وضع داكن
28-03-2024
Logo
درر 2 - الحلقة : 08 - حق الآباء على الأبناء2 - دلالة قوله تعالى : إما يبلغن عندك الكبر ، و معنى : اخفض لهما جناح الذّل من الرحمة .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛ يقول تعالى :

﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾

[ سورة الإسراء: 23-24]

ما دلالة قوله تعالى : إما يبلغن عندك الكبر ؟ ولم كان الآباء أحوج ما يكونون إلى أبنائهم عند كبرهم ؟ وما معنى قوله تعالى : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ؟ ثم ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "أنت ومالك لأبيك" ؟ ثم ما هي نتائج البر وآثاره الباهرة وكيف ينجي البر من الكروب والملمات ؟ تابعوا هذا اللقاء لتتبينوا الإجابة عن هذه الأسئلة .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على الصادق الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أخوتي الكرام ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، نحن معكم في لقاء طيب متجدد من برنامجكم درر ، لنتابع فيه الحديث عن القيم في التعامل بين أفراد المجتمع ، ومازلنا في الحديث عن حق الآباء ، هذا الحق الجليل الذي ينبغي لكل مؤمن وابن أن يكون في مستواه ، أرحب بفضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل نحن مازلنا في حق الآباء ، هذا الحق العظيم ، وقد بدأنا في اللقاء السابق الآية القرآنية التي تؤصل لهذا الحق ، قال تعالى :

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء: 23]

أريد أن أتابع اليوم هذه الآيات :

﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ ﴾

[ سورة الإسراء: 23]

أولاً : ما مدلول كلمة عندك ؟

 

من رعى والديه هيأ الله له أولاداً يرعونه حق رعايته :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
نفهم هذه الكلمة من آية أخرى ، يقول إنسان : أنا عندي أربعة أولاد - عندي -فالأب حينما يكون شاباً في ريعان شبابه وقد تزوج وأنجب يقول : أنا عندي أربعة أولاد ، لكن سنة الله في خلقه أن الإنسان يكبر ويشيب فيصبح عند أولاده ، يقول لك : أنا عند ابني ، أنا عند صهري ، أنا عند ابنتي ، فانظر التطور ، هذه الحكمة البالغة من التطور في حياة الإنسان في مرحلة يكون فيها بحاجة ماسة إلى أمه وابيه ، ثم يقوى ويشتد عوده ويكبر ، ثم يصبح بحاجة إلى أولاده ، فهذه الحقيقة دورة طبيعية ، لكن لحكمة بالغة بالغة الإنسان إذا رعى والديه هيأ الله له أولاداً يرعونه حق رعايته ، هناك مكافأة بالمثل ، الذي يكون باراً بوالديه وأنا أتوقع وحالات نادرة جداً خلاف ذلك أن أولاده يبالغون في بره .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم شاع اليوم أن بعض الأبناء يودعون آباءهم في دار رعاية المسنين والعجزة ، هل بلغ الكبر أبوه عنده أم في مأوى العجزة ؟

حاجة الأب و الأم الماسة لابنهما عند الكبر :

الدكتور راتب :
والله في مأوى العجزة هنا ، أنا الذي أراه نحن أحياناً نجلد أنفسنا دائماً ، لكن البطولة أن نعرف خصائصنا الإيجابية ، في بلاد المسلمين الأب مقدس وقلّما تجد ابناً يتخلى عن أبيه ، حالات نادرة جداً ، والنادر لا حكم له ، نحن نألف أن 

الأب عند ابنه ، ويتلقى رعاية كاملة منه ، واهتماماً بالغاً

فلذلك عندنا شيء اسمه : التماسك الأسري ، هذه من إيجابيات حياتنا الإسلامية ، رائع جداً ، الأب أب ، والبنت بنت ، والأخ أخ ، هناك تماسك أسري نفخر به في حياتنا .
الأستاذ بلال :
إذاً الأب والأم بحاجة ابنهما أكثر عند الكبر ، لذلك قال تعالى :

﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا ﴾

[ سورة الإسراء: 23]

وفي حديث :

((رغم أنف عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخل الجنة))

[السنن الكبرى عن أبي هريرة ]

البر يتعاظم حتى يكون أعظم ...

 

البر أحد أكبر أسباب دخول الجنة :

الدكتور راتب :
أحد أكبر أسباب دخول الجنة ، والقضية سهلة وليست صعبة ، أنا أقول لك كلمة:

الإنسان عندما يكون باراً بوالديه غير الأجر والثواب والجنة ، يسعد بهذا البر سعادة لا توصف ، لأن الإنسان في الأساس أودع الله فيه الكمال والقيم ، فإذا لبى هذه الحاجة الفطرية من الكمال والقيم يسعد بها سعادة كبيرة ، فأنا الذي أراه أن الابن البار له سعادة لا توصف أ يشعر أنه أدى الذي عليه ، أو ردّ بعض الجميل لوالديه ، هذه حالة مريحة جداً ، والذي يكون عاقاً لوالديه يعاني من آلام وانهدام في الذات لا يحتمل ، الذي كان سبب وجودك بذل كل ما يملك من أجلك فرددت عليه بإساءة بالغة .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم أريد أن أنتقل إلى موضوع يتصل بهذا الأمر ، وهو الحديث الشريف على اختلاف في رواياته ولكن المجمع عليه :

((أنت ومالك لأبيك))

[في الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقاة على شرط البخاري عن جابر بن عبد الله]

كيف نفهم أنت ومالك لأبيك ؟

 

القصد من الحديث السابق بيان عظم حق الأب :

الدكتور راتب :
والله أنا أفهم هذا النص ، أحياناً يأتي النص فيه مبالغة ، ليس القصد منها أن تتحقق ، القصد منها بيان عظم حق الأب ، لو فرضنا ابناً مسافراً ويرسل لوالده ما فاض عن حاجته ، وهذه المبالغة المتتابعة الهدف أن يتزوج الابن ، فإذا جاء أب وأخذ النص على ظاهره وقال : أنت ومالك لأبيك وضمّ كل المال إلى ثروته ، ليس هذا هو المعنى ، أنا أقول : مثل هذا النص من معانيه الدقيقة بيان عظم حق الأب فقط ، فليس من المعقول أن يأخذ الإنسان مال ابنه كله ، أما أنت ومالك لأبيك فلبيان عظم هذا الحق ، لكن يجب أن تدع له شيئاً يعيش منه .
الأستاذ بلال :
جميل لكن لو كان الأب أو الأم فقيرين محتاجين ، ألا تجب نفقة الابن ؟
الدكتور راتب :
أبداً من دون أي إشكال ، لكن بالمعقول .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم البر من صفات الأنبياء ، يحيى عليه السلام وبراً بوالدتي ، عيسى عليه السلام وبراً بوالدته ، يوسف عليه السلام ورفع أبويه على العرش ، أريد أن أصل إلى بر إسماعيل عليه السلام بإبراهيم عليه السلام ، يوم قال له : يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، فضلاً عن الحكم الشرعي طبعاً أنه أمر من الله لكن هذا الاستسلام .

 

مواقف الأنبياء الرائعة مشاعل وقدوة لنا :

الدكتور راتب :
الحقيقة أولاً : هذه حالة تعد من أعلى حالات التوكل ، وتعد من أعلى حالات البر، حالة قيم كبيرة جداً ، فالله عز وجل يأتينا بهذه المواقف الرائعة للأنبياء ليكونوا مشاعل لنا ، قدوة لنا ، طبعاً ليس الإنسان مكلفاً أن يفعل ما فعله إبراهيم عليه السلام ، ولكن هذا نموذج أمامنا يبين عظم حق الأب على ابنه .الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم لو انتقلنا إلى نتائج البر ، أنتم ذكرتم في البداية نتيجة جميلة جداً ؛ بروا آباءكم تبركم أبناؤكم ، أول النتائج ؛ الذي يبر أباه ينتظر إن شاء الله أن يبره أبناؤه ، أيضاً مما يلمح في الحياة بشكل واضح أن البار بوالديه موفق في حياته .

 

 

بر الوالدين لا يلغي طاعة الله عز وجل :

 

الدكتور راتب :
والله أنا أعرف اناساً كثيرين وفقوا في الحياة توفيقاً يفوق حدّ الخيال ، فإذا بحثت عن الأسباب البعيدة هو بره بوالديه ، أنا أعلم صديقاً لي له بر بأبيه وأمه يفوق حدّ الخيال ، رفع مقامهما إلى أعلى درجة ، وله أخ عاق لوالديه ، أخ شقيق ، المفارقة الحادة التي يصعب تصورها أن البار بوالديه يأتيه دخلاً فلكياً ، عندي آلاف الأمثلة عن الإنسان حينما يكون باراً بوالديه ، ولكن أتمنى أن ألفت نظر الأخوة المشاهدين لقضية خطيرة ، لو توهم ابن أنه بار بوالديه جيد جداً لكن هذا لا يعفيه من طاعة الله ، هناك من يتوهم أنه يكفي أن يبر والديه ، لا ، هناك إله عظيم خلقك ، هناك منهج قويم ، هناك أمر و نهي ، بر الوالدين لا يلغي طاعة الله عز وجل ، ولا ينبغي أن تكتفي بهذا البر فقط ، لكل جهة موقف خاص .
الأستاذ بلال :

﴿ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء: 23]

العبادة والبر ، أحسن الله إليكم سيدي ، ما زلنا في نتائج البر ، ونتائج أداء حقوق الوالدين ابقوا معنا ..
السلام عليكم ورحمة الله ، عدنا من جديد لنتابع الحديث عن حق الوالدين ، أستاذنا الكريم ؛ كنا قبل الفاصل نتحدث عن الآثار الإيجابية التي يجنيها البار بوالديه وذكرتم منها جزاكم الله خيراً أنه ينتظر أن يبره أبناؤه ، ثم ذكرنا التوفيق في الحياة إذا هو أطاع الله مع بره لوالديه ، يحضرني الآن أثر ثالث وهو تفريج الكروب ، فكما ورد في الحديث الصحيح عن هؤلاء الذين حبسهم الغار ثم قال واحد منهم :

(( كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا ، فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا ، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا ، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا ، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا ))

[ البخاري عن عبد الله بن عمر]

وكان أحد أسباب النجاة ، كيف نفهم بر الوالدين في تفريج الكروب ؟

 

العمل الصالح دائماً هو قرض لله عز وجل :

الدكتور راتب :
الإنسان حينما يكون باراً بوالديه كأنه أقرض الله قرضاً حسناً ، العمل الصالح دائماً هو قرض لله عز وجل ، فقد يطلب من الله هذا القرض أحياناً ، فإذا وقع في أزمة مالية ، أزمة اجتماعية ، أزمة بعمله ، أزمة بصحته

هذه الأزمات مؤلمة جداً ، فالإنسان حينما يدعو الله أن يفرج عنه كربه ، ممكن أن يتوسد بالدعاء هذا بعمله الصالح الذي ابتغى به وجه الله عز وجل، هذا من سنة النبي الكريم ، ومن توجيه النبي لنا ، انا أسميها أيام الله ، كل إنسان له مع الله أيام، عمل عملاً طيباً تألق مع الله ، خدم إنساناً ، أنقذ حياة إنسان ، أعان إنساناً ، ساهم بتزويج فتاة مثلاً ، خاف أن تبقى عانساً فساهم بتزويجها ، الأعمال الصالحة كلها يمكن أن تتخذ وسيلة لتطلب من الله تفريج الكرب من خلال هذه الوسيلة ، هذا منهج من النبي الكريم ، والإنسان يسأل الله أن يفرج عنه ما هو فيه بخير عمله ، لا يوجد إنسان إلا و له عمل طيب ، أنا أقول هذه الأعمال الطيبة في ميزان حسناته ، ويمكن أن يستخدمها كثيراً مع الله عز وجل ، والنبي علمنا ذلك .
الأستاذ بلال :
اعرف الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، بارك الله بكم ، أستاذنا الكريم الآية غنية جداً التي بدأنا بها وتفرع عنها الحديث :

﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾

[ سورة الإسراء: 23]

أحد أسباب النجاح في الدنيا بر الوالدين و عدم التأفف منهما :

الدكتور راتب :
لو أن في اللغة كلمة أقل من أف لذكرها الله ، ما معنى أف ؟

نفس زفير ، ما تكلم ولا كلمة ، ولا فعل شيئاً إلا أنه تنفس نفساً مسموعاً ، وهي تعبير عن الضجر أحياناً ، لذلك العلماء حملوا أشياء كثيرة على كلمة أف ، يوجد ثلاث وثلاثون حالة تشبه الأف ، لو دفع الباب بقوة، لو شدّ نظره إلى والديه ، هذا كله من عقوق الوالدين ، فالأب له مكانة كبيرة عند الله ، هو سبب وجودنا ، هذا الأب العادي فكيف إذا كان صالحاً ؟ كيف إذا كان مؤمناً إيماناً كبيراً ؟ كيف؟ فلذلك أنا أتمنى على الأخوة المشاهدين أن يعتمدوا هذه الحقيقة ؛ أحد أسباب النجاح في الدنيا ، النجاح في التجارة ، وفي الزواج ، وفي المشكلات أن تذكر لله عز وجل برك لوالديك .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم في المقابل البر وهو اسم جامع لكل خير يقابله عقوق الوالدين ، ودائماً نتمنى أن نبقى في الإيجابيات ، ولكن لا بد من أن نعرج على جزاء العقوق ، قد ورد في الحديث لا ينظر الله إلى العاق ، هذا العقوق ما الأمر الذي أدى به إلى هذه النتيجة ؟

العقوق جريمة كبيرة يقترفها الإنسان :

الدكتور راتب :
الله عز وجل خلقنا ، لكن الأب والأم سبب وجودنا في الدنيا ، فاللذان كانا سبب وجودك في الدنيا قابلت إحسانهما بنكران الجميل ، العاق انا أسميه جريمة ولا أبالغ ، جريمة كبيرة يقترفها الإنسان .شيء آخر أحب أن أنبه الأخوة المشاهدين لا تتأمل خيراً من عاق لوالديه ، لو كان فيه خير لبر والديه ، لا تشاركه لن توفق ، عاق الوالدين لغم ، قنبلة ، لا تعلم متى تنفجر .
الأستاذ بلال :
لو تابعنا الآيات :

﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ ﴾

[ سورة الإسراء: 23-24]

ما معنى خفض جناح الذل من الرحمة ؟

 

توضيح قوله تعالى : وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ :

الدكتور راتب :
أي يمكن أن يكون الابن وزيراً أو مسؤولاً كبيراً أو ضابطاً كبيراً في الجيش ، قد يرتقي لمنصب رفيع ، وقد يكون معه سلطة كبيرة ، علاقته مع والده يجب أن تكون علاقة المتواضع الذي يصغر أمام والديه ، نحن في حياتنا اليومية والله شخصيات كبيرة جداً يقبل يد أمه أمام الملأ ، هناك كثير من رؤساء الجمهوريات يقبّلون يد أمهاتهم على الملأ ، فلذلك الإنسان يكبر إذا كان باراً بوالديه ، يكبر لا يصغر .

الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم أريد أن أختم بهذا الموضوع اللطيف ربنا عز وجل عندما أقسم قال :

﴿ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴾

[ سورة البلد : 3]

أقسم بهذا النظام ، ما هو نظام الأبوة والأمومة ؟ إلى ماذا يشير ؟

 

نظام الأبوة والأمومة تعريف بذات الله العلية :

الدكتور راتب :
أولاً : الإله العظيم يفرح إذا كنت سعيداً بقربه ، مع أنه غني عنك كلياً ، أي كأن الله عز وجل أراد أن يعرفنا بذاته العلية من خلال نظام الأبوة ، ترى إنساناً يسعده أن تكون سعيداً ، يسعده أن تكون موفقاً ، يسعده أن يكون زواجك موفقاً ، ودخلك كبيراً ، لذلك يقولون : لا يوجد أغلى من الولد إلا ولد الولد ، والأحفاد لهم مكانة كبيرة في مجتمعاتنا ، فذلك الإنسان حينما يبر والديه يكون قد أزاح عن نفسه أحد أكبر أسباب الشقاء ، هذا موقف أخلاقي وديني واجتماعي ، وأنا والله أعرف أناساً كثيرين وفقوا في الحياة توفيقاً يفوق حدّ الخيال ببرهم لوالديهم .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم بقي أن نوجه ونحن إن شاء الله اللقاء القادم نتحدث عن حقوق الأبناء على الآباء لكن مبدئياً هل يستطيع الأب أن يعين ابنه على بره ؟

رحم الله والداً أعان ولده على بره :

الدكتور راتب :
والله بارك الله بك ، كنت أريد أن أبدأ بهذا الموضوع ، رحم الله والداً أعان ولده على بره ، هل من المعقول أن يكون للأب ابن ناشئ ، يريد أن يتزوج ، وعليه مصاريف كبيرة جداً ، ويريد أن يفتح بيتاً ، ويطالبه بنفقه عالية جداً ، إذاً عطل عليه مشروعه ، هذا الأب الرحيم بابنه عندما يريد أن يتزوج يسامحه ، يقلل طلباته منه ، يعينه على هذا الزواج ، وهذه رحم الله والداً دعاء من أرقى الأدعية يدعو لأبيه بالرحمة إذا كان معتدلاً بطلباته من ابنه ، رحم الله والداً أعان ولده على بره ، هناك آباء يطلبون أشياء غير معقولة إطلاقاً ، ابنه يتمزق ، دخله قليل ، وعليه مصاريف كبيرة ، وطلبات من أبيه ، والابن قد يكون باراً بوالده ، رحم الله والداً أعان ولده على بره .

خاتمة و توديع :

الأستاذ بلال :
أخوتي الأكارم ؛ لم يبق لي إلا أن أشكر أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي على ما تفضل به من هذه المعاني الطيبة السامية ، التي أسأل الله أن نكون جميعاً عند مستواها ، وأنتم أخوتي الكرام لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الطيب إلا أن أشكر لكم حسن متابعتكم ، سائلاً المولى جلّ جلاله أن ألتقيكم في أحسن حال مع الله ، ومع خلقه ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور