وضع داكن
19-04-2024
Logo
درر 2 - الحلقة : 14 - حقوق الخدم - قيم الإسلام في التعامل مع الخدم ، كيف يتعامل المسلم مع الخدم ؟ وما حق الخادم ؟ و كيف نعلمهم دينهم ؟ .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الأستاذ بلال :
السلام عليكم ؛ يقول أنس رضي الله عنه :

(( خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- عَشْرَ سِنِينَ وَاللَّهِ مَا قَالَ لِى أُفًّا قَطُّ وَلاَ قَالَ لِى لِشَىْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا ؟ وَهَلاَّ فَعَلْتَ ؟))

[مسلم عن أنس بن مالك]

كيف يتعامل المسلم مع الخدم ؟ أليس من حق الخادم أن يأخذ حقه كاملاً غير منقوص ؟ كيف نعلمهم أحكام دينهم ونأخذ بيدهم إلى الله تعالى ؟ هل يجوز أن نكلفهم ما لا يطيقون ؟ وما ضوابط ذلك ؟ ما الأمور الواجب اتخاذها فيما يتعلق بالمحارم والأعراض مع الخدم ؟ هذه الأسئلة وغيرها تجدون الإجابة عليها بعد قليل في درة اليوم من درر الشريعة الغراء حيث نتحدث عن قيم الإسلام في التعامل مع الخدم .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على سيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أخوتي الأكارم ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، في مبتدأ حلقة جديدة من برنامجكم درر ، حيث نتناول في كل حلقة من حلقاته درة من درر الشريعة الغراء في قيم الإسلام في التعامل بين أفراد المجتمع ، بداية يسرني أن أرحب باسمكم جميعاً بفضيلة أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الكريم نحن اليوم في هذه الدرة ، وفي هذه القيم التي نتعلمها من الإسلام نريد أن نتحدث عن قيم الإسلام في التعامل مع الخدم ، كثير من البيوتات تحتاج إلى خادم يخدمهم ، أو خادمة تخدمهم ، أو سائق يقود مركبتهم ، أو عامل للتنظيف ، أو شيء ممن ييسر لهم باب الرزق هذا في خدمة الناس ، لكن هناك مخالفات كثيرة يقع بها الناس في التعامل مع الخدم ، فنريد أن نتحدث اليوم عن قيم الإسلام في التعامل مع الخدم ، وأبدأ بالقيمة الأولى وهي حسن المعاملة ، فهذه قيمة يفتقدها البعض في التعامل مع الخدم ، يقول أنس رضي الله عنه وكان خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ وَاللَّهِ مَا قَالَ لِى أُفًّا قَطُّ وَلاَ قَالَ لِى لِشَىْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا ؟ وَهَلاَّ فَعَلْتَ ؟))

[مسلم عن أنس بن مالك]

ما هذه الأخلاق ؟ وكيف يمكن أن نحسن المعاملة مع الخدم ؟

 

قيم الإسلام في التعامل مع الخدم :

1 ـ حسن المعاملة :

الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
هناك آية جامعة مانعة دقيقة جداً ، قال تعالى :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران: 159 ]

أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً لهم ، فلما كنت ليناً لهم أحبوك ، و التفوا حولك ، وكانوا عوناً لك ، وكانوا حراساً لك ، وكانوا موالين لك ، دقق ولو كنت فظاً غليظاً لانفضوا من حولك ، أي حينما تتصل بالله أيها الإنسان يمتلئ قلبك رحمة ، هذه الرحمة تنعكس ليناً ، هذا اللين يجعل من حولك من أتباعك ، من موظفيك ، من خدمك ، يلتفون حولك ، يحبونك ، يخلصون في خدمتك ، يكونون حراساً لك ، قال تعالى :

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران: 159 ]

ولو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة ، ولانعكست القسوة غلظة وفظاظة ، عندئذ ينفضوا من حولك ، هذه الآية يحتاجها الأب والأم ، والأخ الأكبر والأخت الكبرى ، والعم والخال، ومعلم المدرسة والمدرس ، والأستاذ الجامعي ، ورئيس الدائرة ، ويحتاجها الناس جميعاً من الخفير إلى الأمير أبداً ، قال تعالى :

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[سورة آل عمران:159]

قصص كثيرة جداً عن انتحار الخادمات ، لا تحتمل ، قسوة ما بعدها قسوة ، حرمان من الطعام ، الأكل القديم تجبر أن تأكل منه فقط ، يكون هناك وليمة طعام طيب طازج لا تأكل منها ، والله هناك قسوة عند بعض السيدات لا يعلمها إلا الله ، والله كبير ، قال تعالى :

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

[سورة آل عمران:159]

أنا أقول لأخواننا الكرام ؛ هذه المرأة ، هذه الفتاة ، أتت من عشرين ألف كيلو متر تركت أهلها وأولادها هي في خدمتكم ، ألا ينبغي أن تجد قلباً رحيماً ؟ معاملة طيبة ؟ دخلاً معقولاً ؟ تركت أهلها وأولادها ، وجاءت إلينا ، أنا اجتهادي الشخصي لعل أقصر طريق إلى الله عن طريق إنصاف الخدم ، أنا أعرف أشخاصاً كثيرين عندهم خدم بالمعاملة الطيبة أعلنوا إسلامهم ، ثم أصبحوا بأعمال طيبة دعوية ، أعرف صديقاً لي الخادمة أخلصت له كثيراً ، وهو أكرمها كثيراً ، ثم أدخلها معهداً شرعياً ، وتخرجت وهي داعية الآن ، وأحضر أختها ، الخدم أحياناً طريق إلى الله ، طريق إلى الإقبال على الله ، هذا ضعيف ، ويمكن أن تكون قاسياً عليه، المكان لا يحتمل ، الحر لا يحتمل ، عمل مستمر ، حرمان من كل شيء نفيس ، لا يجوز ، أطعموهم مما تأكلون ، ألبسوهم مما تلبسون ، كلفوهم ما يطيقون ، وإن كلفتموهم فوق ما يطيقون فأعينوهم ، الخادم إنسان له مشاعر ، له عواطف ، يا داود ذكر عبادي بإحساني ، فإن القلوب جبلت على حبِّ من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها .
الأستاذ بلال :
جزاك الله خيراً ، أستاذنا الفاضل الحق الأول حسن المعاملة ، وقد أفضتم فيه بارك الله بكم ، لو انتقلنا إلى الحق الثاني وهو حق الأجر ، هذا الخادم ، هذا السائق ، هذا العامل ، الموظف البسيط أنت استأجرته والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :

(( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته ... ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ، ولم يوفه أجره ))

[البخاري عن أبي هريرة]

(( أعطوا الأجير أجره ))

[ابن ماجه عن عبد الله بن عمر]

هذا التأخير في عدم إعطاء الأجير أجره أو إعطائه أجراً غير مناسب ، أو تأخير الأجر كيف يمكن أن نوجه إلى هذه النقطة ؟

2 ـ حق الأجر :

الدكتور راتب :
أنا أحياناً هناك تجارب رائعة جداً ، زرت معملاً من المعامل النسيج ، صاحب المعمل على مستوى من الإيمان عال جداً ، وهذا الكلام لا ليقلد ولكن هذا الذي حصل ، راتب العامل المثيل ستة آلاف أو سبعة ، بالعملة السورية يعطيه عشرين ألفاً ، الوفاء للعمل يفوق حدّ الخيال ، الإنتاج مباع لستة أشهر قادمة سلفاً مدفوع ثمنه ، حقق أرباحاً مذهلة ، العامل ستة آلاف يعطيه عشرين ألفاً ، ماذا قال لي ؟ الفرق مليونا ليرة أو ثلاثة ، أنا أربح أكثر من ذلك بكثير ، أنا عملت العامل شريكي ، الإنسان عندما يكون رحيماً بمن حوله يتلقى من الله العطاء الذي لا يوصف ، هذه الخادمة ليس لها أحد ، ممكن أن تكون قاسياً عليها ، ممكن أن تأكل الأكل القديم دائماً ، ممكن أن تشتغل عشرين ساعة ، ليس لها أحد يناصرها ، عندما أنا أقول لأخوتي الكرام : هذا الخادم عندما تعامله معاملة طيبة صار بابك إلى الله ، الطريق إلى الإقبال على الله ، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي ، العملية أوسع من موضوع خادم أو خادمة ، كل إنسان له منصب قيادي تحته عدة أشخاص ، فحينما يكون وفياً لهم ، يقيم العدل بينهم ، يعطيهم حقوقهم كاملة ، يكرمهم ، يكرم المتفوق أحياناً ، يكون له ولاء كبير جداً ، أنا أقول : أحد أسباب نجاح العمل الإكرام .

أذكر حدثني صديق أن هناك معملاً بعد وفاة صاحبه مال إلى الإفلاس ، زوجته لم تكن مؤهلة إلى أن تدير هذا المعمل ، فاستخدمت خبيراً في إدارة الأعمال ، هذا الخبير لبس لبس العمال ، وأكل معهم ، وسمع متاعبهم ، ما الذي يؤلمهم ؟ وحلّ كل مشاكلهم ، فرجع المعمل للأوج ، فهذا الخادم ، الخادمة ، هذا الموظف ، هذا له حاجات أمِّن له حاجاته ، أكرمه، تقرب إلى الله بخدمته ، عندئذ ترى النتائج مذهلة .
الأستاذ بلال :
جزاك الله خيراً ، وأحسن الله إليكم ، أخوتي الأكارم مازال في حديثنا عن التعامل مع الخدم شيء آخر نتابعه بعد فاصل قصير فلا تذهبوا بعيداً ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أخوتي الأكارم ؛ عدنا إليكم لنتابع الحديث عن قيم الإسلام في التعامل مع الخدم ، أستاذنا الفاضل كنا قد انتهينا قبل الفاصل إلى أمر مهم وهو أن يعطي من استأجر أجيراً أو خادماً أن يعطيه حقه كاملاً غير منقوص ، أريد أن أنتقل إلى الحق الثالث وهو ما يسمى حق الرحمة والشفقة .

((قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِىُّ : كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِى بِالسَّوْطِ فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِى « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ ». فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ - قَالَ - فَلَمَّا دَنَا مِنِّى إِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذَا هُوَ يَقُولُ « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ ». قَالَ : فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِى فَقَالَ « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلاَمِ ». قَالَ : فَقُلْتُ يا رسول الله هو حر لوجه الله ؟ فقال : أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار))

[مسلم عن أبي مسعود]

أنا أريد سيدي أن نبين للأخوة هذه الشفقة التي ينبغي أن يتعامل بها الإنسان مع خادمه ؟ وكيف أن الله عز وجل هو القادر عليك حينما تتسلط على من هو أدنى منك ؟

3 ـ حق الرحمة والشفقة :

الدكتور راتب :
الحقيقة أنت وضعت يدك على جوهر الدين ، سيدنا عمر أراد أن يمتحن راعياً ، فقال له : بعني هذه الشاة وخذ ثمنها ؟ قال : ليست لي ، قال : قل لصاحبها ماتت ، أو أكلها الذئب ، قال : والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟!.
أقول : هذا الراعي وضع يده على جوهر الدين ، فعندنا خادمة أو عندنا موظف من الدرجة الدنيا ، لا يستطيع أن يحاورنا ، ضعيف ، ولكن له إله عظيم ، فأنت حينما ترى أنك أقوى منه هذا خطأ كبير ، الله أقوى من الجميع ، والله قادر أن يدفعك الثمن باهظاً ، أنا أعرف حالات كثيرة جداً من الخادمات اللواتي لم يكن مسلمات فأسلمن من المعاملة الطيبة ، وكأن صاحب البيت هذا صار داعية إلى الله عز وجل ، بالمعاملة الطيبة ، بالرحمة ، بالإنصاف ، بالأمر بالمعقول ، ممكن أن يتركها تعمل عشرين ساعة باليوم ، هذا ليس معقولاً لها راحة ، ترتاح ، تأخذ حظها من الحياة ، أحياناً إن كان لها أقرباء في المدينة أن تزور أقرباءها

الإنسان عندما يكون بقلبه رحمة يسعد ويسعد ، وإن نزعت الرحمة يشقى ويشقي ، فقيل : من أسعد الناس ؟ فكان الجواب من أسعدَ الناس . أسعد الناس من أسعد الناس ، هذه إنسانة .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل هذا ينقلني إلى حق الرابع في حقوق الخدم علينا وهو أن نعلمه أحكام دينه ، هذا الخادم قد لا يصلي ، قد يكون بعيداً عن الله عز وجل ، أليس من حقه علينا أن نأخذ بيده إلى الله وألا ندعه يعمل فقط ؟

4 ـ تعليمهم أحكام دينهم :

الدكتور راتب :
والله لعله أكبر حق علينا ، أنا أقول قوله تعالى :

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[ سورة فصلت: 33 ]

﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[ سورة يوسف: 108 ]

أي الذي لا يدعو إلى الله على بصيرة ليس متبعاً لرسول الله ، هذا الخادم حينما تعامله بإحسان ، يحبك فإذا أحبك أحبّ دينك ، أحبّ استقامتك ، أحبّ طاعتك لله ، والله أعرف أناساً كثيرين الخدم لم يكونوا مسلمين ، بالمعاملة الطيبة الطيبة الطيبة أسلموا ، وكان هذا الخادم في أعلى درجة من درجات السعادة ، أعرف أشخاصاً عندهم خدم فلما انتهت مدة خدمتهم ونقلوا إلى المطار ليسافروا طوال الطريق يبكي هذا الخادم ، أو هذه الخادمة لفراق هذه الأسرة ، المؤمن يشع منه الخير لكل الأصناف ، لكل الطبقات ، لكل الأطراف .
الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل أنتقل إلى الحق الخامس من حقوق الخدم علينا قال : ألا تكلفهم ما لا يطيقون ، أحياناً نجد ظواهر سلبية في بعض المجتمعات ، في فصل الشتاء والبرد خادمة امرأة تقف تنظف السيارات أمام الدار ، أو تقف لتنظف النوافذ من خارج الشرفة في وضع خطر جداً ، النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

(( ... إِخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدَيْهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ عَلَيْهِ ))

[ متفق عليه عن الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ]

إلى أي حدود يكون التكليف ؟ هل يقيسه على أبنائه ؟ على أقاربه ؟ كيف يكلفهم ؟

 

5 ـ عدم تكليفهم ما لا يطيقون :

الدكتور راتب :
اسمح لي أن أقول هذه الكلمة ؛ قد تقبل أو لا تقبل ، إن كنت مؤمناً حقاً ينبغي أن تعامل هذا الخادم ، أو هذه الخادمة كما تعامل ابنتك ، أنا هذا إيماني - لعلها غير مقبولة - أن تعامل إنساناً في خدمتك ، يجب أن تطعمه ما يشتهي ، أن تعينه على أعماله الصعبة ، أن ترحمه إذا أخطأ ، أن تعفو عنه أحياناً ، أن تقربه من الله أحياناً أخرى ، فهذا الخادم كمؤمن يحب الله ورسوله ، يبتغي وجه الله ، يسعى للدار الآخرة ، ينبغي أن يعامل هذا الخادم كابنه أو كابنته .
أنا مرة كنت في محل تجاري - يبدو أنه محل أقمشة - فحمّل هذا الصانع وهو شاب أول توب ، وثاني توب ، وثالث توب ، فلم يعد يستطيع فقال له : أنت شاب ، احمل ، حمل ابنه توباً واحداً ، قال له : لا يا بني ظهرك ، نظرت هكذا بكل وقاحة ، هذا لأنه خادم عندك أو موظف بسيط و قد يكون يتيماً تحمّله توباً و اثنين و ثلاثة و أربعة وابنك حمل توباً واحداً فلم تتحمل أن تراه هكذا ، أنا أقول : الذي يقيس بمقياسين عند الله منته يقيناً ، أقول : الذي يقيس بمقياسين عند الله منته . هذا إنسان وله أب وأم ، وجاء من بلاد بعيدة يخدمك ، الذي يتعامل مع الآخرين بمقياسين يسقط من عين الله .
أذكر مرة أن إنساناً أمضى السهرة بأكملها في الحديث والسخرية من أم زوجته ، في اليوم التالي تكلمت عن أمه كلمة أقام عليها الدنيا ، هذا اسمه عندي : عنصري ، يسقط من عين الله ، عندما تتخذ مقياسين مختلفين في موضوع واحد فأنت لا شأن لك عند الله ، قال تعالى:

﴿ لَهُم صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ ﴾

[ سورة الأنعام : 124 ]

﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾

[ سورة الكهف : 105]

وماذا نعاني نحن من الدول الكبرى ؟ أنها تقيس بمقياسين ، بكل شيء مقياسان .
الأستاذ بلال :
جزاكم الله خيراً ، أستاذنا الفاضل الضابط في التعامل مع الخدم ما تكلف به ابنك أو نفسك كلفه به ، ما لا تحتمله أنت فلا تحمله لغيرك ، فهذا جاء ليخدمك بما يستطيع .
أريد أن أنتقل إلى الحق الأخير وهو حق مهم أو قيمة مهمة في التعامل وليس حقاً ولكنه قيمة مهمة في التعامل مع الخدم في الإسلام ، البعض يتساهل في قضية العورات ، وقضية النساء في وجود الخادم أو الخادمة ، وكأنه أصبح من أهل البيت ، لا حجاب ، وتساهل من المرأة وأحياناً من الرجال في العوارت وغيرها ، أريد توجيهاً في هذا المجال .

 

معاملة الخادم أو الخادمة وفق أصول الشرع :

الدكتور راتب :
والله لأني أعمل في الدعوة عندي قصص من سلبيات في حياة الناس الاجتماعية تفوق حدّ الخيال ، هذا خادم لكن الخادم له شهوة ، وهذه بنت ترتدي ثياباً فاضحة فصاحب البيت يشتهيها ، هذه قضية دقيقة جداً ، الخدم لهم تعامل حسب الشرع ، لأنه خادم يدخل علينا متى شاء ، ينظر إلى البنات بأبهى زينة ، هذه مشكلة كبيرة ، طبعاً الخادم والسائق أحياناً ، فإذا كان هناك تساهلات فبعد التساهلات فضائح ، وقد تهز كيان الأسرة ، لذلك دائماً وابداً اسأل أين الخلل ؟ تواجه مشكلة أين الخلل ؟ الخطأ قد يكون من صاحب البيت من تساهله ، عندنا للعوام عبارات مرفوضة : مثل أخي ، لا ليس مثل أخيك ، وهذه مثل أختي ، هاتان الكلمتان غير صحيحتين ، هذه امرأة أجنبية تشتهى .
الأستاذ بلال :
حتى الخادمة ينبغي أن تحجب .
الدكتور راتب :
سيدي قصص لا تعد ولا تحصى الذي يطالع يجب أن هناك قصصاً لا تعد ولا تحصى ، أنا أقول كلمة دقيقة : ما من أمر أمر الله به ، وما من نهي نهى الله عنه إلا والنتائج لا تصدق ، من السلبيات عند المعصية ومن الإيجابيات عند الطاعة ، أي مستحيل أن تطيعه وتخسر ، أو أن تعصيه وتربح .

خاتمة و توديع :

الأستاذ بلال :
أستاذنا الفاضل جميل هذا ملخص الملخص جزاكم الله خيراً ، وأحسن إليكم أستاذنا الكريم ، وأنتم أخوتي الكرام لم يبق لي في نهاية هذا اللقاء الطيب إلا أن أشكر لكم حسن متابعتكم ، سائلاً المولى جلّ جلاله أن ينطبق واقعاً عملياً في حياتنا ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور