وضع داكن
18-04-2024
Logo
ومضات في آيات الله - الدرس : 14 - قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

أصناف الناس:

 أيها الأخوة الكرام, إنسان سأل عالماً عن مقدار الزكاة، هذا العالم قال له: عندنا أم عندكم؟ قال: يا سيدي ما عندنا وما عندكم؟ دين واحد قال: أما عندكم فاثنان ونصف بالمئة، أما عندنا فالعبد وماله لسيده.
 إشارة بهذا القول: إلى أن صنفاً من الناس وهَبوا أعمارهم وأموالهم وأوقاتهم وجهدهم لله عز وجل، هؤلاء ذكروا في القرآن الكريم بأنهم:

﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾

[سورة الواقعة الآية: 10-11]

 -هؤلاء أشير إليهم من خلال هذه الآية:

﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾

[سورة طه الآية: 41]

 عامة المؤمنين المستقيمين الملتزمين يعملون، ويتاجرون ليكسب المال، ويأكلون، ويستمتعون ، ويصلون، ويصومون، ويحجون، ويؤدون الزكاة، هذا الصنف من أصحاب اليمين، أما-:

 

﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾

[سورة الواقعة الآية: 10-12]

 هؤلاء الذين أشير إليهم من قوله تعالى:

﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

[سورة الأنعام الآية: 162]

من هو المؤمن الصادق؟ :

 فالمؤمن الصادق إن أراد أن يكون طموحاً, يهب علمه لله، يختار فرعًا يعينه على نشر الحق، يختار حرفة يقدم من خلالها للمسلمين أعمالا صالحة، يدخل الدار الآخرة في كل حساباته، كيف أن الهدف إذا كان واضحاً وضوحاً شديداً، فكل الجزئيات تنسجم مع هذا الهدف ؟.
 فهذه الآية:

﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

[سورة الأنعام الآية: 162]

 وآية:

 

﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾

[سورة الواقعة الآية: 10-11]

 وآية:

﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾

[سورة طه الآية: 41]

 أنت لي.

 

متى يحقر الإنسان نفسه؟ :

 بالمناسبة يقولون: الماء للتراب، والتراب للنبات، والنبات للحيوان، والحيوان للإنسان ، والإنسان لله، وحينما تكون لغير الله تحتقر نفسك، بدليل قول الله عز وجل:

﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾

[سورة البقرة الآية: 130]

 لا يليق بك كمخلوق كرمك الله، وسخر لك ما في السموات والأرض، وكلفك أن تعبده، وتحبه، لا يليق بك أن تكون لغير الله، وحينما تكون لغير الله تسقط من عين الله، ولأن تسقط من السموات إلى الأرض فتحطّم أضلاعك, أهون من أن تسقط من عين الله، لا يليق بك لأن تكون لغير الله.

 

ما معنى الآية؟ :

﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾

[سورة الأنعام الآية: 162]

 بتفصيل أدق: زواجي، وإنجاب أولادي، وسكني، وحرفتي، ووقت فراغي، وقوتي، ومالي، وصحتي، وذكائي، وقلمي، واختصاصي لله رب العالمين، هذه مرتبة عالية أشير إليها :

﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾

[سورة طه الآية: 41]

 أنت يا موسى لي! لذلك المؤمن إذا طمح لمقام عال عند الله, يكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وقته لله.

قصة :

 أذكر قصة: إنسان دخل مسجدًا، وضع معطفه على مشجب، وتوضأ، فَقَدَ المعطف، وفيه مبلغ كبير، وهو من بلدة بعيدة في الشمال، دخل على إنسان، وطلب منه مئتي ليرة فقط فطرده، وهو يصلي في المسجد، ما قيمة صلاتك وعبادتك إن لم يكن في قلبك رحمة؟؟!!.
 أحياناً الإنسان يقسو، ودائماً إن لم تثمر العبادة رحمة بالخلق، وإنصافاً، وتواضعاً، وعملاً صالحاً فلا قيمة لها إطلاقاً، فالمحصلة تعاون، وبذل، وتضحية، وانضباط، وتواضع، فهذا الذي تردد عشر ثوان في بذل روحه, هبط مقامه عند الله عز وجل، ونحن نتردد في حضور درس، وفي النطق بكلمة حق، وفي موطن دقيق.

خذ هذه الآية شعاراً لك في حياتك :

 أيها الأخوة, هذه الآية يجب أن تدع في نفوسكم أثراً بليغاً:

﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾

[سورة طه الآية: 41]

 ممكن أن يكون كل وقتك لله عز وجل، وكل إمكاناتك، وطاقاتك، ومواهبك لله بحكمة، ليس لك حظ نفسي، هذه مرتبة عالية، فرمضان قد يكون شهر توبة لواحد، وشهر رقي لواحد، وشهر تألق لواحد، فكن طموحاً:

﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾

[سورة طه الآية: 41]

 أنت لست نبياً، لكن تجد المؤمن وقته كله لله، لا يرد طلبًا لأهل الحق، فهو في خدمة الحق، وقته, وليله, ونهاره.

 

عبادة عمر:

 سيدنا عمر جاءه رسول من أذربيجان، وصل المدينة في منتصف الليل، فكره أن يطرق باب أمير المؤمنين، فدخل المسجد، فسمع صوتاً يناجي يقول: يا رب, هل قبلت توبتي فأهنئ نفسي، أم رددتها فأعزيها؟ فقال: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عمر، قال: يا سبحان الله ! ألا تنام الليل؟ قال: إني إن نمت ليلي كله أضعت نفسي أمام ربي، وإن نمت نهاري أضعت رعيتي، إن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل.

اغتنم هذه الفرصة في رمضان :

 فنحن في عبادة إن شاء الله، وفي قيام ليل، وفي قيام التراويح، وفي شهر صيام، شهر التوبة ، ولا تنسوا هذا الحديث:
 صعد النبي -عليه الصلاة والسلام- المنبر فقال:

((آمين، صعد الدرجة الثانية فقال: آمين، صعد الدرجة الثالثة فقال: آمين، فقالوا له: علام آمنت يا رسول الله؟ قال: جاءني جبريل فقال لي: رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يُغفر له، -إن لم يُغفر له فمتى؟-, ورغم أنف عبد أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة، ورغم أنف عبد ذكرتَ عنده فلم يصلّ عليك))

 نحن في شهر رمضان، هذه فرصة، أن تفتح مع الله فرصة جديدة .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور