وضع داكن
28-03-2024
Logo
الدرس : 51 - سورة الأعراف - تفسير الآيتان 178 - 179، هداية الله إلى خلقه بكونه - وبكلامه ، ومعجزاته
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.


هداية الله عز وجل على أربعة أنواع :


1 ـ هداية الدلالة :

 أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس الواحد والخمسين من دروس سورة الأعراف، ومع الآية الثامنة والسبعين بعد المئة، وهي قوله تعالى: 

﴿  مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(178)﴾

[ سورة الأعراف  ]

 هذه الآية تشير إلى حقيقة دقيقة وعميقة وخطيرة في القضاء والقدر، ما لم يكن الإنسان مخيراً لا يُثمّن عمله، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب، ولو تركهم هَمَلاً لكان عجزاً في القدرة، إن الله أمر عباده تخييراً وكلف يسيراً، ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، لكن حينما تُعزَى الهداية إلى الله هداية الدلالة، الله عزّ وجل هدى عباده جميعاً هداية دلالة، دلّهم عليه، هذا الكون كل شيء فيه ينطق بوجود الله، وبكماله، وبوحدانيته، الكون مظهر لأسماء الله الحسنى، وصفاته الفضلى، دلّك عليه بالكون، دلّك عليه بالفطرة، دلّك عليه بالعقل، دلّك عليه بالأنبياء والرسل، دلّك عليه بالكتب.


الله عز وجل هدى عباده جميعاً في كل ما تقع أعينهم عليه  :


 إذاً: الله عز وجل هدى عباده جميعاً؛ مؤمنهم، وكافرهم، هداهم جميعاً إليه، هذه الهداية هداية هي الدلالة. 

﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)﴾

[  سورة فصلت  ]

 لأنهم في الأصل مخيرون، والاختيار أحد خصائص الإنسان . 

﴿  إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً(3)﴾

[  سورة الإنسان  ]

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾

[  سورة الكهف ]

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)﴾

[  سورة البقرة  ]

 الآيات التي تؤكد أن الإنسان مخير لا تعد ولا تحصى، بل إن الأصل في كل هذه الآيات قوله تعالى : 

﴿  سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ(148)﴾

[  سورة الأنعام  ]

 إذاً: الله عز وجل هدى كل الخلق إليه، هداهم بخلقه، هداهم بأفعاله، هداهم بكلامه، هداهم بالفطرة، هداهم بالعقل، هداهم في كل ما تقع أعينهم عليه، فالإنسان مخير، إما أن يستجيب لهذا الهدى الدلالي، أو لا يستجيب ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ .

2 ـ هداية التوفيق :

 إذا عُزي الهدى إلى الله هو الهدى الدلالي، هداهم هداية دلالة، لكن : 

﴿ نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) ﴾

[  سورة الإسراء  ]

 هذا الهدى الثاني هدى التوفيق، أنت حينما تختار طريق الحق، حينما تختار الجنة، حينما تختار طاعة الله عز وجل، حينما تختار العمل الصالح، حينما تختار أن تكون عبداً لله، تأتيك هداية ثانية، هداية التوفيق، الله عز وجل يشرح لك صدرك بهذا الإيمان، الله عز وجل يسوقك لهذا الهدف الذي اخترته، يُمكّنك من العمل الصالح، يطلق لسانك في الدعوة إلى الله، هو يختار لك زوجة صالحة تعينك على أمر دينك، يختار لك عملاً شريفاً نظيفاً طاهراً، أنت حينما تختار طاعة الله، تأتيك هداية ثانية هداية التوفيق ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾

﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)﴾

[  سورة محمد  ]

 عندنا هداية أولى وثانية.

3 ـ هداية المصالح :

 بل إن بعض العلماء قالوا: هناك أربع هدايات، هداك إلى مصالحك، كيف ؟

 الإنسان أودع الله في أذنه جهاز توازن، فإذا مال لا يتابع الميل، يعدل وقفته، بجهاز دقيق جداً، هو التوازن، ولولا هذا التوازن ما مشى إنسان على قدميه.

 هداك بالعين ترى ما حولك، فأنت في غرفة ترى كل شيء فيها، لكن سمعت صوتاً الصوت يغطي كل البيت، يقول لك: هناك حركة في البيت، فالصوت هداية.

 وأحياناً يوجد شيء متفسّخ ليس له صوت، ولا تراه، يوجد رائحة، هداك بالصور وبالأصوات، وبالروائح، أعطاك حواساً خمساً، أعطاك عقلاً، هيأ لك أجهزة تعينك على أمر دنياك، يوجد تقيؤ، التقيؤ معنى ذلك أن الطعام سام، يوجد قلب يعمل بانتظام وأنت لا تدري، هداك بآلاف الخصائص، بالأجهزة، بالأعضاء، بالأنسجة .

 وأنت نائم أودع بالجسم مراكز إحساس بالضغط، فإذا كان وزن الهيكل العظمي مع ما فوقه من عضلات ضاغطاً على ما تحته من عضلات، مراكز الضغط وأنت نائم تعطي إشارة إلى الدماغ، فالدماغ وأنت نائم يصدر أمراً بأن يقلبك ذات اليمين وذات الشمال، والنائم يتقلب.

 وحينما يزداد اللعاب في فمك تذهب رسالة إلى الدماغ، والدماغ يعطي أمراً بأن لسان المزمار يغلق القصبة الهوائية، ويفتح المريء، من أجل أن تبتلع اللعاب.

 هداك بأجهزة بالغة التعقيد، هداك بالقلب الذي يعمل بانتظام، بالهضم الذي يعمل بانتظام، هداك إلى طعامك وشرابك، خلق لك كائنات من أجل غذائك، خلق لك النباتات، هداك إلى مصالحك، هذه الهداية الأولى، والهداية الأولى يشترك فيها الخلق جميعاً، إنسان، وحيوان، ونبات.


الله عز وجل هدى كل شيء إلى مصالحه :


 النبات حينما لا يُسقَى، لو أنه استهلك ماء الجذر لمات فوراً، من علّمه أن يستهلك ماء الأوراق؟ أول ماء يستهلكه حينما لا يُسقى يستهلك ماء الأوراق، وبعد ماء الأوراق يستهلك ماء الأغصان، وبعد ماء الأغصان يستهلك ماء الفروع، وبعد ماء الفروع يستهلك ماء الجذع، وآخر ماء يستهلكه ماء الجذر، هدى النبات إلى أن يبقى إلى أمد طويل بلا ماء من أجل ألا تخسر هذه الشجرة أيها الإنسان، هدى النبات.

 هدى الحيوان، الحيوان يقوم بأشياء مذهلة، هناك طائر اسمه البطريق، يعيش في القطب الجنوبي يتجمع تقريباً عشرة آلاف بطريق بمكان، يصبح تزواج، والبيضة التي تلدها الأنثى يأخذها الذكر يضعها على قدمين، ويغطي القدمين بالريش، من أجل أن تكون في دفء عميم، ويبقى واقفاً لا يتناول لا طعاماً ولا شراباً لمدة أربعة أشهر حفاظاً على هذه البيضة، وفي حوصلته وجبة غذائية ثمينة لهذا المولود الذي يخرج بعد فقص البيضة، يفتح فمه، ويضع هذه الوجبة في فمه.

 هدى الحيوانات إلى مصالحها، هدى النبات، هدى كل شيء، الحديث عن الهداية الأولى هداية المصالح حديث لا ينتهي، أول هداية هدى المخلوقات إلى مصالحها، ثم هدى المكلّفين من المخلوقات الإنس والجن إليه، إذاً: أول هدايةٍ هداية المصالح، والهداية الثانية هداية الدلالة، والهداية الثالثة هداية التوفيق. 

4 ـ هداية إلى رسله :

 الهداية الرابعة : 

﴿  سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ(5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ(6)﴾

[  سورة محمد  ]

 هداية إلى الجنة، فالله عز وجل تولى بذاته العلية هداية الخلق، قال تعالى: 

﴿  إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى(12)﴾

[  سورة الليل  ]

 وحيث ما جاءت على مع لفظ الجلالة معنى ذلك أن الله تولى بذاته العلية هداية الخلق ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾ .

﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ ۚ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) ﴾

[  سورة النحل  ]

 أي وعلى الله تبيان الطريق الموصل إليه.


الحق واحد لا يتعدد :


 إذاً الآية الكريمة : 

﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي﴾ لا يوجد هداية أخرى إلا هداية الله، فإن لم تكن على الحق فأنت على الباطل قطعاً، لا يوجد هدايات متعددة، أنت على أحدها، الحق واحد لا يتعدد، والدليل : 

﴿ وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)﴾

[  سورة الأنعام  ]

 فالحق لا يتعدد، لذلك قالوا: إن المعركة بين حقين لا تكون، والمعركة بين حق وباطل لا تطول لأن الله مع الحق، أما المعركة بين باطلين لا تنتهي، الحق واحد. 

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) ﴾

[  سورة البقرة ]

 ما قال الله عز وجل يخرجهم من الظلمات إلى الأنوار ﴿مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ وما قال يخرجهم من الظلمة إلى النور، الباطل متعدد، الباطل لا يعد ولا يحصى، كما أنه بين نقطتين لا يمر إلا خط مستقيم واحد، لكن بين النقطتين يمر آلاف، بل مئات، بل ألوف الألوف من الخطوط المنحنية والمنكسرة، فالباطل كثير.


بطولة الإنسان أن يستوعب الحق الذي لا يتعدد أبداً :


 لذلك أعمار البشر جميعاً لا تكفي لاستيعاب الباطل، الباطل كثير، ولكن عمر الإنسان وحده يستوعب الحق وحده. 

فلذلك إذا أنت وُفِّقت إلى استيعاب الحق، كان هذا الحق مقياساً لك، فالبطولة أن تستوعب منهج الله، أن تستوعب منهج السماء، أو تستوعب الحق الذي لا يتعدد أبداً. 

﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي﴾ لا يوجد هداية أخرى . 

﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)﴾

[  سورة القصص  ]


الطاقات في الإنسان من خلق الله وتوجيهها بيد الإنسان :


 أيها الإخوة ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي﴾ لكن لو شخص توهم أن الله سبحانه وتعالى هدى زيداً، وأضلّ عبيداً، هناك مشكلة، نقول: الإنسان حركته اليومية، هي أفعال، مشى إلى المسجد، يوجد عضلات، يوجد أرجل، وضع يده على كتف يتيم وربت على كتفه تحبباً له، في حالة ثانية ضرب إنساناً، هناك حالة ثالثة أعطى إنساناً مالاً كصدقة، يوجد حركة، يوجد عضلات، يوجد سير، يوجد بطش.

 النقطة الدقيقة أن الإنسان عنده طاقة، الحركة طاقة، بالمناسبة الكون كله مادة وطاقة، وقد تتحول الطاقة إلى مادة، يعني هناك مركبة وزنها طن، بصفيحة البنزين تنتقل إلى مسافة 200 كم، هذا فعل، ما أصله؟ صفيحة البنزين، الطاقة تحولت إلى فعل، عندنا بالكون طاقة وعندنا فعل، الله عز وجل أودع في الإنسان طاقات، هذه الطاقات من خلق الله، أما توجيه هذه الطاقة بيد من؟ بيد الإنسان، قام ليصلي، الله أمده بالطاقة، لكن هو أراد أن يصلي، فأمده الله بالطاقة، فالفعل فعل الله، والإرادة إرادة الإنسان، ضرب إنساناً، هذا فعل سيئ، هو اختار الضرب، الله أمده بهذه الطاقة.

 لذلك حينما يقول علماء العقيدة: الأفعال أفعال الله عز وجل كلامهم صحيح، والبواعث إلى الأفعال من قبل الإنسان كلامهم صحيح، لو قلنا: إن مدير الثانوية اتخذ قراراً بترسيب طالب في صفه، قرار المدير، لكن لماذا أمر بأن يرسب هذا الطالب في صفه؟ لأن الطالب كسول، بالامتحان ما جمع علامات كافية، فصار السبب من الإنسان، والفعل من الله.

 فإذا عزوت الأفعال إلى الله فأنت على صواب، وإذا عزوت البواعث إلى الإنسان أنت على صواب، فالفعل هو توجيه الطاقة إلى إحداث شيء، فالطاقة أودعها الله فينا هي فعله، والانبعاث إلى توجيه هذه الطاقة لفعل شيء من قبل الإنسان، فالإنسان محاسب ومسؤول، هو انبعث إلى الخير فيثاب على هذا الانبعاث والفعل فعل الله، وانبعث إلى الشر فيعاقب على هذا الانبعاث، والفعل فعل الله، هذا المعنى دقيق جداً إذا الله عز وجل قال : 

﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)﴾

[  سورة الزمر  ]

 صح، لأن الفعل فعله، و إذا قال : 

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (258)﴾

[ سورة البقرة ]

 أيضاً صواب، الفعل الانبعاث له من قبل الإنسان إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.


الإضلال الجزائي و الضلال الاختياري :


﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ﴾ إذا عُزي الإضلال إلى الله ماذا يحدث؟ يعني أن هذا الإضلال جزائي مبني على ضلال اختياري. 

مدير شؤون الطلاب في الجامعة أصدر قراراً بترقين قيد هذا الطالب، وطرده من الجامعة، الفعل فعل مدير شؤون الطلاب في الجامعة، نقول له: لماذا ؟ يقول لك: لم يداوم ولا ساعة، ولم يقدم أي امتحان، وجاءه إنذار، تلو إنذار، تلو إنذار، فلم يستجب، فرغبة هذا الطالب ألا يدرس، أصرّ على ألا يدرس، صمم ألا يدرس، هذا اختياره، فجاء ترقين القيد تنفيذاً لاختياره، فإذا قلت إن مدير شؤون الطلاب هو الذي أمر بطرد هذا الطالب الكلام صحيح، وإذا قلت إن الطالب الكسول الذي لم يلتحق بالجامعة، ولم يؤدِ الامتحان هو السبب في هذا الطرد، أيضاً صحيح، هذا المعنى الدقيق. 

فالانبعاث من الإنسان، والفعل من الله عز وجل، أنت في ضوء هذه الحقيقة تفهم مئات الآيات الفعل فعل الله، والكسب كسب الإنسان ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ .

﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) ﴾

[  سورة فصلت  ]

 أما فعل العمل الصالح فعل الله، وفعل الإساءة فعل الله.


الله عز وجل خلق الإنسان ليسعده :


 أيها الإخوة، من الإنسان الإرادة، ومن الله أن يمدك باختيارك ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ثم يقول الله عز وجل : 

﴿  وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(179)﴾

[  سورة الأعراف ]

 هل يستقيم إيماننا جميعاً إذا توهمنا أن الله خلق لجهنم أشخاصاً معينين؟ مستحيل وألف ألف ألف مستحيل، خلقنا ليسعدنا . 

﴿ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(119)﴾

[ سورة هود ]

 ماذا نفعل في هذه الآية ؟ ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا﴾ أي بثثنا، ذرأ: بثّ ونشر، أي خلق ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ﴾

 يعني معقول مواطن، ولد بريء، يُؤخذ إلى أماكن يدرب على الجريمة من قبل الدولة وبعد أن يرتكب جريمة تسوقه إلى السجن، هذا مخلوق للسجن، هذا لا ترضاه أنت لإنسان، لا ترضاه لعاقل، إلا أن هذه اللام قال عنها العلماء: لام المآل ؟ .


لام المآل و لام التعليل :


 خلق ربنا عز وجل ﴿كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ مخيرين، مؤهلين للهداية، أو لعدم الهداية، مؤهلين للطاعة، أو للمعصية، فالذي حصل أن كثيراً من الإنس والجن عصوا، فهذه اللام ليست لام التعليل هي لام المآل، توضَّح بهذا المثل: 

﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) ﴾

[  سورة القصص ]

 يعني معقول إنسان يلتقط طفلاً ليكون عدوه؟! الآية معناها هذا الطفل الذي التقطوه في النهاية هو الذي قضى على ملك فرعون، اسمها لام المآل، أعتقد واضحة، لام التعليل شيء، مثلاً لام التعليل: 

﴿  وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)﴾

[  سورة الذاريات  ]

 هذه لام التعليل، علة وجودنا في الأرض العبادة، خلقنا كي نعبده فإذا عبدناه سعدنا بقربه في الدنيا والآخرة، خلقنا ليرحمنا، خلقنا ليسعدنا، خلقنا ليكرمنا.

 لذلك ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ هذه اللام لام التعليل، يعني علة وجودنا، أما حينما يقول الله عز وجل ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً﴾ معنى ذلك هو التقطه. 

﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9)﴾  

[ سورة القصص  ]

 لماذا التقطوه؟ ﴿عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا﴾ ما الذي كان في المآل؟ أنه كان عدواً لهم واضحة؟ إذاً هذه الآية لا تفهم على معنىً ما أراده الله عز وجل . 

﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ﴾ ذرأنا خلقاً كثيراً من الجن والإنس، في المآل والنهاية كثير منهم عصوا، وخانوا الأمانة، واستحقوا النار ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ .


الإنسان إذا أحبّ شيئاً لا يرى غيره :


 سؤال آخر: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ هناك سؤال آخر، وسؤال دقيق: إذا كان يا رب قلب هذا الإنسان لا يفقه، وأذنه لا تسمع، وعينه لا تبصر، ما ذنبه؟ الجواب : 

إذاً: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ هذا من خصائص الإنسان إذا أحبّ الشيء تعلق به، ولم يلتفت إلى أية نصيحة، ولا إلى أي تحذير، ولا إلى أي تفسير لهذا الشيء.

 إذاً: من شأن الإنسان أنه إذا أحبّ شيئاً أقبل عليه .

 إذاً: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ .


من كان مع الله قذف الله في قلبه نوراً يفرق به بين الحق والباطل :


 لذلك المؤمن له ميزة كبيرة جداً، ما هذه الميزة؟ هذه الميزة أن الله سبحانه وتعالى حينما يتصل به المؤمن يُلقي في قلبه النور، يريه الحق حقاً، والباطل باطلاً، هذه نعمة كبرى. 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28) ﴾

[  سورة الحديد ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾

[  سورة الأنفال  ]

 تفرق به بين الحق والباطل، فلذلك أنت حينما تكون مع الله أنت مستنير، ترى الحق حقاً فتتبعه، وترى الباطل باطلاً فتجتنبه، أنت حينما تكون مع الله ترى حقائق الأشياء ولا ترى صورها.

 يجوز أن تجد جامعة بناؤها متواضع جداً، على الشبكية بناء متواضع، في بعض البلاد النامية الجامعات بناؤها ضعيف، لكن هذا البناء الضعيف أحياناً في الشتاء الجو بارد، غير مدفّأة، وفي الصيف غير مكيفة، وهناك اختصاص طلاب، هذه الجامعة ماذا تخرج؟ علماء، أطباء مهندسون، قادة للأمة، وهناك دور قمار تكلفة الصالة ثلاثمئة مليوناً تزيينات، على الشبكية الملاهي فخمة جداً، وجميلة جداً، والجامعات على الشبكية بناء متواضع جداً، هذه صور الأشياء، أما حقائقها: الجامعة تخرّج قادة للأمة، والملاهي تخرّج منتحرين .

 هناك شخص دخل إلى دار القمار فخسر كل ما يملكه من الدولارات في أمريكا، يملك اثنين ونصف مليون دولار، فجاء إلى البيت معه مسدس، أطلق على زوجته وأولاده الخمسة ثم انتحر، وهكذا.

 فالبناء فخم، البناء جميل جداً، تزيينات رائعة، فأنت حينما تكون مع الله يقذف الله في قلبك نوراً، يريك الحق حقاً والباطل باطلاً .


من شرد عن منهج الله عز وجل خسر الدنيا و الآخرة :


 أيها الإخوة، إذاً هؤلاء الذين شردوا عن الله ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ أي انقطاعهم عن الله عز وجل جعلهم يتجهون إلى شهواتهم بقوة، والإنسان حينما يتجه من أجل شهوته إلى جهة ما لا يرى شيئاً:

﴿  صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ(18)﴾

[  سورة البقرة  ]

 إذاً: أن يكون ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ هذه من بعدهم عن الله، وأن تكون لهم ﴿أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا﴾ هذا أيضاً من بعدهم عن الله، وأن تكون ﴿لَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ إذاً من بعدهم عن الله، لو أنهم أقبلوا على الله لقذف الله في قلبهم النور.

 يعني أي إنسان يرتكب معصية يتراءى في قلبه أنها تسعده، لو كان مؤمناً يعلم علم اليقين أنها تُشقيه، مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر. 

﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ هذا من نتيجة بعدهم عن الله وإقبالهم على الشهوة . 


الأنعام حينما تخطئ لا تعد عاصية بينما الإنسان يعد عاصياً لأن معه منهج السماء :


 الله عز وجل يقول: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ لماذا هم أضل؟ 

 إخواننا الكرام؛ الحيوان يتحرك بغريزته فقط، قد يقوم بأعمال مذهلة، لكن هذا فعل غريزته، الإنسان الله أعطاه فكراً، أعطاه عقلاً، أعطاه اختياراً، فالحيوان لا يُثاب على تفوقه ولا يُعاقب على إساءته، لا يوجد عنده تكليف ولا يوجد اختيار، فإذا تحرك بدافع من غريزته لا يوجد مشكلة عنده، لا يعد ضالاً، أما الإنسان إذا تحرك بدافع من شهوته فقط ومعه تكليف، معه شرع، معه وحي، معه عقل، معه فطرة، هذا الإنسان أضلّ من الأنعام، الأنعام تحركت بغرائزها، لا تُحاسب، أنت إذا أقدمت هرة على خطف قطعة لحم هل تعدها سارقة مثلاً؟ لا، هي جائعة فقط علاقتها مع اللحم علاقة غريزة فقط، لا يوجد عندها حرام وحلال.

 فالأنعام حينما تخطئ لا تعد عاصية، لأنها ليست مكلفة، أما الإنسان إذا تحرك لقضاء شهوته بلا منهج، لو اعتدى على أعراض الناس، أو اعتدى على ممتلكاتهم، معه تكليف، معه عقل، معه شرع، معه منهج، معه فطرة، افعل ولا تفعل ﴿بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ هو أضل.

 يعني شخص أُعطي عملة مزورة فقبلها، لا يوجد عنده معرفة دقيقة بالعملات المزورة، الثاني معه جهاز إلكتروني يكشف له العملة المزورة، ومعه بالجيب الثاني أرقام العملات المزورة، وقبض ثمن بيته بعملة صعبة، لا استخدم الجهاز، ولا قرأ أرقام العملات، هو أضل من الأول، الأول أخطأ لكن ما عنده أجهزة، أما الثاني معه أجهزة، معه جهاز إلكتروني في جيبه الأيمن يكشف له العملة المزورة، معه أرقام العملات المزورة للكشف في جيبه الأيسر، وقبض ثمن بيته عملة مزورة، الذي معه أجهزة هو أضل، أما الأول ما عنده معلومات، فأخذها بعفوية وسذاجة.

 إذاً هذا معنى قوله تعالى: 

﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ﴾ تحركوا بلا عقل، تحركوا بلا فطرة، تحركوا بلا منهج، تحركوا بلا تبصر، بلا تأمل، لم يسأل، تحرك بشهوته .


أكبر مرض يصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله عز وجل :


 الإنسان حينما يعصي الله عز وجل همه أن يمتع نفسه، حلال، حرام، يجوز، لا يجوز، يوجد عقاب وراءها، يوجد ثواب، همه المتعة واللذة، فهذا الإنسان حينما يتخلى عن عقله، وعن فطرته، وعن وحي السماء، وعن منهج الله، وعن القرآن، ويتحرك بشهوته فقط هو دون الحيوان .

 قيل: رُكِّب الملك من عقل بلا شهوة، ورُكّب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركب الإنسان من كليهما، فإذا سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.

 إذاً: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ وأكبر مرض يصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله عز وجل، لذلك يقابل الغفلة اليقظة.

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور