- العقيدة الإسلامية
- /
- ٠7حقائق الإيمان والإعجاز
المعاني التي ينطوي عليها القرآن الكريم لا يمكن أن تصل إليها إلا إذا كنت طاهراً:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد وهو الدرس الرابع عشر من دروس حقائق الإيمان والإعجاز العلمي، لازلنا في موضوع القرآن الكريم، والموضوع اليوم كيف نفهم هذا الكتاب العظيم ؟
الحقيقة أن هناك آيات تؤكد أن الإنسان إن لم يكن مؤمناً بالحد الأدنى لا يمكن أن يفهم هذا الكلام، لقوله تعالى:
﴿ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى (44) ﴾
﴿ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) ﴾
بل إن الله عز وجل حينما قال:
﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) ﴾
هذه اللا ليست ناهية ولكنها نافية، لو أنها ناهية لفك الإدغام، لو أنها ناهية تفيد النهي، لكانت الآية لا يمسسه الفعل المضارع المضعف الآخر إذا جزم فك إدغامه، فالمعنى لو أن اللا ناهية لا يمسسه، أما لأن هذه اللا ليست ناهية أي ليست جازمة هي نافية ليس لها عمل نحوي، الآية جاءت ﴿ لَا يَمَسُّهُ ﴾. فاللا تنفي كيف ؟ للتقريب طريق موضوع لوحة ممنوع المرور لكن الطريق مفتوح وسالك وبإمكان أي إنسان ألا يعبأ بهذا النهي لكن يدفع الثمن في مخالفة والآن باهظة جداً، هذا هو النهي في لوحة وفي نهي لكن بإمكانك أن تعصي، أما لو وضعت على هذا الطريق أربعة مكعبات إسمنتية، ارتفاع المكعب متر على عرض الطريق هذا ليس نهياً، هذا منع، فالمنع شيء والنهي شيء آخر، أنت بالمنع هذا الإنسان لا يستطيع أن يخالف منعته أن يخالف، لكن بالنهي بإمكانه أن يخالف، عندنا لا ناهية، ولا نافية، لا النافية فيها منع أما لا الناهية فيها تحذير، فبعد لا الناهية بإمكانك أن تعصي مقابل هذه المعصية هناك عقاب طبعاً، كقانون المرور الطريق مفتوح لكن ممنوع المرور فإذا مررت فهناك من يحاسبك، أما إذا في مكعبات إسمنت مسلح ارتفاعها متر هذا ليس نهياً هذا منع، فإذا قال الله عز وجل:
﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) ﴾
يعني هذه المعاني التي ينطوي عليها القرآن الكريم لا يمكن أن تصل إليها إلا إذا كنت طاهراً.
من آمن بالله عز وجل انتفع بكتابه:
دليل آخر، القرآن الكريم:
﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) ﴾
لو جاء إنسان من بلاد بعيدة يتكلم لغة التبت مثلاً وقرأت عليه القرآن هل يفهمه ؟
﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) ﴾
القرآن الكريم بالكلام العربي المبين لو قرأه إنسان مجرم لا يفهم منه ولا كلمة، أتيتكم بأدلة لأثبت لكم أن هذا القرآن الكريم ينتفع به المؤمن، ينتفع به الطائع، ينتفع به المخلص، لذلك من أروع ما قال الصحابة الكرام: لقد عشت برهة من دهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن.
كل شيء في الكون ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله:
إن آمنت بالله الآن تنتفع من كتاب الله، ينبغي أن تؤمن بالله أولاً الترتيب المنطقي هذا الكون هو الثابت الأول، كل شيء فيه ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، كل شيء فيه من دون استثناء ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، فهو الثابت الأول وبإمكانك من خلال العقل الذي أكرمك الله به ومبادئ العقل مبدأ السببية، مبدأ الغائية، مبدأ عدم التناقض، من خلال هذه المبادئ، ومن خلال قوانين الكون، أنت تؤمن بوجود الله، ووحدانيته، وكماله، لكن كيف تؤمن بكتابه ؟ أنا أتمنى على أخوتي الكرام أن يقفوا موقفاً حازماً، هذا الكتاب كلام الله، يعني مرة الإمام الغزالي قال: يا نفس لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها، لا شك أنك تمتنعين، يعني أي إنسان صار معه بوادر أزمة قلبية، وقال له الطبيب:
هذا الطعام لا يناسبك، لابدّ من تغير نظام غذائك كلياً، حرصاً على بقائه وعلى حياته يلتزم، هناك أكلات مغرم بها لا يأكلها، أنا أذكر مرة جالسين في سهرة وهناك حلويات نفيسة جداً لكن فيها دهون عالية، أحد الأخوة الحاضرين طبيب قلب امتنع أن يأكل فلما دعاه صاحب البيت أن يأكل قال: والله أحب هذا الطعام أكثر منكم لكن بحكم عملي من كثرة ما أرى الشرايين مسدودة وعمليات قلب وتوسيع شرايين أكره هذا الطعام.
هذه اسمها كراهة عقلية، فالإنسان أحياناً إذا في شيء يؤذيه ولو أنه يحبه يمتنع عنه، الإمام الغزالي خاطب نفسه قال: يا نفس لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها، لا شك أنك تمتنعين، الآن دقق، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ إذاً فما أجهلك.
طبيب ينهاك عن هذه الأكلة تلتزم، وإله خالق السماوات والأرض ينهاك عن هذا الشيء ولا تنتهي، ماذا عند الطبيب من وعيد ؟ يقول له: لو أكلت المرض يزيد، هذا أقصى ما عند الطبيب، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله ؟ وعيد الإله في جهنم وعيد الطبيب ما في موت لكن المرض يزداد، والله كلمة رائعة جداً، يا نفس لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها، لا شك أنك تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله ؟ إذاً فما أجهلك، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله إذاً ما أكفرك، فكل إنسان يعصي مدموغ بالجهل والكفر.
وقوع الوعد والوعيد دليل أن هذا القرآن الكريم كلام الله:
أيها الأخوة، من أدلة أن القرآن الكريم كلام الله تحقق الوعد والوعيد، كلكم سمع عن انهيار النظام المالي العالمي، نظام بالوصف السابق عملاق يأخذ به العالم كله، قروض ربوية بلا حدود، الديون تباع بلا حدود، النمو مخيف، كل شيء يزداد سعره، الأغنياء حققوا أرباحاً خيالية، فجأة هذا النظام انهار، انهار في العالم كله، الآن هناك مشكلة بالعالم لم يصب بمثلها من عام ألف و تسعمئة وتسعة وعشرين، يعني تقريباً من ثمانين سنة لم يصب العالم بأزمة كهذه الأزمة، انهيارات مالية، إفلاس شركات عملاقة، شركات السيارات في أمريكا عملاقة على وشك الإفلاس، شركات السيارات في أوربا أفلست وأغلقت أبوابها ديون، ماذا قال الله عز وجل ؟
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا (276) ﴾
ما دليل أن هذا القرآن الكريم كلام الله ؟ وقوع الوعد والوعيد:
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا (276) ﴾
الله عز وجل يقول:
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
نحن عندنا معطيات جديدة، عندنا جيوش عملاقة، عندنا جيش يسمى أكبر قوة ضاربة في الشرق الأوسط، عندنا جيش ترتيبه الرابع في العالم، عندنا جيش من حيث تنوع الأسلحة يعد الأول في العالم، معقول عشرة آلاف مقاتل مؤمن مستقيم، يتلو كتاب الله، يصلي قيام الليل، يعد العدة المتاحة ويقف في وجه هذا الجيش ؟ يعني الذين تعاونوا مع العدو أعطوه ثلاثة أيام لا ينطقون بكلمة، بكلمة، جهة رابعة أعطتهم أسبوعاً، أما العدو طلب يوماً واحداً، بيوم واحد ينهي الموضوع، ثمانمئة هدف قصف في يوم واحد، ومضى أول يوم والأمر ما انتهى وما صار استسلام، واليوم الثاني، واليوم الثالث، واليوم السابع، والأسبوع الثاني، والأسبوع الثالث، وما تحقق ولا هدف والصواريخ مستمرة حتى الآن:
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾
أين الجيش العملاق ؟ أين أقوى قوة ضاربة في الشرق الأوسط ؟ هذه المرة الثانية بعد جنوب لبنان، أين أول جيش في العالم من حيث الأسلحة ؟ أكبر دليل على أن هذا القرآن الكريم كلام الله وقوع الوعد والوعيد:
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾
نهي النبي عليه الصلاة و السلام عن بيع الدين:
صدقوا أيها الأخوة، الآن خبراء العالم الكبار الاقتصاديون يدرسون جدياً النظام المالي الإسلامي، يعني النبي عليه الصلاة والسلام كلمة قالها، نهى عن بيع الدين، هذا النهي ليس من خبرته، ولا من اجتهاده، ولا من تصوره، ولا من معطيات عصره، ولا من رأيه، ولكنه وحي يوحى، أول بنك أعلن إفلاسه هو أكبر بنك في العالم، عمره مئة وخمس وخمسون سنة، ومرت أزمات طاحنة لم يتأثر بها هذا البنك يشتري الديون، يعني أنت عندك شركة سيارات بائع بمئة مليون سيارات، معك سندات كلها بالتقسيط، صاحب هذه الشركة يأتي لهذا البنك يبيعها السندات قيمتها مئة مليون يعطيه تسعين مليوناً ما عاد له علاقة، البنك يبيع الدين مرة ثانية، وثالثة، ورابعة، وخامسة، وسادسة، الدين يباع خمسين مرة، هذا البنك العملاق الذي هو أكبر بنك في العالم، وأقدم بنك في العالم، وأكثر البنوك صموداً أمام الأزمات انهار وفلس على سبعمئة مليار:
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا (276) ﴾
وقوع الوعد والوعيد.
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:
أيها الأخوة، الكون ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، والقرآن دليله القوي وقوع الوعد والوعيد، وهناك دليل آخر لا يقل عنه قوة إعجازه العلمي، يعني الإنسان صعد إلى القمر في هذا القرن، رائد الفضاء لما تجاوز خمسة وستين ألف كيلو متر طبقة الهواء صاح رائد الفضاء في مركبته لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، لأنه كان ضمن الهواء في شيء اسمه انتثار الضوء، أشعة الشمس حينما تسلط على الهواء ذرات الهواء تعكس بعض الأشعة على ذرات أخرى، لم تصبها أشعة الشمس، في الأرض شيء اسمه ضياء، وشيء اسمه أشعة، في مكان تجد أشعة الشمس، هذه الظاهرة الفيزيائية المتعلقة بالضوء اسمها انتثار الضوء، لما رائد الفضاء تجاوز طبقة الهواء والهواء انتهى ما عاد في انتثار ضوء فصاح بأعلى صوته، لقد أصبحنا عمياناً لا نرى شيئاً، نفتح كتاب الله الذي نزل على قلب سيد المرسلين قبل ألف وأربعمئة عام وتقرأ قوله تعالى:
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾
هذا الإعجاز، تركب طائرة أحدث طائرة مقاعد وثيرة يمكن أن تصبح سريراً كامل مستوي، الجو مريح، كل شيء أمامك، القنوات كلها، الأخبار، العصير، الصحف، المجلات، الجو مريح على ارتفاع ثلاثة وأربعين ألف قدم، تفتح القرآن الكريم بسورة النحل تقرأ قوله تعالى:
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾
قارئ القرآن الكريم هو يركب طائرة، راكب شيء غير معقول، لو كان هذا القرآن الكريم كلام سيدنا محمد تنتهي الآية هنا:
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾
هذا هو العصر، هذه معطيات العصر، فإذا قال الله عز وجل:
﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
دخل فيها الطائرة والباخرة والحوامة، كل شيء دخل فيها والسيارة، فالقرآن أحد أدلة أنه كلام الله وقوع الوعد والوعيد:
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾
القرآن الكريم ربيع المؤمن تؤخذ معانيه ممن يعانيه:
الله عز وجل أعطانا جرعة منعشة، الله موجود، والإيمان بالله يلغي المعادلات المادية، والله يعد وعده حق ووعيده حق، أيها الأخوة، لكن هناك عبارة قرأتها في كتاب إعراب القرآن الكريم للإمام العكبري، الإمام له كلمة لكن مؤثرة جداً قال: تؤخذ ألفاظه من حفاظه، وتؤخذ معانيه ممن يعانيه. يعني إذا الإنسان له مع الله تجربة منيب إلى الله، يدعو ربه، يستغفره، يتوجه إليه، الله يعامله معاملة متميزة يذوب محبة لله، فإذا قرأ المؤمن كلام الله تذوب نفسه:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) ﴾
فهذا القرآن ربيع المؤمن فتؤخذ معانيه ممن يعانيه، يعني المؤمن إذا قرأ القرآن يبكي، المؤمن إذا ذكر الله وجل قلبه:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2) ﴾
الفرق الكبير بين فهم آيات الله عز وجل و بين أن يعيشها الإنسان:
أيها الأخوة، لذلك تؤخذ ألفاظ القرآن الكريم من حفاظه، وتؤخذ معانيه ممن يعانيه، وقد قال الصحابة الكرام: أوتينا الإيمان قبل القرآن.
هناك ملاحظة دقيقة جداً، فرق كبير بل كبير كبير بين أن تفهم الآية وبين أن تعيشها، مثلاً يقول الله عز وجل:
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾
المعنى واضح، هذه الآية تحتاج إلى تفسير ؟ إطلاقاً، تحتاج إلى قرطبي ؟ إلى زمخشري ؟ إلى بيضاوي ؟ إلى رازي ؟ أبداً آية واضحة كالشمس محكمة، قطعية الدلالة، الآن دقق، شاب كان في المدرسة إلى جواره صديقه في الصف الخامس بعد سنوات عديدة صار الأول بائع عنده بقالية، وصار الثاني تاجر كبير جداً معه ملايين مملينة، والأول مديونير يعني عليه دين، واحد مديون وواحد مليونير، المديون مستقيم، وطاهر، وعفيف، وطائع لله، ويقوم بفروضه الدينية، ويصلي، وله ثقة بالله عز وجل، والثاني متفلت لا يصلي، يشرب الخمر، غارق بالمعاصي والآثام، الآن دقق لو أن الأول نظر إلى بيت الثاني، وإلى مركبته، وإلى حجمه المالي، وإلى استمتاعه بالحياة، وإلى حياته الناعمة، قال: ما شاء الله يا هذه الحياة يا بدونها، هذا الأول لا يفهم شيء إطلاقاً، هذا الأول ما عاد لإيمانه قيمة إطلاقاً، لأنه أوتي القرآن الكريم فظن أن أحداً أوتي خيراً منه فقد حقر ما عظمه الله، نقول الأول الذي هو مستقيم لكن تمنى أن يكون مكان الثاني، هذا الإنسان فهم الآية لكنه ما عاشها.
المستقيم يعتز بإيمانه و يثق بربه:
أيها الأخوة الكرام، مرة ثانية من أوتي القرآن فظن أن أحداً أوتي خير منه فقد حقّر ما عظمه الله، أنت مؤمن، أنت موعود بالجنة، أنت لك الأبد وإن كنت في وضع مالي قليل، دخل أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الفقراء جداً فرحب به النبي ترحيباً عجيباً، قال له: أهلاً بمن خبرني به جبريل، قال له: أو مثلي ؟ قال له: نعم يا أخي، خامل في الأرض علم في السماء.
فإذا شخص مؤمن مستقيم يعرف الله، يجب أن تعتز بإيمانك، وأن تثق بربك، وألا تتمنى أن تكون مع هؤلاء:
﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) ﴾
﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ (79) ﴾
والله مرة قال لي شخص كطرفة قال والله انظر إلى هذه السيارة (BM)، أتمنى أن تدهسني، من شدة حبها:
﴿ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) ﴾
والآن الناس إذا شخص ماله حرام شاطر، دبر حاله، أما المؤمن يعتز بإيمانه، فيا أيها الأخوة الآن هذا القرآن الكريم تفهمه إذا كنت طاهراً، سعدك إذا كنت مستقيماً، أما إذا ما في استقامة لا تنتفع به.
الموضوع العلمي:
البكتريا:
ننتقل إلى الموضوع العلمي أيها الأخوة الكرام، أحياناً أنا أستخدم هذه العبارة، أقول شيئاً لا يصدق من شدة غرابته، يعني متر مكعب من التربة الزراعية، هذه التربة نستخدمها للزراعة، وأن غرام واحد من هذه التربة يحتوي (البعوضة وزنها غرام) على عدة مليارات من البكتريافيه مئتا ألف من الديدان العنكبية، مئة ألف من الحشرات، ثلاثمئة من ديدان التربة العادية، آلاف الملايين من الجراثيم والكائنات المتناهية في الدقة
وإن غراماً واحداً من هذه التربة يحتوي على عدة مليارات من البكتريا.
مخلوقات متناهية في الدقة على شكل عصيات
وعلى شكل كريات، وعلى شكل لوالب، بعضها يحتاج إلى الأوكسجين وبعضها لا يحتاج، بعضها عار من الأرجل
وبعضها له أهداب تمكنه من الحركة، هذا المصنع ذو حركة دائمة يقوم بمهمات هي من أكثر المهمات غموضاً واستغلاقاً حتى اليوم، هذه الكائنات ما وظيفتها ؟
وظيفتها بالضبط لا تزال سراً لا يعلمه أحد، هذا المصنع ذو حركة دائمة، يقوم بمهمات هي من أكثر المهمات أهمية، ونفعاً للإنسان، الآن هيؤوا أنفسكم لهذه الحقائق، لو أن الجنس البشري كله ستة آلاف مليون أبيد عن بكرة أبيه، ما بقي بالقارات الخمس ولا إنسان لبقيت الحياة مستمرة، أما هذه الكائنات لو أبيدت لانتهت الحياة من سطح الأرض كلياً
متر مكعب من التراب فيه الديدان العنكبية والحشرات والديدان العادية والجراثيم والبكتريات، لو أن هذه الكائنات في هذا المتر المكعب من التراب أو في التراب طبعاً أبيدت لانتهت الحياة من على سطح الأرض
التربة من آيات الله الدالة على عظمته:
أيها الأخوة، هذا من آيات الله الدالة على عظمته، هذه الديدان تلتهم التراب، وتفرز السماد، ولا يعلم إلا الله كم من الأطنان تنتجها الديدان في الهكتار الواحد،
هذه الديدان تأكل التراب وتصنع السماد، كون عظيم وخالق عظيم وشرع حكيم قال تعالى:
﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ﴾
﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ ﴾