- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠4رياض الصالحين
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
ما المراد بكلمة: (المعروف) في الآية الكريمة؟ :
أيها الأخوة الكرام، لا زلنا في رياض الصالحين، من كلام سيد المرسلين، عليه أتم الصلاة والتسليم، ونحن اليوم في باب الوصية بالنساء، فقد قال الله عز وجل:
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
وكلمة (بالمعروف) تشير إلى الفطرة، فالإنسان بالفطرة السليمة يحب الكمال، فإذا انطلق في سلوكه وفق فطرته السليمة ترتاح نفسه، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ))
فالإنسان مفطور فطرة سليمة، فإذا وقف الموقف الكامل ترتاح نفسه، ويطمئن قلبه، ويسعد .
لو أن الإنسان عاشر امرأته بالإحسان، صبر عليها، رحمها، دلها على الله، أكرمها، عاملها كشريك حياته، يشعر براحة، أما إذا ظلمها وقسا عليها، ولم يعاملها كما ينبغي, يشعر باضطراب .
فالمعروف هو الشيء الذي تعرفه النفس بفطرتها، فالمعاشرة بالمعروف كما فسرها بعض العلماء:
((ليس أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل أن تحتمل الأذى منها))
فرق كبير بين أن تفهم المعاشرة بالمعروف: أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل ينبغي أن تفهم المعاشرة بالمعروف: أن تحتمل الأذى منها .
من ميزات الزواج الإسلامي :
أيها الأخوة، من عظمة هذا الدين: أن الزواج الإسلامي يمتد إلى آخر العمر تقريباً، إلا ما ندر، ذلك أن في الإسلام حقيقة، وهي أن الله بين الزوجين، ما معنى أن الله بين الزوجين؟ .
أي أن كل طرف، الزوج أو الزوجة، يخشى الله أن يظلم الطرف الآخر، يخاف، وكل طرف يرجو رحمة الله بالتجاوز عن سلبيات الطرف الآخر وخدمته، التجاوز عن سلبياته قد تبتغي بها وجه الله، وإكرام الطرف الآخر تبتغي به وجه الله، فإذا كان الله بين الزوجين, فهذا الزواج وُجد ليستمر, لذلك: أطول زواج في بعض البلاد الغربية سنتان، نسب الطلاق 67%، هذا الرقم قديم، الإحصاء قبل عشر سنوات، أي كل مئة زواج ينتهي منها 67 إلى الطلاق .
في بعض البلاد الأقلّ تمدنا نسب الطلاق 37%، عندنا –والحمد لله– قبل عشر سنوات, كانت نسبة الطلاق 2-1000، في بلاد المسلمين، لأن الزواج وُجد ليبقى .
حدثني أحد القضاة, أن قبل سنة, كان هناك إحصاءً، صار الطلاق 15%، والسبب هذه الصحون، هذه الصحون هي أحد أسباب الطلاق، لأن غض البصر أحد أسباب الوفاق بين الزوجين، وإطلاق البصر أحد أسباب الشقاق، العلم أحد أسباب الوفاق، والجهل أحد أسباب الشقاق، عدم التطبيق أحد أسباب الشقاق، سوء التصرف أحد أسباب الشقاء، إطلاق البصر أحد أسباب الشقاق، التعالي على الطرف الآخر أحد أسباب الشقاق، خروج المرأة من بيت زوجها دون إذنه أحد أسباب الشقاق، لو تتبعت أسباب الشقاق لوجدتها كثيرة، كلها مخالفات للشرع, فذلك يقول الله عز وجل:
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
وقال تعالى:
﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾
فالذي عنده زوجتان، لا يستطيع أن يعدل العدل المطلق بينهما، العدل المطلق فوق طاقة البشر، العدل المطلق متعلق بميل القلب، ولكن العدل التام متعلق بالسكنى, والإنفاق، والوقت، والمبيت .
فالعدل التام بين الزوجتين أن تجعل لكل منهما بيتاً، وأن تنفق الإنفاق نفسه، وأن تبقى عندها الوقت نفسه، فإذا حققت العدل التام, فما عليك إذا تزوجت .
ماذا عن زواج المسيار؟:
أيها الأخوة, هناك الزواج المسيار، هذا زواج لم يكن من قبل .
إنسان مقيم في جدة دائماً، يتزوج في الشام امرأة، وفي القاهرة امرأة أخرى، وفي أبها أخرى، وفي الطائف واحدة، إذا سافر في السنة أو السنتين يذهب إليها، عند الناس هي متزوجة، ولكن معاني الزواج غير متحققة، لا ينفق عليها، ولا يبيت عندها، لكن هي متزوجة ، ربما انحرفت هذه المرأة, بسبب أنها عند الناس متزوجة، ولا أحد يستطيع أن يحاسبها إطلاقاً، فكل زواج ليس على منهج الله عز وجل, زواج له إشكالات كبيرة جداً .
إليكم بياناً في شرح هذا الحديث :
وفي الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خيراً, فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ, وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ, فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ, وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ, فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ))
بنية المرأة العقلية, والنفسية, والاجتماعية, والإدراكية, تختلف عن بنية الرجل، الرجل الذي يتمنى, وينتظر أن تكون زوجته مثله, رجل غير حكيم، هي من بنية أخرى .
يروى أن ملِكاً, كان يتفقد رعيته، فدخل بستاناً، رأى فيه حصاناً يدور حول الرحى، وقد عصب صاحب البستان عينيه، ووضع في عنقه جلجلاً، هذا الملك ذكي جداً، استدعى صاحب البستان، وسأله:
((لمِ عصبت عينيه؟ فقال: لئلا يصاب بالدوار، قال له: جيد، ولمَ وضعت في عنق الجلجل –الجرس- في عنقه؟ قال: إذا توقف أعرف أنه توقف، ما دام الصوت مستمر فهو يدور، فإذا انقطع الصوت دلّ على أنه توقف، تأمّل الملِك، وكان ذكياً جداً ، قال له: فإذا وقف وهزّ رأسه، وكان الفلاح أذكى، قال له: وهل له عقل كعقلك؟ أنا عندي حصان))
فالزوج لما ينتظر من زوجته, أن تكون مثله, في طريقة التفكير, فهو مخطئ، لو أنها مثله لمَا سكنت عنده، ولمَا قبلت أن تخدمه، ولمَا قبلت أن تكون زوجة له، الله عز وجل أعطاها خصائص ثابتة، عاطفتها جياشة، إدراكها ليس كإدراك الرجل، اهتماماتها ليس كاهتمامات الرجل، وأفقها ليس كأفق الرجل، هي مشغوفة بأولادها، بإطعامهم، بتربيتهم، بإرضاعهم، بتنظيم البيت وتزيينه، كل اهتماماتها جمالية، وانفعالاتها عاطفية، بنيتها عاطفية، واهتماماتها جمالية، أما الرجل فبنيته عقلية، واهتماماته واسعة جداً .
أحياناً: كم من زوجة ضاقت بكتب زوجها ذرعاً؟ كم من زوجة ضاقت بعلم زوجها؟ هي تريد أن تجلس معه، وتتحدث معه عن جارتها، وعن أختها، وعن الغسالة, والغسيل، ليست مهتمة بقضايا الصرب، ولا بمثل هذه الموضوعات، تقول لك: مللنا من الأخبار، اهتماماتها غير اهتماماتك، بنيتها غير بنيتك، أنت تتحمل زوجة حين تأتي ظهراً, وتجد البيت قذراً، غرفة النوم مضطربة، المطبخ كله صحون, تحتاج إلى تنظيف، الأولاد مهملون, لكنها تستمع إلى الأخبار، هل تسرّ بها وتتحملها؟ هل تتحمل أن تكون ملاءة السرير ليست نظيفة؟ وهي ذات فهم عميق، تريدها زوجة أنيقة, مرتبة, نظيفة، أولادها مرتبون، هندامهم حسن.
لذلك:
((المرأة المؤمنة تسرك إن نظرت إليها))
وفي رواية:
((إن نظرت))
إن نظرت إلى غرفة نومك، إن نظرت إلى المطبخ، إن نظرت إلى أولادها، تسرك إن نظرت إليها، وتحفظك إن غبت عنها، وتطيعك إن أمرتها، لأن بنية الزوجية النفسية والعقلية والاجتماعية تختلف عن بنية الرجل، بنيتها عاطفية، واهتماماتها جمالية، والرجل بنيته عقلية، واهتماماته شمولية، لذلك الزوج يسكن إلى زوجته، لأنه يكمّل نقصه بها، والزوجة تسكن إلى زوجها، لأنها تكمّل نقصها به، نقص الانفعال يكمله بزوجته، نقص الإدراك تكمله بزوجها، يسكن إليها، وتسكن إليه، وهذا معنى قوله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾
((اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خيراً، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ))
لها عقلية خاصة، عقليتها أنها تحب ابنها ولو كان سيئا، تدافع عنه ولو كان مخطئاً، ولو كان مذنباً، لأن هذه الحياة لها حكمة إلهية، هذا الطفل من يربّيه؟ من هو الكائن الذي يحتمل أخطاءه؟ أمّه، أكثر الأمهات يكون ابنك كتلة شر تحتويه، تعطف عليه، وتتعامى عن خطئه، وأكثر الأزواج فيما بينهم, الزوجة تدافع عن أولادها، والأب لا يتحملهم .
معنى ذلك: أن هذه المرأة نفسها آية من آيات الله، أنها إنسان، وقد يكون عندها طفل سيء الأخلاق، قد يكون دميم الشكل، لكن كما يقول العوام: القرد في عين أمه غزال، حتى يعمر الكون، وتستمر الحياة .
لو كان حب الأم لطفلها على أساس جماله يموت الدميم، أيّ طفل مهما كان شكله، مهما كان لونه، مهما كان شكل وجهه، وفيه عاهات، فهناك في الحياة قلب يحبه، ويعطف عليه، ويحتمله، ويستوعبه، المرأة لولا أنها بهذا الشكل, لمَا صلحت أن تكون زوجة، مستحيل.
((اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خيراً، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ))
أي في عقلها ضعف، لأن العقل الراجح جداً لا يسمح لها أن تعيش مع زوجها، لأن نفسيتها نفسية انقياد، الرجل نفسيته قيادة، هي انقياد، هي تحب من يحميها، لذك الزوجة غير الزوج، شهوة الرجل الجنسية شهوة حسية، يثيره منظر المرأة، أما شهوة المرأة الجنسية فهي شهوة اجتماعية، يثيرها إنسان شخصيته قوية، كريم، يحميها، قال تعالى:
﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾
أجمل ما في المرأة عند الرجل حياؤها، وأجمل ما في الرجل عند المرأة قوته وأمانته، فشهوتها الجنسية شهوة اجتماعية، وشهوته الجنسية شهوة حسية، المرأة تثيره، لكن لا يثيرها جسم الرجل بقدر ما تثيرها شخصيته، وكرمه، وحدبه، ودفاعه عنها .
أيها الأخوة, هناك شيء دقيق في الحياة، لذلك المرأة والرجل متكاملان، لو أنهما متشابهان لتضادّا، لأنهما متكاملان توافقاً، وهذا معنى قوله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾
فالمودة والرحمة بين الزوجين من خَلق الله عز وجل، لذلك الزوج العاقل هو الذي يقبل زوجته بعقليتها وطباعها، والزوج غير الحكيم يتمناها مثله، لو أنها مثله لما عاشت معه أساسا .
برنامج حصل :
أيها الأخوة, كان هناك برنامج في الكمبيوتر للتزويج، هذا في أمريكا، وجدوا أن أسباب الطلاق: التنافر في الطباع، ووجدوا أن أسباب الوفاق الزوجي: كثرة القواسم المشتركة بين الزوجين .
أحياناً: الصديقان يجلسان عشر ساعات مع بعضهما، لا يمل أحدهما الآخر، السبب؟ هناك قواسم مشتركة كبيرة جداً، أحياناً يسهر الأطباء مع بعضهم، يتكلمون إلى الساعة الواحدة في الطب، المحامون مع بعضهم، لأن هناك موضوعات كثيرة جداً مشتركة بينهم، وتجلس مع أخوانك المؤمنين ساعات لا تمل، لأن قيمك قيمه، وأهدافك أهدافه، ومبادؤك مبادئه، وآلامك آلامه، أفراحك أفراحه، أتراحك أتراحه، طموحاتك طموحاته، كثرة القواسم المشتركة تعين على التوافق، كل واحد منا في حياته يمكن أن يجلس مع إنسان عشر ساعات لا يمل منه، بالعكس، تتمنى أن تبقى معه، ويمكن أن تجلس مع إنسان خمس دقائق لا تتحمله .
لذلك: أعظم إكرام للنبي: أن الله اختاره، واختار له أصحابه، من التكريم البالغ لك, أن يكون من حولك على شاكلتك .
سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام, كان إلى جانبه سيدنا الصدِّيق، وسيدنا عمر، وسيدنا عثمان، سيدنا علي بن أبي طالب، أعلام، أما إن وضعت مع الرسول شخصاً جاهلاً، أو شخصاً بعيد عن الله، فهذا أكبر عقاب له، وأنت أكبر عقاب تعاقَب به, أن يكون من حولك ليسوا على شاكلتك، أنت أخلاقي، ومن حولك ليسوا أخلاقيين، تحب الله، وهم لا يحبون الله، تخافه، هم لا يخافونه، مشكلة كبيرة جداً .
فهذا البرنامج في الكمبيوتر, تأتي الفتاة تُسأل ألف سؤال، طباع الإنسان؛ تحبين النوم باكراً أم متأخراً؟ قبل أن تنامي, ماذا تقرئين، قصة أم مجلة, أم تنامين مباشرة؟ كيف تمضين العطلة الأسبوعية:؛ في نزهة، في مسرحية، في البيت، على البحر، على الجبل؟ فتسأَل ألف سؤال وتجيب عنها، ويأتي الشاب ويُسأل ألف سؤال ويجيب عنها .
الشاب يغيب شهراً أو شهرين، يسأل الجهاز: أي فتاة أقرب لي؟ فيعطيه الجواب، أقرب طباع لك هذه، ويقولون من باب الطرفة: إن هذا الجهاز يرتكب بعض الأخطاء، يعطي اسم رجل بدل اسم فتاة .
((فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ))
فكل حكمة الرجل, أن يصبر على زوجته، وأن يقبلها بعقليتها، وطباعها، وخصائصها ، وبنيتها، ليسعد بها .
توجيه نبوي لمعاشر الرجال :
أيها الأخوة, صح في رواية سَمُرَةَ يَقُولُ:
((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ, وَإِنَّكَ إِنْ تُرِدْ إِقَامَةَ الضِّلْعِ تَكْسِرْهَ, فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا))
هذا من باب الطرفة: القلب دارِه تعش به، والزوجة دارِها تعش بها، والمركبة دارها تعش بها .
وفي رواية في الصحيحين: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
((الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ, إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا, وَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا, وَفِيهَا عِوَجٌ))
وفي رواية لمسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ, لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ, فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا, وَبِهَا عِوَجٌ, وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا, وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا))
هذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام .
توجيه آخر من النبي للرجال :
الحديث الرائع، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
((لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً, إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ))
أَنت عليك بالإنصاف، إذا انزعجت من إنسان عدّد سيئاته، وعدِّد حسناته، فإذا غلبت حسناته سيئاته فهو إنسان جيد .
يقولون:
((إن أحد ملوك الأندلس، المعتمد بن عباد، كان ملكاً من أكبر ملوك الأندلس، كان مرة يتنزه في حديقته، فرأى بركة ماء, وقد هبّ النسيم اللطيف على سطح الماء، فجعله كالشبكة، فقال:
نثر الريح على الماء زرد
-أي شبكة حديد، سلسلة، أحياناً: الريح يجعل على سطح الماء مثل الشبكة- فأراد إتمام البيت فما استطاع، سمع جارية وراءه تقول:
يا له درعاً منيعاً لو جمد
أكملت البيت:
نثر الريح على الماء زرد يا له درعا منيعا لو جمد
-مرة كنت في عمل تربوي في وزارة التربية والتعليم، وكان معنا شاعر، وكنا في مهمة صعبة، فجيء بضيافة (كنافة مبرومة)، وهناك رجل داعب شاعرًا هناك، قال له:
أبا فلان مبرومة بالفستق
انظر إلى الشاعرية. قال:
تصيح: أين نلتقي؟
في حلب لذيذة و حلوة في جلّقِ
غرد إذا أكلتها في نشوة وشرِّقِ
مبرومة كأنها سوارة الخورنقِ
هذه الشاعرية- .
لأنه هو شاعر، وهي شاعرة, أُعجب بها إعجاباً شديداً، وتزوجها، وأكرمها إكراماً منقطع النظير، فهي كانت جارية فقيرة، فحنت مرة إلى حياة الفقر, والتعب, والشقاء, والطين، طلبت له أن تدوس في الطين، فجاء بالمسك والكافور، ومزجهما بماء الورد، وقال: هذا هو الطين فدوسي فيه، ثم جاء ابن تاشفين من شمال أفريقيا، وقضى على الملوك جميعاً, ووضعه في السجن، وافتقر، بعدما أصبح إنساناً عادياً، ولم يعد ملِكاً، فقَد ملكه وافتقر، ومكث في السجن، وكانت ثيابه في شكل مزرٍ، كانت تقول له زوجته، هذه الجارية: لم أرَ منك خيراً قط ، فقال لها: ولا يوم الطين، يوم الطين نسيتها))
لذلك: جاء في الحديثِ:
((وأريت النَّارَ, فلم أرَ مَنْظَرا كاليومِ قَطُّ أفْظَعَ, وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، قَالُوا: بم يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ, قِيلَ: أيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْر كله,َ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا, قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ))
فلذلك: كما يقول عليه الصلاة والسلام:
((لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً, إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ))
إنْ ذكرت سيئاتها فاذكر حسناتها .
أذكر مرة: أن أخاً, جاءني يريد تطليق زوجته، وكان غاضباً منها أشد الغضب، وكان بركاناً ثائراً، سألته سؤالاً: هل تخونك؟ فقال: أعوذ بالله، لا تخونني، طاهرة كماء السماء، قلت : كيف طبخها؟ فقال: طبخها ممتاز، قلت له: غير نظيفة؟ قال: لا والله نظيفة، لم ينتبه لنفسه، فقد أثنى على عفتها، وعلى نظافتها، وأثنى على طبخها، ثم استحيا من نفسه، فلم يكمل، وخرج وهو يقول: (ماشي الحال) رضيت بها .
((لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً, إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ، أَوْ قَالَ: غَيْرَهُ))
كن منصفاً، لا تنظر إلى السيئات فقط، انظر إلى الحسنات .
دخل أحدهم المسجد, وأحدث جلبة كبيرة جداً، فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ:
((أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهُوَ رَاكِعٌ, فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ, فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ))
اعتبر سرعته ليدرك الركعة الأولى ميزة، ولكن لا تعدها مرة ثانية،
((زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ))
كل زوج إذا رأى ميزات زوجته، وأثنى عليها, يصير من السهل جداً, أن تصلحها من نواحٍ أخرى، لكن دائماً تنتقد، قد يكون البيت مرتباً نظيفاً، كل هذا يتعامى عنه، أين يجد الخطأ يلوم عليه، هذا اسمه قنّاص، الذي يتصيد الأخطاء فقط, اسمه قنّاص، هذا ليس زوجاً، الزوج يقدّر الأشياء الإيجابية، ويثني عليها .
((لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً, إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ))