- ندوات تلفزيونية / ٠03برنامج دٌرر - قناة مكة
- /
- ٠2درر 2 - الحقوق
مقدمة :
الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛ كيف نتماسك في الأزمات وننجو من الهلع والخوف ؟ كيف نؤدي الأمانات إلى أهلها ؟ وما هي أهمية أداء الأمانة في زمن الأزمات والمصائب ؟ كيف نتعاون ونتكافل ونتراحم ؟ وما توجيهات الإسلام في ذلك ؟ كيف نتفاءل ونثق بنصر الله عز وجل ووعوده ؟ ثم ما أهمية الكلمة في زمن الفتن وكيف نحفظ لساننا في زمن الأزمات ؟ تابعوا هذا اللقاء لتتعرفوا على الإجابة على هذه الأسئلة في هذه الحلقة بعنوان : قيم الإسلام في التعامل مع المحن .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أخوتي الأكارم ؛ أخواتي الكريمات ؛ أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، في مستهل حلقة جديدة من برنامجكم درر ، أرحب باسمكم بفضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم سيدي .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم موضوعنا غني بدأناه في اللقاء السابق ، و العالم الإسلامي اليوم يعج بالأزمات ، نسأل الله العافية والسلامة والفرج القريب ، لكن الأزمات لها فقه خاص ، ولها طريقة في التعامل ، ونحن في اللقاء الماضي فقط انتهينا من فلسفة المصيبة والأزمة ، وهذا كان أمراً مهماً جداً ، لكن اليوم نبدأ الخوض في التفاصيل .
أولى الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم في الأزمات ، في المحن ، في المصائب أن يتماسك ، ألا يهلع ، ألا يصل إلى درجة الخوف الشديد الذي يخرجه عن طوره ، والله عز وجل يقول :
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾
كيف يحمي الإنسان نفسه من الهلع في حالة الأزمات ؟
كيفية حماية الإنسان نفسه من الهلع في الأزمات :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين .
أستاذ بلال ؛ لو تصورنا جهاز كومبيوتر لفحص الدم ، ثمنه مرتفع ، بمئات الملايين، هذا الجهاز معه نشرة لطريقة الاستعمال والصيانة ، فلأن هذا الجهاز غال جداً ونفعه كبير معه من طرف الشركة الصانعة تعليمات التشغيل والصيانة ، فانطلاقاً من حرصنا على هذا الجهاز ينبغي أن نتبع عند استعماله تعليمات الصانع .
الآن عندنا في هذا الجهاز الغالي جداً شيء اسمه فيوز ، ما هو الفيوز ؟ هذا الاسم أجنبي يعني وصلة ضعيفة ، فإذا جاء التيار أعلى مما ينبغي فبدل أن يحترق الجهاز ونخسر ثمنه ، هذه الوصلة الضعيفة تسيح فينقطع التيار ، فأنا أقول : هذه المصائب كلها من هذا القبيل ، هو ضعيف ، قال تعالى :
﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾
﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولاً ﴾
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
هذه نقاط ضعف في أصل خلق الإنسان ، وهذه النقاط لصالحه ، لولا هذه النقاط ما تاب إنسان ، لولا هذه النقاط ما استقام إنسان ، لولا هذه النقاط ما سعد إنسان ، فلذلك فيه نقطة ضعف ، لو خلق الإنسان قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه ، خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه فيسعد بافتقاره ، هذا الأصل ، الله عز وجل ثبّت مليون قانون أما قانون الصحة وقانون الدخل والرزق فمتغيران ، فالإنسان بطولته أن يفهم على الله عز وجل ، إذا كان مؤمناً يفهم على الله عز وجل ، يقرأ القرآن الكريم ، يفكر في الأكوان ، يقرأ سيرة النبي العدنان ، يفهم الأمور تماماً .
الأستاذ بلال :
ينجو من الهلع إلا المصلين ، هذا مستثنى ؟
من طبق سنة النبي العدنان فهو في مأمن من عذاب الله :
الدكتور راتب :
أنا إذا قلت كلمة إنسان ، كم إنسان تشمل ؟ الآن سبعة مليارات ومئتا مليون ، قل : إنسان مسلم ، مليار وثمانمئة مليون ، قل : إنسان عربي ، خمسمئة مليون ، قل : إنسان عربي مثقف قد يكون النصف ، قل : إنسان عربي مثقف طبيب ، قد يكون مئة ألف ، قل : إنسان عربي مثقف طبيب جراح قلب ، قد يكون خمسة ، مقيم بعمان ، واحد مثلاً ، فكلما جاءت الصفات وتتابعت ضاقت الدائرة ، قال تعالى :
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾
صفتان متقابلتان ، إذا مسه الشر جزوعاً ، ينهار ، وإذا مسه الخير منوعاً ، يبخل ، قال تعالى :
﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾
لكن لئلا نفهم أي مصلّ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
المسلمون مليار وثمانمئة مليون ، وليس أمرهم هو النافذ ، وليس مصيرهم بيدهم ، وللجهات الأخرى لها عليهم ألف سبيل وسبيل ، إذاً عندنا مشكلة ، والبطولة ألا نقفز على المشكلة ، أن نواجه المشكلة ، الحقيقة الأولى على مستوى الأمة قال تعالى :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
وما كان الله ليعذب أمة محمد ما دامت سنته قائمة في حياتهم ، هم في مأمن من عذاب الله ، انا أفهم الأمور كما يلي ، نحن كأفراد ننجو بشكرنا وطاعتنا لله ، قال تعالى :
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
أما كأمة فبتطبيق منهج رسول الله ، وإلا نحن نواجه مشاكل كثيرة جداً ، أحدهم قال للنبي الكريم : "عظني ولا تطل - أريد موعظة موجزة - قال له : قل آمنت بالله ثم استقم ، فقال له : أريد أخف من ذلك ؟ قال : إذاً فاستعد للبلاء " أي نعيش كما نتمنى ، يوجد اختلاط ، و مال مشبوه ، و ربح لا يرضي الله عز وجل ، و علاقات عائلية لا ترضي الله ، و تجاوز للحدود، و تفلت ، و تقصير بالعبادات ، وأن تأتي الدنيا كما نتمنى ! هذا مستحيل .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم ؛ القيمة الأولى في تعامل المسلم مع الأزمات أن يتماسك ، وحتى يتماسك ولا يصاب بالهلع عليه أن يكون من المصلين وفق قوله تعالى :
﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾
إلى آخر الآيات ، النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر صلى ، إذاً نتماسك بصلتنا بالله عز وجل .
قيم تعامل المسلم مع الأزمات :
1 ـ التماسك :
الدكتور راتب :
إذا تصورنا المصيبة متر مكعب من الحديد ساقط من السماء طبق ورق لا يقف أمامها ، لا بد من إسمنت مسلح ، من جدار إسمنتي مسلح متين جداً يقف أمامها ، الشهوات موجودة ، الإنسان عنده شهوات ، وعنده عقل يدرك ، وقلب يحب ، وأودع الله فيه الشهوات ، الشهوات قوة لا يوقفها إلا الإيمان القوي ، لا يوقفها إلا خوف الله ، لا يوقفها إلا الطمع بالجنة ، هناك عوامل لوقف هذه الشهوات ، بالمناسبة بالإسلام لا يوجد حرمان ، والدليل القوي ، قال تعالى:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
عند علماء الأصول المعنى المخالف : الذي يتبع هواه - شهوته - وفق هدى الله لا شيء عليه ، فالبطولة أن تمارس هذه الشهوات وفق منهج الله .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم ؛ القيمة الثانية في التعامل مع الأزمات هو التحلي بالأمانة ، دائماً عندما يكون فوضى في مجتمع ما بسبب أزمة ، بسبب حرب ، بسبب شيء تكثر السرقات عموماً ، التحلي بالأمانة خلق إسلامي مطلوب في الأزمات أكثر من غيرها ما تعليقكم ؟
2 ـ التحلي بالأمانة :
الدكتور راتب :
أنا أتصور الأزمات تشبه الوحوش الكاسرة ، مضبوطة بأزمة محكمة ، أنا علاقتي حقيقة ليست مع الوحوش ، لكن مع من يملك هذه الوحوش ، والدليل قوله تعالى :
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
هذا الإيمان يرقى بالإنسان ، ويجعله متماسكاً ، يجعله صبوراً ، يجعله متفائلاً ، علاقته مع الله ، دائماً الشركاء متشاكسون ، من ضعف إيمانه بالله أصبح يتمنى إرضاء زيد وعبيد ، وفلان وعلان ، هذا شيء صعب ، فأنت إذا اتجهت إلى جهة واحدة وأرضيتها ملكت كل شيء .
(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحبّ إليك من كل شيء ))
وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم جزاكم الله خيراً ، أخوتي الأكارم ما زال في حديثنا بقية نتابعها بعد فاصل قصير ...
السلام عليكم عدنا إليكم من جديد لنتابع الحديث عن قيم الإسلام في التعامل مع المحن والأزمات .
أستاذنا الكريم كنا قد انتهينا قبل الفاصل من قيمتين عظيمتين أولهما التماسك، وثانيهما التحلي بالأمانة فهي مطلوبة في وقت الأزمات أكثر من أي وقت مضى ، القيمة الثالثة في التعامل مع الأزمات هي التراحم والتعاون ، بعض الناس يستغلون الأزمات فيرفعون الأسعار، يحتكرون بعض البضائع ما يسمون بتجار الحروب ، تتجلى قيمة التراحم التي يعيشها المجتمع المسلم في الأزمات ، فالأزمات تسفر عن أخلاق الناس الحقيقية ، كيف نبين لك ؟
3 ـ التراحم و التعاون :
الدكتور راتب :
تذكرت بهذا السؤال اللطيف حديثاً شريفاً مكتوباً ضمن حجرة مقام النبي صلى الله عليه وسلم الشريف ، أفضل المعروف إغاثة الملهوف ، الحقيقة العمل الصالح في الأزمات له أجر كبير جداً ، هناك أزمة ، ومشكلة ، وقلق ، وخوف ، وفقر ، وضيق ، و هناك أناس يستغلون هذه الأزمات كما تفضلت تجار الحروب ، هناك مشكلات كثيرة تتفاقم ، الأمة بالأوضاع العادية الخير كامن والشر كامن ، أما بالاستثناءات فالخير يظهر والشر يظهر ، لذلك قيل : لا تكرهوا الفتنة فإن فيها حصاد المنافقين ، فالبطولة الإنسان وهو في المحنة أن يكون معتدلاً في تجارته ، الأسعار معقولة ، يوجد تساهل و رحمة ، والإنسان إن لم يرحم لا يرحم ، والرحمة تتبدى أكثر ما تتبدى بالأزمات .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم والقيمة الرابعة هي التكافل ، أعني بالتكافل بعض الحالات ، بالأزمات يفتقر صاحب العمل فيسرح عماله ، وكان ينبغي أن يتكافل معهم فيتحمل بعض الخسارة ، علينا في الأزمة أن نكون أكثر تكافلاً ، أبناء الحي ، أبناء المدينة الواحدة .
4 ـ التكافل :
الدكتور راتب :
والله أنا أثني على عدد ليس بالقليل من أصحاب المعامل ممن أعرفهم ، وممن هم يخافون الله عز وجل مع أن المعمل لا يعطي الرواتب بشكل مستمر ، أنا قلت له : والله كأنك حججت إلى بيت الله الحرام ، هذا العامل من له غيرك ؟ أذكر أن صاحب معمل من أخواني يعمل عنده أربعة وثمانون عاملاً ، فقرر أن يوقف المعمل ، قلت له : أنت تفتح خمسة وثمانين بيتاً ، وكل بيت فيه خمسة أشخاص ، هذا أكبر ربح في الآخرة ، فلذلك البطولة في الأزمات ، لذلك أصل المعروف إغاثة الملهوف .الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم أنتقل إلى قيمة مهمة جداً وهي حفظ الكلمة ، الكلمة في الأزمات وقعها كوقع السيف ، ألا ينبغي للإنسان أن يحفظ كلامه ؟ ألا يوقعه كلامه في فتنة كبيرة ؟ فتنة عظيمة أن يحفظ كلامه ويعده من عمله .
5 ـ حفظ الكلمة :
الدكتور راتب :
هذه الملاحظة أنا أرد عليها دائماً يمكن تكلمتها مئات المرات ، طرح أية قضية خلافية في هذه الأزمات يعد في حق الأمة جريمة ، أنا دائماً أفهم ، عند بعض الأشخاص المشهورين الكبار الدعاة الأقوياء يفهمون الدين خطاً رفيعاً ، فإذا خرج الآخر عنه ميلمتراً كأنه خرج من الدين ، أنا أفهم الدين شريطاً عريضاً يسع الجميع ، فالخروج ، ليس من السهل أن تقول : أنت خرجت من الدين ، الآن التكفير والتبديع والتشريك على قدم وساق ، وهذه مشكلة كبيرة جداً ، عفواً أعداؤنا يتعاونون وبينهم خمسة بالمئة قواسم مشتركة ، ونحن نتقاتل أحياناً وبيننا خمسة وتسعون بالمئة قواسم مشتركة ، وهذا شيء مؤلم جداً ، لو رمزنا للحق بالشمس الساطعة وللباطل بالظلام الدامس ، أيضاً مشكلة ثانية الذي يعمل في الظلام الدامس ينتصر على النائم في ضوء الشمس .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم أنتقل إلى قيمة أخرى من قيم الإسلام في التعامل مع الأزمات الثقة بالله والتفاؤل ، اليوم حالة إحباط شديدة تسود المجتمع الإسلامي لتوالي هذه النكبات التي أحاطت بالأمة .
6 ـ الثقة بالله و التفاؤل :
الدكتور راتب :
ما قولك أن النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة وضعت مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ؟
أي أهدر دمه ، يتبعه سراقة ، شيء لا يصدق ، يقول له :
كيف بك يا سراقة إن لبست سواري كسرى ؟ دقق في هذا الكلام إنسان ملاحق ، مهدور دمه ، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، ماذا يعني ؟ أي أنني سأصل سالماً إلى المدينة ، وسأنشئ دولة ، وسأعدّ جيشاً، وسأحارب أكبر دولة في العالم ، الفرس ، وسأنتصر عليها ، وسوف تأتيني غنائم كسرى إلى المدينة ، ولك يا سراقة سوار كسرى ، حتى مما يروى أن سيدنا عمر قال : إن الذي أدى هذا لأمين ، فقال له سيدنا علي : يا أمير المؤمنين لقد عففت فعفوا ، ولو رتعت لرتعوا . فهمت سبب أمانته ، الأمانة تبدأ من الرأس إلى القاعدة .
وهناك شيء آخر ، قال : أين سراقة ؟ وألبسه سواري كسرى ، وقال : بخ بخ أُعيرابي من بني مدلج يلبس سواري كسرى ؟!
تحققت وعود الله عز وجل لرسول صلى الله عليه وسلم .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم حتى في التاريخ ونحن نتحدث عن الثقة بالله والتفاؤل بنصره كثير من المحن مرت على المسلمين وتجاوزوها ، في غزوة الخندق مع النبي صلى الله عليه وسلم بلغ الأمر بالإسلام أن يكون أو لا يكون ثم قيد الله النصر لهذه الأمة .
الله عز وجل لا يتخلى عن عباده :
الدكتور راتب :
قال تعالى :
﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ﴾
هذه أخلاق المؤمنين ، أي مؤمن الآن يقول لك انتهينا وقع في خطأ كبير .
((أمتي كالمطر لا يُدرى أوله خير أم آخره))
الأستاذ بلال :
وفي الخندق قال تعالى :
﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً* وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾
ولكن بعدها يقول :
﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾
هذا هو الثبات .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم الله عز وجل لا يتخلى عن عباده ؟
الدكتور راتب :
أبداً ، مستحيل وألف ألف مستحيل .
الأستاذ بلال :
قضية وقت ؟
الدكتور راتب :
يؤدبهم ويدفعهم إلى بابه بطرائق كثيرة جداً ، ذكرت قبل قليل أن هناك هدى بيانياً ، وتأديباً تربوياً ، وإكراماً استدراجياً .
الأستاذ بلال :
قضية الفرج هي قضية وقت إن شاء الله حتى يعود المسلمون ويصطلحوا مع ربهم.
الدكتور راتب :
ومن لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر .
الأستاذ بلال :
أكبر من المصيبة ، يصبح هو المصيبة بذاته ، أستاذنا الفاضل تحدثنا عن قيم الإسلام في التعامل مع الأزمات حفظ الكلمة ، أريد أن أعود إليها فقط لشيء بسيط ، ألا يشمل حفظ الكلمة أن يقول الإنسان الحق في حالة الأزمات ؟ أن يتكلم بكلمة الحق طبعاً ؟
الجهر بكلمة الحق :
الدكتور راتب :
طبعاً لا بد من كلمة الحق يجهر بها ، المؤمن لا تأخذه في الله لومة لائم .
الأستاذ بلال :
إذاً يحفظ لسانه عن الوقوع في الفتن ، ويحفظ لسانه ألا يتكلم بالباطل .
الدكتور راتب :
بدل أن يثبط العزائم يرقى بالمعنويات ، هذا من صفات المؤمن .
خاتمة و توديع :
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً أستاذنا الكريم ، وأحسن إليكم .
أخوتي الكرام لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الطيب إلا أن أشكر لكم حسن استماعكم ، وطيب متابعتكم ، سائلاً المولى جلّ جلاله أن ألتقيكم في أحسن حال مع الله ومع خلقه ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .