ضرورة؟.

الحقيقة: أنا أستمع إلى فتاوى عجيبة جداً.

مرة سئلت على الهاتف: هناك امرأة صاحبة دين جداً، وحافظة كتاب الله، وجاءتها زجاجة -لا أسمي اسمها بدرس دين- زجاجة خمر بالاسم الكبير، وغالية جداً، هل مسموح أن تقدمها هدية لإنسان غير مسلم؟ يوجد فتاوى مضحكة.

فيا أيها الإخوة؛ محور الدرس اليوم الآن: 

يتصدر لنا فتاوى من العالم الإسلامي غير مقبولة إطلاقاً.

أنا لا أدخل بالتفاصيل، ونحن بفضل الله هذه البلدة بلدة مباركة، فيما أعتقد أن علماءها ورعون، وأن علماءها منهجيون، ولا يفتون إلا بالحق وبالدليل، أما إذا جاءتنا فتاوى عن التمثيل, والغناء، والاختلاط كله مسموح, ولم يبقَ شيء أساساً، صار الدين غازاً، كان جسم صلباً، وله حجم معين، صار لزجاً, يتشكل كما تريد، وصار مائعاً يدخل بأي قارورة، ثم صار غازاً ليس له حجم، ولا شكل ثابت، بقي ثقافة إسلامية، خلفية إسلامية، أرضية إسلامية، نزعة إسلامية، اتجاه إسلامي، تفكير إسلامي، مشاعر إسلامية، مكتبة إسلامية، ولكن لا يصلي، الإسلام صار وردة نتزين بها على صدورنا، لن تنجو من الله بفتوى.

مرة قال لي صاحب مطعم، والمطعم يبيع خمراً: أنا ليس لي علاقة إن شاء الله، هي في رقبة شريكي، قلت له: أنت تأخذ الأرباح، قال: هذه ليس لها علاقة، أنا مضطر أن آخذ أرباحي، ولكن برقبته إن شاء الله، لا ينجو من عذاب الله، أنا أعطيكم أفكاراً دقيقة، فلذلك: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)

الآية الثالثة:

قال تعالى:

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)﴾

[ سورة البروج ]

قال لي شخص البارحة: أنا دفعت زكاة مالي ضعفاً بالخطأ, هل أستطيع أن أستردها؟ قلت له: أجمل خطأ بكل حياتك, أن تخطئ مع الله في دفع الزكاة، لأن الله يمكن أن يعطيك ملايين مملينة، ممكن أن يجعلك شحاداً، هل تريد أن تحاسبه بهذه الدقة؟ دفعت زيادة وانتهى الأمر, تريد أن تسترجعها، يريد أن يحسبهم على السنة القادمة.

سمعت من يومين عن إنسان, وقع في خطأ بسيط, كان بالإمكان أن يتلافاه، كان سوف يدفع قريباً من مئتي مليون، وأنت تجمع المال ألفاً وراء ألف، مئة وراء مئة، وتدفعها مئتي مليون، وأنت راغب لتنجو من عذاب أكبر, قال تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)) ذكرت هذا كثيراً، الإنسان بهذا الميليمتر, قطر الشريان الأبهر التاجي، كل حياتك، وكل نشاطك، ومكانتك، وهيمنتك، وشخصيتك، وأولادك أمامك، ومحلك التجاري، ومركبتك, وسجلك التجاري، ومستورداتك، وصادراتك كلها, على هذا الميليمتر إذا ضاق, فلا شيء في الحياة له معنى عندك.

تحتاج إلى قثطرة, وزرع، وبالون، وراصور، ومدأب، يا ترى بالشام؟ أم بالأردن؟ أم في لبنان؟ أم في أمريكا؟ أم في بريطانيا؟ ومتى؟ وتحاسب الله عز وجل على مبلغ دفعته خطأ بالزكاة، وتريد أن تسترده بالسنة القادمة, قال تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)) .

قال لي رجل: والله يا أستاذ لي معمل وبيت مع الحديقة ألف متر مساحته، ثلاث سيارات، سيارة للمعمل، وسيارة للسفر فخمة جداً، وسيارة للمدينة، قال: ما دخل بيتي الحلويات إلا بالصواني، وما دخلت الفاكهة إلا بكميات الجملة، وجدته والله يأكل علبة السردين بلا صحن، وينام على طاولة التفصيل في غرفة قميئة في أطراف دمشق، خسر ماله كله، إن الله إذا أخذ أدهش, قال تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)) .

 

الخلاصة:


أنا أقدم لكم حقيقة دقيقة جداً: 

المأمورات: أمرك الله سبحانه وتعالى بالصدقة، بخدمة الخلق، بالدعوة إلى الله على قدر ما تستطيع. 

أما المنهيات: فلا يوجد فيها حل وسط ، الاستقامة يجب أن تكون محكمة, وإلا فقد قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وقال تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)

  الآية الرابعة:

قال تعالى: 

﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)﴾

[ سورة هود ]

الله عز وجل يعلم كيف يداوي؟ يقول لك: أنا مقيم في بلد الإنسان حرياته مقدسة، كرامته مقدسة، وممكن أن يأخذ حقه الكامل، يعني في هذا البلد لا يوجد أدوية للمنحرف، يوجد مليون دواء من نوع ثان، يوجد حوادث سير، زنوج، يوجد أمراض عضالة، ألم يقدر الله عز وجل أن يخلق إنساناً من دون مرض؟ قادر، وأكثر الحيوانات لا تمرض، عندما يكون المرض ليس له علاقة بالتكليف، لا يوجد حاجة للحيوان أن يمرض.

الدواب مثلاً تأكل، وعندما تشبع تترك الطعام، مهما حاولت لا يمكن أن تأكل لقمة زائدة، هي مجهزة ألا تضر نفسها، الحيوان غريزياً مصمم ألا يضر نفسه.

الله عز وجل جعل المرض أداة تأديبية للإنسان، وأثمن شيء صحة الإنسان.

 

قصص فيها عبر:


أنا أعرف شخصاً, فقد بصره، ويحمل أعلى شهادة، ويحتل أعلى منصب، في بعض الوزارات، ومتزوج من امرأة فرنسية، وله دخل، ومكانة، وهيمنة، ومرتبة قريب من وزير، فقد بصره, له صديق هو صديقي، بعد شهرين سرح من عمله، فزاره في بيته، فقال له: والله أتمنى أن أجلس على الرصيف, أسأل الناس لقمة آكلها، وليس على كتفي إلا هذا المعطف، وأن يرد الله لي بصري.

مرة كنت عند طبيب، سمعت مكالمة, قال له الطرف الثاني: أي مكان في العالم، وأي مبلغ، قال له الطبيب: السرطان بالدرجة الخامسة لا يوجد أمل إطلاقاً, قال تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)

يوجد شخص قصته مفيدة جداً، والقصة فيها موعظة: يوجد شخص له عمة وأب، اشترك أبوه مع عمته في شراء بيت في جمعية سكنية، فالعمة لها إلمام بالقوانين، واطلاع واسع، فالبيت كان ثمنه مئتان وخمسون ألفا من عشرين سنة.

الآن: ثمنه ثمانية عشر مليوناً، فهذه الأخت طلبت من أخيها أن يخرج من البيت، قال لها: ما هذا الكلام؟ قالت له: البيت كله لي، والبيت باسمها، ولكن أخاها دفع نصف ثمن البيت بالتمام والكمال، ولكن ما خطر في باله, أن يطالب أخته بتسجيل نصف البيت له ، أخت نسبة من أب وأم، قالت له: سوف أعطيك مليوناً وتخرج, وإلا أستطيع أن أخرجك.

هذا الأخ كم من ابن عنده؟ ثلاثة عشر ولد موظف، ودخله محدود، وليس له إلا هذا البيت، والأخت الملمة بالقوانين, يبدو أنه يوجد عندها خطة مسبقة بإخراجه من البيت ، طبعاً الأخ لا يوجد شيء باسمه، ولا يوجد وصل بالمبالغ، بين أخ وأخته المعاملة.

جاء الابن أحد إخوانا، وقال لي: هكذا فعلت معنا عمتي، القصة طويلة، وبشيء مختصر, التهديد نفذته، وأخرجته من البيت، وسكن نصف الأولاد في بيت الجدة، والنصف الآخر في بيت الجد، ووضعت الأغراض في مستودع، وهذه الأسرة شردت، وانتهى الأمر ، والهدف تحقق.

أخت شقيقة لأخ شقيق, دفع نصف ثمن البيت بالتمام والكمال، ولكن خطأه لم يسجل حصته في البيت، ولم يأخذ وصلاً منها، لما صار البيت ثمنه ثمانية عشر مليوناً, دخل الطمع.

يقول لي هذا الأخ: عمتي معها سرطان، والعياذ بالله، لا تنام الليل، وصوت صياحها, يصل إلى كل الطوابق، أعرف السرطان بالأمعاء يبقى سنتين، بعد شهر قال لي: توفيت، وذهبت إلى البيت، وألقيت كلمة في البيت، من وريثها الوحيد؟ أخوها، عاد إلى البيت هو وأولاده، بعد شهرين من خروجه من البيت, قال تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ).

هناك قصص يشيب لهولها الولدان، عندما يتدخل الله، عندما يظلم الإنسان.

أنا أنصح إخواننا الكرام, لا تعتمد على فتوى مستوردة، وأنا أطمئنك، لكل معصية فتوى، لكل معصية تخطر في بالك فتوى, الحمد لله الإفتاء نشاطه واسع جداً، ماذا تريد نجعل فتوى؟.

قال لي شخص: يوجد مخالفة, يريد شاهداً, يشهد عكس المخالفة، وجد شاهداً, فقال له الشاهد: عشرة آلاف ليرة، لأني أنا شاهد زور، فقال له: يوجد حلف؟ قال: نعم، فقال له : عشرون ألفا، لأنني سوف أحلف على القرآن، قال لي: والله دفعت له عشرين ألفا، حتى شهد شهادة زور، وحلف على القرآن كذباً, قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

أعرف شخصاً, استطاع أن يخلص بيتاً بثلث قيمته، بيت جيد جداً, مساحته مئتان وخمسون متراً، غربي، قبلي، صار أصحاب البيت مرغمين على بيعه، وكسب الدعوى، والدعوى بقيت ثماني سنوات، والله في اليوم الثلاثين من توقيع العقد توفي، ما تمتع بالبيت ، خرج إلى الدار الآخرة متلبساً باغتصاب بيت، الإنسان يفكر.

أيها الإخوة؛ أحد إخواننا نسأل الله أن يرده بالسلامة، الآن هو مسافر، ساكن في بيت فخم جداً، ولـه مرتبة عسكرية عالية جداً، طرق باب صاحب البيت، والبيت يسكنه منذ ربع قرن، ويعطيه أجرة بالتمام والكمال، طرق بابه، قال له: أنا البيت سوف أفرغه، وبعد أسبوع تعال واستلمه، اختل توازن صاحب البيت، بعد أسبوع قال له: هذا المفتاح، والله يجزيك الخير، ويستطيع أن يأخذ خمسة ملايين ليرة فروغًا، ما أخذ قرشًا، هذا الإيمان.

لا تعرف الله عز وجل كيف يحفظك؟ يحفظك بصحتك، الغلطة مع الله كبيرة جداً، الله بيده كل الخيارات.

سأقول لكم ماذا بيده؟ دسام القلب بيده، والشريان التاجي بيده، سيولة الدم بيده، نمو الخلايا بيده، الكبد بيده، يوجد تشمع كبد، الفشل الكلوي بيده, الأعصاب، الخثرة, الدماغ بيده، كل شيء بيده, فلما الإنسان يستقيم يحفظه.

 

الآيات التي وردت في التحذير من ارتكاب ما نهى الله ورسوله عنه.


نذكركم بالآيات في مطلع هذا الباب:

﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)﴾

[ سورة النور ]

﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)﴾

[ سورة آل عمران ]

﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)﴾

[ سورة البروج ]

﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)﴾

[ سورة هود ]

 

في هذا الباب حديث شريف واحد: 


﴿ عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه, أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تعالى يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ المرء مَا حَرَّمَ اللَّهُ عليه ﴾

[ أخرجه البخاري ومسلم ]

فالإنسان لما يأتي ما حرم الله عليه, يغار الله عز وجل، ومن دلائل غيرته: أنه يسوق له شدةً يردعه عن هذه المعصية، تقريباً أكثر الشدائد التي تصيب المؤمن العاصي المقصر من هذا القبيل.

الإنسان اجتهد أن هذا سيفعله، والشيء محرم، لو أن ربنا تركه لاعتقد: أن هذا مباح، فلا بد من تدخل الله عز وجل, بلفت النظر بهذا الإنسان، إما بخاطر، وإما بنصيحة، إذا ما ارتدع بمصيبة، وهذه فلسفة المصائب للمؤمنين, لما يرتكبون ما حرم الله، الله عز وجل يعاقبهم حتى يردعهم، قال تعالى:

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)﴾

[ سورة الروم ]

نتائج الفساد، كان من الممكن أن يقع فساد، ولا تظهر نتائجه، الاختلاط، الإباحية في العالم الغربي، كان ممكنًا أن تكون من دون إيدز، أليس كذلك؟ عند الله كل شيء ممكن, الله وحده واجب الوجود، وما سواه ممكن الوجود، من الممكن أن يصير فساد أخلاقي وإباحية مطلقة، واختلاط ما بعده اختلاط، وانحلال ما بعده انحلال من دون إيدز، ولكن ما الذي يحصل؟ يتفجر الفساد بشكل انفجاري, في سلسلة متوالية هندسية، متوالية انفجارية، لو كان الفساد من دون نتائج, انتشر بشكل انفجاري.

ولكن الآن: في كل العالم, الإنسان يعد للمليون, قبل أن يفعل فاحشة، وليس خوفاً من الله، بل خوفاً من مرض الإيدز.

الآن: يوجد ردع شديد جداً.

مرة كنت في الجامعة, وضعوا لوحة شكل شاب وفتاة بشكل رمزي، وفوقه احذر الإيدز.

الإنسان كان يحذر معصية الله عز وجل، يرقى إلى أعلى عليين، الآن حتى لو استقام خوفاً من الإيدز, هبط أجره، لأنه لا يخاف من الله، ولا من الآخرة، بل يخاف من مرض الإيدز، امتنع عن الزنا خوفاً من هذا المرض، البطولة: أن تمتنع عن الزنا خوف الله عز وجل، فلذلك يمكن للفساد أن يكون من دون نتائج سيئة، عندئذ يتفاقم بشكل انفجاري ، ولكن قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الهدف هو أن نرجع، كما جاء في هذا الحديث: ((إِنَّ اللَّهَ تعالى يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ المرء مَا حَرَّمَ اللَّهُ عليه)) الله يغار، ويسوق له بعض الشدائد التي تردعه عن هذه المعصية.

وأنا أقول لإخواننا؛ عندما تصل إلى مرتبة, أن تفهم على الله, تكون قد حققت مراحل واسعة وجيدة في الإيمان، لماذا ساق لك هذه المصيبة؟ لماذا ضيق عليك؟ لماذا أضعت هذا المبلغ الكبير من المال؟ لماذا فقدت هذا الشيء؟ لماذا سلط عليك إنسانًا يضغط عليك؟ لماذا يوجد سبب؟ ابحث عن السبب، ولا تكن ساذجًا، كما قال الله عز وجل في كتابه العزيز:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147)﴾

[ سورة النساء ]

والنصيحة الثانية في هذا الدرس: لا تعتمد على فتوى لست واثقاً منها، لأن الفتوى جسر إلى جهنم، ولا تنجيك هذه الفتوى من عذاب الله.

مرة خطر في بالي هذا المثل: أنه يجوز أن نقرب النار من البارود, بشرط ألاّ يحصل انفجار، هل هذا ممكن؟ يمكن أن نقرب النار من البارود, بشرط ألاّ يحدث انفجار، هذا كلام مستحيل، افعل هذه المعصية بشرط ألاّ يقع فساد، أي فساد، المعصية كلها فساد أساساً.

هذا الذي أرجوه من الله عز وجل, أن تكون قضية المنهيات دقيقة جداً، وتكون في هوامش أمان بينك وبينها كثيرة، لأنه كلما ألغيت هوامش الأمان, وقعت في الحرام.

تصور الحرام نهرًا عميقًا مخيفًا, له شاطئ مائل، كله حشائش زلقة، وله شاطئ جاف مستوي، الشاطئ الجاف المستوي فيه أمان، والشاطئ المائل الذي فيه حشائش زلقة, احتمال السقوط في النار بالمئة تسعون، ويوجد نهر، المعصية هي النهر، والشبهة الشاطئ المائل، والشيء البين الشاطئ الجاف المستوي، أنت سر على الشاطئ الجاف المستوي، وكن في بحبوحة، فإذا حمت حول الحمى وقعت فيه ((كَمَا أَنَّهُ مَنْ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى, يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ, أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى, أَلا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُه)) عد إلى المليون قبل أن ترتكب ما نهى الله عنه، ولا تعتمد إلا على النص الصحيح الذي لا لبس فيه، قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)) .

قلت كلمة دقيقة اليوم: أنا أقول لك: أريد كأس ماء، أنت اجتهدت, الأستاذ يسعل, سوف أحضرها ساخنة، مقبول، أنت اجتهدت، سوف أحضرها بطاسة، كأس بللور، كأس ألمنيوم، من إبريق، كله مقبول، إلا أن تأتي له بكأس خمر، هكذا فهمت، هذه مستحيلة.

يمكن أن تجتهد، كله مقبول، أما أن تفهم أن كأس الماء كأس خمر, فهذا ليس فهمًا ، ولا اجتهادًا، ولا فتوى، القضية دقيقة، أنا أقول لك: قال تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ) تعمل لي معادلات، ويكون النتيجة الأعمى كالبصير، هذه ليست مقبولة، هذا شيء مرفوض، ألم يقل له: أنا أقنعك أن على الطاولة ثلاثة فراريج، فقال له: كل واحدة أنت، أنا آكل واحدة، وأمك الثانية، وأنت كل الثالث يا بني، كلام فارغ.

فأرجو الله سبحانه وتعالى إيقاع سلوكنا وفق الشريعة الواضحة ((عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ, إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ, مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ, لَنْ تَضِلُّوا؛ كِتَابَ اللَّه,ِ وَعِتْرَتِي, أَهْلَ بَيْتِي)) .

و الحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور