- ندوات تلفزيونية / ٠03برنامج دٌرر - قناة مكة
- /
- ٠2درر 2 - الحقوق
مقدمة :
الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛
ربوا البنين وهذبوهم واجعلوا دور العلـــــــوم رحيبة الساحـــــات
فلرب مدرسة تشاد فتهـــــدم السجن الرهيب وتقشـع الظلمات
إهمال تربية البنين جنايــــة عادت على الآبــــــــاء بالويــــلات
***
كيف نظم الإسلام العلاقة بين المعلم والطالب ؟ ما حقوق وما واجبات كل منهما تجاه الطرف الآخر ؟ كيف لخص النبي صلى الله عليه وسلم من بعثته فقال :
(( وإنما بعثت معلماً ))
لنتابع هذا اللقاء الطيب الي يتحدث عن قيم الإسلام في التعامل بين المعلم والطالب .
بسم الله ، الرحمن علم القرآن ، خلق الإنسان علمه البيان ، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ، ولعظيم سلطانك ، سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .
أخوتي الأكارم ؛ أينما كنتم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ونحن في مستهل حلقة جديدة من برنامجكم درر ، اسمحوا لي أن أرحب بفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم أستاذنا الكريم .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم حلقة اليوم تتعلق بقيم الإسلام في التعامل بين المعلم والطالب من جهتين ، من جهة الطالب ومن جهة المعلم ، قبل أن نبدأ بهذه القيم يقول النبي صلى الله عليه وسلم ملخصاً الهدف من بعثته :
(( وإنما بعثت معلماً ))
ارتقاء مرتبة التعليم إلى أعلى المراتب :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
ما من مرتبة عند الله تعلو على مرتبة التعليم ، لأنها صنعة الأنبياء ، وكما تفضلت قبل قليل ، قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ حُسْنَ الأخلاقِ ))
أولاً : هناك حرفة مقبولة لغيرها ، هناك عمل شاق في الشتاء ، البنّاء ، برد ، ومطر ، وثلج أحياناً ، وهواء لا يحتمل ، يقف ويتابع بناء هذا المسكن ، هذا عمل متعب ، لكن يوجد عمل مجزئ لذاته ، أي إنسان يحب المطالعة حباً جماً ، عيّناه أمين مكتبة ، وجد نفسه ، أنا أقول : التعليم وحده حرفة مجزئة لذاتها ، أنت حينما تدخل إلى صف ، و هناك طلاب شباب، هذا الشاب يتلقى توجيهاً صحيحاً من المعلم ، يبين له القيم والمبادئ الصحيحة ، يغرس في نفسه هدفاً كبيراً ، يجعله إنساناً في مستوى إنسانيته ، هذا عمل عظيم ، إن هذا العمل هو صنعة الأنبياء ، وهو مجزئ لذاته ، أي المعلم إذا ألقى الدرس ، وكان هناك تفاعل كبير مع الطلاب ، وعلم يقيناً أنه ترك أثراً إيجابياً في نفوس هؤلاء الصغار ، من هم هؤلاء الصغار ؟ هم رجال الغد ، وقد يكونون قادة ، كنت مرة في زيارة لبلدة في محافظة درعا دخلت إلى مسجد في إزرع ، رأيت فيه طلاباً صغاراً يصلون مع معلمهم ، ألقيت فيهم كلمة قلت لهم : أحد أكبر علماء المسلمين ترك ثلاثمئة مؤلَّف ، وكأن علماء المسلمين عالة على كتبه ، هو ابن القيم الجوزية من إزرع ، فأنا حينما أنتبه إلى طفل قد يكون عالماً كبيراً ، قائداً شجاعاً ، مصلحاً اجتماعياً ، العظماء كانوا صغاراً ، فنحن إذا اعتنينا بالتعليم ، اعتنينا بمستقبلنا ، اعتنينا بأنفسنا .
فلذلك أنا لا أجد عملاً يرتقي حتى يقترب من صنعة الأنبياء ، لكن بالمقابل لا أجد عملاً يقترب من صنعة الأنبياء تارة ويهبط إلى مستوى ألا يستحق صاحبه إلا ابتسامة ساخرة كالتعليم .
بين أن يكون رسالة وبين أن ترتزق به ، إذا ارتزقت به فهو في خسارة كبيرة جداً ، أما إذا كنت صاحب رسالة ، مرة وزير التربية قال كلمة دقيقة ، قال : إذا أردت أن أدعو للإنسان كي يكون أسعد إنسان أدعو له أن يكون معلماً ، وإن أردت أن أدعو على إنسان ليكون أشقى الناس أدعو عليه أن يكون معلماً . بين أن تحمل رسالة وبين أن ترتزق بالتعليم !! لذلك الإمام الشافعي يقول : لأن أرتزق بالرقص أفضل من أرتزق بالدين .
فبين صاحب رسالة له هدف أن يبني الأطفال بناء صحيحاً ، بناء إيمانياً ، بناء أخلاقياً ، بناء علمياً ، بناء نفسياً ، بناء اجتماعياً ، بناء جنسياً .
الأستاذ بلال :
النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
((إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها ، حتى الحوت في البحر ، يصلون على معلم الناس الخير))
لماذا ؟
من عظمة هذا الدين استمرار أثر الأعمال الصالحة إلى يوم القيامة :
الدكتور راتب :
لأن هذا الإنسان تطعمه فيشبع ، بعد حين يجوع ، انتهى أثر إطعامه ، يسكن في بيت بعد ذلك يموت ، انتهى الأثر ، أما إذا علمته وعرفته بربه فالأثر مستمر ، لأن هذا المتعلم سيعلم ، قال تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾
فهذا الذي علمته سيعلم أولاده ، والأولاد يعلمون أولادهم ، فهذا العمل يستمر إلى يوم القيامة ، وهذا من عظمة هذا الدين ، الإنسان إذا اتبع الهدى ونقل هذا الهدى إلى من حوله يستمر هذا العمل إلى يوم القيامة .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم قلتم كلمة لطيفة ، التعليم عندما يكون رسالة يكون أسعد عمل يقوم به الإنسان ، كيف يقلب المعلم التعليم من حرفة إلى رسالة ؟
التعليم مهنة مقدسة و رسالة عظيمة :
الدكتور راتب :
الحقيقة الكلمة الدقيقة جداً إذا سألتني : من هو أسعد الناس ؟ أقول لك : الذي يسعد الناس ، ونحن إذا ذكرنا النبي صلى الله عليه وسلم نقول : أسعدنا ، وعلى أسعدنا محمد ، فأنت حينما تسهم في بناء هذا الإنسان بناء صحيحاً ، بناء عقدياً ، بناء سلوكياً ، بناء نفسياً ، بناء اجتماعياً ، أخلاقياً ، جسمياً ، هذا الإنسان بني بناءً صحيحاً ، فهو ومن جاء بعده في صحيفة هذا المعلم ، أنا أرى أن التعليم صنعة الأنبياء ، لكن أنا أذكر أخوتي المشاهدين إياك أن تتخذ التعليم حرفة ، اتخذ التعليم رسالة ترقى بها إلى أعلى عليين ، والمعلم حينما يحمل رسالة فأنسب مهنة وأنسب حرفة لأصحاب الرسالات هو التعليم .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم الدعوة إلى الله تندرج في التعليم ؟
الدكتور راتب :
طبعاً ، وحيثما ورد في القرآن الكريم العلم هو العلم بالله ، أنت إذا علمت هذا الإنسان وعرف الله سعد في الدنيا والآخرة وأسعد غيره .
الأستاذ بلال :
إذاً الدعوة إلى الله أيضاً ضمن رسالة التعليم .
الدكتور راتب :
لذلك أقول : ما من شيء يتذبذب بين أن يرتقي إلى مستوى صنعة الأنبياء أو أن يكون عملاً تافهاً لا قيمة له كالدعوة إلى الله ، لذلك بين أن أرتزق بها وبين أن أحمل معها رسالة إلى الآخرين .
الأستاذ بلال :
هل هناك دعوة إلى الذات مغلفة بدعوة إلى الله ؟
التعاون أساس الدعوة إلى الله عز وجل :
الدكتور راتب :
والله هذا السؤال دقيق جداً ، بالمناسبة الدعوة إلى الله دعوتان ؛ دعوة إلى الله خالصة ، ودعوة إلى الذات مغلفة بدعوة إلى الله ، الدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها الاتباع . اتبع لا تبتدع ، اتضع لا ترتفع ، الورع لا يتسع ، أما الدعوة إلى الذات فمن خصائصها الابتداع ، تبتدع حتى تتميز ، تقول : أنا الوحيد ، فبين الابتداع والاتباع كما بين الإخلاص وعدم الإخلاص .
الدعوة إلى الله الخالصة من خصائصها التعاون ، والدعوة إلى الذات أساسها التنافس ، فالدعاة إلى الله فيما أرى أن هناك دائرة فيها جميع الدعاة إلى الله ، كل هؤلاء الدعاة معهم الحد المعقول من كل فرع من فروع الدين ، لكن هذا تفوق في التفسير ، هذا في الحديث ، هذا في السيرة ، هذا في الفقه إلى آخره ، هذه المثلثات تفوق كل واحد هي فيما بينها متكاملة ، فالإنسان حينما يكون ضمن المجموع يتعاون .
لذلك أنا أقول دائماً : هناك من يتوهم الإسلام خطاً رفيعاً فإذا خرجت عن هذا الخط ميلمتراً واحداً يتوهم أنك خرجت من الدين ، أنا أرى الإسلام شريطاً عريضاً فجميع الدعاة ضمن هذا الشريط ، هذا أخذ أسلوباً دقيقاً ، و هذا أخذ أسلوباً تساهلياً ، هذا كان بالتفسير ، هذا بالحديث ، أنواع ، هذه الأنواع متكاملة فيما بينها .
الأستاذ بلال :
ما دامت العقيدة والسلوك .
الدكتور راتب :
العقيدة صحيحة والسلوك صحيح ، اختصاصاتهم ، ما الذي يصبح إن توهم عالم التجويد أن الدين كله تجويد ؟ هذا غلط ، يتوهم المفسر أن الدين كله تفسير ، هناك تفسير و تجويد وسيرة وأحاديث وتاريخ .
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً أستاذنا الكريم وأحسن إليكم ، وأنتم أخوتي الكرام ما زال في حديثنا عن قيم الإسلام في التعاون بين المعلمين والطلاب شيئاً جديداً نتابعه بعد الفاصل ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ عدنا من جديد لنتابع قيم الإسلام في التعاون بين المعلمين والطلاب وكيف رعاها الإسلام .
أستاذنا الكريم ؛ قبل الفاصل كنا قد انتهينا أن التعليم مهنة مقدسة ، وهي رسالة عظيمة لمن أراد أن يجعلها رسالة وفق ما تفضلتم به ، الآن أستاذنا الكريم وأنتم لا يخفى عليكم ذلك ، كنت معلماً ومازلت معلماً ، ولك تجربة طويلة في ميدان التعليم ، اليوم يدخل المعلم إلى الصف وكأنه في معركة مع الطلاب - صياح وضجيج وشغب - ويصل به الأمر إلى الضرب لا يجد نفسه في غرفة الصف ، أريد بعض التوجيهات والنصائح في هذا المجال .
توجيهات و نصائح للمعلمين :
الدكتور راتب :
والله حينما يعتني المعلم بطلابه عناية فائقة ، حينما يعلمهم شيئاً ثميناً ، يحترمونه احتراماً بالغاً ، دائماً عندنا قاعدة : اتهم نفسك قبل كل شيء
إذا كان هناك ضجيج ، و لا يوجد انتباه ، يكون الدرس فارغاً ، لا يوجد عناية ، و لا تحضير ، و لا إتقان ، أما الدرس المتقن المحضّر سابقاً فممتع ، فيه أشياء لطيفة ، فيه حركات متوازنة من المعلم ، فيه توضيح، فيه ملخص ، فيه شجرة على السبورة ، الطالب أكبر ناقد ، إن رأى هذا الدرس محضراً تحضيراً جيداً وفيه أشياء جيدة ، المعلم أحياناً يكتفي بالكتاب ، لكن حينما يستمع الطالب من معلمه إلى قضية لم ترد في الكتاب شعر أن العلم درجات ، هناك تعليق وطرفة وبيت شعر وحكمة وقصة قصيرة ، ما دام فيه تنويع ، دائماً عندما يكون هناك تنويع يكون هناك التفات ، مثلاً القرآن الكريم ترى فيه قصة ، أمراً ، نهياً ، مثلاً ، تنوع الأساليب تعمل شدّاً للإنسان ، أما الشيء الرتيب الممل ، حتى تلوين الصوت له أثر ، حتى المعاملة الطيبة ، حتى الفكاهة ، فالتعليم فن، المعلم إذا أتقن حرفته تنعدم : المشاكل عنده ، تصدق يقول لك : أنا لي ثلاث وثلاثون سنة في التعليم لا يوجد طالب أزعجني إطلاقاً ، لأنك تقدم له شيئاً ثميناً .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم كنتم تذكرون دائماً أن المعلم إذا اكتفى بإعطاء المعلومات فقط ولم ينتبه إلى الطلاب ، لحالتهم الاجتماعية ، لفقرهم ، لوضعهم ، هذه مشكلة ، لا يستطيع أن يتجاوب معهم بالشكل الصحيح .
التعليم تربية و مسؤولية ودعوة إلى الله :
الدكتور راتب :
هو صار متحدثاً فقط ، المربي شيء آخر ، مثلاً تجد طفلاً وظيفته سيئة جداً
قد تكون أمه مطلقة ، أو هندامه سيئاً ، فإذا عرفت أن عنده مشكلة وعالجتها ، أنا مرة كان عندي طالب لم يكتب وظيفته ، يعمل بالفرن للساعة الثانية عشرة ، والده متوفى ، وهو يعمل لتأمين قوت أخوته وأمه ، أنا أعطيته علامة تامة لأنني أريد أن أشجعه ، لأنه يعمل بحقلين اثنين لكسب رزق أخوته ويداوم في المدرسة ، فتحتاج إلى قلب كبير ، المعلم يفهم القصة مثلاً هذا الطالب ضعيف بالإعراب ، أنا أكتب على دفتري : فلان ضعيف بالإعراب ، أبين له ، أذكر معلماً عنده طالب ضعيف جداً في اللغة ، فأعطاه بيت شعر قبل أن يعطيه للطلاب بيوم و علّمه إعرابه ، و في اليوم الثاني قال له : جهز نفسك ، كتب البيت على السبورة وسأل الطلاب وقال له : أنت أعرب لي هذا البيت ، فعربه ، أعطاه ثقة بنفسه ، وصار متفوقاً بالمادة ، فالتعنيف والتوبيخ وكلمة غبي أنا أقول : هذه بحق الطلاب جريمة ، أما إذا بينت له ، وأعنته على تجاوز الأزمة تكون قد خدمته ، التعليم تربية ، والتعليم قربة إلى الله ، والتعليم مسؤولية والتعليم دعوة إلى الله .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم وهذا يقود إلى قضية مهمة في التعليم وهي مراعاة الفروق الفردية أي النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف أصحابه يقول : أعلم أمتي بالحلال والحرام ، أمين هذه الأمة ، أفرضهم ، كان يميز بين أصحابه ويخاطبهم كل على واقعه وحاجته .
ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب :
الدكتور راتب :
أنا درست في الجامعة أن مراعاة الفروق الفردية في التعليم لها دور خطير جداً ، هناك طالب جزئي يحفظ تفاصيل كثيرة ، وهناك طالب كلي ، الكلية مطلوبة والجزئية مطلوبة ، إذا كان الطالب يهتم بالكليات لا الجزئيات
يجب أن تحترم هذا التميز ، وأن تراعي أنه لا يدقق بالتفاصيل الصغيرة ، أما إذا أنت عندك مقياس متنوع واسع فهناك مشكلة كبيرة ، أنا أعرف أن الطالب يجب أن تعرف طبيعته ، أنا حينما كنت معلماً أطلب من الطالب أن يكتب سيرته الذاتية، أعرف أن هذا أمه مطلقة ، هذا يتيم ، هذا أبوه غني ، هذا فقير ، أربط بين تقصيره وبين حاله في البيت ، وهذه نقطة مهمة جداً ، أنت حينما تعرف حقيقة هذا الطالب قد يكون عنده وضع استثنائي ، مثلاً يسكن مع خالته زوجة أبيه ، هناك وضع ثان لا يوجد أم ، الأم لها ترتيب آخر ، حينما تعرف سير الطالب الذاتية تربط بين المظاهر السلبية بتعامله مع الطلاب وبين وضعه في البيت فتعالجه ، الحقيقة المربي مهمته كبيرة جداً فضلاً عن المعلومات التي يلقيها على طلابه ، عليه أن يلاحظ تقصيراتهم ، سلبياتهم ، ما سببها ؟ هذا لها علاقة ببيته ؟ بأمه ؟ بأبيه ؟ هذا كله يحتاج إلى معالجة ، وكلما كان سن الطلاب صغيراً نغلّب التربية على التعليم ، وكلما كبرت سن الطلاب نغلّب التعليم على التربية .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم كنت أذكر من أساليبكم اللطيفة الإحسان للطالب حتى يفهم أنك تحبه، أي حالته المادية هذا يأتي إلى المدرسة بثياب غير جيدة ، هذا الأمر لو كان المدرس بإمكانه أن يتابعه ألا يكسب محبة الطلاب ؟
كيفية العناية بالطلاب و كسب محبتهم :
الدكتور راتب :
تجربة متواضعة أنا كنت مدير ثانوية ، كنت أرسل أحد المدرسين ليقول لي مَنْ مِن الطلاب ثيابه ليست جيدة ، بالشتاء هناك برد قارس وثيابه رقيقة ! نكتب أسماءهم ونأتي بألبسة لهم ونعطيها لآبائهم حتى يأخذها من أبيه ، يأتي في اليوم الثاني مرتدياً كنزة ، ثياب جديدة بابا أحضر لي هذه ، لا أريد أن أشعره أنه فقير ، كنت أعطي هذه الألبسة للآباء ليقدموها لأولادهم، فالحقيقة هناك أشياء دقيقة جداً تعمل حساسية عند الطالب ، تعقده ، أتمنى أن يكون المعلم هكذا، المعلم مربٍّ ، المعلم موجه ، المعلم مرشد ، المعلم داعية إلى الله ، المعلم يبني نفوس بناء صحيحاً .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم ومما كنتم تعتنون به وهذا أيضاً توجيه نبوي وقرآني موضوع القصة ، القصة في التعليم ما أهميتها ؟
أهمية القصة في التعليم :
الدكتور راتب :
الحقيقة كل إنسان عنده خطوط دفاع ، القصة خطورتها أنها تخترق خطوط الدفاع ، مثلاً الأب أعطى ابنه نصائح ألا يسرع بالسيارة ، مئة نصيحة لا توازي أن يرى حادثاً مروعاً ، أو أن تروي له حادثاً مروعاً ، وأن هذا الشاب الذي قاد سيارة أبيه بسرعة أصيب عموده الفقري فانشل ، القصة هي حقيقة مع البرهان عليها ، وأنا أعتمدها ، والقرآن الكريم اعتمدها مئات المرات ، فالقصة خطورتها أنه تنفذ إلى خطوط الدفاع في الإنسان ، وتبين له الحقيقة ، أما إذا ألقيتها عليه فقد لا يقبلها ، القصة إطار أدبي رائع جداً ، فيها شخصيات والقارئ شخص ، فيها بيئة مكانية وزمانية ، فيها حوار ، فيها تحليل شخصية من الداخل ، فلذلك القصة أنا أراها أفضل طريقة للتربية .
الأستاذ بلال :
ولإيصال المعلومة إلى الطالب بشكل جيد .
الدكتور راتب :
لكن ليس كل قصة تصلح ، ممكن أن نختار واحدة من مئة بما يناسب .
خاتمة و توديع :
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل ، جزاكم الله خيراً ، وأحسن إليكم .
أخوتي الكرام لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الطيب إلا أن أشكر لكم حسن متابعتكم، سائلاً المولى جلّ جلاله أن ألتقيكم في أحسن حال ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .