- ندوات تلفزيونية / ٠03برنامج دٌرر - قناة مكة
- /
- ٠2درر 2 - الحقوق
مقدمة :
الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛ كيف ربى لقمان الحكيم ابنه على التوحيد ؟ كيف علّمه الخوف من الله تعالى ؟ كيف أدبه على مراقبة الله تعالى في كل شيء من شؤون حياته ؟ ما أهم الأمور والواجبات التي أمره بها ؟ ما الآداب الراقية والأذواق العالية التي نشأه عليها ؟ تابعوا وصية لقمان الحكيم لابنه في هذا اللقاء الطيب ، من فم أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي .
بسم الله الرحمن الرحيم ، يا ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض ، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد .
أخوتي الأكارم ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرحب بكم في مستهل حلقة جديدة من برنامجكم درر ، والذي يتناول القيم التي ينبغي أن تنتظم المجتمع المسلم في تعامل أفراده مع بعضهم البعض ، أرحب بداية بفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم لعلنا في هذا اللقاء ييسر لنا الله عز وجل الانتهاء من الحديث عن حقوق الأبناء على الآباء ، وكنا قد فصلنا في الجانب النظري ، ونحب الآن أن ننتقل إلى وصية عملية يربي فيها لقمان الحكيم ابنه على الطاعات ، وقد وردت في كتاب الله تعالى في سورة لقمان ، أحبّ ان نبدأ بهذه الوصية ونفصل فيها شيئاً بما يسمح به الوقت ، يقول تعالى :
﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾
لماذا كانت أول وصية من لقمان لابنه أن يبتعد عن الشرك ؟ وكيف يكون الشرك ظلماً ؟
الشرك نوعان ؛ شرك خفي و شرك جلي :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
الحقيقة أن الله عز وجل إله واحد ، أحد فرد صمد ، أسماؤه حسنى ، وصفاته علا، فالإنسان إذا اتجه إلى غيره ، غيره لا يملك شيئاً ، عند الله الجمال والكمال والنوال ، والإنسان يحب الجمال والكمال والنوال ، فإذا توجه إلى الله فهو بغيته ، يسعد بالله ولو فقد كل شيء ، فلذلك حينما يتوجه العبد لغير الله ظلم نفسه ، توجه إلى جهة فقيرة لا تملك شيئاً ، لذلك :
﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾
لمجرد أن نتجه لغير الله ظلمنا أنفسنا ، لأن هذا الذي اتجهنا إليه لا يملك شيئاً ، فإذا كان سيد الخلق وحبيب الحق وسيد ولد آدم يقول : لا أملك لكم نفعاً ولا ضراً أبداً ، الذي يملك النفع والضر هو الله عز وجل ، فأي توجه لغير الله هذا شرك ، لكن هناك شركاً كبيراً وشركاً خفياً ، الشرك الجلي الذي يعبد بوذا من دون الله ، هذا شرك جلي ، هذا في العالم الإسلامي غير موجود ، عندنا الشرك الخفي ، ورد في بعض الآثار النبوية :" أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي ، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً ولكن شهوة خفية ، وأعمالاً لغير الله ".
الإنسان إذا آثر شهوته التي لا ترضي الله ، أشرك في العبادة شهوته مع الله ، إذا أطاع مخلوقاً وعصى خالقه ، أشرك في الطاعة مخلوقاً ونسي ربه ، هذا شرك خفي ، هذا منتشر، أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي ، أما إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً ولا حجراً ولكن شهوة خفية ، وأعمالاً لغير الله .
والشرك أخفى من دبيب النملة السمراء ، على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على جور ، وأن تبغض على عدل ، مثلاً إنسان له صديق يرتكب الكثير من المعاصي ، و لكن هذا الرجل العاصي يكرم صديقه كثيراً ، هذا الإكرام أنساه سلبيات هذا الصديق ، هذا نوع من الشرك ، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً أمام أخوتي المستمعين ؛ الشرك الخفي هو المشكلة الكبيرة ، أن تحب على جور ، وأن تبغض على عدل ، إنسان نصحك بأدب ما احتملت ذلك ، في الحالة الثانية أشركت نفسك ، وفي الأولى أشركت غيرك .
هذا الشرك الخفي منتشر بشكل كبير ، لذلك قال تعالى :
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾
أي الشرك الخفي .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل هذا الشرك الخفي طبعاً ليس المخرج من الملة ، ولكنه يجعل الإنسان في ضياع .
الشرك الخفي هو المشكلة الأولى مع ضعاف الإيمان :
الدكتور راتب :
يتشتت ، نحن كيف نستخدم مكبرة ونحرق بها ورقة ؟ حينما تجتمع الأشعة في المحرك تحترق الورقة ، فالإنسان حينما يجمع كل طاقاته ، ويتوجه بها إلى الله ، يكون في خط ساخن مع الله ، ويتألق أيما تألق ، ما من مخلوقٍ يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيَّته ، فتكيده أهل السموات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً ، وما من مخلوقٍ يعتصم بمخلوقٍ دوني أعرف ذلك من نيَّته ، إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه ، وقطَّعت أسباب السماء بين يديه .
أنا أكاد أقول : المشكلة الأولى مع ضعاف الإيمان الشرك الخفي ، يعلق الأمل على زيد ، ويطمع بمال عبيد ، ويرجو وساطة فلان ومد علان ، هذا كله شرك ، أما إذا توجهت إلى الله وحده فأنت أقوى الأقوياء ، هذا هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، أنت حينما تؤمن أن الله وحده هو المعطي والمانع ، والرافع والخافض ، والمعز والمذل ، أنت مع الله إذاً لا تحتاج إلى غيره .
الأستاذ بلال :
وهذا فحوى التوحيد ؛ لا إله إلا الله ، أستاذنا الفاضل الوصية الأولى من لقمان لابنه لا تشرك بالله ، لكن الطفل الصغير كيف يربى على التوحيد ؟
كيفية تربية الطفل على التوحيد :
الدكتور راتب :
مثلاً : الأمطار هطلت يا بني هذا من فضل الله عز وجل
صار هناك برق مثلاً ، كل الظواهر الطبيعية أن تعزى إلى الله عز وجل ، الأمطار ، الأحوال الجوية المتنوعة ، الخبز هذا من القمح يا بني ، الله عز وجل أكرمنا به ، القمح ينبت في مكان من الأرض وهو مادة أساسية ، أي كل شيء سأل عنه الطفل يجب أن يربط بالله عز وجل ، هذا هو التوحيد ، فحينما يكون التوجيه : الله أكرمنا بكذا ، الله أكرمنا بالأمطار ، بالثمار ، بأنواع الفواكه ، بأنواع الخضراوات ، الحب الذي ألقاه في قلب الأب تجاه ابنه مثلاً ، قال تعالى :
﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾
هذا كله تعليم لطيف ناعم بمناسبات طبيعية للتوحيد .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل الوصية الأولى لا تشرك بالله ، لو انتقلنا إلى الوصية الثانية ، قال تعالى :
﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ﴾
لعله يدله أو يوجهه إلى علم الله المطلق وقدرة الله المطلقة .
تربية الطفل على الخوف من الله :
الدكتور راتب :
هذا جيد ، لكن مثلاً هذه الآية ينتفع بها في توجيه آخر ، لو داس نملة سيحاسب ، لو أغرق نملة في المغسلة أيضاً سيحاسب ، لو قتل شيئاً في البستان ، حشرة لا تؤذيه لماذا قتلتها ؟ لو داس وردة بقدمه
نحن نأتي بأمثلة بسيطة حتى نعلمه ، وردة تسبح الله داسها بقدمه، غصن نزعه بشدة ، بعنف ، والآن هناك دراسات دقيقة النبات له نفس ، هناك تجارب بجامعة العراق بغداد شيء مذهل ، كان هناك مؤتمر علمي ، أحضروا نباتات ، نبات شرخ منه أحد الأغصان ، ونبات سمع كلاماً قاسياً جداً ، ونبات سمع القرآن الكريم ، وجدوا فرقاً بالإنتاج ، هذه تجربة بجامعة بغداد ، وكان هناك مؤتمر علمي ، والنتائج كانت مذهلة ، فالنبات كائن .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل يربي به الخوف من الله .
الدكتور راتب :
لا يؤذي قطة مثلاً ، لا يؤذي طيراً ، أو يربط الطير بخيط ، مشكلة أيضاً.
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً ، أخوتي الأكارم مازال في حديثنا عن وصية لقمان لابنه ما يسركم نتابع بعد فاصل قصير ..
السلام عليكم نتابع الحديث عن وصية لقمان لابنه ونحن نقتطف هذه الدرر من فم فضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، قبل أن أنتقل إلى الآية الثالثة في وصية لقمان لابنه ، قال تعالى :
﴿ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾
كأنه يشير إلى الأسماء الحسنى أن الله لطيف خبير ؟
تربية الأولاد بأسماء الله الحسنى :
الدكتور راتب :
أولاً : لطيف ؛ الله معنا دائماً ، لو إنسان رافقك فترة طويلة تضجر منه ، هو معنا دائماً لكن الله لطيف ، هو معنا لا نشعر بعبء إطلاقاً ، أحياناً الهواء لطيف ، يحمل طائرة ثلاثمئة وخمسين طناً ، لكن لا تحس بثقل للهواء ، تتحرك ضمن الهواء و لا تحس بثقله ، كلمة لطيف هناك أشياء كثيرة مثلاً الطفل كيف يبدل أسنانه ولا يوجد ألم ؟
مع أن أي طبيب أسنان يحتاج إلى حقنة مخدر ، تجد الطفل وهو يأكل شعر أن أحد أسنانه ضمن اللقمة ، الله لطيف ، آلاف الأمثلة من خلق الإنسان ، من خلق الحيوان ، من خلق النبات ، اللطيف أحد أسماء الله الحسنى ، وهذا الاسم ينبغي أن نراه نحن في حياتنا اليومية .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل يربي ابنه بالأسماء الحسنى ، هذه إشارة ، إن الله لطيف .
الدكتور راتب :
وهناك ملمح لطيف ، قال تعالى :
﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
فادعوه بها الباء للاستعانة ، أي تخلق بخلق مشتق من أخلاق الله عز وجل ، واجعله وسيلة للإقبال على الله .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل التربية بالأسماء الحسنى وسيلة ، ننتقل إلى تتمة الوصية قال : يا بني عرفه بالله واحداً لا تشرك بالله ، ثم الخوف من الله كما بينتم ، الآن بدأ بالأوامر الشرعية ، قال تعالى :
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾
هذه التوجيهات ما موقعها بعد الخوف من الله ؟
الصلاة هي عماد الدين وعصام اليقين و انعقاد الصلة بالله :
الدكتور راتب :
لا خير في دين لا صلاة فيه ، لعلي أقول : الحج يسقط عن الفقير والمريض ، والزكاة تسقط عن الفقير ، والصيام يسقط عن المريض ، أما الفرض المتكرر الذي لا يسقط في حال فهي الصلاة ، هي عماد الدين ، وعصام اليقين ، وسيدة القربات ، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسموات ، الصلاة لها حركات وسكنات وقراءات ، ولها حقيقة ،
الحقيقة أن تنعقد الصلة بالله ، لكن الحقيقة المرة أهون ألف مرة من الوهم المريح
لا يمكن أن تنعقد لك صلة مع الله إن سبق الصلاة معصية ، مثلاً إنسان غش في البيع ، وأذن الظهر ، فذهب ليصلي الظهر هل يستطيع أن يعقد مع الله صلة ؟ غشّ إنساناً و أوهمه بشيء غير صحيح ، فلذلك الإنسان إذا وصل إلى هذه النقطة في الدين ، ما دام هناك مخالفة في الشرع ، ما دام هناك إيقاع الأذى بمن حولك ، أنت محجوب عن الله ، اقرأ هذه الآية يقشعر البدن منها ، قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾
أنت احتلت على إنسان ، بعته الشيء بعشرة أضعاف رأسماله ، بعد أن اكتشفت أنه لا يوجد عنده معلومات بالأسعار مثلاً ، تسخر من إنسان ويسمح الله لك أن تتصل به ؟ الله أعظم من ذلك ، ما لم تستقم على أمره تماماً لا تشعر بحال في الصلاة ، قد تقف وتصلي وتقرأ الفاتحة وسورة وتركع وتسجد أما أن تنعقد هذه الصلة فلا بد من أن تكون العلاقة مع الله طيبة وهناك خط ساخن مع الله .
الأستاذ بلال :
هذا هو السر أنه خوفه بالله أولاً ، ثم أمره بتوحيد الله ، ثم قال له : أقم الصلاة ، حتى تنعقد الصلة بالله ، قال تعالى :
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾
يربيه على هذه الثقافة .
ضرورة التزام الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :
الدكتور راتب :
ثقافة المعروف دقيقة جداً ، الإنسان بفطرته السليمة يعرف المعروف ، وسمي المعروف معروفاً لأنه يعرف بالفطرة من دون تعليم ،إذا إنسان أمه جائعة وهو جائع وأحضر طعاماً وأكله لوحده ، ولم يتلقّ أي توجيه ديني بحياته يشعر بالكآبة ، والآن مرض العصر الكآبة، الناس أعرضوا عن الدين في العالم الغربي ، عندهم كآبة ، حدثنا دكتور في الجامعة قال: نسبة الكآبة في العالم الغربي مئة و اثنان و خمسون بالمئة ، لفت نظرنا لهذه النسبة ، قال: المئة معهم كآبة و الاثنان والخمسون معهم كآبتان . ما دام هناك مخالفة للفطرة يشعر بالكآبة ، قال تعالى:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾
هذه كآبة .
الأستاذ بلال :
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾
ثم وجهه وقال :
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾
التربية على الصبر .
التربية على الصبر :
الدكتور راتب :
أنت بدار عمل ، بدار ابتلاء ، بدار امتحان ، بدار كسب ، فإذا قصرت في علة وجودك في الدنيا لا بد من تنبيه ، عفواً هل هناك إنسان في الأرض يرى ابنه الصغير يقترب من المدفأة المشتعلة ويقف ساكتاً ؟ مستحيل ، من رحمة الله بنا أنه يضعنا أمام مشكلة حينما نقصر ، حينما نغفل ، حينما نشرك ، حينما نعتمد على غيره ، حينما نؤذي عباده ، نقع في مشكلة ، قال تعالى :
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾
المؤمن يعتقد يقيناً أنه لا يمكن أن يسوق الله عز وجل للإنسان شدة بلا سبب ، والدليل:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
هذا على مستوى الفرد ، على مستوى الأمة ، قال تعالى :
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
ما دام منهج الله مطبقاً في هذا المجتمع ، هذا المجتمع في مأمن من عذاب الله ، فالبطولة والذكاء أن ترجع إلى السبب الحقيقي لما يصيبنا .
الأستاذ بلال :
ثم ينهاه عن الكبر والاستعلاء ، قال تعالى :
﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾
النهي عن الكبر و الاستعلاء :
الدكتور راتب :
سيدي عندنا حالة مرضية اسمها : عبادة الذات ، فالإنسان إذا استغنى عن عبادة الله يعبد ذاته ، أول محور : لا يسمح لإنسان أن ينال منه ، ما دام هناك عبودية لهّ فهو في تواضع ، وما دام هناك بعد عن الله فهو في كبر ، والكبر شيء صعب جداً ، أنا أقول : الكبر يفسد العمل ، لبن أضف له خمسة أمثاله ماء ، صار شراباً رائعاً جداً ، أما إن أضفت له نقطة بترول فستفسده ، نفس الشيء الكبر يفسد العمل ، المؤمن لا يتكبر ، متواضع ، يرى عظمة الله عز وجل ، دائماً يرى افتقاره إلى الله ، يرى أن العباد كلهم عياله ، و الخلق كلهم عيال الله ، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل نهاية الوصية يقول له :
﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾
بعض الآداب الراقية في التعامل .
بعض الآداب الراقية في التعامل :
الدكتور راتب :
اقصد في مشيك طاعة الله ، اقصد في حركتك اليومية رضوان الله ، اقصد فيما تفعله مع الناس أن يرضى الله عنك ، أي وحد ، دعك من الناس ، تعامل مع رب الناس ، تعامل مع الإله الواحد الأحد ، هذا التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .
الأستاذ بلال :
﴿ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾
كأن هذه أذواق ؟
الدكتور راتب :
الصوت المنخفض حضارة ، الصوت المنخفض أدب مع الله عز وجل .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم هذه الوصية لعلها تكون نبراساً لكل أب يريد أن يربي ابنه ، منهج في التربية .
الدكتور راتب :
والله أنا أتمنى أن تكتب بخط جميل ، تكتب عند خطاط بخط جميل ، و تعلق في البيت ليقرأها كل يوم .
خاتمة و توديع :
الأستاذ بلال :
جمعت التوحيد مع الخوف من الله مع إقامة الصلاة مع الآداب ، جزاكم الله خيراً أستاذنا الكريم ، وأحسن إليكم ، وأنتم أخوتي الكرام لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الممتع بوجودكم ووجود شيخنا الكريم إلا أن أشكركم ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .