- ندوات تلفزيونية / ٠03برنامج دٌرر - قناة مكة
- /
- ٠2درر 2 - الحقوق
مقدمة :
الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛ كيف ينظر الإسلام إلى العلاقة بين الزوجين ؟ و كيف تبنى هذه العلاقة على مبدأ الحقوق والواجبات ؟ ثم ما هي حقوق الزوجة على زوجها ؟ وما هي النفقة الواجبة في مال الزوج تجاه زوجته ؟ لم كان أفضل دينار ينفقه الرجل هو الدينار الذي ينفقه على أهل بيته ؟ ثم إن الله تعالى يقول :
﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾
فما معنى المعاشرة بالمعروف ؟ هذه الأسئلة وغيرها تجدون الإجابة عليها من خلال متابعتكم لهذا اللقاء الطيب مع درة من درر الشريعة .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أخوتي الكرام أينما كنتم أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في مستهل هذا البرنامج برنامج درر ، في موسمه الثاني ، فبعد أن سعدنا بصحبتكم خلال الموسم الأول من خلال أخلاق الإسلام ودرر الإسلام في الأخلاق الفاضلة الحميدة ، أنتقل اليوم إلى درر هذا العام ، حيث نخصصها للحديث عن العلاقات ، وعن الحقوق والواجبات ، فالمجتمع أفراد ، وهؤلاء الأفراد تحكمهم علاقات ينظمها الإسلام وفق تعاليمه السمحة ، لذلك سنخصص هذا الجزء إن شاء الله للحديث عن الحقوق ، ونبدأ اليوم بعونه تعالى من الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة ، للنظر كيف نظم الإسلام العلاقة بين الزوج والزوجة ، وسنبدأ اليوم بالحديث عن حقوق الزوجة على زوجها .
بادئ ذي بدء يسعدني وأتشرف أن أرحب بفضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله أستاذنا وبارك بكم .
أخوتي الأفاضل إذاً موضوعنا اليوم حقوق الزوجة على زوجها .
أستاذنا الفاضل ؛ حقيقة العلاقة الزوجية علاقة مصيرية ، لذلك لا بد أن نبدأ بمقدمة تتعلق بهذه العلاقة ، وكيف بناها الإسلام على مبدأ الحقوق والواجبات قبل أن ننتقل إلى الحديث عن حقوق الزوجة .
عقد الزواج أقدس عقد في عالم المسلمين :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
الحقيقة الدقيقة أن أقدس عقد في عالم المسلمين هو عقد الزواج الدليل قوله تعالى :
﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾
فعقد الزواج هو الميثاق الغليظ ، ذلك أن الحياة الزوجية حياة مصيرية ، بمعنى أنك إذا تزوجت امرأة ، ورزقت منها أولاداً ، هؤلاء الأولاد إذا كان الفراق بين الزوجين تشردوا ، فلذلك أقدس عقد هو عقد الزواج ، وهذا العقد له في الإسلام شروط ، هناك واجبات وهناك حقوق ، وهناك افعل ولا تفعل ، هذا هو منهج الله عز وجل ، فلذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام حريصاً حرصاً لا حدود له على أن يكون الوفاق بين الزوجين تنفيذاً للمخطط الإلهي الذي يبدو من قوله تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾
أي ومن آياته :
﴿ وَمِنْ آيَاتِه اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾
من آياته الكون ، قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
أي كما أراد الله ، وكما جاء التصميم الإلهي ، الأصل في العلاقات الزوجية المودة والرحمة ، هذا هو التخطيط الإلهي ، هذا هو الوضع الطبيعي ، هذه هي الصحة النفسية بين الزوجين ، لو أن بين الزوجين مشاحنة أو بغضاء أو جفاء ، هذه حالة مرضية تقتضي المعالجة، فالنبي عليه الصلاة والسلام حرصاً منه أنبأنا بأن الله عز وجل حريص علينا ، قال تعالى :
﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾
من حرص الله علينا ، ومحبته لنا ، وسعادتنا أصل في خلقنا ، خلقنا للسعادة ، لذلك كان هناك توجيهات كثيرة جداً ، فكان عليه الصلاة والسلام يحب أن يكون في كل بيت من بيوت المسلمين سعادة مظللة لما تحتها ، هذا من حرص النبي الكريم عليه أتم الصلاة والسلام ، لذلك هناك توجيهات كثيرة تتعلق بحقوق الزوج على زوجته ، وحقوق الزوجة على زوجها ، والحقيقة أن الأزواج دائماً يتحدثون بشكل طبيعي أو انطلاقاً من عقلهم الباطن عن حقوق الزوج على زوجاتهم ، هذا من قبيل أن الأحاديث في مصلحتهم ، ولكن لكلّ حق واجب ، فإذا كنت تعتز بما قاله النبي الكريم من حق لك على امرأتك يجب أيضاً أن تلقي أذناً صاغية إلى الأحاديث الأخرى التي هي حق الزوجة على زوجها ، فكأن هذا اللقاء الطيب نتحدث به عن الحقوق بين الزوجين .
الأستاذ بلال :
إذاً أستاذنا الفاضل تطبيقاً لما تفضلتم به سنبدأ اليوم بالحديث عن حقوق الزوجة ، ثم نثني إن شاء الله بحقوق الزوج ، وأريد أن أبدأ بالحق الأول من حقوق الزوجة وهو ما يسميه الفقهاء حق النفقة :
(( عن حكيم بن معاوية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم : سأله رجل ما حق المرأة على زوجها ؟ قال : تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ... ))
أريد أن أنطلق من هذا الحديث من الحق الأول وهو حق النفقة ، ما حدودها ؟ كيف هي تطبيقاتها ؟
النفقة أول حق من حقوق المرأة على زوجها :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن العلماء الأفاضل قرروا أن هذا الإحسان في الكسوة ، وفي الطعام ، يجب أن يكون في الحدود المعتدلة تطبيقاً لقوله تعالى :
﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ﴾
كأن هذه الآية تبين أن الاعتدال هو الأصل ، بتعبير معاصر الوسطية ، وفي الحديث إشارة خطيرة إلى أن هؤلاء الذين يتحملون معصية ربهم من أجل إرضاء زوجاتهم ما قرؤوا هذا الحديث ، وما كلفك الشرع أن تطعمها طعاماً لا تستطيعه ، أن تطعمها إذا طعمت ، إذا طعمت فأطعمها ، أما إذا لم تقدر أن تأكل ما تشتهي فلا شيء عليك ، الصحابيات قبل أن يغادر الزوج زوجته تقول له : اتق الله ، نصبر على الجوع ، ولا نصبر على الحرام . فهذا الذي من أجل أن يرضي زوجته يعصي ربه وقع في خطأ كبير .
الأستاذ بلال :
تقول له : اتق الله ، نصبر على الجوع ، ولا نصبر على الحرام .
الدكتور راتب :
أي الزوجة تعين زوجها ، إن أي إنسان يقول لك: أنا أفعل هذا من أجل زوجتي ، من أجل أولادي ، من أجل أن أرضيها ، يجب أن أحصنها ، يجب أن أرضيها ، نقول له : لا ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( ..تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ...))
وما كلفك الشرع أن ترتكب المعصية من أجل إرضائها .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم تتمة للحديث إتماماً للفائدة :
(( ...ولا تهجر إلا في البيت ))
أي لا تهجرها إلا في البيت .
هجر المرأة في البيت و عدم إخراجها منه :
الدكتور راتب :
لي إجابة دقيقة ، إنك إذا هجرتها وهي عند أهلها الأمر يتفاقم ، وقد ينتهي بالطلاق، أما إذا هجرتها في البيت فمعنى ذلك أن الصلح قريب ، وأنت بحاجة إليها ، وهي بحاجة إليك ، أنت منعت الأطراف الأخرى أن تتدخل في إصلاح ذات البين ، فإذا هجرتها في البيت معنى ذلك أن الصلح قريب ، وبلحظة ما يعود الوفاق والمودة بين الزوجين .
الأستاذ بلال :
جزاك الله خيراً ، أخوتي الأفاضل سعدنا بالتواصل معكم ويسعدنا أكثر أن نعود إليكم بعد فاصل قصير فابقوا معنا ..
السلام عليكم ، من جديد نتابع الحديث في هذه الحلقة عن حقوق الزوجة على زوجها وما زلنا في حق النفقة ، ننتقل أستاذنا الكريم إلى حديث آخر في حق النفقة وهو يلفت النظر :
(( الدينار الذي تنفقه على أهلك أعظمها أجراً ))
وفي حديث آخر :
((عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : دينار أنفقه في سبيل الله، ودينار في المساكين ، ودينار على أهلك ، ودينار في الرقاب ، أفضلها ديناراً دينار أنفقته على أهلك ))
لم كان الدينار الأعظم أو النفقة الأعظم هي التي تكون في النفقة على العيال ؟
أعظم نفقة هي النفقة على العيال :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن الآخرين أنت لهم وغيرك لهم ، أما أهلك فمن لهم غيرك ؟ لذلك : و أن تضع اللقمة في فم زوجتك هي لك صدقة ، يبدو أن هذه المودة بين الزوجين تمتن العلاقة بينهما، وكأن الأولاد يقطفون هذه العلاقة الطيبة ، فلذلك هنيئاً للذي يسعى ويجد ويكد وينفق على أهله ، هذه نفقة هي عند الله أفضل أنواع الإنفاق التي وصفها النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث الشريف الذي ذكرته قبل قليل .
يجب أن نعلم الأزواج إنما شرّع الله عز وجل هذه المبادئ في العلاقة الزوجية من أجل أن يكون لك فرصة لعمل صالح تتقرب به إلى الله عز وجل ، إذاً هناك أعمال صالحة تنطلق من البيت وأنت في بيتك ، وأنت مع أهلك وأولادك هناك طرق إلى الله عز وجل سالكة ، لذلك الله عز وجل خلق في الأرض المعايش ، المعاييش أي أسباب لكسب الرزق ، فالحر مثلاً هناك ملايين مملينة من البشر ينتفعون في كسب أرزاقهم من الحر ، وهناك ملايين مملينة من البشر ينتفعون في كسب أرزاقهم من البرد ، وهناك ملايين من طول الشعر ، المعاييش أي أسباب الرزق ، فكأن هذه العلاقة بين الزوجين سببت أيضاً أسباباً كثيرة جداً لمن يعيش من خلال هذا العقد المقدس الذي أراده الله عز وجل .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم هنا يحضرني حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
((إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَقَى امْرَأَتَهُ مِنْ الْمَاءِ أُجِرَ))
حتى شربة الماء التي يشربها الرجل لزوجته فيها أجر من الله تعالى ؟
الدكتور راتب :
والله هكذا النصوص ، نحن ديننا دين نص من عند الله عز وجل ، إن كان قرآناً من عند الله مباشرة ، وإن كان حديثاً نبوياً ، نبينا الكريم شرح كتاب الله بهذه الأحاديث ، فلذلك حينما يكون البيت متماسكاً جداً ، وهناك علاقة طيبة بين الزوجين ومودة ورحمة ، هذا الشيء يجعل الخلية الأولى في المجتمع متماسكة ، وإذا تماسكت الأسرة تماسك المجتمع ، فالمجتمع مجموعة أسر ، فحينما أرعى الخلية الأولى في المجتمع أنا رعيت المجتمع بأكمله .
الأستاذ بلال :
وهنا أستاذنا الكريم يحضرني حديث لأبي هريرة رضي الله عنه ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
((أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول))
كأن النبي صلى الله عليه وسلم يوجهنا إلى النفقة على الأسرة .
الأسرة هي الخلية الأولى ورعايتها هي رعاية للمجتمع بأكمله :
الدكتور راتب :
أي هناك أولويات في حياتنا ؛ الأسرة هي الخلية الأولى ، ورعاية الأسرة هي رعاية للمجتمع بأكمله ، فحينما يوصى الزوج بالإنفاق عن زوجته هذا الإنفاق ينبغي أن يكون من غير إسراف ولا تبذير ولا مخيلة ، والكلام دقيق جداً
الإسراف في الحلال والتبذير في الحرام والمخيلة مع التباهي والاستعلاء ، فإذا كان الإنفاق بعيداً عن الإسراف و التبذير و الاعتداد بالنفس ، هذا الإنفاق هو الوسط الذي أراده الله عز وجل :
﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ﴾
أي في عبارة معاصرة : إنفاق معقول بالحد الوسطي ، بالحد الذي لا يهبط عن الحاجات الأساسية ، ولا يقترب من الترف ، الإنفاق المعقول الوسطي من الزوج على زوجته هذا من أولى واجباته ، ومن أولى تقوية العلاقة بين الزوجين ، وكأن الله في عليائه يريدنا أن تكون علاقاتنا بزوجاتنا متينة ونامية ، هذه حقيقة ، هذه الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع ، فإن صحت العلاقة بين الزوجين صحت تربية الأولاد ، وإن صحت تربية الأولاد قدمت هذه الأسرة للمجتمع مواطنين صالحين ، و الدين من عظمته أنه اعتنى بالأسرة ، والاتجاهات الأخرى الأرضية قد لا تهتم بالأسرة بل تحارب الأسرة في بعض المؤتمرات العالمية ، فالأسرة في هذا الدين العظيم قوام الأمة ، والخلية الأولى ، فلا بد من علاقة طيبة بين الزوجين ، ولا بد من إنفاق معتدل معقول ليس فيه إسراف ولا تبذير ولا مخيلة .
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً ، أستاذنا الكريم بما أننا وجهنا الأزواج إلى أن عليهم واجباً وهو الإنفاق على زوجاتهم ، ماذا نقول لبعض الزوجات اللواتي يلجئن أزواجهن إلى الحرام بكثرة الطلبات ؟
الزوجة الصالحة لا تكلف زوجها ما لا يطيق :
الدكتور راتب :
والله هذه الزوجة لا تدري ما المصير ، حينما ترهق زوجها بالإنفاق عليها ، فيستدين ويفتقر يعود السوء عليها ، البطولة أن يكون هناك تفاهم وتعاون بين الزوجين ، وأن يكون هناك نظرة موضوعية ، فهذا الزوج ليس بإمكانه أن ينفق كما تشاء الزوجة
فإذا اعتقدت أن الوسط في الإنفاق هو الأصل ، هو الشيء المقبول والمعقول ، كان هذا الزواج في توافق عجيب ، والتوافق ينعكس على الأولاد ، فحينما تكلف زوجها فوق طاقته تسهم في مصائب قادمة من كثرة الديون ، ومن ضعف الأداء ، هذا كله يعود على هذه الأسرة بالسلبيات ، إذاً الزوجة الصالحة لا تكلف زوجها فوق ما يطيق ، لذلك قال النبي الكريم :
(( أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَؤونَةً ))
فالتي طلباتها معقولة و لا تطلب فوق ما يستطيع زوجها هي امرأة مؤمنة عفيفة طاهرة لها شأنها عند الله عز وجل .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم وهنا إتماماً للفائدة بعض النساء يعملن ولهن دخل ، لو أن المرأة لها دخل هذا يعفي الزوج من الإنفاق عليها ؟
من لوازم الشرع إنفاق الزوج على زوجته :
الدكتور راتب :
لا هو مكلف أن ينفق عليها ، لكن يمكن إن كانت الزوجة غنية أن تمده بالمال ، ولها أجر كبير ، أقرب الناس لها وأفضل أنواع الأجر أن تعطي زوجها ، أما فالزوج عليه النفقة وليست مكلفة أن تنفق هي ، هذا شيء من لوازم الشرع .
الأستاذ بلال :
أخوتي الأكارم سعدنا بالتواصل معكم ، ويسعدنا أكثر أن نعود بالتواصل بعد فاصل قصير فابقوا معنا ..
السلام عليكم من جديد أحبابنا الكرام نتابع حديثنا مع فضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، نتابع حديثنا عن حقوق الزوجة على زوجها ، وننتقل معاً إلى الحق الثاني بعد أن تحدثنا عن حق النفقة ، الحق الثاني أستاذنا هو حق حسن المعاملة ، وحسن العشرة ودليله قوله تعالى :
﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾
كيف يعاشر الرجل امرأته بالمعروف ؟
الحق الثاني للزوجة على زوجها حسن المعاملة و العشرة :
الدكتور راتب :
الحقيقة أتمنى أن أقف وقفة متأنية عند كلمة المعروف ، المعروف شيء نعرفه بفطرتنا من دون تعليم ، المعروف هو تطابق خصائص النفس البشرية مع منهج الله عز وجل ، المعروف شيء نعرفه ابتداء من دون تعليم ، والمنكر شيء ننكره ابتداء من دون تعليم ، بالفطرة، فالشيء المعروف أن يكون هناك مودة بين الزوجين ، ومحبة بين الزوجين ، وإنصاف ، وتعاون، هذا كله مما يعرف بالفطرة من دون تعليم ، الإنسان حينما يخالف المعروف يشعر بالكآبة لأنه خالف أسس فطرته السليمة ، ولا ننسى أن تطابق المنهج مع الفطرة تطابق ثابت جداً مئة بالمئة قال تعالى :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾
المعاشرة بالمعروف ، بالمودة ، بالرحمة ، بالإنصاف ، بتجاوز بعض الجزئيات ، المعاشرة بالمعروف ، أن نفتح صفحة جديدة كل يوم ، وعقب أي زيارة ، وبعد مضي أي حدث ، أما لو أن الأخطاء بقيت في أذهاننا وتمثلناها باستمرار نقع في إشكال كبير ، فالمعاشرة بالمعروف تقتضي أن يكون بينهما حسن علاقة ، هذه الزوجة شريكة الحياة ، العيش مستمر معها ، فإذا كان هناك محاسبة غير معقولة ، وتدقيق على أشياء صغيرة جداً ، هذه المعاشرة بالمعروف نفيت عن هذه العلاقة الزوجية ، إذاً نحن حينما نتمنى على أخوتنا الكرام الأزواج والزوجات أن يكون التعاشر بينهم بالمعروف ، أي بمنهج الله أولاً ، وبالفطر السليمة ثانياً ، وبما أودعه الله فينا من معرفة للحق ابتدائية ، هذا كله ينطلق من المعاشرة بالمعروف ، والمعروف تعرفه الفطر السليمة ، والمنكر تنكره الفطر السليمة ، أي السلام ، المودة ، الثناء على جهد الزوجة في البيت ، الثناء على طبخ الطعام ، على رعاية الأولاد ، على حسن هندامها أمام زوجها ، هذه كلها بالمعروف ، البطولة أن طرفاً يطبق والثاني يقدر ، طرفاً يطبق والثاني لا يقدر هناك مشكلة ، فلا بد من أن تلتزم الزوجة أن تكون بمظهر حسن أمام زوجها ، وهو يقدر ذلك بأن يسمعها كلمات الحب ، هذا شيء يقوي العلاقة بين الزوجين ، هذه شركة دائمة ، ومصيرية ، هذا الابن حينما يرى أباه على مودة مع أمه يسعد أيما سعادة ، وإذا رأى هناك مشكلة ، شجار ، شقاق ، خصومة ، يتحطم هذا الطفل ، أنا أقول كلمة لأخوتي : أنت حينما تتزوج ضع حظك من الزواج تحت قدمك إكراماً لأولادك ، فالذي يهتم بتربية أولاده ، الابن لا شيء يزعجه ويخلق عنده انفصام شخصية كأن يرى أباه ومه على خصام بينهما .
المعاشرة بالمعروف كما تفضلت قبل قليل فوق النفقة تأتي في المرتبة الأولى ، المودة معاشرة بالمعروف ، الثناء على الزوجة بما هو فيها ، المعاشرة بالمعروف تقدير جهدها في البيت ، أنا أقول لك كلاماً دقيقاً : الزوجة حينما تسمع كلمات لطيفة من زوجها تنسى كل تعبها ، تنسى كل جهدها ، تنسى كل معاناتها بدخل زوج المحدود ، ما دام هناك ود ، المعاشرة بالمعروف منهج في العلاقة بين الزوجين ، وقد أرادها الله عز وجل ، ربما يسعد الإنسان سعادة لا توصف إذا كان بين الزوجين مودة كبيرة ، وأنا أضيف وأقول : إن المودة العالية بين الزوجين تمتص كل متاعب الحياة ، فإذا دخل إلى البيت نسي كل متاعب الحياة ، فإذا كان هناك خصومة في البيت تنشأ مشكلة كبيرة جداً .
الإنسان أحياناً يخرج من البيت وأنا لي نصيحة للأخوة الكرام ؛ الأزواج والزوجات ، خرج من البيت كان هناك مشكلة ، عاد إلى البيت انتهت المشكلة ، كان هناك مشكلة نمنا واستيقظنا لا يوجد شيء ، فلا بد للزوج من أن يعمل فواصل ، الخروج والرجوع إلى البيت انتهت المشكلة ، النوم والاستيقاظ انتهت المشكلة ، هذه الطريقة في العلاقة بين الزوجين تجعل هذا البيت في سعادة .
أنا أقول كلمة لأخوتي الكرام : بطولتك أن يكون العيد عند دخولك إلى البيت لا عند خروجك من البيت ، فالزوج الصالح والزوجة الصالحة وجودهما معاً في البيت أكبر سعادة للأولاد ، هذه معاشرة بالمعروف ، يطعمها مما يأكل ، لم يكلف فوق طاقته ، ولكن أي زوج بإمكانه بشكل دقيق أن يعاشرها بالمعروف بالكلمة الطيبة ، بالمودة الطيبة ، بالثناء الطيب ، طبعاً الثناء المعتدل الواقعي على أعمالها ، على طبخها ، على عنايتها بنفسها و بأولادها .
خاتمة و توديع :
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً أستاذنا الكريم ، وأحسن إليكم ، وأسأل الله عز وجل أن يوفق الأزواج والزوجات إلى بناء بيت إسلامي يرضى الله عنه ورسوله ، وأنتم أخوتي الكرام لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الطيب إلا أن أشكر لكم حسن متابعتكم ، سائلاً المولى جلّ جلاله أن ألتقيكم في أحسن حال ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .