- العقيدة الإسلامية
- /
- ٠7حقائق الإيمان والإعجاز
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من اتخذ قراراً بأن يؤمن بالله كل شيء في الحياة يدله على الله:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثالث من دروس حقائق الإيمان والإعجاز، هناك نقطة دقيقة جداً في هذا الدرس، أنتم حينما تقرؤون كتاب الله، وتقرؤون مثل هذه الآية:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ(49) ﴾
قد يظن أحدكم هناك معنى آخر، أنا أتصور أنني بهذه الآية أؤمن، الآية معكوسة، إن كنت مؤمناً تنتفع بهذه الآية، كيف نفهم هذا ؟ أسمعكم بعض الآيات:
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(23) ﴾
﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175) ﴾
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(57) ﴾
﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(85) ﴾
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(1) ﴾
﴿ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(13) ﴾
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86)﴾
نستنبط من هذه الآيات أن الإيمان أولاً، أي أنك حينما تتخذ قراراً بأن تؤمن بالله كل شيء في الحياة يدلك على الله، إن اتخذت قراراً حاسماً قطعياً أن تؤمن بالله كل شيء في الكون، وكل شيء في الحياة، وكل شيء في الأرض، يدلك على الله، الماء يدل على الغدير، والأقدام تدل علي المسير، و البعرة تدل على البعير، أشياء بسيطة جداً ولو كنت في محطة ناسا الفضائية أضخم محطة في العالم، ولو كنت على مجهر إلكتروني ترى الخلية، ولو كنت في موقع معلوماتي مذهل، لو قرأت ألف كتاب بالإعجاز، إن لم تكن قد اتخذت قراراً بالإيمان، لا تنتفع بكل هذا.
مشاعر الثقة بالله تحتاج إلى إيمان به:
أخطر شيء في هذا اللقاء هذه الحقيقة إن آمنت تصبح:
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
إن لم تكن مؤمناً بالله تتضعضع أمام القوي، تسحق أمامه، تتذلل، تنبطح، تحتقر نفسك أمامه، تخاف منه، أما إذا كنت مؤمناً لا ترى إلا الله، لا ترى إلا الله وحده لا شريك له:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
لا تنشأ عزتك إلا إذا آمنت أن أمرك بيد الله، لا تنشأ طمأنينتك إلا إذا آمنت أن أمرك بيد الله، وأنت مستقيم على أمر الله، والله يحبك، مشاعر الثقة، مشاعر الجرأة، القرار الحكيم، مشاعر الثقة بالله تحتاج إلى إيمان:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ(49) ﴾
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
فإذا هان المسلم على نفسه، شعر نفسه مهملاً، تافهاً، لا أحد يسمع له، معنى ذلك هو ليس مؤمناً، لو آمنت بالله لشعرت بعزة الإيمان، لو آمنت بالله لشعرت بكرامتك، لو آمنت بالله لشعرت أن أمرك بيد الله لا بيد أحد.
كل شيء بيد الله عز وجل فلن يستطيع الإنسان التوكل على الله إلا إذا عرفه:
قال الحجاج لأحد التابعين سأقتلك، قال: والله لو علمت أن حياتي بيدك لعبدتك من دون الله، لكن حياتي بيد الله عز وجل.
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(23) ﴾
لن تستطيع أن تتوكل على الله إلا إذا عرفت الله، بيده كل شيء، الطغاة بيده، الأعداء بيده، الوحوش بيده، الأمراض بيده، الفيروسات بيده، الغنى بيده، الفقر بيده، زوجتك بيده، الأولاد بيده، من كان فوقك بيده، من كان تحتك بيده:
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(23) ﴾
الإيمان أولاً، قبل الإيمان لن تقطف شيئاً من ثمار هذا الدين، تخاف كما يخاف الناس، تيأس كما ييأسون، تتذلل كما يتذللون، تخضع كما يخضعون، تستغبي كما يستغبون، تشعر بانهيار كما ينهارون، باليأس، بالقنوط، بالإحباط:
﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175) ﴾
إذا آمنتم الأمر بيدي:
﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
سيدنا النبي في الغار، يا رسول الله: لقد رأونا هكذا قال أبو بكر، قال له:
(( يَا أَبا بَكْرٍ مَا ظَنّكَ بِاثْنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا ؟ ))
من آمن بالله عز وجل ابتعد عن معصيته لأن الله عنده أغلى من أي مخلوق:
عنوان هذه اللقاء الطيب الإيمان أولاً، إن اتخذت قراراً أن تؤمن كل شيء يدلك على الله، لا تحزن، لا تقلق، توكل لا تخف، إنك تخاف الله ولا تخاف الشركاء:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ (57) ﴾
متى تتقي أن تعصيه ؟ إذا آمنت به فإذا كنت متساهلاً ما الذي حدث ؟ سررنا، أما إذا في إيمان بالله تتقي أن تعصيه:
﴿ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾
أقسم لكم بالله لما أنت تغش المسلمين من أجل ربح إضافي والله الذي لا إله إلا هو ما قلت بحياتك الله أكبر ولا مرة، بل لسان حالك يقول: هذا المبلغ الذي سوف تحصّله من غش المسلمين أكبر عندك من الله، لو أطعت مخلوقاً وعصيت الخالق ما قلت الله أكبر ولا مرة ولو نطقت بها ألف مرة، لأنك رأيت طاعة هذا المخلوق أكبر عندك من الله.
بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ:
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(1) ﴾
﴿ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(13) ﴾
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86)﴾
أي بقية ؟ الله عز وجل أودع فيك حب المرأة وأودع في المرأة حب الرجل، سمح لك بالزواج، سمح لك بزوجة، سمح لك أن ترى أمك، وأختك، وابنتك، وعمتك، وخالتك، وابنة أختك، وابنة ابنك، سمح لك من النساء أن تنظر إلى هؤلاء هذه بقية الله، وبقية النساء ممنوع:
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86) ﴾
ألف طريق لكسب المال الغير مشروع، سمح لك بتجارة مشروعة، بعمل خدمي، بعمل مهني، بوظيفة، في قنوات نظيفة مسموحة، ما بقي لك من كسب المال الذي قنن الله قنواته النظيفة ترضى بها:
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86) ﴾
من استعمل عمله لخدمة الخلق سعد في الدنيا و الآخرة:
أريد أن أؤكد لكم أن الإيمان أولاً إذا آمنت، كيف يوجد عندك في البيت ثلاجة وغسالة ومكواة ومروحة ومسجلة، عندك خمسين جهاز كهربائي وثمنهم بمبالغ فلكية كل جهاز أرقى من الثاني لكن ما في كهرباء، إذا ما في إيمان ما في كهرباء، كل هذه الأجهزة عبء عليك، كتل حديدية لا تنتفع بها، مثل واضح، إذا في كهرباء في إيمان الزوجة مسعدة، الأولاد يملؤون البيت فرحة، إذا كبروا ملؤوا نفوس الوالدين سعادة، التجارة محببة وفق منهج الله في استقامة، وفي سمعة طيبة، في ربح مشروع، في خدمة للمسلمين، الوظيفة مجال لخدمة المواطن، الطبيب مجال لخدمة المرضى، الطب مع الإيمان له معنى، الله استعملك لخدمة خلقه، الهندسة مع الإيمان له معنى ، كنا في اليمن دخلنا إلى مسجد شيء يصعب تصوره، طبعاً معي المهندس الذي يشرف على بنائه قلت له: هنيئاً لك إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك، يستخدم علمه الهندسي الرائع في إنشاء بيت لله، من أندر المساجد، الهندسة مع الإيمان لها معنى، والطب مع الإيمان له معنى، يقول لي طبيب: أذهب إلى المستشفيات العامة في العالم كله العناية بهذه المستشفيات ضعيفة، يقول لي: أهتم بالمرضى كما أنهم في أرقى مستشفى بهذا البلد، أغنياء أو أقوياء وبأغلى مستشفى الفحوص والإيكو والمرنان، قال لي أشعر وكأنني في الجنة أنا أخدم عباد الله، الطب مع الإيمان له معنى، الهندسة مع الإيمان لها معنى، اللغة العربية مع الإيمان تنطق بالحق، بلغة فصيحة لها معنى، التجارة مع الإيمان، كان السلف الصالح يفتح باب محله التجاري ويقول نويت خدمة المسلمين.
من غشّ المسلمين ألغى صلاته و صيامه:
والله أيها الأخوة، أعمالكم المألوفة هذا حداد، أخ نجار، أخ موظف، أعمالكم المهنية المألوفة التي يفعلها سكان أهل الأرض عند المؤمن عبادات لأنه مؤمن، لماذا ؟ هذا الذي أمامه عبد لله وأنا مكنني الله أن أتقن هذا العمل سأقدمه بإخلاص، بإتقان، بسعر معتدل، سمعت عن محل تجاري كبير جداً في المواد الغذائية كان مالكه إنسان غير ملتزم فاشتراه إنسان ملتزم، الأسعار هبطت ثلاثين بالمئة، ملتزم يريد أن يرحم الناس وضع سعراً معقولاً، اختلف الوضع تماماً يقول لي أحد الأخوة الكرام عنده معمل مواد غذائية للصغار يقول: هذا الطفل والده إنسان قد يكون دخله محدوداً أعطاه عشر ليرات صباحاً معقول أبيعه مادة غذائية موادها الأساسية انتهت صلاحيتها معقول ؟ كيف ألقى الله ؟ طبعاً في معامل تشتري المواد الأولية انتهت صلاحيتها ثلاثين بالمئة حسم ولا أحد يعلم، إذا شخص قدم كاتو بزبدة انتهت صلاحيتها المواطن يكشفها ؟ لا يكشفها، سألت طبيب البارحة إذا الدواء انتهت صلاحيته يا ترى لا ينفع أم يضر ؟ قال يضر، أحياناً يتفكك يعطي عكس مفعوله، هناك دواء ثمنه ألف ومئتي ليرة نحك محل الصلاحية يأتي طفل صغير يطلبه نعطي الدواء، دواء انتهى مفعوله مؤذي.
أقسم لكم بالله بهذه الحادثة ألغى صلاته، ألغى صيامه، تغش المسلم، هل ترضى أن تشتري دواء بألف ومئتي ليرة انتهت صلاحيته ؟ والله يوجد معاصي، والله يوجد آثام، والله يوجد ألوان غش تنهد لها الجبال، وهؤلاء جميعاً يرتادون بيوت الله، يلبس جلابية يوم الجمعة، ومسبحة تركواز، ومعطر بمسك، وشحاطة، وجوارب بيض، لباس مرتب:
(( إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ))
مئات الحرف الشريفة تبنى على العطاء فعلى الإنسان أن يهتم بمهنته:
شخص مرة أحب أن يبوح لي بهمٍّ ألم به، قال أنا عملي لا يرضي الله سماه العمل القذر، سبحان الله لكن مكتبه في منتهى الأناقة، و الفخامة، ترتيب، تكييف، وقال: أنا عملي اسمه ديرتي ورك، ثاني يوم اضطررت أن أصلح مركبتي بأحد أيام الشتاء، والأمطار غزيرة، والأخ الذي أنا أتعامل معه لا يوجد عنده محل، أوقفنا المركبة في محل تحت بركة ماء، فانبطح تحت المركبة بثياب كان لونها أزرق من عشرة أيام مع الوحل والزيت ما عاد لها لون، انبطح تحت المركبة وفكّ القطعة وأصلحها وأخذ أجرة بالمعقول وعمله متقن، قلت سبحان الله هذا الإنسان عمله نظيف وازنت بين مكتب فخم، أحياناً في مكتب، أحياناً يقيم علاقات لا ترضي الله بالصيف مثلاً، في سائق له طلبات لا ترضي الله عز وجل، يؤمن لهذا السائق طلباته من المعاصي والآثام، المكتب فخم جداً فسمى اسم مكتبه أن عمله اسمه ديرتي ورك، والثاني الذي انبطح تحت المركبة، والأرض وحل وشحم، وفك القطعة، وأتقن تصليحها، وأخذ سعراً معتدلاً سميته عمله نظيف لأنه مساءً يغتسل ويلبس ثياباً نظيفة، أخذ مالاً حلالاً.
ابحث عن عمل نظيف في مليون عمل قذر:
(( إن روح القدس نفثت في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله عباد الله وأجملوا في الطلب، وهناك زيادة ببعض الروايات، واستجملوا مهنكم ))
علاقة التعليم أقدس علاقة بين إنسانين:
هناك مهن شريفة معلم، أقدس علاقة بين إنسانين علاقة التعليم، الدخل قليل لكن أشرف عمل:
(( وإنما بعثت معلماً ))
هناك مئات الحرف الشريفة تبنى على العطاء، مرة جاءني اتصال من أمريكا من لوس أنجلوس، قال لي أنا فلان، لا أعرفه، قال أخي طبيب كان تلميذك، قال أنا لي عمل أحقر عمل بالحياة، خير إن شاء الله، ما عملك ؟، قال مونتاج الأفلام الإباحية، قال لي: لك شريط سمعته خمسين مرة وكان هذا الشريط سبب توبتي، سافرت بعد سنة التقيت معه في واشنطن، تاب إلى الله واختار عملاً شريفاً.
إياك أن تقبل بعمل قذر، عمل فيه معصية، عمل فيه فاحشة، عمل فيه إلقاء الرعب في قلوب الناس، عمل فيه ابتزاز أموال الناس.
الإيمان قبل القرآن:
سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
(( لقد عشت برهة من دهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن))
إذا لم يؤتَ الإيمان قبل القرآن وبدأ بالقرآن يقرأ قوله تعالى:
﴿ لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً (130) ﴾
إذاً النهي لا ينصب على نسب قليلة على نسب عالية، لذلك يأكل الربا بأضعاف غير مضاعفة، لأنه أوتي القرآن قبل الإيمان، أما إذا عرفت من هو الآمر وسألت أهل العلم عن معنى هذه الآية لا تأكل الربا الذي من شأنه أنه أضعاف مضاعفة، الربا مركب، الله عز وجل قال:
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا (169) ﴾
حالة لم يؤتَ الإيمان، أي أمر إلهي بالقرآن سهل يفعله، صعب لا يفعله،
﴿ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى ﴾
العمرة ممتعة تركب طيارة، سعي سبعة أشواط، وقص شعرتين وانتهى، في أبراج مكة وسوق رائع جداً وتسوق وسفر، يقول الحمد لله عملت ثمان وثلاثين عمرة، الله يعطيك العافية والمخالفات في البيع والشراء، لذلك هؤلاء الذين ما أوتوا الإيمان وقرؤوا القرآن تنطبق عليهم هذه الآية:
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا (169) ﴾
تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب:
كل شيء خفيف لطيف لا يكلف شيئاً، أما ضبط الشهوات، ضبط الدخل، يقول الله يتوب علينا نحن عبيد إحسان مالنا عبيد امتحان، ما لنا إلا رحمته وكرمه:
﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) ﴾
تعظيم شعائر الله الدليل أن الإيمان كان قبل هذا العمل، قال تعالى:
﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ(207) ﴾
يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله مقابل ماذا ؟ قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (111) ﴾
موضوع البيع أنفسهم وأموالهم، من المشتري ؟ هو الله، ومن البائع ؟ هو المؤمن، ما الثمن ؟
﴿ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ (111) ﴾
الجنة ثمن من آمن بالله سبحانه و تعالى و استقام على أمره:
أنت حينما تعلم أن هناك جنة عرضها السماوات والأرض عندئذ تبالغ بالورع، وبالاستقامة، وبالإقبال على الله عز وجل، إن أوتيت الإيمان قبل القرآن:
﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(9) ﴾
أبو هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني مجهول، يعني جائع متعب، فأرسل إلى بعض نسائه فقالت والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، سيد الخلق وحبيب الحق، ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، وقلن كلهن مثل ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام من يضيفه يرحمه الله ؟ فقام رجل من الأنصار يقال له أبا طلحة فقال: أنا يا رسول الله، أنا أستضيفه، فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته هل عندك شيء ؟ هنا المشكلة قالت: والله ما عندي إلا قوت صبياني، وجبة طعام واحدة لصبياني، قال: فعلليهم بشيء ونوميهم، فإذا دخل ضيفنا نريه أنا نأكل فإذا أهوى بيده ليأكل فقومي إلى السراج كي تصلحيه فأطفئيه، ما في سراج يأكل وهم يحركوا أيديهم، ففعلت فقعدوا فأكل الضيف وباتا طاويين، ما أكل لا هو ولا زوجته ولا أولادهما، فلما أصبح غدا إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: لقد عجب الله (هناك رواية ضحك الله) من فلان وفلانة، وفي رواية ولم يسمِّ أبا طلحة إنما قال من يضيف هذا الليلة، وهناك عدة روايات.
إنسان عنده قوت أولاده يستقبل ضيفاً، يضع له هذا الطعام، يطفئ السراج، يبقى هو طاوياً مع زوجته وأولاده تنفيذاً لوصية رسول الله، والله أيها الأخوة الإنسان حينما يؤمن يفعل المعجزات، يفعل المستحيل، يقبل تضحيات لا توصف أبداً.
من لوازم الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
لذلك أيها الأخوة الكرام، من لوازم الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) ﴾
فلما عاش المسلمون بلا إيمان كما ينبغي انطبق عليهم قول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً المنكر معروفاً ؟ ))
لذلك الآية الكريمة:
﴿ كُنْتُمْ (110) ﴾
أي أصبحتم بهذه البعثة:
﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) ﴾
فعلة هذه الخيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا لم يتناهَ المؤمنون عن المنكرات، كيف يعني ؟ أنت عم تأتي ابنة أخيك لتزورك، طالبة في الجامعة تلبس أحدث الأزياء، بنطال ضيق جداً وجزء من بطنها مكشوف وشعر، كيف الحال عمو أهلاً وسهلاً بالحبيبة، ما شاء الله حولك صرت صبية، فقط، ثيابها الفاضحة ما وجدت من المناسب وهي مسلمة بنت مسلم، ما وجدت من المناسب أن تنصحها ؟ يقول يباعوا بالعزاء:
﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ (79) ﴾
حينما لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر فقدت خيريتك.
الموضوع العلمي:
الطحال:
إلى الموضوع العلمي ؛ بالإنسان غدة كبيرة يزيد وزنها عن مئتي غرام اسمها الطحال، عند بائعي الشطائر اسمها سوداء، أو حمرة، طحال، هذا الطحال وزنه مئتا غرام متصل بشبكة أوعية دموية كثيفة جداً، وهناك عضلات إن تقلصت هذه العضلات أفرغ ما عنده من الدم، هذا الجهاز أول وظائفه يولد كريات الدم البيضاء، وكريات الدم البيضاء جيش بكل معاني هذه الكلمة، بعض هذه الكريات فرقة الاستطلاع، تتقصى الأخبار وتأخذ هذه الأخبار، تعطيها للقيادة، جيش من هذه الكريات مهمته تقصي الأخبار، فرقة الاستطلاع، وهذا الطحال مقبرة لكرات الدم البيضاء، مصنع للكريات البيضاء التي هي جيش بفرقه الاستطلاع، تصنيع السلاح، فرقة المقاتلة، الخدمات، المغاوير، وهذه الغدة فيها معمل لكريات الدم الحمراء، ولكن معمل احتياط، المعامل الأصلية في نقي العظام، هذه المعامل تصنع بكل ثانية اثنين ونصف مليون كرية حمراء، والمرض الذي مات به بعض الملوك أن هذه المعامل كفت عن تصنيع الكريات الحمراء، المرض اسمه فقر الدم المصنع، أو ابيضاض الدم، هذه المعامل تكف عن صناعة الكريات الحمراء، تصنع في الثانية الواحدة اثنين ونصف مليون، والنبي أمر بالحجامة، والحجامة نقص في الدم منتظم، والنقص المنتظم في الدم ينشط هذه المعاملة، صيانتها بأخذ الدم، النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وظائف الطحال:
إذاً مقبرة لكريات الدم الحمراء معنى مقبرة تصب على هذه الكريات الميتة مادة تحللها إلى مكوناتها، مكوناتها حديد وهيموغلوبين، الحديد يرسل إلى نقي العظام ليعاد تصنيعه، والهيموغلوبين يرسل إلى الصفراء ليشكل الصفراء، هذه الغدة تفرز مادة يهضم بها الدهن.
إذاً مقبرة مع تحليل وإرجاع إلى المكونات الأساسية، حديد يشحن إلى معامل نقي العظام، وهيموغلوبين يشحن إلى الصفراء، ومعمل كريات دم بيضاء، مقبرة ومعمل، شيء آخر هذا الطحال مستودع للدم، صار مستودعاً ومعمل كريات دم بيضاء، مقبرة كريات دم حمراء، ومعمل كريات دم حمراء احتياط، هذا فعل الإله ماذا يستنبط من ذلك ؟ أن الهدر ولو كان من غني، ولو كان من مليء، قيمة ساقطة عند الله، فالإله العظيم كن فيكون، يموت في الثانية الواحدة اثنان ونصف مليون كرية حمراء، تذهب هذه الكريات إلى الطحال، تصب عليها مواد معينة، تحلل إلى مكوناتها الأساسية، يعاد تصنيع الحديد مرة ثانية، ويعاد تصنيع الهيموغلوبين مرة ثانية، فينقل إلى الصفراء ليكون المادة الصفراء الهاضمة.
أيها الأخوة، مستودع احتياط، في عضلات حينما تتقلص مخزون هذا المستودع يخرج عبر الأوعية الدموية إلى الدم، مستودع، مقبرة، معمل كريات دم بيضاء، معمل كريات دم حمراء، وزنه مئتا غرام، قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(( أحلت لكم ميتتان و دمان فأما الميتتان فالحوت و الجراد و أما الدمان فالكبد و الطحال ))
كله دم الطحال لكن أبيح لكم، كيف أن السمك ميت، أبيحت لكم ميتتان السمك والجراد.
الهدر قيمة مرفوضة عند الله عز وجل:
لكن الفكرة اللطيفة أن الهدر ولو كنت غنياً قيمة مرفوضة عند الله عز وجل، فالإله العظيم الذي بيده كل شيء كن فيكون الكريات الميتة في كل ثانية اثنين ونصف مليون تذهب إلى مقبرة الكريات في الطحال، وتحلل إلى مكوناتها الأساسية، ويعاد تصنيعها مرة ثانية لئلا نهدر المواد الأولية.
أيها الأخوة الكرام، المشكلة أن هذا الجهاز أو الغدة المغلقة يموت الإنسان في حالتين: إذا تعطل عن العمل أو إذا زاد نشاطه، إذا زاد نشاطه يحلل الكرية الحية والميتة، يصبح فقط دم مع أن الغذاء جيد جداً، فقر دم مرضي ناتج من أن هذا الطحال يقوم بنشاط زائد عن النشاط المعقول فيقتل الكرية الحية ويحللها، ففي قتل مستمر لكريات الدم الحمراء، أنت إذا قلت طحال يعني معمل أول لكريات الدم البيضاء، معمل أصلي لكريات الدم البيضاء، معمل احتياط لكريات الدم الحمراء، مستودع لكريات الدم الحمراء، مقبرة لكريات الدم الحمراء:
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (11) ﴾