- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠4رياض الصالحين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
تمهيد :
أيها الإخوة الكرام؛ عقد الإمام النووي باباً, في رياض الصالحين, من كلام سيد المرسلين، عليه أتم الصلاة والتسليم، سماه باب:
ملاطفة اليتيم, والبنات, وسائر الضعفة, والمساكين, والمنكسرين, والإحسان إليهم، والشفقة عليهم, والتواضع لهم، وخفض الجناح لهم.
يقول الله عز وجل:
﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
وفي آية أخرى:
﴿ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ
التواضع: صيغة في اللغة على وزن تفاعل، تفيد التصنع.
فإذا قلنا: فلان تواضع، ليس معنى هذا أنه وضيع، هو كبير عند الله ، لكنه تواضع.
وإذا قلنا: فلان تعاظم، ليس معناه أنه عظيم، ولكنه تصنع العظمة.
وقد جاء في الحديث:
(( عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي, وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي, فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا, أَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ ))
فإذا تواضعت فأنت لست بوضيع، وإذا تعاظمت فأنت لست بعظيم، والتواضع أن تضع نفسك في المكان الذي لا تجرح فيه الآخرين.
والله عز وجل قال:
﴿
هناك كلام ينطق به عن الآخر، يفتخر بماله، بأولاده، بأهله، بتجارته، ببيته، بمركبته ، هذا الكلام يجرح، المؤمن لا يفتخر، وقد قالوا: كثرة الظهور تقصم الظهور.
ماذا فعل قارون؟ قال تعالى:
﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81)﴾
لا تحاول أن تظهر ما عندك، أظهر ما عند ربك من فضل، أكثر الميسورين هكذا, الله عز وجل قال:
﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)﴾
أيّة نعمة أمرك أن تحدث الناس بها؟.
النعمة المشتركة بين الناس، نعمة السمع والبصر، نعمة الشمس والقمر، نعمة الذرية والأولاد، هذه نِعم مشتركة، حدث الناس بها.
أما النعم الخاصة، أنت وكيل شركة حصري، لك دخل كبير جدا، لا تجلس في مجلس وتفتخر بهذا الدخل، هذا كلام يجرح، وكلام يكسر، وكلام يشعر الإنسان الغافل بالحرمان.
سيدنا عمر له كلمة يقول: من دخل على الأغنياء.
والقصد هنا: الأغنياء الشاردين، الأغنياء الغافلين، أما الغني المؤمن فأنعِم به وأكرم، متواضع، أديب، سخي، كريم النفس، هنا الغني الشارد المقصر.
خرج من عندهم, وهو على الله ساخط.
لأن مظاهر الفخامة في بيته، تنكمش منها، لا تصاحب من لا يرى لك من الفضل مثل ما ترى له، لا تصاحب إنسانًا أعلى منك، أنت أمامه صغير، وهذا الوضع مؤلم لك، صاحب إنسانا يفتخر بمجيئك إليه، لا تصاحب إنساناً لا يتفرغ لك.
تنويه:
الشيء الملاحظ والدنيا عيد: الأغنياء كل الناس يزورونهم، هو شامخ بأنفه، ليس له وقت، هؤلاء الفقراء لا أحد يزورهم، زيارة الأغنياء والأقوياء من الدنيا، أما زيارة الضعفاء والمساكين فمن الآخرة.
لك قريب يسكن في طرف المدينة، يسكن في حي فقير، اذهب إليه وزره، يمتلئ أنسًا بك، يفتخر بك، لذلك: كن مع الضعفة والمساكين ترقَ عند الله، ولا تكن مع الأغنياء والأقوياء، فهذا من حب الدنيا، ومن جلس إلى غني فتضعضع له, ذهب ثلثا دينه.
أيها الإخوة؛ أنا العبد الفقير: دعيت مرة إلى قصر النبلاء في رمضان، إلى تناول طعام الإفطار.
أنا أعلم علم اليقين: أن الأكل نفيس جداً، المدعوون من كبراء هذا البلد.
عندي طالب تركي فقير جداً، قال لي: يا أستاذ إذا دعوتك هل تأتي؟ فقلت: نعم سآتي، قال: اليوم دعوتك، قلت: آتيك إن شاء الله.
ذهبت، وبيته في أول جادة من فوق، وصلت إلى بيته في ربع ساعة مشياً، تعثرت مرتين، لصعوبة الصعود، وصلت إليه، والله الذي لا إله إلا هو ما مر بي في عشر سنوات ماضية سرور بهذا اللقاء كهذا السرور، جلسنا على الأرض، على فرشة من إسفنج, سماكتها سنتيمتر ونصف، ووضع الأكل على الجرائد، والله كأس الشاي ليس عنده من القياس الكبير، شربنا الماء في كأس الشاي، أكل عادي جداً، وأقلّ من العادي، كان هناك تجلّ وسرور، والله دعاني العام القادم، فقلت: آتيك إن شاء الله، وأخذت معي زوجتي وابنتي، هو أخ تركي.
أنا كنت في تركيا, فدعاني إلى بيت صهره، بيت فخم في استانبول، أين عمك؟ فقال: له قصر على البحر الأسود، ما استوعبت الأمر، كيف أعطوك ابنتهم ماداموا أناساً على هذا الغنى؟ يسكن في بيت في آخر جادّة من فوق، والأثاث متواضع جداً، فكان الجواب: أن ابنتهم التي هي زوجته, طلبت من الله طالب علم مستقيم، وأصرت على ذلك، فأخذتُ معي أهلي لأريهم, أين كان يسكن أبوها، وزوجها طالب علم مستقيم؟ تسكن في هذا البيت، فلما يتجلى ربنا عز وجل على إنسان, أقول لكم: والله كان هناك سرور وتجلٍّ لا يصدق.
مرة دعيت إلى عقد قران في إحدى قرى ريف دمشق، أهل البلدة هناك كانوا في الطريق، لا يحتاجون إلى صالة، يضعون الكراسي، ويضيفون كأس الشاي، وأذكر أنه مرّ بائع المازوت، في أثناء الحفل, ألقيت كلمة, شعرت أنها تركت أثرا كبيراً، ثلاثون شخصاً في هذا اللقاء, صاروا يحضرون في مسجدنا، بسبب هذه الكلمة.
ومرة دعيت إلى عقد قران, فيه من البذخ والفخامة ما لا يوصف، ما رأيت وجها عليه نوراً، يمكن أن تجد عند الفقراء حالة كبيرة، تواضع، قرب من الله، الأكل خشن، وطبعا هناك أغنياء من أرقى ما يكون، الغنى لا علاقة له، هناك غني مؤمن، وغني غير مؤمن، لكن يغلب على الفقراء والمساكين القرب من الله عز وجل والتواضع، فهذه قاعدة.
إذا لبيت دعوة قوي أو غني فهذه التلبية من الدنيا، وإذا لبيت دعوة فقير مسكين ضعيف فهذه الدعوة تلبيتها من الآخرة، أنت لا تعرف إذا زرت إنسانا ضعيفا فقيراً، وأكرمته ، وآنسته, أنه يتكلم عن هذه الزيارة سنة، لذلك: لا تصاحب من لا يرى لك من الفضل مثل ما ترى له.
فالإمام النووي رحمه الله تعالى, عقد باباً في هذا الكتاب الطيب, فقال:
باب ملاطفة اليتيم, والبنات, وسائر الضعفة, والمساكين, والمنكسرين.
يروى أن أحد خلفاء بني أمية، عبد الملك بن مروان، دخل عليه وفد، وتقدمه غلام صغير، فغضب أشد الغضب، وقال لحاجبه مؤنّبا:
ما شاء أحد أن يدخل علي إلا دخل حتى الصبيان، قال له الصبي، وهو صغير جداً، قال له: أيها الأمير، إن دخولي عليك لم ينقص من قدرك، ولكنه شرفني يا أمير المؤمنين، أصابتنا سنةٌ أذابت الشحم، وسنةٌ أكلت اللحم، وسنةٌ دقّت العظم، وعندكم فضول مال، فإن كانت هذه الأموال لعباده, فعلام تحبسونها عنا، ونحن عباده؟ وإن كانت لكم فتصدقوا بها علينا، وإن كانت لنا, فلمَ لا تعطونا إياها؟.
يقول هذا الخليفة عبد الملك بن مروان: واللهِ ما ترك هذا الغلام لنا في واحدة عذراً، فصيح متكلم.
ودخل مرة وفد حجازي على عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى, فتقدمهم غلام أيضاً، فقال:
اجلس أيها الغلام، وليقم من هو أكبر منك سنًّا، فقال هذا الغلام: أصلح الله الأمير، المرء بأصغريه؛ قلبه ولسانه، فإذا وهب الله العبد لسانا لافظاً، وقلبا حافظاً، فقد استحق الكلام، ولو أن الأمر كما تقول, لكان في الأمة من هو أحق منكم بهذا المجلس.
القضية ليست بالحجم، هناك من هو أحق منك بهذا المجلس، فالإنسان لا يتكبر.
يروى عن نابليون, أنه كان إمبراطور أوروبا، انتبه إلى حارسه الشخصي وهو نائم، فأخذ البندقية من يده، ووقف مكانه إلى أن استيقظ، علّمه درساً لطيفاً، فالإنسان لا يتكبر على الفقراء والمساكين، لأن الله عز وجل أكبر.
إليكم هذه الآيات وهذه الأحاديث التي تصب في عنوان درسنا:
الحديث الأول:
(( قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ رضي الله عنه: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ, فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ, فَلَمْ أَفْهَمْ الصَّوْتَ مِنْ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي, إِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ, اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ, أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا ))
الآية الأولى:
إذًا:
﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)﴾
والآية الثانية:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)﴾
لعلك تُدعى على حفل مختلط، والمكان فخم، والطعام طيب، والضيافة رائعة، والمناظر خلابة، ولكن فيه اختلاط، وفيه معاص، أما إذا صبرت نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي, لعلك تجد حياتهم خشنة، لكن هم قريبون من الله عز وجل، قال تعالى:
الآية الثالثة:
﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)﴾
الآية الرابعة:
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)﴾
يدفعه، قال تعالى:
﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)﴾
الحديث الثاني:
(( عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ, فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ))
الحديث الثالث:
أيها الإخوة:
(( عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى, وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ))
معنى ذلك: أن الذي يكرم اليتيم, يحق له أن يجاور سيد المرسلين في الجنة، قال تعالى:
من هو اليتيم؟.
ولكن لليتم معنى ثان:
عندنا يتم حقيقي: وهو أن يفقد الطفل أمه, وأباه، أو أحدهما.
وعندنا يتم حكمي: أن تكون أمه مشغولة عنه بزياراتها، وأبوه مشغول عنه بحظوظه.
فهناك أولاد ينشؤون في بيوت فيها آباء وفيها أمهات، ولكنهم حكماً يتامى.
الحديث الرابع:
(( عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَا اللُّقْمَةُ وَلَا اللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ ))
وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِي قَوْلَهُ:
﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ
من هو المسكين؟.
قبل أن آتي إليكم, دعيت إلى اجتماع لجمعية خيرية، والجمعية عريقة في دمشق، وكُلفت أن ألقي كلمة توجيهية، فقلت: يقول الله عز وجل:
﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)﴾
من هو المحروم؟ هو المتعفف، لا يسأل فيُحرم.
والله عز وجل قال:
بالمناسبة: هناك جمعية في دمشق لمكافحة التسول، قدمت خدمات كبيرة، أحد أعضائها من إخواننا في المسجد، قال لي: أنا حققت مع ألف وأربعمئة خمسين متسولا، بين رجل وامرأة، كم من فقير فيهم؟ خمسة أشخاص، وكل واحد له حوالي ثمانمئة ألف ليرة، وبعضهم خمسمئة ألف، أموال طائلة، ويحترفون التسول، فهذا المتسول يسألك، وابنه يضع على يده جبصاً، ولا يوجد فيها كسر، أو يعصب لعينه، فتظنه أعمى، وهو يبصر، يستدر عطفك فتعطيه، قد تفاجأ من دخله، يقترب من دخل تاجر كبير.
حدثني أخ، أقسم لي بالله، يعرف متسولا حجمه المالي أربعون مليوناً، سيارات وبيوت, فلذلك: ينبغي للإنسان أن يتحقق، قال تعالى:
بالمناسبة: أكثر إخواننا التجار دافعو الزكاة, يتوهم أنه لمجرد أن ينفق هذا المال انتهى ، وأدى الذي عليه، لم يؤد، لا بد من أن تضع هذا المال في محله الصحيح، في الفقير المؤمن ، هذه حقيقة، لذلك: الإمام الشافعي، وهذه حقيقة قد تفاجؤون بها، إذا دفعت زكاتك لإنسان كافر دون أن تعلم, لا تسقط عنك الزكاة، كيف؟.
عليك عشرة آلاف، دفعتها لشخص, ظننته لا يصلي، ويشرب الخمر، لكن لا تعرفه، في المذهب الشافعي: لا تسقط عنك الزكاة بدفع هذا المبلغ لهذا الإنسان، الدليل:
(( النبي قال: تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ))
هذا ليس من فقراء المسلمين، من فقراء الكفار، لذلك لا تسقط الزكاة عن دافعها, إذا دفعها لإنسان ينكر الصلاة أو إنسان متفلت.
حديث آخر: في رواية أخرى:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال, قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ, تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ, وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ, وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ, وَلَا يُفْطَنُ بِهِ, فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ, وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ ))
مظهره مقبول، لا يفطن له، وليس عنده ما يكفيه، ولا يسأل الناس، هذا الإنسان الذي يستحق الزكاة والصدقة.
الحديث الخامس:
في حديث آخر:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ, يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا, وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا, وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ, فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))
(( وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ, يُدْعَى إِلَيْهِ الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ, فَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ, فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))
اجلس مع الأغنياء، لا يأكلون اللحم، معه أسيد أويك، ومعه نسب عالية، يأكل بقرفٍ، أم الفقير فيأكل بنهمٍ، فأنت أجرك مع الفقراء، لا مع الأغنياء، فطعام الولائم إذا فيها تنافس, وكسر عين، وفخامة، وأكل من المطاعم الفخمة، واعتزاز، هذه وليمة ينبغي ألاّ تلبّى، لأنها ليست على حب الله، بل أحياناً من أجل الشيطان.
(( بئس الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ, يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ, وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ ))
والحمد لله رب العالمين