- العقيدة الإسلامية
- /
- ٠7حقائق الإيمان والإعجاز
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الله عز وجل خلقنا كي نسعد في الدنيا والآخرة:
أيها الأخوة الكرام مع الدرس السادس من دروس حقائق الإيمان والإعجاز، موضوع اليوم يحتاج إلى تمهيد، هذا التمهيد ينطلق من أن السيارة لماذا صنعت ؟ من أجل أن تسير، ولماذا وضع فيها المكبح والمكبح يتناقض مع علة
صنعها، والمكبح من أجل سلامتها ؟
السؤال لماذا يخاف الإنسان ؟ كان من الممكن أن يجعله الله قوياً لا يمرض ولا يفتقر، كل هذه المصائب الذي ترونها في الحياة يمكن ألا تكون، لأن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود لكن ما سواه ممكن الوجود، ممكن الوجود أي ممكن أن يكون أو لا يكون، وممكن أن يكون على ما هو عليه أو على خلاف ما هو عليه، أي كان من الممكن أن يتمتع الإنسان بصحة حتى ساعة الوفاة، وكان من الممكن أن يكون مع الناس الأموال التي لا تأكلها النيران لكن شاءت حكمة الله أن يكون المرض، أن يكون الفقر، وأن يكون الخوف، فكما أن المكبح في المركبة يتناقض مع علة صنعها لكنه ضمان لسلامتها كذلك المصيبة تتناقض مع علة وجودنا، الله عز وجل خلقنا ليسعدنا، خلقنا ليرحمنا، خلقنا كي نسعد به في الدنيا والآخرة، ولكن الإنسان مخير، وحينما يقصر يحتاج إلى شيء مخيف حتى يحمل على طاعة الله:
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) ﴾
مرض الغفلة أخطر مرض يصيب الإنسان:
إذاً موضوع هذا الدرس لماذا يخاف الإنسان ؟ والخوف يتناقض مع علة خلقه، الله عز وجل خلقنا ليرحمنا والدليل:
﴿ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
أيها الأخوة، يكاد مرض الغفلة يكون أخطر مرض يصيب الإنسان، لابدّ من شيء يوقظه، لابدّ من شيء يحمله على الصحوة، إنه الخوف الذي يتولد عن شبح مصيبة، فلذلك حتى يستيقظ ويفيق من سكرة الهوى، وحتى تنقطع صلته بشهوات الأرض، لابدّ من وجود مؤثر ضخم يزعجه وينبهه، ما رأيت حكمة أبلغ من حكمة ابن عطاء الله السكندري حينما يقول: ربما منعك فأعطاك، وربما أعطاك فمنعك. وحينما تكشف لك الحكمة في المنع يصبح المنع عين العطاء، يعني من خلال اطلاعي على بعض البلاد، البلاد التي تتمتع برخاء ما بعده رخاء محجوبة عن الله حجاباً ما بعده حجاب، والبلاد التي تعاني ما تعاني، هذه المعاناة ربما كانت باعثاً إلى طاعة الله، إلى الإقبال على الدين، إلى الإقبال على العمل الصالح، فحينما يكشف الله الغطاء يذوب المؤمن الذي ابتلاه في الدنيا من شدة محبته لله على ما ساق له من شدائد:
﴿ وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ ﴾
الاستقامة على أمر الله عزّ وجل سببها الخوف منه سبحانه:
أخوانا الكرام، هناك حالة سائدة بالمجتمعات
إنسان يشهد مشهداً مؤلماً يتأثر لربع ساعة، يسمع موعظة رقيقة يتأثر لساعة، يسمع خطبة يتابع موضوع، هذه المنشطات تأثيرها محدود، وبعد حين يعود إلى ما كان عليه، ما أكثر العِبر وما أقل المعتبرين، مثلاً حدث زلزال في تركيا أخبرني أحد الأخوة الكرام أنه عقب الزلزال بأيام المساجد ممتلئة بأكملها حتى الصحن حتى الطريق في صلاة الظهر، يومان ثلاثة وبعد هذه الصحوة عاد الناس إلى ما كانوا عليه، المشكلة أن الإنسان حينما يشهد مأساة، أو مصيبة، أو شبح مصيبة، أو حينما يخاف خوفاً أقل مما ينبغي التأثر آني، وبعدئذ يعود إلى ما كان عليه، أنا أعتقد ما يقوله بعضهم أن هذا عنده ضمير مسلكي، وعنده وازع داخلي، وعنده تربية بيتية، أنا أعتقد أن الإنسان ما لم يخف من الله لن يستقيم على أمره، ما لم يوقن أن صحته بيد الله، سلامته بيد الله، رزقه بيد الله، من حوله بيد الله، من فوقه بيد الله، وأن الله في أية لحظة قادر أن يجعله في قبضته، ما لم توقن هذا اليقين لن تخاف من الله رب العالمين.
دعوة الأنبياء بدأت بتحذير الناس من عقاب الله تعالى:
الآن لو استعرضنا دعوة الأنبياء، الأنبياء بدؤوا دعوتهم بتحذير الناس من عقاب الله:
﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) ﴾
أنذر قومك:
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) ﴾
نبي مرسل، نبي من أولي العزم، يبدأ دعوته بتحذير الناس من عقاب الله.
الله عز وجل خلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر في ضعفه فيسعد بافتقاره:
السبب ؟ قال لأن الإنسان:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
الهلع في أصل خلقه:
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) ﴾
لو أن الله عز وجل خلقك قوياً لاستغنيت بقوتك فشقيت باستغنائك، لكن رحمة الله أنه خلقنا ضعفاء، ومع ضعفنا نفتقر إليه، ومع الافتقار إليه نسعد به، أعيد هذه العبارة، لو أن الله خلق الإنسان قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه، لكن الله جلت حكمته خلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر في ضعفه فيسعد بافتقاره، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾
﴿ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) ﴾
(( يا فاطمة بنـت محمد، أنقذي نفسك من النار فإني و الله لا أملك لكم من الله شيئا، ))
الخوف من الله الوسيلة الأكيدة الفعالة لإيقاظ الراقدين وتنبيه الغافلين:
أيها الأخوة الكرام، إذاً الخوف من خصيصة الإنسان، ولأن الخوف من خصائص الإنسان هو سبب لتوبة الإنسان، وسبب لانطلاق الإنسان إلى الله عز وجل، أيها الأخوة لذلك لا تقلق إذا اجتاحتك موجة خوف، الخوف كالدواء تماماً، الدواء مر، وقد قال بعض المفسرين في قوله تعالى:
﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (20) ﴾
قالوا النعم الظاهرة هي النعم المألوفة، الصحة، المال، الوسامة، والاستقرار النفسي، والزوجة، والأولاد، لكن النعم الباطنة هي المصائب، أقسم لكم بالله لو أن الله عز وجل كشف لمؤمن حكمة ما ساقه له من مصائب أقول لكم وأعني ما أقول إن لم يذب المؤمن كالشمعة من محبة الله هناك ضعف في إيمانه، معنى ذلك أن هذا المؤمن داخل العناية المشددة، هذا المؤمن مؤهل أن يشفى مرضه، هذا المؤمن مؤهل أن يرتقي إلى الله، ما دام الله عز وجل قد ساق لمؤمن مصيبة معنى ذلك أن الله عز وجل أدخله في عنايته المشددة، أنا أقول لكم ولا أبالغ حينما يسوق لك بعض المصائب على أثر بعض الأخطاء يجب أن تشعر أنك متميز عند الله، لأن الله عز وجل إذا أحبّ إنساناً ساق له بعض المصائب تأديباً وتربية وإصلاحاً، إذاً الخوف من الله الوسيلة الأكيدة الفعالة لإيقاظ الراقدين وتنبيه الغافلين، استخدمها أنبياء الله أجمعون، والدعاة الصادقون فتح الله على أيديهم قلوباً غلفاً، وأعيناً عمياً، وآذاناً صماً، ورد في بعض الأحاديث أنه من خاف أدلج، معنى أدلج سار ليلاً، من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا أن سلعة الله غالية.
الموت ينهي كل شيء:
بعض العلماء يقولون: الخوف إذا سكن القلب أحرق مواضع الشهوات، وطرد رغبة الدنيا، وأسكت اللسان عن ذكر الدنيا،
يعني إنسان عادي أظنه صالحاً لكن جاءته مصيبة كبيرة جداً
بعد هذه المصيبة صار حريصاً على صلاته حرصاً يفوق حدّ الخيال، صار حريصاً على غض بصره حرصاً يفوق حدّ الخيال، فأحياناً المصائب لها فضل علينا جميعاً، بالمصيبة يصحو الإنسان، بالمصيبة يلتزم، بالمصيبة يستقيم، بالمصيبة يتوب، هذه نعمة باطنة، الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، في بلادنا الطيبة تسمع نعوة في المئذنة، تقرأ نعوة، تشاهد جنازة، في بلاد كثيرة لا ترى للموت أثراً لا في نعوات ولا في إعلام بموت، أي كأنه لا يوجد موت، مرة أنا كنت في أمريكا فأثناء سيري في مدينة من مدنها رأيت مقبرة طبعاً تصنعت الدهشة قلت لهم: أنتم تموتون أيضاً، إذاً نحن سواء، الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، وغنى الغني، وفقر الفقير، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم، وذكاء الذكي، وصحة الصحيح، ومرض المريض.
مرة دخلت إلى متحف في اسطنبول، الحقيقة هو قصر، صالة الاستقبال مساحتها ألفا متر مربع، الصالة "2" دونم، مزينة بخمسة طن ذهب، صالة واحدة للاستقبال هذا قصر دولما بهجت أين صاحب القصر ؟ تحت أطباق الثرى، سبحان من قهر عباده بالموت، كل مخلوق يموت، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت.
والليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر والعمر مهما طال فلابد من نزول القبر
***
و كل ابن أنثى و إن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمـــــول
فإذا حملت إلى القبـــور جنازة فاعلم بأنك بعدهــا محمـــــول
الحساب مخيف فعلى الإنسان ألا يغفل عن يوم تسوى فيه الحسابات:
كنت أروي هذه الطرفة، أن إنساناً من أغنياء مصر، من كبار أغنياء مصر، وافته المنية، وأولاده سمعوا من بعض العلماء أن أصعب ليلة في القبر هي أول ليلة، فرجوا إنساناً فقيراً جداً يكاد يموت من الجوع أعطوه عشر جنيهات لينام في هذه الليلة مع أبيهم في القبر (القصة رمزية)، جاء الملكان رأيا شخصين قال له عجيب، اثنين، يبدو الحي خاف تحرك
فقال له هذا حي وليس ميت، بدؤوا به أجلسوه، من شدة فقره أحضر كيساً، يسمونه عندنا قلم أحمر، فتحه من مكان من أجل رأسه ومن مكانين من على الطرفين من أجل يديه وربطه بحبل، لا يملك من الدنيا إلا هذا الكيس وهذا الحبل، أيقظوه بدؤوا بالحبل من أين جئت بها ؟ قال من بستان، تركوا من أين جئت بها، كيف دخلت إلى البستان ؟ تلعثم، انهالوا عليه ضرباً حتى كادوا يقتلونه، الآن كيف دخل إلى البستان ؟ بعد هذا كيف أخذ الحبل، بعد هذا من أين جاء بالكيس ؟ ففي صبيحة اليوم خرج من القبر وقال أعان الله أباكم.
الحساب مخيف:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
اسمعوا هذه الكلمة، والله الذي لا إله إلا هو ما من قطرة دم تراق من آدم إلى يوم القيامة إلا وسيسأل عنها إنسان يوم القيامة، تقول قصفاً عشوائياً، خطأ بالمعلومات مئة إنسان ماتوا بقصف وانتهى الأمر، لا يوجد شيء:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) ﴾
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) ﴾
أيها الأخوة، قال الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلوا الطريق.
الخشية من الله عز وجل من أساسيات المؤمن:
شيء آخر الآية الكريمة تصف الأنبياء الكرام:
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
نبي يدعو الله خوفاً، إذا قال شخص أنا لا أخاف معنى هذا أنه إنسان معتوه، مرة قال لي طالب منحرف أنا لا أخاف من الله، فأنا أردت أن ألقنه درساً بليغاً قلت له: أنت بالذات معك حق، اندهش من جوابي، أنت بالذات معك حق ألا تخاف من الله، قال لي لماذا ؟ قلت به يا بني أحياناً الفلاح يذهب إلى الحصيدة، يأخذ معه ابنه الصغير، عمره سنتان، يضعه بين القمح، يمر ثعبان طوله عشرة أمتار الطفل لا يخاف منه بالعكس يلحمس عليه، قلت له إدراك ما في خوف ما في من الله، تخاف إذا في إدراك:
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
آية أخرى:
﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) ﴾
الخشية من أساسيات المؤمن، الخوف مفيد جداً.
دافعا الخوف و الرجاء طريقا الأنبياء إلى الله عز وجل:
وصف الله عز وجل ملائكته الكرام فقال:
﴿ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ(57) ﴾
والله سبحانه وتعالى وبخ الكفار فقال على لسان بعض أنبيائه:
﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا(13)وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا(14) ﴾
قال علماء التفسير مالكم لا تخافون عظمة الله عز وجل ؟
أيها الأخوة الكرام، ملاحظة مهمة جداً ما لم تشعر بالخوف من الله فأنت في خطر، الأنبياء العظام ساروا إلى الله بدافع الخوف والرجاء:
﴿ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا(10) ﴾
ورد في بعض الآثار أن الإنسان حينما يوضع في قبره، ينادى: أن عبدي، رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت.
اجتماع تعظيم الله ومحبته والخوف منه في قلب المؤمن:
الآن:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ﴾
قال تعالى:
﴿ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ(52) ﴾
حدثني أخ كريم يعمل في المحاماة قال: أنا كنت واقفاً في محكمة، جاؤوا بشاهد إن أدلى بهذه الشهادة انتقلت مزرعة مع ما فيها من منشآت من جهة إلى جهة ظلماً، وثمنها يزيد عن ستين مليوناً، من أجل أن تنتقل هذه المزرعة من جهة إلى جهة تحتاج إلى شاهد زور، جاؤوا بشاهد زور أعطوه مبلغاً كبيراً، أقسم لي بالله رأى ذلك بأم عينيه، وضع هذا الشاهد يده على كتاب الله وأقسم القسم الذي يقتضي أن تنتقل هذه المزرعة من إنسان إلى إنسان، ماسك الطاولة بيده اليسار وضع يده على المصحف فلما انتهى من القسم بقي هكذا، فالقاضي انزعج منه قال له: أنزل يدك، كان ميتاً، قال لي والله بعد نصف دقيقة يده تركت الطاولة فوقع على الأرض قال لي أمامي رأيتها:
﴿ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ(14) ﴾
الخوف ضروري صحي، لذلك ورد في بعض الأحاديث:
(( يا رب، أي عبادك أحبّ إليك حتى أحبه بحبك ؟ فقال: أحبّ عبادي إليّ تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني، وأحبّ من أحبني، وحببني إلى خلقي، قال: يا رب إنك تعلم أني أحبك وأحبّ من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي))
أي ذكرهم بآلائي كي يعظموني، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني، وذكرهم ببلائي كي يخافوني، معنى ذلك لابدّ من أن يجتمع في قلب المؤمن تعظيم لله من خلال آياته الكونية، ومحبة له من خلال نعمه الجزيلة، وخوف منه بسبب العذاب والمصائب التي يسوقها الله أحياناً لبعض المنحرفين.
عدم خوف الإنسان من الآخرة سبب أساسي من أسباب غفلة الإنسان عن الله:
أيها الأخوة الكرام، أكبر خطر يصيب الإنسان هو الغفلة عن الله، وأسباب الغفلة عدم خوف الآخرة، الآية:
﴿ فَمَا لَهُمْ عَنْ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ(49)كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ(50)فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ(51)بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً(52) ﴾
السبب:
﴿ كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ(53) ﴾
صدقوا لا يستطيع مسلم على وجه الأرض أن يقول ليس هناك يوم آخر، وصدقوا أيضاً أن قلة قليلة من المسلمين تدخل اليوم الآخر في حساباتهم، قلة قليلة، هذا الذي يأكل أموال الناس بالباطل، هذا الذي يعتدي على أعراض الناس، هذا الذي يأخذ أموالهم بغير الحق، هذه الفتاة المتفلتة التي تثير الفتن فيمن حولها، هذه ما أدخلت حساب الآخرة في حساباتها إطلاقاً، فلذلك أيها الأخوة، الخوف ضروري جداً، بل هو من خصائص المؤمن، بل هو من بواعث المؤمن إلى الله والدار الآخرة.
الموضوع العلمي:
الزنجبيل:
ننتقل اليوم في الموضوع العلمي إلى مادة غذائية اسمها الزنجبيل، هناك عالم جليل ألّف كتاباً عن بعض المواد أو بعض الأعشاب التي تصنف مع التوابل، وبحث في القرآن الكريم فوجد ثلاثة أنواع من التوابل وردت في القرآن الكريم، أولها الزنجبيل في قوله تعالى:
﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) ﴾
والعنصر الثاني هو المسك في قوله تعالى:
﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) ﴾
والعنصر الثالث هو الكافور في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) ﴾
فوائد الزنجبيل:
أما الزنجبيل ؛ الحقيقة كتب عنه الأطباء الأقدمون، وكتب عنه الأطباء المحدثون، فالأقدمون ماذا قالوا ؟ الزنجبيل مسخّنٌ للجسم، معينٌ على الهضم، مليّنٌ للبطن، مطهّرٌ ومقوّي، ينفع الزنجبيل في التهاب الحنجرة ويعالج الرشح، ومسكنٌ قويٌ لالتهاب المفاصل، ومسكنٌ قويٌ للمغص المعوي، ومضادٌ للغثيان، وخلاصته المائية دواءٌ جيّدٌ لأمراض العين.. هذا ورد في الكتب القديمة..
ولكن الشيء المدهش والذي لا يصدق ما ورد عن الزنجبيل في الكتب الحديثة، صديق لي (طبيب) اطلع على سبعة موضوعات رصينة في مجلات علمية تابعة لجامعات كبيرة، سبعة موضوعات رصينة قرأها في مجلات علمية تابعة لجامعات محترمة، الشيء الذي لا يصدق أن أدوية القلب مجتمعة في الزنجبيل فقال: الزنجبيل منعشٌ للقلب أي مقوي لعضلة القلب، هناك دواء اسمه ديكوكسين، الزنجبيل فعله في الجسم كفعل هذا الدواء، و الزنجبيل موسّعٌ للأوعية والشرايين، الآن أي إنسان يصاب بأزمات، باحتشاء، بجلطات، يعطونه دواء موسعاً، الزنجبيل مضاد للجلطات، الجلطة: تجتمع الكريات الحمراء مع بعضها فتشكل جلطة، فإذا دخلت على وعاء في الدماغ كان الشلل والسكتة الدماغية، في مكان العمى، في مكان فقد الذاكرة، الزنجبيل مميع للدم، مقوي للقلب، موسع للشرايين، مميع للقلب، يفيد في أمراض الجلطات الدماغية والقلب، وخثرات الأطراف، الزنجبيل يخفِّض من ارتفاع الضغط الدموي، أدوية القلب مجتمعة في هذه المادة (الزنجبيل)، الزنجبيل خافضٌ للكوليسترول.
أفضل دواء ما كان غذاءً وأفضل غذاء ما كان دواء:
أيها الأخوة
قرأت مرة كتاباً عنوانه الغذاء لا الدواء، وأفضل دواء ما كان غذاءً، وأفضل غذاء ما كان دواء، نحن لا ننتبه إلى هذه المواد التي حولنا، أحد الأطباء يقول كُلْ كل شيء لأن كل شيء يغطي في جسمك شيئاً، هناك أطعمة ترمم الغشاء المخاطي في الجهاز الهضمي، أطعمة تعد غذاء لخلايا الدماغ، لو أتيح لأحدكم أن يقرأ بعض الكتب المتعلقة بخصائص المواد الغذائية يعالج نفسه بالغذاء، هناك كتب مترجمة مشهورة جداً، الغذاء يصنع المعجزات ويمكن أن تعالج نفسك معالجة هادئة ولطيفة عن طريق الغذاء، فهذا الطبيب قال كُلْ شيء لأن كل شيء يغطي في جسمك شيئاً، هناك غذاء يغطي خلايا الدماغ، فهذا الزنجبيل كما ورد قبل قليل موسع للشرايين والأوردة، مقوي لعضلة القلب، خافضٌ للكوليسترول، خافض للضغط، مميع للدم، ثم إنّه يؤثِّر تأثيراً إيجابياً في الشفاء من التهاب المفاصل، فهذا من عجائب خلق الله عز وجل، هذا الطبيب يقول كُلْ كل شيء لأن كل شيء يغطي شيء، وكُلْ باعتدال اثنين، وابذل جهداً ثلاثة، وابتعد عن الشدة النفسية، هذه صعبة.
علينا التمسك بدين الله عز وجل لأنه منهج الله العظيم:
الآن لأن الشدة النفسية قاتلة
ثمانية وثلاثون ألف إنسان دخلوا في بلد عربي إسلامي إلى المستشفيات العام الماضي عقب انهيار البورصة، الآن هناك انتحارات، الآن العالم بأحدث إحصاء فقد خمسة وعشرين ترليون، ترليون ألف مليار، معظم أهل الأرض خسروا نصف أموالهم في البورصة، وأكبر بنك عمره مئة وخمسون عاماً ويتقاضى أعلى فائدة، لماذا ؟ لأن هذا البنك يشتري الديون والدين في الإسلام لا يباع، عظمة هذا الدين، الدين في الإسلام لا يباع، هذا البنك أفلس على سبعمئة مليار، لأنه يشتري الديون والديون توقف أصحابها عن الدفع بعد انهيار الأسواق المالية الغربية.
فيا أيها الأخوة الكرام، تمسكوا بهذا الدين العظيم إنه منهج الله العظيم، منهج خالق السماوات والأرض قال تعالى:
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾