وضع داكن
23-04-2024
Logo
الدرس : 49 - سورة الأعراف - تفسيرالآيات 172 - 174، الأمانة نفسك التي بين جنبيك ـ والإنسان قبِل حملها في عالم الذر
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.


الله سبحانه وتعالى خلق الخلائق كلها قبل عالم الصور :


أيها الإخوة الكرام، مع الدرس التاسع والأربعين من دروس سورة الأعراف، ومع الآية الثانية والسبعين بعد المئة، وهي قوله تعالى : 

﴿  وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ(172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ(173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(174)﴾  

[ سورة الأعراف ]

أيها الإخوة الكرام، هذه قصة الإنسان، الله سبحانه وتعالى خلق الخلائق كلها قبل عالم الصور، خلقها في عالم الذر، والآية التي توضح هذه الحقيقة هي قوله تعالى: 

﴿  إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً(72)﴾

[  سورة الأحزاب  ]

هذه الآية، والآية التي هي موضوع الدرس تتكاملان لتكونا قصة هذا الإنسان. 


القضايا ثلاثة أنواع ؛ إخبارية عقلية و حسية :


1 – دائرة المحسوسات أداة اليقين بها الحواس الخمس :

بادئ ذي بدء: بنص الآية التي تلوتها قبل قليل ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾ السماوات، والأرض، والجبال تعبير عن كل الخلائق، الخلائق خُلقت في عالم قبل عالم الصور، نحن في عالم الصور، أنت لك صورة، وأنا لي صورة، والحصان له صورة، والشمس لها صورة، هذا العالم اسمه عالم الصور، وكنا قبل هذا العالم في عالم الذر.

ولكن القضايا الإخبارية، لابد من أن يكون واضحاً لديكم أن هناك قضايا عقلية، وأن هناك قضايا حسية، وأن هناك قضايا إخبارية، كل أمور الدين، كل حقائق الدين، كل أفكار الدين لابدّ من أن تتوزع بين دائرة المحسوسات، ودائرة المعقولات، ودائرة الإخباريات، فأنا بحواسي الخمس أرى أن هذا كأس ماء، وبحواسي الخمس أرى أن هذا مكبر للصوت، وأن هذا الضوء متألق، وأن هذه طاولة، هذه معرفة حسية، أدواتها الحواس الخمس، أو استطالته، فالميكروسكوب استطالة للعين، ترى بالميكروسكوب دقائق الأشياء، والتليسكوب استطالة أيضاً للعين ترى به الكواكب البعيدة، فكل شيء يُرى، أو يُسمع، أو يُلمس، أو يُشم، هذه أشياء مادية أداة اليقين بها الحواس الخمس، هذه قضية سهلة، الحواس الخمس أو استطالاتها.

لكن هناك قضايا عقلية، القضايا الأولى الحسية شيء ظهرت عينه، أداة اليقين به الحواس الخمس، هذا الكأس أمامي له وزن، من بلور صافٍ، فيه ماء، هذه معرفة حسية أداتها الحواس الخمس أو استطالاتها وهذه ليست موضع خلاف إطلاقاً .

لكن الموضوعات الثانية موضوعات عقلية، تألق المصابيح، تكبير الصوت، عمل المكيفات، هذه كلها من آثار الكهرباء، فالكهرباء غابت عنا ذاتها بقيت آثارها، هذه معرفة عقلية، أيضاً هذه المعرفة ليست موضع خلاف إطلاقاً، هناك عقل يستدل بالأثر على المؤثر، وبالنظام على المنظِّم، وبالخلق على الخالق، وبالحكمة على الحكيم، وبالجمال على الجميل، وبالقوة على القوي .

فالشيء إذا غابت عينه وبقيت آثاره دليل اليقين به العقل، لذلك العقل أصل من أصول المعرفة، هذا الكون كله مظهر لأسماء الله الحسنى، وصفاته الفضلى، ذات الله لا نراها . 

﴿ لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) ﴾

[  سورة الأنعام ]

2 – دائرة المعقولات أداة اليقين بها العقل :

لكن كل هذا الكون أثر من آثار خالق السماوات والأرض فنحن نتعرف إلى الخالق من خلال خلقه، وإلى الصانع من خلال صنعته، وإلى المسيِّر من خلال تسييره، وإلى الحكيم من خلال حكمته، وإلى الجميل من خلال جمال الكون، هذه المعرفة الثانية المعرفة العقلية ذات الشيء غابت عنا بقيت آثاره، البعرة تدل على البعير، والأقدام تدل على المسير، والماء يدل على الغدير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير؟ هذه المعرفة العقلية، أداتها العقل، طريقها التفكر . 

﴿  إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ(190)  الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)﴾

[  سورة آل عمران  ]

هذه المعرفة العقلية، المعرفة العقلية لابدّ من شيء مادي، من هذا الشيء المادي أنتقل إلى صانعه، هل صنعته متقنة؟ هل صنعته جميلة؟ هل صنعته محكمة؟ وهكذا .

وهذا الموضوع الثاني أيضاً ليس موضع خلاف إطلاقاً . 

3 – دائرة الإخباريات أداة اليقين بها الخبر الصادق :

إلا أن الموضوع الثالث؛ الدائرة الثالثة التي نحن بصددها، هذه دائرة لا تخضع للعقل أبداً، العقل يحتاج إلى شيء مادي يدرسه، يلاحظه، يحلله، يفحصه، يختبره، ثم يحكم على صانعه، هذا العقل، أما الموضوع الثالث، الدائرة الثالثة موضوع آخر، العقل لا دور له به إطلاقاً، والحواس الخمس لا دور لها إطلاقاً، الموضوع الثالث جهة أخبرتنا، نسميه موضوعاً إخبارياً، أو سمعياً فقط.

لذلك هذا الموضوع الثالث تنطلق قيمته من المُخبِر، من هو المُخبر؟ إذا الله عز وجل أحد أكبر مصادر المعرفة إخبار الله لنا، الله أخبرنا أنه خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض، أخبرنا أن بعد الموت إما جنة يدوم نعيمها، أو نار لا ينفد عذابها، أخبرنا أنه لابدّ من أن نتصل به كي نسعد بقربه، أمرنا بالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، نحن في الدين عندنا جانب كبير، جانب إخباري، هذا لا يخضع للعقل أبداً، وأنصح إخوتنا الشباب ألا تحاوروا أحداً في الموضوع الثالث، إلا إذا كان مؤمناً بالله، إن كان ليس مؤمناً تقول له: الملائكة، يقول لك: أين هي؟ ما الدليل؟ لا يوجد دليل معك، معك دليل لك كمؤمن، الله أخبرك، بل إن الذي أخبرك الله به ينبغي أن تأخذه وكأنك تراه . 

﴿  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1)﴾

[  سورة الفيل  ]

من منكم رأى هذه الحادثة؟ ولا واحد، وأنا معكم، لكن من المخبر؟ هو الله عز وجل، نحن في هذه الآيات لا تخضع للعقل أبداً، ولا أتمنى عليكم أن تطرحوا أسئلة حولها موضوع إخباري لا يخضع للعقل أبداً، لا للتحليل، ولا للدرس، ولا للسؤال . 


قبول الإنسان حمل الأمانة و رفض جميع الخلائق ذلك :


أخبرنا ربنا أنه خلقنا في عالم قبل عالم الصور، وأنه عرض علينا الأمانة، وأن معظم المخلوقات أشفقن منها، وأن الإنسان قال أنا لها وحملها، وأنه إذا أدى الأمانة، لم يكن ظلوماً جهولاً، أما إذا خان الأمانة: ﴿كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾

موضوع إخباري، خلقنا الله عز وجل في عالم الذر، قبل أن نكون في عالم الصور وعرض علينا الأمانة، وجميع الخلائق أبى أن يحملها، وخاف منها، وحملها الإنسان. 


من حمل الأمانة و أدى ما له و ما عليه دخل الجنة :


الآن لأنك إنسان بحسب هذه الآيات أنت خُلقت في عالم الذر مع بقية المخلوقات، فلما عرض الله الأمانة على هذه المخلوقات ﴿فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ ولأنك إنسان إذاً أنت الذي قبلت حمل الأمانة، يجب أن تعرف نفسك، الإنسان أعلى المخلوقات إطلاقاً.

للتقريب: أب عنده عشرة أولاد، غني كبير، قال: كل واحد منكم له راتب شهري، ومركبة، وبيت، وزوجة، أما الذي يقبل أن يذهب إلى بلاد بعيدة، ويأتي بالدكتوراه في إدارة الأعمال أمنحه هذا المعمل كله، هناك عرض، تسع إخوة خافوا، أريح أن يبقى في بلده، وله راتب شهري خمسين ألفاً، وله زوجة وأولاد، وسيارة، أما هذا الأخ العاشر كان طموحاً، قال أنا لها، أرسله أبوه، إن أتى بالدكتوراه تَمَلّك المعمل كله، وإن لم يأتِ بها كل أخوته أفضل منه لذلك: 

﴿  إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ(7)﴾

[  سورة البينة  ]

أعلى من الملائكة . 

﴿  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ(6)﴾

[  سورة البينة  ]

من هنا قيل: رُكّب الملك من عقل بلا شهوة، ورُكب الحيوان من شهوة بلا عقل، و رُكب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان .

خيروك بين أن تكون طياراً، تأخذ بالشهر خمسمئة ألفاً مثلاً، و بين أن تكون سائق سيارة على الأرض، على الأرض القضية سهلة تعطلت تبلغ صاحبها، تذهب إلى بيتك، لكن بالطائرة لا تستطيع أن تبلغ صاحبها، وقد مات جميع ركابها، خمسمئة ألفاً مقابل احتمال الموت، أما على الأرض الاحتمال أقل . 


دائرة المرئيات و دائرة المسموعات و دائرة الخواطر :


فلذلك الإنسان حينما قبل حمل الأمانة، فإن لم يحملها أمامه النار، خالداً فيها أبداً وإن حملها أمامه الجنة . 

((  أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ  ))

[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة  ]

ما لا عين رأت، هذه دائمة، ولا أذن سمعت، أوسع بكثير، أنت زرت القاهرة، وعمان، وبيروت، وباريس، فقط، يوجد هنولولو، هذه أنت ما زرتها، لكن تسمع عنها، يوجد موزنبيق، هناك دول، دائرة المرئيات أقل دائرة، المسموعات أكبر بكثير، أما الخواطر لا تنتهي، قد تقول أتصور إنساناً طوله للقمر، خاطر هذا، ما له أي ضابط ، فهناك دائرة اسمها دائرة المرئيات (أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ) وهناك دائرة أكبر اسمها دائرة المسموعات، ولا أذن سمعت، و دائرة لا تنتهي دائرة الخواطر، ولا خطر على قلب بشر، فإذا الإنسان حمل الأمانة، وأداها كما أراد الله، كان فوق الملائكة، فوق بكثير، من هنا يُعد الإنسان أكبر مغامر، إما إلى جنة يدوم نعيمها، أو إلى نار لا ينفذ عذابها، فلذلك رأى النبي عليه الصلاة والسلام جنازة فقال: 

((  مستريح، أو مُسْتَراح منه ، فقالوا : يا رسول الله ما المستريحُ ، وما المستَراح منه ؟ فقال: العبد المؤمنُ يستريح من نَصَب الدنيا، والعبد الفاجرُ يستريح منه العبادُ ، والبلادُ ، والشجر، والدواب  ))

[ أخرجه البخاري ومسلم والنسائي ومالك عن أبي قتادة  ]

الآن العالم كله ينتظر بفارغ الصبر نهاية ولاية بوش (يستريح منه العبادُ والبلادُ، والشجر والدواب) هذه المشكلة . 


الأمانة التي قبلت حملها هي نفسك التي بين جنبيك :


أيها الإخوة، لأنك من بني البشر أنت في عالم الذر، قبلت حمل الأمانة، لأنك من بني البشر، ولأنك من بني البشر أنت مهيأ أن تكون فوق الملائكة، كلام دقيق هذا كلام في صميم العقيدة، لأنك إنسان أنت مهيأ أن تكون أعلى مخلوق .

الآن ما هي الأمانة؟ ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ﴾ ما هي الأمانة؟ إياكم أن تفهموا الأمانة فهماً محدوداً جداً، إنسان أودع معك شيء كأمانة، ثم طلبه منك، لا، القضية عميقة جداً الأمانة في إجماع العلماء: نفسك التي بين جنبيك، سلمها الله لك، أودع فيها الشهوات، تشتهي المال، هذه جماد، لم تقبل حمل الأمانة، هذه الطاولة لا تشتهي، طاولة أنثى، لا تشتهي تأكل، اتركها مئة سنة تبقى بمحلها، لا يوجد حركة، أما أنت تشتهي أنثى، تشتهي مالاً، تشتهي أن تكون كبيراً في نظر الناس، بمنصب رفيع، تشتهي زوجة جميلة، تشتهي بيتاً مريحاً، تشتهي أموالاً طائلة، أموالاً منقولة وغير منقولة، تشتهي المتعة، تشتهي، تشتهي، أودع فيك الشهوات، إله . 

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)﴾

[ سورة آل عمران ]

 

العقل ميزان الإنسان ليرقى إلى رب السماوات و الأرض :


أودع فيك الشهوات، أعطاك عقلاً، هذا العقل ميزان دقيق. 

﴿  وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ(7)﴾

[  سورة الرحمن  ]

معك ميزان، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، أودع فيك الشهوات.كلامي دقيق. لترقى بها إلى رب الأرض والسماوات، تشتهي المرأة، وقد أمرك الله أن تغض البصر عنها فتغض البصر عنها وتقول: يا رب احفظني من أن أُفتَن . 

﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ (33)﴾

[  سورة يوسف  ]

أودع فيك شهوة المال، وهناك دخل حرام، وهناك دخل حلال، امتحنك الله . 

﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ﴾

[  سورة المؤمنين  ]


بالشهوات ترقى إلى الله صابراً و شاكراً :


أنت ترقى مرتين، ترقى مرة حينما تقول إني أخاف الله رب العالمين، ترقى صابراً وترقى شاكراً، تزوجت الله هيأ لك زوجة صالحة جميلة، فإذا ملأت عينك من محاسنها، لك أجر، هذه هدية من الله، ترقى إلى الله هنا شاكراً، وإذا مرت امرأة لا تحل لك ترقى إلى الله صابراً، ترقى بالشهوة مرتين، لك معاش محدود، اشتريت به الطعام، والشراب، أكلت أنت وأولادك، يا رب لك الحمد، وهناك طريق غير مشروع ممكن تهرب مخدرات، تربح ألف ضعفاً، من مكان زراعتها إلى مكان بيعها يوجد ألف ضعفاً، يقول لك: أغنى الأغنياء في العالم تجار مخدرات، امتحنك، المال محبب، إما أن تكسبه حلالاً لكن لا يكون كثيراً جداً هناك جهد، أو أن تكسبه حراماً ترقى مرتين مع المال، إن قلت هذه الصفقة مشبوهة، إني أخاف الله رب العالمين ترقى إلى الله صابراً، وإذا كان صفقة مشروعة وربحت منها ربحاً معقولاً، وأنفقت هذا المال على نفسك وأهلك ترقى إلى الله شاكراً، أودع فيك حب المال وحب النساء ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والبنيين﴾ الأولاد ﴿وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾ والسيارة ﴿وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ﴾ وقتها، الآن يقابلها سيارة ﴿وَالْأَنْعَامِ﴾ مزرعة ﴿وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أودع فيك الشهوات. 


الله عز وجل زود الإنسان بمجموعة من المقومات لمعرفة الطريق الصحيح منها :


1 ـ الفطرة : 

 أعطاك عقلاً، ميزاناً ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾ أعطاك فطرة عظيمة جداً، برمجك برمجة، جبلك جِبِلّة بطريقة أنك تكتشف خطأك بذاتك، آتي بمثل دقيق :

دخلت إلى البيت الساعة الواحدة، قالت لك والدتك: ماما أنا رأسي يؤلمني أريد أسبرين، تقول لها: الساعة الواحدة كل الصيدليات مغلقة، قالت: خير إن شاء الله، لكنك تعلم علم اليقين أن الصيدليات مناوبة، هي لم تحرجك سكتت، تريد أن تنام لا تستطيع، أمك يؤلمها رأسها أنت صرفتها عن هذا الطلب، لم تتكلم شيئاً، بعدها شعرت أن الوالدة غالية، نهضت، فرضاً ليس أسبرين دواء ثانِ، أول صيدلية، الثانية، الثالثة، درت عليهم كلهم لا يوجد هذا الدواء، الوالدة بالمرتين الدواء لم تستخدمه، لكن أول مرة تنام غير مرتاح، المرة الثانية بعد جولة ساعة تنام مرتاحاً، أنت أديت الذي عليك، واضح تمام؟

الفطرة دقيقة جداً، شخص دهس طفلاً الساعة الثانية بالليل، وتابع سيره، والضبط كُتب ضد مجهول، يقول لي قريبه: أكثر من أربعين يوماً ما تمكن من النوم .

برمجك برمجة إذا أخطأت تشعر بكآبة، تشعر بالذنب، تشعر بالخطأ، تشعر أنك صغير، لو لم يعلم أحد بهذا الخطأ، برمجة داخلية هذه فطرة، أعطاك عقلاً، مقياس مادي، أعطاك فطرة، مقياس نفسي، أعطاك شهوات قوة دافعة، وأعطاك حرية اختيار. 

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) ﴾

[ سورة الكهف  ]

2 ـ الشهوة :

أعطاك شهوة، عقل، فطرة، حرية، أعطاك منهجاً (شرعاً) يوجد حلال، يوجد حرام، الزواج له طريقة في الإسلام المال له طريقة في الكسب، خالف الناس ربهم بالأرض كلها، خالفوه فخسروا أموالهم كلها، والله درس الأزمة المالية بالعالم والله درس بليغ من الله ، الله عز وجل أظهر آياته . 

﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)﴾

[  سورة البقرة ]

3 ـ العقل :

فأعطاك منهجاً، معك منهج، ومعك عقل، ومعك فطرة، ومعك شهوة، الشهوة كالمحرك قوة دافعة، مُسرع يريد أن يأكل جوعان، يريد أن يشتري بيتاً ويتزوج، أعطاك شهوات، قوة دافعة، أعطاك عقلاً ميزان دقيق، أعطاك فطرة ميزان نفسي آخر، معك ميزانان العقل والفطرة، معك شهوة . 

4 ـ حرية الاختيار :

أعطاك حرية، قيمة عملك أنك حر ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾

﴿  إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً(3)﴾

[  سورة الإنسان  ]

5 ـ الشرع :

أعطاك شرعاً، للتقريب: هذه السيارة فيها محرك هو الشهوة، اندفاع، وفيها مقود هو العقل، وفيها طريق هو الشرع، مهمة العقل أن يستخدم هذا المقود ليبقي المركبة وهي مندفعة على الطريق، الطريق هو الشرع، والمحرك هو الشهوة، والطريق هو الشرع .

مثل آخر: يوجد بالجيب اليمين جهاز لكشف العملات المزورة، هذا يتحسس بالمعادن، العملات فيها معدن، تضعه على الجهاز يظهر لون برتقالي، معناها عملة صحيحة، إذا ورق فقط من دون معجونة خاصة يظهر لون آخر، فمعك جهاز كشف العملات المزيفة، معك بالجيب الثاني قائمة بأرقام العملات المزيفة، هذا الشرع، باليسار يوجد شرع، باليمين يوجد عقل، فأنت بعت بيتك بعملة صعبة، لا استخدمت الجهاز، ولا قرأت أرقام العملات، ظهر المبلغ كله مزور الخطأ خطأك، معك عقل، ومعك شرع، واضح تمام ؟

فلما قال لك احمل الأمانة، يعني الأمانة نفسك التي بين جنبيك، أعطاك عقلاً، أعطاك فطرة، أعطاك شهوة ، أعطاك إرادة، أعطاك شرعاً، الحسن ما حسّنه الشرع، والقبيح ما قبّحه الشرع. 


الإنسان الظلوم الجهول من خان حمل الأمانة :


أيها الإخوة الكرام ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ الآية الآن دقيقة: 

﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ إذا ابن كان طموحاً هل يقال له ظلوم جهول؟ لا، بالعكس، لذلك يمكن أن تُقرَأ الآية بصيغة الاستفهام ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ ؟ ما كان ظلوماً جهولاً، كان طموحاً فلمّا قبِلَ حملها وخانها ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ يعني هذه الآية تُقرأ لمن أدى الأمانة بطريقة استفهامية، وتُقرأ لمن خان الأمانة بطريقة تقريرية ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ لا ما كان ظلوماً جهولاً لمّا قبل حملها، لكن إذا خان الأمانة ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ .

لذلك ورد في الجامع الصغير حديث لا يرتقي إلى مستوى الصحاح يقول : 

((  إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى وأنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب  ))  

[ أخرجه الحاكم عن جابر بن عبد الله وهو ضعيف  ]

لأنه خان الأمانة.


من عرّف نفسه بربها و حملها على طاعته سلم و سعد في الدنيا و الآخرة :


والله أيها الإخوة، هؤلاء البشر الذين يقتلون، يسفكون الدماء، هؤلاء الطغاة، الذين يقهرون الشعوب، يقتلون بالمئات، بالآلاف، الذين ألقوا على هيروشيما قنبلة ذرية قتلت ثلاثمئة ألفاً بأربع ثوان، هؤلاء المجرمون في العالم، لو رأيتهم يوم القيامة، وقد أصابهم ألم لا سبيل إلى وصفه، قال تعالى : 

﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ۚ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)﴾

[  سورة البقرة  ]

فلذلك لأنك إنسان أنت المخلوق الأول، ولأنك مخلوق أول أودع الله فيك الشهوات لترقى بها صابراً، أو شاكراً، إلى رب الأرض والسماوات، ولأنك إنسان أُعطيت حرية الاختيار ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ ولأنك إنسان أُعطيت فطرة تكشف لك خطأك، ولأنك إنسان أُعطيت شرعاً ضابطاً لميزاني العقل والفطرة، معك ميزانان، لكن الميزانان قد يُلعَب بهما، عندنا ميزان دقيق جداً ومضبوط هو ميزان الشرع، الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع .

فلذلك : 

﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ من هنا الأمانة هي نفسك التي بين جنبيك . 

﴿  قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10)  ﴾

[  سورة الشمس  ]

أفلح: وردت بالقرآن أربع مرات، نجح نجاحاً عظيماً، أفلح يعني نجح، وتفوق وسلم، وسعد ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ يعني أكبر هدف لك أن تزكي نفسك من أمراض تعد سبب هلاك الإنسان في الآخرة ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ لا يوجد عنده حقد، لا يوجد عنده ظلم، لا يوجد عنده أكل حقوق، لا يوجد اعتداء على الأعراض ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ الذي أبقاها جاهلة، وسمح لها أن تفعل المعاصي والآثام، ولم يردعها ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ أما إذا عرّفها بربها، وحملها على طاعته، وحملها على اِتباع منهج نبيه، فسمت نفسه إلى الله ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾.


الله سبحانه وتعالى أخذ من سيدنا آدم ذريته كلها في عالم الذر :


آية اليوم : 

﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ أودع الله في سيدنا آدم نفوس الخلائق كلها إلى يوم القيامة، كل البشر أودعت نفوسهم في سيدنا آدم، فالله عز وجل أخذ، المأخوذ منه سيدنا آدم، المأخوذ نفوس البشر من آدم إلى يوم القيامة، الآن كل إنسان آخذ ومأخوذ، في ظهره أولاده، هو يؤخذ منه أولاده، وأولاده يأخذون من أبيهم، يأخذ ويؤخذ. 

﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ بادئ ذي بدء أودع الله في ظهر سيدنا آدم الخلائق (البشرية كلها) من آدم إلى يوم القيامة، لكن هناك صنفان من المخلوقات سيدنا آدم أُخذ منه، ولم يأخذ من أحد، وآخر إنسان قبل يوم القيامة لم يؤخذ منه بل أخذ من أبيه فقط، هناك إنسان أخذ من أبيه ولم يؤخذ منه، هذا آخر واحد، أول واحد أُخذ منه ولم يأخذ من أحد، أما بقية البشر آخذ ومأخوذ، يعني الملخص أن الله سبحانه وتعالى أخذ من سيدنا آدم ذريته كلها، في عالم الذر . 


تسخير ما في السماوات و ما في الأرض لمن قبل حمل الأمانة :


وقال: 

﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ يعني أودع في فطرنا الإيمان بالله، كل واحد مودَع في فطرته الإيمان بالله، هذا الإيمان الفطري أعظم إيمان، وعقله مبرمج على مبدأ السببية والغائية وعدم التناقض، قوانين عقله تدعوه أن يؤمن بالله، وقوانين فطرته تدعوه أن يؤمن بالله، هذا الميثاق. 

﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ أخذهم دفعة واحدة ﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ أنتم قبلتم حمل الأمانة، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة سخر الله لهذا الإنسان: 

﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) ﴾

[ سورة الجاثية  ]

ولأنه قبل حمل الأمانة أعطاه عقلاً، وفطرة، وشهوة، وحرية، وشرعاً. 

﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ أنتم قبلتم حمل الأمانة، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة سخرت لكم ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ لكم، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة، أودعت فيكم الشهوات، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة أعطيتكم العقل وهو أداة معرفة الله، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة أعطيتكم الشهوات، أعطيتكم الاختيار، أعطيتكم الفطرة، أعطيتكم الشرع . 

﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ قد يقول واحد منكم: أنا لا أتذكر، لأنك مجبول على الإيمان بالله، هذه الأمانة التي منحك الله إياها، لأنك مجبول في فطرتك على أن تؤمن بالله، ولأن عقلك مبرمج على الإيمان بالله، يعني العقل والفطرة هما الميثاق الذي منحك الله إياه فيما بينك وبينه . 


العقل و الفطرة كافيان لمعرفة الله واتباع أوامره :


﴿قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ هذه الشهادة لئلا  ﴿أَنْتَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾

قال تعالى، يوم القيامة يقول هذا الكافر: 

﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ۚ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) ﴾

[  سورة الأنعام  ]

﴿أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ ﴿أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ تقليد لا يوجد، أودع الله فيك عقلاً و فطرة كافيتين لمعرفة الله، لو كان الأب منحرفاً، لو كان الأب كافراً . 

﴿أَنْ تَقُولُوا﴾ أي لئلا تقولوا ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ ﴿أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ التقليد مرفوض، الله منحك عقلاً ومنحك فطرة . 

﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ هذه الآية، مع آية: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ هاتان الآيتان تتكاملان، وتحدث الآية الأولى والثانية عن قصة الإنسان حينما خلقه الله في عالم الذر، وعرض عليه الأمانة، وقبل حملها، ولذلك استحق أن يكون فوق الملائكة إذا أداها، واستحق أن يكون دون الحيوان إذا خانها.

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور