- ندوات تلفزيونية / ٠03برنامج دٌرر - قناة مكة
- /
- ٠2درر 2 - الحقوق
مقدمة :
الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛ قال تعالى :
﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾
ما هو العلم ؟ ومن هم العلماء ؟ وما علاقة العلم بالخشية ؟ كيف نتعامل مع علمائنا بعيداً عن الإفراط أو التفريط ؟ من أولو الأمر وهل يطاعون استقلالاً ؟ كيف نتعامل مع هفوة العالم أو زلة العالم ؟ وكيف ننصح له بما يرضي الله تعالى ؟ تابعوا الإجابة عن هذه الأسئلة وعن غيرها في لقاء اليوم من برنامجكم درر .
بسم الله الرحمن الرحيم ، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ، وعظيم سلطانك ، سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، وصلّ اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أخوتي الأكارم ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في مستهل حلقة جديدة من برنامكم درر ، بادئ ذي بدء يسرني أن أرحب باسمكم جميعاً بفضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم نحن كما تعلمون نناقش في هذا البرنامج قيم الإسلام في التعامل مع الآخرين ، صنف في المجتمع هم العلماء والوجهاء ، وهؤلاء للإسلام طريقة في التعامل معهم ، لكن قبل أن أدخل في الطريقة أريد أن نبدأ بتعريف العلم ، ما هو العلم ؟ حتى ننتقل إلى العالم والعلماء .
تعريف العلم :
الدكتور راتب :
الحقيقة العلم إدراك المحيط ، إدراك القيم ، إدراك المبادئ ، العلم فيه قيم معرفية ، وهناك حقيقة العلم و مطبات العلم ،
أنا حينما أتعرف إلى حقيقة العلم أرى أنني ملزم أن أطلب العلم
لا يؤكد إنسانية الإنسان إلا طلبه للعلم ، لأن هناك قوة إدراكية أودعها الله فيك ، فأنا حينما أطلب العلم ارتقيت إلى المستوى الإنساني الذي يليق بي ، وحينما أعزف عن طلب العلم أصلاً هبطت عن مستوى إنسانيتي الذي لا يليق بي ، من لوازم إنسانية الإنسان طلب العلم ، الإدراك ، في الإنسان قوة إدراكية لكن هناك مدركات كثيرة ، أخطر هذه المدركات كليات هذا الدين .
من أنا ؟ أنا المخلوق الأول عند الله ، المخلوق المكرم ، المخلوق المكلف ، لماذا أنا في الدنيا ؟ جئت إلى الدنيا كي أدفع ثمن الآخرة عملاً صالحاً ، هذه قضايا كبيرة جداً ، حقيقة الدنيا ، حقيقة الموت ، ماذا بعد الموت ، البرزخ ، الجنة ، النار ، الله موجود ، واحد ، كامل ، الأنبياء ، الرسل ، كليات الدين ، سرّ وجود الإنسان ، مهمته في الدنيا ، ماذا ينبغي أن يفعل ؟ إدراك حقيقة الموت ، ماذا بعد الموت ؟ الجنة ، النار ، هناك فرائض ، و سنن ، و واجبات ، و مباحات ، و مكروهات ، و محرمات ، فالعلم لا بد منه كي ينجو الإنسان .
الأستاذ بلال :
وهذا يقودني إلى السؤال الثاني وهو ينطلق من قوله تعالى :
﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾
كأن العلم في الآية مرتبط بالخشية ، بخشية الله ؟
ارتباط العلم بخشية الله :
الدكتور راتب :
هل يعقل أن يرى الإنسان ناراً ويقتحمها ؟ مستحيل ، هل يعقل أن يرى عقرباً ويحمله ؟ مستحيل ، موقف الإنسان من الأخطار موقف أساسي ، موقفه من الغنائم أساسي ، أنت حينما تعلم يقيناً أن هذا الشيء عطاء ، عفواً أزمة أهل النار في النار ما هي ؟ قال تعالى :
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾
أزمة أهل النار في النار أزمة علم فقط ، لأن الناس سبعة مليارات ومئتا مليون ، ما منهم واحد إلا حريص على سلامته وسعادته واستمراره ، أي إنسان ، متى يقع الإنسان في خطأ كبير ؟ إذا غفل عن الحقيقة ، فطلب الحقيقة يؤكد إنسانية الإنسان ، والحقيقة في الدين من هو صاحب الحقيقة ؟ هو الله ، الخالق ، قال تعالى :
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
الأستاذ بلال :
ممكن أن نعرف من خلال هذه الآية أن العالم هو الذي يخشى الله ، حقق أعلى مستوى وهو خشية الله ، والخوف من الله ، لو انتقلنا الآن إلى القيم في التعامل مع العالم ، أي الناس يتفاوتون في نظرتهم للعلماء من شخص يقدس العالم كأنه لا يخطئ يرفعه إلى مستوى النبوة إلى شخص يستخف بالعلماء ، نقول له : قال الإمام فلان ، يقول : نحن رجال وهم رجال، بم يمتازون عنا ؟
الابتعاد عن تأليه البشر :
الدكتور راتب :
أنا أتصور خطاً عامودياً ، على هذا الخط نقطتان متباعدتان ، نقطة حمراء دنيا ، ونقطة عليا ، إن هبطت في نظرتك للعالم تحت النقطة الدنيا فهذا خطأ كبير ، أي الاستخفاف به ، عدم التقدير له ، لا تعبأ به ، هذا موقف غير صحيح ، موقف فيه ظلم ، وفيه حمق أيضاً، وإذا تجاوزت النقطة الثانية الحمراء ألهته ، هذا خطأ ثان ، فنحن بفضل الله علينا التأليه شيء خطير جداً ، لذلك بعضهم يقول لما الله عز وجل قال :
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾
عن رسوله ، هناك عدة آيات فيها عتب بسيط على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى :
﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾
قال العلماء هذه التي فعلها النبي خلاف الأولى ، لتؤكد بشريته لئلا يؤله ، النبي صلى الله عليه وسلم أعطي هامشاً اجتهادياً ضيقاً جداً ، واجتهد ، فإذا أصاب في اجتهاده سكت الوحي إقراراً ، أما إذا لم يصب فقد صحح الوحي له ليؤكد ربنا للبشر أن النبي بشر ، تجري عليه كل خصائص البشر ، و لولا أنه بشر لما كان سيد البشر .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل لا نقدس العالم ولا نستخف بعلمه ، طبعاً العالم الذي صحت عقيدته وسلوكه كما بينتم الذي يخشى الله ويخاف لله تعالى .
النبي صلى الله عليه وسلم هو المعصوم فقط و ليس ذلك لأحد من البشر :
الدكتور راتب :
قبل ذلك قيل : الفضيلة وسط بين طرفين ، الشجاعة شجاعة والتهور نقص ، والجبن نقص ، ومعظم الفضائل في وضع وسطي هو الصحيح ، هناك تطرف إيجابي وتطرف سلبي .
الأستاذ بلال :
النبي صلى الله عليه وسلم هو المعصوم والعالم ليس معصوماً .
الدكتور راتب :
لماذا عصمه ؟ لأن الله أمرنا أن نأخذ منه ، فإن لم يكن معصوماً وفعل شيئاً خلاف الأولى وطبقنا ذلك الشيء وقعنا في الخطأ ، لأنه مشرع ، ولأنه معصوم ، قال تعالى :
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾
شيء آخر ، قال تعالى :
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
الأولى أقواله ، والثانية أفعاله ، والثالثة إقراره وصفاته ، وهو مشرع .
الأستاذ بلال :
فإذا أخطأ العالم فهل نغفر قليل خطئه ؟
الدكتور راتب :
والله أنا بعمري الدعوي المتواضع كلما سمعت عن عالم جليل له مقام كبير عند الله وعنده زلة بكل بساطة ، وبكل راحة نفسية أقول : هذا من عدم عصمته وانتهى الأمر ، لا تكبرها، لا يوجد معصوم في حياتنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لو رأيت عالماً له مكانة كبيرة زلت قدمه في فتوى أو في موقف ، طبعاً النسبة قليلة جداً جداً ، ليس معظم فتاويه ، فهذا من عدم عصمته والأمر انتهى .
الأستاذ بلال :
وهل من فضل للعالم على العابد ؟
الفرق بين العالم و العابد :
الدكتور راتب :
مسافة كبيرة جداً ، العابد مقلد ، معنى مقلد أي عنده هشاشة لمقاومة الفتن ، الفتنة مغرية وذات قوة كبيرة مؤثرة ، فإذا لم يكن عنده علم عميق إذاً عنده هشاشة لمقاومة الفتن ، في الأحوال العادية ممكن أن ينجو ، بعصور غير هذه العصور ، بعصور الالتزام والطاعة والدين مهيمن ، حيث أن المروءة والخجل وقيم الدين قوية جداً ، الآن الفتن لا تعد ولا تحصى ، الآن يوجد إغراءات وصوارف عن الدين وعقبات ، والصوارف كثيرة ومغرية والعقبات كثيرة ومخيفة ، الآن وضع آخر ، فلذلك على الإنسان في آخر الزمان أن يطلب العلم وإلا لا تقاوم عقيدته التقليدية شهواته .
الأستاذ بلال :
أحسن الله إليكم سيدي وجزاكم عنا كل خير .
أخوتي الأكارم ؛ ما زال في حديثنا عن قيم الإسلام في التعامل مع العلماء والوجهاء شيء يسركم فلا تذهبوا بعيداً ...
عدنا من جديد لنتابع الحديث عن قيم الإسلام في التعامل مع العلماء والوجهاء .
أستاذنا الفاضل كنا قبل الفاصل تحدثناعن موضوع وذكرنا قول ابن رجب رحمه الله تعالى إذ يقول : " والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه " . فلو وردنا هفوة من عالم جليل له قدر عقيدة وسلوك ، وردنا هفوة والآن وسائل التواصل الاجتماعي تنشر السيئات قبل الحسنات ، ما موقف المسلم من هفوة العالم ؟
موقف المسلم من هفوة العالم :
الدكتور راتب :
والله هذه الهفوة إن ذكرت مرة واحدة نتجاوزها ، أما إذا ذكرت مرات عديدة فنحن عندنا موقف الأمانة ، تقتضي الأمانة أن ننصح هذا العالم ، فلنذهب إليه وعلى انفراد ، سيدي هذه النقطة هناك آية تخالفها ، أتمنى عليك أن تصحح هذا الموضوع من قبلك ، فأنت دع العالم نفسه يقول ، هناك أخ اتصل بي ولفت نظري لشيء ، أو أنا أراجع الكتب والمراجع وجدت هذا الشيء خلاف الأولى ، فأنت دع العالم يصحح خطأه ، تكون قد خدمت أتباعه وخدمته ، أما تروج الخطأ بأوساط عديدة فهذا العمل لا يليق بالمؤمن الصادق ، له مكانته ، وهناك من ينتفع به ، أنت إذا أقنعت من حوله بتركه عندك البديل ؟ لا يوجد عندك البديل ، ضيعتهم ، الكلام عن العلماء يحتاج إلى حكمة بالغة بالغة ، حتى هذا الإنسان الذي يقدم شيئاً من أعماق أعماقه إذا قدم فتوى غير صحيحة ننبهه ؛ هذه الفتوى التي تفضلتم بها هذه فتوى أخرى وهذه أدلتها اقرأها فيتراجع ، إذا كان مخلصاً يتراجع .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل هذا النصح لله ولرسوله ، تحدثنا عن القيمة الأولى وهي احترام العالم بحيث لا نقدسه ولا نستخف به ، ثم تحدثنا عن القيمة الثانية وهي النصح له .
الابتعاد عن التقليد الأعمى و الخضوع بلا محاسبة :
الدكتور راتب :
ما من أحد أكبر من أن يُنقد ، وما من أحد أصغر من أن يَنقد ، أنت عندا تهيئ طالب علم جريئاً ؛ صلى النبي فرض العصر ركعتين فقال أحدهم ذو اليدين : يا رسول الله أقصرت أم نسيت ؟ قال : كل ذلك لم يكن ، قال : بعضه قد كان ، من أضعف الصحابة وأقلهم شأناً ، النبي سأل فإذا فعلاً صلى ركعتين قال : إنما نسيت كي أسن .
على كلّ النبي صلى الله عليه وسلم ما علم أصحابه الخضوع ، بعض الصحابة عندما كانوا في سرية ، وأمّر عليهم أنصاري فقال : أضرموا ناراً عظيمة ، ثم قال : اقتحموها ، قالوا : إنما آمنا بالله فراراً منها كيف نقتحمها ؟ قال : ألست أميركم ؟ قالوا : بلى ، قال : أليست طاعتي طاعة رسول الله ؟ قالوا : بلى لكن لا نقتحمها ، فلما عرضوا هذا على رسول الله - الآن دقق كان الجواب تقشعر منه الأبدان - قال : والله لو اقتحمتموها لازلتم فيها إلى يوم القيامة ، إنما الطاعة في معروف .
هناك مبادئ و عرف و معروف و منكر و فطرة و أشياء تخالف الفطرة ، إنما الطاعة في معروف ، يؤكد هذا المعنى قول الله عز وجل :
﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾
إذاً الإسلام ما ربى المسلمين على التقليد الأعمى ، على الخضوع بلا محاسبة ، قال تعالى :
﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ﴾
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل هذا الحق السادس أنتم دخلتم به فهو حق الطاعة ويحضرني هنا قوله تعالى :
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾
من أولو الأمر ؟ وهل طاعتهم واجبة ؟
طاعة العلماء والأمراء تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله :
الدكتور راتب :
قبل ذلك حينما قال تعالى :
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾
لها معنى ، وقوله تعالى :
﴿ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ﴾
منفرداً استقلالاً ، هناك أشياء أمر بها النبي لو بحثت عنها فلن تجد أصلها في القرآن ، ينبغي أن تطيع الرسول ، هذه واحدة ، أولو الأمر منكم عند الشافعي العلماء والأمراء ، والشيء الدقيق العلماء يعلمون الأمر ، والأمراء ينفذون الأمر ، كأن تقول : سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية ، قال تعالى :
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ﴾
أي تنازعتم مع علمائكم أو مع أمرائكم ، كأن هذا الشيء يقع ، هناك عالم أفتى فتوى لم تكن مقبولة عند معظم الناس ، وهناك حاكم أصدر قانوناً لم يكن مطابقاً للشريعة ، قال تعالى:
﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾
حينما يحيلك الله إلى الكتاب والسنة ، ماذا يعني ذلك ؟ الله خالق الأكوان يحيل عباده المؤمنين إذا تنازعوا مع علمائهم أو أمرائهم إلى كتابه وسنة نبيه ، معنى ذلك أن هذا الشرع استوعب كل قضايا الناس إلى يوم القيامة ، هذا دليل قطعي على أن أية قضية في عالمنا لا بد من أن نجد حلها في الكتاب والسنة .
الأستاذ بلال :
فيما يتعلق بديننا ، أستاذنا الفاضل طاعة العلماء والأمراء ليست طاعة استقلالية وإنما تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله ، الآية الأخرى في الموضوع بعد أن تحدثنا عن حق طاعة العلماء في طاعة الله طبعاً وليست استقلالاً كما تفضلتم يقول تعالى :
﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
لو أن إنساناً استجد معه شيء فمن الأدب القرآني والتوجيه القرآني أن يتجه إلى العالم ويسأله .
السؤال مفتاح العلم :
الدكتور راتب :
لأن مفتاح العلم السؤال ، ولأن الله عز وجل جعل هؤلاء العلماء منارات للأمة ، إذا التبست عليك قضية : فاسألوا أهل الذكر ، إنسان عنده آلة غالية جداً ونفعها كبير ، والتبس عليه شيء بآليتها ، يسأل الخبير ، لصالحه الدنيوي يسأل فكيف للآخرة ؟ لذلك السؤال دليل صدق ، الذي يسأل إنسان صادق ، والذي لا يعبأ عدم اهتمامه بالموضوع دليل ضعف إيمانه ، قال تعالى :
﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الذين يعلمون بالقرآن ، الذكر هو القرآن بآيات كثيرة .
الأستاذ بلال :
فإذا كان الموضوع دنيوياً فمن هم أهل الذكر ؟
الدكتور راتب :
الخبراء من المؤمنين ، يكون خبيراً ، و لا يقتنع بحرمة الربا ، يقول لك : ضعوا المال في البنك بفائدة ، أهل الذكر الخبراء من المؤمنين .
الأستاذ بلال :
في قضايا الدنيا في قضايا الدين علماء الأمة المشهود لهم بالصلاح .
الدكتور راتب :
والسؤال دليل ورع ، والسؤال طلب علم .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
(( العُلماءَ وَرَثَةُ الأنبياء ، وَإِنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثُوا دِينارا ولا دِرْهما ، وَرَّثُوا العلم ، فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظّ وَافِر ))
وكأنه يشير إلى أن العلم خير من المال .
تفضيل العلم على المال :
الدكتور راتب :
يا بني العلم خير من المال ، لأن العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ، يا بني مات خزان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل وكأني لمحت من قولكم : العلم يزكو على الإنفاق أن هناك قيمة للعالم ، تحدثنا عن قيمة الإنسان العادي مع العالم ، عبادة العالم هي أن يزكي علمه بإنفاق العلم ؟
الدكتور راتب :
الحقيقة يزكو ، يثبت ، قضية أنت قرأتها وتأثرت بها ، أنت حينما تلقيها على من حولك يزداد حفظك لها ، إذا ألقيتها مرة ثانية تفهم أبعاداً لها جديدة لم تكن قد فهمتها من قبل ، فالعلم يزكو على الإنفاق .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل العلماء كثر والناس اليوم اختلط عليهم الأمور ، وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام يخرج على الشاشة ما هب ودب ، كيف يميز الإنسان العالم الحقيقي؟
طلب العلم مقياس لمعرفة العالم الحقيقي :
الدكتور راتب :
لو أن أمامك عشرة أثواب من القماش ، وكل ثوب مكتوب عليه عدد أمتاره بلصاقة، فلو أن واحداً همس في أذنك أن هذه الأرقام غير صحيحة ما الحل ؟ يكون عندك يارد، يارد خشبي تقيس هذه الأثوابفالبطولة أن تملك المقياس لتقيس له ، فالذي لا يطلب العلم ما عنده مقياس ، يؤخذ بالفصاحة ، يؤخذ برفع الصوت ، يؤخذ بأشياء طريفة ، فهناك أمور كثيرة يؤخذ بها الناس من بعض العلماء لكن عندهم فتاوى خطيرة ، توجيهاً غير صحيح ، فأنت إذا طلبت العلم صار عندك مقياس تقيس به الذي تأخذ عنه .
خاتمة و توديع :
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً أستاذنا الكريم ، وأحسن إليكم ، وأنتم أخوتي الكرام لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الطيب إلا أن أشكر لكم حسن متابعتكم ، سائلاً المولى جلّ جلاله أن ألتقيكم في أحسن حال مع الله ومع خلقه ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .