وضع داكن
29-03-2024
Logo
درر 2 - الحلقة : 02 - حقوق الزوجة2 - حسن المعاملة والمعاشرة بالمعروف .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛ يقول تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾

[ سورة التحريم : 6]

كيف يقي الرجل أهل بيته من النار ؟ وهل من حق الزوجة على زوجها أن يعرفها بربها وأن يحملها على طاعته ؟ هل من حق الزوجة على زوجها أن يتزين لها كما تتزين هي له؟ هذه الأسئلة أيها الأخوة أسئلة مهمة جداً تحتاج إلى إجابة ، تابعوا الإجابة عليها بعد قليل في هذه الدرة المباركة .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أخوتي الكرام أينما كنتم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، واسمحوا لي في مستهل هذا البرنامج برنامج درر ، أن أرحب بضيفنا الدائم فضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي، السلام عليكم سيدي .
الدكتور راتب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ بلال :
أخوتي الكرام نحن مازلنا نتحدث عن حقوق الزوجة على زوجها ، وبدأنا بالحق الأول وهو حق النفقة ، إذ من واجب كل زوج أن ينفق على زوجته ، ويطعمها إذا طعم ، ويكسوها إذا اكتسى، وهذا حق ثابت فصلنا القول فيه في اللقاء الماضي ، ثم انتقلنا إلى الحق الثاني من حقوق الزوجة وهو حق حسن المعاملة والمعاشرة بالمعروف ، ومضينا في هذا الحق ونتابع اليوم في هذا الحق نفسه حديثاً ، أستاذنا الفاضل تحدثنا في اللقاء الماضي عن معنى المعاشرة بالمعروف ، بقي أن نسأل : بعض الأزواج يظن أن المعاشرة بالمعروف يكتفى فيها أن يمتنع عن إلحاق الأذى بزوجته هل هذا صحيح أم أن هناك مفهوماً أوسع في المعاشرة بالمعروف ؟

 

المفهوم الواسع للمعاشرة بالمعروف :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
الأخ بلال جزاك الله خيراً ؛ من أجمل ما قرأت عن معنى هذه الآية ، لا تعني المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها بل أن تحتمل الأذى منها ، أنا أقول دائماً : عظمة هذا الزواج الإسلامي أن الله بين الزوجين ، بمعنى أن كل طرف يخاف الله أن يظلم الطرف الآخر ، وأن كل طرف يتقرب إلى الله بخدمة الطرف الآخر ، كلمة دقيقة الله بين الزوجين ، فأنت تخشى الله أن تظلمها ، وتخشى الله هي أن تظلمك ، وأنت تتقرب إلى الله بخدمتها ، وهي كذلك تتقرب إلى الله بخدمتك ، فالله بين الزوجين من هنا كانت المعاشرة بالمعروف من أروع ما في القرآن ، المعروف شيء تعرفه الفطرة لا يحتاج إلى تعليم ، لو أن إنساناً غرقت السفينة التي كان يركبها فوجد نفسه مع والدته بجزيرة مثلاً ، لو أنه اصطاد أرنباً وأكله وحده ، ولم يتلقَّ أي توجيه بحياته يشعر بانقباض ، هذه الفطرة ، لذلك تطابق النص الشرعي مع الفطرة مذهل ، قال تعالى :

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

[ سورة الروم: 30]

بمعنى أن أي أمر أمرك الله به برمجت على محبته ، وأي نهي نهاك الله عنه برمجت على كراهيته ، الإنسان حينما يصطلح مع الله يصطلح مع فطرته ، فلذلك ليس المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى ، بها بل أن تحتمل الأذى منها ، فإذا كان الزوج يتقرب إلى الله بخدمة زوجته ، والزوجة تتقرب إلى الله بخدمة زوجها ، وكلاهما يخشى الله أن يظلم الطرف الآخر هذا الزواج وجد ليبقى ، هذا الزواج برعاية الله ، لذلك إذا بني الزواج على طاعة الله يتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ، أما إذا بني الزواج على معصية الله فيتولى الشيطان التفريق بينهما .

(( ... مَا تَوَادَّ اثْنَان فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا ))

[أحمد عن ابن عمر، وإسناده حسن]

في المعاشرة بالمعروف لا تعني أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها ، بل أن تحتمل الأذى منها ، والأصح أن هناك مشاركة ؛ هو يحتمل الأذى منها ويصبر ، وهي تحتمل الأذى منه وتصبر ، هي تتقرب إلى الله بخدمته وهو كذلك ، هذا الزواج وجد ليبقى .
الأستاذ بلال :
جزاك الله خيراً ، أستاذنا الفاضل هنا لو انتقلت إلى معنى من المعاشرة بالمعروف أظنه لصيقاً بحديثنا ، بعض الأزواج يسيئون الظن بزوجاتهم إلى حدّ مرضي هل هذا من سوء العشرة ؟

 

حسن الظن عصمة :

الدكتور راتب :
والله الآية تحسم هذا الموضوع ، قال تعالى :

﴿ إن بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾

[ سورة الحجرات: 12 ]

مثلاً لا يوجد أي مؤشر ، لا يوجد أي إشارة ، لا يوجد أي مظهر ، لا يوجد أي دليل ، وتسيء الظن بزوجتك ؟ هذا إثم كبير .

﴿ إن بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾

[ سورة الحجرات: 12 ]

لكن تتكلم على الهاتف فلما دخلت أغلقت السماعة فوراً هذا مؤشر ، إذا كان هناك مؤشر فحسن الظن عصمة ، احترس من سوء الظن إذا كان هناك مؤشر ، إذا كان هناك دليل، إذا كان هناك ظاهرة ، فسوء الظن عصمة ، واحترس من الناس بسوء الظن ، والحزم سوء الظن، أنا وسعت الموضوع ، سوء الظن إذا كان هناك دليل أو مؤشر أو ظاهرة ينبغي أن تكون دقيقاً في حسن علاقتك بالآخرين ، لذلك مع الزوجة أولى ، لا يوجد أي مؤشر ، لا يوجد أية ظاهرة ، لا يوجد أي خطأ ارتكبته ، تسيء الظن بها من دخل إلى البيت بغيابي ؟ ما هذا السؤال؟ هذا السؤال مرفوض كلياً ، بل إن هذا السؤال قد يجرح مشاعرها ، الإنسان حينما يجرح مشاعر زوجته يدفع الثمن هو .
الأستاذ بلال :
جزاك الله خيراً ، أستاذنا الفاضل يحضرني حديث أيضاً يلتصق بموضوع المعاشرة بالمعروف يقول صلى الله عليه وسلم :

(( لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة ، إن كَرِه منها خُلُقاً رضي منها آخَرَ ))

[مسلم عن أبي هريرة ]

كيف نفهم هذا الحديث في ضوء المعاشرة بالمعروف ؟

 

لا تكليف بلا إعلام و لا معصية من دون تكليف :

الدكتور راتب :
والله هناك قصة لطيفة ؛ كنت مرة ألقي درساً في جامع النابلسي بالفجر يومياً ، مرة ولا أدري لماذا فعلت هذا وأنا أعطي درساً في رياض الصالحين وكل يوم أشرح حديثاً ، في أحد الأيام أمسكت الكتاب هكذا وقلبت صحائفه ، ووقفت عند مكان لا أعلم أي مكان فإذا عن العلاقات الزوجية ، شعرت بطلاقة لسان عجيبة ، والدرس امتد إلى نصف ساعة وانتهى الدرس فلما خرجت من المسجد أحد الأخوة عانقني وصار يبكي ، خير إن شاء الله قال : أنا اليوم موعدي مع القضاء الساعة العاشرة صباحاً كي أطلق زوجتي ، ومن خلال هذا الدرس كففت عن تطليقها.
فالإنسان أحياناً يتسرع ، أنا أقول : موضوع الطلاق موضوع خطير جداً فمن حسن المعاشرة أن تحتمل الأذى منها ، نبهها ، أعطها فرصة ، هناك أزواج لا يعطون أي توجيه ، فإذا خالفت ما يتوهمه صحيحاً يحاسبها ، لا تكليف بلا إعلام ، لا معصية من دون تكليف ، أنا أتمنى على الزوج أن يبلغ زوجته ما الذي يزعجه ، وما الذي يفرحه من زوجته ، أنت ما بلغتها أبداً ، فلذلك من أخطاء الأزواج أحياناً أنهم يغضبون بلا مبرر ، أنت ما بلغتها ، ولا معصية من دون تكليف ، كلفها ، قل لها ما تحب وما تكره ، فلذلك المرأة عندما تعرف ما يكره زوجها وتفعله قصداً هذا صار موضوعاً ثانياً .
الأستاذ بلال :
جزاك الله خيراً ، أخوتي الكرام سعدنا بلقائكم ونسعد أيضاً بتتمة هذا اللقاء بعد فاصل قصير ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، عدنا كي نتابع حديثنا حول الحق الثاني من حقوق الزوجة على زوجها وهو حق المعاشرة بالمعروف ، وقد كنا انتهينا أستاذنا الفاضل إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم :

(( لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة ، إن كَرِه منها خُلُقاً رضي منها آخَرَ ))

[مسلم عن أبي هريرة ]

كيف نتابع ؟

 

بطولة الإنسان أن يقف موقفاً منصفاً في علاقته بزوجته :

الدكتور راتب :
والله أنا مرة جاءني رجل يريد أن يطلق زوجته ، وقد اتخذ قراراً قطعياً ، قلت له أتخونك ؟ قال : معاذ الله يا أستاذ ما هذا الكلام ؟ وأنا قصدت ذلك ، ليست نظيفة ؟ قال : بل جيدة جداً بنظافتها ، طبخها سيئ ؟ قال : أبداً طبخها جيد ، دون أن يشعر تحدث عن فضائلها، اعترف بفضائلها ، أنا بدأت بالخيانة ، ثم بالنظافة ، ثم بالطبخ ، ثم .. فخجل من نفسه وألغي الطلاق .
فالإنسان إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر ، البطولة أن تقف موقفاً معتدلاً ، موقفاً منصفاً ، والإنصاف من صفات المؤمن ، لا أن تنسى كل فضائلها وتحاسبها على خطأ واحد ، أنا أسمي هذا الزوج قناصاً ، يبحث عن الخطأ ، أما أنت كما رأيت هذا الخطأ انظر إلى إيجابياتها ، فالإنسان بالسلبيات والإيجابيات معاً يتوازن ، أما أخذ السلبيات فقط فهذا قنص ، وأخذ الإيجابيات ونسي السيئات ما رباها أيضاً ، أنا أقول : إن البطولة في العلاقة الزوجية أن تحبك زوجتك بقدر ما تخافك ، قضية ليست سهلة ، هناك محبة واسعة ، من دون التزام ، من دون تطبيق اسمها سبهللة ، أحياناً تجد كراهية غير معقولة من شدة الضغط عليها ، أما البطولة فأن تحبها بقدر ما تخشى على دينها ، وأن تحبك هي بقدر ما تخافك ، أمسكت العصا من الوسط ، هذا موقف حكيم يحتاج إلى بذل جهد .
الأستاذ بلال :
بارك الله بكم أستاذنا الكريم أريد أن أنتقل إلى موضوع التطبيق العملي ، النبي صلى الله عليه وسلم أسوتنا :

﴿ لَقَدْ كَان لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾

[ سورة الأحزاب: 21]

كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته من خلال المعاشرة بالمعروف ؟

 

الموضوعية أخلاق و وسطية و علم و فضيلة :

الدكتور راتب :
النبي وجهنا قال :

(( لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة ، إن كَرِه منها خُلُقاً رضي منها آخَرَ ))

[مسلم عن أبي هريرة ]

أنت ابحث في شأنها مجتمعاً لا مفرقاً ، إيجابياتها وسلبياتها ، هذا نوع من الموقف الحكيم ، أنا أقول دائماً : الموضوعية هي قيمة أخلاقية وقيمة علمية ، أنت إذا كنت موضوعياً فأنت عالم ، وإذا كنت موضوعياً فأنت أخلاقي ، الموضوعية قيمة عظيمة جداً ، وهي بالحقيقة أصل بالتعامل مع الآخرين ، هناك إيجابيات و سلبيات ، أنا الذي أراه بحكم عملي في الدعوة وقد ترفع إليّ مئات القضايا في العلاقات الزوجية ، تجد كل إيجابيات الزوجة ينساها الزوج ، يعلق على تصرف واحد أزعجه ، وقد تنسى أن زوجها يحبها وينفق عليها ويحترم أهلها وقد تعلق تعليقاً كبيراً على موقف ارتكبه معها ، الموضوعية أخلاق ، الموضوعية وسطية ، الموضوعية علم ، الموضوعية فضيلة ، الموضوعية موقف الوسط .
الأستاذ بلال :
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول :

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ ))

[الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

أخلاق الرجل الحقيقية في البيت :

الدكتور راتب :
أنا الآن مضطر لأن أقول هذه الكلمة ، الإنسان خارج البيت يهمه مظهره ، يهمه علاقاته ، يهمه ابتسامته ، يهمه دماثة أخلاقه ، سمعته ، لكن أين تظهر أخلاق الإنسان حقيقة؟ في بيته ، لا يوجد عليه رقيب ، ولا من يحاسبه ، لذلك الحديث الذي يذهل :

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

أنا أرى أن أخلاق الرجل الحقيقية في البيت ، بالعمل هناك شيء اسمه بالتعبير المعاصر رجل أعمال ، مصلحته تقتضي أن يبتسم ، وأن يسامح ، وأن يتجاوز ، وأن يرحب ، وأن يحترم ، كلها مصالحه ، لكن في البيت لا يوجد مصالح ، فأخلاقه الحقيقية تظهر في البيت، هذا الحديث من أدق الأحاديث :

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

الأستاذ بلال :
النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته كان بساماً ضحاكاً .

 

من طبق توجيهات النبي في زواجه شعر بسعادة لا توصف :

الدكتور راتب :
والله هناك حديث دقيق جداً :

(( أكرموا النساء فوالله ما أكرمهن إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم ، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم.....))

[ ابن عساكر عن علي]

وهناك زيادة في بعض الروايات :

((.... وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً ، من أن أكون لئيماً غالباً ))

هذا من توجيهات النبي الكريم ، وهو المثل الأعلى في حياتنا ، هو القدوة المثلى ، فإذا طبقنا تعليماته ، نطبق تعليمات الصانع لأن الحقيقة توجيهات النبي مستقاة من توجيهات الله عز وجل :

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾

[ سورة الحشر: 7 ]

أنا أقول لأخوتي المشاهدين : أي زوجين على سطح الأرض إذا طبقا توجيهات القرآن الكريم وتوجيهات النبي الكريم في الشأن الزوجي يتمتع بسعادة زوجية لا ترقى إليها سعادة، لأنه هو يطبق تعليمات الصانع ، والجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها ، مثلاً يمكن أن يمضي الزوج سهرة بأكملها في االكلام عن أم زوجته والسخرية منها ، في اليوم التالي تكلمت كلمة عن أمه فأقام عليها النكير ، غير موضوعي ، هذا الإنسان عنصري ، قاس الأمور بمقياسين ، عندما تحدث عن أمها أخذ حريته في الحديث عن أمها ، فلما تكلمت عن أمه كلمة أقام عليها الدنيا ، هذا إنسان عنصري ، وأنا أقول بالمقابل : وحق النقض في مجلس الأمن حق عنصري ، إحدى الدول تقول : لا ، التغى الأمر كله . فالعنصرية بالزواج هكذا ؛ هو يقيس بمقياسين أمه مقدسة لا يمكن لأحد أن ينتقدها ؛ وأمها له أن يقول عنها ما يشاء .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل بعض الأزواج يأنفون أن يساعدوا أهلهم في البيت ، و النبي صلى الله عليه وسلم كان في مهنة أهله .

 

بطولة الإنسان أن يحسن إدارة بيته :

الدكتور راتب :
سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وسيد ولد آدم ، هذا النبي الكريم في قمم الكمال ، كان في مهنة أهله ، أنا أقول هذه الكلمة للأخوة المشاهدين : أنت لا تعلم أيها الأخ المشاهد مقدار الود الذي ينشأ بينك وبينها حينما تساعدها في بعض الأعمال ، ترى أنك تنازلت لها ، لا تنسى هذا الموقف وقد تحدث أهلها ، رأت محبته ، رأت تواضعه ، رأت خدمته ، البطولة أن تحسن إدارة البيت ، الآن يوجد مصطلح في إدارة الأعمال هو إدارة الذات ، إدارة الأسرة ، أنا أقول : الزوج الناجح 

يحسن إدارة أسرته بالموقف المعتدل غير العنيف

العنف لا يلد إلا العنف، أنا أذكر مرة دخل رجل إلى بستان أنصاري ، وأكل من دون إذنه ، فساقَه إلى النبي على أنه سارق، أجاب النبي صلى الله عليه وسلم إجابة مذهلة فقال له : هلا علمتَه إن كان جاهلاً ، وهلا أطعمتَه إن كان جائعاً .
قبل أن تحاسب ينبغي أن تبين ، قبل أن تعاقب ينبغي أن تبين ، فلذلك الزوج الصالح أنا هكذا أرى لأمد طويل يبين لزوجته ما الذي يزعجه ، يعجبه ، الآن لو أخطأت يحاسبها حساباً لطيفاً ، يقول لها : أنا ذكرتك بالمعتدل ، مرة ثانية تكون النبرة أشدّ بقليل ، الثالثة قد يكون هناك شدة بالغة ، أما من دون تعليم ، من دون تبليغ ، من دون بيان ، محاسبة على الزواج هذا سلوك مزاجي لا قيمة له إطلاقاً في الحياة الزوجية .
الأستاذ بلال :
جزاك الله خيراً ، سعدنا بالتواصل معكم ويسعدنا التواصل معكم أيضاً بعد فاصل قصير ..
عدنا إليكم من جديد في هذا الحوار مع أستاذنا الفاضل الدكتور محمد راتب النابلسي ، ونحن في الحق الثاني من حقوق الزوجة وهو حق المعاملة بالحسنى ، وحسن المعاشرة ، أستاذنا الفاضل أريد أن أختم هذا الحق بالحديث عن بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعاملته لزوجاته الطاهرات ؟

 

سنة النبي أبلغ في التعبير عن مواقفه من أقواله :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحقيقة الدقيقة أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم هي أقواله :

﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾

[ سورة الحشر: 7 ]

وهي أفعاله ، قال تعالى :

﴿ لَقَدْ كَان لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾

[ سورة الأحزاب: 21]

وإقراره سكوته عن شيء رآه معنى ذلك أنه أقره ، فالسنة بالحقيقة هي أقواله وأفعاله وإقراره ، وقد أضاف بعضهم صفاته ، هذه السنة ، فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم له أفعال مع زوجته تؤكد ما أكده لنا في العلاقة بين الزوجين ، مثلاً :

(( أن عائشة قالت : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يوماً على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد بحرابهم ورسول الله صلى الله عليه و سلم يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم ))

[ متفق عليه عن ابن شهاب ]

وفي نص آخر :

((إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى ، قالت : فقلت : من أين تعرف ذلك ؟ فقال : أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين : لا ورب محمد ، وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم . قالت : قلت : أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك ))

[ متفق عليه عن عائشة ]

هذه علاقته بزوجته ، لذلك هناك شيء بالسيرة رائع جداً ، لأن السيرة حقيقة مع البرهان عليها ، شيء وقع ، أما النصوص شيء والسيرة شيء آخر .
أنا أقول السيرة أبلغ في التعبير عن مواقف النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله ، المواقف قد تؤول يمنة ويسرة ، أما السيرة فحدية لا تأويل فيها .
الأستاذ بلال :
السيدة عائشة روت للنبي حديثاً طويلاً عن أبي زرع و أم زرع كيف طمأنها ؟
الدكتور راتب :
قال لها : أنا كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك .
وأنا والله أعتب على كل أخ يمزح مع زوجته بموضوع الطلاق ، هذا المزاح له آثار سيئة جداً يهز كيانها ، في الطلاق لا يوجد مزاح ، فإما أن تصبر عليها ، وإما أن تدعها وشأنها بحسب منهج الله عز وجل ، أما أن تستخدم موضوع الطلاق من حين لآخر بشكل غير جاد لا هزل في الطلاق ، أنا أتمنى على الأخوة المشاهدين أن ينتبهوا لهذا الموضوع ، الطلاق يهز كيان الزوجة ، أنت إن أردت أن تطمئنها هذا شيء طيب جداً .
أعرف رجلاً يهدد زوجته بالطلاق طول حياته ، قلت له : طلقها أو اسكت ، هذا التهديد يخلق مشكلة بينكما ، أنا أتمنى على الأخوة المشاهدين ألا يكون موضوع الطلاق داخلاً بمزاح إطلاقاً ولا بكلام عابث .

 

خاتمة و توديع :

الأستاذ بلال :
جزاك الله خيراً أستاذنا الكريم ، وبارك بكم ، وأحسن إليكم ، كما تفضلتم بهذه القيم العالية في التعامل بين الزوجين ، وأنتم أخوتي الكرام أخواتي الكريمات لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الطيب إلا أن أشكر لكم حسن متابعتكم ، وطيب استماعكم ، سائلاً المولى جلّ جلاله أن ألتقيكم في أحسن حال مع الله ومع خلقه ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور